مقالات

نحن شعب دائم الشكوى

بقلم- كريم حمود راضي الشافعي

 

نحن شعب دائم الشكوى … اختارتنا ارادة الله ان نكون خير امة اخرجت للناس …لكننا اخترنا لأنفسنا ما هو دون ذلك بكثير..رضينا بالخنوع , قبلنا ان نكون تابعين … تنازلنا عن الصولجان لنمسك بدلا عنه فأسا , وحطمنا بهذا الفأس ماترك لنا الاجداد… ثم عدنا لنمارس هواية النواح على ما فقدنا … فقد اصبحنا لا نجيد غير النواح , ولاحيلة لنا سوى الشكوى.

نعبد الحاكم في العلن ونلعنه في السر… ندعي طاعة الله وتركنا كل دروب البر… ضعفنا صنع جبروت الحاكم , ونفاقنا جعلنا بعيدين عن رحمة الله … نقول ما لا نفعل … ونفعل ما تستنكره كل القيم … نجلد ذاتنا .. نمتهن كرامتنا .. نفرط بإرثنا … نستصغر ولا نوقر كبيرنا … نقبل يد من يملك الدينار ويحمل السيف ..صرنامجتمعاهجينا… ما عدنا نفرح بقدوم الضيف … نسائنا آمرة … ورجالنا صاغرة … واجيالنا حائرة … لبسنا ثياب المدنية ونسينا ان نتطهر من دنس الجاهلية , فصار منظرنا جميلا ورائحتنا نتنة … فقدنا عفتنا … فرطنا بعزتنا …ضيعنا كل سبل النجاة … وجلسنا نبكي على ماض لن يعود … فنحن لا نعرف غير الشكوى.
متى نعي الحقيقة ؟ متى نفهم ان عدونا الذي يقتل اطفالنا يأكل خبزا عربيا , ويتزود بذخيرة عربية , ويحتمي في بيت عربي , ودليله في الصحراء عربي ؟ … متى نتنازل عن كبريائنا الفارغة ؟…. متى نتطهر من آثامنا؟… متى تستيقظ ضمائرنا ؟…

متى نكف عن اتهام الذئب بأكل اخينا؟… متى نقول لأبينا يا أبانا نحن مخطئون؟… ونطلب منه الصفح ونسأله ان يدعو لنا… فعسى ان تدركنا الرحمة …وتزول عنا الغمة … ونعود كما كنا …. نعود لأدميتنا … نعود لإنسانيتنا …نعود لنرتدي ثوب الكرامة …نتحلى بالشرف والنخوة والشهامة… تعود ديارنا عامرة … ومرابعنا زاهرة … تعود قلاعنا حصينة , ومضاربنا منيعة … وقبل ذلك كله نستعيد ثقتنا بالله …. ونكف عن الشكوى.

نعم .. خيرنا كثير , لكن عطاؤنا قليل … نعم بيتنا كبير , لكنه متهالك …نعم تاريخنا ناصع البياض , لكن حاضرنا اسود … نعم نحن اصحاب حضارة ,, لكننا انشغلنا بملذاتنا وتركنا ارواحنا وعقولنا تتعفن في مواخير من كانوا عبيدا لنا وصاروا الان سادتنا … فغدونا اسرى الفضيحة , وصرنا نخشى ان تطلع الشمس وينبلج الصبح كي لا تنكشف عوراتنا . واكتفينا بالبكاء والشكوى.
المتشائمون منا يعتقدون اننا بحاجة لمعجزة … لكننا لا نحتاج لأكثر منيقظةعقلوصحوة ضمير … نحتاج جيلا قادرا على ان يحلم … نحتاج محمدا يحطم اصنام جاهليتنا … نحتاج صديقا يؤتمن على مصيرنا … نحتاج عمرا يعيد الينا عدالتنا … نحتاج عثمانا يحمل مشعل هدايتنا … نحتاج عليا يجندل من تطاول على كرامتنا ,, وكل هؤلاء فينا فتعالوا نعود اليهم … تعالوا نهتدي بهديهم … تعالوا لنقتدي بهم … أليسوا ابائنا ؟ أليسوا اجدادنا ؟ لماذا ابتعدنا عن هديهم كل هذا البعد ؟ …

لماذا فرطنا بكل ما تركوا لنا ؟ .. لماذا استبدلنا المجد الذي ورثناه عنهم بالذل ؟ … فتعالوا لنكف عن اللوم… ولنغتسل ونتطهر من آثامنا … تعالوا لنتحرر من قيود جاهليتنا … تعالوا لنأخذثأرنا من انفسنا … فما ظلمنا احد , نحن ظلمنا انفسنا …لأن ذاتنا الدنيا أجرمت .. وذاتنا العليا تعطلت .. وضميرنا كان نائما .. تعالوا لننتفض على واقعنا … تعالوا لنحلم … فهل هذا مستحيل؟ … نعم فمجرد الحلم يعني ان عقولنا بدأت تتعافى ..وان بصيرتنا عادت الينا .. واصبحنا نقترب من جادة الصواب ونبتعد عن دهاليز الظلام … تعالوا لنكون صقورا لا خفافيش … تعالوا لنمسك السيف بيد والقلم باليد الاخرى… تعالوا لنجعل المحبة و السلام رسالتنا … نعم ليكن السلام هدفا ورسالة … ولنترك كل ما سوى ذلك ولنغفر لأنفسنا زلاتها ونكف عن النواح والشكوى.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى