مقالات

أزمة الجيش الأبيض في مواجهة كورونا وأهم تدابير الحماية

بقلم الباحث والمحلل السياسي :  سيد حسني – المركز الديمقراطي العربي

 

مع تمدد فيروس كورونا في أرجاء المعمورة، تحولت المدن النابضة بالحياة إلى مناطق شبه مهجورة، فيما أعلنت الحكومات عن إجراءات قاسية وقيدت حركة المواطنين لاحتواء الفيروس الذي أصاب حتى الآن أكثر من 1.1 مليون شخص حول العالم وأودي بحياة الآلاف ..

يبدو أن الكثير من الثّوابت في عالم اليوم تتغيّر، وباتت الملايين، بل مِئات الملايين، تتعرّف على معنى حظر التجوّل، والاعتِقال الإجباري المنزلي، والعيش بُدون مُسابقات كرويّة، والمُناسبات الاجتماعيّة مِثل حفَلات الأعراس، وإغلاق المطاعم والمقاهي، وكُل التجمّعات الترفيهيّة، السبب كما هو معروف كورونا و الحِرص قدر المستطاع على التباعد الإجتماعى وعدم الإصابة به..

وبينما يخضع الملايين لهذا الحظر المنزلي، في العديد من بقاع العالم، من أجل الحد من تفشي فيروس كورونا،  والحفاظ على الحياة دون الموت في الوقت  نفسه  تخوض مئات الآلاف  ممن عرفوا  بالجيش الأبيض، وهم الأطباء والممرضون، وجميع العاملين في القطاعات الصحية في أنحاء العالم، حربا لاهوادة  فيها منذ بداية  ظهور كورونا ، فهي معركة شرسة ضد عدو غير مرئي لا يري بالعين المجردة، متجاهلين أمنهم الشخصي ليضحوا بأرواحهم كالجنود على الجبهة، فهم بحق “الجيش الأبيض” الحماى والمدافع الأول في مواجهة فيروس كورونا.

لقد تركت الأقنعة الطبية خطوطا على وجوههم تظهر مدي المعاناة والسهر وعدم وجود وقت للراحة، فهم يبذلون جهدا مضاعفا، يحرمهم في أحيان كثيرة من ساعات نوم كافية من أجل العناية بمن أصابهم الفيروس معرضين حياتهم للخطر، في وقت لايحظون فيه هم أنفسهم في العديد من الدول بوسائل الحماية الكافية لأداء مهمتهم .

ولم يقف الأمر عند جنس أو لون بل يخوضون المعركة لإنقاذ الإنسانية ورغم نقص المعدات والإمكانيات والاحتياجات الطبية في دول كثيرة ، لم يتخل الأبطال عن دورهم في تطبيب غيرهم حتى أدركهم الفيروس والموت معا في بعض الأحيان.

فمنذ أسابيع تتوالى الأخبار السيئة، عن سقوط العديد من هؤلاء، في معركتهم على الخط الأمامي لمواجهة كورونا، بعد أن انتقل إليهم الفيروس القاتل، وهم يتعاملون مع مرضاهم. حيث تشهد إيطاليا مذبحةً بين أصحاب الرداء الأبيض، فوفق بيان رسمي نشرته وكالة أنباء أنسا الحكومية يوم 28 مارس الجاري، ارتفع عدد القتلى بين الأطباء الإيطاليين إلى 46. وذلك بعد أن تفشى الفيروس المرعب في إيطاليا وحصد حتى كتابة هذه السطور 11 ألفا و591 شخصا و شهدت الفلبين وفاة 9 أطباء متأثرين بالفيروس، حسب بيانات رسمية.

وكانت الصين، البؤرة الأولى التي انطلق منها الوباء، قد أعلنت في 14 فبراير الماضي، حصيلة رسمية بلغت ست وفيات بين الأطباء، أما الفلبين فقد شهدت وفاة تسع أطباء متأثرين بالفيروس. وفي إيران أشارت تقديرات رسمية إلى أن الفيروس قتل 37 طبيبا وممرضا على الأقل، منذ الإعلان رسميا عن ظهوره في البلاد 19 فبراير الماضي.

فمع ازدياد عدد المصابين بفيروس كورونا إلى أكثر من 1.1 مليون شخص حول العالم، برزت إلى الواجهة بشكل أعمق أزمة نقص المعدات لدى الطواقم الطبية في العديد من البلدان التي داهمها الوباء وفى إيران لقي 37 طبيبًا على الأقل مصرعهم ضحية كورونا كما أصيب 170 طبيبًا وممرضا بالفيرس، كما سجلت فرنسا 5 ضحايا من الأطباء بسبب فيروس كورونا.

وأفادت بيانات رسمية بأن عدد حالات الإصابة بعدوى فيروس كورونا بين الأطقم الطبية في إسبانيا وصل إلى 4000 حالة، كما بلغت نسبة المصابين من الأطقم الطبية 13.6% من إجمالى المصابين بفيروس كورونا في البلاد حسب تقديرات حكومية.

إذ تعاني أنظمة الرعاية الصحية من الإجهاد تحت ضغط تدفق المرضى وقلة المعدات الطبية المهمة في تلك المعركة ضد “عدو غير مرئي”

ويثير نقص أجهزة التنفس الصناعي وكذلك الأقنعة الواقية والقفازات، مخاوف متزايدة بشأن تعرض الطواقم الطبيبة أو “الجيش الأبيض” كما يطلق عليه  للخطر

وفي المنطقة العربية تبدو معاناة الفرق الصحية، من أطباء وممرضين وممرضات مضاعفة، في ظل ضعف الإمكانات، وقلة المخصصات التي تحظى بها قطاعات الصحة في الدول العربية.

حيث كان الطبيب المصري أحمد اللواح، أستاذ الباثولوجيا الإكلينيكية بكلية الطب بجامعة الأزهر، هو أول ضحية من أطباء مصر، يسقط في المواجهة مع فيروس كورونا، بعد التقاطه الفيروس خلال عمله.

أهم النقاط التي يجب توافرها لحماية الأطباء والقضاء على كورونا

إن الفريق الطبي الذي يتصدر الصفوف في مكافحة الفيروس القاتل هو الأولى بالحماية ليستطيع استكمال مهمته في التصدي للمرض بدلا من أن يتحول هو نفسه لمصدر للعدوى وتفشى الوباء ولحماية الجيش الأبيض يجب إتباع التالي :

1- توفير  آليات جديدة، ونظام ميسر لكافة الراغبين في اجراء تحليل فيروس كورونا بسهولة ويسر، ودون عناء وتكدس بالمستشفيات كما يحدث الآن في ايطاليا والولايات المتحدة وغيرها ويتم هذا التحليل خلال 20 دقيقة لا أكثر مما يساهم في تخفيف العبء عن الأطباء في مستشفيات العزل حيث تقوم مستشفيات أخرى بعمل التحاليل لمن يرغب.

2- توفير جميع مستلزمات الوقاية للفرق الطبية بجميع المنشآت الطبية على مستوى عالي يتناسب مع حجم الأزمة والكارثة مع التشديد على عدم السماح بالعمل دون استخدامها لحماية الفريق الطبي، مع متابعة تطبيق ذلك بصورة دقيقة

3- توفير كمامات من السيلكون طبية قابلة لإعادة الاستخدام خاصة بالشخص لتتناسب مع الكمامات العادية التي يستخدمها الفرق الطبية  وهي واجهة من  السيلكون و التي صممها باحثون من مركز الأجهزة الطبية المخصصة في جامعة برمنجهام ، ستساعد على تحسين كفاية الكمامات وبالتالي تقليل مخاطر التعرض للعدوى بالفيروس وتتميز كمامات السيلكون الجديدة بتوفير الراحة للأطباء لمنع الإصابات الجلدية على وجوههم نتيجة فرط استخدام كمامات وأقنعه الوجه

4- إنشاء مستشفيات ميدانية و تخصيص أكثر من  مستشفى بكل محافظة أو قسم بكل مستشفى لعزل وفحص أعضاء الفريق الطبي المشتبه بإصابتهم لحين ظهور نتائج الفحوص والتحاليل فى أسرع وقت ممكن

5- استخدام روبرت آلي مدعوم  بالذكاء الاصطناعي يمكنه تطهير نفسه  تلقائيًا للمساعدة في علاج مرضى فيروس كورونا كما هو الحال حالياً بالصين والعديد من الدول

فاستخدام الروبوتات ذاتية القيادة والمزودة بآلات الشحن الذاتي قد يقلل من عبء العمل على الممرضات والأطباء، مما يحد من مخاطر العدوى

6-  ضرورة وضع بروتوكول عاجل لفحص وإجراء التحاليل لأعضاء الفريق الطبي الذين يتعاملون مع الحالات المشتبه بإصابتها، دون انتظار ظهور أعراض مرضية عليهم كل فترة معينة من الزمن لا تتعدي العشرة أيام أو أكثر بقليل

7- توفير أساليب فحص مستحدثة لمواجهة الفيروس فكل يوم هناك وسائل جديدة وأساليب مبتكر كما حدث في الصين من استخدام  خوذات يمكنها اكتشاف المصابين بكورونا  يلبسها رجال الشرطة .

في النهاية لابد من قول الحقيقة لقد أثبتت الأزمة والمعاناة التي نعيشها أننا نمتلك بالفعل في مصر جيش أبيض يقوم بواجبه علي أكمل وجه هؤلاء الذين وضعوا علي عاتقهم منذ بداية المعركة لا اختيار سوى الانتصار والإصرار علي العدو اللعين.

تلك الكتائب المقاتلة التي  نمتلكها  من الجيش الأبيض الذي يجسد  بوضوح الدور الإنساني  للأطباء والفريق الطبي بالكامل ومازالوا يعملون بروح قتالية في هذه الحرب الشرسة  ضد كورونا كان لابد من تقدير جهودهم حيث وجاء تقدير الرئيس عبد الفتاح السيسي مواكبا للرسالة والتضحيات التي يؤديها فريق البالطوا الأبيض في هذه الحرب، وذلك بزيادة بدل العدوى للمهن الطبية بنسبة قدرها 75% بتكلفة إجمالية 2.25 مليار جنيه، وأيضا قرار سيادته بمكافأة استثنائية من صندوق تحيا مصر لكافة العاملين بمستشفيات العزل والحميات والصدر والمعامل المركزية علي مستوى الجمهورية، بالإضافة لإعلانه شخصيا عن تقديره لهم بوسائل الإعلام المختلفة..

ويعد هذا التقدير المادي والمعنوي تقديراً حقيقيا عن دعم الدولة لكافة أبناؤها المخلصين من فريق البالطوا الأبيض ومعاونيهم من كل الفئات واستجابة في وقتها لإحساس ومطلب سابق لهم وتتويجا لجهودهم

فالقرارات التي أعادت الاعتبار لأصحاب البالطو الأبيض، رحب بها كثير من الأطباء، ومنهم أسامة عبد الحى، عضو مجلس نقابة الأطباء، الذي قال في تصريحات إعلامية إن أقصى بدل للمهن الطبية كان يصل لـ750 جنيها وللأسنان 450، مضيفا أن زيادة الرئيس لبدل المهن الطبية 75% يعتبر إنصافا للأطباء والعاملين فى المجال الطبي.

حفظ لله أمتنا العربية وبلدنا الحبيب مصر من كل سوء ورفع عنا البلاء وأذهب الوباء اللهم آمين.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى