اردوغان والناسك
بقلم : عبدالله جوده
بادئ ذي بدء ؛لابد أن نعترف بنجاح تجربة العدالة والتنمية في مغامرته السياسية؛بتوليه مسئولية بلد متهالك؛في 11/11/2002 ؛ربما هذا التاريخ سيظل مجيدا في حياه الأتراك؛ وفي جدال العرب.
شخصية اردوغان مثل أي شخصية سياسية؛تسوق جيدا لايدلوجيتها ؛براغماتيتها؛بعيدا عن المعيارية والقيم الأخلاقية ؛في ظل معطيات الواقعية السياسية ؛بعيدا عن يوتيوبيا المؤيد ؛وأسباب المعارض ؛فقط مصالح الدوله القومية ؛الي هذا الحد الكل جيد ؛ولا ضير عليه ؛الضير والحنق علينا فقط؛إذا تلاقت مصالح دولته مع مصالحنا؛هنا هو سياسي فذ؛وإذا تقابلت عكسها؛فهو خائن ولا عجب؛أي القدرة علي المؤامة؛ بين المصالح التركية؛ومصالحنا العربية ؛وهو ما تعرض له أوغلو في كتابه (العمق الإستراتيجي ) حيث رأي أن القدرة علي المؤامة لابد أن تكون ذكية؛حتي لا تفقد تركيا العرب وأمتها الإسلامية؛ وفي نفس الوقت تتلاقي مع نقطة التماس ؛ومركز دائرة الإتحاد الأوربي ؛كسبق لدولة إسلامية .
الناسك أردوغان؛ المثير للجدل ؛الذي مزق عباءة المدنية ؛ وتحول إلي مقيم شعائر في بلدية اسطنبول؛كتصرف فردي مقبول؛ وسياسي ينم عن القادم للدولة التركية ؛او شبة الدوله ؛ في ظل معطيات الجوبوليتكا الاسلامية .
مجزرة القلعة التي حدثت في تركيا ؛تصفية المعارضين ؛تكتيل المؤيدين ؛عواقبه ستكون لها الأمد الطويل ؛وكلمة الفصل في تحديد مستقبل تركيا ؛كذلك ستكشف عن خبايا مدعو الديموقراطية؛وحرية الأراء المعارضة؛ستفضح وجوه ؛وترفع إلي السماء أسماء أخري؛كحال أي حدث ؛الأخوان المسلمون مدعي الحوار ؛اقنعتهم تهاوت؛باركوا خطوات القائد المظفر سيف الدين اردوغان ؛في تصفيه معارضية؛لم ينعتوا النظام بالإستبداد؛او الاستعباد؛ لم نري أي وجه لمعارضة هذا الحدث؛هم يألفوا ذلك ؛يحسبون أنفسهم علي الأحرار وهم واهمون؛لذلكاستطاعوا التعايش مع حكومات أكثر ظلما واستبدادا؛فيجب أن تدين ما يحدث لهم ؛ولا هم دائنون .
أولمرت في تصريح له (انا واردوغان متشابهان؛ هو كان رئيس بلدية اسطنبول ولاعب كرة قدم ؛وأنا رئيس بلدية القدس؛ولاعب لكرة القدم ) ؛قد يتجه التشابه إلي أبعد من ذلك ؛في قطاعات متعدده في الإتجاهات؛ موحدة في العواقب.
العرب وجدالهم غير منتهي؛كذلك غباءهم مورد متجدد؛لماذا يرفعوا اردوغان إلي عنان السماء؟ ويتناسوا في جدالهم مهاتير محمد؟ هل هو البعد الجغرافي الذي تبعد معه العاطفة ؟ أم مشاركة أردوغان قطاعيا في تمزيق العرب كما يعبر عنه أوغلو في كتابه (بأن تركيا ستتحول منشرطي الغرب؛ إلي مناهضة الحركات القومية العربية والحركات الاسلامية المتشددة ) لكن من يقرأ ليعي أو يوعي؟ المعادلة خاضعة لشروط مسبقة وأحكام سابقة علي المقدمات .
النظم الشمولية تبدأ حركاتها بالإتحاد؛ لتحقيق وضع سياسي معين ؛ثم ينقلب السحر علي الساحر؛محمد علي اجتمع الكل حوله ضد تركيا ؛وانقلب علي مؤيديه؛ليمنع اي ظهير شعبي من الإرتفاع؛أو بلوغ شعبية تؤثر علي مستقبل النظام وأيضا عبدالناصر؛كذلك الحال للنظام الحالي في تركيا .
الشعب ما برح ميدانه للدفاع عن حريته وديمقراطيتة ؛إلا أن خطوات إحكامه وخنقه؛تتم بنفس المنطق والكيفية ؛اليوم للمؤيد؛ وغدا ناظره قريب للمعارض؛كذلك هي السياسية .
بقاء الشعب في الميادين لمده تقارب الاسبوعين ؛دليل علي عدم الثقة في الوضع القائم؛فالذي منع التظاهر في ميدان التقسيم هو من يدعو الأن للإعتصام في الشوارع ؛للدفاع عن شرعيته ؛أو حكومته ؛وعندها يتم تمرير كل الإجراءات ؛والقرارات بمباركة جماهيرية؛وحشود شعبية .
تركيا اصبحت كنز للتحليل السياسي؛ومصدر لتحقيق المصالح التركية بل وإقناعك بأنها مصالحك العربية