الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثية

توجهات السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه القارة الإفريقية “النموذج الأثيوبي”

اعداد الباحثة : أريج جمال محمد أحمد – المركز الديمقراطي العربي

اشراف : أ. دحسن نافعة

 

مقدمة

بالنظر لما تتمتع به القارة الأفريقية من أهمية جغرافية وأقتصادية وسياسية بالنسبة لإسرائيل,فقد أرتكزت السياسة الخارجية الإسرائيلية علي أهداف رئيسية منها كسر العزلة الدولية وكسب التآييد والأعتراف من الدول الافريقية وتحقيق متطلبات الأمن,وعدد من العوامل الأساسية منها العامل الأيدلوجي المتمثل في المدركات والمعتقدات ,توظيف الدين في السياسة,أستخدام القوي الناعمة في السياسة الخارجية.

والعامل السياسي المتمثل في أهداف أسرائيل ومصالحها من التواجد في القارة الأفريقية,مدي أستفادة أسرائيل من السياسة الأمريكية في القارة  وسيطرة أسرائيل علي الممرات المائية.

العامل العسكري مثل تقديم أسرائيل التدريبات العسكرية والأستخبراتية,الشق المخابراتي وفروع الموساد في أفريقيا,تنسيق أسرائيل مع القواعد العسكرية الأمريكية.

شكلت القارة الأفريقية أهمية بالغة بالنسبة لصانعي القرار في السياسة الخارجية الإسرائيلية بدايةً من عام 1948, بالأضافة إلي ان القارة الأفريقية كانت مستهدفة بالأساس من قبل المخطط الصهيوني  والذي حدد بعض مناطق القارة الأفريقية مثل أثيوبيا و السودان وجنوب افريقيا كبديل أحتياطي له في حالة عدم قيام الدولة اليهودية علي الأراضي الفلسطينية.

بالرغم من ان أسرائيل تهتم بالقارة بشكل عام الإ انها كانت تعطي أولوية خاصة لدول منابع حوض النيل حيث نجد انها تحفز وتستغل الصراعات المائية من أجل تحقيق أهدافها.

علي أهمية وخطورة التغلغل الاسرائيلي في القارة  فلاتقتصر خطورة التواجد الأسرائيلي في منطقة حوض النيل علي التعاون الفني وتبادل الخبرات والثقافات في المشروعات بل انها تمتد للتعاون الأقتصادي برأس مال يهودي يهدف بالأساس الي تملك أراضي بدعوي أقامة مشاريع عليها ,وتبني أستراتيجية دقيقة ومحددة للتحكم في منابع النيل وأستخدامها كورقة ضغط في الوقت المناسب, ونتيجة لأدراكها أهمية المياه بالنسبة لأمنها القومي وأقامة مشاريعها التي تشجع علي الأستيطان لذلك حرصت علي التواجد الدائم في منطقة منابع النيل والهيمنة علي قراراتها[2].

و يمكن التمييز بين عدة  مراحل مرت بها العلاقات السياسية الأسرائيلية الأفريقية كالتالي:

  • مرحلة البحث عن شرعية الكيان الصهيوني الجديد,وكان ذلك من بداية مؤتمر باندونج عام 1955 حيث لم توجه دعوة لاسرائيل لحضور هذا الأجتماع وعدم الاعتراف بشرعيتها.
  • -مرحلة التغلغل,حيث كانت إسرائيل اول دولة أجنبيه تفتح سفارة لها في دولة أفريقية تلتها فتح سفارتين في دولتين أخرتين للحصول علي مساعدات تنموية.

وحدث وقتها مجموعة من المتغيرات الأقليمية والدولية التي زادت من ألتفات أسرائيل لأفريقيا.منها:

*أستقلال العديد من الدول الأفريقية وأنضمامها لمنظمة الأمم المتحدة.

*تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية والتي لم تكن أسرائيل عضواً فيها.

فكان لإسرائيل موقف داعم ومشجع من الحركات الانفصالية بالأضافة إلي دعمها وتأييدها لنظام التفرقة العنصرية.

-مرحلة التطبيع,حيث دخلت إسرائيل في عملية تفاوضية مع العرب وأثر ذلك علي طبيعة علاقتها مع أفريقيا,من خلال أدوات معينة:

المساعدات الأستخبراتية والتدريبات العسكرية,المساعدات الفنية,تجارة السلاح والمعادن.

المشكلة البحثية

إن شارون هو صاحب النظرية الاستراتيجية القائلة إن أمن إسرائي ليتجاوز الدول العربية ليمر بتركيا وباكستان وإيران وأفريقيا معتبراً هذه الأخيرة ذات موقع استراتيجي مهم كعمقل لدول العربية يتيح الوجود فيها التسببب متاعب للدول العربية والحصول على موقعا ستراتيجي فعال ف يالبحر الأحمر, بالنسبة إل ىسياسة إسرائيل الخارجية فإن دول افريقيا تتمتع بثقل دبلوماسي هائل ،إذ تشكل اصواتها ثلث أصوات الجمعية العامة للأمم المتحدة ،وتستطيع وحدها – إذاأجمعت  – أن ترجح كفة أي قرار سلباً أو إيجاباً.

ومن هنا تظهر الأهمية الأستراتيجية للقارة الأفريقية وما فيها من دول بالنسبة للسياسة الخارجية الإسرائيلية وتوجهاتاها وأهدافها.

مما لا شك فيه أن القارة الأفريقية كانت وما تزال مطمعاً للقوى الإستعمارية، وذلك منذ حركة الكشوف الجغرافية في القرن السادس عشر، وحقيقة نجد أن القارة الأفريقية لم تكن جديدة في الفكر الصهيوني إذ أنها كانت موجودة في أفكار ورواد الحركة الصهيونية حتي قبل تأسيس الدولة عام 1948وتتعدد الأسباب التي تجعل إسرائيل تتدخل في القارة الأفريقية، فإسرائيل تحتاج إلى المزيد من التأمين لأمنها الإقليمي وخصوصاً في بعده الأفريقي كذلك فإنها تحتاج أيضا إلى تحقيق بعض الأهداف الإقتصادية في المنطقة الأفريقية[3].

تتعدد الأهداف والعوامل التي تحدد السياسة الخارجية الأسرائيلية تجاه القارة الأفريقية ما بين أهداف سياسية وأقتصادية وعسكرية وأمنية,و مرت العلاقة بينهما بمراحل مختلفة أولها مرحلة تأسيس العلاقات ومراحل التراجع الدبلوماسي ومرحلة التغلغل.

يتناول البحث التغلغل السياسي لأسرائيل في أفريقيا بالتركيز علي أثيوبيا كنموذج  للتدخل الأسرائيلي في الدول الأفريقية ومحاولتها الهيمنة علي قرارتها ففي حالة أثيوبيا تدخلت إسرائيل لمحاولة تحفيز الصراع علي الماء بين دول حوض النيل وكيفية أستفادة اسرائيل من العلاقات التاريخيه الاثيوبيه -ومزاعمها القائلة بقرابة الاثيوبين من اليهود- لتحقيق مكاسبها وأهداف سياستها الخارجية مثل تأمين موارد المياه وكسب دول تعترف بها.

السؤال الرئيسي

ما هي محددات السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه القارة الأفريقية-أثيوبيا- وأثر هذه السياسة علي العلاقات الاسرائيلية الأفريقية,وأهمية أفريقيا بالنسبة لإسرائيل.

الأسئلة الفرعية

  • ما هي دوافع أهتمام أسرائيل بالقارة الأفريقية؟
  • ما هي الأهداف الرئيسية التي تحدد توجهات السياسة الخارجية الإسرائيلية؟
  • ما هي طبيعة العلاقات الإسرائيلية التي تربطها  بأثيوبيا؟
  • ما مدي أستفادة إسرائيل من السياسة الأمريكية في افريقيا؟
  • ما هي أهداف السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا؟
  • ما الأساليب والأدوات التي أستخدمتها إسرائيل لتنفيذ سياستها الخارجية في أفريقيا؟
  • ما دور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في صياغة السياسة الخارجية لإسرائيل؟
  • لماذا يؤثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا علي الأمن المائي المصري؟
  • كيف يمكن لمصر مواجهة التدخل الإسرائيلي في إفريقيا؟

فروض الدراسة

يسعي البحث لأثبات أهمية أفريقيا لإسرائيل من حيث الموقع الأستراتيجي,وما تربطها بها من علاقات رسمية وغير رسمية,كما تسعي الي إثبات ان لإسرائيل دور في الصراعات المائية التي تحدث بين دول حوض النيل, كما تسعي إلي توضيح محددات السياسة الخارجية الإسرائيلية وأدواتها ومخططاتها في تنفيذ تلك الأستراتيجيات.

الأهمية العلمية

إن دراسة التغلغل الإسرائيلي في أفريقياوتوجهات إسرائيل الخارجية تجاه القارة الافريقية ومحددات سياستها الخارجيه تجاه دول حوض النيل خاصة وتأثير ذلك علي علاقتها مع تلك الدول,وتحديد أهمية القارة بالنسبة لإسرائيل وأهدافها فيها بالتطبيق علي أثيوبيا كدراسة حالة من هنا تظهر الأهمية العلمية للبحث.

الأهمية العملية

تأتي الأهمية التطبيقية لهذه الدراسة في أنها تقوم بتطبيق دراسة تدخل إسرائيل الخارجي في أفريقيا  وذلك بالتطبيق علي دولة إثيوبيا، وذلك يرجع إلي أن إثيوبيا دولة من الدول ذات التأثير المباشر علي الأمن المائي المصري؛ نظراً لأنها تمثل مصدر المياه اللصيقة لمصر كما أنها تمثل تهديدا للأمن القومي المصري في الوقت الحالي.

أضف إلي ذلك أن القارة الأفريقية عموماً تتميز بموقع مهم وموارد متنوعة ومن ثم نجد أن هذه القارة تحتاج إلي فهم طبيعتها وذلك للتنبؤ بدور إسرائيل الذي تحاول أن تلعبه فيها والتنبؤ بتأثر دول حوض النيل بذلك التدخل في أفضل وأسوأ سيناريوهاته.

الأطار المكاني

تم أختيار القارة الأفريقية بسبب مما تتمتع به من موارد وثروات ولضعف القادة الأفارقة وأستجابتهم للتدخل الإسرائيلي في أفريقيا, تعتبر أفريقيا عامةً وأثيوبيا علي وجه الخصوص من الدول الهامة جداً بالنسبة لإسرائيل ويرجع ذلك لموقعها الجغرافي ويرجع اهتمام أسرائيل بها للأدعاء السائد بأن العلاقات الدينية بين إسرائيل وأثيوبيا تعود للقرن الثالث الميلادي,بالإضافة إلي وجود قبيلة الفلاشا اليهودية في أثيوبيا,كما ان غني أثيوبيا بالموارد الطبيعية جعلها مطمع لإسرائيل لذلك أرادت إسرائيل تعميق العلاقات مع أثيوبيا و التعاون معها في المجالات المختلفة علي الرغم من التحديات التي واجهت العلاقة بينهما في البداية.

المنهج

تعتمد الدراسة علي المنهج التاريخي,لرصد تطور السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا وطبيعة العلاقات بين دولها خلال فترات زمنية مختلفة والإشارة لوقائع وحوادث تاريخية للأستفادة منها في تفسير السياسة الخارجية لإسرائيل, حيث تتناول طبيعة العلاقات الإسرائيلية تجاه أثيوبيا,فتتدخل أسرائيل في أفريقيا بطريقة غير مباشرة  لتحفيز الصراعات الأهلية والأنقسامات وزعزعة الأستقرار الداخلي للدولة من خلال تمويل الجماعات المسلحة بشكل غير مباشر,اما في أثيوبيا تتدخل لتحفيز الصراع علي الماء بين دول حوض النيل.

بالأضافة لأستخدام المنهج التحليلي حيث يتناول البحث تحليلاً شامل لطبيعة العلاقات الإسرائيلية الأفريقية وأهداف إسرائيل تجاه القارة ومحددات السياسة الخارجية لإسرائيل.

تستخدم هذه الدراسة منهج دراسة الحالة وذلك المنهج يعني دراسة وحدة دراسية عميقة وكلية وبإستفاضة لإحداث عملية فهم أعمق لهذه الدراسة، وإجراء نوع من التعميمات بالنسبة للوحدة المدروسة وهنا من خلال دراسة مستفيضة للتدخل الإسرائيلي في إثيوبيا ، فمن الممكن في النهاية أن نصل إلى نتائج نستطيع من خلالها تأثير التدخل الإسرائيلي في القارة الأفريقية وتحديد سياسته الخارجية تجاهها.

المفاهيم

السياسة الخارجية:

إن محاولة وضع تعريف محدد للسياسة الخارجية يحمل بعض الصعوبات خاصة المتعلقة بالطبيعة المعقدة للسياسة الخارجية بأعتبارها تنتمي إلى بيئات مختلفة نفسية، وطنية و دولية، بالإضافة إلى اعتبارات معرفية و أخرى منهجية.

و يذهب الدارسون إلى تحديد مشكلتين تحول دون التمكن من تعريف دقيق و شامل للسياسة الخارجية:

أولهما أن السياسة الخارجية لا تعرف كموضوع مجرد بل تعرف من خلال مجموعة مكونات وعناصر تدخل كلها في تركيبها، وتؤثر بشكل مباشر عليها لذا يميل بعض الدارسين إلى المرادفة بين السياسة الخارجية و بعض أجزاء تلك السياسة كالأهداف و السلوكيات.

ثانياً اختلاف المدارس والمفكـرين المنتمين لهذه المـدارس بحسب رؤية كل اتجـاه لموضوع السياسة الخارجية ، كما أن مكانة الدولة على المستـوى الدولي وقوة تأثيـرها ينعكسان بصفة مباشرة على أجندة مصالحها وبالتالي على تعريفها لسلوكها الخارجي.

ولكن بالرغم من تلك المشكلات فإن هناك محاولات من الباحثين للأقتراب من وضع مفهوم للسياسة الخارجية مثل:

حاول “”Sharles Hermann تعريــف السياسة الخارجية بأنها ” تلك السلوكيات الرسمية التي يتبعها صانعوا القرار الرسميون في الحكومة أو من يمثلونهم و التي يهدفون من خلالها للتأثير في سلوك الوحدات الدولية الأخرى.

وقدم “RosenauJames” تعريف أكثر شمولية للسياسة الخارجية بقوله ” مجموعة التصرفات السلطوية التي تتخذها أو تلتزم باتخـاذها الحكومات إما للمحافظة على الجوانب المرغوب فيها في البيئة الدولية أو لتغيير الجوانب غير المرغوبة.

أو بأنها” منهج للعمل يتبعه الممثلون الرسميون للمجتمع القومي بوعي من أجل إقرار أو تغيير موقف معين في النسق الدولي، بشكل يتفق مع الأهداف المحددة سلفا”.

وبشكل عام فان السياسة الخارجية تعبر عن مجموع الأهداف المراد الوصول إليها من خلال وسائل متاحة و قنوات معينة، يمكن لها التأثير من أجل تحقيق تلك الأهداف لتكون السياسة الخارجية عبارة عنمجموعة التوجهات و الأهداف و المخططات و الالتزامات التي تحركها وسائل لتمويلها و تحويلها إلى سلوك أو فعل خارجي[4].

الأمن القومي بشكل عام:

عرف جوهان أ. كولينز الأمن القومي على أنه  دفاع عن شعب ضد جميع أنواع الأعمالالعدوانية من الخارج.
وُعرف على أنه هو تأمين سلامة الدولة من أخطار داخلية وخارجية قد تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي.
وعرف عمر قدورة الأمن القومي على أنه ” مجموعة من الوسائل الناجعة والقوى المادية والمعنوية التي تتوفر لدولة ما لحماية كيانها ونظامها ومجتمعها من الأخطار الداخلية والخارجية التي تطالها أو تهددها[5].

الأمن القومي لإسرائيل:

أن مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي ينطلق من إنكار الزمان العربي والوجود العربي، والفلسطيني على وجه التحديد. وهذا يعني ضرورة فرض الوجود الصهيوني والشروط الصهيونية بكل الوسائل المتاحة، حيث أن ردع العرب وإضعافهم هوهدف أساسي للأمن القومي الإسرائيلي،وأن على الجيش الإسرائيلي أن يحتفظ بقدرته العسكرية، وأن على الدولة الصهيونية أن تحتفظ بعلاقاتها القوية بالعالم الغربي الذي يدعمها ويمولها ويضمن تفوقها العسكري الدائم.

ومع هذا طرأ على مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي بعض التعديلات نتيجة الحروب العربية ـ الإسرائيلية، والمتغيرات والمعطيات الجغرافية والسـياسـية الناجمة عنهـا، وما تغيَّر عبر هذه السنوات فقط أدوات تحقيق هذا الأمن ولكن ليس بمعنى التغيُّر الكامل أو الإحلال. وقد تطور مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي عبر عدة مراحل:

قام مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي في مرحلته الأولى على مفهوم “الضربة المضادة الاستباقية”، الذي كان يرتبط بانعدام العمق الإستراتيجي لإسرائيل. وينطلق هذا المفهوم من مقولة مفادها أن من الحيوي عدم السماح مطلقاً بأن تدور الحرب في أرض إسرائيل، بل يجب نقلها وبسرعة إلى أراضي العدو، وطوَّرت مفهوماً للردع ثم استبدلته بمفهوم لذرائع الحرب الاستباقية يقوم على شن حرب استباقية إذا حاول العدو (العربي) التصرف في أرضه على نحو يقلق إسرائيل مثل المساس بحرية العبور أو حشد قوات على الحدود الإسرائيلية أو حرمانها من مصادر المياه.

تطـور مفـهوم الأمن القـومي الإسرائيلي لتظهر نظرية “الحدود الآمنة”. وهي نظرية وُضعت أُسسها قبل 1967 لكنها تبلورت بعد حرب 1967، وهي  نظرية تقـوم على حدود يمكن الدفــاع عنهــا دون اللجــوء إلى حرب وقائية.

وأضافت إسرائيل إلى هذا التصوُّر مفهوم حرب الاختيار، ومفهوم ذريعة الحرب كمبررات لشن حرب من أجل تحقيق مكاسب سياسية أو أمنية مزدوجة المعايير. كما تم تطوير إستراتيجية الردع النووي[6].

الأمن القومي العربي:

قدرة الدول العربية علي الدفاع عن نفسها وعن حقوقها وقدرتها علي صيانة أستقلالها وسيادتها علي أراضيها, ومواجهة التحديات والمخاطر من خلال تنمية القدرات والأمكانات الدفاعية في كل المجالات وذلك خلال إطار تعاوني بين كل الدول العربية, أخذاً في الأعتبار الحاجات الأمنية لكل دولة بما يخدم مصالح الدول العربية ويحقق مستقبلاً آمناً لها وللأجيال المستقبلية.

الأمن المائي:

يعني الأمن المائي حالة مستقرة لموارد المياه يمكن الأطمئنان بوجودها, بحيث يكفي عرض المياه الطلب عليها. وينخفض مستوي الأمن المائي حينما لايكفي العرض الطلب علي المياه وهو ما يعرف بحالة “العجز المائي” , ويكون مستوي الأمن المائي مرتفع عندما يصبح المتاح من الموارد المائية أكثر من الطلب عليها وهو ما يعرف بحالة “الفائض المائي”.

يعتبر مفهوم الأمن المائي مفهوم نسبي حيث يختلف من دولة لأخري وفي الدولة الواحدة من فترة زمنية لأخري, وهناك مؤشرات يعتمد عليها لتحديد حالة الأمن المائي ومستواه منها: المؤشر الكمي, المؤشر الكيفي, القوة الشاملة, النزاعات علي الأحواض[7].

نظرية شد الأطراف:

نظرية وضعها ديفيد بن جورين أول رئيس وزراء لإسرائيل لمواجهة حالة العزلة والعداء التي مرت بها إسرائيل منذ بداية نشأتها, وتعني جعل أطراف الدول العربية في حالة توتر قابلة للأنفجار في أي وقت بشكل يدفع الجماعات العرقية والأثنية الموجودة في تلك المنطقة للأنفصال وتكوين دول جديده أو جعل المنطقة في حالة من الحرب الأهلية وذلك لضمان سيادتها في المنطقة وإضعاف الدول العربيةوسيطرتها علي مصادر المياه لتأمين حصتها منه.

نظرية حلف المحيط:

نظرية صاغها ديفيد بن جورين لعقد تحالفات مع الدول المحيطة بالدول العربية لمواجهة حالة العداء العربي تجاهها وقد بدات إسرائيل تحالفها مع إيران وتركيا وأثيوبيا[8].

الأدبيات السابقة

  • أدبيات تتناول التدخل الإسرائيلي في أفريقيا

(1)(جمال حسن منصور، دور المؤسسة العسكرية في صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1991، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2012).

دراسة بعنوان :دور المؤسسة العسكرية في صنع السياسية الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة عام1991.

تتناول الدراسة عملية صنع السياسة الخارجية في إسرائيل ودور المؤسسة العسكرية فيها وأهداف سياسة إسرائيل العسكرية والأمنية في أفريقيا,وتوصلت الدراسة إلي ولقد توصل الباحث في نهاية دراسته إلي أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية هي التي قامت ببناء الدولة وليس العكس؛ فبالتالي فإن لها اليد العليا في عملية صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا ولقد نجحت في إختراق أفريقيا عسكرياً وأمنياً, إلا أن هذه الدراسة لم تتحدث عن التدخل الإسرائيلي في أفريقيا قبل عام 1991، كما انها تناولت مؤسسة واحدة تؤثر في صنع السياسة الخارجية الإسرائيلة تجاه أفريقيا ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة الدور والأهداف التي تسعى إليها المؤسسة العسكرية ف أفريقيا، وكذلك معرفة تطور وسائلها لهذا التدخل وهل تغير الدور والأهداف قبل وبعد الحرب الباردة.

(2)( حمدي عبدالرحمن، مصر وتحديات التدخل الدولي في أفريقيا، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة، 2013).

دراسة بعنوان: إسرائيل وأفريقيا في عالم متغير من التغلغل إلى الهيمنة حتي عام 2001.

تناولت الدراسة السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا من حيث أهدافها لإقامة علاقات إسرائيلية أفريقية لتحقيق الأمن القومي الإسرائيلي، وسعي إسرائيل لذلك وتطورات تلك العلاقة على فتراتها: التغلغل ثم القطيعة ثم التقارب والعودة.

وتوصلت الدراسة في النهاية إلي أن إسرائيل كسرت حالة العزلة الدولية التي كانت عليها أثناء المواجهة مع الدول العربية، وكسبت التأييد من العديد من الدول الأفريقية لتحقيق الهيمنة الإقليمية والإضرار بالدول العربية, إلا أن هذه الدراسة توقفت عند العام 2001. نصل من هذه الدراسة في معرفة تطورات التدخل الإسرائيلي في أفريقيا وكيفية نجاح إسرائيل في اختراق أفريقيا ولماذا تراجع الدور العربي عن أفريقيا.

(3)(حمدي سليمان المشوخي، التغلغل الإقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا، دار الجامعات المصرية، 1972).

دراسة بعنوان : التغلغل الإقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا 1972.

تناولت الدراسة المرتكزات الأساسية للتدخل الإقتصادي الإسرائيلي في في أفريقيا وأسبابه والقطاعات الأساسية التي تتدخل فيها إسرائيل في أفريقيا ومعوقات هذا التدخل، واستخدم الباحث في هذا الكتاب مناهج إقتصادية تتعلق بتحليل المقدرات والموارد الإقتصادية، وتحليل العناصر الإقتصادية الجاذبة للإستثمار.

وتوصل الباحث في نهاية دراسته إلي أن إسرائيل من خلال مخططها للتغلغل في القارة الأفريقية تهدف إلي البحث عن الأصدقاء والكسب السياسي لتوكيد الأمن والوجود الإسرائيلي، وأنها تركز علي تقديم الدعم المادي والإقتصادي والفني للدول الأفريقية لتحقيق أهدافها، إلا أن هذه الدراسة توقفت عام 1972 ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة الأسباب الإقتصادية للتدخل الإسرائيلي في أفريقيا.

(4) (عبدالملك عودة، النشاط الإسرائيلي في أفريقيا، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العبرية والعالمية، القاهرة، 1966).

توجد دراسة بعنوان : النشاط الإسرائيلي في أفريقيا تناولت نشاطات إسرائيل في أفريقيا، وكذلك التغيرات التي حدثت لها منذ قيام الدولة وحتى الستينيات، وتوضيح طبيعة تمويل تلك الأنشطة، وتوضيح دور الدول الغربية في مساعدة إسرائيل علي التوغل في أفريقيا، واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج التاريخي في عرض وتحليل ذلك النشاط حيث أن كان عبارة عن سرد تاريخي للنشاط الإسرائيلي في أفريقيا.

توصلت الدراسة إلى أن النشاط الإسرائيلي في أفريقيا هو جزء من نشاط المعسكر الغربي الرأسمالي، إعادة صياغة علاقتها مع الدول الأفريقية، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة طبيعة النشاط الإسرائيلي في أفريقيا ف الخمسينيات والستينيات ومقارنته بالوضع الحالي.

  • أدبيات تتناول الحالة الدراسية “أثيوبيا”

(1) ( جمال محمد السيد ضلع، النظام السياسي الإثيوبي منذ عام 1960، رسالة دكتوراة، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة، 1997).

دراسة بعنوان “النظام السياسي الأثيوبي منذ عام 1960”.

تتناول الدراسة بيئة النظام السياسي الإثيوبي ومؤسساته التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارية والسياسية للنظام السياسي الإثيوبي وتقييم هذا النظام.

توصلت الدراسة إلي إلي توصيف الوضع الراهن في فترة الدراسة مع توضيح لأبعاد النظام السياسي، إلا أن هذه الدراسة توقفت عند العام 1997، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة طبيعة النظام السياسي الإثيوبي، وكيف أصبح أرضا خصبة للتدخلات الإسرائيلية.

(2) أسامة عبد الرحمن الأمين,”التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وأثره علي دول حوض النيل الشرقي “أثيوبيا نموذجاً”, كلية التربية , جامعة الزعيم الأزهري , السودان.

دراسة بعنوان “التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وأثره علي دول حوض النيل الشرقي “أثيوبيا نموذجاً”.

تهدف هذه الدراسة الي بيان التغلغل الإسرائيلي في أفريقا عموماً وأثيوبيا خصوصاً, وأثر هذا الوجود علي أثيوبيا ودول حوض النيل الشرقي وانعكاس هذا التغلغل علي الأستقرار السياسي والأقتصادي لهذه الدول,والنظر إلي مستقبل العلاقات الأثيوبية الإسرائيلية والتعامل معه.

توصلت الدراسة إلي ان التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وأثيوبيا خصوصاً ساعدها علي خدمة مصالحها في القارة , وإن أثيوبيا تتعامل وفق مصالحهاوهي مسنودة من إسرائيل ,مستفيدة في ذلك من السياسة الإسرائيلية المبنية علي عدم إدراج اثيوبيا في صراعتها العسكرية.

  • أتجاه يتناول البعد المائي في السياسة الإسرائيلية

( آية محمد يحيى حامد، البعد المائي في الصراع العربي الإسرائيلي: دراسة للسياسات الإسرائيلية تجاه نهري اليرموك والليطاني، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2015).

دراسة بعنوان : البعد المائي في الصراع العربي الإسرائيلي,دراسة للسياسات الإسرائيلية تجاه نهري اليرموك والليطاني، وتناولت هذه الدراسة أهمية المياه بالنسبة لإسرائيل وكذلك الأطماع الإسرائيلية في نهري اليرموك والليطاني في ضوء مشروع إسرائيل 2020.

توصلت الدراسة في نهاية دراستها إلى أن قضية المياه من أخطر القضايا التي تمس الوطن العربي وأنها قضية تفرض نفسها علي كثير من الحاضر والمستقبل ويجب أن نوليها اهتماماً أكبر في الفترة الحالية وتوحيد الجهود العربية من أجل ذلك، إلا أن هذه الدراسة ركزت علي نهري اليرموك والليطاني ولم تتناول مصادر المياه الأخرى التي تحاول إسرائيل السيطرة عليها، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في مقارنة الأساليب التي تحاول بها إسرائيل السيطرة علي مصادر المياه في أفريقيا مع نهري اليرموك والليطاني ومعرفة وسائلها وتطوراتها عبر الزمن.

تقسيم الدراسة

  • الفصل الأول

المبحث الأول :  نشأة وتطور العلاقات الأفريقية الأسرائيلية

المبحث الثاني :أهداف ومصالح إسرائيل في أفريقيا

  • الفصل الثاني

المبحث الأول :نشأة وتطور العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية

المبحث الثاني :دور التدخلات الإسرائيلية في الصراع المائي بين دول حوض النيل

مقدمة

يتناول هذا البحث الإطار الشامل للسياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه قارة إفريقيا بالتركيز علي الحالة الأثيوبية,حيث تبرز الدراسة مدي الأهتمام الإسرائيلي بالمنطقة وتبين العلاقة بين الجهود الإسرائيلية وحرصها علي توطيد العلاقات بدول القارة وبين محددات السياسة الخارجية الإسرائيلية والتي توضح بدورها أسباب التواجد الإسرائيلي في القارة,يهدف البحث كذلك لتوضيح أسباب اهتمام إسرائيل بالمنطقة من خلال تنفيذها لأهدافها والتي تتنوع ما بين أهداف سياسية وأقتصادية وآخري أمنية,أخذاً بالحالة الإثيوبية كحالة برزت فيها التدخلات الإسرائيلية في القارة.

دواعي التوجه الإسرائيلي الي افريقيا

تعتبر إفريقيا ثاني أكبر قارات العالم بعد آسيا ويتجاوز وتبلغ مساحتها 302 مليون كم2أما عدد سكانها فيتجاوز المليار نسمة وهم يبلغون 14.8% من جملة سكان العالم,فإن قارة بهذا الحجم وبهذا العدد من السكان ولما لها من موقع لابد ان تكون هدفاً من أهداف الصهيونية.

وبالنظر لما تتمتع به القارة الأفريقية من أهمية جغرافية وأقتصادية وسياسية لإسرائيل,فقد أرتكزت السياسة الخارجية الإسرائيلية علي أهداف رئيسية منها كسر العزلة الدولية وكسب التآييد والأعتراف من الدول الافريقية وتحقيق متطلبات الأمن,وعدد من العوامل الأساسية منهاالعامل الأيدلوجي المتمثل في المدركات والمعتقدات,توظيف الدين في السياسة وأستخدام القوي الناعمة في السياسة الخارجية.

لذلك شكلت القارة الأفريقية أهمية بالغة بالنسبة لصانعي القرار في السياسة الخارجية الإسرائيلية بدايةً من عام 1948,بالأضافة إلي ان القارة الأفريقية كانت مستهدفة بالأساس من قبل المخطط الصهيوني  والذي حدد بعض مناطق القارة الأفريقية مثل أثيوبيا و السودان وجنوب افريقيا كبديل أحتياطي له في حالة عدم قيام الدولة اليهودية علي الأراضي الفلسطينية.

بالرغم من ان أسرائيل تهتم بالقارة بشكل عام الإ انها كانت تعطي أولوية خاصة لدول منابع حوض النيل حيث نجد انها تحفز و تستغل الصراعات المائية من أجل تحقيق أهدافها. ولاتقتصر خطورة التواجد الأسرائيلي في منطقة حوض النيل علي التعاون الفني وتبادل الخبرات و الثقافات في المشروعات بل انها تمتد للتعاون الأقتصادي برأس مال يهودي يهدف بالأساس الي تملك أراضي بدعوي أقامة مشاريع عليها,ووضعت أستراتيجية دقيقة ومحددة للتحكم في منابع النيل وأستخدامها كورقة ضغط في الوقت المناسب,ونتيجة لأدراكها أهمية المياه بالنسبة لأمنها القومي وأقامة مشاريعها التي تشجع علي الأستيطان لذلك حرصت علي التواجد الدائم في منطقة منابع النيل والهيمنة علي قراراتها.

الفصل الأول

مقدمة

يشمل هذا الفصل من البحث نشأة وتطور العلاقات الإسرائيلية في أفريقيا كخلفية تاريخية منذ عام 1948ثم يتناول المصالح والأهداف الأستراتيجية لأسرائيل في القارةوالتي تتنوع وتتعدد ما بين اهداف ومصالح أقتصادية وتجارية وسياسية وأمنية,وتختلف أولوياتها من مرحلة لأخري.

وفي ضوء الحديث عن العلاقات الاسرائيلية الأفريقية أشارت صحيفة “المانشستر جارديان”في أغسطس 1962 الي العلاقات الإسرائيلية الأفريقية بقولها “إن سياسة إسرائيل في أفريقيا يجب النظر إليها بمنظور أوسع من مجرد كونها جزء من خط دفاع في مواجهة العالم العربي,بل تتضمن أيضاً رغبة أسرائيل مساعدة الأفريقيين خاصة أنهم يبدون أستجابة عميقة لهذه المساعدة”.ونلاحظ من هذا التصريح ان إسرائيل تغلف دوافعها وأهدافها بغلاف عاطفي و أيدولوجي كما انها تروج لذلك من خلال وسائل أعلامها.

المبحث الأول

تطور العلاقات الإسرائيلية الافريقية:

تسعي إسرائيل في سياستها الخارجية لتحقيق أهدافها القومية والمتمثلة في أقامة دولة يهودية كقوة أقليمية عظمي مهيمنةتضمن بقائها داخل حدود آمنة ومعترف بها دولياً,والعمل علي أقامة علاقات مع دول الجوار بما يضمن لها السيادة علي المنطقة والتفوق العسكري في المجالين التقليدي وغير التقليدي.تنفذ إسرائيل هذه السياسة من خلال أستراتيجية دقيقة بدأت منذ قيام دولة إسرائيل 1948,حيث حرص صناع القرار من هذا التاريخ علي أقامة علاقات دبلوماسية قويه مع أكبر عدد من دول الجوار غير العربية بأعتبارها دولاً أفريقية فقيرة نامية يسهل السيطرة عليها,الا ان المحور الأساسي الذي دفع أسرائيل للتحول للدبلوماسية مع تلك الدول هو مؤتمر عدم الأنحياز في باندونج 1955,والذي لعبت فيه الدول العربية دوراً أساسياً لإدانتها لأسرائيل بأعتبارها كياناً غير مرغوب فيه.

ورغم التعليقات الساخرة التي يحظى بها وزير الخارجية الإسرائيلي الحالي “أفيغدور ليبرمان” من بعض المعلقين في وسائل الإعلام الإسرائيلية بسبب أسلوبه الفظ في التعامل مع زعماء الدول الأجنبية وبشكل يتنافى مع طبيعة عمله كمن يقف على رأس الدبلوماسية الإسرائيلية، إلا أن الكثيرين في المقابل يكيلون له المديح مؤخراً لأنه جعل على رأس أولوياته مواصلة اختراق إفريقيا، لدرجة أن صحفياً مخضرماً مثل معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة ” هارتس ” شببهه بوزيرة الخارجية ورئيس الوزراء الأسبق “غولدا مائير” التي عكفت منذ سنوات الخمسين والستين من القرن الماضي على إيلاء أفريقيا أهمية خاصة وحرصت على زيارة معظم دولها غير العربية في أفريقيا. ومن الواضح أن تحرك ليبرمان المكثف في أفريقيا حالياً يستهدف بشكل أساسي منطقة ” القرن الأفريقي ” على وجه الخصوص التي تضم كلاً من كينيا والسودان وأثيوبيا وأرتيريا والصومال.

وفي هذا الإطار مرت العلاقات الأفريقية الأسرائيلية في تطورها بعدة مراحل ما بين التقارب والتباعد والأنفراج وتطبيع العلاقات,سيتم توضيحها كما يلي:

  • مرحلة محاولات الاختراق (1948-1956):

علي غرار القوي الكبري الأساسية,أولي صناع القرار في إسرائيل أهمية قصوي لإقامة علاقات قوية وراسخة وعلاقات دبلوماسية مع الدول المحيطة بها مما يعني بحث إسرائيل عن شرعية وجودها علي الساحة الدولية[9].

في ذلك الوقت كانت أفريقيا جنوب الصحراء خاضعة كلها للأستعمار الأروبي ماعدا أثيوبيا وليبريا,وكذلك كانتا معزولتين تماماً عن إسرائيلوعلي الرغم من تعاطف كلاً من أمبراطور إثيوبيا “هيلاسلاسي” ورئيس ليبريا “توبمان” مع إسرائيل خلال مناقشات خطة التقسيم في الأمم المتحدة الإ أنهما لم يرغبا في إقامة علاقات مع دولة لديها العديد من الأعداء.لكن ما لبثت ليبريا ان اصبحت ثالث دول العالم في علاقات الصداقة مع إسرائيل وأول دولة إفريقية تعقد معها معاهدة صداقة وتحالف وتعاون.

  • مرحلة تأسيس العلاقات “الأعتراف” (1956-1967):

كان قيام دولة إسرائيل نقطة الإنطلاق الرسمية للعلاقات الإسرائيلية الأفريقية,فقد كانت إسرائيل في البداية منشغلة بتثبيت أركان دولتها بالأضافة لعدم وعيها بالأهمية الأستراتيجية للقارة حيث لم تشهد السنوات الأولي من قيام دولة إسرائيل بنشاط واضح في القارة,أن إفريقيا انتقلت إلي الأولوية القصوي في أجندة السياسة الخارجية الإسرائيلية منذ الخمسينيات، حين أرادت أن تكسر العزلة الدولية التي فرضتها عليها الدول العربية، وأن تحصل علي الدعم السياسي من الدول الإفريقية في المحافل الدولية بعد أن أدركت أهمية تلك الدول في مؤتمر باندونج عام 1955، الذي يعد النقطة الفارقة في التوجه الإسرائيلي نحو إفريقيا. وبعد أن حصلت العديد من الدول الإفريقية علي استقلالها مع بداية الستينيات وأخذت تنشد طريقها نحو التنمية كانت إسرائيل تترقب لتقوم ببادرة لمساعدة تلك الدول في بناء اقتصاداتها الناشئة خاصة علي الصعيد الزراعي وهو ما شجع العديد من الدول الإفريقية علي إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

إن إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 بما مثل من تحد أمام إسرائيل حيث إنها لا تتمتع بالعضوية في هذا التجمع الأفروعربي، ثم إقامة العديد من التجمعات العربية والإفريقية أثار توجسات السياسة الإسرائيلية لوجودها منفردة وسط تلك الكيانات الإقليمية الجديدة لذلك أخذ النشاط الإسرائيلي يتسع لما هو أكثر من العلاقات السياسية والدبلوماسية مركزاً علي التعاون الفني، والتقني، والتبادل التجاري.

ولأن معظم الدول الأفريقية بدأت في أواخر النصف الأول من القرن العشرين في نيل أستقلالها,دفع ذلك أسرائيل للتوجه لأفريقيا بالأضافة لأستقرار الكثير من اليهود هناك وبسبب أحساس أسرائيل بالعزلة جعلها ذلك تتجه لأفريقيا لتسويق تجربتهم التنموية لتستفيد منها الدول الأفريقية الناميه كنوع من المساعدات لجذب الدول لها[10].

  • مرحلة التراجع والأنكماش(1967-1979)[11]:

تبنت إسرائيل منهج الدبلوماسية السرية لكسب التأييد السياسي لدول أفريقيا ولمواجهة الدبلوماسية المصرية والتي أدت مساعيها وجهودها لتراجع العلاقات الإسرائيلية مع دول القارة بعد حرب 1973, تلك الدول الإفريقية التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل تأييداً للموقف المصري أعتماداً علي أن مصر دولة أفريقية قوية تسعي لأستعادة أرضها المحتلة من إسرائيل.

حيث انه عند نشوب حرب ١٩٧٣ أتخذ المجلس الوزاري لمنظمة الدول الأفريقية الذي عُقد في نوفمبر ١٩٧٣ قراراً بقطع العلاقات الدبلوماسية بإسرائيل، ومطالبتها بالأنسحاب من الأراضي المحتلة ومنح الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير وقد استجابت لهذا القرار الدول الافريقية كافة، باستثناء جنوب أفريقيا والدول الخاضعة لها وذلك بدوافع وأسباب مختلفة تراوحت بين تأثير العامل الديني -وجود أكثرية أو أقلية إسلامية ضاغطة – وبين مراعاة للعلاقات بالدول العربية واستجابة لضغوطها، أو لضغوط الواقع الاقتصادي .

أضافةً لسلاح البترول وقرار منظمة الدول الأفريقية فقد نجحت الحملة العربية التي تهدف لعزل إسرائيل عن المجتمع الدولي ووصفها بالعنصرية ومساواتها بالنظام العنصري في جمهورية جنوب أفريقيا وأستفادت الحملة من مواقف وسياسات إسرائيل في دعمها للحركات الأنفصالية في نيجيريا والسودان ودعم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

ويمكن القول بأن الموقف الأفريقي وأن كانت له دلالات سياسية الإ ان إسرائيل ظلت علي علاقات قوية مع بعض الدول أفريقية بشكل سري غير رسمي, ورغم كل ذلك تعتبر تلك المرحلة ناجحة علي المستوي الأقتصادي كمدخل للتغلغل الإسرائيلي في القارة.

 

  • مرحلة التنافس العربي الإسرائيلي في العلاقات(1979-1982):

مرحلة التنافس العربي الإسرائيلي في العلاقات(1979-1982):
أسهم الصراع العربي الإسرائيلي في تراجع نشاط إسرائيل بسبب عدالة القضية الفلسطينية وبسبب الجهود الدبلوماسية التي قامت بها الدول العربية 1967 وحرب 1973, الإ ان ذلك لم يمنع بعض الدول الأفريقية من أستئناف علاقاتها مع إسرائيل تحت هدف معلن وهو المساهمة في عملية السلام في الشرق الأوسط مثل كينيا وأثيوبيا, في هذه المرحلة زاد عدد الدول الأفريقية التي أستأنفت علاقاتها مع إسرائيل وزادت وتنوعت اشكل المساعدات الإسرائيلية لتلك الدول, وعلي الرغم من أن فترة الستينيات كانت بمنزلة العصر الذهبي في العلاقات الإفريقية الإسرائيلية، فإنه كان هناك العديد من التحديات أمام السياسة الإسرائيلية وتحركاتها في القارة الإفريقية، منها عدم إدانة إسرائيل لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وتنامي الدور العربي والمصري خاصة في القارة، ومحاولة احتواء النشاط الإسرائيلي وهو ما بدأت تتغير معه مدركات الأفارقة تجاه أزمة الشرق الأوسط، بعد نجاح جهود منظمة الوحدة الإفريقية وفي الأمم المتحدة بإدانة إسرائيل بعد عام1967 .

وبصورة أكثر دقة غيرت نهاية الستينات صورة دولة إسرائيل كدولة نموذجية، نجحت في مجالات تحتاج أفريقيا إليها كالزراعة الصحراوية مثلاً اتضح آنذاك فشل مشاريع التحديث الزراعي بعد مغادرة الفنيين الإسرائيليين، وتعبئة الشباب في منظمات مشابهة للغدناع والناحل وكذلك نتيجة التركيب القبلي للمجتمع في إفريقيا، وصعوبة تجاوز الفوارق بينه وبين المجتمع الإسرائيلي العصري.

في هذا الوقت اضطرت إسرائيل إلى توظيف المزيد من الأموال في قوتها العسكرية، ولم يعد في قدرتها تلبية المتطلبات الاقتصادية للدول الأفريقية – على قلتها في الأساس- وأصبحت أكثر انتقائية في مساعداتها لأفريقيا وقد أدى ذلك بين أمور أخرى إلى تطلع الدول الأفريقية نحو توثيق علاقاتها بالدول العربية أملاً بأن تساعد قوة دول النفط المالية في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية لدول أفريقيا، وإيجاد طريق ما لتخفيف عبء الزيادة الكبيرة في أسعار

  • مرحلة تحسين العلاقات (1982-1991):

خلقت أتفاقية كامب دايفيد 1979 بين مصر وإسرائيل مناخ جديد من العلاقات في إفريقيا,سمح ذلك لإسرائيل لأستئناف علاقاتها من جديد مع دول القارة بعد التراجع والانكماش التي شهدته بسبب التنافس العربي الاسرئيلي,قامت الدول العربية علي أثرها بسحب سفرائها وإيقاف المصرف العربي للتنميةالأقتصادية في زائير.

الإ ان المتغيرات الدولية والأقليمية ساهمت في تكثيف الهجمة الإسرائيلية علي افريقيا ومنها:

• إنشاء منظمة الوحدة الافريقية في بداية الستينات وضع تحدياً امام إسرائيل حيث انها لاتتمتع بالعضوية في هذه المنظمة.
• التغيرات في النظام الدولي في فترة التسعينات, حيث استغلت إسرائيل الأحداث الدولية المهمة التي وقعت 1991 بعد تفكك الأتحاد السوفيتي وتحجيم الاحتجاج الذي كان قائماً بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة, حيث أعطت فرصة لإسرائيل لاستغلال الغياب السوفيتي في القارة من خلال أستقطاب الدول الأفريقية وإقامة روابط دبلوماسية واقتصادية تسهل وجود اسرائيل في القارة.
• عضوية بعض الدول العربية في كلاً من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية اعطتها فرصة لإقامة التحالفات مع القادة الأفارقة.
• ضعف سيادة الدول الافريقية حيث انها تعاني من أزمات متنوعة تجعلها مكشوفة سياسياً واستراتيجياً امام أي تدخل خارجي.
• موقف الحكومات الاسرائيلية من التدخل في افريقيا, لم يعد موقف الحكومات الإسرائيلية عائقاً امام تحركاتها في أفريقيا حيث ان من بداية تدخلها في افريقيا حتي الآن لم يحدث تغير في موقفها الإ ان اهتمام إسرائيل بالقارة يتزايد بشكل ملحوظ.
• كما ان حالة الضعف الأستراتيجي للقارة والتي تمثلت في غياب نظام الأمن جعل من افريقيا ساحة للأستقطاب في النزاع العربي الاسرائيلي .
لكن الهدف الأعلي لإسرائيل والتي تسعي سياستها الخارجية لتحقيقه بأقصي ما لديها من جهود هو إقامة إسرائيل الكبري ذات الهوية اليهودية النقية كقوة إقليمية عظمي مهيمنة في منطقة الشرق الأوسط ولتحقيق ذلك فإن على إسرائيل أن تسعي من خلال معاهدات السلام وترسيم
الحدود إلى ضم ما تستطيعه من المناطق التي احتلتها في عام ١٩٦٧ والتي تحقق متطلبات أمنها
من وجهة النظر الجيواستراتيجية، ويكفل لها الحصول على مصادر مياه إضافية وفرض شرعيتها
على تلك الأراضي، مع إخلائها من السكان العرب حفاظًا على الهوية اليهودية على أن تعمل
الإستراتيجية العسكرية على تحقيق ذلك من خلال الردع الوقائي والانتقامي ، وتأمين عمليات
الضم والاستيطان وتهويد الأراضي، والتحكم في المنطقة سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا مع الاعتماد

  • مرحلة التطبيع “عودة العلاقات” (1991-2001):

يعتبر مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991 أهم أسباب عودة العلاقات وتعزيزها بين إسرائيل والدول العربية ثم أتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل حيث تمكنت إسرائيل بعدها من أستعادت علاقاتها مع معظم دول أفريقيا,ساعدها ذلك علي تخطي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي قد تم أتخاذه 1975 وأعتبرت فيه الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية,وحتي الآن مازالت إسرائيل حريصة علي علاقاتها مع دول القارة الإفريقية ويزداد نشاطها في أفريقيا بشكل متسارع[16].

ومن الملاحظ أن السياسة الإسرائيلية لم تيأس من إمكانية استمرار علاقاتها مع القارة الإفريقية. فعوضاً عن المنظور الجماعي في علاقاتها بدول القارة، اعتمدت إسرائيل علي إقامة علاقات ثنائية بحسبانها أداة أكثر عقلانية ورشادة، وإدراكا للمصلحة المتبادلة. وكان أهم ما يميز تلك العودة هو ترشيد الحركة الإسرائيلية، فلم يعد مجرد التدافع وكسب النفوذ والتأثير لدي دول القارة هدفاً بذاته بل ركزت علي الدول والمناطق ذات النفوذ الحيوي في التوجه الاستراتيجي الإسرائيلي.

منذ عام 2001 شهدت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية –علي المستوي الرسمي-تقارباً ملحوظ

في صورة نشاط سياسي وأقتصادي ودبلوماسي,حيث تزايدت زيارات وزير الخارجية الإسرائيلي والمبعوثين والتي كان محورها توطيد العلاقات بين الطرفين,وشهدت كذلك تعاون عسكري بين إسرائيل وكينيا واريتريا في مواجهة العمليات الأرهابية[17].

أما بشكل غير رسمي زادت المشاعر الرافضه لتصاعد النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا وظهر ذلك واضحاً في العمليات المسلحة المتزايدة التي استهدفت المصالح الإسرائيلية في كينيا,وغيرها من المظاهرات الاحتجاجية في مصر وليبيا بالأضافة لأنشطة الأهالي لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

بالنظر للمستويين الرسمي وغير الرسمي نجد تباين في المواقف والأفعال من كلا الجانبين,حيث نجد أنه علي المستوي الرسمي تقاربت الدول الافريقية في علاقاتها مع إسرايل وذلك علي عكس ما ظهر من تنافر ورفض من جانب المستوي غير الرسمي –المستوي الشعبي-للتغلغل الإسرائيلي في القارة[18].

وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية,فقد سعت إسرائيل إلي تنمية إمكاناتها ومواردها الاقتصادية بإقامة علاقات إقتصادية مع دول القارة عن طريق توسيع تجارتها الخارجية وتنويع اسواق تصديرها وأسواق الاستيراد وزيادة اهتمامها بالأستثمار,ظهر ذلك واضحاً في توقيع العديد من اتفاقيات التجارة وإقامة المشاريع الاستثمارية والتجارية,وعلي الرغم من محدودية الموارد الطبيعية الإسرائيلية الإ انها تسعي بكل الطرق لزيادة امكاناتها بمختلف المجالات وينعكس ذلك علي قوتها العسكرية بجانب قدرتها علي تقديم المساعدات الفنية والعلمية للدول النامية.

سعت إسرائيل للخروج من عزلتها المفروضه عليها والحصول علي الشرعية الدولية فلجات لأقامة علاقات دبلوماسية مع أكبر عدد ممكن من الدول الإفريقية تمهيداً لإقامة علاقات اقتصادية وعسكرية,كما انها حاولت تغيير الصورة العنصرية المرسومة عن الكيان الصهيوني من خلال وسائل الاعلام التي تنشر ثقافتها.

في عام 2010 نجحت إسرائيل في أستئناف علاقتها مع 44دولة أفريقية وتحسين علاقاتها معها,واجمالاً يمكن القول ان هناك خصوصية للتواجد الإسرائيلي في افريقيا حيث انه يتميز بدرجة عالية من الخصوصية.

العلاقات العسكرية الاسرائيلية في افريقيا

 

المبحث الثاني

أهداف ومصالح إسرائيل في أفريقيا

تتعدد اهداف ومصالح إسرائيل في افريقيا وتعتمد في تنفيذ سياستها علي استراتيجية محددة لتحقيق تلك الاهداف, نظراً لما تحظي به القارة الإفريقية من أهمية جيوسياسية، واستراتيجية، واقتصادية لإسرائيل،انطلقت السياسة الخارجية الإسرائيلية من مزيج مصلحي وأيديولوجي، واتسمت بطابع إقليمي بالأساس، مركزة علي منطقة الشرق الأوسط بمعناها الواسع وبامتداداته الجغرافية من المغرب العربي وحتي أفغانستان. وكان هدفها الرئيسي هو الهيمنة والسيطرة في إطار محيطها الشرق أوسطي، وشد أطراف نظم الجوار الإقليمية الكبري بما يمكنها من الاختراق والسيطرة,فقد ارتكزت سياستها الخارجية في إفريقيا علي خمسة أهداف رئيسية، تتمثل في:

  • 1- كسر حدة العزلة الدولية، وكسب قواعد للتأييد والمساندة بما يضفي نوعا من الشرعية السياسية في الساحة الدولية.
  • 2- كسب تأييد الدول الإفريقية من أجل تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، وهو ما سيجعلها وسيطا مقبولا لإيجاد حل سلمي للصراع.
  • 3- العمل علي تحقيق أهداف أيديولوجية توراتية بتقديم إسرائيل علي أنها دولة نموذج لـ “شعب الله المختار”.
  • 4- السعي لتحقيق متطلبات الأمن الإسرائيلي بتأمين كيان الدولة العبرية، وضمان هجرة اليهود الأفارقة إلي إسرائيل، تأمين موارد المياه والحيلولة دون أن يصبح البحر الأحمر بحيرة عربية خالصة.
  • 5- بناء قاعدة استراتيجية لتحقيق الهيمنة الإقليمية لإسرائيل من خلال مبدأ “شد الأطراف”، وهو ما يتضح من تركيزها علي دول إفريقية معينة، مثل: السنغال، وإثيوبيا، والكونغو الديمقراطية[20].

الإ ان المتغيرات الدولية والأقليمية ساهمت في تكثيف الهجمة الإسرائيلية علي افريقيا ومنها:

  • إنشاء منظمة الوحدة الافريقية في بداية الستينات وضع تحدياً امام إسرائيل حيث انها لاتتمتع بالعضوية في هذه المنظمة.
  • التغيرات في النظام الدولي في فترة التسعينات,حيث استغلت إسرائيل الأحداث الدولية المهمة التي وقعت 1991 بعد تفكك الأتحاد السوفيتي وتحجيم الاحتجاج الذي كان قائماً بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة,حيث أعطت فرصة لإسرائيل لاستغلال الغياب السوفيتي في القارة من خلال أستقطاب الدول الأفريقية وإقامة روابط دبلوماسية واقتصادية تسهل وجود اسرائيل في القارة.
  • عضوية بعض الدول العربية في كلاً من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية اعطتها فرصة لإقامة التحالفات مع القادة الأفارقة.
  • ضعف سيادة الدول الافريقية حيث انها تعاني من أزمات متنوعة تجعلها مكشوفة سياسياً واستراتيجياً امام أي تدخل خارجي.
  • موقف الحكومات الاسرائيلية من التدخل في افريقيا,لم يعد موقف الحكومات الإسرائيلية عائقاً امام تحركاتها في أفريقيا حيث ان من بداية تدخلها في افريقيا حتي الآن لم يحدث تغير في موقفها الإ ان اهتمام إسرائيل بالقارة يتزايد بشكل ملحوظ.
  • كما ان حالة الضعف الأستراتيجي للقارة والتي تمثلت في غياب نظام الأمن جعل من افريقيا ساحة للأستقطاب في النزاع العربي الاسرائيلي[21].

 

اما بالنسبة للمصالح والأهداف الاسرائيلية في افريقيا والتي تعتبر سبباً في تواجدها,فهي تتنوع وتتعدد كالآتي:

  • الأهداف الأمنية

وهو أهم الأهداف التي تسعي إسرائيل الي تحقيقها ويتمثل في احتفاظ إسرائيل بتفوق عسكري كمي ونوعي في المجالين التقليدي وغير التقليدي على جميع الدول العربية، وبما يمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية، وتفعيل سياسة الردع ببعديها النفسي والمادي وفرض إرادتها على المنطقة ومع الاستعداد للجوء للعمل العسكري المباشر قبل حدوث خلل في الميزان العسكري لغير صالح إسرائيل أو خرق الترتيبات الأمنية المتفق عليها أو عند ظهور بوادر لشن عمليات عسكرية شاملة أو محدودة أو استنزافية من جانب أعداء إسرائيل أو وجود دلائل تهدد بكسر الاحتكار النووي الإسرائيلي في دائرة مجالها الحيوي مع السعي لزيادة قدرة إسرائيل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في التسلح وامتلاك قدرات ردع تقليدية وفوق تقليدية متنوعة، وذات مصداقية وعلى درجة عالية من التأهب، قادرة على تدمير أية قوات مسلحة أو إرهابية مناوئة لإسرائيل، وذلك بالاستعداد لتوجيه ضربات وقائية واستباقية عند اللزوم داخل أرض الدول المعادية وبما يقضي على التهديد قبل انتقاله إلى داخل إسرائيل مع الاستعداد أيضًا لاستغلال نجاح العمليات القتالية لأقصي حد وطبقًا لظروف المواقف التي تنشب ، وبما يخلق أوضاعًا إقليمية جديدة تؤمن حصول إسرائيل على المزيد من الأراضي والموارد الطبيعية، وتنقل حدود إسرائيل إلى خطوط جديدة يمكن الدفاع عنها والتمسك بها, وتسعي إسرائيل لتحقيق هذا الهدف من خلال:

التأثير في الامن القومي المائي والغذائي العربي

تسعي إسرائيل لاستخدام المياه للتأثير علي مصر والسودان, وخاصة مصر التي تدخل مصالحها في مياه النيل ضمن دائرة المصالح المصريةالتي تتصل بحياة الشعب, ومن ثم فإن التنسيق الاسرائيلي مع دول منابع النيل خاصة اثيوبيا والكونغو وايرتريا يمثل تهديداً للمصالح المصرية, ومن مظاهر ذلك التنسيق خطط اسرائيل لإقامة السدود ومشروعات الري, وتوطيد العلاقات مع زعماء القبائل في منطقة البحيرات العظمي بهدف احكام السيطرة علي دول المنطقة.

ومن المعروف ان اسرائيل تلعب دور غير مباشر في صراع المياه بين دول حوض النيل مستفيدة من نفوذها الكبير في اثيوبيا وكينيا ورواندا, يتوجب ألا يتوقع أحد أن تتبرع إسرائيل أو أثيوبيا بالكشف عما يحاك بينهما ضد مصر من وراء الكواليس، فليبرمان الذي يدير السياسة الخارجية لإسرائيل في أفريقيا هو نفسه الذي هدد يوماً بقصف السد العالي، بينما يصر وزير المالية “يوفال شطاينتس” على اعتبار مصر ” دولة عدو ” على الرغم من توقيع اتفاقية السلام.

توظيف إسرائيل لعلاقاتها مع الدول والحركات التي تناصب الدول العربية العداء في المس بالأمن القومي العربي وإلهاء الدول العربية المؤثرة وإشغالها بمشاكل ثانوية وذلك لتقليص مدى تدخلها في الصراع العربي الإسرائيلي يعتبر جزءً أصيلاً من العقيدة الأمنية الإسرائيلية .

الحفاظ علي مصالح اسرائيل في البحر الاحمر

يمثل التواجد الاسرائيلي في افريقيا والجزر الواقعة عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر تهديداً للمصالح الأستراتيجية والتجارية للدول الأفريقية, وتواجد اسرائيل في هذا المكان يتيح لها إمكانية التجسس علي الدول العربية بالإضافة الي تأمين تجارتها والقيام بدور الوسيط في تسويق الصادرات. الا ان التواجد الإسرائيلي في البحر الأحمر يمكنها من ترتيب أوضاعها بما يخدم المصالح الإسرائيلية والامريكية معاً ولذلك تحرص إسرائيل بدقة علي مقاومة عروبة منطقة البحر الاحمر .

• الحد من الانتشار المتزايد للحركات الإسلامية في أفريقيا

تنظر إسرائيل بخطورة بالغة لتنامي المد الإسلامي في منطقة القرن الأفريقي لذلك تعمل علي تعميق تحالفاتها مع الدول التي تدين بالمسيحية في محاولة منها لوقف هذا المد المتزايد, ولا يخفي مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق “تسفي بار” قلق إسرائيل من ازدياد معدلات انتشار الإسلام في أفريقيا على اعتبار أن هذا العامل يثير القلق بشكل أساسي بالنسبة لتل أبيب حيث يفترض بار أن هذا التطور يفضي إلى بيئة سلبية للمصالح الإسرائيلية، وهو ما يفاقم من حاجة إسرائيل لتواجد مكثف وعميق في المنطقة. وعندما تتوجه إسرائيل لأنظمة الحكم في الدول التي تعاني من صراعات على خلفية وقبلية، يكون أحد أطرافها المسلمون فإنها تذكر هذه الأنظمة أنه بالإمكان الاعتماد على تجربتها في مجال مواجهة الحركات الإسلامية. من هنا نجد إن إسرائيل بذلت جهوداً كبيرة في التقارب مع نيجيريا.

أهداف سياسية:

ان الهدف السياسي الأول لإسرائيل هو ضمان بقاء الدولة العبرية في الشرق الأوسط داخل حدود آمنة معترف بها دولياً وفي ظل تفوق حضاري وعلاقات عميقة مع جيرانها العرب ودول الجوار الجغرافي الأخرى وبما يؤمن سيادة إسرائيل على المنطقة سياسيًا واقتصاديًا ويمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وفاعلة مجاورة لإسرائيل ويضع الكيان الفلسطيني في مناطق الحكم الذاتي تحت الهيمنة الإسرائيلية المباشرة عسكريًا وغير المباشرة سياسيًا واقتصادياً هذا مع التكيف والتأثيرات التي تفرضها عملية السلام وتهويد المناطق التي سيتم ضمها لإسرائيل من خلال تكثيف الاستيطان وتقليص التواجد العربي فيها إلى أدني حد والسعي إلى مد السيطرة الإسرائيلية بأساليب مباشرة وغيرمباشرة إلى منابع أنهار الأردن وجنوب لبنان وجبل الشيخ، مع السعي للحصول على حصة من مياه النيل في إطار التعاون الإقليمي مع مصر .

ويتضمن ذلك سعي إسرائيل للخروج من عزلتها والحصول على المزيد من الشرعية الدولية، وإقامة علاقات دبلوماسية مع أكبر عدد ممكن من الدول الأفريقية كمدخل للقيام بنشاطات أخرى اقتصادية وأمنية، وكوسيلة لنفي الصورة العنصرية للكيان الصهيوني، من خلال القيام بنشاطات إعلامية وثقافية وتقديم مساعدات متنوعة، بالإضافة إلى السعي لكسب ودعم السود في أميركا وللمواقف والمطالب الإسرائيلية على الساحة الأميركية.

أهداف اقتصادية:

تسعي إسرائيل لتدعيم مركزها الأقتصادي العالمي بالإستفادة من علاقاتها مع الدول الافريقية وتقدم إسرائيل نفسها كصديقة ونموذج يحتذي به في درجة تطورها وقوتها الأقتصادية وانها تعمل علي احداث تغيرات اقتصادية ايجابية لتنمية وتطوير المنطقة, وذلك لترغيب دول افريقيا الفقيرة للتعامل معها وفتح مجال التغلغل في القارة, إن اتباع إسرائيل لهذه السياسة يخدم أستراتيجيتها من ناحية ان كسب دول المنطقة المستفيدة من المساعدات الإسرائيلية وازدياد اعتمادها علي الخبرات الفنية الاسرائيلية يضع الدول الإفريقية في موقف مادي حرج في حالة اتخاذها موقف سياسي معادي لإسرائيل.
وبشكل عام يمكن القول بأن هدف إسرائيل الأقتصادي هو استقرار وتنمية الاقتصاد الإسرائيلي باستثمار الإمكانات الذاتية والمساعدات الخارجية على الوجه الأمثل مع بسط السيطرة على اقتصاديات دول المنطقة بأساليب مباشرة وغير مباشرة وفتح أسواق جديدة لإسرائيل في جميع دول العالم والتعامل مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية من أجل الاستفادة من الميزات التي تمنحها لأعضائها وخلق المصالح المشتركة, هذا مع تأمين حصول إسرائيل على المزيد من الموارد المائية والنفطية والمعدنية، وبما يمكنها من استيعاب مزيد من اليهودالمهاجرين والسعي التدريجي لتقليص اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي على المساعدات الأجنبية .
بالأضافة الي ان البحر الأحمر يشكل أهمية كبيرة بالنسبة للمصالح الإسرائيلية التجارية والإستراتيجية لأنها تعتمد عليه في تجارتها مع أفريقيا وآسيا وأستراليا، ونظراً لغياب قواعد عربية واضحة تحكم أمن البحر الأحمر، ومع استقلال إريتريا عام 1993 وابتعادها عن النظام العربي تحاول إسرائيل ضمان تلبية مطالبها الأمنية الخاصة بالبحر الأحمر.
يحتل الجانب الاقتصادي في إستراتيجية إسرائيل للتغلغل في أفريقيا أهمية كبيرة، ذلك أنه يحقق للدولة العبرية مجموعة من الأهداف, أهمها فتح أسواق للمتجات الإسرائيلية الحصول علي المواد الأولية اللازمة للصناعة بالأضافة لتشغيل فائض العمالة لديها من خبراء وفنيين.
وقد تبنت إسرائيل في إستراتيجيتها هذه مجموعة من الآليات منها:
– الحصول على امتيازات للبحث عن البترول في أفريقيا، وتأسيس عدة شركات على أنها أفريقية, تحويل مبالغ كبيرة من المال تحت أسماء تجار يهود يحملون جنسيات تلك الدول من خلال وجود خبراء يحملون جنسيات دول أوروبية ويدينون لإسرائيل بالولاء, واحكام السيطرة على صناعة التنقيب على النفط في أفريقيا حيث تتولى شركات إسرائيلية بغطاء أوروبي التنقيب عن النفط في عدد من الدول الأفريقية، وقد تعززت رغبة إسرائيل في استغلال احتياطي النفط الأفريقي على أثر التقارير التي أصدرتها الأمم المتحدة والتي تحدثت عن أن الاحتياط الأفريقي من النفط يصل إلى أكثر من 80 مليار برميل.
– احتكار تجارة بعض المحصولات والأسواق، استهلاك العديد من السلع، كأحتكار أسواق المنتجات الغذائية وعصير الفاكهة في إثيوبيا، ومحصول البن في أوغندا، ومحاصيل السمسم والفول السوداني وغيرها في عموم دول شرق أفريقيا.
– اتباع سياسة إغراقية في تجارتها بغية كسب الأسواق، مثلما حدث مع كينيا وإثيوبيا حينما أغرقت أسواقهما بمختلف البضائع والسلع وكانت جميعها تستوردها بأسعار منخفضة من بلدان أخرى، وذلك بهدف سد الطريق أمام التعامل الأفريقي الأفريقي، والأفريقي العربي.
– ان إسرائيل تستغل المواد الخام التي يتم استخراجها من الدول الأفريقية خاصة اليورانيوم والماس، حيث أنه في بعض الأحيان يتم هذا الاستغلال بعلم الدول الأفريقية وأحياناً تستغل إسرائيل ضعف بنية الدولة والرقابة في الدول الأفريقية وتقوم بالبحث عن اليورانيوم واستخراجه دون أن أن تضع الدول الأفريقية في صورة ما تقوم به ففي كتابه ” بقوة العلم”، كشف العالم النووي الإسرائيلي “أرئيل بخراخ” النقاب عن أن إسرائيل قامت بسرقة اليورانيوم من دول أفريقية دون علمها بحجة أن علمائها كانوا يقومون بأبحاث جيولوجية في صحاري هذه الدول
وتستهدف إسرائيل السيطرة على قطاع الصناعة الإستخراجية في القارة الأفريقية، مركزة في هذا المجال على استغلال الثروات الطبيعية كالماس في كلاً من الكونغو الديمقراطية وسيراليون وغانا وأفريقيا الوسطى، واليورانيوم في النيجر, وتعتبر صناعة وتصدير الماس أحد أهم مصادر الدخل القومي الإسرائيلي، حيث أن جميع الماس يتم استخراجه من الدول الأفريقية حيث يملك الإسرائليون اليوم كبري الشركات التي تتحكم في اقتصاد أفريقيا .

 

المبحث الثالث:

دور المؤسسات الأسرائيلية في صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية تجاه القارة الأفريقية

مقدمة:

أعتمدت إسرائيل في صياغة وتنفيذ أستراتيجيتها علي مؤسساتها لتحقيق الأهداف المخططة لها مسبقاً, فكان لرئيس الوزراء صلاحيات إدارة شئون الدولة الداخلية والخارجية حسب النظام السياسي الإسرائيلي, ولوزارة الخارجية السلطة في تمثيل الدولة خارجياً ورعاية شئون الدولة وأقامة علاقات دبلوماسية مع مختلف دول العالم.

ومن المؤسسات المؤثرة في تنفيذ وصياغة السياسة الخارجية لإسرائيل تجاه أفريقيا البرلمان الإسرائيلي والأجهزة الأمنية والعسكرية وغيرها من المؤسسات غير الرسمية التي لايقل دورها أيضاً عن المؤسسات الرسمية مثل الأتحادات العمالية.

وعلي الرغم من تعدد وتنوع – مع تخصصها- المؤسسات التي لها دور في صياغة السياسة الخارجية الاسرائيلية الإ أنها ساهمت جميعها في خدمة إسرائيل وسياستها الخارجية, حيث أنها حيث أولت تلك المؤسسات اهمية لمساعدة الدول الفقيرة والدول الأفريقية حديثة الأستقلال وقدمت الدعم لها, وقد حظيت الدول الأفريقية بأهتمام خاص وأعتبرت من أولويات السياسة الخارجية الإسرائيلية.

دور المؤسسات الرسمية

  • رئيس الوزراء

طبقاً للنظام السياسي الإسرائيلي فإن الحكومة هي مركز القوة وفيها تتم عملية صنع القرارات الرسمية, ويتولي رئيسها رئاسة الحكومة التي تتمتع بصلاحيات هامة وتنبع قوة رئيس الحكومة “رئيس الوزراء” من العوامل التالية:

تسمى بحكومة رئيس الوزارء, وتنبع قوة رئيس الحكومةمن العوام لالتالية:

– أستقالته هي أستقالة للحكومة كلها.

– يتمتع بأختصاص إقالة أي وزير من الحكومة.

– هو زعيم حزبه ومكانته في الحزب تدعم مكانته في الحكومة.

– تشمل مهامه ومسؤلياته جهازي الأمن :الموساد والشباك.

ومنذ تأسيس دولة إسرائيل أولت حكومتها أهتماماً كبيراً لإقامة علاقات مختلفة مع دول العالم وخاصة الدول العربية والأفريقية

وكانلدولمنطقةالقرنالإفريقي قدراً من الأهتمام, حيث قال بن جورين أول رئيس وزراء إسرائيل” إن شرق إفريقيا أصبح بعد تأمين حريةالملاحة في ميناء إيلات يحتل الأولوية في علاقات إسرائيل الدولية لأن هذه العلاقات ستحقق نتائج غاية في الأهمية لكلا الجانبين.

عموماً سعت إسرائيل لكسب ثقة رؤساء وشعوب دول القارة الأفريقية عن طريق توفير الدعم الأقتصادي والعسكري والتقني والخدماتي, وفي سبيل ذلك حرص رؤساء الحكومات الإسرائيلية علي تبادل الزيارات بأستمرار علي المستوي الدبلوماسي وتقديم المساعدات الصحية لهم ومشاركتهم في كافة المناسبات الدينية والوطنية.

وعلي سبيل المثال في عام 2012 شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي العزاء مع الشعب الأثيوبي وقدم تعازيه في وفاة رئيس وزراء أثيوبيا “ميليس زيناوي” ووصفه بأنه كان حليفاً إستراتيجياً لإسرائيل, وأنه جعل أثيوبيا بوابة إسرائيل للدخول لقلب أفريقيا. ودعي الرئيس الجديد “هيلا مريم ديسلي” بأن يكون أكثر تعاوناً وصداقة مع إسرائيل حتي تستطيع إسرائيل مساعدته وتقديم العون لبلاده.

  • البرلمان الإسرائيلي “الكنيست”

هو السلطة التشريعية ذات الصلة المطلقة في الدولة لسن القوانين ومنح الحكومة الثقة ومراقبة عملها, ويتكون من بين أعضائه عدد من اللجان المتخصصة لتسهيل عمليات مناقشة المشاريع المطروحة من قبل الحكومة.

علي الرغم من عمل الكنيست المتعمق في الشئون الداخلية الإ انه كان له دور مهم في خدمة السياسة الخارجية الإسرائيلية عن طريق تأييده للحكومة بطريقة غير مباشرة وتعزيز التعاون مع تلك الدول من خلال موافقتها علي الميزانية العامة للدولة والتي تشمل مصروفات وزارة الخارجية والأجهزة العسكرية والامنية المتعلقة بالعمل خارج حدود الدولة.

  • وزارة الخارجية

هي جهاز الدولة الرئيسي المسئول عن إقامة وتطوير وتعزيز العلاقات مع الدول المختلفة ومن بينها الدول الأفريقية وغيرها من المنظمات البئية والأقليمية والدولية وتنظيم رحلات الهجرة وفتح سفارات تابعة للدولة في الدول التي تربطها بها علاقات دبلوماسية. قامت وزارة الخارجية بتأسيس عدة إدارات ذات أختصاص من أجل تنفيذ الخطط الإستراتيجية للسياسه الخارجية الإسرائيلية, وقد أهتمت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالقارة الأفريقية لما تحمله من مزايا لذلك قامت بإنشاء ادارتين متخصصتين في الشئون الأفريقية

–  شعبة أفريقيا (1) تختص بدول شمال وشرق القارة الإفريقية.

–  شعبة أفريقيا (2) تختص بدول جنوب وغرب القارة الإفريقية.

حرصاً علي الأهتمام التي توليه إسرائيل لأفريقيا وخاصة دول القرن الأفريقي وحرصاً علي أقامة علاقات دبلوماسية قوية[28].

  • الأجهزة الأمنية العسكرية

تقوم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بدور لا يقل أهمية عن باقى المؤسسات الرسمية فى خدمة توجيهات الدولة الخارجية وخاصة تجاه إفريقيا لذا أوجد جهاز المخابرات الإسرائيلية قنوات خاصة للاتصال بدول إفريقيا حيث قام بإنشاء دائرة تهتم بالشئون تلك الدول تعمل على رصد جميع التحركات الإفريقية كذلك تقوم الأجهزة العسكرية بتدريب كثير من الكوادر العسكرية الإفريقية داخل إسرائيل.

الموساد:

هو جهاز الأستخبارات والمهام الخاصة المكلف من قبل دولة إسرائيل بجمع المعلومات وعمل الدرسات الإستخبراتية وتنفيذ العمليات السرية والخاصة خارج حدود إسرائيل, ويعمل الموساد بصفته مؤسسة رسمية وبتوجيه من رئيس الوزراء مباشرةً.

يتكون جهاز الموساد من ثلاث أقسام رئيسية :
– قسم المعلومات, يتولي جمع المعلومات وأستقرائها وتحليلها ووضع الأستنتاجات بشأنها.
– قسم الحرب النفسية, ويشرف علي خطط العمليات الخاصة بالحرب النفسية وتنفيذها.
– قسم العمليات, مهمته وضع خطط العمليات الخاصة بأعمال الخطف والقتل والأغتيال.
وقد أضيف قسم رابع مختص بشئون البحر الأحمر والقرن الأفريقي لشدة أرتباط المنطقة بأمن إسرائيل.

المؤسسة العسكرية
هي مجموعة الأجهزة المسئولة عن حماية ووجود الدولة الإسرائيلية وسلامة مواطنيها وأحباط أي عمليات تهدد أمن إسرائيل القومي, وتعمل تلك المؤسسة من خلال عدة أجهزة متخصصة في مجال الدفاع والقتال ويتفرع منها ثلاث لواءات رئيسية :

  • سلاح وقوات الجو الإسرائيلية وهو مسئول عن بناء وتنشيط القوة الجوية لجيش الدفاع .
  • – سلاح وقوات البحرية الإسرائيلية وهو المسئول عن تأسيس وبناء القوة البحرية للجيش.
  • – الذراع البرى وهو القائم على تجهيز الجيش وحرس الحدود.
  • حرصت المؤسسة العسكرية منذ بداية تأسيس العلاقات الإسرائيلية الأفريقية علي أستقبال المتدربين الأفارقة وتدريبهم داخل معسكرات ومراكز تدريب خاصة في إسرائيل

 

-دور المؤسسات غير الرسمية:

فهذه المؤسسات لا تساهم مباشرةً فى صناعة القرارات والتوجيهات الخارجية الا أن مكانتها ونفوذها جعمياً قادرة على تدعيم الوجود الإسرائيلي بما يخدم مصالح و ويعمق نفوذه.

• الجالية اليهودية في أفريقيا
يلعب اليهود الأفارقة دوراً مهماً ومحورياُ فى دعم العلاقات الأفريقية الإسرائيلية فمن خلال تنقلهم بين إسرائيل وأفريقيا وحصولهم على الجنسيات المزدوجة للبدين والتي تكون كفيلة بإنشاء و تأسيس قنوات خاصة بالإتصال من أجل خدمة العلاقات والتوجيهات الإسرائيلية فى إفريقيا و بتكوين جسر ثقافي وسياسي اقتصادي بين الدولتين.

كما يخدم الوجود اليهودى فى إفريقيا توجهات إسرائيل فى تلك المنطقة وذلك عن طريق سعيها لتشكيل جمعيات الصداقة الأفروسرائيلية فى مختلف المجالات الخدمية والتي تعمل تحت المظمة الإسرائيلية وبتمويل من الوكالات اليهودية العالمية وتحظى هذه الجمعيات بإهتمام من قادة تلك الدول لمكانتها الدولية وامكانياتها المالية وقدرتها على خدمة وتوفير احتياجات شرائح عديدة من الشعوب الإفريقية .

أن هذا الاهتمام من مؤسسات الدولة الرسمية تجاه هذه الطوائف اليهودية إنما نابع من إدراكهم بمدى أهمية تلك الطوائف فى نسج العلاقات مع تلك الدول وقدرتهم التأثيرية فيها.

• الإتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية:
أنشأ الإتحاد عام 1920 ليخدم السياسة الصهيونية فى تشجيع الهجرة وتوطين المهاجرين فى فلسطين, حالياً يعمل بالشراكة مع الوكالة اليهودية العالمية فى خدمة السياسة الإسرائيلية ولا يقتصرعلى العمل النقابي العمالي فقط وقد عبرعن ذلك ديفيد بن غورين عند تأسيسه حينما قال:

” ليس الهيستدروت نقابة عمالية ولا حزباً سياسياً ولاهو جمعية تعاونية لتبادل المنفعة إنه أكثر من ذلك, الهيستدروت هو اتحاد شعب يقوم ببناء موطن جديد ودولة جديدة وشعب جديد ومشاريع جديدة “.

• وسائل الإعلام:
تقوم المؤسسات الإعلامية فى إسرائيل بدور متقن في خدمة السياسة الإسرائيلية الخارجية من خلال المؤثرات الدعائية التى تقوم بنشرها عبر وسائل متعددة وتتميز تلك المؤسسة بضخامة ميزانيتها المالية وتقنياتها الحديثة والاهتمام البالغ من صانعى القرار الإسرائيلي الذى ساعدها على أداء مهامها والقيام بواجباتها بدقة وإتقان.

فقد اهتم الساسة الإسرائليين بتلك المؤسسة منذ قيام الدولة لتكون وسيلة للإتصال بالطوائف اليهودية العالمية وتعبئتهم نفسياً وعقائدياً ومحاولة إبراز القضية اليهودية وما تعانى من سياسة التميز والاضطهاد لما لها من تأثيرعلي توجهات الرأي العام العالمي حولها جعلها قضية عالمية تحظى بأهتمام ورعاية وقد صوبت تلك المؤسسات وسائلها للعمل فى الدول النامية بأعتبارها أرضاً خصبة لزرع الأفكار المراد تسويقها حيث سجل الإعلام الإسرائيلي مركز الصدارة من حيث الوكالات الأجنبية الفاعلة فى الدول الإفريقية ليصل عدد تلك الوسائل إلى 32 وكالة رسمية تعمل بإستراتيجية موحدة نابعة من عدة مرتكزات أساسية أهمها:

– إظهار دولة إسرائيل على أنها دولة تؤمن بالمساواة بين الشعوب وبين أبناء الشعب الواحد ومؤيدة للشعوب والأقليات المضطهدة ورفضها لسياسة التمييز العنصري.

– تشجيع الأفارقة على العمل ومشاركة اليهود وذلك لارتباطهم بالحضارة الغربية المتمدنة.
– إظهار العرب بصورة رديئة وسيئة بوصفهم بمظاهر التأمر والتخلف والإرهاب.

ومن خلال عملها الخاص بتلك الدول الأفريقية تقوم هذه المؤسسة برصد النشاط الإعلامي الإفريقى تجاه إسرائيل وبناءاً عليه تقوم بإعداد التقارير لذوى الإختصاص بالشئون الأفريقية داخل إسرائيل وتعمل على ترويج كتاب سنوي يصدر عن مؤسسة إسرائيلية يحمل اسم” حقائق عن إسرائيل” يوزع فى كافة الدول الإفريقية وبلغات مختلفة يحمل أفكاراً يهودية لتسويقها لدول العالم النامي.

• الجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة

حرصت إسرائيل علي إنشاء مراكز ومعاهد متخصصة بالشئون الإفريقية لبحث سبل توثيق العلاقات بين الجانبين , وأنسب الآليات والوسائل لتحقيق المخططات الإسرائيلية فى المنطقة من خلال عمل الدراسات الدقيقة وتدعيم المعلومات الخاصة بشئون الأفارقة وتحدياتهم المستقبلية لوضع تصورات مستقبلية تستبق بها الأحداث وتحاول أن تطابقها بالواقع الفعلي وفي هذا الشأن
لإثبات حضورها فى القارة الإفريقية وفي منطقة القرن الإفريقي وبإيعاز مباشر من وزير الخارجية الإسرائيلية “أفيجدور ليبرمان” قامت جامعة بن غوريون بتدشين مركز جديد للدراسات الإفريقية في محاولة هادفة لتوصيل رسالة إلى الأفارقة بأن إسرائيل حريصة علي تنمية مواردهم البشرية وتقدمها .

من خلال استعراض أبرز جهود المؤسسات الإسرائيلية في سعيها لتقوية العلاقات الإسرائيلية بدول القرن الإفريقي تبين أن هناك تعاوناً مشتركاً بين المؤسسات الرسمية الحكومية والمؤسسات غير الرسمية الأهلية التي لعبت دوراً حيوياً وفعالاً وساهمت في تنشيط الحراك السياسي بين الجانبين.

خاتمة:

تعمل إسرائيل لتنفيذ غاياتها وأهدافها القومية من خلال إستراتيجية ذات مستويين، مستوى أعلى تطلق عليه الخطة الكبرى ومستوى أدنى يعالج ما تطلق عليه مشاكل الأمن الجاري وترسم الخطة الكبرى إستراتيجية تنفيذ الغايات والأهداف العليا بعيدة المدى والتي تسعي إسرائيل لتحقيقها طبقًا لمراحل زمنية محددة.

وتاريخياً استخدمت إسرائيل أدوات متعددة في تعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية فتارة عبر تصدير الخبرات الفنية في مجال الزراعة وتارة في مجال التدريب العسكري وتأهيل الألوية العسكرية المسؤولة عن حماية أمن الرؤساء الأفارقة وتقديم العلاج الطبي سراً لأصحاب الحكم في المستشفيات الإسرائيلية، واستيعاب الطلاب الأفارقة في الجامعات الإسرائيلية. وفي بعض الأحيان لم تتردد إسرائيل في المساهمة في تدبير انقلابات عسكرية في بعض الدول الأفريقية، وكما يؤكد الصحفي “يوسي ميلمان” معلق الشؤون الاستخبارية الإسرائيلية فإنه في حكم المؤكد إن الموساد أسهم في حدوث انقلابين في كل من أوغندا وزنجبار.

أن المشكلة الحقيقية هو أن إسرائيل تتحرك في القارة الأفريقية دون أن تواجه أي مقاومة عربية على الاطلاق حيث أن الدول العربية تحرص على عدم استغلال الكثير من الأدوات التي بإمكانها استخدامها ليس منع التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، بل حتى لا تواصل إسرائيل توظيف هذا التغلغل في المس بالأمن القومي العربي

الفصل الثاني

يتناول الفصل الثاني من الدراسة اثيوبيا كحالة للتدخل الاسرائيلي في أفريقيا, والأسباب التي جعلت من أثيوبيا فرصة يجب استغلالها من اسرائيل.

أثيوبيا

تقع اثيوبيا في جزءالشمالي من قارة افريقيا وهو ما يعرف حالياً بقرن الافريقي يحدها شمالاً اريتريا ومن الغرب السودان ومن الجنوب كيني اوالصومال ومن الشرق جيبوتي ,تبلغ مساحة اثيوبيا 1.221.900 كم2, ويبلغ عدد سكانها حوالي 89 مليون نسمة.

[31]

المبحث الأول

دور التدخلات الإسرائيلية في الصراع المائي بين دول حوض النيل

ظلت إسرائيل تطمح فى الحصول على مياه النيل منذ عام ١٩٤٩ أى بعد أقل من عام على إعلان الدولة،حيث قدمت العديد من الخطط والمشروعات لإيصال مياه النيل إلى صحراء النقب بفلسطين المحتلة.وحين فشلت فى تمرير أطماعها تحت لافتات السلام تارة،وتحت لافتة الاقتصاد والسعى إلى تحويل المياه إلى سلعة تباع وتشترى كالنفط فى الأسواق العالمية،كانت إسرائيل تحث خطاها عبر تعميق أنيابها فى دول حوض النيلعبر سياسة “التطويق” أو الحصار لدولتى المصب لنهر النيلوهما مصر والسودان.وبينما تبدو السودان مستسلمة لما يحاك لها من مخططاتتجلت فى انفصال جنوب السودان بدعم إسرائيلى علنىواستمرار القلاقل الداخليةوالتهديدات بإنفصال دارفوربات الدور على مصرالتى يراد لها أن تخضع للطموحات الاستعمارية فى المنطقةوعلى رأسها المطامع الإسرائيلية فيما يتعلق بالسطو على مياه النيل أو فرض سيطرتها على الشرق الأوسط.

الدوافع الإسرائيلية من التغلغل في دول حوض النيل

تسعى إسرائيل إلى بلوغ هدفين من تحركها السياسي في دول حوض النيل وخاصة اثيوبيا، إما محاصصة الدول النيلية مائيًا أي الحصول على حصة مائية ثابتة من إيراد النهر السنوي، أو محاصرة مصر سياسيًا أي تطويق السياسة المصرية في محيطها الإقليمي،من خلال التغلغل الاقتصادي والسياسي والعسكري في دول الحوض، بما يعمل على “شد أطراف” مصر وتشتيتها سياسيًا واستراتيجيًا.وتدرك إثيوبيا أن إسرائيل هى بوابتها إلى الغرب والحصول على مزيد من المساعدات يؤكد ذلك أن العلاقات التاريخية بين الإثيوبيين واليهود لعبت دورًا كبيرًا في ما تشهده العلاقات الحالية لكل من إثيوبيا وإسرائيل منذ سنة 1948.

ويمكن إجمال الأهداف الإسرائيلية في التدخل في دول حوض النيل في النقاط التالية:

  • إشعال الخلاف بين دول المنبع والمصب لحوض النيل والضغط على مصر في مفاوضات إمداد إسرائيل بمياه النيل

تعاني إسرائيل من ندرة المياه ولا يخفى أن لإسرائيل أحلاماً قديمة في الحصول على حصة من مياه النيل لري صحراء النقب وهو ما عبر عنه عملياً المهندس الإسرائيلي “إليشع كيلي” عام 1974 مدير شركة “تاحال” الإسرائيلية بتصميم ترعة لسحب المياه من أسفل قناة السويس وتوصيلها إلى إسرائيل، ولتحقيق هذا الهدف تحرص إسرائيل على تكثيف تواجدها في كافة دول المنبع الأفريقية خاصة أثيوبيا وإريتريا، ولعل الأزمة التي ثارت بين دول المنبع وكل من مصر والسودان في اجتماع الإسكندرية في يوليو 2009 وحالت دون توقيع الاتفاقية الإطارية لمياه النيل تعزي بدرجة كبيرة إلى الأيادي الإسرائيلية الخفية، كما أن دعم انفصال الجنوب السوداني أحد عوامل تحقيق هذا الهدف والذي يؤدي في النهاية إلى زيادة نفوذ إسرائيل في حوض النيل بما يمكنها من محاصرة الأمن القومي لكل من مصر والسودان في المنطقة.

وفي هذا السياق فإنه يمكن تفسير التقارب الإسرائيلي الإثيوبي، على أنه كان مدفوعًا بالإدراك الإسرائيلي لحقيقة تقاسم المياه في دول حوض النيل، والمرتبطة بسيطرة أثيوبيا على 85% من مصادر مياه النيل، وباعتبارها تشكل المنبع الأساسي والمصدر الأهم له، واعتماد مصر على أكثر من 96 % من احتياجاتها المائية على مياه نهر النيل.

وبعلاقات إسرائيل القوية مع إثيوبيا يمكن أن تضغط تل أبيب على القاهرة بالدفع في مفاوضات إمداد إسرائيل بمياه النيل، في مقابل تمكين مصر من الحصول على كامل حصتها من مياه النيل دون عقبات من دول المنبع استنادًا للقاعدة التفاوضية.

كما يفسر ذلك أيضًا التغلغل الإسرائيلي في السودان باعتبارها دولة ممر للمياه النيل، فعلاقات إسرائيل القوية مع دولة جنوب السودان، يمكنها أن تستخدمها أيضًا كورقة ضغط على المفاوضات مع مصر.

وكذلك يهدف هذا التغلغل إلى إيجاد “عمق استراتيجي” في البحر الأحمر يتيح لإسرائيل رصد أي نشاط عسكري عربي في المنطقة،علاوة على ضمان الاتصال والأمن للخطوط البحرية العسكرية والمدنية الإسرائيلية بين المحيط الهندي والبحر المتوسط عن طريق البحر الأحمر والطريق البرية من إيلات إلى حيفا وعسقلان.

  • القضاء على التهديدات الأمنية لإسرائيل من داخل دول القرن الأفريقي

ثمة مخاوف إسرائيلية من انتشار الجماعات الإسلامية المتطرفة في كثير من مناطق أفريقيا ولاسيما في بؤر التوتر والصراعات الكبرى، وفي ظل حالات ضعف الدولة أو انهيارها كما هو الحال في الصومال. ولا شك أن إسرائيل تنظر إلى هذه المخاوف الأمنية باعتبارها تهديداً مباشراً لأمنها القومي ولعل الغارة الإسرائيلية على مصنع الذخير في أكتوبر 2012 تعد مثالاً واضحًا على أهمية هذا الهدف في السياسة الإسرائيلية تجاه دول القرن الأفريقي العربية.

  • خلق بؤر للتوتر والصراع على أطراف الدول العربية

تحاول إسرائيل من خلال تبنيها مبدأ شد الأطراف إلى خلق بؤر للتوتر والصراع على الأطراف الإقليمية العربية في جواره الأفريقي، وقد تجلى هذا الأمر من خلال الدور الإسرائيلي في دعم حركات التمرد والعنف في الجنوب تحاول إسرائيل من خلال تبنيها مبدأ شد الأطراف إلى خلق بؤر للتوتر والصراع على الأطراف الإقليمية العربية في جواره الأفريقي، وقد تجلى هذا الأمر من خلال الدور الإسرائيلي في دعم حركات التمرد والعنف في جنوب السودان ودارفور، ومن المعروف أن هذا المبدأ يعني خلق مناطق للتوتر تشمل الجماعات العرقية والإثنية في دول حوض النيل، وتقديم كافة وسائل الدعم لها من أجل تقوية نزعاتها الانفصالية والقومية.

  • استغلال الموارد والثروات الطبيعية لدول حوض النيل

فدول حوض النيل غنية بمواردها وثرواتها الطبيعية، كما أنها تعد سوقاً محتملة للمنتجات الإسرائيلية، علاوة على أن التنافس الدولي على استغلال الموارد الطبيعية الأفريقية يفرض على إسرائيل أن تعيد حساباتها لتدافع عن مصالحها ويكون لها نصيب معلوم في عملية التنافس الدولي تلك التي تشهدها الساحة الأفريقية ولذلك لا تتحرك إسرائيل صوب أفريقيا بدافع من مجابهة التمدد الإيراني فقط ولكن لمواجهة واحتواء النفوذ الصيني المتزايد كذلك[32].

وحاولت إسرائيل من خلال علاقاتها الدبلوماسية مع إثيوبيا حثها على زيادة حصتها من مياه النيل بزعم أن هذا الأمر يعني من وجهة النظر الإسرائيلية إعادة تقسيم حصص دول الحوض في مياه النيل بشكل عادل مما يتيح لإسرائيل أن تقيم مشروعات على مياه النيل في إثيوبيا كإقامة السدود واستصلاح الأراضيمما يحقق نفعًا مشتركًا لكل من إثيوبيا وإسرائيل من ناحيةوتستطيع إسرائيل أن تضغط بذلك على مصر من ناحية أخرى.

واستغلت إسرائيل الصراعات الإثنية فى حوض النيل لتحقيق سياساتها فى هذا المجال الحيوى،ولذلك ركز الإسرائيليون على دعم حركات التمرد والحركات الانفصالية بهدف تحفيز الصراعات فى تلك المنطقة ويتضح ذلك بالوجود المباشر لإسرائيل فى دول حوض النيل[33].

ولم ينف خبراء الموارد المائية الإثيوبية خلال لقاءات المفاوضين المصريين لهم في ملف حوض النيل, وجود صلات إثيوبية إسرائيلية في مجال الموارد المائية وغيرها من المجالات الأخرى كالزراعة وتوليد الطاقة التي تعتمد أيضًا على مياه النيل، حيث وصف الوزير الإثيوبي للموارد المائية السابق “شيفراو جارسو” التعاون مع إسرائيل بأنه أمر طبيعي، قائلاً لأحد المفاوضين المصريين “نحن لدينا علاقات مع إسرائيل مثل ما لديكم من علاقات معه”.

ويمكن التعرف علي الدور الإسرائيلي في حوض النيل من خلال توضيح محورية المياه في الفكر الإستراتيجي الإسرائيلي,حيث تعاني إسرائيل من نقص حاد في مصادرها المائية وزادت حدة هذا العجز بعد موجات الهجرة اليهودية المكثفة من دول أروبا الشرقية لإسرائيل.

وأشار تقرير “إسرائيل 2020” إلي أن محصلة الزيادة في السكان سيهدد الأمن المائي الإسرائيلي والذي سيترتب عليه تنافس المعدل الطبيعي الذي يحتاجه الفرد من المياه العذبه سنوياً,وتجب الإشارة إلي ان إسرائيل أعلنت رسمياً عن حالة الجفاف التي أصابتها في 1990 حيث طالب وزير خارجيتها في ذلك الوقت “شارون” مساعدة الدول الاروبية لمواجهة تلك الأزمة وهذا الأمر يفسر تبني إسرائيل تاريخياً خطط أستراتيجية للضغط علي دول المنبع ومصر للحصول علي المياه[34].

تعمل إسرائيل علي إقامة المشاريع الإنمائية في أثيوبيا كحل لأزمة المياه حيث أنها قامت في 1998 بأنشاء ثلاثة سدود مائية في إثيوبيا كجزء من برنامج شامل يستهدف بناء 26 سداً علي النيل الأزرق وذلك مقابل قيام أثيوبيا بتسهيلات لإسرائيل لأستخراج الموارد الطبيعية الأثيوبية.

دور إسرائيل في أزمة سد النهضه:

بطريقة غير مباشره أصبحت إسرائيل تلعب دوراً  في صراع المياه بين دول حوض النيل مستفيدة من نفوذها في أثيوبيا ومنطقة حوض النيل عموماً عبر إثارة الخلافات بين دول الحوض والتشكيك في  الحصة المقررة لكل دولة مستغلة الأختلاف الديني والعرقي والأيدولوجي بين دول المنبع والمصب[35].

وبالنسبة لمصر,فأن محور العلاقات المصرية الإثيوبية –في الوقت الراهن- هو مياه النيل بجانب الأبعاد السياسية والأقتصادية والإقليمية.وفيما يتصل بمياة النيل يري الكثير من الخبراء أن إسرائيل تقف وراء إشعال الموقف بين دول حوض النيل,لأدراكها لأهمية المياه وأن وجودها بالقرب من دول حوض النيل سيضمن لها أمنها المائي وأن يكون لها نصيب من مياه النيل,حيث أنها المتعهد بإنشاء السدود وخزانات المياه عبر شركاتها وخبرائها,فهي تريد إيصال المياه لصحراء النقب من خلال تأثيرها علي إثيوبيا منبع النيل الأزرق وعلي دول المنبع الأخري.

ويري الخبراء والمحلليين الاستراتيجيين ان ما حدث في مصر من أحداث في عام 2011 وما تبعها أعطت الفرصة لأثيوبيا في بناء السد وأن حصة مصر بالكامل من مياه النيل سوف تصبح موجودة في الدولة الأثيوبية حيث أنه تم التعاون بين أثيوبيا وإسرائيل في بناء سد النهضة الأثيوبي وأكثر من ذلك أن الطرف المكلف بالكهرباء بالسد هي “إسرائيل”[36].

وعلي الرغم من وجود علاقات رسمية موقعة بين مصر وإسرائيل ولكن ليس لإسرائيل سبيل للحصول علي مياه النيل من مصر الإ من خلال الضغط عليها من منابع النيل والتي تقف علي رأسها إثيوبيا[37].

ويؤكد الخبير الإسرائيلي “أرنون شوفير” الذي عمل لسنوات في الموساد الإسرائيلي،أنه لخشية إسرائيل من أي رد فعل مصريتقوم إسرائيل بتنفيذ مخططاتها في أثيوبيا بشكل حذر حتى لا تثير غضب القاهرةخاصة وان هناك العديد من التقارير التي تتهم إسرائيل بتشجيع بناء عدد من السدود على النيل الأزرق في أثيوبيا.

ويمكننا القول إجمالاً إن حالة ” العجز المائي الإسرائيلي ” ليست نتاج متغير واحد فقط وهو محدودية الموارد المائية المتجددة سنويًا في إسرائيل وإنما هي محصلة تفاعل جملة من المتغيرات كالزيادة السكانية الطبيعية,والتدفق المستمر للمهاجرين اليهود والتوسع الزراعي,وتزايد معدلات التنمية الصناعية والتلوث البيئي وتتفاعل تلك العوامل مع بعضها البعض .

إستراتيجيات الدور الإسرائيلي في الصراع المائي في حوض نهر النيلتنتج عن تفاعل المحددين (المكانة المحورية للمياه في الفكر السياسي والإستراتيجية وندرة المياه في إسرائيل),لجوء السياسة الإسرائيلية إلى تبني إستراتيجية عسكرة المياهوذلك على الصعيدين الداخلي والخارجي فعلى الصعيد الداخلي تزداد سيطرتها على مصادر المياه التي احتلتها بالقوة. وعلى الصعيد الخارجي,يمتاز سلوكها السياسي بالسعي إلى السيطرة المباشرة أو غير المباشرة على مصادر المياه السطحية بها لسد احتياجاتها المحلية المتزايدة.

 نشأة وتطور العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية

رغم المشكلات المختلفة التي تعاني منها منطقة دول حوض النيل ومنها أثيوبيا إلا أنها حظيت بإهتمام كبير من جانب إسرائيل،ولعل ذلك يرجع إلى عدة اعتبارات من بينها الموقع الإستراتيجي الهام للمنطقة والذي جعلها تتحكم في عدة منافذ بحرية هامة هي: البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي،وبالتالي أصبحت المنطقة تتحكم في طرق التجارة الدولية وطرق نقل البترول من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة،كما تشتمل هذه الدول على حوض نهر النيل،ومن ثم فهي تتحكم في منابع نهر النيل.

تعتبر أثيوبيا من أهم دول شرق أفريقيا والقرن الأفريقي وذلك بسبب موقعها وعمقها الحضاري ومن المعروف ان إسرائيل ولأسباب عديدة تولي اهتماماً خاص لأثيوبيا وذلك لأعتبارات دينية وأخلاقيه وأستراتيجية.

وقد أقامت إسرائيل علاقات اقتصادية وتجارية مع إثيوبيا إلى حد تضاعفت فيه الواردات الإسرائيلية من إثيوبيا أكثر من ثلاثين مرة خلال عقد التسعينات.وقد شهد حجم التعاون الاقتصادي الإسرائيلي مع اثيوبيا تطوراً ملحوظاً حيث بلغت قيمة الصادرات الاثيوبية إلى اسرائيل نسبة زيادة وصلت الى 230% ومن تلك الصادرات القهوة والجلود والحقائب المدرسية، الأحذية، الخضروات والفواكه واللحوم والحيوانات الحية والقطن والأخشاب الذهب والكوبالت والنفط الأسود والسكر والحبوب.وتلعب “الجمعية الأثيوبية للتجارة” و”الوكالة الأثيوبية للتصدير” والسفارة الإثيوبية في إسرائيل أدوارا ناشطة في تسهيل التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

أما فيما يتعلق بالصادرات الإسرائيلية إلى أثيوبيا فقد ازدادت خلال عام 2009 لتصل إلى نسبة 500% بالإضافة إلى تزايد التعاون العسكري،حيث كشفت نشرة المعلومات العسكرية البريطانية في يونيو 1998 بأن إسرائيل تقيم علاقات استخبارية وثيقة مع إثيوبيا،وأن جهاز الموساد الإسرائيلي يدير كادر كبير لجمع المعلومات والاستخبارات في العاصمة اديس ابابا،بالاضافة الى قيامه بنشاطات فيها أبرزها عدد من مراكز المراقبة وجمع المعلومات عن السعودية واليمن.

وينشط رجال الأعمال الإسرائيليون[38] في أنحاء إثيوبيا بعدما عزمت بلادهم على تحويل إثيوبيا لمنصة انطلاق نحو منطقة القرن الأفريقي، وتجري الترتيبات لدخول الإستثمارات الإسرائيلية إلى دولة جيبوتي، خصوصاً أن بعض المراقبين أحصوا أكثر من 200 شركة صهيونية تستعد لدخول المنطقة.
ويواكب هذه الاستعداد زيارات متبادلة على أعلى المستويات، إذ زار وزير الخارجيةالإثيوبي “سيوم مسفن” إسرائيل عام 2010، ثم جاء وزير الزراعة والتنمية الريفيةالإسرائيلي  “ياير شامير” إلى أديس أبابا على رأس وفد رفيع المستوى من الخبراء الزراعيين ورجال الأعمال.
وأجرى الوفد الإسرائيلي عدة مقابلات مع المسؤولين الإثيوبيين، شملت بحث آفاق التعاون المشترك كما نقل إلى رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية ووزير الزراعة رغبة رجال الأعمال الإسرائيليين في الاستثمار بإثيوبيا في كثير من المجالات من بينها الاتصالات وتقنية المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والتقنية الزراعية والخدمات الصحية.

وكذلك وقع البلدان عدداً من الاتفاقيات المشتركة لتمهيد الطريق أمام رجال الأعمال وتعزيز التبادل التجاري والصناعي، وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير بين البلدين.
وأشاد وزير الخارجية الإسرائيلي”تيدروس أدحنوم” بجهود الدولتين لدعم رجال الأعمال مشيراً إلى أن التعاون المثمر الذي حقق نتائج إيجابية خلال الأعوام الماضية تمثل في الوجود المكثف لرجال الأعمال الإسرائيليين في إثيوبيا في مختلف المجالات الاستثمارية.

ولم ينف خبراء الموارد المائية الإثيوبية خلال لقاءات المفاوضين المصريين لهم في ملف حوض النيل وجود صلات إثيوبية إسرائيلية،في مجال الموارد المائية وغيرها من المجالات الأخرى كالزراعة وتوليد الطاقة التي تعتمد أيضًا على مياه النيل حيث وصف الوزير الإثيوبي للموارد المائية السابق “شيفراو جارسو” التعاون مع إسرائيل بأنه أمر طبيعي،قائلاً لأحد المفاوضين المصريين: “نحن لدينا علاقات مع إسرائيل مثل ما لديكم من علاقات معها”[39].

وفي الجانب العسكري أمدت إسرائيل إثيوبيا بأسلحة ومعدات عسكرية وذخائر في مجال الأمن الداخلي وحرب العصابات،فضلا عن تدريب الطيارين الاثيوبين بالقوات الجوية الإسرائيلية،وتطوير نظم الاتصالات بين القيادة الجوية في البلدين،بالإضافة إلى تبادل الزيارات بينهما على المستويين السياسي والأمني.

المبحث الثاني:

ان صناع القرار في اسرائيل يتصرفون وفقاً للمصلحة القومية الإسرائيلية,والمصلحة القومية الأولي لإسرائيل هي ضمان البقاء وامتلاك القوة لحماية الدولة وبقائها لذلك لم يكن الأهتمام الإسرائيلى بأثيوبيا،نابعاً من العدم بل تشكل بموجب عدة دوافعمنها إستراتيجية واقتصادية وسياسية وجيوستراتيجية وكذلك الاهتمام بالأقليات اليهودية في إفريقيا,وقد حظيت أثيوبيا بإهتمام خاص من إسرائيل، إذ ثمة إجماع لدى النخبة وصانع القرار الإسرائيلى على أن أثيوبيا تمتاز بميزات سياسية وجغرافية وعسكرية أمنية فريدة في نوعها إضافة إلى كونها تعتبر نفسها قلعة في محيط إسلامي لازال يموج بالصراعات والأزمات ولايزال يواجه أنماطاً عديدة من العنف والأزمات المتعددة مما يجعلها المفتاح للتغلغل في إفريقيا وتطعن فيها الأمن القومي العربي.

وتعد اثيوبيا هى ثانى دولة افريقية تقيم علاقات مع إسرائيل بعد ليبيريا,ونجحت اسرائيل في الحفاظ علي علاقتها مع أثيوبيا خلال فترات حكم الأنظمة المختلفة منذ خمسينات القرن الماضى وحتى الآن فى صورة جيدة،حيث أن أثيوبيا حليف مهم لإسرائيل باعتبارها دولة المقر للاتحاد الأفريقى،وأيضا كونها دولة غير عربية أو إسلامية مجاورة للمنطقة العربية،بالإضافة إلى الدور الذى تلعبه فى أمن البحر الأحمر والحرب على الإرهاب والتطرف الاسلامى فى منطقة القرن الأفريقي[40].

حاولت اسرائيل استخدام اثيوبيا كورقة ضغط سياسية على مصر من خلال المس بحصتها فى مياه النيلوالتهديد ببناء سدود اثيوبية تتحكم في حجم المياه الواصلة الى مصر، لا سيما ان 80% من المياه الواصلة للاراضي المصرية منبعها من هضبة الحبشة. كما تسعى اسرائيل لوضع خطط لسحب مياه النيل الى اراضيها من اقرب نقطة في الدول الافريقية مما يهدد مشروعات الري والكهرباء والزراعة على امتداد وادي النيل ودلتا مصر. وحسب مصادر إعلامية صهيونية فإن شركات إسرائيلية متخصصة في مجال الاستشارات الهندسية والإنشاءات تقدمتمؤخراً بعروض للحكومة الإثيوبية تتضمن مقترحات للمساهمة في القيام بمشاريع استثمارية سكنية علي النيل، وذلك بتشجيع من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية.

أولاً: نشأة وتطور العلاقات الإسرائيلية الأثيوبية

لعبت السفارة الإسرائيلية في كينيا دور مهم في تأسيس العلاقات الإسرائيلية الأثيوبية,الأمر الذي يعكس تنوع المصالح بين الطرفين والذي نشأ بفعل أرث تاريخي,لكن أهم ما يميز أثيوبيا بالنسبة لإسرائيل:

  • الإدعاءات الإسرائيلية التي تقول ان العلاقة مع أثيوبيا ترجع للقرن الثالث الميلادي.
  • – ما تمتاز به اثيوبيا من غني بالموارد المعدنية التي تخدم الصناعات الإسرائيلية.
  • – سهولة التغلغل في أثيوبيا نظراً للتنوع العرقي واللغوي والديني والثقافي.
  • -رغبة اسرائيل في السيطرة والحصول علي مياه نهر النيل.

أرادت إسرائيل الأستفادة من موقع اثيوبيا الجغرافي في عدة نواحي منها إيجاد قنوات تبادل معلوماتي مع الأجهزة الأستخابراتية الأثيوبية لتوجيهها نحو حركات التحرر الأفريقية العربية,تنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة بالنيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية ومساعدة النفوذ الأمريكي علي التغلغل في القارة,إتخاذها معبر لباقي الدول الإفريقية وخاصة دول شرق افريقيا ودول حوض النيل,الأستفادة منها في حصار النفوذ الإسلامي في المنطقة,استغلالها كوسيلة للضغط علي مصر في قضية مياه النيل[41].

بدايةً كانت العلاقة مع الامبراطور الأثيوبي “هيلاسلاسي” الذ كان يتباهي بعلاقته القديمة بالتاريخ اليهودي ويعتبر نفسه من أحفاد النبي سليمان وقد أستغلت إسرائيل ذلك الادعاء المتمثل في الأصل العرقي المشترك بين الشعبين ودعمت علاقاتها مع أثيوبيا.

قامت إسرائيل بتوظيف عدة وسائل سياسية وثقافية وأقتصادية وعسكرية لتوطيد علاقاتها مع أثيوبيا حيث قامت بأرسال مبعوثين وخبراء في جميع المجالات وخاصة المجال العسكري والأمني من أجل الإعداد والتدريب وتنفيذ صفقات أسلحة مقابل حصولها علي امتيازات أثيوبية من موارد مهمة لصناعتها او مواقف سياسية كالتأييد الدولي.

وقد شهدت العلاقات بين الجانبين نقلة نوعية لتبلغ أقصي درجات التعاون في مجالات عدة,علي الرغم من وجود بعض الضعف الذي اعتري العلاقات بين الدولتين في عهد الأمبراطور “منجيستو هلا مريام” الذي وصل لحكم أثيوبيا في 1974,الإ ان العلاقات ما لبثت ان تعود للقوة مرة أخري عندما ساهم “منجيسو” في تلبية الرغبة الإسرائيلية في ترحيل يهود الفلاشا إلي إسرائيل وذلك بموجب اتفاق سري عقد بينه وبين وزير الخارجية الأسبق “موشي ديان” عام 1977 الذي نص علي ألتزام إسرائيل بأمداد النظام الأثيوبي بالسلاح مقابل الموافقة علي هجرة الفلاشا,لكن هذا الأتفاق لم يتحقق بسبب الظروف الداخلية في أثيوبيا والعلاقات الطيبة التي تربط “منجستو” بالدول العربية.

في 1978 عندما تقدم “منجستو” بطلب للإدارة الأمريكية لشراء سلاح أمريكي,الأمر الذي رفضه الكونجرس بتأثير وضغط من اللوبي الصهيوني,ونصحته الإدارة الامريكية بتمتين علاقته بإسرائيل باعتبارها القوة الوحيده في المنطقة,و أن يوافق علي نقل يهود الفلاشا الي إسرائيل وبالفعل تم إقامة جسر جوي بين أديس أبابا وتل أبيب لنقل اليهود وسميت تلك العملية بعملية “موسي” عام 1984 وتم فيها نقل 15 ألف يهودي لإسرائيل,ولكن إسرائيل لم تكتفي بعدد اليهود الذين تم نقلهم بل قامت بمساومة النظام الأثيوبي لإتمام عملية نقل أكبر من السابقة[42].

كان ذلك بشكل رسمي وفي إطار دولي,اما بداية العلاقات بشكل سري فترجع العلاقات الإسرائيلية  الإثيوبية إلى عام 1952،حيث كان استيراد البقر من إثيوبيا هو أبرز الأنشطة العلنية فيما كان ذلك غطاء لإستخدام إثيوبيا كقاعدة استخباراتية للموساد الإسرائيلي.

وفى آواخر الخمسينيات من القرن العشرين،بدأت إسرائيل منح مساعدات لإثيوبياعبر مشروعات فى مجالات الزراعة والصحة والتعليم وتدريب وتأهيل العمال.وفي 1966 أصبح لإسرائيل وفد عسكري يتواجد بشكل دائم في أثيوبياوكان هذا الوفد هو الوفد الأكبر عدداً في أثيوبيا بعد الوفد العسكري الأمريكي وفي تلك الفترة حصلت إثيوبيا علي مساعدات إسرائيلية أكثر من اي دولة آخري,وأصبحت إثيوبيا واحدة من أبرز الدول التى تشترى من إسرائيل إنتاجها من الطائرات دون طيار.

وقامت إسرائيل بتدريب وتأهيل القوات الخاصة للجيش الإثيوبى،خاصة فى صراعها مع قوات الحركة الوطنية الإريترية،وكان لإسرائيل منفذ خاص بميناء مصوع الإريترى على البحر الأحمر،وكانت السفن الإسرائيلية تتوجه للصيد فى البحر الأحمر أمام سواحل إثيوبيابسبب الأزمات والمواجهات التى كانت تتعرض لها بسبب انتشار القوات البحرية المصرية فى البحر المتوسط.

كما ساعدت إسرائيل على إقامة النظام القضائى فى إثيوبيا وأنشأت إسرائيل أول بنك للدم فى إثيوبيا وقدمت الاستشارات البحرية من أجل تطوير ميناء “مصوع وقدمت الاستشارات فى مجالات رصف الطرق، والهندسة، وصيانة الموانئ، وتطوير الخدمات الصيدلية.

وتعد الزراعة والري والأمن والسياحةمن أبرز المجالات التى تتركز عليها العلاقات الإسرائيلية الإثيوبيةحيث تنشط الشركات الإسرائيلية فى تلك المجالات بشكل واسعوتحظى بثقة وحماية النظام الحاكم فى إثيوبيا.

وفى إطار العلاقات الوطيدةامتنعت إثيوبيا عن التصويت على مشروع قرار فى الأمم المتحدة بأعتبار الصهيونية نوعاً من العنصرية،وبعد عدة أشهر قام وفد إثيوبى بزيارةإسرائيل لإبرام اتفاقيات وصفقات فى مجالى الزراعة والصناعة[43].

التعاون العسكري بين اسرائيل واثيوبيا:

في 1966 أصبح لإسرائيل وفد عسكري يتواجد بشكل دائم في إثيوبيا يتكون من 100 ضابط وقائد عسكري إسرائيلي وكان هذا الوفد هو الأكبر عدداً في إثيوبيا بعد الوفد العسكري الأمريكي.

قامت إسرائيل بتدريب وتأهيل القوات الخاصة للجيش الإثيوبي خاصة في صراعها مع قوات الحركة الوطنية الإريترية وكان لإسرائيل منفذ خاص بميناء مصوع الإريتري على البحر الأحمر، وكانت السفن الإسرائيلية تتوجه للصيد في البحر الأحمر أمام سواحل إثيوبيا بسبب الأزمات والمواجهات التي كانت تتعرض لها بسبب انتشار القوات البحرية المصرية فى البحر المتوسط.

كان هيلاسيلاسي آخر أباطرة إثيوبيا حليفًا قويًا لإسرائيل التي ردت الجميل بإفشال ثلاث محاولات للانقلاب عليه بمساعدته لوجستيا ومخابراتياً.

بعد تزايد حدة القتال مع الحركة الوطنية الإريترية عادت إثيوبيا مجددًا لطلب الدعم من إسرائيل فتم إبرام صفقة سرية بين إثيوبيا وتل أبيب عام 1977 يتم بمقتضاها أن تسمح إثيوبيا بتهجير اليهود لديها إلى إسرائيل مقابل صفقة سلاح إسرائيلية ضخمة.

شهدت العلاقات توتراً واحداً بسبب “موشيه ديان” عندما كشف عن طبيعة العلاقات في الإعلام عام 1978 مما تسبب في قطع العلاقات العلنية بينما قامت تل أبيب سراً بتزويد إثيوبيا بصفقة سلاح قيمتها 20 مليون دولار عام 1983، تبين أن مصدرها كانت عبارة عن الأسلحة التي صادرتها إسرائيل من منظمة التحرير الفلسطينية.

زاد التعاون في وقت لاحق بشكل سري تمثل في تدريب القوات الخاصة الإثيوبية والتخطيط الاستراتيجي لحماية المواقع الهامة في إثيوبيا التخطيط الذي يحمل طابع الموساد الإسرائيلي.

بحلول عام 2008 بدأت إسرائيل تحركاً عسكرياً ملحوظاً في العمق الإفريقي حيث قامت بنشر ثلاث بطاريات صواريخ في إثيوبيا إضافة إلي بطارية قادرة على إطلاق صواريخ تحمل رؤوساً نووية (طراز أريحا).

استطاعت إسرائيل بذلك اختراق القيادات العسكرية الإثيوبية وخلق جيلاً كاملاً من الكوادر العسكرية التي تدين بالولاء لإسرائيل وتعمل في نفس الوقت على تحجيم النشاط العربي على هذا الاتجاه مع توفير مناخ يساهم في تشتيت الجهود العربية في مواجهة التحديات في الشرق الأوسط مثل إثارة قضايا أمنية ومشكلة المياه والجزر بجنوب البحر الأحمر[44].

دور الموساد:

وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية هي التي تتولى بشكل نظري المسؤولية عن تنسيق السياسات الإسرائيلية في أفريقيا، فإنه مما لا شك فيه أن الطرف الذي يلعب الدور المركزي والأساسي في هذه المنطقة هو جهاز ” الموساد ” الذي يعمل بالخفاء ويحافظ على ممثليات ناشطة في الكثير من العواصم الأفريقية، كما كشفت صحيفة ” هآرتس ” مؤخراً وتفويض ” الموساد ” بالقيام بهذا الدور له علاقة بشكل أساسي بالدور التآمري الذي يسهم دائماً في تحرك هذا الجهازرسيماً على صعيد العمل على المس بالأمن القومي للدول العربية في أفريقيا أو المطلة على البحر الأحمر. فهناك علاقة وثيقة وأكيدة بين تعزيز العلاقات بين أثيوبيا وإسرائيل بشكل غير مسبوق مؤخراً وبين تهديد حكومة ” أديس أبابا ” بإعادة توزيع مياه النيل بشكل يمس بشكل خاص بكل من مصر والسودان. وتشير المصادر الإسرائيلية إلى أن العلاقة بين تل أبيب وأديس أبابا أخذت في الآونة الأخيرة منحني درامتيكي أظهرت فيه القيادة الصهيونية مرونة كبيرة تمثلت بالتخلي عن حليفها السابق “أسياس أفورقي”– رئيس اريتريا- مقابل الظفر بتعزيز العلاقة مع النظام الأثيوبي، وتمثل تعزيز العلاقة بين الجانبين في التوقيع على العديد من صفقات السلاح بين إسرائيل وأثيوبيا وبشروط ميسرة إلى جانب تقديم خدمات في مجال التدريب حيث تتواجد وحدات من المدربين العسكريين الإسرائيليين تعكف على تدريب القوات الأثيوبية, وهناك من يربط بين التعاون الإسرائيلي مع أديس وأبابا ونجاح أثيوبيا في تحقيق انتصارات على أرتيريا في المواجهات التي دارت بين الجانبين[45].

وقد كشفت نشرة المعلومات العسكرية البريطانية عن أن إسرائيل تقيم علاقات استخبراتية وثيقة مع إثيوبيا, وأن جهاز الموساد الإسرائيلي يدير كادر كبير لجمع المعلومات في العاصمة أديس أبابا, وقد أقام ضابط الموساد “شلومو شفتارس” مصنعاً في إثيوبيا يعد مقر لعمليات الموساد منذ عام1995 وحتي الآن, وللموساد نشاطات في جزيرة دهلك الإريترية, أبرزها عدد من مراكز المراقبة وجمع المعلومات عن دول المنطقة, والسيطرة علي البحر الأحمر عبر إثيوبيإواريتريا[46].

سد النهضه ما بين إسرائيل وأثيوبيا

تطمع إسرائيل في أن تكون لها بصورة غير مباشرة اليد الأولى في التأثيــر على حصة مياه النيل الواردة لمصر وبدرجة أقل السودان؛ وذلك كورقة ضغط على مصر للتسليم في النهاية بما تطلبه إسرائيل، وللخبراء الصهاينة لغة في مخاطبة السلطات الإثيوبية تتلخـص في ادعـــاء يقول إن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة لأنها تقررت في وقـت سابــق على استقلالهــا، وأن إسرائيــل كفيلة أن تقدم لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل وتوجيهه وفقاً لمصالحها.

وعلى هذا خصصت إسرائيل مساعدات لإثيوبيا لإقامة السدود وغيرها من المنشآت التي تمكنها من السيطرة والتحكم في مياه النهر، ورغم أن كل العواصم المعنية بالأزمة بدءاً من أديس أبابا مروراً بالقاهرة تدرك أغراض إسرائيل من هذا الدعم إلا أنها تغض الطرف وتكتفى بتحديد المشكلة مع الطرف الآخر.

والاحتمال الأرجح هو تورط إسرائيل بالمشاركة في مساعدة إثيوبيا في إنشاء السدود على النيل الأزرق، ويبدو أن الدور الإسرائيلي قد بدأ ينشط في السنوات العشر الماضية إذ بدأت سلسلة نشطة من الاتصالات مع دول منابع النيل خصوصاً إثيوبيا، وتمثل عمق العلاقات بزيارة رئيس وزراء إثيوبيا “زيناوي” لتل أبيب في أوائل يونيو 2004، كما لعبت إسرائيل دور الداعم والمحرض لأوغندا لتعلن رفضها اتفاقية مياه النيل القديمة المبرمة عام 1929 بين الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا وكينيا) والحكومة المصرية وكان هذا الاتفاق  يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل،وإن لمصر الحق في الاعتراض (الفيتو) في حالة إنشاء هذه الدول أي سدود علي النيل.

ومما يؤكد على التورط الصهيوني فى الأزمة المائية الأخيرة بين مصر والسودان من جانب وباقي دول حوض النيل من جانب آخر هو تأكيد مصادر إعلامية إسرائيلية على أن الفترة القادمة ستشهد حرباً شعواء بسبب المياه، حيث زعمت صحيفة “يديعوت أحرونوت” فى تقرير لها إن حرب المياه في المنطقة ستندلع في العقد المقبل، مشيرة إلي الأزمة الأخيرة التي فجرها توقيع دول منبع نهر النيل لاتفاقية جديدة لتقسيم مياه النيل التي استثنت مصر والسودان.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية إن التحدي الذي أبدته دول حوض النيل ضد الاحتكار المصري لمنابع النهر أغضب القاهرة وجعلها في حالة غليان، موضحة أن تلك الدول رفضت أي حل وسط وقامت بنشر التهديدات قائلة إن حرب المياه ستنشب خلال العقد المقبل[47].

ومع أن هناك مطالبات منذ استقلال دول حوض النيل بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات القديمة بدعوى أن الحكومات القومية لم تبرمها ولكن أبرمها الاحتلال نيابة عنها، وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول خصوصًا كينيا وتنزانيا لموارد مائية متزايدة؛ فقد لوحظ أن هذه النبرة المتزايدة للمطالبة بتغيير حصص مياه النيل تعاظمت في وقت واحد مع تزايد التقارب الصهيوني من هذه الدول وتنامي العلاقات الإفريقية مع الصهاينة.

وعلي هذا عادت المناوشات بين دول حوض النيل للظهور خاصة بين مصر وتنزانيا، وانضمت إلى هذا المبدأ أوغندا وكينيا، وطلبت الدول الثلاث من مصر التفاوض معها حول الموضوع ثم وقعت تنزانيا مع رواندا وبوروندي اتفاقية نهر كاجيرا عام 1977 التي تتضمن بدورها عدم الاعتراف باتفاقات 1929، بل وطلبت حكومة السودان بعد إعلان الاستقلال أيضًا من مصر إعادة التفاوض حول اتفاقية 1929, كذلك أعلنت إثيوبيا رفضها لاتفاقية 1929 واتفاقية 1959.

وكان الصراع  على مياه النيل مدفوناً في التاريخ فمنذ حكم الإمبراطور”منجستو” في إثيوبيا ثم النظام الماركسي “منجستو”، وحتى النظام الحالي كان حلم السد يراوض الأنظمة الحاكمة لدول المنبع، وكان أول تحرك فعلي لها عندما سعت إثيوبيا عام 1981 لاستصلاح 227 ألف فدان في حوض النيل الأزرق بدعوى “عدم وجود اتفاقيات بينها وبين الدول النيلية الأخرى”، كما قامت بالفعل عام 1984 بتنفيذ مشروع سد “فيشا” -أحد روافد النيل الأزرق- بتمويل من بنك التنمية الإفريقي وهو مشروع يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بحوالي 0.5 مليار متر مكعب، وتدرس 3 مشروعات أخرى يفترض أنها سوف تؤثر على مصر بمقدار 7 مليارات متر مكعب سنوياً.

أيضاً أعلنت كينيا رفضها وتنديدها منذ استقلالهابهذه الاتفاقيات القديمة لمياه النيل لأسباب جغرافية واقتصادية مثل رغبتها في تنفيذ مشروع استصلاح زراعي، وبناء عدد من السدود لحجز المياه في داخل حدودها، وكانت جبهة السودان هي الأهم لأسباب عدة في مقدمتها أنها تمثل ظهيراً وعمقاً استراتيجياً لمصر التي هي أكبر دولة عربية، وطبقا للعقيدة العسكرية الإسرائيلية فإنها تمثل العدو الأول والأخطر لها في المنطقة ولذلك فان التركيز عليها كان قوياً للغاية.

وبالفعل بدأت تلوح في الأفق مناوشات بين دول حوض النيل (10 دول) للظهور مرة أخرى، ولكن تلك المرة كانت بصمة التدخل الصهيوني واضحة بزعم أن الاتفاقيات المائية المبرمة في عهد الاستعمار (اتفاق 1929 بين مصر وبريطانيا لتنظيم استفادة مصر من بحيرة فكتوريا) التي تعطي الحق لمصر أن توافق أو لا توافق على أي مشروع يقترحه أي طرف من أطراف دول حوض النيل للاستفادة من المياه لم تعد ملزمة لدول منابع النيل، ولم تكن إثيوبيا بحاجة لهذا التدخل الصهيوني فهي رفضت اتفاقية 1929 واتفاقية 1959 في جميع عهودها السياسية منذ حكم الإمبراطور ثم النظام الماركسي وحتى النظام الحالي، بل وسعت عام 1981 لاستصلاح 227 ألف فدان في حوض النيل الأزرق.

وقد حظيت إثيوبيا باهتمام خاص من إسرائيل، لأنها تمتاز بميزات سياسية وجغرافية وعسكرية وأمنية فريدة في نوعها إضافة إلى كونها تعتبر نفسها قلعة في محيط إسلامي لا زال يموج بالصراعات والأزمات، ولا يزال يواجه أنماطاً عديدة من العنف والأزمات المتعددة مما يجعلها المفتاح للتغلغل في إفريقيا وخلخلة الأمن المصري.

كما تعد العلاقات التجارية بين إسرائيل ودول الحوض أحد أهم المؤشرات على تنامي المصالح الاقتصادية الإسرائيلية في المنطقة، حيث تظهر الأرقام تضاعف الصادرات الإسرائيلية إلى إثيوبيا منها أكثر من 30 مرة خلال السنوات القليلة الماضية، وتشهد العلاقات الإسرائيلية تطوراًمتزايداً خاصة في إثيوبيا والكونغو الديمقراطية، والتي شهدت في السنوات الأخيرة انتعاشاً في إقامة الغرف التجارية المشتركة والمنح في مجالات الصحة والتعليم والتدريب هذا وخصصت الحكومة الإسرائيلية أحد المراكز المتخصصة بوزارة الخارجية لتقتصر مهامه على تعميم وتطبيق التعاون الإسرائيلي الإفريقي.

وعليه فقد وقعت حكومة إسرائيل اتفاقيتين، إحداهما مع جنوب السودان وإثيوبيا تتعلق بتوزيع الكهرباء التي سيتم إنتاجها من سد النهضة وقد بدأت بإنشاء خط لنقل الكهرباء إلى كينيا وخط آخر إلى جنوب السودان موضحاً أن عقود توزيع الكهرباء تُظهر أن إسرائيل جزء أساسي من عمليات وسياسات التشغيل بسد النهضة وتهدف إسرائيل من خلال تغلغلها في إفريقيا إلى استكمال خطة الطوق الإفريقي (جنوب السودان، كينيا، إرتيريا، إثيوبيا) عبر آليات عدة منها شراء العدد الأكبر من السندات في سد النهضة والتعامل مع مصر من خلال الطوق الإفريقي، وإيجاد آليه للتعاون مع الصين التي تملك الكثير من الشركات والمصالح وإغراق مصر في المشكلة وابتزازها في المواقف السياسية[48].

خاتمة:

خلاصة القول إن وجود إسرائيل في إثيوبيا يأتي في سياق  تخطيط للمستقبل فضلاً عن إمكان إحراز كثير من النجاحات في القارة الأفريقية. ولا يخفى أيضا على المراقب  لتطلعات إسرائيل نحو الدول المحيطة بأثيوبيا خاصة الصومال حيث تبحث إسرائيل عن دور استراتيجي لها يمر عبر إثيوبيا تمهيداً لأستغلال الحدود الطويلة التي تفصل بين إثيوبيا والصومال، والتوجه نحو العمق الصومالي خصوصا الأقاليم الشمالية المحكومة بواسطة سلطة موالية لإثيوبيا وغير مهتمة بالبعد العربي وتبحث هي بدورها عن تقارب مع إسرائيل. وبالتالي محاصرة الأمن القومي العربي ويبقى الهدف المهم لإسرائيل هو وضع خطط لسحب مياه النيل إلى أراضيها من أقرب نقطة في الدول الإفريقية مما يهدد مشروعات الري والكهرباء والزراعة على امتداد وادي النيل ودلتا مصر. أما من حيث السيطرة على البحر الأحمر فهو هدف إسرائيلي أمريكي مشترك وذلك لأن جزر البحر الأحمر أصبحت مكاناً لدفن النفايات النووية الإسرائيلية. كما أن التواجد الإسرائيلي في منطقة شرق إفريقيا بشكل عام يساعد على تحقيق أهداف إسرائيل الأمنية للسيطرة على البحر الأحمر لأهميته الإستراتيجية بوصفه ممراً مائياً عالمياً مهماً يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي . وما تقدم يثبت أن العلاقة الإسرائيلية مع إثيوبيا تخدم أهداف التوسع الإسرائيلي في القارة الإفريقية على حساب العرب وأمنهم القومي والحيوي[49].

الخاتمة:

إجمالاً، فإن هدف إسرائيل الثابت من وجودها في أفريقيا هو الرغبة في الحصول على مياه النيل، والضغط على صانع القرار المصري، نظراً لحساسية وخطورة ورقة المياه في الإستراتيجية المصرية، وذلك عبر اعتماد تل أبيب على لعب دور غير مباشر في صراع المياه بين دول حوض النيل، استفادة من نفوذها الكبير في دول مثل، إثيوبيا، وكينيا، ورواندا، مستغلة الدعم الأميركي الواضح لها من أجل السيطرة المشتركة على بلدان القارة الأفريقية، وهو ما يؤثر في الأساس في الأمن القومي المصري والسوداني، الأمر الذي يجعل من الأهمية بمكان سرعة التحرك لمحاصرة هذا التدخل الإسرائيلي، قبل أن يصبح خطراً حقيقياً، ولعل مؤشر الأزمة الاخيرة مع دول حوض النيل لخير دليل على ذلك.

في ضوء دراسة “التغلغل الإسرائيلي في القارة الإفريقية وتداعياته على ملف التفاوض المصري مع دول حوض النيل” واستعراض أبعاد هذه التدخلات في دول حوض النيل، وطرح صور لنماذج هذا التدخل فيأثيوبيا والوقوف على الدوافع والأهداف الإسرائيلية من هذه التدخلات، وتداعيات هذا التدخل يمكننا أن نتوصل إلى استنتاجات مهمة، وهي:

أولاً: أن إسرائيل بتدخلاتها في الدول الإفريقية وتغلغلها في دول حوض النيل أثبتت أنها ما وراء الإضطرابات المختلفة التي تشهدها العلاقات المصرية مع دول الحوض التي أدت في النهاية إلى توقيع ست دول على إتفاقية “عنتيبي” التي تضر بالأمن المائي المصري.

ثانيًا: لإسرائيل دور بارز في التوترات التي تشهدها السودان، والتي أدت إلى تقسيمه إلى دولتين، وهو صورة لتنفيذ مخططات إسرائيلية تهدف في الأساس إلى السيطرة على دول القرن الإفريقي أو تفكيكها لسهولة السيطرة عليها من ناحية والإضرار بالبعد الأمني الجنوبي القومي لمصر.

ثالثًا: تظهر أبعاد التغلغل الإسرائيلي في الدول الإفريقية من سعي إسرائيل إلى التحكم في الإقتصاد الأفريقي وتوجيهه من خلال استخدام سياسية المعونات الفنية والتقنية فضلاً عن المدربين والخبراء الإسرائيليين في المجالات المختلفة بما فيها العسكرية.

رابعًا: تركز إسرائيل على دول حوض نهر النيل لرغبتها في الحصول على مياهه ومحاصرة الأمن القومي العربي في امتداده السوداني والمصري وفقاً لاستراتيجية حلف المحيط أو استراتيجية شد الأطراف.

خامسًا : غياب الدور المصري في دول حوض النيل أدى إلى خلق مساحة تنطلق فيها إسرائيل، التي أرادت تحقيق مصالحها في دول حوض النيل من ناحية، والإضرار بالأمن القومي المصري من ناحية أخرى.

سادسًا: غياب دور منظمات المجتمع المدني المصرية في إزكاء روح التعاون بين دول حوض النيل ونشر التوعية بأن الأمن القومي المصري يجسد وحدة واحدة مع الأمن القومي الأفريقي، ولا يمكن التحدث عنه كأجزاء منفصلة أو مترابطة ذلك أن تاريخ المنطقة ومنظومتها الثقافية والاجتماعية وهويتها الحضارية ومصالحها ومصيرها غير منفك عن بعضه البعض.

النتائج

  • أستطاعت إسرائيل توظيف عدة أسباب اقتصادية وسياسية وجغرافية وتاريخية ودينية لبناء علاقة قوية مع أثيوبيا تمكنها من تأمين حصةمن مياه نهر النيل ونجحت في ذلك.
  • المحرك الرئيسي للسياسة الخارجية الإسرائيلية هو المصلحة.
  • من خلال العلاقات الاسرائيلية في أثيوبيا تمكنت إسرائيل تثبيت أقدامها في باقي دول حوض النيل.
  • علي الرغم من تغير الحكومات الإسرائيلية وتعاقبها الإ ان المخططات الاستراتيجية لم تتغير ويدل هذا علي ان سياسة إسرائيل الخارجية بنيت علي أستراتيجيات واضحة ومحددة ودقيقة.
  • يمثل نهر النيل فى الفكر والتراث اليهودى جزءًا من أرض إسرائيل الكبرى التى وعدها الرب لليهود فى التوراة حسب زعمهم ولذا يعتقد اليهود بأن لهم حقوقًا تاريخية ودينية فى نهر النيل.
  • استطاعت إسرائيل بذلك اختراق القيادات العسكرية الإثيوبية وخلق جيلاً كاملاً من الكوادر العسكرية التي تدين بالولاء لإسرائيل.
  • يؤكد الدستور الإثيوبى على العلاقات التاريخية مع اليهود مما يؤكد علي ترحيب القيادات الاثيوبية بالعلاقات المترابطه بين اسرائيل واثيوبيا.
  • أن الأسباب التي أدت إلى هذا التغلغل الإسرائيلي هو الغياب المصري عن المشهد الإفريقي عامة والإثيوبي بصفة خاصة، بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك في أديس أبابا سنة 1995.
  • غياب هذا الدور المصري كان فرصة لإسرايل للتغلغل في القارة تحت مسمى “التعاون” لكنه في حقيقة الأمر استثمار وتوغل إسرائيلي داخل القارة الإفريقية عن طريق إثيوبيا، وأن  الدافع الحقيقي وراء التعاون بين أديس أبابا وتل أبيب، هو إدراك هذا الكيان بالأهمية الاستراتيجية لإثيوبيا.
  • أهمية دور صناع القرار والدبلوماسيين في صياغة السياسة الخارجية لإسرائيل, وأهمية دور وسائل الإعلام التي أستخدمتها إسرائيل لنشر وترويج سياستها في أفريقيا.

التوصيات

  • التعامل بواقعية مع الوجود الإسرائيلي في أثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية وذلك بعدم وضع شروط لقطع العلاقات مع إسرائيل والدخول حيث ان الدول التي تربطها علاقات بإسرائيل بنتها لأنها كانت في حاجه لتلك العلاقات ,لذلك فإن زوال هذه الحاجات يقلل من تدخلات إسرائيل في أفريقيا.
  • بتدخلات إسرائيل في أفريقيا وخاصة أثيوبيا تحاول ان تقدم نموذج للتعاون الاسرئايلي الأفريقي والمبني علي التبادل التجاري والدعم العسكري والامني, ويمكن ابدال هذا النموذج بأخر مكون من الدول الأفريقية مع بعضها البعض لتجنب العلاقات الاسرائيلية الافريقية وتقليل تدخلاتها في افريقيا.
  • التحكم في المشكلات الواقعة بين دول حوض النيل واللجوء للحوار والحلول الدبلوماسية والتفاوضية لحل الأزمات سواء كانت مشاكل ناشئة او مشكلات موروثة من الفترة الأستعمارية.
  • زيادة التعاون بين الدول الأفريقية في مختلف المجالات وتفعيل دور المنظمات الإقليمية لمواجهة التدخلات الاسرائيلية وحل الأزمات التي تنشأ بينها دون الحاجة للتدخلات الإسرائيلية.
  • تبني مدخل أقتصادي تنموي في كل الدول الأفريقية النامية وذلك أنطلاقاً من ان التبعية الأقتصادية هي أساس كل الأزمات وعدم الأستقرار في تلك الدول.
  • دعوة الدول الافريقية لعقد قمة سنوية للأتفاق علي معاهدات بينها تلتزم بتنفيذها وتصدق عليه الدول في مجالات التصدير والاستيراد, وزيادة دور المنظمات الأقليمية مثل الأتحاد الأفريقي ومنظمة الايكواس.
  • تحقيق الأمن المائي المتعلق بنهر النيل من خلال توسيع قاعدة التعاون في شتي المجالات مع دول حوض النيل.
  • عودة التعاون بين مصر ودول حوض النيل وخاصة اثيوبيا, وزيادة الحضور المصري في افريقيا واعادة توجهاته لتلك المنطقة.
  • يجب على مصر أن تعيد صياغة دورها الإفريقى من جديد والعودة إلى إفريقيا، لأن ابتعادها أضر بشدة بالمصالح المصرية فى القارة عموماً وفى حوض النيل خاصة، وأتاح لإسرائيل مزيدًا من التوغل فى شئون القارة الإفريقية التى تمثل عمقًا حيويًا لمصر وهو ما يعد تهديدًا خطيرًا لأمن مصر.
  • نشر القيم الأفريقية في اثيوبيا والتأكيد علي هويتها الأفريقيا ونشر الوعي لدي الأطفال في المراحل التعليمية المختلفة بأهمية أرتباط أثيوبيا بالدول الافريقية أكثر من أرتباطها بإسرائيل لخلق جيل جديد واعي بالمخططات الصهيونية.
  • الأزمات أو التوترات التي تحدث بين الدول لاتعني بالضرورة قطع العلاقات المختلفة معها, فمن الممكن ان تستمر العلاقات التجارية بينما العلاقات العسكرية مقطوعة.
  • يمكن للعلاقات التجارية والأقتصادية ان تكون سبباً في عودة العلاقات الدبلوماسية بين الدول.

قائمة المراجع

الكتب

1- محمد السيد سليم ،”تحليل السياسة الخارجية”، (مكتبة النهضة العربية، القاهرة، ط2،1998).

2- اسماعيلمصطفي, “الامنالقوميالعربي”, القاهرة, مكتبةمبدولي.

اولاً الرسائل العلمية

1- آية محمد يحيى حامد، البعد المائي في الصراع العربي الإسرائيلي: دراسة للسياسات الإسرائيلية تجاه نهري اليرموك والليطاني، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2015.

2- حسين حمودة مصطفي حمودة,”العلاقات الإسرائيلية الافريقية منذ عام 1991م”,رسالة ماجستير,جامعة القاهرة,معهد الدراسات والبحوث الأفريقية,2008.

3- جمال حسن منصور، دور المؤسسة العسكرية في صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1991، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2012.

4- جمال محمد السيد ضلع، “النظام السياسي الإثيوبي منذ عام 1960″، رسالة دكتوراة، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة، 1997.

4-حمدي سليمان المشوخي، التغلغل الإقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا، دار الجامعات المصرية، 1972.

5- عارف عبدالقادر عبده سعيد، التنافس الدولي في منطقة القرن الأفريقي منذ نهاية الحرب الباردة، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2007.

6- عبدالملك عودة، النشاط الإسرائيلي في أفريقيا، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العبرية والعالمية، القاهرة،1966.

7- غادة محمد أحمد زيان، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.

8- نائل عيسي جودة,السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي وأثرها علي الأمن القومي العربي(1991-2011),رسالة ماجستير,جامعة الأزهر,كلية الأقتصاد والعلوم الأدارية,2015.

9- محمد سالمان طايع, “محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل” , رسالة دكتوراة, كلية الأقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2005.

ثانياً التقارير والدوريات

1- أسامة عبدالرحمن الامين,”التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وأثره علي دول حوض النيل الشرقي”,جامعة السودان,كلية التربية,مجلة دراسات أفريقية.

2- السيد فليفل(محرر),التقرير الاستراتيجي الافريقي 2002-2003,جامعة القاهرة,مركز البحوث والدراسات الافريقية,2004.

3- حمدي عبدالرحمن، إسرائيل وأفريقيا في عالم متغير من التغلغل إلى الهيمنة، تقرير من مركز الدراسات المصرية الأفريقية، جامعة القاهرة، 2001.

4-خالد وليد محمود,”التغلغل الاسرائيلي في القارة السمراء”,تقرير من مركز الجزيرة للدراسات,24 يناير 2012.

5- جوزيف رامز آمين,”أبعاد العلاقة المائية بين مصر وأثيوبيا”, تقرير المؤتمر الدولي حول آفاق التعاون والتكامل بين دول حوض النيل,جامعة القاهرة,معهد البحوث والدراسات الأفريقية,2010.

6- عبد الناصر سرور,”السياسة الإسرائيلية تجاه افريقيا بعد الحرب الباردة”,مجلة جامعة الخليل للبحوث,المجلد الخامس,العدد الثاني.

7- كمال أبراهيم, عودة إسرائيل الي أفريقيا “1980-1990”, مجلة الدراسات الفلسطينية , مجلد 1, العدد 2, 1990.

8- مجدي حماد، إسرائيل وأفريقيا: دراسة في الصراع الدولي، دار المستقبل العربي، 1986.

ثالثاً المواقع الالكترونية

1- آية دياب,”الصعود الإسرائيلي والتراجع العربي في أفريقيا”,جريدة الكرمل,شئون إسرائيلية,مايو2013,http://carmelpost.co/- ,10أبريل 2016 .

2- حمدي عبد الرحمن,عرض راندا موسي,”الأختراق الاسرائيلي لأفريقيا”,مجلة السياسة الدولية, http://www.siyassa.org.eg/NewsContent,22 مارس 2016.

3- حسين خلف موسي,”إثيوبيا بين التواجد المصري والحضور الإسرائيلي”,المركز الديموقراطي العربي,http://democraticac ,11 أبريل 2016.

4- خضر محمود عباس, الأمن القومي الإسرائيلي, مركز الوعي للدراسات والتدريب, فلسطين, 2003, , https://drabbass.wordpress.com , 21 مايو 2016.

5- سامح عباس,”العلاقات بين إسرائيل ودول حوض النيل”,6 يونيو 2010, ,http://islammemo.cc/Tkarer/Tkareer/2010/06/06/100615.html ,11 مايو 2016.

6- صالح النعماني,”حلف الأطراف” قصة التغلغل الأسرائيلي في افريقيا”,موقع الصحفي صالح النعماني,http://naamy.net/news/View 10 ابريل 2016.

7- عمرو أبو بكر,”التدخلات الإسرائيلية في دول حوض النيل,أثيوبيا والسودان نموذجاً”,يونيو 2015,http://www.fekr-online.com/article/ ,14 أبريل 2016.

8- محمود خليفة جودة,”العلاقات الإسرائيلية الاثيوبية في ضوء النظرية الواقعية”,المركز الديموقراطي العربي,https://democraticac.de/?p=748 ,13 أبريل 2016.

9- محمد البحيري,”إسرائيل وأثيوبيا علاقات سرية”,المصري اليوم,31 مايو 2013,http://www.almasryalyoum.com/news/details/213970,10أبريل 2016.

10- محمد البحيري,”إسرائيل وأفريقيا…الدور الإسرائيلي في أزمة مصر مع حوض النيل”,المصري اليوم,19 نوفمبر 2014,http://today.almasryalyoum.com ,10 ابريل 2016.

11- مختار شعيب, “أنشطة اسرائيلية مريبة في منطقة الشرق الأفريقي,جريدة الأهرام اليومي,21 سبتمبر 2013,http://www.ahram.org.eg, 16 مايو 2016.

12- عمرو أبو بكر,”التدخلات الإسرائيلية في دول حوض النيل”أثيوبيا نموذجاً”,4 يونيو 2015, ,7 مايو 2016.

13- نجوي رجب,”سدالنهضه أزمة وجود لمصر وإسرائيل في الكواليس”,2015,http://www.eda2a.com ,أبريل 2016.

14- اثيوبيا منصة انطلاق للقارة الافريقية,20 أبريل 2014,http://makkahnewspaper.com , 12مايو 2016.

15- البعد الثالث”أطماع خلف السد,جريدة البديل,29 يوليو 2015,http://elbadil.com ,10 مايو 2016.

16- سد النهضه الاثيوبي والعلاقات الاسرائيلية الاثيوبية,مركز الدراسات الإسرائيلية, 17 فبراير 2015,http://cis.org.jo1 , 16 مايو 2016.

17- موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية,  http://mfa.gov.il/ x, 20 مايو 2016.

18- حسام سويلم, الأهداف القومية الإسرائيلية وأستراتيجيات تنفيذها, المصدر: موقع الجزيرة الألكتروني,18 مايو 2016.

* خريطة توضح دول حوض النيل.

[2]) عارف عبدالقادر عبده سعيد، “التنافس الدولي في منطقة القرن الأفريقي منذ نهاية الحرب الباردة“، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2007، ص 305.

[3]) غادة محمد أحمد زيان، “السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر”، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014، ص 1.

[4])محمد السيد سليم ،تحليل السياسة الخارجية، (مكتبة النهضة العربية، القاهرة، ط2،1998)، ص8.

[5]) خضر محمود عباس, الأمن القومي الإسرائيلي, مركز الوعي للدراسات والتدريب, فلسطين, 2003, , https://drabbass.wordpress.com , 21 مايو 2016.

[6])تطور مفهوم الامن القومي الاسرائيلي, http://www.elmessiri.com, 21 مايو 2016.

7) اسماعيلمصطفي, “الامنالقوميالعربي” , القاهرة, مكتبةمبدولي, ص33.

[7]) محمد سالمان طايع, “محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل”, رسالة دكتوراة, كلية الأقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2005, ص52.

[9])حسين حمودة مصطفي حمودة,”العلاقات الإسرائيلية الافريقية منذ عام 1991م“,رسالة ماجستير,جامعة القاهرة,معهد الدراسات والبحوث الأفريقية,2008,ص69.

[10])أسامة عبدالرحمن الامين, “التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وأثره علي دول حوض النيل الشرقي“, جامعة السودان, كلية التربية, مجلة دراسات أفريقية, ص182.

[11])أسامة عبد الرحمن الامين, مرجع سابق, ص183.

[12])كمال أبراهيم, عودة إسرائيل الي أفريقيا “1980-1990“, مجلة الدراسات الفلسطينية , مجلد 1, العدد 2, 1990, ص273.

[13])حسين حمودة,مرجع سبق ذكره74.

[14])مرجع سابق,ص238.

[15])حسام سويلم, الأهداف القومية الإسرائيلية وأستراتيجيات تنفيذها, المصدر: موقع الجزيرة الألكتروني,18 مايو 2016.

[16])أسامة عبد الرجمن الامين,مرجع سابق184,183.

[17])عبد الناصر سرور,”السياسة الإسرائيلية تجاه افريقيا بعد الحرب الباردة”,مجلة جامعة الخليل للبحوث,المجلد الخامس,العدد الثاني,ص152.

[18])السيد فليفل(محرر),التقرير الاستراتيجي الافريقي 2002-2003,جامعة القاهرة,مركز البحوث والدراسات الافريقية,2004,ص409.

[19]) كمال أبراهيم,مرجع سابق, ص273.

[20])حمدي عبد الرحمن,عرض راندا موسي,الأختراق الاسرائيلي لأفريقيا,مجلة السياسة الدولية,http://www.siyassa.org.eg .,22 مارس 2016.

[21])خالد وليد محمود,التغلغل الاسرائيلي في القارة السمراء,تقرير من مركز الجزيرة للدراسات,24 يناير 2012,ص6.

[22])صالح النعماني,”حلف الأطراف” قصة التغلغل الأسرائيلي في افريقيا“,موقع الصحفي صالح النعماني,http://naamy.net/news 10 ابريل 2016.

[23])حسين حمودة,مرجع سابق58:55.

[24])نائل عيسي جودة,السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي وأثرها علي الأمن القومي العربي(1991-2011),رسالة ماجستير,جامعة الأزهر,كلية الأقتصاد والعلوم الأدارية,2015,ص108.

[25])مرجع سابق,حسام سويلم,ص1.

[26])مرجع سابق, ص2 .

[27])آية دياب,الصعود الإسرائيلي والتراجع العربي في أفريقيا,جريدة الكرمل,شئون إسرائيلية,مايو2013,http://carmelpost.com/ ,10أبريل 2016 .

[28]) موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية,  http://mfa.gov.il/ x, 20 مايو 2016.

[29]) نائل عيسي, مرجع سابق, ص57, وما بعدها.

[30]) مرجع سابق, ص73, وما بعدها.

[31]) *خريطة توضح موقع أثيوبيا والدول المحيطة بها.

[32])عمرو أبو بكر,التدخلات الإسرائيلية في دول حوض النيل”أثيوبيا نموذجاً”,4 يونيو 2015,http://www.fekr-online.com ,7 مايو 2016.

[33])محمد البحيري,إسرائيل وأفريقيا…الدور الإسرائيلي في ازمة مصر مع حوض النيل,المصري اليوم,19 نوفمبر 2014,http://today.almasryalyoum.com ,10 ابريل 2016.

[34])حسين خلف موسي,“إثيوبيا بين التواجد المصري والحضور الإسرائيلي”,المركز الديموقراطي العربي,https://democraticac.de/?p=1310 ,11 أبريل 2016.

[35])نائل عيسي جودة,مرجع سابق140.

[36])نجوي رجب,”سدالنهضه أزمة وجود لمصر وإسرائيل في الكواليس“,2015,http://www.eda2a.com ,أبريل 2016.

[37])جوزيف رامز آمين,“أبعاد العلاقة المائية بين مصر وأثيوبيا”,المؤتمر الدولي حول آفاق التعاون والتكامل بين دول حوض النيل,جامعة القاهرة,معهد البحوث والدراسات الأفريقية,2010,ص444.

[38])اثيوبيا منصة انطلاق للقارة الافريقية,20 أبريل 2014,http://makkahnewspaper.com , 12مايو 2016.

[39])عمرو أبو بكر,”التدخلات الإسرائيلية في دول حوض النيل,أثيوبيا والسودان نموذجاً”,يونيو 2015,http://www.fekr-online.com ,14 أبريل 2016.

[40])محمود خليفة جودة, العلاقات الإسرائيلية الاثيوبية في ضوء النظرية الواقعية, المركز الديموقراطي العربي,https://democraticac.de/?p=748 , 13 أبريل 2016.

[41])أسامة عبد الرحمن الأمين,مرجع سابق,ص18.

[42]) نائل عيسي جودة,مرجع سابق40:38.

[43])محمد البحيري,”إسرائيل وأثيوبيا علاقات سرية”,المصري اليوم,31 مايو 2013,http://www.almasryalyoum.com/news/details/213970,10أبريل 2016.

[44])سد النهضه الاثيوبي والعلاقات الاسرائيلية الاثيوبية,مركز الدراسات الإسرائيلية, 17 فبراير 2015,http://cis.org.jo/?p=431 , 16 مايو 2016.

[45]) صالح النعماني,مرجع سابق,http://naamy.net,10 ابريل 2016.

[46]) مختار شعيب, “أنشطة اسرائيلية مريبة في منطقة الشرق الأفريقي,جريدة الأهرام اليومي,21 سبتمبر 2013,http://www.ahram.org.eg, 16 مايو 2016.

[47])سامح عباس,العلاقات بين إسرائيل ودول حوض النيل,6 يونيو 2010, ,http://islammemo.cc/Tkare.html ,11 مايو 2016.

[48])البعد الثالث”أطماع خلف السد,جريدة البديل,29 يوليو 2015,http://elbadil.com ,10 مايو 2016.

[49]) خالد وليد محمود, مرجع سابق.

1/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى