مقالات

تصريحات العجاتي .. رأي شخصي أم توجه حكومي ؟؟  أفيدونا يرحمكم الله !!

بقلم : حسين مرسي

“مشروع قانون العدالة الانتقالية يستهدف أن يعود المجتمع المصرى نسيجًا واحدًا”  هذا الكلام ليس من عندي ولكنه ضمن تصريحات المستشار مجدي العجاتي وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية الذي يفترض فيه أنه وزير دولة لايتحدث إلا بعلم ولا ينطق إلا بما هو رسمي وقانوني .. فلا يجب أن تصدر منه تصريحات شخصية حسب الهوى .. وبما أن الحديث عن العدالة الانتقالية فلا مانع مطلقا أن يعود المجتمع المصري نسيجا واحدا بعد أن فرقته أحداث يناير وما بعدها ومؤامرات الربيع العبري إلى شيع وفرق شتى تتداخل وتتضارب وتختلف على كل شئ وفي كل شئ .. اختلفنا على الوطن واختلفنا على ثوابت الدين واختلفنا في السياسة وأصبح الجميع في نظر الجميع خائنا أو متهما بالخيانة ومن يتحدث عن الوطن والاستقرار يصبح هو أيضا خائنا وعميلا للدولة وللأجهزة الأمنية .

إذن ياسيادة المستشار نحن لانختلف معك في أن الوطن كله في حاجة أن يكون نسيجا واحدا كما كان وكنا طوال سنوات مضت .. ولكن بقية تصريح السيد الوزير هي ما تثير الشبهات والقيل والقال ..فقد صرح سيادته أنه “وفقًا لقانون العدالة الانتقالية الجديد، يمكن أن تتم المصالحة مع جماعة الإخوان الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء ولم تنسب إليهم أفعال إجرامية بعد أن تم إقصاؤهم من المشهد في أعقاب ثورة 30 يونيو التي أطاحت بهم من سدة الحكم .

ولنبدأ من حيث انتهى سيادة الوزير فثورة يونيو أطاحت بالإخوان من الحكم لأنهم ببساطة فشلوا في إدارة الدولة وفشلوا في تحقيق الاستقرار .. إلى آخر السلبيات والخطايا التي يعلمها الجميع .. ومن عزلهم هو الشعب صاحب الكلمة الفصل في هذا الأمر .. هو من فوض السيسي لإنهاء حكم الجماعة .

أما من لم تتلوث أيديهم بالدماء فهم قد تلوثت عقولهم بأفكار هدامة ضد الدولة التي عزلتهم  بل ضد المصريين جميعا لأنهم فوضوا الجيش والسيسي لتنفيذ المهمة .. فأصبحوا يكنون الكراهية لكل المصريين بلا استثناء .. وإن كانت رواية عدم تلوث أيديهم بالدماء غير مقبولة لأن من لم تتلوث يداه بدماء رجال الشرطة والجيش بل والمدنيين من المصريين جميعا فيداه تمتد بالتبرعات الشهرية المفروضة عليهم لتمويل الجماعة والعمليات الإرهابية .. ولا تنس ياسيادة الوزير أن هناك من لم تتلوث يداه بالدماء لكنه ساهم في تخريب المنشآت بإحداث الفوضى والتخريب عمدا .. وهناك من كان يحرق محولات الكهرباء عمدا ولم يتم القبض عليه ولم تتلوث يداه بالدماء .. وهناك من ينشر أفكاره ضد الدولة على صفحات التواصل الاجتماعي ولم تتلوث يداه بالدماء .. هناك من يضرب اقتصاد الدولة لهدمها ولم تتلوث يداه بالدماء ..

وبعيدا عن تلوث الأيدي بالدماء وحزن معالي الوزير على من تم إقصاؤهم في 30 يونيو فالأمر لايخلو من شبهة اتهام للسيد الوزير يجب أن يرد عليها ويوضح الأمر لكل المصريين الذين شاركوا في ثورة 30 يونيو ولكل من ساهموا في عزل الإخوان ورئيسهم وأولهم رئيس الجمهورية .. هل تصريحات سيادة الوزير هي رأي شخصي يقتنع هو شخصيا به ويؤمن به لدرجة أنه يصرح به على الملأ وفي وسائل الإعلام .. فهو إذن يعمل ضد الدولة وتوجه الدولة وكذا ضد التوجه الشعبي الجارف لشعب ذاق الأمرين على مدار سنوات عجاف ..

أم أن تصريحات السيد الوزير هي تصريحات رسمية بحكم منصبه الحساس كوزير للشئون القانونية والنيابية والذي يفترض فيه أنه ليس كأي وزير يمكن أن يطلق تصريحات عشوائية أو شخصية دون دراسة أو دون ترتيب مسبق ..

والأمر في الحالتين كارثة كبرى لايجب أن تمر مرور الكرام .. فلو كانت تصريحات السيد الوزير رأي شخصي يعبر فيه عن قناعاته ووجهة نظره الشخصية فلابد من محاسبته فورا بل وإقالته من منصبه الحساس كوزير سياسي يجب أن يحسب كلماته بميزان الذهب ..

أما لو كانت تلك التصريحات هي توجه رسمي للدولة ويقوم سيادته بجس نبض الشارع لمعرفة رد الفعل لو اتخذت الحكومة هذا الإجراء فهنا تكون الكارثة الأكبر التي تستدعي استقالة الحكومة كلها وليس الوزير وحده !

ولو نظرنا بتمعن في تلك التصريحات إلى جوار ما سبق وذكرناه من قبل عن تحركات لشخصيات وكتاب كبار في إطار المصالحة مع تركيا وإيران تمهيدا للمصالحة مع الإخوان فالأمر هنا يدعو للدهشة خاصة لو كان الرد السريع لقيادات الجماعة هو الرفض الكامل لتلك التصريحات غير المسئولة سواء كانت تصرحات رسمية تمثل وجهة نظر الدولة أو مجرد رأي شخصي لمعالي الوزير ..

ورغم تأكدي التام أن جهات سيادية ترفض فكرة المصالحة وهو ما يؤكد موقف الدولة إلا أن الأمورفي مصر كعادتها دائما أصبحت تتسم بالعشوائية والعمل بالنيات يعني ناخد قرارات غير مدروسة ونطلع بتصريحات غير مسئولة  وربنا يفرجها من عنده وعلى الله التساهيل .. ويبدو أن السيد الوزير فعلا يعمل بهذه الحكمة ..

الأمر ياسادة في غاية الخطورة والغريب أن مسئولا واحدا لم يخرج علينا لينفي أو يؤكد أو يرد على تساؤلات الشارع على هذه التصريحات المستفزة .. فلو كانت تصريحات شخصية وجبت إقالة السيد الوزير فورا .. ولو كانت توجها للدولة فالأمر إذن أكثر خطورة .. وعلى الله التساهيل  !!!

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى