مقالات

تمكين الشباب في مشروع تعديل الدستور الجزائري –قراءة تحليلية لنص المادتين 72،73 من مشروع الدستور-

بقلم: أ. يوسف بوغرارة/ باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

  • المركز الديمقراطي العربي 

 أعطى المؤسس الدستوري مكانة هامة لفئة الشباب في المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، حيث أبرز إرادته لإشراك هذه الفئة العمرية في الحياة الإجتماعية والسياسية؛ بإعتبارها عصب التغيير والتنمية.

تعتبر المشاركة السياسية أرقى الوسائل للتعبير عن المواطنة وأساس الديمقراطية؛ والمؤشر الفعلي لمبدأ سيادة الشعب والتعبير عن الإرادة الشعبية. والجدير بالذكر، أن الشباب في الجزائر يمثل نسبة كبيرة من إجمالي السكان في النسيج الإجتماعي، واستنادا لذلك تبرز السياسات الموجهة لفئة الشباب كجيل تعول عليه الأنظمة لتقلد المسؤوليات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والأكاديمية، لا سيما الجزائر وخاصة مع الحراك الشعبي الذي أبرز عنصر الشباب وإرادته في إحداث التحولات السياسية والإجتماعية العميقة، وبدورها أظهرت السلطة نيتها في إشراك هذه الفئة من خلال المبادرات التي قامت بها في مجال التعيينات في الوظائف والمناصب العليا. وبدوره قام المؤسس الدستوري بإدراج مادة صريحة في مشروع الدستور؛ لفتح المجال أمام الشباب.

تعتبر المشاركة السياسية أحد الآليات القانونية والسياسية التي تشير إلى إعطاء الحق الدستوري لكافة أفراد المجتمعات البالغين والعاقلين في إشراكهم بصورة منظمة في صناعة القرار السياسي، والحرص على قيام الفرد بدوره الإيجابي في العملية السياسية.

ومن خلال مستويات المشاركة السياسية؛ لا سيما منها رغبة الفرد في الإنتماء للمجموعة، نلاحظ أن الشباب الجزائري أبدى نبته الفعلية من خلال الحراك الشعبي، وآراءه عبر العديد من القنوات كمواقع التواصل الإجتماعي، وفي هذا السياق، تبنى المؤسس الدستوري المبادرات والمقترحات الدستورية المتعلقة بإشراك فئة الشباب في الحياة السياسية وحمايته من كل العوامل السلبية المؤثرة في حياته الإجتماعية.

تعتبر المادة 72 من مشروع الدستور، الآلية الدستورية الكفيلة للإهتمام بهذه الفئة العمرية، حيث جاء نص المادة:

  1. 1. تعمل الدولة على ضمان إدماج الفئات العمرية المحرومة ذات الإحتياجات الخاصة في الحياة الإجتماعية. فمن خلال هذه الفقرة، تبرز نية المشرع في إدماج جميع الفئات العمرية المحرومة ومحاربة الإقصاء الإجتماعي. وهذا بدوره يدعم مشروع التنمية المستدامة، وتثمين رأس المال البشري الذي يعتبر أساس الثورة العلمية والسياسية والإقتصادية والثقافية.
  2. يحدد القانون شروط وكيفيات تطبيق هذه المادة. تدل تعبر هذه الفقرة على النية الصريحة للمؤسس الدستوري في توفير الآليات القانونية والمؤسساتية لدعم هذه التوجه، واستغلال جميع الإمكانيات للرقي بهذه الفئة العمرية المحرومة، التي تنبثق عنها إلتزامات قانونية وردعية بخصوص إهمالها.

وجاء في نص المادة 73 من مشروع الدستور:

  1. 1. تسهر الدولة على توفير الوسائل المؤسساتية والمادية الكفيلة بتنمية قدرات الشباب، وتحفيز طاقاتهم الإبداعية. من خلال هذه الفقرة، تبرز نية المؤسس الدستوري لتوفير إطار قانوني يضمن لفئة الشباب الحصول على جميع الإمكانيات المؤسساتية والمادية من الدولة؛ لتفجير الطاقات في المجالات الثقافية والفكرية والرياضية والإبداعية…، وفي ذلك إشارة لفتح الأبواب وتعبيد الطرق أمام هذه الفئة كمحرك لإنعاش الحياة الإجتماعية والعلمية والثقافية.
  2. 2. تشجع الدولة الشباب على المشاركة في الحياة السياسية. وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على طرجمة مطالب الحراك الشعبي على أرض الواقع فيما يتعلق بإعلاء صوت الشباب، وتبنى آرائه بتوسيع دائرة المشاركة السياسية ومحاربة الإحتكار السياسي، وإزالة مسببات العزوف السياسي للشباب. وبالتالي، التأثير على السياسات العامة بما يتوافق مع متطلبات وطموح المجتمع وخاصة منه فئة الشباب.
  3. 3. تحمي الدولة الشباب من الآفات الإجتماعية. وفي ذلك إشارة لتبني إصلاحات تهم فئة الشباب، وسبل وقائية لحماية هذه الفئة من الإنزلاق في مستنقع الآفات الإجتماعية. وهذا ما سيفتح ملفات ثقيلة لا سيما منها؛ المخدرات، التسيب المدرسي، الهجرة غير الشرعية، البطالة…، وفي نفس السياق، بروز مبادرات وقائية في شتى المجالات الرياضية والثقافية والمالية والإقتصادية والتعليمية.
  4. 4. يحدد القانون شروط تطبيق هذه المادة. تشير هذه الفقرة إلى تبني أطر قانونية مستقبلية لتفعيل هذا التوجه؛ في إطار التنمية المستدامة وتمكين الشباب.

وما نخلص إليه، أن المشاركة السياسية لفئة الشباب تنعكس على درجة التنمية والرقي السياسي والإقتصادي والإجتماعي للوطن. والتوجه نحو دمقرطة النظام السياسي وتعزيز الحوكمة الرشيدة مرهون بمدى مشاركة الشباب في الحياة السياسية، والتأثير في السياسيات العامة للدولة.

الكلمات المفتاحية: الشباب، مشروع تعديل الدستور، الجزائر، المشاركة السياسية.

 

المراجع:

مشروع تعديل الدستور الجزائري، 2020.

– آية عبد الله أحمد النويهي، آليات تفعيل الشباب في المشاركة السياسية، المركز الديمقراطي العربي.

– محمد سنوسي، الديمقراطية التشاركية وواقع الحكومة المحلية في الجزائر، المركز الديمقراطي العربي.

– رمضان عثمان، المشاركة السياسية والشباب، مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية.

 

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى