مقالات

قراءة في مشاركة مصر كضيف شرف بالمعرض الدولي للكتاب بالجزائر

الجزائر – فريدة روطان – باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

جاء شعار المعرض الدولي للكتاب هذه السنة بعنوان :”الكتاب تواصل دائم”،تأكيدا على إستمرارية الكتاب المطبوع كمصدر أساسي للثقافة والمعرفة رغم وسائل التكنولوجيا المتطورة التي باتت تشكل تهديدا لوجود الكتاب الورقي، وقد كانت مصر في هذه الدورة ضيف شرف أين أثنت النخبة المثقفة الجزائرية على حسن اختيارها كضيف شرف وعلى مشاركتها بالحجم الهائل من الاصدارات وأجمعت الطبقة المثقفة كذلك على ضرورة دعم التعاون الثقافي بين مصر والجزائر وتعزيزه لينعكس بالايجاب على مختلف القطاعات مستقبلا.

لقد صرح البروفيسور بوحنيه قوي أستاذ التعليم العالي ، وعميد كلية الحقوق بجامعة ورقلة الجزائرية ورئيس وحدة دراسات بناء الدساتير ، ومدير مختبر الديموقراطية التشاركية على هامش مشاركته باصدارات متنوعة بالمعرض الدولي للكتاب هذه السنة وهي كالتالي:

الجزائر والتهديدات الامنية الجديدة من مكافحة الارهاب الى هندسة الأمن، العدالة الانتقالية في التجارب العربية الحقيقة والمصالحة وأولويات السلم الأهلي، حوكمة التنمية المستدامة الادارة الالكترونية وآلية الحوكمة المحلية دراسة لبعض المؤشرات والنماذج صرح حول اختيار مصر كضيف شرف السنة بالمعرض الدولي للكتاب أنه يعكس الاعتراف الجزائري بالدور الثقافي التنويري الرائد لمصر ، فمصر كما يقول البروفيسور رائدة في صناعة وتسويق وطباعة الكتاب بكافة أنواعه، وبحكم العلاقات التاريخية بين البلدين فالجزائر أرادت تقديم صك اعتراف ضمني يعكس عمق العلاقة بين البلدين ، ويضيف أنه لايمكن انكار تنوع الثقافة المصرية وتنوع انتاج نخبها ،فعندما تكتب مصر فالعالم العربي يجب أن يتابع برؤية نقدية ،كما أن مصر تمتلك رصيدا ايجابيا في فن طباعة الكتاب .

وبشأن رأيه حول امكانية تطوير التعاون المشترك بين البلدين يرى البروفيسور أن العلاقات بين مصر والجزائر هي علاقات تاريخية فيها جوانب مشتركة لتاريخ البلدين ولكن التعاون الأكاديمي يضيف البروفيسور أنه غير كاف ويجب تحويله الى شراكة استراتيجية ثقافية متكاملة كإقامة تظاهرات ثقافية مشتركة في المسرح والأدب والموسيقى،والاطار الأكاديمي كتبادل الزيارات الجامعية وابرام اتفاقيات التعاون العلمي في مجال النشر والاشراف، وكذا تأسيس برامج بث مشتركة في مجال البث الاذاعي والتلفزي .

ويضيف الأستاذ أن تعزيز التعاون الثقافي قد ينعكس بالإيجاب على القطاعات الاخرى كالسياسة والاقتصاد كون أن الثقافة هي مفتاح التغيير الحقيقي وهنا يضرب مثال بالثقافة الديموقراطية التي تنتج نخبا ديموقراطية ، ويؤكد الدكتور أن الثقافة دائما مرتبطة بالجوانب الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية فيلخص ماقاله أن المدخل الثقافي كفيل بإحداث التغيير الحضاري والاقتصادي للشعوب،وفي اجابته عن سؤال حول كيف يمكن الدفع بالمزيد من المشاركة والتبادل بين البلدين يشير الاستاذ بوحنيه هنا الى دور الديبلوماسية الشعبية التي يعتبرها أهم بكثير من العلاقات السياسية الرسمية ويقول أننا نطمع في بناء علاقات بين المجتمعات المدنية والنخب الثقافية بين الشقيقتين لأنها مفتاح لما يمكن تسميته بالديبلوماسية الشعبية لأنها تمتلك مقومات الاستمرارية ، ولايمكن لأي جاحد أن ينكر عمق ماقدمته مصر للجزائر خلال ثورتها المجيدة ، كما لايمكن نكران وقوف الجزائر مع مصر في محطاتها المفصلية التاريخية والسياسية ، ويعتبر البروفيسور بوحنيه أن هذه المواقف هي التي تشكل الاسمنت المسلح لما يمكن أن يعصف بمقومات هذا البناء المتماسك لعلاقات الشعبين ، ويضيف قطاع هام جدا لتعزيز وتمتين العلاقات الجزائرية المصرية وهو قطاع الديبلوماسية البرلمانيةويتجلى ذلك من خلال الدفع باللجان المشتركة البرلمانية بين البلدين في المجلات الاستراتيجية للثقافة والأمن والاقتصاد وهو مامن شأنه أن يعمق آليات التعاون المشترك في أبعاده الاقتصادية .

الأستاذ سعداوي عمر أستاذ العلوم السياسية بجامعة بومرداس باحث مهتم بالشؤون الأمنية والاستراتيجية مشارك بالمعرض الدولي للكتاب بإصدار بعنوان العدالة الانتقالية في التجارب العربية الحقيقة والمصالحة وأولويات السلم الأهلي:

و لدى تقييمه لمشاركة مصر في المعرض الدولي للكتاب أن الحديث عن حضور مصر بالمعرض الدولي هذه الدورة كان أمرا طبيعيا بل لو غابت كان الأمر غير طبيعيا وهذا راجع للحضور المصري الدائم بالمعرض الدولي للكتاب بالجزائر منذ انطلاقه ، ومن جهة أخرى فان الحضور المصري هذا العام كان لافتا للانتباه من غدة نواحي سواء من ناحية عدد الناشرين الذي تجاوز 85دار نشر ، بالإضافة الى وزارة الثقافة المصرية التي كانت حاضرة بفروعها المختلفة على غرار المركز القومي للترجمة كون مصر كانت ضيف شرف الطبعة ، ويعتبر الأستاذ إن عمق التواجد المصري في الثقافة والأدب الجزائري يعود الى العلاقات المصرية الجزائرية في شقها الثقافي والأدبي الذي لايمكن فصله عن التاريخ المشترك بين البلدين وهذه العلاقة يضيف الأستاذ ضاربة بجذورها في التاريخ لتقف الأهرامات شاهدا على متانتها وذلك من خلال الحديث عن كليوباترا سيليني التي يحتضنها تراب مدينة تيبازة بالجزائر ، وهي ابنة كليوباترا ملكة مصر ، وكذا دور مصر في دعم الثورة التحريرية الجزائرية المجيدة بالسلاح والاعلام وكانت مصر حقا نافذة الجزائر على العالم ، لذلك نجد جل الكتاب الجزائريين وخاصة المؤرخين منهم يشيرون لهذا الدور الريادي الذي لعبته مصر ، وفي مرحلة مابعد الاستقلال يستشهد الأستاذ بدور الجزائر في حرب التحرير المصرية سنة1973 بعد أن دفعت بأبنائها ليرووا بدمائمهم أرض مصر وهو ماشكل محطة مهمة في تشكيل عقيدة الانسان الجزائري الذي يؤمن بوحدة الأمة العربية هذا الوضع انعكس بالإيجاب على العلاقة بين البلدين وترجمت تلك العلاقة في معرض الكتاب بنشر العديد من أعمال الكتاب الجزائريين في دور نشر مصرية على سبيل المثال لاالحصر نجد أن دار العين المصرية مثلا شاركت بما يقارب 15عنوان جديد هذا العام لكتاب جزائريين .

الأستاذ الباحث سمير قلاع الضروس ، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تيسمسيلت الجزائرية ، مشارك بالمعرض الدولي للكتاب بإصدار بعنوان:مقدمة في دراسات السلام والأمن في نظرية العلاقات الدولية :

يقول الأستاذ بشأن مستقبل التعاون الثقافي بين مصر والجزائر وبصفته مشاركا بالمعرض الدولي للكتاب وكملاحظ أنه جد متفائل بمستقبل التعاون بين البلدين وهذا ماصرحه وزيرا ثقافة البلدين على هامش زيارتهما للصالون الدولي للكتاب سيلا2016وبشأن امكانية أن ينعكس التعاون الثقافي بالإيجاب على الميادين الأخرى يجيب الأستاذ أن مصر لم تكن هذه السنة ضيف شرف فقط بل كانت صاحبة البيت نظرا لرصيدها الثقافي في كل المجلات ونظرا لكثرة دور النشر المصرية وتم ابرام العديد من الاتفاقيات بين البلدين كما تم دعوة الجزائر لتكون ضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب سنة2018وهي أولى ملامح الانعكاسات الايجابية للتعاون الثقافي ،ويضيف الأستاذ قلاع الضروس أن العلاقات السياسية والديبلوماسية بين الجزائر ومصر متميزة وأن كل تعاون ثقافي ينصب عليه أرباح اقتصادية للبلدين وينعكس بالإيجاب في مجاله السياسي .

الأستاذ الرن عبد القادر نائب رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة بومرداس بالجزائر، مشارك بالمعرض الدولي للكتاب السنة بإصدار بعنوان :المجتمع المدني العربي في ظل العولمة من الاقليمية الى العالمية :

يقول في حديثه عن الملاحظات التي تم تسجيلها من خلال مشاركة مصر كضيف شرف يعتبر الأستاذ أن الحضور المصري دائما متميز من حيث عدد دور النشر أو من حيث عناوين الكتب التي تم عرضها، علما أن الكتاب المطبوع في مصر هو أقل سعرا مقارنة بكثير من البلدان العربية الأخرى الشيء الذي يعطي ميزة تنافسية حيث يفضل القراء والطلبة الطبعات المصرية لأنها في متناول قدراتهم الشرائية ،وفي رأي الأستاذ حول امكانية وجود خطة لزيادة التعاون الثقافي بين مصر والجزائر يتأسف الأستاذ لغياب خطة واضحة لزيادة التعاون الثقافي وتبقى مثل تلك المبادرات رهينة المناسبات ولاتوجد خطط واضحة و طويلة هي هذا المجال ماعدا بعض الاتفاقيات الشخصية بين دور النشر الجزائرية والمصرية للتعاون في مجال الطباعة والنشر.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى