ثقافة حكومة السلطة ، وسلطة الشعب
بقلم: عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
للشعوب مقاييس واضحة في إظهار مدى تعلقها بالحرية وإصرارها على الحياة بشكل حر وكريم و مهما يكن من شيء أن أستتباب الأمن الذي تنشده المجتمعات في الوقت الحاضر ، يرتبط ارتباطا وثيقا بالفلسفة الكلية التي تحكم سياسة الدولة لجهة العلاقة بين الشعب والسلطة ، تتمثل بالنظم التي تعتمد على القاعدة الجماهيرية فالبقاء في السلطة رهين بارادة الشعب اذا ما كان حراً، وليس بأرادة الجهلة والحقوق لا تؤخذ اذا ماكانت موجودة بالتصرفات الصبيانية .
يعتمد النظام او الحكومة على اعتراف الشعب به كجهاز مسؤول في تنظيم الشأن العام و من الحق المكتسب عبر الاعتراف به من مجموع طبقاته ( انتخاباً ) و يصبح واجب احترام القانون و العمل وفق التشريعات الصادرة من مؤسسات الحكومة المختصة .، بمبادئ وتحت ظل مرجعية تستند اليها في تحديد الامور وتوجيه مساعيه بالشكل الذي يتلاءم مع طبيعته ويستجيب لاهدافه بمعطيات الظروف الحاصلة من أجل إدارة البلد .
القيام بواجبها تعتمد على استخدام الموارد المالية التى توجه بها الدولة وترعى البشرية وتوفر مستلزمات الحياة الطبيعية أي توظيف المواطنين في مؤسسات الدولة او ايجاد العمل عن طريق تسهيل القوانين التي تخصهم و التحكم على مصادر الدولة المالية الزراعية والنفطية والتجارية وهدايتها نحو بناء المجتمع اقتصاديا وثقافيا وترسيخ المفاهيم السليمة فيه. هنا يتحتم على المواطن أن يشارك مع الحكومة لاستكمال بناء دولة مدنية متطورة وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة كأساس لتحقيق حياة أفضل بين افراده ، وذلك من خلال رفع جودة الخدمات العامة وتأكيد ثقافة تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الفقراء ومحدودي الدخل ومراعاة عدم تأثرهم ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتضمنه برنامج الحكومة.
ان اجهزة الامن والقوات العسكرية جزء من دوائر عمومية لخدمة الفرد والمجتمع وصيانة الحدود والمكتسبات، لايمكن استغلالها من اجل ضربه ، و الحكومة التي تقبلها النظرية الديمقراطية هي الحكومة التي تقر بسيادة الشعب وتكفل الحرية والمساواة السياسية بين الناس تخضع فيها السلطة صاحبة السلطان لرقابة رأي عام حر له من الوسائل القانونية ما يكفل خضوعها لنفوذه.فمن غير المعقول قبول قيود جائرة تعرض بالقوة دون حق مشروع قصد التحكم في حياته ومنعه من التعبير عن ذاته بحرية دون المساس بحرية الاخرين بالشكل الذي يجعل افراد المجتمع التمتع بكامل حقوقهم الاساسية ومنع الاعتداء عليهم
ان الحروب التي تخوضها الدول الديمقراطية علي ضخامتها فانها حروب من اجل مصالح الدولة المشروعة , و ليست حروبا ضد الشعب الذي يمثل اهم عناصر الدولة , وتختلف من ذلك المنهج الذي يسود الانظمة الاستبدادية التي تحكم دولها بحكم انها لا تستمد شرعيتها من ارادة الشعب ، وتتناقض مع تلك الممارسة ، فهي تبطش بشعبها وفي هذه الحالة يكون الهاجس الاساسي للانظمة القمعية الخطر المتوقع من شعوبها عندما تنهض لتطالب بالحرية والحقوق. عليه من الطبيعي ان توجه رجالات الامن التي بنتهم لصيانة مصالح الحاكم نحو بطش شعوبها و تعمل المستحيل من اجل بقاء هذه الانظمة القمعية والمحافظة على ديمونتها و ترتكب ابشع الجرائم في سبيل اسكات صوت الجماهير متى ما تحركت تطالب بحقوقها ، وتكون مضطرة لتضخيم دور الاجهزة الامنية من حيث العدد والامكانيات والصلاحيات و كلما اتسعت مساحة العداء الداخلي للنظام الاستبدادي تضاعفت التدابير القمعية ، رغم كل ذلك تبقى ارادة الشعب هي التي تحكم بالاخر.
ان تمسك الحكام بالسلطة واصراهم على الحفاظ بها والتمتع بامتيازاتها . جعلهم يعتمدون على القوى للحصول عليها بممارسات مفتعلة لتثبيت حكوماتهم مما حال دون قيام نظم حقيقية تكون بقيادة افراد البلد.ومن هنا
ترى عندما تشرق شمس الانعتاق والحرية ونظام يهم ابنائه الفرق في الجهد الامني الموجه تقوده الجماهير اساساً لا بلعبثية ولا يأخذ اولويته في الانفاق العام مثلما يحدث في الكثير من البلدان التي تسيطر عليها انظمة مستبدة ، ففي الكثير من دول العالم التي لا تهددها مخاطر خارجية وفيها استقرارسياسي وامني لا تحتاج الى جيوش نظامية متفرغة كما هو الحال في بعض بلدان العالم مثل سويسرا ومختصرة مثل السويد وكوستاريكا ,فالقوات الامنية تقتصر على الشرطة المجتمعية لاغراض التأمين البسيط للافراد ضد الجرائم العادية .
ومن اوجه التصالح بين السلطة المخلصة والشعب في مجال الامن هواحداث تغيير يبدأ من الإنسان و المجتمع للإنتقال من الاستبداد إلى الحرية و هذا هو الأمل و الهدف المنشود أي التحول إلى حق الشعب في بناء دولة المواطنة و الحقوق و الواجبات الملقاة على عاتق كل منهم .