مقالات

عندما تصبح الخيانة .. حرية !!

بقلم : حسين مرسي
ولأننا في مصر .. تجد كل شئ وعكسه .. تجد العملاء يتحدثون وكأنهم امتلكوا صك الوطنية وحب الوطن .. وتجد النخبة المزعومة تتحدث وكأنها تتلقى الوحي من السماء وتتصرف وكأنها تملك الحق الإلهي في التحرك والتصرف باسم المصريين الذين هم في نظرهم مازالوا في فترة الفطام ولم يبلغوا بعد سن الرشد ..
مؤخرا التقى عدد من النشطاء الرئيس الفرنسي أولاند في لقاء خاص تم في منزل السفير الفرنسي بالقاهرة وضم عددا من الشخصيات التي تظهر للناس في صورة المناضل الثوري الوطني في حين أن ما تم في هذا اللقاء أكد بشدة أنهم عكس ما يدعون ويروجون بين الناس .. فليس هناك مصري وطني يقبل أن يستقوي بدولة أجنبية ضد بلده .. ضد وطنه الذي صنعه حتى لو لم يكن يعترف هو نفسه بفضل وطنه عليه .. فما بالكم لو أن الدولة الأجنبية قد وافقت ووقعت اتفاقيات تعاون لدخول استثمارات بالمليارات إلى مصر بما يعود على المصريين جميعا بالنفع والخير ..
وهنا تأتي الكارثة التي كشفت إلى حد كبير خيانة البعض ورفضه أي خير لبلاده .. ففي لقاء أولاند بالنشطاء والسياسيين المصريين رفض بعضهم للأسف دخول الاستثمارات لمصر بحجة أن دعم الحريات أفضل من وجهة نظرهم من مليارات الدولارات ومن شركات ومصانع تفتح فروعا لها في مصر ومن مشروعات عملاقة تنهض بمصر من كبوتها ..
المناضلة جميلة إسماعيل قامت لتلقي كلمتها التي أكدت فيها رفضها لدخول استثمارات فرنسية لمصر وتساءلت عن موقف فرنسا من أوضاع حقوق الإنسان والحريات في مصر.. وعن الاتفاقيات العسكرية الموقعة بين البلدين وقالت هذا في تدوينة على صفحتها على الفيس بوك .. فقالت إنها سألت الرئيس الفرنسي عن تغير طبيعة العلاقات المصرية الفرنسية وتحولها من تحالف وشراكة ودعم إلى علاقة بين بائع ومشتري على جثة القيم الإنسانية.. أي قيم تلك التي تبحث عنها ؟؟
وتساءلت ..هل الرافال ثمنها الصمت عن ملف يهم أجيال المستقبل؟ أيضا لاأدري أي ملف أهم من النمو الاقتصادي والعسكري وأي أجيال تلك التي تتحدث عنها ؟؟!!
والغريب هو رد الرئيس أولاند نفسه بأن الزيارة لمصر قد حققت الهدف منها بما يبطل كل مزاعمها التي رددتها أمامه في محاولة لاستمالته حتى يتم وقف التعاون الاقتصادي والعسكري بين مصر وفرنسا !
أما الناشط خالد على فقد قال كلاما لايختلف كثيرا عما قالته جميلة فقد كتب على صفحته الشخصية يقول ما ردده أمام الرئيس الفرنسي … حيث طالب بتحقيق توازن بين تحقيق الأمن وبين حماية الحقوق والحريات !
وقال: «العديد من أنظمة دول العالم الثالث ستتخذ من أي ممارسات تنال من الحقوق والحريات بفرنسا ذريعة للعصف بتلك الحقوق في بلادها.. ويجب أن يكون واضحا للكافة أن هناك فارقا بين الحرب على الإرهاب وبين استغلال هذه الحرب لمصادرة المجال العام وملاحقة المعارضين والسياسيين.. محاربة الإرهاب لن تتحقق إلا باحترام الشرعية الدستورية وضمان المحاكمات العادلة والمنصفة».
ثم أعلن عن رفضه لما جاء في المؤتمر الصحفي بين أولاند والسيسي فقال : « اختلف مع ما تم ذكره تحت مسمى المعايير الأوروبية لحقوق الانسان، فلا يوجد شىء اسمه معايير أوروبية ومعايير أفريقية أو غيرها فهي معايير واحدة والعالم كله متعارف عليها».
