الكتب العلمية

الوعي السياسي في الريف المصري

المؤلف : د. صبرى بديع عبد المطلب الحسينى

تحميل نسخة pdf –الوعي السياسي في الريف المصري

الطبعة الأولى “2017″ – كتاب “الوعي السياسي في الريف المصري”

جميع حقوق الطبع محفوظة: للمركز الديمقراطي العربي ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو اي جزء منه أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن مسبق خطي من الناشر .

 

مقدمـة :-

       يحتل الوعى السياسى لدى الصفوة محور اهتمام الدوائر الاجتماعية والسياسية ، كما يحتل مكانة مميزة فى حقل اهتمام علم الاجتماع السياسى . نظراً لأنه إحدى موضوعات التقاء التخصص الاجتماعى بالسياسى فالسياسة ليست مجرد أشخاص حاكمين ومحكومين ، ولكنها أيضاً ثقافة سياسية تصهر الحاكمين والمحكومين فى بوتقتها وتنظم علاقة الصراع والتعاون بينهما . فالشأن السياسى هو الركيزة الأساسية للتحليل الوظيفى والنسقى كما بلورة ” بارسونز – ميرتون ” عندما تحدثا عن نسق الثقافة جنباً إلى جنب مع نسق الشخصية ، والنسق الاجتماعى . لكن الثقافة السياسية لها آليات لاكتسابها وموائل تنهل منها تكمن فى المجتمع وتنظيماته وقيمة وعقائده وعليه فإن الوعى السياسى هو الآلية التى بمقتضاها يتكون الإنسان السياسى وتتبلور الثقافة السياسية لمجتمع ما .

كما أن الوعى السياسى يحال دائماً إلى التنشئة الاجتماعية والسياسية باعتبار الأخيرة إحدى المحددات الرئيسية للوعى السياسى . فالإنسان السياسى يصنع ويشكل اجتماعياً قبل أن يبدأ مهمة ممارسة السياسة ونوع وطبيعة التنشئة الاجتماعية والسياسية أولاً ، والوعى السياسى ثانياً والذى يتلقاه المواطن وهو يحدد طبيعة سلوكه السياسى ويحكم نظرته لنفسه وللمحيط الذى يشتغل فيه وعليه .(1)

ومن ثم فسمت اهتماماً متزايداً من جانب النظم السياسية – خاصة فى مجتمعات العالم السياسى – حيث اتجهت هذه النظم إلى محاولة الارتفاع بمستوى الوعى السياسى لدى جماهيرها لربطها – أى الجماهير – بالأهداف القومية ، وذلك عن طريق تنشيط المواطنين سياسياً وتغيير اهتماماتهم الشخصية ومواقفهم واتجاهاتهم إلى اهتمامات ومواقف عامة لدفعهم للمشاركة فى العمل العام وتقليل نسبة الفتور السياسى بين المواطنين ، وذلك عن طريق استخدام تأثير وسائل الاتصال الجماهيرى الحديثة .(2)

وتكاد تكون محاولة صياغة تصور حول الوعى عموماً محاولة مستمرة مع الفكر الإنسانى وعبر مسيرته الطويلة فقلما نجد مفكراً جديراً بهذه التسمية إلا وكان له موقف أساسى من مسألة الوعى ، ورغم استخدام هذه الكلمة كثيراً على لسان الساسة والباحثين والعامة ، فإن مفهومها لايزال مفهوماً مشكلاً يكتنفه قدر من الغموض ، نتيجة لكثرة ما قيل عنه ومعه وضده ، وتأثر معظم ما قيل بتوجهات ومصالح أيديولوجية فالنظرية البنائية التى كانت ولايزال لها غلبة الانتشار والاستمرار فى الفكر السوسيولوجى الإنجلو أمريكى عموماً تغافلت عن عمد موضوع الوعى لأسباب كثيرة من بينها أن الوعى مقولة ماركسية ، وبالتالى يعنى العمل بها حتى ولو تم تغير مضمونها ووظائفها وهذه نقطة تحسب للماركسية . أما الماركسية فمع أنها أكدت فى العديد من مؤلفاتها أن الوجود الاجتماعى يحدد الوعى ، بالإضافة إلى اهتمام هذه النظرية بالوعى الاجتماعى بصفة عامة والوعى السياسى كمطلب لعمل الطبقة المتواصل لتغير البناء الاجتماعى بصفة خاصة فإن ما احتوته حول الوعى ومستوياته والعوامل المؤثرة فيه يكاد يكـون أفكاراً مبعثرة ولم تحظ  بالاهتمـام الكافى كغيرها من المقولات والقضايا فى النظرية الماركسية .(1) ولهذا فإن الجهد الأكبر الذى لايزال يبذل للسير نحو صوغ نظرية حول الوعى وإن اعتمد على الإطار العام للمادية التاريخية – النظرية السوسيولوجية الماركسية فهو يأتى من خلال ممارسة الماركسيين الجدد ، والراديكاليين عموماً للفكر والبحث والعمل العام فهناك من الباحثين السوسيولوجين المعاصرين – من أمثال السوسيولوجى البريطانى ماكنتير  A- Macintarye يرون بأن البناء الاجتماعى يوجد فقط فى رءوس أعضاء هذا البناء وعقولهم بمعنى أن الوعى هو الذى يحدد البناء ، ومع أن هذا البناء واقعى أكبر من محصلة وعى الأعضاء المشاركين فيه فإنه يمكن القول أيضاً أن ما فى عقول الناس لا يصور البناء الاجتماعى تصويراً واقعياً لا فى حالة كون هذا الوعى زائفاً فقط ، ولكن لأنه يشترط كيما يعبر الوعى عن البناء توفر ظروف موضوعيه بنائية فى جوهرها .(2) فمثلاً يعتقد عدد من الأمريكيين فى الولايات المتحدة أن بإمكان كل منهم أن يصبح رئيساً لها ، ومع أن هذا غير ممكن فى كل الأحوال حتى ولو كان هذا الشخص مليونيراً أبيضاً لشروط وظروف بنائية عديدة وإذا كان ثمة أناس فى هذا المجتمع أو ذاك يرون بأن أوضاع بنائهم الاجتماعى أضحت ظالمه ، وأن الطبقة المسُتغلة يمكن التغلب عليها وتحطيمها فإن رؤياهم هذه تكون صعبة التحقيق إن لم تكن مستحيلة ما لم تتوافر ظروف ضرورية كتنظيم الطبقة جماعياً وإدراكها لمصالحها فضلاً عن اللحظة التاريخية للبناء وأوضاع القوة السياسية والاقتصادية والتحالفات الداخلية والخارجية ….الخ .(3) فإذا كان هناك من أنصار الماركسية من يفسرونها تفسيراً ميكانيكياً فجاً يذهبون من خلاله إلى أن وعى الطبقات المستقلة يفضى تلقائياً إلى تغيير أوضاعها أو إلى أن التناقضات الاجتماعية تفضى مباشرة إلى تغيير الأوضاع فهم بذلك يبترون النظرية ويفقزون على الواقع الموضوعى ، ولقد أفضت مثل هذه التوجهات مع غيرها إلى تعثر فى التطبيق وإلى النتائج غير تلك التى قصد تحقيقها .

  • الناشر: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية
4.8/5 - (5 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى