المرأة والشريعة الاسلامية في عالمنا العربي
بقلم – كريم حمود راضي الشافعي
إذا كانت الوضعية الحقوقية والاجتماعية للنساء في البلدان العربية الإسلامية، تطرح العديد من الإشكاليات من منظور حقوق الإنسان، وتدفع إلى إثارة العديد من التساؤلات، فإن من أهم التساؤلات تلك المتعلقة منها بنوعية العلاقة بين مكانة النساء في المجتمع، ومدى تمتعهن بالحقوق الأساسية التي تتضمنها المواثيق الدولية وبين الشريعة الإسلامية.
ففي إطار تنامي الوعي بحقوق الإنسان بالوطن العربي في العقدين الأخيرين، ووعي النساء بحقوقهن ورغبتهن في ممارستها كاملة، ظهر أن إحدى العقبات التي تنتصب أمام الحديث عن الحقوق الإنسانية للمرأة هي التصور الذي يملكه المسلمون عن مكانة المرأة ضمن التصور الإسلامي للمجتمع
فبأسم الإسلام تقاوم الكثير من التعديلات في مكانة ووضع المرأة في المجتمع، التي تطالب بها المنظمات الحقوقية وبشكل خاص المنظمات النسائية , وباسم الإسلام تعتبر المطالبة بتغيير قانون الأسرة الذي يتضمن أحكاما أغلبها اجتهادات متجاوزة، ردة وكفرا , وباسم الإسلام تمنع النساء في بعض البلدان العربية من حق الانتخاب، وتصدر في ذلك فتاوى دينية , وباسم الإسلام تحرم الأم من منح جنسيتها لأبنائها وباسم الإسلام……..الخ.
كما انه باسم الإسلام تمتنع بلدان عربية إسلامية من التوقيع والتصديق على اتفاقيات تمنع أشكال التمييز ضد المرأة وارتبط التصديق عليها من طرف الدول العربية الإسلامية الأخرى بتحفظات على مضمونها.
في واجهة أخرى وفي ارتباط مع نفس التساؤل، أي التساؤل عن علاقة الإسلام بمكانة النساء في المجتمعات العربية الإسلامية، نجد أولئك الذين لا يتحدثون باسم الإسلام، ويعتبرون أن الدفاع عن حقوق النساء لا يمكن أن ينطلق من الشريعة الإسلامية لأنها في نظرهم مؤسسة على تفضيل الذكور على الإناث ولأن النصوص المقدسة تؤسس بين الجنسين علاقة سلطة، وتعتبر المرأة مساوية لنصف الرجل في الإرث والشهادة وتمنح الرجل حق التزوج بأربع نساء، وتعتبر المرأة ناقصة عقل ودين …نحن إذن أمام أطروحتين مختلفتين في المنطلق وفي الأهداف.
.الأطروحة القائلة بأن مبدأ المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية هو مبدأ دخيل على الاسلام ومستورد بفعل الغزو الثقافي والحضاري الذي خضعت له الابلدان الاسلامية , وبالتالي فالتمييز بينهما له طابع مقدس باعتبار التمايز بينهما في الطبيعة والادوار تتحقق انطلاقا من الشريعة الإسلامية، أي أن المطالبة بتمتع النساء في البلدان العربية الإسلامية بالحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية لا يمكن أن تؤسس على التصور الإسلامي بل يجب أن تبنى على تجاوزه.
.الأطروحة الثانية تنطلق من الدعوة إلى المساواة بين الجنسين وتعتبر أن هذه المساواة لا يمكن أن تكون خروجا على النص الشرعي بل هي تأسست عليه لكن ضمن حدود مقيدة فهل نقبل ببساطة هذا الاستنتاج، أي أن الإسلام في نصوصه الأصلية رسم بشكل نهائي وضع المرأة في المجتمع، وأنه يتعارض مع تغيير هذا الوضع؟ أم أن تصورات المسلمين هي التي لعبت دورا أساسيا في تقديم صورة للمرأة ككائن قاصر يحتاج إلى وصاية دائمة، أي أن الأمر يتعلق بمسلمين يعيشون بقلق صعوبة تغير العقليات وضرورة التكيف مع الحداثة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بما يمس العلاقة بين الرجال والنساء.
أن تهميش النساء في المجتمعات العربية الإسلامية الحالية هو وليد تصورات المسلمين وليس نصا شرعيا مسلما به وقد عمل البعض من خلال الاجتهاد لهذه النصوص خدمة للتمييز بين الجنسين.
لذلك يجب الرجوع إلى المصادر الأصلية للشريعة الإسلامية والإنصات إليها من خلال الاجتهادات الفقهية الأخرى التي لم تطوع النصوص الكريمة ولم تقم بقراءة انتقائية لها، والتي هي في أغلبيتها من الاجتهادات الفقهية المنسية أو غير المعروفة أو التي تم تجاهلها لأنها لا تخدم التمييز بين الجنسين ولأنها تزعج من يعيشون صعوبة الانتقال من أشكال العلاقات التراتبية بين الرجل والمرأة إلى المساواة بينهما