وأشار إلى أنه أكد على أهمية التعاون الاقتصادي بين الدول لكن لا يجب أن يأتي هذا التعاون على حساب الشعوب وإجبارها على نمط اقتصادى لن يحقق لها عدالة اقتصادية أو عدالة اجتماعية…
وقال: «ذكرت أني محمل برسالة من عدد من الشباب الذين عرفوا باللقاء ويتهمون ليس فرنسا وحدها بل أغلب الدول الأوروبية بتبني معايير مزدوجة حيث يتحدثون فقط على الحقوق والحريات لكن الواقع أن عقود الاستثمار وشراء الأسلحة تجعلهم يغضون الطرف عن كل شىء».
إذن فالأمر كله لايعني الأخ خالد على ولا الأخت المناضلة جميلة إسماعيل ولا كل من حضر اللقاء من الستة المبشرين بلقاء الرئيس أولاند .. لايهمهم أن تكون هناك استثمارات جديدة ولا عقود تسليح جديدة ولا أي خطوة في صالح الوطن .. كل ما يهمهم هو استمرار الادعاء بأن حقوق الإنسان في مصر منقوصة وأنهم يرفضون أن تكون المصالح الاقتصادية بديلا لحقوق الإنسان من وجهة نظرهم لأن عقود الاستثمار والسلاح تجعل أوربا تغض الطرف عن كل شئ ..
والغريب أنهم عندما أكدوا لأولاند ان النظام المصري نظام قمعي ضد الحريات كان رده مفحما لهم عندما قال كيف يكون نظاما قمعيا وقد سمح لكم بلقائي والحديث معي بكل حرية … فلم يجد أحدهم جوابا بعد هذا الكلام !!
هكذا هم من يدعون أنهم النخبة المثقفة التي تتكلم باسم المواطن “المصري” الذي أصبح في حال يرثى له بسبب تلك النخبة التي تدعي النضال وحب الوطن في حين أنها ترفض أي خير قادم لمصر .. بل هي لاتكتفي بالرفض فقط فتحرض الشريك الفرنسي على منع استثماراته في مصر وإلغاء عقود السلاح والاتفاقيات الموقعة والمتوقعة حتى تكون لديهم الحجة في التبرير وترديد شعاراتهم الجوفاء التي لاتسمن ولا تغني من جوع بل تزيد الخراب والانهيار الاقتصادي ولا تفكر في الحلول لأن كل تفكيرها محصور في حقوق الإنسان .. تلك الحجة والذريعة التي اخترقوا بها مصر والتي كانت بمثابة حصان طروادة الذي اخترق به الأعداء حصن الوطن .. ودخل من خلاله كل الجواسيس من الخارج وكل العملاء من الداخل والذين امتلأت جيوبهم وكروشهم وأرصدتهم بالبنوك من دولارات الغرب ودولارات أمريكا حتى تسقط مصر.
احتكموا للشعب أيها النخبويون وساعتها فقط ستعرفون حقيقتكم ومكانتكم عند الشعب الذي مل ووصل إلى مرحلة الانفجار الوشيك في وجوهكم التي أصابته بالفقر والكساد والبطالة بسبب شعاراتكم الكاذبة..وما حدث من أهالي عابدين ووسط البلد مع المتظاهرين من اعتداءات ومساعدة للشرطة في تسليم المتظاهرين الذين لجأوا للعنف يؤكد ما أقول .. فالشعب كره تصرفاتكم وكره ما أوصلتموه إليه من خراب باسم الثورة وباسم الحريات التي لايراها غيركم .
كنتم فيما مضى تستقوون بالخارج لدعمكم في تنفيذ أجندات هدامة .. والآن تحرضون الخارج الذي كنتم تستقوون به ليمنع استثماراته ودعمه لمصر حتى يكون الوطن فريسة سهلة لكم .. مرة أخرى انزلوا الشارع وستعرفون أنكم قلة وأنكم لاتتحدثون باسم مصر ولا تمثلون مصر أبدا ..

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى