صدق ظني بشعبي
بقلم : د.عادل حسين – المركز الديمقراطي العربي
لقد أشرت يوم 16 أوت 2019 الى أن انتخابات 2019 الرئاسية و التشريعية بتونس سوف تكون قاسمة بالنسبة للعديد من الذين يظنون انفسهم أن بدونهم لا يمكن ان تدار الدولة و دواليبها .
كما أشرت الى أن الانتخابات الامريكية و الاوروبية التي أتخذت صبغة القومية ” first America” لها تداعيات على ذهنية المثقف و المفكر و وعي الانسان العربي سيما التونسي من ناحية ، و من ناحية أخرى سوف تعمل على اثارة النزعات الباطنية لعامة الشعوب خاصة الشعب التونسي .
و بالتالي ، سوف يرى البعض أن عملية الاختيار و التقييم سوف تكون على قاعدة الوجود و البحث عما يستعيد مقومات التمييز و المحافظة و السيادة الوطنية أمام الاخر .
الأحزاب التي ترى بعين واحدة و تختزل شعبا، بما فيه من مفكرين و مثقفين و طاقات على جميع الأصعدة، في ذاتها و منظوريها ، هي أحزاب فاشلة و قد فشلت و لم تكن لها الجرأة حتى في تقديم مشاريع قوانين آنفا و حاضرا ، فكيف يكون ذلك في المستقبل؟
علما و أن أكثر التونسيين الاحرار و الكفاءات و الشرفاء قد تمّ ابعادهم من المشهد السياسي و في عملية الخوض في الشأن العام من ناحية ، و من ناحية اخرى هم الذين قرروا عدم المشاركة في هذه النكسة ، لان المسار توجه التوجيه الخطأ …
لكن الان سوف نكتشف ان المسار سوف يتغير و أن الشباب قد تعلّم الدرس، خاصة بعدما شاهد ما يحدث الان في الجزائر و بقية البلدان التي تشهد تحركات شعبية، و أن الاحزاب التقليدية الفاشلة لن يكون لها فاعلية كما كانت عليه من قبل و لن يكون لها تأثيرا على المشهد السياسي في تونس و سوف ترى المفاجئة الكبرى .. و لا ننس أن هناك العديد من العناصر الموضوعية قد دخلت على الخط و التي تشكل قاعدة تقييمية للعملية الانتخابية . و أن الخطاب الرديء و خطاب الوصاية و خطاب أنا و لا أحد قد ولى و أصبح من التاريخ في العقلية التونسية ، إلا عند بعض الذين مازالوا يعتقدون ان منظوريهم الى الان هم تبعا لهم، خوفا من المستقبل ، و نفس وقت مازالوا يدّعون النضج السياسي و هم مصابون بالفعل” بالشعبوية” ابتغاء رضاء النفس و ما من وراء ذلك … و خطاب المنظومة التي تستند الى الاموات في تقرير مصير الاحياء قد أصبح سلعة بالية و رثة و لم تعد تنطلي على الاحرار الحقيقيين الذين يريدون بالفعل الارتقاء و السمو بالبلاد دون مقابل.
و ها هو قد تأكد ما اشرت اليه انفا من خلال النتيجة الاوليّة للانتخابات الرئاسية في تونس ، كما أشير أيضا ،في نفس هذا الاتجاه ، الى أن نسبة الشباب التي صوتت لقيس سعيد ب 37% تحتاج الى قراءة عميقة في أبعادها المختلفة مما يستوجب ليس فقط احترام ارادته في تقرير مصير وطنه و مستقبله و مستقبل اجياله بل ايضا ينبغي الحذر من هذه القوّة الشبابية التي لن تقبل النظر و العودة الى الخلف و القيام بمحاولة اجهاض اختياراته و سبل تحقيق الامل له و الرقيّ و الكرامة لأجياله المستقبلية ..
و الا فان خلاف ذلك سوف يؤدي الى تمرّد على طبيعته و وجدانه مما قد ينجم عن ذلك تدافع و إخلال على مستوى وحدانية المجتمع …
و بالتالي أدعو و ألتمس بكل شدّة من كل اخواننا في الوطنية احترام هذه الارادة من ناحية ، و العمل على البناء عليها بكل جدّية بنفس وطنية و انتماء بعيدا عن كل انواع الرغبات و النزعات النفسية الآنية من ناحية اخرى … أحبك ايها الشعب التونسي العظيم .