الدراسات البحثيةالمتخصصة

أثر التدخل العسكري التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري في الفترة من 2014 – 2020

اعداد : محمود علاء الدين حواش – أحمد محمود أحمد – جهاد أشرف زغلول – منة جمال الباجوري – ضحى محمد مزيد   –  إشراف: د/ ياسمين أحمد إسماعيل

  • المركز الديمقراطي العربي

الملخص:

تهدف هذه الدراسة إلى وضع دراسة أولية تأصيلية تلقي الضوء على التدخل العسكري التركي في ليبيا وتأثيره على الأمن القومي المصري وذلك من خلال سرد طبيعة الأزمة منذ بدايتها في 2014، وما تبعها من مستجدات في 2020 تمثلت في تدخل تركيا عسكريا، ومحاولة توضيح أسباب هذا التدخل، إلي جانب محاولة التعرف على محدداته وصوه ودوافعه ومظاهره، وكذلك بيان أثر الأزمة بما تبعها من مستجدات التدخل التركي على الأمن القومي لدول الجوار بصفة عامة ومصر بصفة خاصة وكذلك محاولة سرد وإبراز الدور الذي لعبته مصر في تعاملها مع الأزمة منذ البداية وحتى عندما تدخلت تركيا، وكذلك محاولة رصد ما طرح من سيناريوهات للأزمة، وصولاً إلي التسوية الأساسية السلمية للأزمة التي قطعت شوطاً مهم نحو إعادة رسم ملامح الدولة الليبية من جديد.

توصلت هذه الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها أن انهيار نظام القذافي في ليبيا أدى إلى انهيار الدولة الليبية، وذلك بسبب فقد ليبيا للمؤسسات القوية التي تحافظ على بقاء الدولة، حيث كانت الدولة أكثر ارتباطا بشخص القذافي، فكانت الدولة الليبية مبنية على شخص الحاكم وليس مؤسسات يمكن الاعتماد عليها، بحيث تكون المؤسسات الليبية هي السد المنيع الذي يمنع انهيار الدولة إذا انهار نظام الحكم المتمثل في شخص الرئيس وحكومته وهو ما كان الشرارة الأولى للأزمة حتى باتت الفواعل المسلحة المنخرطة في الأزمة الليبية تستهدف توسيع نطاق الأزمة إقليمياً ونقل آثارها لدول الجوار.

خَلَصْت هذه الدراسة إلى عدد من التوصيات أهمها ضرورة التأكيد على فكرة أن مستقبل الإستقرار والأمن في ليبيا مرهون بقدرة كافة الأطراف الليبية على تغليب المصلحة الوطنية العليا للوطن والبعد عن الأطماع والأهواء السياسية، وبدعم خالص من المجتمع الدولي لتغليب الحل السياسي السلمي عن العسكري، ومع صدق نوايا كافة القوى ستكون بداية مرحلة جديدة لعودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا، بما يتضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية، وكذلك ضرورة التركيز على بناء جيش وطني موحد يكفل في النهاية وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، بالإضافة إلى الحاجة إلى توفير مناخ مصالحة وطنية وتسوية ملفات حقوق الإنسان وتأمين مصادر الطاقة وتأمين السواحل الليبية المترامية الأطراف، وقضايا الهجرة التي تؤرق دول الجوار الشمالي، وصولا إلى ملف إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة.

Abstract

This study aims to develop an original preliminary study that sheds light on the Turkish military intervention in Libya and its impact on Egyptian national security through an account of the nature of the crisis since its inception in 2014 , the subsequent developments in 2020 consisting of Turkey’s military intervention And trying to clarify the reasons for this intervention besides trying to identify its specificities , its motives , its collapse and manifestations, as well as to show the impact of the crisis with the following developments of the Turkish intervention on the national security of neighboring countries in general and Egypt in particular as well as trying to narrate and highlight the role that Egypt played in dealing with the crisis from the beginning until when Turkey intervened. As well as trying to monitor its scenario of the crisis to reach a peaceful political settlement of the crisis which has come an important way towards redrawing the features of the Libyan state.

This study reached a number of results, the most important of which is that the collapse of the Gaddafi regime in Libya led to the collapse of the Libyan state, due to Libya’s loss of powerful institutions that maintain the survival of the state, where the state was more connected to the person of Gaddafi, the Libyan state was based on the person of the ruler and not institutions that lie on it, so that Libyan institutions are the impregnable dam that prevents the collapse of the state if the system of government represented by the person of the president and his government collapses, which was the initial spark of the crisis until the armed factions involved In the Libyan crisis aims to expand the crisis regionally and transfer its effects to neighboring countries.

This study concluded with a number of recommendations، the most important of which is the necessity to emphasize the idea that the future of stability and security in Libya depends on the ability of all Libyan parties to prevail in the supreme national interest of the nation and away from the ambitions and political whims، and with the sincere support of the international community to prevail a peaceful political solution from the military، and with the sincerity of the intentions of all forces will be the beginning of a new phase for the return of normal and safe life to Libya، including the unity and integrity of national institutions، as well as the need to focus on building a unified national army that ultimately guarantees the unity and integrity of the land. Libya and its independence، in addition to the need to provide a climate of national reconciliation، settle human rights files، secure energy sources، secure Libya’s sprawling coasts، and immigration issues that plague the northern neighboring countries، all the way to the removal of foreign troops and mercenaries.

 المقدمة :

لقد تعرضت ليبيا إلى عملية تغيير في نظام الحكم بإعتبارها ضمن مجموعة من الدول العربية التي تعرضت لموجة من التحولات في بنية الأنظمة السياسية تحت مسمى – ثورات الربيع العربي- حيث شهدت ليبيا على أثر هذا التغيير تحول جذري على مختلف الأصعدة السياسية منها والاقتصادية.

ففي السابع عشر من فبراير لعام 2011م كانت شرارة الثورة قد أُوقد فتيلُها ليعلن الشعب خروجه على النظام الحاكم الذي يعتبر أكثر الأنظمة العربية احتكارا للسلطة، وأكثرها ديكتاتورية وتشددا امام أي فئة معارضة، وفي ضوء تلك الاحتجاجات واتساعها، تدخل الجيش ونشبت مواجهات عنيفة بين مؤيدي ومعارضي نظام القذافي، وكانت فترة عصيبة على الدولة الليبية وشعبها واستمرت لمدة تزيد عن الستة أشهر، ثم بعد ذلك تم الإعلان عن إنهاء حكم القذافي، وأعلنت ليبيا بداية حقبة جديدة، وجاء ذلك بعد تدخل المجتمع الدولي وأطراف خارجية أدت إلى انهيار النظام الحاكم.

ولوهلة ظن الليبيون والمجتمع الدولي أن الأزمة الليبية بدأت في الانحسار شيئا فشيئا، إلا أن الواقع كان له رأي آخر، فكان انهيار نظام القذافي طليعة الأزمة لا نهايتها، حيث إندلعت صراعات داخلية مسلحة، وإنطلقت شرارة الحروب الأهلية في ليبيا ثم صراع على الأرض والنفوذ السياسي، لتعاني الدولة الليبية أشد معاناة بعد ذلك جراء تلك الإنقسامات والتدخلات العسكرية من عدة أطراف إقليمية مثل تركيا التي أثار تدخلها جدالا واسعا، وبالأخص بعد تفويض البرلمان التركي للحكومة التدخل المباشر في ليبيا، لتصبح تركيا طرفا رئيسيا وفاعل مؤثر في مجريات الأحداث في ليبيا من خلال دعم الميليشيات العسكرية هناك طمعا في تحصيل مكاسب سياسية واقتصادية، والتي سوف نتطرق لها في ثنايا تلك الدراسة.

وبالنظر في قضايا الصراع في ليبيا، التي دفعت إلى التدخلات العسكرية من أطراف عدة أبرزها كما أشرنا تركيا هي: التنازع على الشرعية السياسية بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام، وتقاسم الثروات النفطية

بين الأقاليم، بالإضافة إلى الصراعات القبلية التقليدية، أدى ذلك إلى تداعيات عدة في مقدمتها: انهيار مؤسسات الدولة الليبية، وسيطرة الميليشيات على بنغازي وطرابلس، والأزمات الإنسانية الناتجة على إرتفاع معدل الفقر وإنخفاض مستوى المعيشة، ثم الخطر الأكبر وهو تهديدات داعش في درنة وسرت للدول الجوار وخاصة مصر، وهذا ما شكل تهديد واضح للأمن القومي المصري.

وفي خضم تعاظم الأزمة والصراع في ليبيا خلال السنوات الماضية كان الجانب الأمني لهذه الأزمة هو الأشد خطورة، فإنتشار التشكيلات المسلحة، وتجميد نظام الشرطة، وغياب الجيش جعل الوضع الأمني متردي وخطير للغاية، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الإقتصادية والسياسية، مما جعل الأزمة تتفاقم ولا يقف تأثيرها عند الحدود الليبية فقط، بل يمتد ليصل إلى دول الجوار وبالأخص( مصر)، لذلك تأتي هذه الدراسة لتحاول إيضاح الوجه العام والصورة الحقيقية لأثر تلك التدخلات العسكرية في ليبيا عامة وبالأخص التدخل التركي الذي ظهر بوضوح في الآونة الأخيرة، وتأثيره العام والجذري على الأمن القومي المصري، الذي أصبح يواجه كثير من التهديدات على أثر هذه الأزمة.

المشكلة البحثية:

فمنذ الإطاحة بنظام القذافي عام 2011صار مسار ليبيا صاخباً، حيث تأرجحت على الحافة في ظل تصدع أبنية الدولة الليبية وغياب فاعليتها من جانب، وتقدم واضح للميليشيات والمجموعات الجهادية المدعومة من قوى إقليمية تهدف إلى السيطرة على البلاد من جهة أخرى، كما أعتبر التدخل العسكري التركي المباشر في ليبيا- الذي سمح به البرلمان التركي- إحدى بؤر عدم الاستقرار الممتدة والتي لم يعد في الإمكان فصلها عن توجهات بعض القوى الإقليمية ذات الأجندات المزدوجة.

لذلك سوف نسعى من خلال هذه الدراسة الإجابة على تساؤل مركزي حول مدى تأثير التدخلات العسكرية – لا سيما التركية- في ليبيا على الأمن القومي المصري خلال الفترة من 2014 حتى 2020. . . .؟

وفي هذا السياق تبلور من السؤال الرئيسي عدة تساؤلات فرعية منها:

1/ كيف بدأت الأزمة الليبية، وما هي مستجداتها. . .؟

2/ ما هي دوافع وتداعيات التدخل التركي في ليبيا. . .؟

3/ ما هي محددات الدور التركي وصور تدخله. . .؟

4/ إلى أي مدى سوف يتأثر الأمن القومي المصري بمخاطر التدخل العسكري في ليبيا. . .؟

5/ ما هو تقييم الأزمة الليبية في ظل الموقف الدولي والإقليمي والمصري من التدخل. . .؟

6/ ما هي السيناريوهات المقترحة للتعامل مع التدخل التركي وسبل حل الأزمة الليبية. . .؟

أهمية الدراسة:

تعد الأزمة الليبية وتطوراتها الداخلية وإزدياد توسعاتها على المستوى الدولي من أبرز الأزمات التي تشغل الرأي العام العالمي، بسبب التطورات المتزايدة التي تتعلق بوجود جماعات إرهابية تهدد الأمن القومي في المنطقة، خاصة الأمن القومي المصري فضلا عن أهمية ليبيا فيما يتعلق بمسألة الهجرة الغير شرعية عبر البحر المتوسط الى أوروبا، بالأضافة الى الموارد الإقتصادية الكبيرة التي تحتويها الأراضي الليبية مما يجعلها مطمع لكل الغزاة لفرض سيطرتهم السياسية والإقتصادية عليها، وذلك مما يترتب عليه تهديد الأمن القومي المصري.

وتأتي أهمية هذه الدراسة من كونها أحد أهم القضايا التي تهدد الأمن القومي لعدة دول فقد أثار موضوع تنامي الدور التركي في ليبيا العديد من ردود الأفعال داخل وخارج ليبيا، فقد وجدت تركيا في هشاشة الأوضاع مدخلا للتغلغل في إفريقيا عامة، ووجدت في حالة الفوضى الأمنية وتداعياتها الإقتصادية والإجتماعية في ليبيا بيئة مناسبة لضخ السلاح باتجاة الأذرع الميدانية لتنظيم الإخوان، وكذلك مكنت تركيا حكومة الوفاق من الصمود أمام الحكومة الشرعية بقيادة خليفة حفتر، مما أثار إستياء بعض الدول المعنية بالأزمة الليبية وبالتالي فإن دراسة أثر التدخل العسكري التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري تعد مسألة غاية في الأهمية وتستحق الوقوف عليها من أجل الدراسة والتحليل ومعرفة الأسباب الجوهرية لتزايد الإهتمام التركي بليبيا وتأثيره على الأمن القومي لدول المنطقة وانعكاساته الإقليمية والدولية.

 

هدف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى وضع دراسة أولية تأصيلية تلقي الضوء على التدخل العسكري التركي في ليبيا وتأثيره على الأمن القومي المصري وذلك من خلال سرد طبيعة الأزمة منذ بدايتها في 2014، وما تبعها من مستجدات في 2020 تمثلت في تدخل تركيا عسكريا، ومحاولة توضيح أسباب هذا التدخل، إلي جانب محاوله التعرف علي محدداته وصوه ودوافعه وتداعياته و مظاهره، وكذلك بيان أثر الأزمة بما تبعها من مستجدات التدخل التركي على الأمن القومي لدول الجوار بصفه عامة ومصر بصفه خاصة وكذلك محاولة سرد وإبراز الدور الذي لعبته مصر في تعاملها مع الأزمة منذ البداية وحتي عندما تدخلت تركيا، وكذلك  محاولة رصد ما طرح من سيناريوهات للأزمة، وصولاً إلي التسوية الساسية السلمية للأزمة التي قطعت شوطاً مهم نحو إعادة رسم ملامح الدولة الليبة من جديد.

حدود الدراسة:

  • الإطار المكاني:الرقعة الأرضية التي تشغلها الجمهورية اللبيبة بصفة أساسية كمكان للأزمة، وكلا من الرقعة الأرضية للجمهورية المصرية وتركيا بإعتبارهم أحد الأطراف في الأزمة المثارة حاليا في 2020.
  • الإطار الزماني:تمثلت الحدود الزمانية في الفترة من 2020:2014، وقد تمثل السبب في إختيار هذه الفترة للدراسة أن عام 2014 كان بداية الصراع، وذلك عقب إعلان جماعة مجلس شورى شباب الإسلام في مدينة درنة في ليبيا إمارة إسلامية والإعلان عن الإلتحاق بداعش في 2014، بينما على الجانب الآخر سيطرت قوات فجر ليبيا على العاصمة طربلس، وهو ما عرف بتنازع الشرعية القائمة بين المؤتمر الوطني الذي إنتهت ولايته والفصائل الإسلامية استنادا إلى الدعم العسكري، وتنتهي حدود الدراسة في عام 2020، وهي الفترة التي أصبحت فيها الأزمة في أوج الإشتعال بعد إرسال تركيا لقوات عسكرية إلى ليبيا وما تبعها من تطورات ومستجدات للأزمة وحتى أصبحت على شفا حرب بين كلا من مصر وتركيا في ليبيا.
  • الإطار الموضوعي: تتمثل حدود موضوع الدراسة في دراسة أثر التدخل العسكري التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري منذ بداية الأزمة الليبية في 2014 وما تبعها من تداعيات دولية وإقليمية، وصولا إلى مستجدات الأزمة المثارة في 2020.
  • الإطار المجالي: يندرج موضوع البحث ضمن حقل العلاقات الدولية.

الإطار النظري للدراسة:

يشمل الإطار النظري لهذه الدراسة إطارين تحليليين وهما:

الإطار المفاهيمي التحليلي

الإطار المنهاجي

أولا:  الإطار المفاهيمي التحليلي:

اشتملت الدراسة على عدد من المفاهيم، والتي تم تقسيمها إلى:  مفاهيم أساسية، ومفاهيم فرعية كالتالي:

  • أولا المفاهيم الأساسية:
  • الأمن القومي:
  • أولا التعريف الاصطلاحي للأمن القومي: يعرف على أنه قدرة الدولة ليس فقط على حماية الوطن من التهديدات التي تواجهه وإنما يتصل كذلك بقدرة الدولة على حماية مواطنيها وتحسين نوعية الحياة وجودتها ورفع مستوى المعيشة للمواطنين وزيادة القدرة التوزيعية للدولة بما يحد من الحرمان الاقتصادي الذي يدفع إلى عدم الرضا والإحباط ومن ثم اللجوء للعنف.[1]
  • ثانيا التعريف الإجرائي للأمن القومي: قدرة الدولة على حماية حدودها والمواطنين من التهديدات الخارجية ورفع مستوى معيشة المواطنين وتحسين نوعية الحياة.
  • التدخل العسكري:
  • أولا التعريف الاصطلاحي للتدخل العسكري: يعرفه جوزيف ناي بأنه يشير إلى ممارسات خارجية تؤثر في الشؤون الداخلية لدولة أخرى ذات سيادة أما التدخل بمعناه الضيق يعني التدخل بالقوة العسكرية في الشؤون الداخلية لدولة أخرى، ويشتمل المفهوم الواسع للتدخل على جميع أشكال التدخل من الإجبار المنخفض إلى درجات الإجبار العالي وتمثل درجة القوة المستخدمة في هذا التدخل أهمية خاصة فعلى أساسها تتوقف درجة إختيار الدولة المتاحة ومن ثم درجة التقليص الخارجي للحكم.[2]
  • ثانيا التعريف الإجرائي للتدخل العسكري: كل سلوك خارجي لدولة معينة يمكن أن يعتبر تدخلا في شؤون دولة أخرى كلما شكل خرقا للطبيعة العادية للعلاقات الدولية، وكلما كان موجها للحفاظ أو تغيير في التركيبة السياسية لسلطة تلك الدولة.

 

  • ثانيا المفاهيم الفرعية:
  • الأمن العسكري:  يعد الأمن العسكري أحد أهم أنواع الأمن القومي وأقربها له في المفهوم ويعرف بأنه جميع التدابير والإجراءات العسكرية التي تتخذها الدولة بهدف التصدي لأي هجوم أو عدوان عسكري.  وقد يتعدى المفهوم مجرد التصدي للعدوان ليصل إلى توسيع الحدود والهجوم إن تطلب الأمر بهدف تعزيز الأركان والحدود للدولة.
  • السيادة: عرفت السيادة بأنها عدم خضوع الدولة لأية قوة أخرى سوى قوة القانون الدولي الذي تلتزم بقواعده بإرادتها الحرة وأن الإلتزام بهذه القواعد لا يعني إنتهاء السيادة أو تراجعها بقدر ما يعني الإستجابة لمقتضيات التطور والتجاوب مع المصالح المشتركة للمجتمع الدولي، كما عرفت أيضا بأنها قدرة الدولة على ممارسة سلطاتها الداخلية والخارجية بشكل مستقل.
  • الصراع: حالة من عدم الإرتياح،أو الضغط النفسي الناتج عن التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته.
  • الأزمة: وصول عناصر الصراع في علاقة ما إلى مرحلة تهدد بحدوث تحول جذري في هذه العلاقة كالتحول من السلم إلى الحرب وغيرها.

ثانيا:  الإطار المنهجي:

اعتمدت الدراسة على عدد من المناهج التي كان لها دور في التحديد الواضح لمشكلة الدراسة ومنها:

  • منهج المصلحة الوطنية:

تعتمد هذه الدراسة على اقتراب المصلحة الوطنية، حيث ينتمي هذا الاقتراب إلي المدرسة الواقعية، لذلك يعتمد على أن الدولة ذات السيادة لها مصالح لا تحيد عنها، وهي دافعها للتفاعل مع غيرها، وفي سبيل تحقيق الدولة مصالحها قد تستخدم أي وسيلة سواء أخلاقية أو غير أخلاقية فلا مجال للقيم والأخلاق في السياسة وسوف يتم تطبيق منهج المصلحة الوطنية عن طريق دراسة وتحليل الدوافع المتعددة التي أدت إلى تدخل تركي مباشر وصريح في ليبيا، منها الإقتصادية والأيدولوجية والسياسية،على الرغم من معارضة عدة دول لهذا التدخل وإنتهاك السيادة الليبية، من أهمها مصر والسعودية والإمارات، ولكن في ضوء تحقيق الدولة لمصالحها سوف تستخدم كافة الوسائل سواء أخلاقية أو غير أخلاقية. [3]

  • المنهج الوصفي التحليلي:

حتى تحقق الدراسة أهدافها، سوف تستند إلى الإقتراب الوصفي التحليلي الذي هو أحد فروع المنهج الوصفي المتخصصة، التي كانت بمثابة أحد التطورات التي قام بها الباحثون العلميون بإضافتها على صورة المنهج الوصفي الأصلية البدائية، ليقوم فيها المنهج الوصفي التحليلي بوظيفة إضافية أكثر مرونة وفائدة بجانب وصف الظواهر عن طريق الملاحظة وطرقها المختلفة، حيث يقوم بعمل تحليل الظواهر ومقارنتها بشكل أكثر تفصيلا،وإستخدام بعض الأدلة الإحصائية. حيث يقوم على دراسة الواقع أو الظاهرة كما هي ويقوم بوصفها وصفاً دقيقاً ويعبر عنها كيفياً بوصفها وتوضيح خصائصها، وكمياً بإعطائها وصفاً رقمياً من خلال أرقام وجداول توضح مقدار هذه الظاهرة أو حجمها أو درجة إرتباطها مع الظواهر الأخرى، وفي كثير من الحالات لا تقف البحوث الوصفية عند حد الوصف أو التشخيص الوصفي، وتهتم أيضاً بتقرير ما ينبغي أن تكون عليه الأشياء والظواهر التي يتناولها البحث وذلك في ضوء قيم ومعايير معينة واقتراح الخطوات أو الأساليب التي يمكن أن تتبع للوصول بها إلى الصورة التي ينبغي أن تكون عليه في ضوء هذه المعايير أو القيم، فيعتمد المنهج الوصفي على تفسير الوضع القائم أي ما هو كائن وتحديد الظروف والعلاقات الموجودة بين المتغيرات، كما يتعدى المنهج الوصفي مجرد جمع بيانات وصفية حول الظاهرة إلى التحليل والربط والتفسير لهذه البيانات وتصنيفها وقياسها وإستخلاص النتائج منها، والمتتبع لتطور العلوم يستطيع أن يلمس أهمية المنهج الوصفي التحليلي في هذا التطور، وهذا ينطبق على البحث من خلال أننا لن نكتفي بالوصف السردي فقط لمجريات الأحداث الظاهرة محل الدراسة، بل سوف ينتهي بنا المطاف إلى تحليل تلك الأحداث ، وسوف يتم تطبيق هذا المنهج عن طريق دراسة المشكلة كما هي في الواقع وتحليلها والربط والتفسير للوصول إلى إستنتاجات، ومحاولة وصف وتفسير التدخل العسكري لتركيا في ليبيا وتوضيح مدى تأثيره وخطورته علي الأمن القومي المصري.[4]

أدوات جمع المادة العلمية:

تم جمع البيانات من خلال :

1ــ الدراسات المتعلقة بالتدخل العسكري التركي في الشؤون الليبية عموما، سواء كانت دراسات جامعية (ماجستير، دكتوراة).

2ـــ  الدوريات والكتب والمراجع والتحليلات التي تحدثت في سياق الموضوع.

3ــ الملاحظة : خصوصا وأن المتتبع  لذلك التدخل التركي في ليبيا سوف يلاحظ التغيرات الجذرية التي كانت تحدث وما زالت في تطور واضح ومستمر.

الأدبيات السابقة:

من خلال البحث في الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة، تبين وجود بعض الدراسات التي تحدثت بشكل أو بآخر عن بعدا أو أكثر من أبعاد الدراسة سوف تستفيد منها الدراسة الحالية، لذلك فقد تم تقسيم الدراسات السابقة إلى عدد من المحاور كالتالي :

المحور الأول :مجموعة الدراسات المتعلقة بالجزء الخاص بالسياسة الخارجية التركية

1ــ دراسة عمر خضيرات بعنوان: “العوامل المؤثرة في توجهات السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية(2002، 2012) ” [5]

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أهم العوامل المؤثرة في توجهات السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية منذ ‏وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا عام 2002م إلى عام 2012م، منطلقة من فرضية مؤداها: أن التفاعل ‏بين رؤية تركيا لدورها السياسي الخارجي من جانب” متغير مستقل”، وإدراكها لمكانتها الإقليمية والدولية من جانب آخر ” متغير ‏تابع”، وخلق مستويات من الفرص والتحديات في مواجهة هذا الدور، وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي والوصفي في تحليل ومعرفة الوقائع والأسباب والعوامل التي أدت إلى التوجهات ‏الجديدة للسياسة الخارجية التركية تجاه قضايا المنطقة العربية السياسية والإقتصادية‏ وخلصت إلى أن التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية التركية بعضها مرتبط بالوضع الداخلي في تركيا متمثلة في ‏صعود حزب العدالة والتنمية ذو الجذور والخلفية الإسلامية لسدة الحكم.

2ــ دراسة وصفي عبد عقيل بعنوان: “السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط (2004: 2014) “[6]

تناولت الدراسة السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط خلال الفترة 2004-2014، من خلال استخدام منهج صنع القرار، لتوضيح تفاعل الأبعاد الداخلية والخارجية التي تساهم في التأثير على صناعة القرار السياسي الخارجي، على أفتراض أن سلوك السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط يقوم على أطروحة الدولة المركز فيه. وقد قسمت الدراسة إلى ثلاث أقسام، تناولت بنية الدولة التركية ضمن منطقة الشرق الأوسط، ومكونات القدرة التركية في ضوء الإشكاليات التي تواجهها، وخيارات السياسة الخارجية التركية، وقد توصلت الدراسة إلى أن السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط، كانت متذبذبة بين القوة أحيانا والضعف أحيانا أخرى، وقد اتضح أن أسباب ذلك يعود إلى إختلاف إهتمامات القوى السياسية، وتباين المصالح الإستراتيجية للدول المركزية في الإقليم، والتي شكلت محدداً رئيسياً للسياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة.

المحور الثاني: مجموعة الدراسات المتعلقة بالتدخل العسكري التركي في ليبيا

1ـــ دراسة عماد قدورة بعنوان:” تركيا ومسألة التدخل العسكري بين الضغوط والقيود “[7]

تناولت هذه الدراسة إشكالية التدخل العسكري التركي في بلدان الشرق الاوسط وغيرها وكذلك تناولت قيود هذا التدخل وضغوطه، وقد هدفت الدراسة إلى معرفة الآراء حول الموقف التركي، وموقف تركيا من التدخل وقيوده وكذلك التدخل العسكري وضروراته، وقد خلصت الدراسة إلى تباين المواقف والآراء بشان موقف الحكومة التركية من التدخل العسكري على الرغم من الإنعكاسات  السلبية الخطرة التي قد تهدد الأمن القومي التركي، وقد تناولت هذه الدراسة حالة التدخل العسكري التركي في سوريا وما قد ينتج عنة من سقوط بعض الدول في يد تنظيم داعش .

2ـــ دراسة أركان إبراهيم عدوان، مصطفي جابر فياض بعنوان: ” محددات الدور التركي في ليبيا وتداعياته الدوليه” [8]

تناولت هذه الدراسة اهم العوامل التي أدت إلى تنامي الدور التركي في ليبيا، وتداعياته الإقليمية والدولية حيث ضمن العوامل الإقتصادية والإستراتيجية والسياسية كأسباب رئيسية للتدخل التركي، ثم تناولت الدراسة أهم التداعيات المحتملة سواء فيما يتعلق بالأحداث السياسية  في ليبيا، او الدول المهتمة بالأزمة بشكل عام حيث أن التدخل التركي في ليبيا أثار العديد من ردود الأفعال داخل وخارج ليبيا وأثر بشكل كبير على توازن القوى داخل ليبيا، من خلال تدعيم مكانة حكومة الوفاق الشرعية ودعمها في مواجة قوات خليفة حفتر .

المحور الثالث: مجموعة الدراسات المتعلقة بالتدخل التركي في ليبيا وتأثيرة على الأمن القومي المصري ,

1ــ دراسة جاد مصطفي، محمد السيد محمد بعنوان: “التدخل التركي في ليبيا وأثرة على الأمن القومي المصري” [9]

هدفت الدراسة إلى الإجابة على تساؤل رئيسي وهو ما هي أهم تحولات السياسة الخارجية التركية تجاة ليبيا، والذي استدعي محاولة التوصل إلى الدوافع التركية وراء التدخل في ليبيا، إلى جانب تطور مراحل الدور التركي في ليبيا، مع بيان صور التدخل التركي في ليبيا وما يواجه هذا من عقبات وتحديات تقف في وجه الإنخراط التركي في ليبيا، وكذلك حاولت الدراسة التوصل إلى التداعيات والإنعكاسات من جراء التدخل وآثار التدخل التركي على الأمن القومي المصري، ثم حاولت الدراسة استخلاص الدور المصري في الأزمة الليبية ومحاولة تقديم مقترحات للتعامل مع التدخل التركي، وقد إنتهت الدراسة بعرض سيناريوهات لمستقبل التدخل التركي في ليبا.

2ــ دراسة وائل زكريا عبد المعبود بعنوان: “التدخل الدولي فى ليبيا وإنعكاساته على الأمن القومي المصري” [10]

تتناول هذه الدراسة التدخل الدولى فى ليبيا وانعكاساته على الأمن القومى المصرى، حيث: تركز الدراسة على التهديد الذى يمكن أن يتعرض له الأمن القومى المصرى ,حيث أن هذا التدخل ينعكس سلبيا على مصر فيما يخص تهريب الأسلحة، إلى جانب محاولة الدراسة الوقوف على الدور الذي سوف تلعبه السياسة الخارجية المصرية تجاة أزمة ليبيا، وكذلك موقف السياسة الخارجية المصرية تجاة أزمة سوريا، وكذلك أزمة اليمن.

3ـــ دراسة علي محمد فرج بعنوان: “الأزمة الليبية وتداعياتها على الأمن القومي لدول الجوار (2011: 2017)”[11]

تناولت هذه الدراسة الأزمة الليبية وتداعياتها على دول الجوار مصر وتونس، وهدفت إلى البحث في طبيعة الأزمة اللبيبة وأسبابها ومدي تفاقمها داخليا وإمتداد الآثار السلبية لتلك الأزمة لتنال دول الجوار التي شهدت بالتزامن أحداثا مشابهة،حيث: افترضت الدراسة وجود علاقة بين تداعيات أزمة لدولة ما وإنعكاساتها على الشؤون الداخلية للدول المجاورة. .

صعوبات الدراسة:

واجه الباحثين عدد من الصعوبات أثناء إعداد الدراسة تمثلت في ندرة المراجع ـــ الكتب، الرسائل العلمية، الدوريات ـــ التي تناولت مستجدات الازمة الليبية المثارة في عام 2020، واطرافها وما تبعها  من مستجدات وأحداث، وذلك نظرا لحداثة موضوع الدراسة.

تقسيم الدراسة:

انطلاقاً من المشكلة البحثية للدراسة والتساؤلات، تنقسم الدراسة في طياتها إلى أربعة فصول كالتالي:

الفصل التمهيدي: تاريخ الأزمة الليبية

المبحث الأول: ثورات الربيع العربي 2011 و الثورة الليبية.

المبحث الثاني:  إشعال الأزمة الليبية و القوي المسلحة المتصارعة في الأزمة في  2014م.

المبحث الثالث: مستجدات الأزمة المثارة في 2019 وأطرافها.

الفصل الأول: التدخل العسكري التركي في ليبيا

المبحث الأول: دوافع وتداعيات التدخل التركي في ليبيا

المبحث الثاني:محددات الدور التركي في ليبيا وصور التدخل

المبحث الثالث: مخاطر التدخل العسكري التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري

الفصل الثاني: تقييم الأزمة الليبية

المبحث الأول: الموقف الدولي والإقليمي من التدخل التركي

المبحث الثاني: الدور المصري في التعامل مع التدخل التركي

المبحث الثالث: المبادرات والجهود الدولية المبذولة من أجل تسوية الأزمة

الفصل الثالث: مستقبل الأزمة الليبية

المبحث الأول: سيناريوهات مستقبل الأزمة الليبية.

المبحث الثاني : جهود التسوية السياسية السلمية للأزمة.

تاريخ الأزمة الليبية

تمهيد:

كانت نهاية عام 2010م بداية لعهد جديد في المنطقة العربية، فظهرت العديد من الثورات والإنتقاضات الشعبية والحركات الإجتماعية، التي تراوحت بين السلمية والعنف سواء من الداعين إليها من جانب أو المتصديين لها من الجانب الأخر. وعلى إسر ذلك انتشرت موجه عارمة من التغيير السياسي في أنظمة الحكم العربية، فقد وصل التغيير إلى تونس ومصر وليبيا واليمن، حيث إتخذ أشكال أخرى خارج نطاق الصراع المحدود إلى نطاق أكثر غلظة وهو الحروب الاهلية( كما هو الحال في سوريا وليبيا واليمن).

فمنذ إندلاع الثورة الليبية في فبراير 2011م ظلت تداعيات هذه الثورة تنتج أثارهاالمدمرة على الداخل والخارج الليبي، حتى إقترب الأمر لتصبح ليبيا إحدي الدول «المنهارة» أو «الفاشلة» في ظل تزايد عدد الأطراف المتصارعة وإصرار كل طرف على الفوز بالسلطة دون منازع، ودعم فاعليين خارجين لبعض الأطراف دون غيرها، مع دخول حركات الإسلام السياسي على خط الصراع. وكان لدول الجوار الليبي نصيب في هذه التداعيات، وبناء على ذلك سيتم تسليط الضوء في هذا الفصل على ملامح الأزمة الليبية من خلال تلك المباحث الثلاثة التالية:

المبحث الأول: ثورات الربيع العربي 2011 والثورة الليبية.

المبحث الثاني: إشعال الأزمة والقوى المسلحة المتصارعة فيها منذ عام 2014م.

المبحث الثالث: مستجدات الأزمه المثارة في 2019 وأطرافها.

المبحث الأول:

ثورات الربيع العربي 2011 والثورة الليبية.

إنطلقت الثورات العربية حاملة في طياتها الكثير من الأحلام والطموحات والمطالب التي كان يرنوا إليها المواطن العربي من مستقبل جديد وتغيير إقتصادي وسياسي وإجتماعي قائم على أساس المساواة وتكافؤ الفرص وإحترام الكفاءات والمقدرات والعمل على حسن إستغلالها بأعلي كفاءة وفاعلية ممكنة، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث واكب كل ثورة من ثورات الربيع العربي ثورتين: اولهما: ثورة في التوقعات والطموحات واتساع آمال التغيير. وثانيهما: ثورة مضادة جاء بها بقايا الأنظمة القديمة، والتي هددت الثورة ونالت من مكتسباتها. ونظراً لأهمية الموضوع فقد قمنا بتخصيص هذا المبحث من هذا الفصل للوقوف على طبيعة أحداث الربيع العربي من حيث الأسباب والعوامل الكامنة خلفها، وهذا ما سوف نتناوله في المطلب الأول، وفي المطلب الثاني: سوف نسقط ذلك على الواقع المؤلم للأزمة الليبية من خلال إستعراض أسبابها وملامحها.

المطلب الاول: الربيع العربي بين الدوافع والأسباب.

أولا: الأسباب والدوافع التي أدت إلى قيام ثورات الربيع العربي:

يبين لنا مسار ثورات الربيع العربي والذي قامت في تونس ومصر وليبيا واليمن أنها قامت بسبب مجموعة من العوامل التي تداخلت مع بعضها وأدت إلى القيام بالحركات السياسية والاحتجاجات الشعبية وساعد على قيامها شبكات التواصل الاجتماعي من تويتر ويوتيوب وفيسبوك وغيرها من وسائل الإتصال الحديثة مثل الخلويات وقدرة هذه الوسائل على تجميع الشباب حول فكرة معينة وفتحت المجال أمام فئات الشباب بالتواصل والإتفاق للخروج في مظاهرات ساهمت في تعبئة الجهود الشبابية من أجل القيام بالثورات ضد الأنظمة السياسية وكان من هذه الدوافع ما يلي[12]:

1/ الأوضاع الداخلية:

أدت عوامل الفساد وبروز ظاهرتي الفقر والبطالة إلى حالة الإحتقان الشعبي التي أشعل فتيلها غياب الإدارة الرشيدة والديمقراطية والتي أدت إلى غضب الشباب على الانظمة الحاكمة _ التي لا يعنيها سوى بقائها في السلطة_ حيث كانت الأوضاع الداخلية السائدة هي الشرارة التي أشعلت الثورات في الدول العربية، على الرغم من قيام بعض الحكومات العربية ببرامج إصلاحية تتعلق بشؤون الإقتصادية والسياسية إلى أن هذه البرامج جاءت متأخرة وكإجراءات تطمينيه ولم تكن واقعية[13].

2/ الإحباط القومي:

أدت التراكمات السياسية والقرارات التي إتخذت من قبل الأنظمة العربية والحكومات والتي بموجبها تم التنازل عن الكبرياء القومي العربي من خلال تدخل القوى الغربية في صنع السياسة العربية إلى حالة من الإحتقان السياسي، الذي شكل ضغطاً هائلاً على الشباب العربي والذي نتج عنه ردة فعل كبيره وغير متوقعة تجاه الأنظمة الحاكمة، حيث كانت الثورات سلمية في بدايتها في بعض الدول، إلا أن تطورت واستخدمت القوة من أجل التأثير على الأنظمة الحاكمة للتخلي عن سياستها المتبعة في قضايا معينة[14].

 3/ وسائل التواصل الاجتماعي:

ساهم إنتشار أدوات الإتصال الحديث في وسائل الإعلام البديل مثل القنوات الفضائية والإنترنت والهواتف المحمولة في دفع الشباب بتأسيس أنماط جديدة للمشاركة السياسية مكنتهم من تجاوز العديد من القيود التي فرضتها الأنظمة العربية على حرية التعبير والتنظيم، حيث ساهمت وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة في حشد الفئات الشبابية والخروج في المظاهرات، ويسرت هذه الشبكات التواصل بين كافة شرائح المجتمع الواحد، وقد ظهرت نتائج هذه الشبكات بشكل واضح في مصر حيث تمكن الشباب خلال فترة وجيزة من الحشد والاتفاق على المكان والزمان لهذه الثورة وبالفعل تمكن الشباب من القيام بالمظاهرات كبيرة بسبب التطور الهائل الذي طرأ على وسائل الإتصال وعلى شبكات التواصل الإجتماعي.

حيث يوجد في المنطقة العربية ما يعرف بالطفرة الشبابية حيث يمثل الشباب في المرحلة العمرية (من 15 إلى 29 سنة) أكثر من ثلث سكان المنطقة وعانت هذه الفئة العمرية من مظاهر إقصاء إقتصادي وإجتماعي وسياسي جعلتها في أوائل الفئات المطالبة بالتغيير والمحرك الأساسي له. وتعد البطالة من أهم المشاكل التي يعاني منها الشباب حيث ترتفع مستويات البطالة إلى 25% بين الشباب مقارنة بالمتوسط العالمي  14.4% وتتركز نسبة البطالة بشكل أساسي في أوساط الشباب المتعلم، كما يعاني الشباب من تدني مستوى الأجور وظروف العمل حيث يعمل حوالي 72% في القطاعات الغير رسمية وأثر ذلك بالسلب على الظروف الإجتماعية للشباب في الوطن العربي. كما عانى الشباب في العالم العربي من إقصاء سياسي واضح ناتج عن غياب الحريات السياسية والمدنية وضعف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وإنتهاكات حقوق الإنسان، حيث كان ذلك سبباً كبيراً في إشعال فتيل الثورات في مختلف الوطن العربي[15].

4/العوامل الإقتصادية:

تعاني معظم الدول والشعوب العربية – لا سيما دول الربيع العربي- من الأزمات الإقتصادية وضعف الموارد والإمكانيات وإنتشار الأمية والفقر والبطالة وتفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، فبتالي كانت هذه الأزمات تحول دون تحقيق الإصلاح الإقتصادي- الذي يصبح الحديث عنها أشبه بالتطرف الفكري-حيث كان أغلب تلك الدول يعتمد إقتصادها على واردات النفط أو السياحة أو المعونات الخارجية في ظل غياب التنمية الحقيقة بها، إلى جانب عدم ووجود قوى صناعية قوية تستطيع الإنتاج، ونقص الكوادر الوطنية، وعدم القدرة على الإستخدام الأمثل للموارد بكفاءة عالية، وإنخفاض مستوى الإدخار وإرتفاع مستوى الإستهلاك بسبب الأرتفاع الكبير في معدل نمو السكان، والتفاوت في مستوى التطور الإقتصادي والإجتماعي، وفي ظل تلك الأوضاع فإن دخل الفرد متدني للغاية، مما يزيد الأمر سوءاً ويدفع الشعوب نحو القيام بثورات تسعى لتغيير تلك الأوضاع المتردية إلى أوضاع أفضل[16].

 5/ الرغبة في عملية الإصلاح والتغيير:

حيث تعتبر عملية الإصلاح السياسي والإقتصادي في العالم العربي هي عملية ضرورية جداً، لأن أنماط وأشكال السياسة الحالية السائدة في العالم العربي لم تعد تتناسب مع المرحلة المعاصرة– مرحلة العولمة- وهي بالتالي قد إنتفت الحاجة لها، لأن السبب الذي كان يضمن للنخب الحاكمة الإستمرار في الحكم والسلطة لثلاث عقود لم يعد مقبولا في مرحلة العولمة وبعد إنهيار النظم الإشتراكية والحكومات الشمولية وإنتهاء الحرب الباردة، ولأن العالم كله يمر بمرحلة إنتقالية جديدة، وأصبح التغيير السياسي والإقتصادي هو كالسيل الجارف الذي سيجرف كل أشكال السلطات التي لا تلائم نفسها مع معالم الحياة الجديدة[17].

وإجمالا يمكن حصر دوافع الثورات العربية فيما يلي:

1/ وجود الفجوة بين الخطاب السياسي والواقع وهي أحد الأسباب الدافعة إلى الإضطرابات حيث توجد أزمة ثقة ومصداقية في خطاب السلطة الحاكمة مما جعل الشباب ينتفض لسوء الأوضاع العامة في الدولة.

2/ إنهيار شرعية الأنظمة القائمة نتيجة عجزها عن إيجاد حلول للمشكلات الإجتماعية والإقتصادية ورفضها السماح بقدر أكبر من الحريات والمشاركة السياسية.

3/ طرح مشروع يكرس الرئاسة مدى الحياة والحكم الفردي المطلق، حيث تعاني معظم بلدان الشرق الأوسط من نظام تسلطي واستبدادي تنعدم فيه مظاهر التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية التعبير والإعلام.

4/ غياب دور النزاهة في الإنتخابات فقد عرفت العمليات الإنتخابية في العديد من الدول بحالات التزوير وعدم الشفافية.

5/ غياب المؤسسات الدستورية أو ضعفها وفقدانها سلطات التشريع والمراقبة وإتخاذ القرارات باستقلالية، وضعف وغياب مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات واتحادات وجمعيات.
6/ تدني نسبة المشاركة السياسية لدى العامة خاصة المرأة وغياب الضغط الشعبي مع ضعف الوعي السياسي.

7/ عدم الإستقرار السياسي والتطرف والفوضى والأزمات الإقتصادية الحادة[18].

والجدير بالذكر هنا أن الثورات العربية تعتبر في المقام الأول حراك مجتمعي غير منظم تغلب عليه العفوية والتلقائية، كما أنها لم تكن تحمل مشروعاً سياسياً أو أيدلوجيا بل كانت مطالبها إجتماعية في المقام الأول، وأهم ما عانت منه تلك الثورات والإحتجاجات هو غياب مرجعيات قيادية، حيث نجحت في إسقاط الأنظمة بسهولة وتعثرت في بناء نظام جديد يحقق لها ما ترنوا إليه.

المطلب الثاني: الثورة الليبية( الأحداث والأسباب)

أولاً: احداث الثورة الليبية

إندلعت الثورة الليبية في  17 فبراير 2011م وسميت بيوم الغضب على شكل إنتفاضة شعبية شملت معظم المدن الليبية، بسبب سوء الأوضاع المعيشية، حيث تأثرت هذه الانتفاضة بموجة من الإحتجاجات العارمة التي اندلعت في العالم العربي، خاصة الثورة التونسية والثورة المصرية اللتان أطاحتا بالرئيس التونسي علي زين العابدين والرئيس المصري حسني مبارك.

وانطلقت مظاهرات في  10فبراير إسر إعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم  في مدينة بنغازي فخرج أهالي الضحايا ومناصريهم وذلك لعدم وجود سبب لإعتقالهم، ثم تلتها مظاهرات مطالبة بإسقاط النظام في عدة مدن ليبية، فأطلق رجال الأمن الرصاص على المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط ضحايا وتطورت الأوضاع، مما أدى إلى انتفاضة شعبية في مدن مختلفة مطالبة بسقوط النظام، حيث زادت شدة الإحتجاجات وطالب المحتجين من الحكومة بإصلاحات سياسية وإقتصادية وإجتماعية، حيث كانت في البداية إحتجاجات سلمية، لكن مع تطور الأحداث وأسلوب تعامل كتائب القذافي بإستخدام الأسلحة الثقيلة لقمع المتظاهرين، تحولت إلى ثورة مسلحة تسعى للإطاحة بالعقيد معمر القذافي الذي قرر القتال حتى اللحظة الأخيرة[19].

كما كان دور القبائل في ليبيا محوريا في حسم الصراع الدامي الدائر هناك إذ تزايد أهمية دور القبائل سبب عدم وجود جيش قوي، ومن ضمن تلك القبائل التي نظمت الإحتجاجات (قبيلة ورفلة) وهي اكبر قبائل ليبيا( وقبيلة ترهونة) (وقبيلة الزاوية) في جنوب ليبيا في المناطق النفطية، (وقبيلة الطوارق) في الجنوب (وقبيلة الزنتان)  (وقبيله بني وليد و قبيله العبيدات) واخيرا(قبيلة المقارحة وقبيلة اولاد سليمان) وحتى( قبيلة القذاذفة) التي ينتمي إليها القذافي بدأت تشهد انشقاقات واضحا منها استقالة احمد قذاف الدم. وقد رفعت التظاهرات العلم الليبي المستخدم في الحقب الملكية التي إمتدت من 1951 حتى انقلاب  القذافي 1969م.

ولم يكن من المتوقع أن يؤدي الجيش الليبي دوراً حاسماً في الأحداث إذ عانى طوال  حكم الزعيم القذافي إهمالاً بسبب خوف الأخير من قيامه بالإنقلابات، وركز القذافي على المليشيات والقوات الخاصة التي تعرف بـالكتائب التي يقودها الموالون له، ولم تتركز الإحتجاجات الليبية في ساحة واحدة أو حتى ساحات ولكن الدولة ككل مثلت  ساحه للكر والفر بين العقيد القذافي والثوار. فبعد تحرير بنغازي من قبل الثوار تم تشكيل المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت ليكون الممثل الشرعي للشعب الليبي، كما سارع الثوار إلى السيطرة على مناطق أخرى. وقد استعمل القذافي والميليشيات التابعة له الأسلحة الثقيلة والقذف الجوي والدبابات لمواجهة الثوار، كما لجأ إلي مرتزقة من الدول الأفريقية المجاورة من أجل محاربة الثوار.

ونتج عن  ذلك سقوط الآف القتلى  والجرحى، كما أدانت الدول الغربية والأمم المتحدة ما قام به القذافي تجاه المدنيين وهو ما لم يحدث بالنسبة لأي دوله عربيه أخرى شهدت تظاهرات، بل والأكثر من ذلك أن المحكمة الجنائية الدولية أكدت أنها ستخضع الزعيم الليبي للتحقيق بسبب جرائم إرتكبتها قواته. ومع إعتراف فرنسا بالمجلس الوطني الإنتقالي المؤقت كممثل شرعي للشعب الليبي وموافقات مجلس الأمن وقادة الغرب على تطبيق الحظر الجوي على ليبيا بتايد من جامعة الدول العربية دخلت القضية الليبية معطف أخر فهناك دعم من الغرب للثوار على حساب القذافي مما أدى إلى إنهيار نظام  العقيد[20].

 

ثانيا: أسباب الثورة الليبية.

تراكمت العديد من الظروف والأسباب على مر العقود الأربعة لحكم القذافي حتى ثورة 17 أبريل عام 2011م، حيث كانت الشرارة من( بني غازي) ثاني المدن الليبية وأكبرها في شرق ليبيا لتتحول إلى مواجهات مع النظام في البيضاء ودارنا اجدابيا وطبرق شرق وتنتقل تدريجيا إلى مدن الغرب حتى تصل الى طرابلس واخيرا سرت  لتسقط أعمدة النظام هناك وتنتهي الثورة بعد ثمانية أشهر من المواجهات والمعارك العنيفة بين الثوار وأجهزة النظام[21]، وهذه بعض الأسباب التي دفعت الشعب الليبي للقيام بالثورة:

  • اولا الأسباب الداخلية:

 1/ تاريخياً: 

يوجد تنافس كبير بين الشرق والغرب الليبي يوصف  بالصراع المنطقي حول النفوذ فقد ساند الشرق  خصوصاً بني غازي معمر القذافي في الإطاحة  بالنظام الملكي إلى أنه فيما بعد أصبح مركزا  للتمرد أو التوتر المستمر ومصدراً  للإنقلابات ضده بسبب سياساته القمعية الإقصائية.

 2/ إجتماعياً وثقافياً:

1ــــ البناء الطبقي: وهو أحد مميزات النظام الليبي الذي كرسه معمر القذافي حيث توجد ثلاث طبقات أولها الطبقة التسلطية وهي الطبقة الحاكمة وهى التي تتميز بالتفوق من حيث النفوذ وهي غير خاضعة للقانون، وطبقة التجار والمستقلين عن النظام وهذه الطبقة  التي حاربتها الطبقة الحاكمة وسيطرة على أموالها، والطبقة العامة وهي لا تملك لا ثروة ولا نفوذ ولا سلطة كما إشتملت الأسباب الثقافية والاجتماعية علي:

2ـــ التغيير الديموغرافي:

حيث ساهم زيادة شريحة الشباب في أقل من 25 عام في المجتمع الليبي بالنسبة 80% وإنفتاحهم مع العالم الخارجي في زيادة الوعي ورفض تقبل التناقضات التي كرسها معمر القذافي، وغياب الثقافة وسيطرة النظام على الكثير من القيم الثقافية في المجتمع.

3ـــ إنسانياً:

التي تتمثل بـتدهور  حقوق الإنسان والحريات العامة إذا توضح مجزرة أبو سليم في عام 1996 إنتهاكات النظام لحقوق الإنسان وقمع الحريات ولم يتضح مصير مئات من حالات الإختفاء القسري وغيرها من الإنتهاكات الجسيمة التي إرتكبت في عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين[22].

3/ سياسياً:

إن هياكل الدولة الليبية مبنية على أساس قبلي من خلال تحالف ( قبيلة القذاذفة) مع قبيلتي  (ورفلة ومفرحة) والتي تقدم الدعم الكامل للنظام؛ لهذا حكم القذافي أربعة عقود استناداً إلى معادلة قبلية واضحة، ( فقبيلة القذاذفة) التي ينحدر منها معمر القذافي هي معقل  رأس النظام وتسيطر على أجهزة الأمن والمليشيات التابعة له. ولولا إنضمام معظم القبائل إلى الثورة لما أمكن الإطاحة بنظام القذافي، ويعتقد البعض أن إنضمام (قبيلة ورفلة) إلى الثورة ( وهي أكبر قبائل المنطقة الغربية ) وإلتحاق قبيلة (ترهونة) بها هو الذي قلب الموازين لمصلحة الثورة الى القبائل الاخرى مثل( قبيلة الزاوية )التي تقطن جنوب ليبيا في المناطق النفطية و( قبيله بني وليد) التي بادرت الى سحب ابنائها من القوات الأمنية، وقد لجأ النظام المجلس الوطني الإنتقالي إلى هذا البعد القبائلي للتأكيد على حجم الدعم الذي يحصل عليه من القبائل فأعلن المجلس  في بدايات شهر مايو عام 2011 عن تلقى دعما من خلال 60 قبيلة ليبية ردا على ترويج النظام لتلقي الدعم من نحو 1000 قبيلة. وانطلاقا من ذلك فإن الولاءات القبلية أدت دورا رئيسيا في تحديد السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.

ومن هذا المنطلق لعل المسببات الداخلية التي عملت على بلورة رؤى التغيير من الداخل نتيجة الأوضاع التي مرت بها ليبيا، التي تتمثل في: بروز عوامل التغيير ومنها الركود السياسي والجمود المجتمعي ومنع العمل السياسي وغياب الأحزاب وتحريمها وتجريم إقامتها وتأسيسها وغياب الحريات العامة والجمعيات والمنتديات الأهلية والثقافية وعدم النزاهة المشوبة بالفساد التي تراكمت من الطبقات العليا  لتصل إلى الأدنى، وأعطت حالة من عدم الثقة بين السلطة والمواطن وشعور كبير بعدم جدوى مواجهة الفساد والفاسدين والقمع، مما ولد حالة من الاحتقان لدي المجتمع الليبي[23].

  • ثانيا أسباب خارجية. 

1/ إقليمية:

قد تأثر الشباب الليبي بالربيع العربي المطالب بمزيد من الحريات والذي أسفر عن سقوط نظامين استمر في الحكم لسنين عدة بدءا من تونس التي أطاحت بزين العابدين بن علي وإلي مصر التي قرر فيها حسني مبارك الإنسحاب من الحكم وهي عوامل محفزة لليبيين للتخلص من نظام القذافي الذي أحكم الخناق على شعبه.

2/ تصاعد دور القوى الخارجية والإقليمية:

حيث تعرف المنطقة منذ القدم بتدخلات مستمرة من خلال الإحتلال المباشر أو الغير مباشر مثل (دعم الحركات الانفصالية أو الضغط على الحكومات تحت شعار حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية) والتي ازدادت بعد أحداث يوليو 2001 تحت غطاء مكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات العابر للحدود.

وفي السياق ذاته نجد أن السياسة الخارجية للنظام الليبي ومواجهاته ومن أبرازها: الحرب الطويلة مع تشاد على الحدود والموارد التي قتل فيها الكثير من الطرفين واستنزفت موارد الدول المالية والعسكرية ثم الدعم لحركات في شتى دول العالم ماليا وسياسيا، والأزمة التي دخلها في حادثة  (لوكربي)  كان لها تأثيراتها السياسية والمالية على ليبيا، والتي تتمثل في  الحصار والأزمات الإقتصادية والسياسية التي عاشتها البلاد وتأثيرها على المجتمع الليبي.

وتبعتها إعتراف النظام بوجود أسلحة دمار شامل وتسليمها إلى الغرب مما اضعفت موقف النظام على الصعيد الخارجي وكسرة هيبته أمام الشعب فضلا عن التغيير الذي حدث في قيادات وكبار المسؤولين عن الدبلوماسية الليبية إلى أن هذا لم يكن السبب الرئيسي في تغيير المسمى الذي طرأ على التوجهات الخارجية الليبية وإنما جاء كجزء من تحول أوسع نطاقا في السياسة الليبية بشكل عام شمل مختلف المؤسسات والقيادات الداخلية او الخارجية وهو ما يمكن تفسيره جزئيا بإفتقاد ليبيا في عهد القذافي المؤسسية بجوهرها وبأشكالها أيضا في كثير من الحالات فقد كانت الأكثر إرتباطا في سياساتها الداخلية والخارجية بشخص القائد إذا كان القذافي هو مخطط  وصانع و متخذ القرار في السياسة الليبية بوجهها الداخلي والخارجي وكانت المؤسسات القائمة على وضع تلك السياسات أقرب إلى أدوات صيغة وإخراج منها إلى مراكز تخطيط وطرح  بدائل[24]، فمن خلال هذا الطرح قمنا بإطلالة على طبيعة الأحداث الليبية وهذا بقصد الإلمام والإحاطة بالموضوع .

المبحث الثاني:
إشعال الأزمة والقوى المتصارعة فيها منذ عام 2014

يرجع بداية الأزمة إلى إعلان جامعة مجلس شورى شباب الإسلام مدينة درنة في ليبيا إمارة إسلامية تطبق الحدود الشرعية في أبريل 2014، والإعلان عن الإلتحاق بداعش في يونيو من العام نفسه. وفي السياق ذاته، تمكنت قوات فجر ليبيا من إنتزاع السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس من لواء القعقاع وكتيبة الصواعق التابعة للجيش الوطني الليبي في يونيو 2014، ويرتبط إحتلال العاصمة من جانب ميليشيات فجر ليبيا بتنازع الشرعية القائمة بين المؤتمر الوطني المنتهية ولايته الذي أعاده للإنعقاد في طرابلس الإخوان المسلمون والفصائل الإسلامية إستنادا للدعم العسكري لتحالف فصائل الدروع وتنظيم أنصار الشريعة وكتائب فجر ليبيا ومقاتلي مرصاتة في مواجهة مجلس النواب المنتخب والقائم بمدينة طبرق الليبية الذي يستند إلى دعم قوات الجيش الوطني الليبي وكتائب الصواعق والقعقاع، الذراع العسكرية لقوى التحالف الوطني المتمركزة في مدينة الزنتان.

هذا بالإضافة إلى تمدد تنظيم داعش في درنة، واستخدامها منطقة لتنفيذ عمليات إرهابية، على غرار اختطاف الأقباط المصرين، وإعدامهم في منتصف فبراير 2015، وهو ما دفع مصر للقيام بعدة ضربات جوية استهدفت مدينتي درنة ورست بإعتبارها معاقل تنظيم داعش في ليبيا، ودعت مصر لرفع حظر تصدير السلاح عن الأطراف الشرعية في ليبيا، وتشكيل تحالف دولي لمواجهة الإرهاب في ليبيا، لذلك سوف نعرض في هذا المبحث أهم مراحل تطور الأزمة في المطلب الأول، ثم ألاطراف المتصارعة في الأزمة الليبية في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول:مراحل تطور الأزمة في ليبيا.

بصفة عامة، يمكن القول إن الصراع في ليبيا أصبح مناطقي وإن الصراع الرئيسي يرتكز في منطقة الهلال النفطي، أي أن الخريطة البترولية لليبيا أصبحت تحدد مناطق الصراع الحادة بين الأطراف المتنافسة للسيطرة على أهم مصادر الثروة، وأن الصراع يجري أيضا بين الأطراف في الجنوب للسيطرة على ممرات التهريب والبترول، ويتداخل العامل القبلي بصورة كبيرة في هذه الصراعات[25].

فمنذ سقوط نظام القذافي، مرت ليبيا بعدة مراحل مفصلية يمكن التعويل في معيار تقسيمها على الهيئات الإنتقالية والإنتخابية التي أدارت البلاد خلال السنوات الأربع الماضية، وتحولت فيها ليبيا إلى أزمة داخلية وإقليمية مستحكمة هي:

1ـــ مرحلة حكم المجلس الوطني الانتقالي:

تشكل المجلس الوطني الانتقالي في 27 فبراير 2011 بزعامة مصطفى عبد الجليل وزير العدل السابق، (وهي هيئة غير منتخبة لإدارة الثورة ضد نظام القذافي)، ثم تحولت بعد سقوط الأخير إلى إدارة المرحلة الانتقالية، لاسيما في ظل انشقاق المؤسسة العسكرية، ومن ثم غياب قوة مركزية تدير مرحلة ما بعد الثورة عَبَّرَ المجلس الوطني الانتقالي في تشكيله الأولي عن الشرق، ثم امتد في تمثيله إلى الوسط والغرب.

وفي هذا السياق، أصدر إعلانا تأسيسيا انطوى على رؤية سياسية مبدئية لتأسيس النظام والدولة في ليبيا، مضمونها تأسيس دولة مدنية ديمقراطية، تقوم على دستور يفصل بين السلطات، وإجراء انتخابات ديمقراطية، وإطلاق الحريات العامة وحق تكوين أحزاب. وبدا غياب التفاصيل السياسية في الإعلان -تعبيرا عن رغبة المجلس الوطني الانتقالي في عدم فرض رؤية واضحة للنظام والدولة- التي لا تزال قيد التبلور، كما تم إصدار وثيقة دستورية مؤقتة، تحدد آجال تسليم السلطة من المجلس الوطني الانتقالي إلى مجلس منتخب، وتبني دستور جديد، وتشكيل حكومة انتقالية مكلفة برئاسة الدكتورعبدالرحيم الكيب، وتنظيم إنتخابات لإختيار مؤتمر وطني عام.[26]

ومع غياب شرعية منتخبة للمجلس الإنتقالي، وإفتقاده إحتكار القوة لتنفيذ سياساته، بدت يداه مغلولتين تجاه الضغوطات التي مارستها عليه القوى الإسلامية والميليشية الصاعدة بعد الثورة التي رغبت في محو أي مركزية يمكن أن تعيد إلى الأذهان استبدادية القذافي. فمثلاً، تراجع المجلس الوطني الإنتقالي عن منع قيام الأحزاب على أساس مناطقي أو ديني، تحت ضغوط القوى الإسلامية والمناطقية، كما خضع المجلس الانتقالي لضغوط الأقاليم عندما صاغ لجنة الستين للدستور لتمثل الأقاليم الثلاثة في ليبيا، وأعلن عن انتخابها بدلاً من تعيينها؛ لتجنب مقاطعة الإنتخابات من الشرق، الأمر ذاته تكرر في قانون العدالة الإنتقالية الذي رضخت فيه السلطات لضغوطات الميليشيات المسلحة، عندما منحت العفو عن أي أعمال قد تعتبر ضرورية خلال ثورة 17 فبراير، عسكرية كانت أو غير عسكرية.

على المنوال ذاته، تعامل المجلس الإنتقالي مع المعضلة الأمنية بمنطق تكيفي عبر تكريس نظام أمني هجين، بدت مؤشراته مع تعيين قادة بعض الكتائب في وزارات حكومية رئيسية؛ حيث تولى اثنان من قادة الكتائب المسلحة آنذاك -هم فوزي عبد العال من مرصاتة وأسامة الجويلي من الزنتان- وزارة الداخلية والدفاع. أضف إلى ذلك التنسيق مع بعض الميليشيات دون إستيعابها في الجيش النظامي، أو اللجوء إلى الميليشيات لحماية السفارات، أو فض المنازعات القبلية.[27]

2ــــ مرحلة المؤتمر الوطني العام:

إنتقلت ليبيا مع إنتخاب المؤتمر الوطني العام في أول إنتخابات عامة في يوليو 2012؛ إلي مرحلة تشريعية في البلاد كانت الأول منذ42 عام من الإستبداد السياسي؛ وكانت نتيجتها خسارة الإسلاميون تلك الإنتخابات بحلول حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجامعة الإخوان المسلمين في المرتبة الثانيـة بعـد تحالـف القـوى الوطنية ذي التوجهـات الليبرالية القوميـة؛ فتحولـت السـاحة السياسـية إلى اسـتقطاب مدني – دينـي مدعـوم بعوامـل وخلفيـات مؤثـرة، سـواء ميليشـية أو قبليـة أو مناطقية أو جهاديـة.

ومارست الميليشيات الموالية للتحالف الظاهر في مرصاتة والإسلاميين ضغوطات إصدار قانون العزل السياسي في ديسمبر2012م لتحجيم فوز القوى المدنية (تحالف القوى الوطنية )، لاسيما أن بعض رموزه عملت إبان حكم القذافي وخاصة محمود جبريل .بل إن الإسلاميين سعوا إلى تغير موازين القوى البرلمانية في المؤتمر الوطني العام، عبر (كتلة من المستقلين  وهي كتلة الشهداء الإسلامية(، التي هي أساسا قيادات جهادية منخرطة في العمل السياسي، مثل عبدالوهاب القايد؛ لضمان السيطرة على المؤتمر الوطني العام[28].

حيث تمكن بالفعل تحالف الإسلاميين من إزاحة علي زيدان رئيس الوزراء الأسبق، وتمديد وألية المؤتمر الوطني العام حتى ديسمبر 2014 علما بأنها انتهت في فبراير من العام نفسه، كما تم تكليف وزير الدفاع آنذاك عبد الله الثني برئاسة الحكومة، لكنه استقال من منصبه بعد 15  يوما؛ الأمر الذي جعل تحالف الإسلاميين مرصاتة إلى الدفع برجل الأعمال المرصاتي أحمد معيتيق لرئاسة الوزراء في مايو 2014، رغم الطعن الدستوري على طريقة التصويت عليه، غير أن المحكمة الدستورية حكمت بعدم دستورية تعيينه في التاسع من يونيو 2014 لتتصاعد الأزمة السياسية في البلاد.

في هـذة الأثناء، أطلق خليفة حفتر في الـ16 مـن مايو 2014 عملية الكرامـة في شرق ليبيـا التـي اسـتهدفت في بدايتهـا تطهير ليبيا من الجامعـات الجهاديـة المسـلحة التـي تصاعـدت تهديداتهـا داخليـا، ثـم اتسـعت لتشـمل أهدافًـا سياسـية تتعلـق بطبيعـة وإقليمية السـلطة الإنتقالية؛ حيـث طالبـت بتجميـد المؤتمر الوطنـي العام، وتشـكيل حكومـة طـوارئ، وإجـراء انتخابـات عامـة. عكـس ذلـك الاتساع طبيعـة الدوافـع خلـف عمليـة كرامـة ليبيـا؛ إذ بـدا أنهـا تسـتهدف مواجهـة تصاعـد هيمنـة تحالـف (الإخوان المسلمين والأحزاب السـلفية والقوى الجهادية السـابقة المنخرطة في العمل السـياسي، وقـوات درع ليبيـا التي تضـم مقاتلين إسلاميين ينتمون غالبيتهـم إلى مرصاتـة) على مؤسسـات الدولـة الانتقالية.

في هـذا السـياق، دفعـت حكومة تصريف الأعمال برئاسـة عبدالله الثنـي إلى اقتراح تعليـق عمـل المؤتمر الوطنـي العام، حتـى إجراء انتخابـات عامـة، حيث أن المؤتمر الوطنـي العام تجاهـل المبادرة في البدايـة ثـم تراجع ليعلن عن انتخابـات عامة في يونيو 2014، لكنه اسـتعد إلى معركـة طويلة الأمد وخاصة حـول طرابلس، بأن أوكل مهمـة حاميـة العاصمة إلى قوات درع ليبيا الوسـطى المقربة مـن الإسلاميين كـرد فعل على عمليـة حفرت[29].

3ــــ مرحلة مجلس النواب الليبي:

أبرزت نتائج انتخابات مجلس النواب في 25 يونيو 2014 ضعف الإسلاميين، وخاصة حزب العدالة والبناء وفي المقابل استطاعت التيارات المدنية والفيدرالية والقومية الهيمنة على مجلس النواب الذي إنتقل من العاصمة طرابلس إلى طبرق في شرق ليبيا. وبعد شهر واحد في يوليو 2014، انطلقت عملية فجر ليبيا التي تحالفت فيها الميليشيات الإسلامية  المرصاتية للسيطرة على مطار طرابلس وتحريره من ميليشيات الزنتان الصواعق والقعقاع ومدين، ونجحت بالفعل في تدمير المطار ونقل الحركة التجارية إلى مدينة مرصاتة؛ ما دفع الزنتان وميليشياتها إلى  خوض معركة بالتحالف مع ورشفانة في الجبل الغربي، مدعومة من حكومة ومجلس نواب طبرق .وفي غضـون ذلـك تحـول مجلـس النـواب في طبرق ليكـون الظهير البرلماني لعملية الكرامة لمكافحة الإرهاب؛ إذ أصـدر قانون سـبتمبر 2014، وبموجبه أعتبر ( فجـر ليبيـا وأنصـار الشريعة من التنظيمات الإرهابية)، كما قـرر في 13 أغسـطس 2014 الإستعانة بالمجتمع الدولي لحاميـة المدنيين في ليبيـا، بعـد رفـض الأطراف المتنازعة الإستجابة لوقف إطلاق النار، لكن هـذه الدعوة لم تلقي قبـولاً دولي.

في المقابل أحيا التحالف الإسلامي – المرصاتي المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في طرابلس، واختار حكومة مناوئة برئاسة عمر الحاسي آنذاك بعد إقالة عبدالله الثني التي انتقلت إلى مدينة البيضا في شرق ليبيا، كما تم الطعن أمام المحكمة العليا في شرعية مجلس النواب، وهو الأمر الذي أفضى إلى حكم بحل المجلس في نوفمبر 2014، استنادا إلى أن قرار المؤتمر الوطني العام  في مارس 2014 بإجراء انتخابات تشريعية، جاء بناء على تعديلات الإعلان الدستوري كانت تتطلب أكثرية الثلثين، وهو ما لم يحصل، فألغي القانون المنظم للإنتخابات، وما ترتب عليه من مجلس نواب وحكومة وكرد فعل على ذلك، بدأت المساحات تضيق بعملية الكرامة وحكومة ومجلس النواب طبرق الذي أعلن مساندته العملية لطرد الجامعات الإسلامية المسلحة من شرق ليبيا. ومع نهاية عام 2014 تمحور الصراع بين جبهتين؛ إحداهما في الشرق يقودها مجلس نواب طبرق وحكومة الثني مدعومة بتحالفات سياسية وقبلية وعسكرية، والثانية في الغرب يقودها المؤتمر الوطني العام وحلفاؤه في فجر ليبيا من الإسلاميين والقبائل الموالية.

في هذا السياق، برزت ثلاث جبهات للقتال العسكري: الأولي في بنغازي بين قوات حفرت والجهاديين، والثانية في وسط ليبيا حول منطقة الهلال النفطي.والثالثة في الجبل الغربي في غرب ليبيا.ولكن يبدوا أن أطراف الصراع غير قادرين على الحسم العسكري في هذه الجبهات؛ ما دفع الأنظار في ليبيا إلى جهود المبعوث الدولي برناردينو ليون الذي حل مكان المبعوث السابق طارق مرتي، ليبدأ حوار في سبتمبر2014 ضم نواب من المجلس الوطني نواب طبرق والمؤتمر الوطني العام، ثم انتقل الحوار إلى جنيف في يناير 2015، والمغرب والجزائر في مارس من العام نفسه. وتركز الحوار في جلساته المتعددة حول قضايا أساسية؛ منها تأسيس حكومة توافق وطني، والإعتراف بشرعية مجلس النواب في طبرق وسحب الميليشيات المسلحة من المدن[30].

 

المطلب الثاني: القوي المتصارعة في ليبيا.

بســبب حالــة التعقيــد والتعدديــة في أطــراف الــصراع الليبــي وتعـدد قضايـاه، يمكـن الإعتماد على معياريـن أساسيين لمعرفة الأطراف المؤثرة وديناميكيتها وهما:

المعيار المناطقي باعتبـار أن التكويـن الأساسي للدولـة الليبيـة منـذ استقلالها في عــام 1951 هــو الأقاليم الثالثــة ( الشــرق والغــرب والجنــوب).

طبيعـة القضيـة الرئيسـية التـي يتـم الصـراع عليهـا، دون أن ينفـي ذلـك وجـود تشـابكات بيـن المناطق والقضايـا المختلفة.

وعليه فقد تم تقسيم القوي المتصارعة في ليبيا وفقا للمعايير السابقة كالتالي:

1) الصــراع بيــن حكومــة طـبـرق والميليشيات الجهاديــة في الشــرق:

يـدور الـصراع في الشـرق الليبـي – وخاصـة بنغـازي- حـول تمـدد الجامعــات الدينيــة المتطرفــة مــن جانــب، وتكريــس نفــوذ الإصطفاف المؤيـد لحكومـة ومجلـس نـواب طـبرق في المنطقـة مــن جانــب آخــر.

وفي هــذا الإطار، بــرزت جبهتـان أساسـيتان: الأولى تضـم مجلـس نـواب طـبرق وحكومتـه والجيــش الوطنــي الليبــي الــذي شــكله اللــواء خليفــة حفتــر بعــد إطلاقه عمليــة الكرامــة في مايــو 2014 لطــرد الجامعــات الجهاديــة مــن شرق ليبيــا، فضــلاً عــن إقامــة تحالفــات مــع بعـض الميليشيات والقبائـل، كتلـك الموجـودة في الشـرق الرافضـة للإسلاميين المسلحين، مثــل العبيــدات والمســامير والعواقيــر، وقـوى حزبيـة مثـل تحالـف القـوى الوطنيـة، علاوة علـى بعـض الأحزاب الصغـيـرة ذات الإتجاه القومــي والفيدرالي، وكذلــك تأييـد القـوى الفيدراليـة عبـر جناحهـا المليشي المسـلح في برقـة بزعامــة إبراهيــم الجــران. وامتــد تأييــد العمليــة إلى الغــرب (مــن قبائــل الزنتــان غريمــة مرصاتــة في الغــرب، واللــواءات المســلحة الصواعــق، والقعقــاع، والمـدين في طرابلـس وفي الجنـوب حصلـت عمليـة الكرامـة عـلى دعــم بعــض القبائــل مثــل التبــو وبعــض المســلحين مــن قبيلــة البراغيـث.

وارتبـط الدعـم للجيـش الوطنـي الليبـي –الـذي أصبـح بمنزلـة الـذراع العسـكرية لحكومـة ومجلـس نـواب طبـرق بعـد مـا أن أدى حفتـر اليميـن الدسـتوري في 9 مـارس 2015  قائدا للجيــش الليبــي أمــام مجلــس النــواب في طبــرق- بتخوفــات العديدين من تنامي نفــوذ الإســلامين في  الواقــع الســياسي الليبــي[31].

وتشــكلت نــواة الجيــش الوطنــي مــن تشكيلات نظاميــة مــن الجيـش أعلنـت عـن دعمهـا عمليـة اللـواء خليفـة حفـتر، وتمثلت في وحـدة القاعـدة الجويـة في بنينـا ومقرهـا بنغـازي، التـي جـاء دعمهـا بالتزامـن مـع الدعـم الـذى تلقـاه حفـتر مـن قائـد الدفاع الجـوي الليبـي جمعـة العبـاني، وكذلـك وحـدة القاعـدة الجويـة جمــال عبدالنــاصر الموجــودة في طبــرق، وقــوات الصاعقــة في بنغـازي التـي يقودهـا ونيـس بوحمـادة، وكتيبـة الدبابـات 204 الموجــودة في طبــرق، وكتيبــة أحمــد الرشيف/الكتيبــة رقــم 25 المسـئولة عـن تأميـن حقـول النفـط في سرير ومسـلة في جنـوب ليبيـا، وكتيبـة حسـن الجويفـي الموجـودة في البيضـاء.

أمـا في الجبهـة الثانيـة المضـادة للصـراع شرق ليبيـا، فظهـر مجلـس شـورى ثـوار بنغـازي. ويضـم المجلـس مجموعـة مـن الميليشيات الجهاديــة المســلحة في الشــرق، ومــن أبرزهــا كتيبــة درع ليبيــا رقـم 1 بقيـادة وسـام بـن حميـد، وهـي إحـدى فـرق درع ليبيـا، وجامعـة أنصـار الشريعة، وكتيبـة راف اللـه السـحاتي، وكتيبـة 17 فبراير. وبخــلاف ذلــك، فهنــاك محــور – مجلــس شــورى شــباب الإسلام والقــوى المتشــددة المتحالفــة معــه مــن مجموعــات جهاديـة سـابقة- وينحصـر نشـاطه في مدينـة درنـة، وأعلـن هـذا التنظيـم مبايعتـة تنظيـم الدولـة الإسلامية في سـوريا والعـراق في أكتوبـر 2014، ويمثـل درع ليبيـا رقـم واحد فهو همـزة الوصـل بيـن هـذه الجبهـة واصطفـاف فجـر ليبيـا في الغـرب الـذي يضـم في صفوفـه قـوات لـدرع ليبيـا التـي تملـك أفرعـا في مناطـق مختلفـة[32].

2) الصراع على العاصمة طرابلس في الغرب:

يشـهد الغـرب الليبـي صراعـا حـول مـن يسـيطر عـلى العاصمـة طرابلــس؛ ففــي 13 يوليــو 2014 أعلــن صــلاح بــادي الضابــط الســابق في القــوات المســلحة في عهــد القــذافي عــن عمليــة عسـكرية عرفـت – بـفجـر ليبيـا- بهـدف التعاطـي مـع التهديـد الـذي يفرضـه حفتـر وحلفـاؤه، ودعـم البرلمان المـوازي للمؤتمـر الوطنــي العــام، فضـلاً عــن منــع ســيطرة ميليشــيات الزنتــان عـلى مطـار طرابلـس، ومـن ثـم تعزيـز نفـوذ وسـيطرة التحالـف الإسلامي–المرصاتي علــى العاصمــة طرابلــس، وخاصــة منطقــة الجبــل الغــربي. ويضــم معســكر فجــر ليبيــا مجموعــة مــن الميليشيات الإسلامية والقبليــة التــي تنتمــي إلى عــدة مــدن في غـرب ليبيـا هـي: مرصاتـة وطرابلـس والزاويـة وزليـتن وغريـان، ومــن أبرزهــا:

  • ميليشــيات درع ليبيــا التــي تعــد الأكثر قــوةً وعتــادا:

وهــو مـا حولهـا إلى مـا يشـبه القـوة الرسـمية للنظـام الإنتقالي، رغـم طابعهـا المليشي؛ إذ أعطاهـا المؤتمـر الوطنـي العـام صلاحيات حاميــة طرابلــس في أغســطس 2013 .

  • غرفـة عمليـات الثـوار:

ويرتبـط تكوينهـا بمدينـة مرصاتـة، ولعبـت تلـك الغرفـة التـي تتكـون مـن مجموعـة وحـدات تابعـة لـوزارة الدفـاع، وأخـرى للداخليـة، دورا في تمريـر قانـون العـزل السـياسي إبـان المؤتمـر الوطنـي العـام.

  • عمليـة فجـر ليبيـا:

اسـتقطبت عمليـة فجـر ليبيـا مجموعـات شـبابية عرقيـة أشـبه بالصحـوات مـن جبـل نفوسـة، وخاصـة في نالـوت وغريـان، وبعـض المناطـق الأمازيغية مثـل القلعـة، عـلاوةً عـلى الكفـرة.

  • قــوى حزبيــة وحكوميــة:

حيــث نالــت فجــر ليبيــا تأييــد  الأحزاب الإسلامية بشـقيها السـلفي والإخواني، وخاصـة العدالـة والبنــاء الــذراع السياســية لجامعــة الإخوان المسلمين، عــلاوةً علـى الأحزاب ذات الطابـع السـلفي مثـل الأمة، والوطـن، وكتلـة الوفـاء للشـهداء الإسلامية في المؤتمـر الوطنـي العـام، وحكومــة طرابلــس الموازيــة[33].

أمــا في الجبهــة المضــادة في غــرب ليبيــا: فتـظهـر قبائــل الزنتــان، والكتائـب المسـلحة التابعـة لهـا( الصواعـق والقعقـاع والمـدني(، عـلاوةً عـلى قبيلـة ورشـفانة وجيـش القبائـل في الجبـل الغـربي، ويســاندها قــوات الجيــش الوطنــي المــوالي لحكومــة طبــرق كهمــزة وصــل ومحاولــة لإمتداد حكومــة طــبرق نحــو الغــرب.

3) الصراع على التجارة غير الشرعية في الجنوب:

يـدور الصـراع في جنـوب ليبيـا تـارةً بـين قبائـل التبـو ذات الأصول الإفريقية، والــزوي العربيــة؛ حيــث تملــك كل قبيلــة مجموعــة مــن الميليشــيات المتصارعــة عـلـى تجــارة التهريــب والســيطرة عـلـى النقــاط الأمنية، وتــارةً أخــرى بيــن التبــو وبعــض عنــاصر الطــوارق، وخاصــة في مدينــة أوبــاري الجنوبيــة القريبــة مــن منشـأة حقـل نفـط الـشرارة أحـد أكبـر المنشـآت النفطيـة في ليبيا. ويمكـن الإشارة إلى أن تفاقـم الصـراع القبـلي في الجنـوب جـاء في بعضــه نتاجــا لسياســات تمييزية مارســها القــذافي بيــن القبائــل؛  وفي بعضــه الآخر لغيــاب الدولــة وســيطا في الصراعات، حيث لجــأت الســلطة الإنتقالية إلى ميليشــيات درع ليبيــا في يونيــو 2012م لفــض إشــتباكات الكفــرة؛ مما فاقــم الـصـراع وأشــعرهم بإنحيـاز السـلطة إلى القبائـل العربيـة.

ورغـم أن الجنـوب يبـدو منشغلا بصراعـه القبلـي، فـإن تشـابكاته مـع أطـراف الـصراع في الشـرق والغـرب قـد تغييـر مـن موازيـن القـوى، وخاصـة في ضـوء العلاقـة الوثيقـة بـين التبـو والزنتـان في مقابـل رهـان فجـر ليبيـا وفي – قلبهـا مرصاتـة- عـلى بعـض عنـاصر الطـوارق[34].

الجدول التالي يوضح أبرز الميليشيات المسلحة في المناطق الليبية[35]:

 

طرابلس والغرب الليبي بني غازي وشرق ليبيا الجنوب
 • ميليشيات فجر ليبيا

 

• المجلس العسكري للزنتان

 

• كتيبة القعقاع

 

•كتيبة الصواعق

 

• المجلس العسكري للطرابلس

 

•كتيبة النواصي وقوات الردع الخاصة

 

• اللجنة الأمنية العليا

 

•قوات درع ليبيا

 

•تجمع ميليشيات (مصراته حطين والخلبوص وكتيبة 166).

 

• غرفة ثوار ليبيا

 

• تنظيم الدولة الإسلامية داعش

 

• الجيش الوطني الليبي – حفتر

 

• جيش برقة وقوة حماية برقة

 

• لواء الصاعقة

 

• أنصار الشريعة

 

• كتائب شهداء 17 فبراير

 

•كتائب راف اهلل السحاتي

 

• كتيبة شهداء أبوسليم

 

• جيش الإسلام في درنة

 

• تنظيم الدولة الإسلامية داعش

 

•مجموعات جهادية صغيرة تمثل إمتداد للنصرة وأبي محجن الطائفي، جماعة التوحيد والجهاد

•ميليشيات التبو

 

• ميليشيات الطوارق

 

• ميليشيات القبائل العربي

(جدول”1″  أبرز الميليشيات المسلحة في المناطق الليبية)   

 

وإجمالا، فإن تطورات الأزمة الليبية ومسبباتها وأطرافها في مرحلة ما بعد الثورة تشير إلي مجموعة من الخصائص وهي:

  • وجود سلطة ومؤسسات إنتقالية هشة بعد الثورة بلغت حد التنازع على شرعيتها بين حكومتين وبرلمانين وجيوش ميليشية متعددة، جعل إستخدام السلاح هو الاداة الأساسية لفرض المطالب السياسية والإجتماعية في البلاد.
  • هناك تعددية واسعة للقوى الفاعلة وتنوع خلفياتها بين الحزبي والديني والقبلي والليبرالي والمليشي والجهادي، كما أن تأثيرات الأطراف ذات طبيعة مناطقية أكثر من أن تكون في عموم الجغرافيا الليبية.
  • باتت الأزمة الليبية تعبيرا عن حالة – توازن ضعيف- فلا أحد يمكن النظر إليه بإعتباره قاطرة رئيسية سواء للسلام أو للصراع، دون اصطفافات وارتباطات عابرة للحدود وتصدعات وخلافات تنشأ بين الحين والآخر.

 

المبحث الثالث:

مستجدات الأزمة المثارة في 2020 وأطرفها

أصبحت السياسة الخارجية التركية صاحبة اليد العليا في المنطقة في إثارة الأزمات مع الدول المجاورة ويرجع ذلك إلى تغيير إستراتيجية الخارجية التركية من استخدام القوة الناعمة إلى استخدام القوى الصلبة والتي نتج عنها العديد من الأزمات التي أحدثت ضجيج في المنطقة وبالتالي لم يكن مستغربا إتهام الحكومة التركية من قبل الأمم المتحدة بانتهاك حظر السلاح المفروض على ليبيا عام 2019 بالإضافة إلى إبرام بعض مذكرات التفاهم بين تركيا وحكومة الوفاق في ليبيا في أواخر نوفمبر 2019، ولم يكن هذا التدخل وليد اللحظة فقد سبق إبرام تلك المذكرات تقديم مساعدات عسكرية لحكومة السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر وذلك منذ نشوبها في أبريل عام 2019 وكانت تلك المساعدات بحجة خلق توازن عسكري ومساعدة الحكومة الليبية المعترف بها من الأمم المتحده[36].

المطلب الأول: مستجدات الأزمة

تسببت الخيارات العسكرية المتهورة التي تطغى على الحلول السياسية في تعدد المواجهات العسكرية بين القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني والمدعومة بجماعات إسلامية وقبلية مسلحة وقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر وسعي كل منهما إلى حسم الصراع عسكريا، وقد بدأت عجلة العمليات العسكرية تتصارع منذ أبريل عام 2019 حيث أعلنا حفتر بدء عملياته العسكرية لتحرير مدينة طرابلس وزحف الجيش الوطني الليبي لإنهاء سيطرة حكومة الوفاق الوطني على العاصمة طرابلس وحقق حفتر حتى نهاية عام 2019 مكاسب متتالية واقترب بشكل واضح من العاصمة بعدما سيطر على معظم المناطق المهمة إستراتيجيا غرب ليبيا، غير أن هدفه الأساسي لم يأتي بعد لجوء قائد حكومة الوفاق إلى دولة تركيا والتي أبرم معها مذكرتي تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية بينهما في مياه البحر المتوسط والتعاون العسكري، وعلى هذا الأساس قامت تركيا بموجب هاتين المذكرتين بتقديم مساعدات عسكرية إلى طرابلس وهذه المساعدات شملت أشكال متعددة من الدعم بما فيها الخبراء والتسليح والمعلومات الإستخبارية والمشاركة الفعلية في مجريات المواجهات الدائرة بين القوي الليبية[37].

أولا: مراحل تطور مستجدات الأزمة

في الثاني من يناير عام 2020 تقدم الرئيس التركي للبرلمان بمذكرة يطلب فيها الموافقة على تفويضه لإرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا كما حدث في العراق وسوريا، وبناء على ذلك وافق البرلمان التركي على هذا الأمر ولمدة عام قابلة للتجديد، وعلي الرغم من أن تركيا كانت تملك العديد من البدائل لدعم السراج دون أن تنقل قوات عسكرية تركية إلى الأراضي الليبية ولكن أستغل أردوغان حاجة السراج لمثل هذا الدعم حتى يحصل على قاعدة وترسانة قوية في ليبيا لعدة إعتبارات أهمها: علاقته المتوترة مع مصر وكذلك الإستغلال الإقتصادي للحصول على النفط والغاز والموارد الطبيعية المتجددة في ليبيا وقد تكون هذه الخطوة مقدمة لإقامة قاعدة عسكرية تركية دائمة في ليبيا، وقد قامت تركيا بإرسال أول قوة عسكرية إلى ليبيا وقامت بالتصديق على صفقة أسلحة إلى حكومة الوفاق وهذه الأسلحة ما بين ثقيلة وطائرات دون طيار وأسلحة دفاع جوي ومضادات للطائرات وفي هذا السياق بدأت قيادات الجماعة الإخوانية بالسفر إلى تركيا لعقد إجتماعات مع المسؤولين الأخوان في تركيا بشكل كامل وقبل تصديق البرلمان على طلب إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا تحرك مجموعة من الضباط الأتراك إلى ليبيا لعقد إجتماعات مع الميليشيات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق[38].

وقد كان لهذا التدخل العسكري التركي المباشر دورا كبيرا في الحيلولة دون خضوع طرابلس لسيطرة الجيش الوطني الليبي، وبعد إنعقاد مؤتمر برلين في 19 يناير 2020 شهد الموقف العسكري أسابيع من الهدوء النسبي غير أن عدم تحقيق مسارات التفاوض التي دشنها مؤتمر برلين أي تقدم أدى إلى استئناف القتال وإرتفاع سقف أهداف الجانبين بهدف تحقيق تفوق ميداني ومكاسب عسكرية تكفل تغيير موازين القوى، فعمقت أنقرة هذا الاتجاه بتدخلها في المعارك بتقديم منظومات تسليح متقدمة ونقل أعداد من المقاتلين التابعين لفصائل إسلامية مسلحة من سوريا إلى غرب ليبيا ولقد شكل هذا الدور العسكري الذي اطلعت به تركيا نقطة مفصلية في تغيير الأوضاع على الأرض، وقد تمكنت حكومة الوفاق الوطني في أسابيع قليلة من إستعاده السيطرة على الشريط الساحلي بين طرابلس والحدود التونسية ثم الإستلاء على القاعدة الوطنية العسكرية وبعدها مدينة ترهونه ذات الأهمية الاستراتيجية والتي كانت تمثل مركزا رئيسيا للقيادة والسيطرة لدى الجيش الوطني الليبي، وكانت محصلة هذه التطورات المهمة أن الميزان العسكري الذي كان يميل بشكل واضح لصالح قوات حفتر لعام كامل منذ أبريل 2019 حتى أبريل 2020 عاد إلى التوازن بين الجانبين ورغم إستمرار العمليات العسكرية وخروج طرابلس وأنقرة بتصريحات حول الإستمرار في القتال والاتجاه شرقا بدءا من سرت إلا ان التحركات الإقليمية وردود الافعال الدوليه على هذه التطورات كشفت أن الأطراف الأقليمية المعنية بالملف الليبي وقوي العالم الكبرى لن تسمح بإنقلاب الأوضاع على الأراضي الليبيه بسيطرة حكومة الوفاق الوطني علي شرق ليبيا وإنفرادها بالسلطة السياسية في أرجاء البلاد[39].

وبناء على تلك التطورات قامت مصر بتشكيل لجنة تضم وزير الدفاع ووزير الخارجية ورئيس المخابرات الحربية والعامة لدراسة وتقييم الأوضاع في ليبيا ومدى تأثيرها على الأمن القومي المصري وأثر إرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا على الأمن الداخلي لمصر من الناحية الغربية وهذه اللجنة تكون مسؤولة عن رفع تقارير بشكل يومي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن الواقع الليبي والإجراءات التي يجب على مصر أن تتخذها لحماية أمنها القومي وأهمها تجديد الإجراءات الأمنية على الحدود مع ليبيا لمنع تهريب السلاح أو تسلل أي عناصر إرهابية[40].

ثانيا: موقف الشارع التركي من إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا:

وفي إطار ردود الفعل المتوقعة على أثر موافقة البرلمان التركي على طلب الرئيس بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، كان هناك تباين داخل الشارع التركي فعلى الرغم من الحملات القوية التي قادها الرئيس التركي وحزبه الحاكم والتي كانت تهدف إلى إقناع أحزاب المعارضة بالموافقة على مبادرة الرئيس إلا أن أحزاب المعارضة صوتت ضد منح أي تفويض للقوات المسلحة التركية للتدخل في ليبيا، هذا وأكدت أحزاب المعارضة في تركيا على أن تمرير مذكرة تفويض بإرسال جنود أتراك إلى ليبيا يشكل تهديدا قويا على الأمن القومي لتركيا وسوف يترتب عليها خسائر في صفوف القوات التي سوف تنتقل إلى ليبيا وعلي الرغم من أن أحزاب المعارضة كانت قد وافقت في وقت سابق على إرسال قوات عسكرية خارج الحدود التركية وخاصة في سوريا فإنها ترى أن إرسال قوات إلى ليبيا بهدف الدفاع عن التيارات الإسلامية في المنطقة مرفوض.

ثالثا: الموقف الدولي تجاه إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا:

تهدد خطط أردوغان في ليبيا تقاربه مع حلفائه وخاصة روسيا التي تدعم قوات خليفة حفتر، وفي المقابل رفضت الدول الأوروبية موافقة البرلمان التركي على إرسال دعم عسكري إلى طرابلس وقامت بتحذير أردوغان من مخاطر الإنخراط العسكري في الأزمة الليبية، وكان رئيس الوزراء الإيطالي قد هدد بفرض حظر قوي على ليبيا، بالإضافة إلى إدانة الولايات المتحدة الأمريكية السلوك التركي، ورفضت الأمم المتحدة هذا التدخل العسكري في ليبيا بإعتبارها تفرض حظرا على تصدير السلاح لليبيا مؤكدة على أن التحركات التركية في ليبيا قد تزيد من مساحة الصراع وإستمرار حالة الإنقسام للدولة الليبية، كما أثارت الإجراءات التركية قلق دول الجوار الليبي خاصة تونس والجزائر، فقد أعلنو رفضهم لأي تدخل خارجي في ليبيا وكذلك تواجه هذه الخطط معارضة شديده من مصر واليونان وقبرص لأنها تهدد أمنهم القومي[41].

وقد تمكنت روسيا من عرقلة تحركات تركيا نحو التدخل العسكري الكامل في ليبيا فقد سعت الى تكليل الجهود التي يبذلها الأوروبيون وكذلك جيران ليبيا خاصة مصر والجزائر بالإضافه إلى الإمارات وقطر وتركيا والاتحاد الروسي لتوجيههم في إتجاه واحد من أجل حس الأطراف في النزاع الليبي على التوصل إلى اتفاق من خلال المفاوضات بدلا من الإستمرار في تسوية الأمور بإستخدام القوة، وقد حدد المشير خليفه حفتر بعض الشروط قبل الموافقة على الهدنة أهمها:

  • نشر الجيش الوطنى الليبى في طرابلس وإنسحاب المقاتلون السوريون من البلاد.
  • إستبعاد تركيا من القوة الدولية التي سيتم نشرها لحفظ السلام وإلغاء بعض الفصائل المسلحة في طرابلس.
  • تشكيل حكومة وحدة جديدة معترف بها من قبل البرلمان ومقرها طبرق.

وبالطبع تلك الشروط لا تتماشي مع مصالح تركيا في ليبيا.[42]

رابعا: خسائر الجيش التركي في ليبيا وردود فعل المعارضة التركيه

تلقت قوات اردوغان منذ البداية خسائر واضحة والعديد من القتلي الأتراك مما أدي إلى التذمر داخل تركيا ضد سياسات النظام في ليبيا وبدأ يأخذ التذمر والأعتراض وتيرة تصاعدية عقب سقوط قتلي في صفوف الجيش التركي في ليبيا خلال العمليات العسكرية التي تنفذها لدعم ميليشيات السراج بطرابلس في مواجهة الجيش الوطني الليبي وإعتراف أردوغان بهذا الأمر جاء بطريقة فيها سخرية إذ قال حرفيا: “لدينا بضعة قتلي في ليبيا”، مما أثار غضب المعارضة، ثم قرر أردوغان إرسال مرتزقة وقوات إلى ليبيا وهو ما أعتبرته قوات الجيش الوطني الليبي تأكيدا على دور تركيا في دعم الإرهاب وإطالة عمر الأزمة في ليبيا.

ويواجه الرئيس التركي إنتقادات شديده من المعارضة بسبب تكتمه الشديد على خسائر الجيش التركي في ليبيا وملاحقة الصحفيين ووسائل الإعلام التي تكشف حجم الخسائر التي يتعرض لها الجيش التركي في ليبيا، وقد وصلت حالة الغموض التي يتعامل بها نظام أردوغان مع أعداد وأسماء قتلي الجيش التركي في ليبيا إلى درجة تشييع جثامين القتلى سرا ودون أي مراسم عسكرية، وأصدرت 40 نقابة للمحاميين في تركيا بيانا مشتركا أدانت فيه الإعتقالات التي طالت الصحفيين الأتراك مؤكدة أن: الصحافة ليست جريمة، ونظمت نقابة الصحفيين الأتراك وقفات إحتجاجيه للتعبير عن إدانتها الشديدة للممارسات العنيفة ضد الصحفيين وذلك أدى إلى حدوث عدم استقرار داخل الشارع التركي وتفاقم المعارضة على الحزب الحاكم[43].

الجدول الآتي إستعراض مجمل الملامح الأزمة الليبية وتداعياتها ومالأتها المستقبلية[44]:

 

 

نشأة الأزمة أطراف الأزمة الأطراف الأقليمية  قضايا الأزمة تداعيات الأزمة مألات الأزمة
الأزمة في ليبيا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحراك الإحتجاجي عقب الثورة الليبية. ميلشيات فجر ليبيا ومن يواليها- قوات الجيش الوطني الليبي مصر –   تركيا تنازع شرعي مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام-تقاسم الثروات بين الأقاليم- الصراعات القبلية انهيار مؤسسات الدولة الليبية- سيطرة المليشيات على بني غازي والعاصمة طرابلس- الأزمات الإنسانية- تهديدات داعش في درنة وسرت لدول الجوار خاصة مصر. صراعات ممتدة قد يستعصى حلها لإرتباطها بالجذور التاريخية للصراع القبلي.

(جدول”2″ استعراض مجمل لملامح الازمة الليبية وتداعياتها ومالاتها المستقبلية)

الخاتمة:

إن الأزمة الليبية مرت تاريخيا بتطورات عديدة شهدت عليها دول الجوار، ولقد بلغت هذه الأزمة شدتها إثر ثروات الربيع العربي وقيام الثورة الليبية، وما تبعها من تطورات داخلية أبرزها إشعال الأزمة وتصارع القوي المسلحة في عام 2014، وإستمرار الفوضى والنزاع المسلح حتى عام 2019 الذي شهد العديد من المستجدات في الأزمة، فقد أثار موضوع الدور التركي المتنامي في ليبيا والذي ترسخ بتفويض البرلمان التركي بالسماح للتدخل العسكري المباشر في ليبيا لدعم حكومة السراج حفاظا على مصالح تركيا في المنطقة، مما أثار جدلا واسعا في المنطقة لما لهذا التدخل من تداعيات إقليمية ودولية إذ رأت بعض الدول أن هذا التدخل يزيد من مساحة الصراع الدولي في منطقة شرق المتوسط بين الدول المتنافسة علي النفوذ في تلك المنطقة، فتركيا لديها إصرار على التدخل في ليبيا حماية للمصالح الإقتصادية والسياسية والإستراتيجية، كما أن التدخل العسكري التركي المباشر في ليبيا أصبح أمرا ملحا لصانع القرار في تركيا، وهذا ما سنتطرق له خلال الفصل القادم من حيث سرد أبرز دوافع وتداعيات هذا التدخل ومحددات الدور التركي في ليبيا وصور التدخل، وأثر هذا التدخل العسكري التركي المباشر على الأمن القومي المصري.

الفصل الأول

التدخل العسكري التركي في ليبيا

تمهيد:

منذ إسقاط نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا عام 2011، أصبحت الأزمة الليبية تثير جدلا واسعا على الساحة الإقليمية والدولية، جراء ما عانت منه الدولة الليبية من أزمات داخلية مركبة، وصراعات متصاعدة بين جهات متعددة تتميز بتضارب مصالحها وتناقضها، واختلاف مبادئها وأفكارها، حسب مبادئ وأفكار وتوجهات القوة الداعمة لها، مما أدى إلى تحويل ليبيا إلى ساحة حرب إقليميه ودوليه بالوكالة، وأصبحت الأزمة الليبية وتداعياتها الدولية، من أهم الأزمات التي تشغل المجتمع الدولي، بسبب تداعياتها المختلفة، التي تتعلق بوجود جماعات إرهابية مسلحة من الممكن أن تهدد الأمن العالمي عامة، والأمن القومي المصري خاصة، لذلك سوف نتطرق في هذا الفصل إلي توضيح ومناقشة أهم دوافع وتداعيات التدخل التركي في ليبيا، وبيان أهم صور التدخل التركي والدور التركي في ليبيا، لتوضيح ومعرفة كيف يمكن أن يهدد هذا التدخل التركي في الأراضي الليبية الأمن القومي المصري، وفي هذا الإطار فقد تم تقسيم الفصل إلى ثلاثة مباحث كالتالي:

المبحث الأول: دوافع وتداعيات التدخل التركي في ليبيا

المبحث الثاني: محددات الدور التركي في ليبيا وصور التدخل.

المبحث الثالث: دوافع وتداعيات التدخل التركي في ليبيا

المبحث الأول:

دوافع وتداعيات التدخل التركي في ليبيا

انتقل الدور التركي في ليبيا من الشكل المستتر إلي مرحلة العلانية والسفور، بنهاية نوفمبر 2019، عندما وقعت أنقرة مذكرتي تفاهم في السابع والعشرين من نوفمبر، الخاصة بترسيم الحدود البحرية والتعاون الأمني مع حكومة الوفاق الليبية، عقب زيارة فايز السراج إلي تركيا، وتلا ذلك الاتفاق إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التدخل العسكري التركي في الأراضي الليبية، خاصة بعد موافقة البرلمان التركي على التدخل العسكري في الأراضي الليبية.[45]

المطلب الأول:  دوافع التدخل العسكري التركي في ليبيا

المتأمل لواقع التدخل العسكري التركي في ليبيا يرى أن هناك عدة أسباب دفعت تركيا إلى استغلال تدهور الأوضاع الليبية وتدخلها عسكريا، على الرغم من عدم وجود حدود تربط بين البلدين، فالمتأمل لواقع العلاقات الدولية يرى أن الدولة قد تتخذ أي وسيلة سواء أخلاقية أو غير أخلاقية في سبيل تحقيق مصالحها القومية.

أولا:  الدافع الجيوستراتيجي:  وتهدف تركيا من ورائه إلى مواجهة المشروع اليوناني القبرصي في شرق المتوسط، والرد على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين كلا من مصر واليونان وقبرص، لذلك لجأت تركيا إلى توقيع مذكرة تفاهم مع حكومة طرابلس حول تحديد الحقوق البحرية مع ليبيا، وهكذا أصبحت ليبيا ضمانا لتأمين مصالح تركيا في شرق المتوسط، وبات استمرار حكومة الوفاق في الحكم أمرا استراتيجيا لتركيا للحفاظ على اتفاقية تحديد الحدود البحرية لمواجهة دول شرق المتوسط.[46]

(خارطة توضح مناطق الحدود البحرية التي تم الاتفاق عليها بين الجانين التركي والليبي )[47]

ثانيا:  الفراغ الجيوستراتيجي:  بعد فشل الليبيين في إنشاء نظام سياسي مستقر في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، وكذلك تراجع الدور الأمريكي، وإهماله الملف الليبي في شمال أفريقيا نتيجة الهجوم الذي تعرضت له المصالح الأمريكية في ليبيا، أيضا انكفأ الاتحاد الأوروبي على نفسه بسبب المشاكل الداخلية وأزمة ( البريكست )[48]، أي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث إنه في يونيو 2016 تم إجراء استفتاء في بريطانيا حول بقاء أو انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، وكانت النتيجة بنسبة 52% لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مقابل 48% لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.

حيث شارك في الاستفتاء ما يقارب من 30 مليون مواطن، صوت منهم نسبة 17. 4% لصالح خروج بريطانيا.   حيث إنه كان من المقرر أن يحدث الخروج في مارس 2019، أي بعد مرور عامين من تفعيل رئيسة الحكومة السابقة تيزا ماي المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، وبدء عملية الخروج رسميا بما فيها بدء التفاوض حول اتفاق الخروج، ولكن موعد البريكست أجل مرتين.

والتنافس الفرنسي الإيطالي، الذي أدى إلى ضعف قوة تأثيره في الملف الليبي، كل هذه العوامل أدت إلى خلق فراغ جيوستراتيجي في ليبيا، مما دفع تركيا للدخول في ليبيا بشكل غير مباشر في البداية من خلال وكلاء علي الأرض، ثم الإعلان رسميا عن التدخل في ليبيا بعد موافقة البرلمان التركي على التدخل.[49]

ثالثا:  الاحتفاظ بشخصية الدولة العثمانية:  ما زالت تركيا حتى الآن تحتفظ بالعباءة العثمانية، وتسعى لتعزيز السياسة العثمانية الجديدة، في ظل الارتباطات والتوجهات الإخوانية لحكومة الوفاق الوطنية، خاصة مع اقتراب الذكرى المئوية لسقوط الخلافة العثمانية 1924، ومحاولة أنقرة تعويض الفشل الذي لحق بها نتيجة إخفاقها في الانضمام للاتحاد الأوروبي.[50]

رابعا:  صراع النفط:  كانت ليبيا قبل اندلاع الصراع عام 2011 تمتلك ما يقارب (1. 6 مليون برميل من النفط يوميا )، أي كانت هي المنتج الثاني للنفط في القارة الأفريقية، وصاحبة أكبر احتياطي نفط في القارة قاطبة ( 34 مليار برميل )، في المقابل تعتمد تركيا على الاستيراد بنسبة 95% لسد احتياجاتها من الطاقة، وبفرض نفوذها وسيطرتها على الأراضي الليبية تكون تركيا قد حصلت علي مورد دائم ومتجدد لسد احتياجاتها من الطاقة.

وعمليا، بدأت شركة البترول التركية TPAO التي تزيد استثماراتها عن 180 مليون دولار في ليبيا، بالتنقيب عن النفط في ليبيا بداية من عام 2000م، ولكنها توقفت عام 2014 م، ثم عادة للعمل مرة أخرى بعد توقيع اتفاقية جديدة بين تركيا وليبيا يرتكز التنقيب عن النفط وفقا لها في المنطقة الاقتصادية الخاصة، من خلال تطوير مشاريع مشتركة للطاقة في المنطقة المسماة بالهلال النفطي.  وهناك حضور قوي لعدد من شركات النفط العالمية في ليبيا مثل (توتال ) الفرنسية و (إيني ) الإيطالية.

خامسا:  البناء التركي في ليبيا:  يعد تأمين مصالح الشركات التركية في السوق الليبي دافعا أخر وراء التدخل التركي في ليبيا، حيث كانت الشركات التركية على مدى عقود طويلة من الزمن، خاصة في عهد القذافي منخرطة في ليبيا، لا سيما في قطاع البناء، ولكن نتيجة الربيع العربي اضطرت تلك الشركات إلى ترك مشاريعهم غير مكتملة بخسارة 19 مليار دولار، كما تعد تركيا أول دولة أجنبية يمارس فيها المقاولون الأتراك أنشطتهم عام 1972، كما أنها الدولة الثالثة ضمن قائمة الدول الأكثر احتضانا لمشروعات المقاولين الأتراك، بقيمة مالية تصل إلى 28. 9 مليار دولار.[51]

المطلب الثاني:  تداعيات التدخل التركي في ليبيا

ثمة العديد من التداعيات التي ستنعكس على الكثير من المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ليس فقط على المستوى الداخلي في ليبيا، ولكن أيضا على المسارات الإقليمية والدولية.

  فعلى المستوى الداخلي في تركيا، عانت تركيا من العديد من المشكلات الاقتصادية الداخلية.  لذا وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بتدخله في ليبيا سوف يتيح له الفرصة لصرف أنظار الشعب التركي عن المشكلات الاقتصادية، حيث كشفت المؤشرات عن تراجع سعر صرف الليرة التركي، وزيادة العجز في الميزان التجاري، وتفاقم الديون الخارجية لتزيد عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدلات البطالة إلى 14% ليصبح هو المعدل الأكبر منذ عشر سنوات. [52]

وعلى الجانب الآخر، فقد يؤدي إرسال قوات تركية إلى ليبيا إلى حدوث خسائر في صفوفهم، بالإضافة إلى استهداف مقار وممتلكات الشركات التركية في ليبيا من جانب قوات الجيش الوطني الليبي، وأيضا توتر العلاقات التركية مع بعض القوى الدولية الأخرى، خاصة روسيا ومصر وتنامي المعارضة السياسية ضد أردوغان، وبالتالي التأثير بالسلب علي شعبيته في مواجهة منافسيه السياسيين في ظل تصويت 184 نائبا بالبرلمان التركي ضد قرار التدخل، ورفض أحزاب المعارضة لذلك، خاصة حزب الشعب الجمهوري والحزب الصالح وحزب الخير وحزب الشعوب الديموقراطي.[53]

غضب وقلق روسي أوروبي:  يكمن الخطر الأساسي في وجود قوات تركيا في ليبيا في إمكانية حدوث تصادم مع موسكو، على الرغم من نفي روسيا وجود قوات من المرتزقة من مواطنيها يقاتلون إلى جانب قوات حفتر، فإن مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة وتركيا يشيران إلى وجود هؤلاء، وقد يؤدي حدوث اشتباك بين القوات التركية والمرتزقة الروس، إلي عودة التوتر بين تركيا وروسيا اللتين تجاوزتا عام 2015 أزمة دبلوماسية خطيرة للتقارب والتعاون في سوريا، كما أنه من المحتمل أيضا أن يساهم التدخل العسكري التركي في ليبيا في زيادة التوتر بين أنقرة وعواصم أوروبية مثل باريس وبرلين ولندن، حيث أن الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون عبر عن قلقه من مخاطر التصعيد في ليبيا المرتبطة بتزايد التدخلات العسكرية الأجنبية، حسب ما أعلنته الرئاسة الفرنسية عقب سماح برلمان أنقرة بنشر قوات تركيا في ليبيا، وأضاف البيان أن الرئيس الفرنسي خلال محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ندد بوضوح بالاتفاقيات الموقعة مؤخرا من حكومة فايز السراج، بشأن القضايا البحرية والأمنية، بالإشارة إلى اتفاق الحدود البحرية بين حكومة الوفاق الوطنية بطرابلس والرئيس التركي في نهاية نوفمبر 2019، إضافة إلى كافة القرارات التي تؤدي إلى التصعيد.

وفي غصون ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ بشأن قرار تركيا بالتدخل عسكريا في الحرب الأهلية المتصاعدة في ليبيا، ويأتي هذا التحذير بالإضافة إلى تحذيرات متشابهة أعربت عنها الولايات المتحدة وروسيا ومصر[54]، حيث إنه من المحتمل أن يؤدي التدخل التركي في ليبيا إلى تدخلات عسكرية أخرى من جانب الدول الداعمة لحكومة الجيش الوطني الليبي، وعلي رأسهم مصر، التي تشترك مع ليبيا في حدود برية مباشرة طولها يقارب 1115 كم، وهو ما يمنح مصر حق الدفاع الشرعي عن الذات وفق نص المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ما تمثله حكومة الوفاق ذات التوجهات الإخوانية ودعم المليشيات المسلحة ودعم تنظيم داعش والإخوان المسلمين، من تهديد للأمن القومي العربي عامة، والأمن القومي المصري خاصة، من خلال توجيه ضربات جوية مصرية متتالية ضد مواقع تنظيم داعش والإخوان المسلمين والمليشيات المسلحة في ليبيا، وهو ما يعني حدوث حرب بالوكالة بين حلفاء حكومة طبرق من جهة وتركيا من جهة أخرى.[55]

سيطرة المليشيات الإخوانية:  تسعى تركيا جاهدة للحفاظ على تواجد المشروع الإخواني في شمال أفريقيا خاصة بعد تراجع دوره في الجزائر ومصر وتونس، وإذا نجحت في تحقيق ذلك سوف تصبح تركيا مرتكزا للتنظيم الإخواني ونقطة لإعادة انطلاقهم خاصة بعد تراجع نفوذهم السياسي في الإقليم، حيث تعد ليبيا موقعا مثاليا لهذا التواجد، بسبب إمكانياتها وموقعها المناسب بين دول المغرب ومصر، وثرواتها ومواردها الضخمة.

المبحث الثاني:

محددات الدور التركي في ليبيا وصور التدخل.

مع قيام الجيش الوطني الليبي بالعملية العسكرية التي تستهدف السيطرة على العاصمة طرابلس بقيادة المشير خليفة حفتر، لجأت حكومة الوفاق إلى نظيرتها التركية للدعم والمساعدة في مواجهة تقدم قوات الجيش، حيث طلبت حكومة فايز السراج دعما وتدخلا واسع النطاق من مسارات المعركة.  وقد وافق الرئيس التركي على هذا الطلب ليعزز من نفوذه داخل الأراضي الليبية وللاستفادة من ذلك على عدة محاور.

أولا:  محددات التدخل العسكري التركي في ليبيا.

  • المحدد الاقتصادي للتدخل.

يعد هذا المحدد أحد أهم المحددات التي دفعت بالحكومة التركية إلى التدخل في الأزمة الليبية واتخاذ قرار التدخل المباشر عبر حصول الرئيس التركي على تفويض من البرلمان التركي في 2 يناير 2020[56] للتدخل العسكري في ليبيا لمدة عام.  حيث تمتلك تركيا مصالح اقتصادية مهمة في ليبيا منذ فترة حكم الرئيس معمر القذافي حيث قامت الحكومة التركية بتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية وبالأخص في مجال البناء داخل ليبيا عام 2010.

ومنذ عام 2018 أطلق الجانب التركي عدة مشاريع اقتصادية في ليبيا بوصفها جزءا مهم من استراتيجية تركيا الاقتصادية والسياسية في أفريقيا حيث بلغت حجم المشاريع الاقتصادية في ليبيا حوالي 2. 3مليار دولار، بالإضافة إلى العديد من المشروعات الاستثمارية.  ولذلك لا يمكن عزل التفاهم السياسي والتقدم في العلاقات السياسية بين الجانب التركي وحكومة الوفاق الليبية عن النفوذ الاقتصادي التركي في ليبيا .[57]

ومن جانب آخر تعد مسألة اكتشاف مصادر الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وتشكيل منتدى غاز شرق المتوسط، ومحاولة استبعاد تركيا وعدم إعطائها دورا أساسيا فيها على الرغم من كونها فاعلا رئيسيا ومهم في منطقة الشرق الأوسط، أحد أهم أسباب التدخل التركي في ليبيا.[58]

  • المحدد السياسي والاستراتيجي للتدخل.

تعتبر المباحثات التي تمت بين كل من مصر، اليونان، قبرص بشأن حقوق الاستثمار والتنقيب في منطقة شرق المتوسط بمثابة عمليات تطويق لتركيا، ولذلك حرصت تركيا على توقيع الاتفاقيات الأمنية البحرية بالتزامن مع حكومة الوفاق في ليبيا في نوفمبر 2019 لتكون خطوة تصعيدية بعد إنشاء منتدى شرق المتوسط واستبعاد تركيا وذلك في سبيل تأكيدها على الحقوق التركية في هذه المنطقة بعد أن قامت بعمل مناورات عسكرية في البحر المتوسط، وبالتالي يمكن اعتبار اتخاذ تركيا قرار التدخل عملا عسكريا استباقيا وحمائيا للمصالح التركية في ليبيا والمتوسط.[59]

  • الاتفاقية التركية الليبية نوفمبر 2019.

قامت تركيا بتوقيع اتفاقيتان أمنية وبحرية مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج في 27 نوفمبر 2019.  والتي تعد مكسبا هاما لتركيا في حال تطبيقها حيث تؤدي إلى زيادة نفوذ تركيا في منطقة شرق المتوسط، فتطبيق الاتفاقية البحرية سوف يجعل 100كم2 بحري تحت السيادة التركية الأمر الذي يعني وصول تركيا إلى منتصف البحر المتوسط على حساب اليونان وقبرص، حيث تنص الاتفاقية الأمنية على الدعم العسكري والسياسي التركي لحكومة الوفاق من أجل مواجهة الضغوط التي تواجهها من الجماعات المعارضة لها والمدعومة دوليا وبالأخص الجيش الوطني الليبي.

بينما تنص الاتفاقية البحرية علي ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين وهو الأمر الذي تسعى إليه تركيا من أجل توسيع مجالها البحري في حوض المتوسط، الأمر الذي يمنحها مميزات استراتيجية مهمة على حساب الدول الأخرى في المنطقة. [60]

وتأتي أهمية هاتان الاتفاقيتان من الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للموقع البحري محل الاتفاق إذ تشير العديد من التقارير الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية لعام 2010 بأن باطن شرق المتوسط يحتوي على ما يقارب من 107 مليار برميل نفط خام و122 ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي ما يؤدي إلى إنعاش اقتصاديات الدول المطلة على هذه المنطقة، وبالتالي يمكن حصر المكاسب التركية من الاتفاقية البحرية الموقعة مع الجانب الليبي في:

  • إعطاء تركيا الحقوق السياسية والقانونية في أي مساعي مستقبلية لتوسيع نفوذها في شرق المتوسط وتوفير الحماية اللازمة لحقوقها الكاملة في هذا الإقليم فيما يخص أعمال الحفر والتنقيب.
  • منع المحاولات اليونانية من ترسيم حدودها مع الجانب المصري وقبرص اليونانية عبر جزر كريت وميس.
  • إحباط المحاولات الدولية لمحاولة عزل تركيا في هذه المنطقة، وزيادة تأثيرها في شرق المتوسط.
  • إعطاء جميع الدول التي عملت على اكتشاف موارد الطاقة في منطقة شرق المتوسط فكرة أساسية بأن التعاون مع تركيا هو الخيار الأفضل في النواحي الاقتصادية والأمنية والسياسية.[61]

ثانيا:  صور التدخل التركي في ليبيا:

  1. التواجد العسكري التركي الرسمي في ليبيا:  قام أردو غان   بتقديم طلب للبرلمان بمذكرة لتفويضه لإرسال قوات عسكرية تركية للأراضي الليبية على غرار الحالتين السورية والعراقية في 2 يناير 2020 لمدة عام قابلة للتجديد، وعلى الرغم من وجود أكثر من طريقة لقيام تركيا بدعم حكومة السراج دون أن تنتقل قوات عسكرية تركية إلى الأراضي الليبية لكن أردوغان استغل فرصة الدعم حتى يحصل على موطئ قدم في ليبيا لعدة اعتبارات منها علاقته المتوترة مع مصر ومنها حقول النفط وكذلك مسألة غاز المتوسط وقد تكون هذه الخطوة مقدمة لإقامة قاعدة عسكرية تركية دائمة في ليبيا إذا ما استتب الأمر لحكومة السراج كما يراهن الأتراك، وذلك لما تتمتع به ليبيا من موقع جيوستراتيجي أو على الأقل بقاء تواجد عسكري رسمي تركي أياً كان عدده على الأراضي الليبية.
  2. علاقات تركيا مع ميليشيات مسلحة ليبية: يتمتع أردوغان وحكومته بعلاقات قوية مع ميليشيات مسلحة ليبية تتراوح ما بين الدعم والتنسيق إلى الإمداد بالمعدات والأسلحة العسكرية وعلي رأس هذه الميليشيات المجموعات التابعة لجماعة الإخوان وكتائب مصراته، فضلا عن العلاقات الوثيقة مع قادة الجماعة الليبية المقاتلة وكتيبة النواصي ولواء الحلبوصي وميلشيات أسامة الجويلي وقوة الردع والتدخل المشتركة محور أبو سليم وميليشيات فجر ليبيا وغيرها من الميليشيات التي تقاتل ضد قوات الجيش الوطني الليبي بدعم تركي وقطري.

وتستهدف تركيا من علاقتها مع هذه الكتائب والميليشيات الحرب بالوكالة حيث تدعم حكومة أردوغان  الميليشيات الليبية المسلحة لتحقيق أهدافها، فهي من جهة تسعى إلى أن تكون أحد الفاعلين السياسيين في الأزمة الليبية ومن جهة أخرى تحاول قدر الإمكان البعد عن تحمل الخسائر البشرية للمعارك.

  1. إمدادات التسليح: يوجد العديد من الدلالات على دعم أردو غان للميليشيات الليبية في ميناء الخمس البحري غرب ليبيا في 17 ديسمبر 2018بشحنتي أسلحة ضخمتين وذخائر وحملات قادمة من ميناء مرسين التركي وحسب بيان الجيش الليبي فإن عدد الذخائر الواردة في هاتين الشحنتين بلغ 4. 2 مليون رصاصة إضافة إلى الآلاف من المسدسات والبنادق.

ومن الجدير بالذكر أيضا أن السلطات اليونانية قد أوقفت سفينة أسلحة تركية كانت في طريقها إلى ليبيا في يناير من نفس العام، ورغم أن السفينة كانت تحمل علما تنزانيا إلا أنها أخذت حمولتها من مينائي مرسين والإسكندرونة التركيين وعثرت السلطات اليونانية على ما يقرب من 29 حاوية تحتوي على مواد تستخدم في صناعة المتفجرات الأمر الذي يتعارض مع سياسات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة اللذان فرضا حظرا على بيع ونقل وتوريد الأسلحة إلى ليبيا منذ 2011.[62]

المبحث الثالث:

مخاطر التدخل العسكري التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري

شهدت الساحة الليبية في الفترات الأخيرة العديد من التطورات الملحوظة للتدخل التركي في الأوضاع الليبية الداخلية علي كآفة الأصعدة، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا، مما أدى إلى سوء الأوضاع الداخلية في الأراضي الليبية، التي أصبحت بيئة خصبة للإرهاب، بالإضافة إلى تسليح السياسة، وكلها أمور تلقي بظلالها على الأمن القومي المصري.

المطلب الأول:  أبعاد الأمن القومي المصري ومهدداته

أولا الأبعاد:[63]

هناك عده أبعاد للأمن القومي لا أي دوله قومية يتم تصنيفها إلي ابعاد تقليدية، وأبعاد غير تقليدية كالتالي:  أولا:  الأبعاد التقليدية للأمن القومي

  • البعد العسكري: ويتضمن بناء قوات مسلحة على درجة عالية من الاستعداد للحرب وتزويدها بأحدث الأسلحة ذات التكنولوجيا المتطورة.
  • البعد السياسي: ويعني الحفاظ على كيان الدولة ووحدتها السياسية ومكانتها إقليميا ودوليا، وممارستها دور فعال يخدم أهدافها الداخلية والخارجية.
  • البعد الاقتصادي: ويتمثل في تلبية احتياجات الشعب ورفع مستويات المعيشة وتوفير الحد الأدنى للحياة الكريمة، وأيضا توفير سبل التقدم والرفاهية لأفراد المجتمع.
  • البعد الاجتماعي: ويتضمن الحفاظ على العادات والتقاليد والقيم، وتوفير الأمن للأفراد، وإعداد الأجيال الشابة تربويا وعلميا وصحيا علي النحو الذي يمكنهم من الدفاع عن المجتمع والنهوض به.

ثانيا:  الأبعاد غير تقليدية للأمن القومي

  • الأمن المائي: تواجه العديد من الدول مشكلة ندرة المياه، وفي هذه الحالة تكون المياه غير كافية لتلبية المتطلبات المائية الاعتيادية، بسبب زيادة عدد السكان، وزيادة الطلب على المياه، وارتفاع نسبة تلوث المياه والتوسع العمراني، وقد تكون هذه الندرة في المياه مطلقة أي مهددة لحياة البشر، أو موسمية، أو مؤقتة، أو دورية، وتؤدى هذه الندرة إلي تنامى النزاعات بين المجموعات داخل الدولة، أو تؤدي إلى النزاع بين دولتين وقد يصل الأمر إلى الحرب نتيجة الصراع على المياه، ومن هنا ظهر مفهوم الأمن المائي الذي يتضمن تلبية الاحتياجات المائية المختلفة كما ونوعا مع ضمان استمرار كفاية هذه الموارد، من خلال حماية وترشيد استخدام مصادر المياه، وتنمية موارد المياه، والبحث عن موارد جديدة تقليدية أو غير تقليدية.
  • أمن الطاقة: عرف البنك الدولي أمن الطاقة بأنه التأكد من أن الدول يمكنها أن تنتج وتستخدم الطاقة باستدامة وبسعر مناسب وبما يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي وتقليل الفقر وتحسين مستوى المعيشة للأفراد من خلال تسهيل الدخول لخدمات الطاقة الحديثة، وتعتبر الطاقة من أهم مقومات التنمية خاصة التنمية الاقتصادية، وإن ظل النفط على قمة الهرم لمصادر الطاقة إلا أن المستقبل سيكون حتما لمصادر الطاقة المتجددة التي لا تنفذ بالاستخدام، وهذا يعني اتجاه العديد من الدول إلى تطوير مصادر الطاقة وتطوير برامجها النووية لتوليد الطاقة الكهربائية.
  • الأمن البيئي: ظهر مفهوم الأمن البيئي في التسعينيات من القرن العشرين، على يد دول الشمال المتقدمة في أوربا والدول الإسكندنافية نتيجة زيادة الأضرار التي لحقت بالأنظمة البيئية في العالم مثل تآكل طبقة الأوزون، تلوث المياه، إزالة الغابات حيث يتم حماية النظام البيئي من الأخطار التي تهدده عن طريق سلسلة من القوانين والأنظمة التي تنظم الاستفادة من البيئة وحمايتها، وعادة ما يأخذ الأمن البيئي في تطبيقه أبعاد تتخطي الحدود الوطنية حيث إن البيئة ملك لكافة الدول وليس دولة أو مجموعة دول، لذلك تقتضي المصلحة الدولية مواجهة تلك الأزمة بالتعاون والتنسيق بين كافة دول العالم.
  • الأمن الثقافي: أي الحفاظ على مقومات المجتمع الثقافية وهويته الوطنية من الاختراق الثقافي الخارجي والتطرف الفكري، وتحقيق التوازن بين الثقافة والهوية الوطنية من ناحية، والانفتاح على العالم الخارجي ومواكبته من ناحية خاصة مع تصاعد العولمة وثورة المعلومات والاتصالات.
  • الأمن السيبراني:    استخدام الفضاء الإلكتروني في أغراض عسكرية وأمنية، الأمر الذي جعل العديد من الدول تدخل الفضاء الإلكتروني في اعتباراتها وأمنها القومي، انطلاقا من أن مستخدم الفضاء الإلكتروني يمكنه أن يلحق خسائر فادحة بالدول الأخرى من خلال تدمير المعلومات العسكرية أو سرقتها وتزيفها، ويمكنه التلاعب بالبيانات الاقتصادية أو المالية الخاصة بالدول من خلال فيروسات إلكترونية، ومن هنا ظهر مفهوم الأمن  السيبراني:    الذي يعني حماية معدات الحاسب الآلي والمعلومات والخدمات الخاصة بها من أي تدخل أو استخدام غير مصرح به، وضمان استعادة المعلومات الإلكترونية، فالأمن  السيبراني   يركز على تعزيز حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات والتقنيات التشغيلية ومكوناتها من أجهزة وبرمجيات.

ثانيا المهددات:

إن تفاقم الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط يزيد من المشكلات الراهنة التي تشهدها كل من ليبيا وسوريا والعراق واليمن بشكل يؤثر على الأمن القومي المصري، ومن أهم هذه المهددات التي تمثل خطر على الأمن القومي المصري في الفترات الراهنة، توتر الوضع في ليبيا الذي يزداد خطورة بفعل التدخل العسكري التركي، إلى جانب ذلك قضية سد النهضة التي لا تزال تمارس فيها أثيوبيا كافة مظاهر التعنت في مواجهة مطالب مصر العادلة المتسقة مع مبادئ القانون الدولي وهو ما يمثل تهديدا للأمن القومي المصري فيما يخص نصيب مصر من المياه، وبناء على ذلك فإن هناك خمس محددات رئيسية مرتبطة بجوهر تعامل مصر مع المهددات الحالية لأمنها القومي تتلخص في:

  • المحدد الأول: إن مصر لديها قيادة سياسية قوية قادرة على تقييم حجم التهديدات والمخاطر وكيف تتعامل معها من حيث اتخاذ القرار والأولوية والأسلوب.
  • المحدد الثاني: إن مصر تعي تماما طبيعة الوضع الحالي في المنطقة وطبيعة الصراعات الراهنة وكافة ارتباطاتها الخارجية والأهداف التي تحرك كافة الأطراف المباشرة والمعنية بهذه النزاعات.
  • المحدد الثالث: إن مصر تعلم ما هي طبيعة ونوعية المعركة التي يجب أن تخوضها دفاعا عن أمنها القومي سواء كانت معركة سياسية أو غيرها وفي التوقيت المناسب الذي تحدده بكامل إرادتها.
  • المحدد الرابع: إن سياسة مصر تركز على أن الحلول السياسية هي الخيار الأمثل لحل النزاعات في المنطقة التي من حقها أن تستقر وتنمو اقتصاديا وأن العمل العسكري لا يمكن أن يحسم حل أي صراع.

المطلب الثاني:  أثر الاتفاق التركي الليبي نوفمبر 2019 علي الأمن القومي المصري.

في 27 نوفمبر 2019 قام وزير الخارجية الليبي، لحكومة الوفاق فتحي باش أغا بالإعلان عن توقيع اتفاقية أمنية بين حكومته والحكومة التركية، وصرح بأن هذه الاتفاقية تتعلق بمكافحة الهجرة غير شرعية والارهاب ولكنها في باطن الأمر إنما تتعلق بتحقيق المصالح التركية بطريقة غير مباشرة، حيث قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  باستقبال فايز السراج، وقاما بتوقيع مذكرتي تفاهم:  الأولي تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري بين ليبيا وتركيا، والثانية متعلقة بالسيادة على المناطق البحرية، ولكن نتيجة لعدم شرعية تلك الاتفاقية، قام المجتمع الدولي بالاعتراض عليها وكانت مصر من أوائل الدول التي اعترضت عليها، ورفضت مصر هذه الاتفاقية بشتى الطرق، ووصفتها بأنها معدومة الأثر القانوني، وأكدت على أنه لا يحق لحكومة الوفاق الليبية توقيع الاتفاقيات مع تركيا لأن ذلك يقع خارج الصلاحيات المقررة بموجب اتفاق الصخيرات والذي ينص على:  منح صلاحيات رئيس الحكومة لمجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني الذي يترأسه رئيس الحكومة نفسه وعلى رأسها قيادة الجيش والقوات المسلحة وبدء مرحلة انتقالية جديدة تستمر لمدة 18 شهر، وفي حال عدم انتهاء الحكومة من مهامها قد يتم تمديد المدة 6 أشهر إضافية، وتشكيل المجلس الأعلى للدولة من أعضاء المؤتمر الوطني العام الجديد والإبقاء على مجلس النواب الليبي المنتخب في يونيو 2014.

فقبول مصر بالاتفاق البحري الليبي، إنما يعني أن:

  1. هذا الاتفاق يمكن مصر من زيادة مساحتها البحرية ولكنه سيكون سببا في حدوث نزاعات بينها وبين اليونان وقبرص بعد أن كانت القاهرة قد تنازلت لهما ولإسرائيل عن مساحات بحرية مقابل الدفع باتجاه إقامة تحالف في حوض البحر المتوسط.
  2. اعتراف مصر بشرعية الاتفاق البحري بين تركيا وحكومة الوفاق إنما يعني اعترافها بشرعية الاتفاق الأمني والعسكري الذي يمنح تركيا دورا أكبر في ليبيا.

لذا فإن هذا الاتفاق من شأنه أن يضر بدور ومكانة مصر كقوة إقليمية في شمال أفريقيا؛  ويمنح تركيا أدوارا مهمة في المناقشات الدولية المتعلقة بمستقبل ليبيا.[64]

المطلب الثالث:مخاطر الوجود التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري.

إن التطورات السياسية التي شهدتها ليبيا في الفترة الأخيرة كان لها تأثيرها الواضح على الأمن القومي المصري، فالأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا في تدهور مستمر، وذلك مع تزايد مظاهر عدم الاستقرار وفقدان الأمن حيث شهدت فترة إسقاط القذافي إحياء للتيارات الإسلامية بشقيها المعتدل والمتشدد، فقد سعي الإخوان المسلمين للسيطرة على المشهد الأمني في طرابلس حيث قامت بتكليف ميليشيات تابعة لها بتأمين العاصمة الليبية طرابلس والوزارات المتعددة، مع استمرار المواجهات بين الميليشيات المرتبطة بالأحزاب الإسلامية وتلك الموالية لرئيس الحكومة وتحالف القوى الوطنية واندماج الميليشيات العسكرية، خاصة التي لها علاقة بتنظيم القاعدة وقيامها بتأمين الحدود الليبية الغربية والجنوبية، هذا بالإضافة إلى امتلاك هذه الميليشيات مخازن ضخمة من الأسلحة على اختلاف أنواعها وارتباطها بصلات قوية مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، ووجود معسكرات تدريب للعناصر الجهادية في مناطق قرب الحدود المصرية، وهذا من شأنه أن يهدد الأمن القومي المصري من خلال:

  • المساهمة في نمو ظاهرة الجريمة المنظمة ( تهريب السلاح والمخدرات وغيرها ) علي جانبي الحدود المصرية الليبية حيث تشكل قاعدة اقتصادية وتمويلية للتيارات الإسلامية في مصر.
  • الاضرار بالمصالح الاقتصادية ( استهداف العملة المصرية والاستثمارات وغيرها) بين مصر وليبيا.
  • تحول بعض مناطق شرق ليبيا التي تسيطر عليها جماعات جهادية إلى ملاذ آمن لبعض المنتمين للتيارات الإسلامية المعارضة للسلطة في مصر بعد 30 يونيو.
  • لذلك فإن ما تتعرض له الدولة الليبية يثير اهتمام الدولة المصرية باعتبارها بوابة مصر الغربية.[65]

الخاتمة:

في ظل تدهور الأوضاع الداخلية في ليبيا، سعى أردوغان لاستغلال هذه الأزمة، وقام بتقديم طلب للبرلمان التركي لتفويضه بأرسال قوات عسكرية تركية للأراضي الليبية على غرار الحالتين السورية والعراقية في 2 يناير 2020 لمدة عام قابلة للتجديد وعلى الرغم من وجود أكثر من طريقة لقيام تركيا بدعم حكومة السراج دون أن تنتقل قوات عسكرية تركية إلى الأراضي الليبية، لكن أردوغان استغل فرصة الدعم حتى يحصل على موطئ قدم في ليبيا من أجل تحقيق مجموعة من المصالح ومواجهة المشروع اليوناني القبرصي في شرق المتوسط، والرد علي عملة ترسيم الحدود بين كل من مصر واليونان وقبرص، والحصول على مورد دائم ومتجدد لسد احتياجات تركيا من الطاقة من خلال استغلال احتياطي النفط الذي تمتلكه ليبيا.

ومن هنا نجد أن الأمر في الحقيقة هو بمثابة لعبة رابح- رابح:  حكومة الوفاق الوطني تحوز على الدعم العسكري والسياسي التركي، وفي المقابل تساعد تركيا على تحقيق أهدافها في ملف الطاقة، لكن السؤال الذي يبقي مطروحا هو ما أين تقف الدول العربية والأجنبية من هذا التدخل، وكيف تعاملت مصر مع هذا التدخل، وهذا ما سنتناوله في الفصل التالي.

الفصل الثاني

تقييم الأزمة الليبية( 2014 ــــ 2020).

تمهيد:

عصفت رياح الربيع العربي على ليبيا بما لم تكن تهوي، فقد كانت تسعى إلى إسقاط حكم الرئيس الراحل ــــ معمر القذافي ـــ والثورة عليه كما فعل انظارها من الدول العربية، وبالفعل نجحت في ذلك ولكنها أغفلت غياب وجود المؤسسات الليبية، إلى جانب عدم وعي ووحدة الشعب الليبي الذي يتكون من فصائل وقبائل مختلفة، ليتحول الحلم الليبي إلى أزمة سرعان ما اشتعلت لتتحول إلى أزمة دولية مؤثرة، ليس فقط على ليبيا بل على دول الجوار والمشرق العربي أجمع.

بدأت الأزمة الليبية بخلافات على الشرعية السياسية لمن يحكم ويسطر من القبائل المختلفة بعد سقوط نظام حكم القذافي، ولكن سرعان ما تطور الخلاف ليتحول إلى صراع مسلح بين الفصائل وبعضهم البعض، ولم تتوقف التطورات عند ذلك الحد بل بدأ كل طرف من الأطراف المتنازعة الاستعانة بالخارج، ضاربين بوحدة الدولة وسيادتها عرض الحائط، لتلبي الأطراف الخارجية سرعة الاستجابة، حيث وجدت كل دولة منهم ستار للتدخل في ليبيا يخفي ورائه السبب الحقيقي من التدخل، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى التدخل التركي الصارخ في ليبيا وما تبعه من رد فعل للدول الأجنية والعربية بصفة عامة ـــــ لما يمثله هذا التدخل من تعدي واضح على السيادة الليبية ــــــــ ومصر بصفة خاصة التي تجاور ليبيا في حدودها الغربية، وسعيها إلى محاولة حل الأزمة ومنع تفاقمها، ليس فقط بسبب ما ترتبط به الدولتين من أواصر وعلاقات، بل لما قد يمثله التدخل العسكري من تهديد للأمن القومي المصري، وكذلك الجهود الدولية التي بذلت من أجل محاولة احتواء الأزمة ومنعها من الاشتعال أكثر، لذلك فقد تم تقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث يتناول كلا منهم جزءا مهم من تقييم الأزمة كالتالي :

المبحث الأول : الموقف الدولي والإقليمي من التدخل التركي.

المبحث الثاني: الدور المصري في التعامل مع الأزمة الليبية.

المبحث الثالث: المبادرات والجهود المبذولة من أجل تسوية الأزمة.

المبحث الأول:

الموقف الدولي والإقليمي من التدخل التركي في ليبيا

لقد أثار التدخل التركي في ليبيا ردود أفعال إقليمية ودولية تباينت وفقا لمدى تأثير هذا التدخل على الدولة صاحبة رد الفعل ومصالحها وعلاقاتها الخارجية مع تركيا، وفي هذا الإطار تم تقسيم ردود أفعال ومواقف الدول كالتالي:

المطلب الأول: الموقف الإقليمي من التدخل التركي في ليبيا:

إن المتتبع لتاريخ ردود أفعال الدول العربية تجاه الأزمات في المنطقة سيلاحظ انقسام هذه الدول إلى  مجموعتين، دائما ما تقفان على طرفي النقيض لبعضهما البعض، وعليه فإن الانقسام العربي في الموقف  تجاه إرسال قوات تركية إلى ليبيا ليس وليد اليوم، وفي هذا الأتجاه يمكن رصد عدد من المواقف العربية تجاه هذا التدخل كالتالي:

1ـــ موقف الجزائر:

يرتكز الموقف الجزائري من الأزمة الليبية على عدة ثوابت، تتمثل في الحفاظ على السيادة الوطنية الليبية، والرفض التام لأي تدخل عسكري أجنبي مباشر وغير مباشر، ورفض القيام بأي عمل عسكري خارجي، وتأكيد الحوار والحلول السلمية لتسوية الأزمة الليبية، ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته في تحقيق السلم والأمن في ليبيا، لذلك تتوجس الجزائر من التواجد العسكري التركي في ليبيا وخصوصا بعد تجاهل تركيا كل دعوات التهدئة وتجاوزها قرارات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين، حيث أشار الرئيس الجزائري تبون ضمنياً إلى تعدي أنقرة على مجهودات وقف الاقتتال في ليبيا ـــــ حين انتقد عدم التزام أطراف إقليمية متورطة في الأزمة الليبية بمخرجات مؤتمر برلين بشأن منع تدفق الأسلحة ـــــــ حيث قال: “إن هناك دولة أرسلت بعد شهر واحد 3400 طن من الأسلحة إلى ليبيا”.[66]

وعندما نشرت الرئاسة الجزائرية مسودة تعديل الدستور الجزائري في بداية مايو 2020، أُثير الجدل بشأن مضمون المادتين 31 و95 من المسودة، والتي يُعتقد أن من شأنهما أن تدفعا نحو إحداث تغيير كبير في العقيدة العسكرية الجزائرية، حيث نصت المادة 95 على أن لرئيس الجمهورية  الحق في إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بأغلبية الثلثين، في حين نصت المادة 31 من المسودة على أنه يمكن للجزائر في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها أن تشارك في عمليات حفظ واستعادة السلام، هذه المسودة تم الاستفتاء عليها في نوفمبر 2020 بالفعل، ولكن المرجح أن الجزائر ستواصل العمل على استغلال ثقلها الدبلوماسي غير المنحاز تاريخيا مع التلويح بإمكانية التدخل عسكرياً لحماية أمنها القومي مع احتفاظها بالبقاء على المسافة الفاصلة نفسها من جميع أطراف النزاع.[67]

2ـــ موقف السعودية:

أعلن مجلس الوزراء السعودي عن رفضه وتنديده بالتصعيد العسكري والتدخلات التركية في الشأن الليبي بشكل مخالف للمبادئ والمواثيق الدولية، حيث عتبر المجلس خلال جلسته ـــــــ التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـــــــ أن التدخلات التركية تمثل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الصادرة بشأن ليبيا، ومخالفة للموقف العربي الذي تبناه مجلس جامعة الدول العربية، ونوه المجلس بأهمية العمل على تحقيق أمن المنطقة واستقرارها ورد كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع نتيجة لتصاعد التوترات والأعمال الإرهابية التي حذرت من تداعياتها المملكة، لذلك فهي تقوض الجهود الأممية الرامية لحل الأزمة الليبية التي تشكل تهديداً للأمن الليبي والعربي والإقليمي.[68]

3ـــ موقف تونس:

تأخرت الرئاسة التونسية في إعلان موقفها من تدخل تركيا العسكري في ليبيا، وهو ما أثار شكوك حول تماهيها مع الموقف التركي، وانزلاق دبلوماسيتها إلى سياسة المحاور، لكنها سرعان ما أنهت الجدل السياسي حول موقفها من التدخل التركي في ليبيا بإعلان واضح وصريح، أكدت فيه أنها ترفض رفضا قاطعا التدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية، وأنها لن تسمح باستخدام أراضيها لأي إنزال تركي، وعلى الرغم من تأخر هذا الموقف نسبيا بالمقارنة مع تسارع الأحداث في ليبيا، إلا أنة بهذا الإعلان تكون الرئاسة التونسية قد وضعت حدا للتأويلات التي رافقت زيارة أردوغان لتونس، ولتأخر الرئيس التونسي في إعلان موقف واضح من التدخل التركي في ليبيا، أو استخدام أنقرة الأراضي التونسية كقاعدة لغزو غرب ليبيا. [69]

4ـــ موقف السودان:

أكدت وزارة الخارجية السودانية في بيان لها أنها تدعم استقرار ليبيا وترفض أي تدخل خارجي، مشيرة إلى التزام الخرطوم بكافة القرارات الصادرة بشأن هذه القضية عن جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وأن السودان سيتابع موقفه المبدئي هذا، والمتسق مع الإجماع العربي وستبذل قصارى جهدها في التعاون مع الجهود المبذولة لإقرار الأوضاع في ليبيا والخروج بها من التعقيدات الراهنة.[70]

5ــ موقف المغرب:

أعلن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطه أمام الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية عن أن المملكة ترفض أي تدخل أجنبي في ليبيا، كما ترفض التدخل غير العربي في المنطقة العربية ككل، وشدد على أن المملكة ترحب بأي مجهود أو مبادرات تصب في اتجاه إحداث تقارب بين الليبيين والدفع نحو حل هذه الأزمة، وأكد أيضا على تمسك بلادة بمخرجات اتفاق الصخيرات، كما أشار إلى أن مقاربة بلادة بشأن النزاع الليبي مبنية على الحفاظ على اللحمة الوطنية لليبيين والوحدة الترابية لدولتهم وسيادتها على جميع أراضيها، ورفض أي تصور أو مؤشر للتقسيم بدعوى البحث عن تهدئة الأوضاع.[71]

6ـــ موقف قطر:

خرجت قطر مجددا عن الإجماع العربي، واصطفت بجانب دولة  تركيا التي تسعى إلى التدخل العسكري في ليبيا، مع كل ما يمثله ذلك من خطر على ليبيا والأمن القومي العربي، حيث أعربت وزارة الخارجية القطرية في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية عن استغرابها لبيان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بشأن رفضه للتدخلات العسكرية غير العربية في ليبيا، ولم يراعي الموقف القطري كذلك موقف الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية التي أكدت أن ما تقوم به تركيا انتهاك للقانون الدولي، وتعدي صارخ على سيادة الدول، وهو ما يثير جملة من التساؤلات حول خضوع السياسة القطرية الخارجية للنظام التركي.[72]

7ـــ موقف موريتانيا:

انضمت موريتانيا إلى قائمة الدول الرافضة للتدخل التركي في ليبيا، والذي زاد من تعقيدات الأزمة المشتعلة في ليبيا، حيث شدد وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل الشيخ أحمد في مؤتمر صحفي أسبوعي على رفض بلاده لكافة أشكال التدخل في ليبيا، كما أعرب عن أمله في انتهاء الأزمة الليبية بأقرب وقت ممكن، وتفعيل منظومة الاتحاد المغربي الذي يجمع كلا من الجزائر والمغرب وتونس بالإضافة إلى موريتانيا، كما أكدت الخارجية الموريتانية على دعمها ووقوفها إلى جانب الحل السياسي السلمي في ليبيا تحت مظلة الأمم المتحدة ومبادراتها التي كان آخرها مؤتمر برلين، حيث ترى موريتانيا أن استقرار المنطقة والقضاء على الإرهاب في أفريقيا يرتبط بشكل كبير مع تطورات الأوضاع في ليبيا.[73]

8ـــ موقف الإمارات :

أكد سمو الشيخ عبد اللة بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، خلال اتصال هاتفي مع جون إيف لودريان وزير خارجية فرنسا رفض بلادة للتدخل التركي في الشأن الليبي والذي من شأنه أن يجهض جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، وأكد كذلك على تبني دولته سبل تعزيز الأمن في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، كما أكد أيضا على دعم الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، والذي يعد الحل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، كما أكد دعمه للمبادرة المصرية لإنهاء الأزمة الليبية.[74]

المطلب الثاني: الموقف الدولي من التدخل العسكري التركي في ليبيا

أولاً: الموقف الأوروبي

1ـــ موقف فرنسا

صعدت باريس موقفها تجاه التدخلات التركية في ليبيا من خلال بيان رسمي لوزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، رفضت بلاده من خلاله التدخل الأجنبي في ليبيا بجميع أنواعه وبمختلف مصادره، معبرا عن قلق باريس من الوضع المتوتر في ليبيا، كما دعا إلى الإسراع بتحقيق وقف لإطلاق النار والذي يتيح العودة للمسار السياسي من خلال جهود الأمم المتحدة، في حين أدان لودريان الدعم العسكري المتزايد لتركيا لحكومة الوفاق الليبية والتي تمكنت بفضل هذا الدعم من استعادة السيطرة على مدينة طرابلس وضواحيها بالكامل، بل والتوجه نحو مدينة سرت شمال وسط البلاد بنية انتزاعها من قوات شرق ليبيا بزعامة القائد العسكري خليفة حفتر، وفيما يُظهر أن فرنسا تسعى إلى تشكيل جبهة أوروبية موحدة في مواجهة تركيا، حيث أعلن  لودريان في الأول من يوليو أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيجتمعون في الثالث عشر من يوليو بناء على طلب بلاده للتباحث حول تركيا، ملوحاً بإمكانية فرض التكتل لعقوبات إضافية على أنقرة بعد العقوبات التي كان قد فرضها على خلفية عمليات الحفر التي بدأتها تركيا العام الماضي قرب الشواطئ القبرصية.[75]

2ـــ موقف إيطاليا:

اتسم موقف إيطاليا منذ البداية بحالة من الغموض نوعًا ما حيال الأزمة الليبية مع وجود قدر من الانحياز إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في ليبيا برئاسة فائز السراج منذ تشكيلها في عام 2016، وهو الموقف الذي تعارض مع مواقف بعض الدول الأوروبية الأخرى مثل فرنسا التي تدعم بدورها اللواء خليفة حفتر، ولكن سرعان ما تغير الموقف الإيطالي في أعقاب التطورات الأخيرة في ليبيا، خاصة بعد الاتفاق الذي وقعته أنقرة وحكومة الوفاق حول مناطق النفوذ البحري في البحر المتوسط، واتفاق آخر بشأن التعاون الأمني والعسكري بين البلدين والذي يسمح لتركيا بنشر قواتها في ليبيا، وهو ما دفع الحكومة الإيطالية إلى إعلان رفضها لهذا الاتفاق، ورفضها لأي تدخل خارجي في الصراع الليبي وتمسكها بالحل السياسي، ليُلاحظ أن  التدخل التركي في ليبيا قد ساهم في تقريب مواقف الدول الأوروبية، التي كانت على خلاف بشأن الملف وخصوصا إيطاليا وفرنسا.[76]

3ــ موقف ألمانيا:

انتقدت السلطات الألمانية النهج التركي في تعامله مع القضايا الإقليمية، حيث قال وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس في تصريحات صحفية يوم الإثنين الموافق 13 يوليو 2020: إن سلوك تركيا على الصعيد الإقليمي غير مقبول، وأضاف قائلا : لا أحد يقبل أن تتحول ليبيا إلى غنيمة لتركيا، مشددا على أنه لا مصلحة لأحد في أن تتحول ليبيا إلى سوريا ثانية، وقد سبق ذلك تصريح له في 2 يوليو 2020، نوه خلاله على أن ألمانيا ستفرض عقوبات مباشرة على أي دولة تخالف قرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وقال أيضا خلال جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا: إن التدخل الخارجي لا يزال السبب الرئيسي لتفاقم الصراع في ليبيا ويجب أن يتوقف فورًا .[77]

4ــــ موقف اليونان:

تتنازع تركيا مع كل من اليونان وقبرص حول أحقية التنقيب في مناطق شرق البحر المتوسط، الأمر الذي على خلفيته أعلنت الحكومة اليونانية في 10 ديسمبر 2019، أنها لن تدعم أي جهود سلام للاتحاد الأوروبي في ليبيا ما لم تتخلى تركيا وليبيا عن الاتفاق البحري الذي وقّعا عليه في نوفمبر 2019، والذي وصفته اليونان بأنه مناف للعقل من الناحية الجغرافية، وعليه فقد أكد وزير الخارجية اليوناني “نيكوس دندياس” على أن أولوية بلاده حول ليبيا هي ضمان خضوع الشواطئ الليبية قبالة جزيرة كريت لسيطرة قوى صديقة قائلاً: “نسعى لمنع إقامة قاعدة تركية في ليبيا”، كما أضاف: “نهدف إلى أن تتراجع حكومة فايز السراج عن المذكرة التي وقعتها مع تركيا حول المناطق البحرية.[78]

5ـــ موقف بريطانيا:

لم تنخرط بريطانيا كثيرا في الملف الليبي بفعل انشغالها بقضية الخروج من الاتحاد الأوروبي “البریکست” بيد أن رئيس الوزراء البریطانی “بوریس جونسون” خلال مشاركته بمؤتمر برلين أكد على استعداد بلاده لإرسال خبراء للمساعدة في مراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، كما قدمت بريطانيا إلى مجلس الأمن الدولي مسودة القرار (2510) والذي يدعو إلى “وقف دائم لإطلاق النار” في ليبيا، ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقديم مقترحات لمراقبة الهدنة.[79]

6ـــ الاتحاد الأوربي:

تمثل تركيا التحدي الأكبر أمام أوروبا في الوقت الراهن، حيث تسعى دول الاتحاد إلى نزع فتيل التوتر الناتج عن التدخل التركي في الملف الليبي وتصرفات أنقرة في البحر المتوسط، وضمن السياق ذاته ينظر الأوروبيون بقلق شديد إلى تدخل تركيا في الصراع الدائر في ليبيا وكذلك استمرارها في إجراء عمليات تنقيب يعتبرونها غير قانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لجزيرة قبرص، وأن دول الإتحاد ستمضي قدمًا في تنفيذ كافة الإجراءات الخاصة بتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين السياسي حول الوضع في ليبيا، وفي ضوء ذلك أعلن وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي عقب اجتماعهم في بروكسل يوم ۱۷ فبراير ۲۰۲۰ رسميا، بدء عملية جديدة لمراقبة حظر تسليح طرفي النزاع بليبيا، حيث سيبدأ الاتحاد مهمة بحرية جديدة في البحر المتوسط من أجل مراقبة تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا والذي يتم إنتهاکه بشكل متكرر، مؤكدين عدم الحاجة إلى تفویض أممي جديد بشأن مراقبة حظر الأسلحة إلى البلاد المتضررة منذ سنوات، وأكد الإتحاد أنه ملتزم بمهمة جوية وبحرية، وهناك جزء منها على الأرض، لحظر الأسلحة ودخولها إلى ليبيا، من خلال تفعيل الأسطول البحري للاتحاد في البحر المتوسط وكذلك تفعيل أقمار صناعية لمراقبة تدفق السلاح على ليبيا، وتعد المهمة الجديدة للاتحاد الأوروبي هي البديلة عن عملية صوفيا التي أطلقت عام ۲۰۱۰ وتوقفت جزئيا في مارس ۲۰۱۹، وكانت تهدف إلى تفكيك شبكات تهريب المهاجرين في البحر المتوسط، وتعقب المهربين بالإضافة إلى إنقاذ اللاجئين، وهو ما لم يتم تنفيذه بالشكل المطلوب.[80]

ثانيا: موقف الولايات المتحدة الأمريكيه

دعت الولايات المتحدة جميع الأطراف إلى وقف التصعيد العسكري في ليبيا، والالتزام بوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات على الفور، حيث أكد مجلس الأمن القومي الأمريكي في بيان له عبر تويتر في 22 يونيو 2020،معارضة واشنطن الشديدة للتصعيد العسكري في ليبيا من قبل جميع الأطراف، مشيراً إلى أنة يجب البناء على التقدم الذي تم إحرازة خلال المحادثات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بصيغة 5 + 5، بالإضافة إلى إعلان القاهرة، ومفاوضات برلين، ويأتي هذا الموقف بعد فترة قصيرة من  تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي لوح فيها بإمكانية تدخل بلادة عسكريا بشكل مباشر في ليبيا، معتبرا أن أي تدخل مصري  مباشر باتت تتوفر له الشرعية، ليثير هذا الموقف بعض الشكوك والجدل حول موقف الولايات المتحدة من التدخل التركي، خاصة أن أميركا تدعم حكومة الوفاق الليبية، وبالتالي تدعم تركيا، ولم تتحرك حتى الآن لوقف سفنها المحملة بالسلاح والمقاتلين عبر المتوسط إلى الوفاق، وبالتالي فإن أنقرة لا تستطيع التحرك بهذه السهولة على المسرح الليبي لولا ضوء أخضر من واشنطن لوجود مصلحة لها في وجود طرف تواجه به تدخلات روسيا في ليبيا، خصوصاً بعد كشف تقارير أممية عن وجود مقاتلي مجموعة “فاغنر” الروسية في ليبيا، وبالتالي فإن الموقف الضبابي للولايات المتحدة فيما يخص ما يجرى في ليبيا يفضي إلى أن هناك في الأفق ما يشبه تبدلاً للتقديرات الأمريكية من حين إلى آخر حسب ما تقتضيه ضروريات المصلحة الخاصة وهوا ما يفسر سحابات الغموض التي غلفت تصريحات وتحرّكات إدارتها.[81]

ثالثا: موقف روسيا

جاءت روسيا على رأس الدول الغير راضية عن التصرفات التركية في المنطقة، حيث عبرت عن عدم الرضا هذا بإلغاء زيارة كانت مقررة لوزير خارجيتها ووزير دفاعها في 13 يونيو 2020، إلى مدينة إسطنبول لمناقشة تطورات الوضع في ليبيا، مما يؤكد على أن بوتين يرفض تدخل إردوغان في ليبيا، وكذلك نقله مرتزقة سوريين إلى ليبيا عن طريق تركيا، علاوة على ذلك فقد أكد وزير الخارجية  الروسي “سيرجي لافروف ” على أن موسكو ترحب باستخدام نفوذها للمساعدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا خاصة بعد أن رفضت حكومة الوفاق المدعومة من تركيا ذلك، وتأكيدا لما سبق فقد دعا في 22 يونيو 2020 إلى وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا، حاثا اللاعبين الخارجيين بفعل كل ما في وسعهم للمساعدة في تهيئة الظروف لحوار شامل بين الليبيين لتسوية الصراع الذي أججته تركيا في الأشهر الأخيرة بتدخلها العسكري الداعم لحكومة الوفاق في طرابلس، وشدد على أنه لا يرى أي خيارات أخرى إلا وقف إطلاق النار الفوري، وحل جميع القضايا الأخرى على أساس عملية التفاوض بما يتماشى مع التفاهمات المنصوص عليها في مؤتمر برلين.[82]

رابعا: موقف الصين

أعلنت الصين رفضها للتدخل العسكري التركي في ليبيا، حيث جاء ذلك في تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “تشاو لي جيان” خلال مؤتمر صحفي بمقر الوزارة، قائلا: “إن الصين تدعم جامعة الدول العربية في أداء دورها الإيجابى بشأن القضية الليبية، وترحب بجميع الجهود المبذولة بشأن تخفيف حدة التوترات في ليبيا بما فيها مبادرة القاهرة التي اقترحتها مصر”، وأضاف قائلا: “إن الصين تعارض التدخل العسكري في ليبيا من قبل قوى خارجية، وأنه لا حل عسكريا للأوضاع في ليبيا و ينبغي على الأطراف المعنية أن تحل المسألة من خلال القنوات السياسية في إطار الأمم المتحدة، مع إيلاء مسألة مكافحة الإرهاب أهمية كبرى”، وتابع جيان “تدعو الصين طرفي النزاع في ليبيا إلى التركيز على المصالح الوطنية وازدهار الشعب، وإجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، والدفع نحو عودة الوضع الليبي إلى الاستقرار.[83]

خامسا: موقف الأمم المتحدة

1ــــ موقف مجلس الأمن الدولی:

لقد تبني مجلس الأمن عدد من القرارات، انطلقت مجملها من مبدأ وقف إطلاق النار وضرورة التزام الأطراف بتعهداتها في برلين كالتالي:

  • القرار رقم (2509) الذي صدر في 11 فبراير ۲۰۲۰، وأيدته 14 دولة من أصل 15 عضوا، بعد امتناع روسيا عن التصويت عليه، لقد هدف القرار إلى تمديد نظام العقوبات المفروضة على ليبيا وبموجبه مدد المجلس حظر تصدير السلاح إلى ليبيا حتی أبريل 2021، مؤكدا أن الحالة في ليبيا لا تزال تشكل تهديدا السلم والأمن الدوليين.[84]
  • القرار رقم (2510)والذي صدر في 12 فبراير ۲۰۲۰، وقد دعا القرار إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، وتثبيت الهدنة الهشة التي أقرها طرفا النزاع بوساطة روسية بعد اجتماع موسكو، وقد تقدم بالقرار وأعده بريطانيا، وأقر بموافقة 14 صوتا من أصل 15 في مجلس الأمن الدولي، حيث امتنعت روسيا عن التصويت لنقاش مستفيض على مدى ثلاثة أسابيع، مما يؤكد استمرار الانقسام الدولي الحاد حول ليبيا على الرغم من التوصل أخيرا إلى إجماع دولي على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في البلاد، والإبقاء على الحظر المفروض على الأسلحة وذلك بعد مشاورات مطولة، حيث فشلت جلسة مجلس الأمن الدولي المغلقة يوم 5 فبراير 2020 التي عقدت بغية إصدار قرار باعتماد مخرجات مؤتمر برلين بألمانيا حول الأزمة الليبية بيد أن روسيا وجنوب أفريقيا اعترضتا وافشاتا مشروع القرار وكان سبب اعتراضهما يتعلق بإعراب المجلس عن قلقه من الانخراط المتزايد للمرتزقة في ليبيا وطالبت موسكو بإدخال تعديلات على مشروع القرار، وتعديل فقرة قلق المجلس إزاء الانخراط المتزايد للمرتزقة في ليبيا، وأن يستبدل بها عبارة مقاتلين إرهابيين أجانب”

وقد تضمن القرار عدة بنود أبرزها دعوة طرفي النزاع الرئيسيين الجيش الليبي وحكومة الوفاق الوطني إلى التزام الهدنة، وتأكيد رفض الحل العسكري ليبيا، وتأكيد الدور المركزي الذي تقوم به الأمم المتحدة في تيسير عملية سياسية بقيادة الليبيين أنفسهم ومملوكة منهم، وتأكيد أن موارد ليبيا النفطية هي لمنفعة جميع الليبيين ويجب أن تخضع لسيطرة شركة النفط الوطنية الكامل، ولم يأت القرار (2510) بجديد، كما اتسمت صياغته كسائر قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بليبيا بالعمومية الشديدة، وتعظيم دور البعثة الأمميةوالمبعوث الأممي في التوصل لتسوية نهائية للأزمة الليبية، كما أنه نص في بند خاص على ضرورة حماية الثروة النفطية الليبية، وذلك بعدما تم وقف إنتاج النفط الليبي. كما أن القرار تجنب تحديد الجماعات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار ليبيا، والتي تتمركز في مدينة طرابلس بغرب ليبيا وترتبط بعلاقات وثيقة مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.[85]

ـــــ موقف الأمين العام للأمم المتحدة:2

لقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش”، يوم 1 فبراير ۲۰۲۰ من بلوغ المواجهات في ليبيا مرحلة سيصعب التنبؤ بها والسيطرة عليها، وخصوصا في الملفي الليبي والسوري، واصفا خرق الحظر المفروض على تصدير السلاح لليبيا بالفضيحة، كما انتقد تجاهل قرارات مجلس الأمن الملزمة قانونيا متهما الدول الداعمة لأطراف النزاع بأنها خالفت ما تعهدت به من عدم التدخل في الأوضاع في ليبيا، وعدم إرسال السلاح لأطراف النزاع، وعدم المشاركة في أية مواجهات هناك، كما أكد على أن وقف إطلاق النار في ليبيا الذي تم الاتفاق عليه في مؤتمر برلين قد انتهك مرارا وتكرارا بسبب استمرار تسليم أسلحة وتصاعد القتال، كما حذر تقرير للأمم المتحدة، صدر في منتصف فبراير ۲۰۲۰، من مخاطر انتشار السلاح في ليبيا، وأوضح أنها باتت تضم اكبر مخزون في العالم من الأسلحة غير الخاضعة للرقابة، ويقدر بما يتراوح بين 150 و 200 ألف طن في جميع أنحاء البلاد، محذرا من تأثير انتشار هذه الأسلحة في حياة المدنيين.[86]

المبحث الثاني:

الدور المصري في التعامل مع التدخل التركي في ليبيا

ترتبط مصر وليبيا بمصير مشترك منذ فجر التاريخ بفضل العامل الجغرافي، وهو ما جعل العلاقات بين البلدين استثنائية لا يمكن قياسها بالمعايير التقليدية لتقييم العلاقات الثنائية بين الدول، ولكن هذا لا يعني أن منحني العلاقات بينهما لم يشهد تموجات متتالية حملت في طياتها التباعد والتنافر إلى درجة العداوة في بعض الأحيان، لكن هذا لم يؤثر على ما اكتسبته ليبيا من اهتمامًا كبيرًا من الجانب المصري، نابعا من كونها جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، علاوة على العلاقات التاريخية، والحدود المشتركة، والقبائل المصرية الليبية المنتشرة في البلدين وغيرها، لذلك وفي ضوء علاقات الجوار والمصاهرة والمصالح القومية العليا هذه، تهتم مصر بشدة بالأوضاع في ليبيا، وتسعى جاهدة للوصول إلى حل للأزمة الليبية التي امتدت منذ سبع سنوات ولا تزال تتفاقم حتى اليوم، وفي سبيل رصد هذا الدور الذي تلعبه مصر سوف يتم تقسيم هذا المبحث إلى عدة مطالب يتناول كلا منهم جزء كالتالي :

المطلب الأول: نبذة عن العلاقات المصرية الليبية

ارتبطت مصر وليبيا بمصير واحد مشترك فرضته مجموعة من العوامل الجغرافية والتاريخية، حيث تشترك مصر مع ليبيا بحدود برية مباشرة طولها يقارب 1115 كم، بالإضافة إلى كون مصر من أوائل الدول التي تعاملت مع ليبيا رسمياً بعد استقلالها في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، كما سعى  الرئيس الليبي الأسبق العقيد القذافي للوحدة مع الدولة المصرية وذلك بتوقيع ميثاق طرابلس ديسمبر 1969 الذي تضمن ما يسمي بالجبهة القومية العربية، وفي مرحلة لاحقة انضمت سوريا وتم إعلان اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وليبيا وسوريا في 17 أبريل 1971م، ساعدت ليبيا مصر في حرب أكتوبر 1973، حيث قامت بعقد صفقة طائرات ميراج مع فرنسا، واستخراج جوازات سفر ليبية للطيارين المصريين من أجل التدريب في فرنسا.. وعندما واجهت مصر مشكلة شراء الدبابات تي 62 قامت ليبيا بدفعها، كما قامت بإرسال سربين من الطائرات أحدهما يقوده مصريون وآخرون ليبيون.

لم تسير العلاقات المصرية الليبية على نفس الخط، فقد مرت العلاقات بفترة من التوتر خلال حكم الرئيس الراحل أنور السادات، إلى أن عادت  العلاقات بين مصر وليبيا عام 1989 أثناء أنعقاد مؤتمر القمة العربية في المغرب و إلغاء تأشيرات الدخول لمواطني البلدين و توقيع عشر اتفاقيات تنظم كافة أوجه التعاون بين البلدين في عام 1991 ومع بدء ظهور أزمة لوكيربي، والحصار الأمريكي الذي أصبح  دولياً بقرار من الأمم المتحدة عام 1992م، بذلت مصر مساعي لمساندة ليبيا سندًا لها في اتصالاتها مع العالم الخارجي .

أبدت مصر اهتماما كبيرا بالأوضاع في ليبيا في مرحلة ما بعد عهد القذافي عقب ثورة 17فبراير 2011، حيث استضافت مصر العديد من اللقاءات التي جمعت قوى سياسية وممثلين ليبيين، في إطار المحاولات لإيجاد حل للأزمة بأيدي الليبيين أنفسهم، فضلا عن مشاركة مصر في مؤتمرات دولية حول ليبيا سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، ومنها مؤتمر باليرمو بجنوب إيطاليا (12 – 13 نوفمبر2018 ) الذي شارك فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك الاجتماع الوزاري الـ12 لآلية دول جوار ليبيا بالخرطوم في 29 نوفمبر 2018  والذي شارك فيه وزير الخارجية المصري، ونتيجة لهذه العلاقة وهذا التجاور فكان لابد أن تهتم مصر بشكل كبير بكافة الأحداث الموجودة في ليبيا على اعتبار أنهم شعباً واحداً وأمة واحدة، لذلك كانت مصر من أكثر الدول اهتماماً بقضية التدخل التركي في ليبيا نظراً لأن ما يؤثر على ليبيا من شأنه أن يؤثر على مصر.[87]

المطلب الثاني: مرتكزات التدخل المصري في ليبيا

يرتكز التدخل المصري في ليبيا على عدة مرتكزات، تنطلق من جملة من الدوافع تتمثل في:

1ــــ تأمين الحدود

تشترك ليبيا ومصر في شريط حدودي يتجاوز مسافة 1200 كيلومتر يتخلل مناطق صحراوية تبقى مهمة مراقبتها وضبطها أقرب للمستحيل، وهذا ما جعل الجماعات الإرهابية تستغل هذه النقطة للتنسيق بين التنظيمات الإرهابية في مصر وليبيا، والذي نتج بصورة رئيسية عن ” الحدود الرخوة”، وهو ما جعل مصر تواجه مهمة شديدة الصعوبة نظرا لتوليها منفردة مهمة تأمين الحدود، ولعل هذا ما يجعل مصر أكثر المطالبين بضرورة قيام جيش وطني ليبي فاعل وقادر على التصدي لمحاولات التسلل والمشاركة في تأمين الحدود للتخفيف عليها في القيام بهذه المهمة الصعبة والمكلفة.

2ـــ مواجهة التنظيمات الإرهابية وضرب مشروعها التوسعي:

عقب تعرض تنظيم داعش للخسائر الكبيرة في كل من سوريا والعراق تحول جل نشاطه إلى ليبيا، وتمكن بالفعل سنة 2015 من السيطرة على مدينة سرت ومناطق أخرى، وحاول التمدد والتوسع، وهو ما جعل السلطات المصرية تضع نصب أعينها مواجهة هذا المشروع وإجهاضه في مهده، لاسيما وأن كل التنظيمات الظلامية ترتبط فيما بينها بروابط أيديولوجية وسياسية وتنظيمية بما في ذلك التنظيمات الإرهابية الفاعلة في ليبيا، وتلك التي تحاول تصعيد نشاطها في الداخل المصري.

3ــ استعادة الدور الإقليمي لمصر:

لا شك في أن السعي المصري لحل الأزمة الليبية وتحركاتها في هذا الصدد تأتي استنادا إلى محاولة مصر تعزيز دورها الإقليمي، ولتكون أيضا طرفاً فاعلاً في أي تسويات سياسية داخل ليبيا، خاصة مع تصاعد نفوذ الجماعات الموالية للإخوان المسلمين في داخل ليبيا، ومحاولات فرض النفوذ التي تقوم بها القوى الدولية التي تسعى إلى إعادة تشكيل الواقع السياسي في الداخل الليبي بما يخدم مصالحها ويضر بالمصالح المصرية التي لا شك في أنها سوف تتأثر بصورة مباشرة بالتغييرات السياسية الداخلية في ليبيا.[88]

المطلب الثالث: حقيقة التدخل العسكري المصري في ليبيا منذ 2011 وحتى 2020

في بداية الأحداث التي شهدتها ليبيا منذ منتصف شهر فبراير 2011، لم تكن مصر لاعبا مهما على الرغم من الدور الخارجي الذي كان المحرك الرئيس لما عاشته ليبيا من اضطرابات ومواجهات مسلحة، كان سبب هذا الغياب انشغال السلطات المصرية بما يدور على أرضها بعد 25 يناير وما تلاها من متغيرات سياسية وأمنية، إلا أن غياب سطوة السلطات الأمنية المصرية في المناطق الحدودية مع ليبيا ساهم في تسهيل تدفق المقاتلين الأجانب ودخول الأسلحة للمجموعات المسلحة التي دخلت في مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة العربية الليبية، علاوة على استغلال عدد من الدول التي تدخلت في ليبيا بشكل مباشر للشريط الحدودي الطويل بين ليبيا ومصر لإيصال الدعم لتلك المجموعات عبر المدن الليبية القريبة من الحدود المصرية، ولا شك أن الأزمة الليبية أضحت تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي المصري نظرًا لتدهور الوضع الأمني وهشاشته هناك مما شكّل أرضية خصبة لنمو الجماعات الإرهابية على نحو جعل أنشطتها لا تقتصر فقط على الداخل الليبي وإنما امتدت إلى داخل دول الجوار من خلال تجارة السلاح واختراق الحدود ولعل أبرز الأمثلة في هذا الصدد حادث الفرافرة الذي قُتل على إثرة 23 عسكرياً مصريًا، وقد ربطت التقارير الأمنية هذا الحادث بالمجموعات المسلحة القادمة من ليبيا وهو ما دفع بعده حركات سياسية إلى الضغط على السلطات المصرية للتدخل في ليبيا.[89]

ظهر الكثير من الجدل في تلك الفترة حول التدخل العسكري المصري في ليبيا إبان المعارك الضارية التي شهدتها العاصمة طرابلس من أجل السيطرة على المطار، وذلك نتيجة لإعلان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي يوم الثلاثاء الموافق 26 أغسطس 2014، عن أن مصر والإمارات قد شنتا ضربات جوية استهدفت الميلشيات الإسلامية في ليبيا، وكذلك المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” الأميرال جون كيربي، ولكن هذا الأمر غير مقبول منطقياً بسبب أمور ثلاثة: أولها؛ تراجع وزارة الخارجية الأمريكية عن ذلك التصريح في نفس اليوم، والثانية نفي المسئولين المصريين القيام بأي عمل عسكري في ليبيا وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك نفي وزير الخارجية المصري سامح شكري في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، ووزير الخارجية محمد عبد العزيز ورئيس الأركان عبد الرازق الناظوري، بأن مصر غير متورطة في أي عمل عسكري في ليبيا، أما الثالثة فتمثلت في نفي الجهات الرسمية الليبية ذلك على لسان السفير الليبي السابق في القاهرة “فايز جبريل” الذي أوضح أن مصر لم تتدخل عسكرياً في ليبيا، وأنها  تسعى لحل سياسي للأزمة، وأيضًا وزير الخارجية الليبي السابق “محمد عبد العزيز”، ومن هنا نستطيع القول إن مصر لم تتدخل عسكرياً في ليبيا عام 2014، تأكيدًا للشواهد السابقة.[90]

ليتكرر الجدل من جديد حول التدخل العسكري المصري في ليبيا في 2020، وخصوصا مع ما طرحته الأزمة من مستجدات بعد تدخل تركيا في ليبيا عسكريا عن طريق الدعم للمليشيات المسجلة في ليبيا، الأمر الذي أصبح يهدد بتدخل عسكري مصري في ليبيا، أكدته موافقة البرلمان المصري يوم الإثنين الموافق 20 يوليو2020 على قرار يجيز قيام الجيش المصري بـ “مهام قتالية” في الخارج، بعد أيام من حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن عمليات عسكرية محتملة في الجار الغربي لبلاده، وعلى الجانب الآخر في العاصمة الليبية طرابلس أعلن البرلمان الليبي رفضه التام لقرار نظيرة المصري، وجاء في بيان صادر عن المؤسسة التشريعية الليبية “نؤكد رفضنا التام لما جاء في قرار البرلمان المصري، والذي استند لدعوة غير شرعية ممن ينتحلون صفة مجلس البرلمان ـــ في إشارة لبرلمان طبرق ـــــ ومن يدعون تمثيلهم للقبائل الليبية، وفي ذات الأتجاه تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يقدم دعما عسكريا وسياسيا لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس قائلا: “نتابع عن كثب التطورات الأخيرة في ليبيا، ويجب ألا يتحمس أحد لأنه لن نمنحهم الفرصة”، على حد تعبيره[91]

ولكن مع كل ما سبق من تهديدات فإن التدخل العسكري لم يحدث لعدة أسباب منها:

1ـــــ احترام القاهرة للحل السياسي والسلمي للأزمة، وهذا بات جليًا من خلال مشاركتها في ملتقيات وزراء خارجية دول الجوار، وكذلك إعلانها المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية، مع اعترافها بالبرلمان المنتخب حديثًا ممثلًا للشعب الليبي، وتأكيد المسئولين المصريين على أهمية التعاون مع طرابلس في كل المجالات فور عودة الاستقرار.

2ـــ  الوضع الأمني في مصر والذي لا يسمح بتوريط الجيش المصري في حرب خارج حدوده، خاصة في ظل الاعتماد على المؤسسة العسكرية في تأمين البلاد داخلياً، ومحاربة الإرهاب في سيناء، فضلًا عن مشاركته في المشروعات التنموية الداخلية .

3ـــ الوضع الاقتصادي المصري والذي لا يسمح بتحميل الخزينة العامة للدولة للمزيد من النفقات للقيام بعمليات عسكرية في ليبيا، فالأوْلَى توجيه تلك النفقات للتغلب على المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

4ــــ عدم فائدة التدخل في الحالة الليبية، وهو ما أكده التدخل الدولي السابق في ليبيا الذي خلف وراءه دولة منهكة دون مؤسسات تسيطر عليها ميلشيات مسلحة، مما جعل الدولة غير قادرة على تحقيق الاستقرار الداخلي ومواجهة الإرهاب.

المطلب الرابع:الجهود المصرية لحل الأزمة الليبية من 2011 حتى 2020.

أضحت الأزمة الليبية تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي المصري، نظرًا لتدهور الوضع الأمني وهشاشته هناك، مما شكّل أرضي خصبة لظهور الجماعات الإرهابية على نحو جعل أنشطتها لا تقتصر فقط على الداخل الليبي وإنما امتدت إلى داخل دول الجوار من خلال تجارة السلاح واختراق الحدود، لذلك تتدارك مصر جدية وخطورة الأزمة لذلك تسعى إلى بذل كل ما بوسعها للتوصل إلى حل للأزمة كالتالي:

1- تعاون ثنائي:

نتيجة للأوضاع الأمنية الهشة في ليبيا منذ اندلاع ثورة 17 فبراير2011، زار الفريق صدقي صبحي ــــــ عندما كان رئيسًا للأركان ـــــــ ليبيا في 10 أبريل 2013 حيث أجرى مباحثات مع نظيره الليبي اللواء يوسف المنقوش آنذاك تناولت التعاون بين القوات المسلحة في البلدين لتأمين الحدود المشتركة بشكل كامل حيث أن مصر تعتبر ليبيا امتدادًا استراتيجياً لها، كما وقع الجانبان خلال الزيارة اتفاقية للتعاون العسكري، كما أكدت الخارجية المصرية في أكثر من مناسبة واجتماع أن مصر تبذل قصارى جهدها للحفاظ على وحدة ليبيا وأنها ستقدم كل الدعم اللازم، مع  التأكيد على أهمية وضع خطة عمل تتضمن اتخاذ خطوات داخل ليبيا وخطوات أخرى بينها وبين دول الجوار من أجل ضبط الحدود وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والتأكيد على ضرورة محاربة الإرهاب وبناء مؤسسات الدولة والبعد عن الطائفية والمذهبية.[92]

2- تعاون إقليمي:

وهنا يمكن الإشارة إلى الدور المصري في إطار جهود دول الجوار في حل الأزمة الليبية من خلال تنظيم عدد من الاجتماعات لبحث الوضع في ليبيا كان أبرزها:

– الإجتماع في تونس:

عقد هذا الاجتماع في مدينة الحمامات التونسية في يومي 13 و14 يوليو 2014 وقد ناقش الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، وانتهى ذلك الاجتماع بتشكيل لجنتين إحداهما أمنية وتترأسها الجزائر والأخرى سياسية وتترأسها مصر وذلك من أجل إيجاد الوسائل الكافية والأساليب العلمية الأنسب لمساعدة الحكومة الليبية على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وكذلك لضبط وتأمين الحدود لمواجهة أخطار الجماعات الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها وتسليحها حيث باتت الأزمة الليبية تمثل قضية أمن قومي عربي. [93]

– الاجتماع في القاهرة:

استقبلت مصر في 25 أغسطس 2014 الإجتماع الوزاري الرابع لوزراء خارجية دول جوار ليبيا، بمشاركة كل من وزراء خارجية ليبيا والجزائر وتونس والسودان وتشاد ومسئول من دولة النيجر والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ومبعوث الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا داليتا محمد ومبعوث الجامعة العربية ناصر القدوة من أجل بحث الأوضاع الليبية وتأثيراتها على المنطقة، وقد طالبت دول الجوار الليبي في ختام اجتماعها في القاهرة باعتبار البيان الختامي للاجتماع وثيقة رسمية في المنظمات الإقليمية وفي مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وبالفعل صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن مصر نقلت البيان الختامي الصادر عن الاجتماع بصفة رسمية إلى كل من السكرتير العام للأمم المتحدة وأمين عام جامعة الدول العربية ومفوضة الاتحاد الأفريقي واعتبارة وثيقة رسمية، وإضافةٍ إلي ذلك تم أرسل البيان إلى بريطانيا كونها رئيس مجلس الأمن ــــ في ذلك الشهر ـــــ مع طلب تعميمه على الدول الأعضاء وإصدارة كوثيقة رسمية من وثائق المجلس[94]

– المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية:

هذه المبادرة أطلقتها مصر بالتشاور مع دول الجوار بخصوص الأزمة الليبية وقد ارتكزت تلك المبادرة على ثلاثة مبادئ وهي احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وعدم التدخل في الشئون الداخلية لليبيا والحفاظ على استقلالها السياسي، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف، ويمكن إجمال ما نصت عليه تلك المبادرة في الآتي:

1ـــــ الوقف الفوري لكل العمليات المسلحة من أجل دعم العملية السياسية وتعزيز الحوار مع الأطراف السياسية التي تنبذ العنف، وصولًا لتحقيق الوفاق الوطني والمصالحة ووضع دستور جديد للبلاد والتأكيد على الدور الأساسي والمحوري لآلية دول جوار ليبيا وخصوصيتها فيما يتعلق بتطورات الوضع في ليبيا وضرورة إشراكها في مختلف المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة لإيجاد تسوية توافقية للأزمة الليبية.

2ـــ تنازل جميع الميليشيات والعناصر المسلحة وفق نهج متدرج المراحل ومتزامن من حيث التوقيت عن السلاح والخيار العسكري في إطار اتفاق سياسي بين كل الفرقاء التي تنبذ العنف ووفق آلية مستقلة تعمل برعاية إقليمية من دول الجوار ومساندة دولية.

3ــــ التأكيد على التزام الأطراف الخارجية بالامتناع عن توريد وتزويد الأطراف غير الشرعية بالسلاح بجميع أنواعه، وتعزيز المراقبة على جميع المنافذ البحرية والجوية والبرية الليبية لتحقيق هذا الهدف ولا يسمح باستيراد أي نوع من الأسلحة إلا بناء على طلب من الدولة الليبية وبعد موافقة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.

4ـــ مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتجفيف منابع تمويله ومحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود وغير ذلك من الأنشطة غير المشروعة.

5ـــ  دعم دور المؤسسات الشرعية للدولة وعلى رأسها مجلس النواب، وإعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش والشرطة من خلال برامج محددة لبناء السلام بما يسهم في تثبيت الاستقرار والأمن وتعزيز جهود تحقيق التنمية.

6ـــ تقديم المساعدة للحكومة الليبية في جهودها لتأمين وضبط الحدود مع دول الجوار وفق برنامج متكامل ووقف كل الأنشطة غير المشروعة للتهريب بكل أنواعه.

7ـــ توفير آلية تتضمن تدابير عقابية متدرجة يتم اللجوء إليها في حالات عدم الامتثال بما في ذلك فرض عقوبات موجهة ضد الأفراد والجماعات الذين تثبت مسئوليتهم عن عرقلة مسار العملية السياسية وتحقيق الاستقرار.

8ـــ إنشاء آلية بإشراف وزراء خارجية دول الجوار لمتابعة تنفيذ ما تقدم بالتعاون مع المبعوثين العربي والأفريقي، في ضوء ما يتم رفعة من توصيات يقدمها فريقا العمل السياسي والأمني ومن بينها القيام بزيارة لكبار المسئولين لدول الجوار لليبيا للقاء مجلس النواب الليبي والأطراف السياسية تمهيدا لزيارة يقوم بها وزراء خارجية دول الجوار.

9ــــ تكليف الرئاسة المصرية للاجتماع الرابع لدول الجوار بإبلاغ هذا البيان بصفة رسمية إلى رئاسة مجلس الأمن والسكرتير العام للأمم المتحدة، وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي، والحكومة الإسبانية لطرحها خلال مؤتمر مدريد يوم 17 سبتمبر 2014.

10ــــ عقد الاجتماع الخامس لدول جوار ليبيا في الخرطوم في موعد يتم الاتفاق عليه بالتشاور لاحقا.

11ـــ التأكيد على أهمية الدعم الدولي فيما يتعلق بالمساعدة في إعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة الليبية بالتعاون مع دول الجوار بما في ذلك التدريب على ضبط الحدود وتوفير الأجهزة الفنية الحديثة للمراقبة والرصد فضلًا عن مساندة ما قد يتم اتخاذه من تدابير عقابية ضد الأفراد والكيانات التي ترفض التجاوب مع العملية السياسية، وتسعى لتقويضها من خلال العنف بما في ذلك إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات موجهة.

وقد رحب السفير الليبي بالقاهرة فايز جبريل بالمبادرة المصرية، موضحًا أنها نابعة من إيمان مصر بضرورة دعم العملية السياسية وعودة الاستقرار إلى الأراضي الليبية كما اعتبر وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز، أن أهمية تلك المبادرة تكمن في عملها على استعادة الأمن في ليبيا وكونها تعكس الالتزام السياسي القوي من قبل دول الجوار، كما أشاد بالدور المصري في حل القضية.[95]

ــــ إعلان القاهره:

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مبادرة جديدة تحت اسم “إعلان القاهرة”، والتي تم التوصل إليها مع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، على أن يبدأ تنفيذ بنودها في الثامن من شهر يونيو 2020، وتضمنت وقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة في ليبيا، بالإضافة إلى تأكيد ـــــ هذه المبادرة التي تأتي كخارطة طريق لحل الأزمة ــــــ وقف نزيف الحرب وتجنيب الحل العسكري وإعلاء المصلحة الوطنية في ليبيا.

وقد أبرزت هذه المبادرة رسوخ واستقرار السياسة المصرية، وانطلاقها من مرتكزات ثابتة تجاه الأزمة الليبية، وهو ما أكد عليه دوما الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل إنهاء حالة الصراع والقتال المحتد في  ليبيا، وقطع الطريق على المقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى تفكيك الميليشيات، وتسليم أسلحتهم، وانخراط جهود جميع الأطراف في بوتقة إنشاء مجلس رئاسي جديد يمثل الأقاليم الليبية الثلاثة وشروط يتفق عليها الجميع.

وقد وصف الرئيس المصري هذه المبادرة بأنها “سياسية ومشتركة وشاملة”، مشددا على أنة: “إذا صدقت نوايا الجميع ستكون بداية مرحلة جديدة لعودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا”، وأضاف قائلا: “لا يمكن أن يكون هناك استقرار في ليبيا إلا إذا وحدنا تسوية سلمية للأزمة تتضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية، وتكون قادرة على الإضطلاع بمسؤولياتها تجاه الشعب الليبي”، كما أكد على أنة: “من الضروري أن تتيح التسوية السلمية توزيعا عادلا وشفافا للثروات الليبية على كافة المواطنين، وتحول دون تسربها لأيدي من يستخدمونها ضد الدولة الليبية”.[96]

وفيما يلي يمكن ذكر البنود التي شملها الإعلان كالتالي :

أولاً: التأكيد على وحدة وسلامة الأراضى الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن، والتزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من 8 يونيو2020.

ثانياً: ارتكاز المبادرة على مخرجات مؤتمر برلين، التي نتج عنها حلا سياسيا شاملا يتضمن خطوات تنفيذية واضحة (المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية)، واحترام حقوق الإنسان، واستثمار ما انبثق عن المؤتمر من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية.

ثالثاً: استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، وقيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، حتى تتمكن القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها ومهامها العسكرية والأمنية في  البلاد.

رابعاً: العمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية، مع تحديد الآلية الوطنية الليبية الملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة، واستثمارا لجهود المجتمع الدولي لحل الأزمة الليبية.

خامساً: إعادة سيطرة الدولة على كافة المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية، مع تحمل الجيش الوطني مسؤولياته في مكافحة الإرهاب، وتأكيد دورة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية واستعادة الأمن في المجال البحري، والجوي، والبري.

سادساً: قيام كل إقليم من الأقاليم الثلاث بتشكيل مجمع انتخابى يتم اختيار أعضائه من مجلسي النواب والدولة الممثلين لكل إقليم، بجانب شيوخ القبائل والأعيان، ومراعاة نسبة تمثيل مقبولة للمرأة والشباب والنخب السياسية من المثقفين والنقابات، وبموجب هذا البند تجتمع اللجان الثلاث تحت رعاية الأمم المتحدة ويتم التوافق عليها، ويتولى كل إقليم اختيار الممثل الخاص بة سواء بالتوافق أو بالانتخاب وذلك في  مدة لا تتجاوز 90 يوماً.

سابعاً: قيام كل إقليم باختيار ممثلة للمجلس الرئاسي ونائب لرئيس الوزراء من ذوي الكفاءة والوطنية، بهدف تشكيل مجلس رئاسة من رئيس ونائبين، ومن ثم قيام المجلس الرئاسي بتسمية رئيس الوزراء ليقوم بدورة هو ونائبيه بتشكيل حكومة وعرضها على المجلس الرئاسي، تمهيدا لإحالتها لمجلس النواب لمنحها الثقة.

ثامناً: يقوم المجلس الرئاسي باتخاذ قراراته بالأغلبية، عدا القرارات السيادية المتعلقة بالقوات المسلحة، فيتم اتخاذ القرارات أو البث في  المقترحات التي يقدمها القائد العام للجيش في هذه الحالة بالإجماع وبحضور القائد العام.

تاسعاً: حصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارة طبقا لعدد السكان، عقب التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة، على ألا يجمع أي إقليم أكثر من رئاسة للسلطات الثلاث (المجلس الرئاسي، مجلس النواب، مجلس الوزراء)، بموجب هذا البند يحصل إقليم طرابلس على 9 وزارات، وإقليم برقة على 7 وزارات وإقليم فزان على 5 وزارات، على أن يتم تقسيم الوزارات السيادية الست على الأقاليم الثلاثة بشكل متساو، وزارتين لكل إقليم مع تعيين نائبين لكل وزير من الإقليمين الآخرين.

عاشراً: اضطلاع مجلس النواب الليبي باعتماد تعديلات الإعلان الدستوري من خلال لجنة قانونية يتم تشكيلها من قبل رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح، وذلك عقب قيام اللجنة (تضم ممثلي أعضاء مجلسي النواب والدولة) بالاتفاق على النقاط الواجب تعديلها في  الإعلان الدستوري في مدة لا تتجاوز 30 يوما، بدءا من تاريخ انعقاد أول جلسة.

حادي عشر: قيام الأمم المتحدة بالإشراف على المجمعات الانتخابية بشكل عام لضمان نزاهة سير العملية الخاصة، باختيار المرشحين للمجلس الرئاسي، وعلى المجتمع الدولي إخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية. [97]

وقد أحدث إعلان القاهرة عدد من ردود الفعل الإقليمية والدولية الداعمة والمؤيدة لإعلان القاهرة، لدفع الأزمة الليبية خطوات للأمام نحو الحل السياسي بعيداً عن الأطماع السياسية والاقتصادية من جانب بعض الدول الإقليمية، ويمكن حصر عدد من الردود كالتالي:

  • أولا الردود العربية والاقليمية:[98]
  • أكدت السعودية ترحيبها بالمبادرة المصرية وبكل الجهود الدولية التي تدعو إلى وقف القتال في ليبيا والعودة للمسار السياسي على قاعدة المبادرات والقرارات الدولية ذات الصلة بما في  ذلك ما تم التوافق عليه في  مؤتمري برلين وجنيف.
  • أعلنت البحرين دعمها للجهود المصرية، مؤكدةً وقوفها مع كل الجهود الرامية إلى وقف فوري للاقتتال والعودة للمسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بما يضمن سيادة ليبيا بعيداً عن التدخلات الخارجية كافة.
  • رحبت الكويت بالمبادرة التي قدمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبر بيانٍ رسميّ صدر عن وزارة الخارجية الكويتية يؤكد على ضرورة تحقيقِ السلام في ليبيا.
  • رحبت الجزائر بالمبادرة المصرية حيث قال المتحدث الرسمي باسم الرئيس الجزائري بلعيد محند أوسعيد: “إنّ الجزائر تُرحِّب بإعلان القاهرة الهادف إلى حل سياسي للأزمة الليبية ووقف الأعمال العدائيّة”.
  • ثمّنت الإمارات المساعي المخلصة التي تقودها الدبلوماسية المصرية “بحسٍّ عربى مسؤول وجهود مثابرة ومقدرة”، حيث أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية عن تأييدها للجهود المصرية الخيّرة، الداعية إلى وقف فورى لإطلاق النار في ليبيا، والعودة إلى المسار السياسي، مؤكدة وقوفها مع كل الجهود التي تسعى إلى الوقف الفوري للاقتتال في  ليبيا، والعودة إلى المسار السياسي.
  • ثمّنت الأردن الجهود المصرية، حيث قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن الأردن “تثمن الجهود المصرية التي أثمرت عن إعلان القاهرة، الذي يشكل إنجازاً مهماً”، مؤكداً أن الإعلان “يمثل مبادرة منسجمة مع المبادرات الدولية، يجب دعمها للتوصل لحل سياسي للأزمة الليبية، يحمى ليبيا ووحدتها واستقرارها عبر حوار ليبي”.

 

  • ثانيا الردود الدولية:[99]

جاءت المواقف الدولية داعمة للجهود والمبادرة المصرية ــــ إعلان القاهرة ــــــ بشأن الأزمة الليبية، إذ عبرت الدول عن ترحيبها بالمبادرة المصرية التي تهدف إلى وقف إطلاق النار والمساعدة في  إطلاق العملية السياسية، ويمكن حصر عدد من الردود كالتالي:

  • قالت السفارة الأمريكية في ليبيا في بيان على تويتر: “نرحّب بجهود مصر وغيرها من الدول لدعم العودة إلى المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة وإعلان وقف إطلاق النار، وندعو جميع الأطراف للمشاركة بحسن نيّة لوقف القتال والعودة إلى المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة”.
  • رحبت روسيا بالمبادرة المصرية التي وصفتها بالهامة من أجل إنهاء الأزمة في ليبيا وقالت السفارة الروسية في القاهرة:” تقدمت مصر بالمبادرة الهامة لإنهاء الأزمة في ليبيا، نرحب بكل الجهود الرامية الى تسوية النزاع واستعادة السلام في كافة الأراضي الليبية”.
  • عبرت فرنسا عن دعمها للمبادرة المصرية بشأن إنهاء الصراع في ليبيا، وحسب بيان الخارجية الفرنسية، فقد هنأ وزير الخارجية الفرنسي لودريان نظيرة المصري سامح شكرى على الجهود التي بذلتها مصر بشأن الملف الليبي، ورحب بالنتائج التي تحققت والتى تهدف إلى الوقف الفوري للقتال واستئناف المفاوضات في  إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5.
  • رحبت بريطانيا بالمبادرة المصرية بشأن وقف إطلاق النار في ليبيا وأكدت على ضرورة أن تحظى بدعم دولي، داعية الأطراف الليبية للانخراط بشكل عاجل في  المحادثات الرامية للتوصل إلى حل سياسي.

ويرى الباحث أنه لازالت هناك حاجة لمزيد من الجهود المصرية بالتعاون مع دول الجوار لتفعيل إعلان القاهرة، بالإضافة إلى محاولة التنسيق بين القيادات السياسية والأمنية في ليبيا، وتوفير الدعم المادي واللوجيستي والعسكري اللازم لبناء هيكل الدولة والخروج من حالة الانقسام، مع العمل على محاولة منع ظهور كيانات عسكرية موازية للقوات المسلحة عن طريق التصدي للميليشيات والكيانات العسكرية الراديكالية والعمل على دمجها داخل هيكل واحد، حيث تتمثل العقبة الكبرى أمام تسوية الأزمة الليبيّة في قضيّة تشكيل جيش ليبيّ موحّد وهو ما لا يمكن أن يتم دون موافقة حفتر الذي يلقى تأييداً مباشراً من برلمان طبرق .

المبحث الثالث:

المبادرات والجهود المبذولة من أجل تسوية الأزمة الليبية (2011: 2020).

عندما تثار أزمة ما من شأنها أن تؤثر على أمن الدول واستقلالها، أو المساس بسيادتها الإقليمية على أرضها، سرعان ما تتدخل الدول سواء إقليمياً أو دولياً وتبذل جهدا من أجل أن لا تتفاقم هذه الأزمة، من خلال أن تدعو هذه الدول أطراف النزاع  للعودة إلى مائدة المفاوضات ووقف إطلاق النار أن كان الأمر قد تطرق إلى ذلك، وعلية فقد صدر بخصوص الأزمة الليبية منذ ظهورها ــــــ وما تبعها من مستجدات ــــــ عدد من المبادرت والجهود والإعلانات والمؤتمرات الدولية التي هدفت إلى الحل السياسي السلمي وترك العنف، وفي هذا الإطار يمكن أن نشير إلى هذه الجهود كالتالي:

1ــ اتفاق الصخيرات 2015 :

تم توقيع اتفاق الصخيرات في 17 ديسمبر 2015، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات في المغرب بإشراف المبعوث الأممي الأسبق “مارتن كوبلر” لإنهاء الحرب الأهلية الليبية الثانية المندلعة منذ 2014، وقد وقع على هذا الاتفاق 22 برلمانياً ليبياً على رأسهم صالح محمد المخزوم عن طرف المؤتمر الوطني العام الجديد، ومحمد على شعيب عن طرف مجلس النواب الليبي، ليوصف هذا الاتفاق بأنه النقطة الوحيدة المضيئة في الأزمة الليبية كونه الاتفاق الوحيد الذي تضمن ثلاث نقاط رئيسية تؤسس لخارطة طريق ليبيا الجديدة كالتالي:

1ــــ تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية:ويكون أساسها الكفاءة وتكافؤ الفرص، وتتولى مهام السلطة التنفيذية، وتكون مكونة من رئيس مجلس وزراء وعضوين نائبين لرئيس مجلس الوزراء والوزراء، وأن يكون مقر الحكومة في طرابلس ومدة ولايتها عام واحد فقط.

2ـــ اعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية:والسلطة التشريعية للدولة خلال المرحلة الانتقالية -التي لم تُذكر مدتها- تضم مجلس النواب المنتخب في يونيو 2014 “برلمان طبرق”.

3ـــ تأسيس مجلس أعلى للدولة، يكون أعلى جهاز استشاري، يقوم بعملة باستقلالية، وتكون مهامه إبداء الرأي الملزم بأغلبية في مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تعتزم الحكومة إحالتها إلى مجلس النواب، ويتشكل هذا المجلس من 120 عضوا، إلى جانب تأسيس مجلس أعلى للإدارة المحلية وهيئة لإعادة الإعمار وأخرى لصياغة الدستور ومجلس للدفاع والأمن.[100]

كما نص الاتفاق على عدد من البنود كالتالي:

1ـــ أن تكون هناك مرحلة انتقال جديدة تستمر 18 شهرا، وفي حال عدم انتهاء الحكومة من مهامها ـــــ المتمثلة في وضع مشروع دستور وطرحة في استفتاء شعبي أولاً، ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ــــــ قد يتم تمديد المدة 6 أشهر إضافية.

2ــــ منح صلاحيات رئيس الحكومة لمجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني، الذي يترأسة رئيس الحكومة نفسه (فائز السراج)، وعلى رأسها قيادة الجيش والقوات المسلحة.

3ــــ تشكيل المجلس الأعلى للدولة من أعضاء المؤتمر الوطني العام الجديد والإبقاء على مجلس النواب الليبي المنتخب في يونيو 2014.

4ــــ التزام الحكومة بتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ومجلس الدفاع والأمن للتوافق على مشروع قانون يحدد صلاحيات منصب القائد الأعلى للجيش الليبي.

5ــــ وقف إطلاق النار وإعادة تشكيل الصراع الداخلي أكثر مما أسهم في تسويته.[101]

وقد استقبل الفرقاء الليبيون اتفاق الصخيرات في بادئ الأمر، بترحيب كبير، وسرعان ما بدأت الأطراف المختلفة تشرع في تنفيذه، لكن لم تسر الأمور كما كان مخططاً لها فانهار الاتفاق، ودخلت البلاد في مرحلة صراع جديدة اشتدت وتيرتها بإعلان الجيش الليبي نيته تحرير طرابلس من الجماعات الإرهابية، وهو ما رفضته حكومة الوفاق، وطلبت تدخل تركيا العسكري، ما أثار مخاوف تصاعد حدة الصراع إلى نزاع إقليمي، ورغم انهيار اتفاق الصخيرات بصورة شبه رسمية، خاصة عقب إعلان البرلمان الليبي في طبرق إلغاء المصادقة عليه وانعدام كل ما ترتب عليه من آثار، إلا أنه يمكن القول أن ذلك الاتفاق كان بمثابة النواة الأساسية التي أرتكزت عليها معظم المشاورات من أجل الحل السياسي للأزمة في ليبيا.

وقد أعلن القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر فيما بعد، إسقاط اتفاق الصخيرات وتولي قيادة البلاد بتفويض من الشعب حيث قال: “إن الاتفاق السياسي دمر البلاد وقادها إلى منزلقات خطيرة ولكنه أصبح من الماضي”، كما أضاف قائلا :”سنعمل على تهيئة الظروف لبناء مؤسسات الدولة المدنية الدائمة وفق إرادة الشعب”.[102]

2ــــ إعلان باريس بشأن ليبيا 2018 :

تمثل إعلان باريس في البنود التي شكّلت نص الاتفاق الذي توصلت ألية أبرز أطراف الأزمة الليبية، في اجتماع استضافته العاصمة الفرنسية باريس في 29 مايو 2018، تمثلت أهميته في حضور خليفة حفتر  ــــ قائد القوات المسيطرة على الشرق الليبي ــــ لأول مرة في اتفاق ضم أيضا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، ورئيس مجلس النواب في طبرق (شرق) عقيلة صالح، إضافة إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، وعلية فقد دعا اجتماع باريس بشأن ليبيا إلى ثمانية مبادئ لكسر جمود الأزمة الليبية بحضور الأطراف الليبية الفاعلة وممثلي 20 دولة، إلى جانب المبعوث الأممي د.غسان سلامة إلى:

1ــــ الإقرار بأهمية وضع أسس دستورية للانتخابات، ودعم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في المشاورات التي يجريها مع السلطات الليبية بشأن تقديم اقتراح لاعتماد الدستور وتحديد المهلة الزمنية لذلك، حيث يمثل اعتماد الدستور مرحلة حاسمة في مسيرة تحقيق سيادة الأمة الليبية.

2 ــــ الاتفاق على إجراء انتخابات برلمانية، وكذلك انتخابات رئاسية، وفق ما يحدده الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالتشاور مع حكومة الوفاق الوطني ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، واتفقت الأطراف على وضع الأسس الدستورية للانتخابات واعتماد القوانين الانتخابية الضرورية بحلول 16 سبتمبر 2018 وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 10 ديسمبر 2018، ويجب التحضير للانتخابات على نحو جيد مع جميع المؤسسات الليبية، بغية المضي قدماً في بلوغ الهدف المشترك المتمثل في إرساء الاستقرار في ليبيا وتوحيد البلاد.

3 ــــ الالتزام رسمياً بقبول متطلبات الانتخابات التي عرضها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في إحاطتة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 21 مايو، بما في ذلك تنظيم دورة جديدة لتسجيل الناخبين على القوائم الانتخابية لمدة إضافية تحددها الأمم المتحدة، يلتزم القادة الليبيون بقبول نتائج الانتخابات والتأكد من توافر الموارد المالية اللازمة والترتيبات الأمنية الصارمة. وسيتعرض كل من يقوم بخرق العملية الانتخابية أو تعطيلها للمحاسبة.

4ــــ الاتفاق على العمل على نحو بناء مع الأمم المتحدة من أجل التأكد من توافر الشروط التقنية والتشريعية والسياسية والأمنية المطلوبة لتنظيم الانتخابات الوطنية، بما في ذلك اعتماد مجلس النواب القوانين الانتخابية المطلوبة وتنفيذها وفقاً للجدول الزمني المحدد ولآلية التشاور مع المجلس الأعلى للدولة التي تم الاتفاق عليها في الاتفاق السياسي الليبي.

5 ــــــ تضطلع القوى الأمنية الليبية بضمان سلامة العملية الانتخابية وحق جميع الليبيين في التعبير عن إرادتهم وتقرير مستقبل بلادهم سلمياً وديمقراطياً، وذلك بدعم من الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي وبالتنسيق معها، ولا يمكن القبول بأي تعطيل أو عرقلة لعملية الاقتراع، وستتعرض كل جهة مسؤولة عن ذلك للمحاسبة.

6 ـــــ الالتزام بتحسين الظروف العامة من أجل تنظيم الانتخابات الوطنية، بشتى الوسائل الممكنة، بما في ذلك، نقل مقر مجلس النواب، وفق ما ورد في الإعلان الدستوري، وإلغاء الحكومة والمؤسسات الموازية تدريجياً، وحث مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على السعي فوراً إلى توحيد البنك المركزي الليبي والمؤسسات الأخرى.

7 ــــ الالتزام بدعم المساعي التي تبذلها الأمم المتحدة لبناء مؤسسات عسكرية وأمنية محترفة وموحدة وخاضعة لمبدأ المحاسبة، فضلاً عن تشجيع حوار القاهرة الجاري، والعمل على نحو بناء من أجل توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية الليبية.

8 ــــ الاتفاق على المشاركة في مؤتمر سياسي شامل لمتابعة تنفيذ هذا الإعلان، برعاية الأمم المتحدة، ومع الحرص على التقيد بالجدول الزمني والشروط التي يحددها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مع المؤسسات الليبية.[103]

وانطلاقا لما تم عرضه من بنود تضمنها إعلان باريس، يُمكن سرد بعض الملاحظات:

1ـــ على الرغم من أن أهم ما خرج به مؤتمر باريس لحل الأزمة الليبية، أنه خرج بخارطة طريق للانتخابات  البرلمانية والرئاسية في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2018، كما دعا إلى اعتماد القوانين الانتخابية الضرورية بحلول 16 سبتمبر، إلا أنه لم يضع تاريخا بعينه للاستفتاء على مسودة الدستور الجديد، وترك الأمور قابلة للتأويل، ولم يحسم بشكل قطعي تنظيم استفتاء الدستور قبل 10 ديسمبر 2018، مما يعكس وجود تباين في الآراء بين أطراف النزاع في ليبيا بشأن إقرار دستور جديد لليبيا، بدلا من الإعلان الدستوري المؤقت، الذي أقر المرحلة الانتقالية في البلاد منذ 2011.

2ــــ  لم يتضمن الإعلان نقل مقر مجلس النواب إلى مدينة بنغازي (شرق) بدلا من طبرق، خاصة وأن مجلس النواب قد عانى في هذه الفترة من مقاطعة عدد من النواب، وهو ما تحدثت عنه وسائل إعلام ليبية في أن اجتماعات المجلس في الآونة الأخيرة  له لم تعد تحقق النصاب (101 من إجمالي 200 نائب.(

3ــــ لم يتضمن الإعلان بندا واضحا حول مدنية الدولة وخضوع العسكري لقيادة مدنية، ولم يُحسم في الخلاف حول الجهة التي يحق لها تعيين القيادات العسكرية، والتي كانت سببا في تعطيل تنفيذ اتفاق الصخيرات الموقع في نهاية 2015، رغم أن “مدنية الدولة” كانت إحدى الشروط الأربعة لرئيس المجلس الأعلى للدولة لحضور المؤتمر، الأمر الذي جعل أيضا كل من كتائب الغرب الليبي و كتائب مصراتة ترفض مؤتمر باريس، أو أي مبادرة لتوطين حكم العسكر في البلاد، لا تراعي القانون العسكري الليبي في شروط تولي المناصب العسكرية، ولا تهدف لمدنية الدولة والتداول السلمي بها.

5ــــ على الرغم من تركيز الإعلان على توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية مشيدا إلي جهود القاهرة في هذا الشأن، إلا أنه أشار إلى ضرورة أن تكون المؤسسة العسكرية خاضعة لمبدأ المحاسبة، ولم يوضح آليات ذلك.

6 ــــــ لم يتضمن إعلان باريس أي إشارة إلى القتال الجاري في محيط مدينة درنة (شرق) بين قوات حفتر، وقوات حماية درنة (مجلس شورى مجاهدي درنة سابق بالإضافة إلى شباب المدينة)، بالرغم أن وقف إطلاق النار في المدينة إحدى شروط رئيس مجلس الدولة، مما يعني ضوء أخضر من المجتمع الدولي لقوات حفتر للسيطرة على المدينة الخاضعة لقوة حماية درنة، والتي تتهمها قوات حفتر بأنها موالية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإرهابي وهو ما تنفيه الأخيرة.[104]

3ــــ مؤتمر باليرمو2018:

جاء مؤتمر باليرمو بشأن ليبيا في إطار المناكفة الإيطالية الفرنسية، ومحاولة كل طرف فرض نفوذه على أكبر بلد إفريقي من حيث احتياطي النفط، مما يدعو إلى التشكيك في ما إذا كانت مخرجات مؤتمر باليرمو ستصب في مصلحة الشعب الليبي، أما أنة سيلقى نفس مصير اتفاق الصخيرات ديسمبر2015، وإعلان باريس مايو2018.

وحضر اللقاء بين حفتر والسراج الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف، والمبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ولكن رغم وصول خليفة حفتر قائد القوات المسيطرة على الشرق الليبي إلى مدينة باليرمو الإيطالية في اليوم السابق للموتمر، إلا أنة لم يشارك بالجلسات الرسمية للمؤتمر، واكتفى بلقاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ـــــ فائز السراج ـــــ على هامش أعماله، ويرى مراقبون أن تخلف حفتر عن الاجتماعات أحرج روما من جهة، خاصة وأن رئيس وزراء روما جوزيبي كونتي قد سافر بشكل غير معلن مسبقا إلى (نفت ذلك فيما بعد) مدينة بنغازي شرقي ليبيا للقاء حفتر وإقناعة بالمشاركة بالمؤتمر، الموقف نفسه أظهر من جهة أخرى نوعا من الانحياز الإيطالي لحفتر، وهو ذات السبب الذي دفع تركيا للانسحاب من أعمال المؤتمر عقب إقصائها وقطر من “اجتماع مصغر” على هامش المؤتمر، مراعاة لموقف “الجنرال الانقلابي” من أنقرة والدوحة.[105]

وقد اختتم مؤتمر باليرمو حول الأزمة الليبية بمخرجات لم تصغ على شكل اتفاق، وإنما جاءت في شكل استنتاجات ببيان ختامي لم يخرج في مجمله عما انتهى إليه مؤتمر باريس، وكما كان متوقعا تباينت ردود الأفعال حيال المؤتمر، غير أن اللافت هو أن خيبة الآمال أطاحت بمنسوب التفاؤل السائد وتفوقت على المواقف القليلة المرحبة بنتائج لم ترق إلى مستوى التطلعات.

وبحسب البيان الختامي للمؤتمر الذي نشرته الحكومة الإيطالية أنه شدد المجتمعون على أهمية إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا في ربيع 2019، وهو البند الأبرز ضمن مخرجات الاجتماعات التي عقدت على هامش المؤتمر، إلي جانب ذلك لم يطرح البيان الختامي لمؤتمر باليرمو جدولا زمنيا محددا لإجراء الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما جرى في إعلان باريس في مايو2018، وفضّل ترك الأمر فضفاضا دون تحديد يوم ولا شهر، والاكتفاء بالحديث عن ربيع العام المقبل، كما دعا إلى ضرورة سن إطار دستوري للانتخابات وهو نفس ما نادى به اتفاق باريس الذي لم ينص على إجرائها وجوبا وفقا للدستور كما ينادي تيار الإسلام السياسي وحلفاؤه الإقليميون.[106]

ومن جانبنا يمكن القول أن أكبر إنجاز حققه مؤتمر باليرمو بالنسبة لإيطاليا هو أنه قبر مؤتمر باريس الذي لم يُحترم فيه الجدول الزمني المتعلق بوضع الأسس الدستورية للانتخابات الليبية، أما على غرار ذلك بدا البيان الختامي لمؤتمر باليرمو بشأن ليبيا استنساخا لما تم التوصل ألية في مايو الماضي من نفس العام في باريس.

4ـــ مؤتمر برلين بشأن ليبيا 2020:

انعقد المؤتمر الدولي حول ليبيا في العاصمة برلين يوم الأحد الموافق 19 يناير 2020 برعاية الأمم المتحدة، بهدف العمل على توفير ظروف مواتية لبدء عملية سلام في ليبيا التي تعاني حرباً أهلية طويلة، وقد جاء انعقاد المؤتمر في ألمانيا التي تجري مشاورات حول ليبيا منذ سبتمبر 2019، دعماً لجهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ومبعوثة الخاص غسان سلامة، لإنهاء الأزمة السياسية والعسكرية في هذا البلد، وجمعت قمة برلين كلاً من حكومات ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وروسيا والصين ومصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة والجزائر والولايات المتحدة الأمريكية والكونغو، فضلاً عن ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

أقترح مؤتمر برلين حول ليبيا تقسيم عملية تسوية الأزمة إلى عدد من المحاور ـــــ على غرار التسوية السورية ــــ ويضع آلية دولية لتنفيذ مضمونها، وتتمثل تلك المحاور في الآتي:

1ـــ وقف إطلاق النار:

دعا البيان الختامي لمؤتمر برلين إلى وقف إطلاق النار من جانب جميع الأطراف المعنية، والذي يجب أن يؤدي على المدى الطويل إلى وقف شامل لجميع الأعمال العدائية، بما في ذلك العمليات التي تنطوي على استخدام الطائرات فوق أراضي ليبيا، على أن تتولى الأمم المتحدة مراقبة سير تنفيذ الهدنة، وعلى جميع الأطراف أن تؤكد على انفصالها عن أي جماعات إرهابية مدرجة على قائمة الأمم المتحدة، والدعوة إلى تطبيق القرارات ذات الصلة بحظر السفر، والتجميد الفوري للأموال وغير ذلك من الأصول المالية أو الموارد الاقتصادية للأفراد المصنفين إرهابيين والكيانات المصنفة إرهابية.

2ـــ حظر توريد الأسلحة:

يتعهد المشاركون في المؤتمر بالامتثال الكامل وغير المشروط لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحظر الأسلحة، ودعوة الأطراف الفاعلة كافة إلى التوقف عن القيام بأي أنشطة تؤدي إلى تأجيج الصراع، أو لا تتوافق مع قرار حظر توريد الأسلحة أو عملية وقف إطلاق النار، بما في ذلك تمويل القدرات والإمكانيات العسكرية أو تجنيد مرتزقة، ويناشد المشاركون مجلس الأمن فرض عقوبات على الدول التي تنتهك حظر الأسلحة واتفاق وقف إطلاق النار.

3ــ العملية السياسية

يدعو البيان إلى تشكيل حكومة موحدة ومجلس رئاسي في ليبيا، حيث تقول الوثيقة: “ندعم الاتفاق السياسي الليبي كأساس قابل للحياة للتوصل إلى حل سياسي في ليبيا. كما ندعو لإنشاء مجلس رئاسي فاعل وتشكيل حكومة ليبية واحدة موحدة وشاملة وفعالة، يصادق عليها مجلس النواب”، ويدعو البيان بحسب جميع أطراف النزاع إلى استعادة العملية السياسية تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) والمشاركة فيها بشكل بناء لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ومستقلة، كما يطلب البيان من مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية اتخاذ إجراءات ضد الجهات التي تعرقل العملية السياسية، ويؤكد أهمية الدور الذي تلعبه دول الجوار في ضمان الاستقرار في ليبيا.

4ـــ الإصلاحات الأمنية:

يشير البيان المشترك إلى الحاجة لإصلاح قطاع الأمن ​​في ليبيا حيث يقول: “ندعو إلى استعادة احتكار الدولة للاستخدام القانوني للقوة”، كما أعرب المشاركون عن دعمهم لإنشاء القوات المسلحة الليبية الموحدة وقوات الأمن الوطني والشرطة الخاضعة للسلطات المدنية المركزية، بناء على المحادثات التي عقدت في القاهرة والوثائق ومخرجاتها.

5ـــ فيما يخص الاقتصاد:

يشدد البيان على الأهمية القصوى لاستعادة واحترام وحماية سلامة ووحدة والحكم القانوني لجميع المؤسسات السيادية الليبية، خاصة البنك المركزي الليبي وهيئة الاستثمار الليبية والشركة الوطنية للبترول وهيئة المراجعة المالية، ويشدد أيضا على أن الشركة الوطنية للبترول تعتبر الشركة الوطنية الليبية الوحيدة والشرعية في ليبيا، مع رفض أي محاولة لتدمير البنية التحتية النفطية الليبية، وأي استغلال غير مشروع لموارد الطاقة بالبلاد والتي تنتمي للشعب الليبي، من خلال بيع أو شراء النفط الخام الليبي ومشتقاته خارج سيطرة الشركة الوطنية للبترول، ومع الدعوة لتوزيع شفاف ومتكافئ لعائدات النفط، ويشجع المشاركون على إنشاء آلية إعادة إعمار لليبيا تدعم التنمية وإعادة البناء في جميع المناطق تحت رعاية حكومة ليبية واحدة وموحدة وشاملة وفاعلة تمارس سلطتها على جميع الأراضي الليبية، لتنمية المناطق التي تضررت بشدة.

6ــ النواحي الإنسانية:

يؤكد المحور الأخير على أهمية احترام المعايير الإنسانية وحقوق الإنسان في ليبيا، ويدعو لتحسين أداء المؤسسات القضائية، ووضع حد للاعتقالات التعسفية وإطلاق سراح جميع من اعتقل بصورة غير قانونية، كما يحث البيان السلطات الليبية على إغلاق مراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء تدريجيا، مع جعل التشريعات الليبية بشأن الهجرة واللجوء تتوافق مع القانون الدولي، والتشديد على ضرورة مساءلة جميع المتورطين في انتهاك أحكام القانون الدولي.[107]

وعلى الرغم مما سبق الإشارة إليه، تظل هناك تحديات تواجه التنفيذ الكامل لمقررات المؤتمر، ومنها:

1ـــ خبرة المؤتمرات السابقة:

كان هناك العديد من المؤتمرات السابقة التي تناولت الأزمة الليبية وصدرت عنها العديد من المقررات والتوصيات، بدءً من مؤتمر الصخيرات، مروراً بمؤتمر باليرمو الأول والثاني، وانتهاءً بمؤتمر باريس، بيد أن كل تلك التوصيات والمقررات لم يتم الالتزام بها على النحو المطلوب.

2ـــ تعقيدات الوضع الميداني:

تشتد المعارك في الوقت الراهن حول العاصمة طرابلس، وهو ما يلقي بظلاله السالبة على مؤتمر برلين، وتجعل من أي مقررات تصدر عنه لا تأخذ في الاعتبار المستجدات التي تشهدها ساحة المعارك، والأهم بحسب تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لوكالة سبوتنيك الروسية، فإن العلاقات لاتزال متوترة جداً بين المتحاربين الرئيسيين ـــــ رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ورجل شرق ليبيا القوي المشير خليفة حفترـــــــ اللذان تتواجه القوات الموالية  لكل منهما منذ أشهر على أطراف العاصمة.

3ـــ مواصلة انتهاكات الهدنة

قبيل انعقاد المؤتمر مباشرة كانت روسيا قد أخفقت في تحقيق التوافق حول اتفاق لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في ليبيا بتحفظ خليفة حفتر على التوقيع على الوثيقة الخاصة بوقف إطلاق النار، وبحسب شبكة العربية الإخبارية فقد واصلت الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الليبي توجيه اتهامات للجيش الوطني بخرق الهدنة، وكشفت مصادر في الجيش الوطني عن وصول تعزيزات عسكرية لقوات الجيش في العاصمة طرابلس، مع الالتزام بالهدنة ووقف العمليات العسكرية مؤقتاً في مختلف محاور القتال.

4ـــ تعارض الأجندات الإقليمية والدولية

إن فرص نجاح مؤتمر برلين لا تبدو كبيرة لتعارض الأجندات الإقليمية والدولية، حتى وإن كان بمثابة مظلة دولية لدفع الجهات الفاعلة على المضي قدماً في تحقيق الهدف الخاص بتطبيع الوضع الأمني على الساحة الليبية، لكن هذه المظلة الدولية تبدو مثقوبة بشكل كبير، لأن معظم الدول المدعوة تدعم أحد المعسكرين وذلك بحسب تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، حول النتائج المتوقعة من المؤتمر، محذراً من أن الفشل في مواجهة هذا التحدي سيضر بالجميع.

5ـــ عدم التقاء حفتر والسراج:

على الرغم من وجودهما في أروقة المؤتمر، غير أن طرفي النزاع الرئيسيين لم يلتقيا بصورة مباشرة خلاله، ولم يجلسا على طاولة واحدة، وقد التقى كل منهما على حدة مع المستشارة أنجيلا ميركل قبل ساعات قليلة من عقد القمة التي جمعت باقي الأطراف المشاركة في المؤتمر، فقد التقطت وسائل الإعلام الصور الرئيسية لجلسة مؤتمر برلين، ولم يظهر فيها حفتر أو السراج، على الرغم من أنه قبل المؤتمر عقدت المستشارة الألمانية اجتماعين منفصلين مع كل من حفتر، والسراج، دون أن يتم إدراجهما بعد ذلك في قائمة أعمال مؤتمر برلين، وذلك ما يضع المزيد من الشكوك حول فرص نجاحه، إلي جانب قول ميركل: “إن هناك الكثير من الخلافات بين طرفي النزاع في ليبيا وهما لم يكونا جزءً من المؤتمر لكنهما كانا في برلين لكي يتم إعلامهم بالمحادثات”.

6ـــ مستوى الحضور في المؤتمر

صحيح أنة يُحسب للدبلوماسية الألمانية نجاحها في دعوة أطراف متنازعة ومتعارض أهدافها للمؤتمر، لكن مع ذلك لم توجه الدعوة لبعض الدول المرتبطة بالنزاع الليبي، إذ تسبب استثناء برلين لليونان وتأخر دعوة تونس في استياء البلدين، كما لم توجه ألمانيا دعوة إلى المغرب لحضور المؤتمر، الذي دعت ألية من الدول العربية الجزائر والإمارات ومصر، وكانت قد اعتذرت تونس قبل يوم من انعقاد المؤتمر عن الحضور بسبب ورود الدعوة متأخرة، بالإضافة إلى عدم مشاركة تونس -التي تربطها حدود مشتركة مع ليبيا- في  المسار التحضيري للمؤتمر الذي انطلق منذ شهر سبتمبر 2019 وفقاً لبيان صادر عن الخارجية التونسية، وعلى غرار تونس أعرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة في تصريحات له عن استغراب بلادة من إقصائة من حضور مؤتمر برلين، وتساءل عن أسباب هذا الإقصاء على الرغم من انخراط المملكة في الملف الليبي منذ بداية الأزمة، وعلى الجانب الأخر هددت اليونان خلال زيارة خليفة حفتر لها قبيل المؤتمر بعرقلة أي اتفاق سلام ما لم يتم إلغاء الاتفاق المثير للجدل بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية.[108]

5ـــ اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية ” 5 + 5″ 2020:

مثلت اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية “5 + 5” حلقة جديدة من المباحثات الخاصة بإنهاء الأزمة بين الأطراف الليبية، والتي تم الاتفاق عليها في  مؤتمر برلين حول ليبيا في  19 يناير2020، وبموجب الاتفاق يتم اختيار خمسة عسكريين من قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وخمسة عسكريين آخرين من حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، لتثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس وغرب ليبيا، والذي أُعلن في يناير الماضي، لذلك تعتبر اللجنة بمثابة المسار العسكري لمخرجات المؤتمر المذكور، الذي عُـقد تحت رعاية الأمم المتحدة في العاصمة الألمانية، وكان أحد المسارات الثلاثة التي حددها المبعوث الأممي غسان سلامة لحل الأزمة الليبية، كانت إحداها سياسية والأخرى اقتصادية والأخيرة عسكرية وهي “5 + 5”.

عقدت اللجنة العسكرية المشتركة جولتان، الأولى كانت في جنيف أوائل فبراير، وتم التوافق بين الجيش الوطني الليبي وقوات حكومة الوفاق على أهمية استمرار الهدنة التي بدأت في يناير، واحترامها وتجنب خرقها، ولكن بعض المراقبين أكدوا أن الجولة انتهت دون التوصل إلى تفاهم كامل حول الطرق المثلى لإعادة الحياة الطبيعية إلى مناطق الاشتباكات.[109]

ولم تمر أيام قليلة بعد هذه الجولة حتى عقدت جولة أخرى من المباحثات، وكانت أيضا دون الوصول إلى اتفاق، فيما عُلقت أعمال الجولة الثالثة نتيجة انسحاب وفد حكومة الوفاق بسبب اعتراضهم على قصف ميناء طرابلس البحري، بعد ساعات من إعلان الجيش الوطني الليببي استهداف مستودع للذخيرة في الميناء، لإضعاف إمكانات المرتزقة التي تستوردهم حكومة الوفاق من الخارج وتحديداً من تركيا، وكذلك بسبب التقدم العسكري الذي يحرزه الجيش الليبي في طرابلس، وقال المجلس في بيانه وقتها “نعلن تعليق مشاركتنا في المحادثات العسكرية التي تجرى في جنيف حتى يتمّ اتّخاذ مواقف حازمة ضد خروقات وقف إطلاق النار”.

وفي آخر أبريل الماضي، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طرفي النزاع إلى استئناف المحادثات العسكرية المشتركة بهدف التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار وفق الخارطة الأممية، وأشارت البعثة في بيان إلى وجوب اغتنام الطرفين الفرصة لوقف جميع العمليات العسكرية فورا، واستئناف المحادثات العسكرية، وذلك بالاستناد إلى الدعوات المختلفة لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان من نفس العام، وحثت البعثة جميع الأطراف على الامتناع عن أى أعمال أو تصريحات استفزازية تهدد احتمالات تحقيق هدنة حقيقية واستدامتها، كما دعا البيان الدول التي تغذى النزاع بشكل مباشر من خلال توفيرها للأسلحة والمرتزقة والمجتمع الدولي ككل إلى استخدام النفوذ لضمان الالتزام بحظر التسليح المفروض على ليبيا وإنفاذه.

وسجلت الأمم المتحدة توافق واسع بين الطرفين حول حاجة الليبيين الملحة للمحافظة على سيادة ليبيا وسلامة أراضيها والحفاظ عليها وحماية حدودها، وعلى ضرورة الامتناع عن رهن القرار الوطني ومقدرات البلاد لأية قوة خارجية، وعلى وقف تدفق المقاتلين غير الليبيين وإخراجهم من الأراضي الليبية، كما أكدت على استمرار محاربة المجموعات الإرهابية المصنفة من قبل مجلس الأمن.[110]

6ــــ مبادرة عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي 2020:

طرح رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح مبادرة للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد ترتكز على الحل السياسي وتقصي الحل العسكري، وتنتهي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وقال خلال كلمة توجه بها إلى الليبيين بمناسبة دخول شهر رمضان في تلك الفترة، مفادها أن الحوار السياسي الليبي سجل فشلاً ذريعاً، وأن البرلمان والمجلس الأعلى للدولة لم ولن يتفقا على حل للأزمة في البلاد لتعدد المصالح وتضاربها، ورأى أنة أمام استمرار هذا الخلاف يجب إرجاع الأمانة إلى أهلها، وهو الشعب الليبي صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير مصير البلاد، وفي هذا الإطار اقترح عقيلة صالح خارطة طريق لحل الأزمة الليبية تتلخص في تشكيل مجلس رئاسي بالتوافق أو بالتصويت بين ممثلي أقاليم ليبيا الثلاثة، تحت إشراف الأمم المتحدة، يقوم بعد اعتماده بتسمية رئيس للوزراء ونواب له يمثلون الأقاليم الثلاثة، لتشكيل حكومة يتم عرضها على البرلمان لنيل الثقة ويكون رئيس الوزراء ونائباه شركاء في اعتماد قرارات مجلس الوزراء، وأضاف صالح أن المجلس الرئاسي يتولى بعد ذلك تشكيل لجنة من الخبراء والمثقفين لوضع وصياغة دستور للبلاد بالتوافق، يتم بعدة تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية تنبثق عن الدستور المعتمد الذي سيحدد شكل الدولة ونظامها السياسي، كما عبر عقيلة صالح عن أمله في أن تحظى مبادرته السياسية لإنهاء الأزمة الليبية، بدعم محلي ومن جميع الدول والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث تأتي هذه المبادرة في وقت يتواصل فية الاقتتال بين قوات الجيش الليبي وقوات الوفاق في محيط العاصمة طرابلس وفي أجزاء واسعة من غرب البلاد، للأسبوع الثاني على التوالي.[111]

وأوضح المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي فتحي المريمي قائلا: “هناك حراك اجتماعي شعبي لمناقشة هذه المبادرة، وهناك اتصالات تجرى في كل الأقاليم الليبية، وكذلك الدول المهتمة بالشأن الليبي بدأت بالتواصل مع فخامة رئيس مجلس النواب ومساعدة الشعب الليبي لتطبيق المبادرة من خلال قبولها والعمل عليها كما هي، أو إجراء تعديلات عليها، فالقبيلة في ليبيا تعتبر الحزب السياسي، والشعب الليبي من خلال ممثلي قبائله سيختار المجلس والحكومة”، وأضاف المريمي قائلا انه: “لا يوجد أي خلاف بين المشير حفتر والمستشار عقيلة صالح كما يروج البعض، نحن متفقون على دعم الجيش الوطن الليبي وتحرير كل الأرض الليبية من الإرهاب، لكن هذه سياسية كل الحلول مطروحة فيها وأي طرح ينهي الأزمة الليبية ويحقق الاستقرار ومصلحة الشعب الليبي، الجميع سيدعمه، وهنا نحتاج لبعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للإشراف على هذه المبادرة وبمشاركة الدول الكبرى بما فيها روسيا والولايات المتحدة لمساعدة الشعب الليبي على الخروج من أزمته”.[112]

7ــ المبادرة الجزائرية 2020:

تزامنا مع حشد غير مسبوق لقوات حكومة الوفاق في غربي سرت، أعلنت الجزائر عن مبادرة لحل الأزمة الليبية تحظى بدعم الأمم المتحدة، على الرغم من أن “تبون” لم يعلن عن مضمون المبادرة ولكنة أكد خلال مقابلة بثها التلفزيون الحكومي، أن اقتراحه يحظى بقبول من الأمم المتحدة وسيتم تقديمه بالتنسيق مع تونس وكان وستيفاني ويليامز ـــــ الممثلة بالنيابة للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في ليبيا ــــ للحديث حول الأزمة وللمطالبة في تعجيل الحل السياسي، حيث يحظى ملف الأزمة الليبية باهتمام كبير لدى الحكومة الجزائرية، إذ ذكر تبون في لقائه أن هناك تواصلا مستمرا بين وزير الخارجية التركي ونظيرة الجزائري. إلا أن نجاح المبادرة مرهون بالظروف الموضوعية الحالية بين دول الإقليم ومدى تقبلها لهذا الاقتراح.

ولكن فرص نجاح المبادرة ضئيلة نظرا لتعقيدات الأزمة الليبية في السياق الإقليمي والدولي يجعل من فرص نجاح المبادرة الجزائرية ضعيفا، كما يرى المحلل السياسي حسن المؤمني أن تحقيق وساطة سلمية ناجحة يحتاج إلى ظروف موضوعية متوفرة، أهمها هو التوافق الدولي والإقليمي”.

ولعل اهتمام دول من خارج المنطقة بالأزمة الليبية مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية، يدفع الجزائر لإيجاد مساحة خاصة بها لإثبات ذاتها؛ كونها إلى جانب تونس، من أكثر المتأثرين من أي تصعيد قادم، ولكن هذا لا يجعل من مبادرتها أكثر أهمية من غيرها لأن هناك حكومات أخرى أكثر فاعلية في الأزمة مثل موسكو وواشنطن والقاهرة وأنقرة، ما يعني أن هناك حاجة إلى تفاهمات بين هذه الأطراف كخطوة أولى من أجل تأسيس ظروف مناسبة لأي حل مستقبلي، ولكن من جهة أخرى فإن إعلان الجزائر عن المبادرة هو تعبير صريح عن عدم نجاح دول مؤتمر برلين، كما يرى المحلل السياسي بلال الشوبكي حيث قال: “لو رأت الجزائر أن بإمكان دول مؤتمر برلين تقديم الدعم، لما قدمت المبادرة”، مضيفا أن طرح المبادرة الجزائرية تحت مظلة الأمم المتحدة يعزز القول بأن المؤتمر لن يساند المبادرة.[113]

وبعد ما سبق عرضه يرى الباحث أن ملامح هذه التسوية معروفة، وهي ترك الأمور للشعب الليبي لاختيار من يريد أن يحكمه بعملية انتخابية شفافة وذات مصداقية، وإخراج جميع القوات والميليشيات المرتزقة من ليبيا، وكذلك الجماعات المتطرفة التي لا تشكل خطر على الشرق الأوسط فقط، بل وكذلك على أوروبا، حيث أن مستقبل الاستقرار والأمن في ليبيا مرهون بقدرة كافة الأطراف الليبية على تغليب المصلحة الوطنية العليا للوطن والبعد عن الأطماع والأهواء السياسية، وبدعم خالص من المجتمع الدولي لتغليب الحل السياسي السلمي عن العسكري، ومع صدق نوايا كافة القوى ستكون بداية مرحلة جديدة لعودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا، بما يتضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية، وبما يكفل في النهاية وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها.

الخاتمة:

شهد الملف الليبي حراكاً دولياً وإقليمياً مكثفاً، منذ اندلاع شرارة الأزمة الأولي في17 فبراير 2011، وذلك بغية التوصل إلى حل ينهي أزمة البلاد التي غرقت في الفوضى منذ ذلك التاريخ، ولكن على الرغم من مرور نحو عشر سنوات على نشوب الأزمة الليبية، شهدت خلالهم ليبيا عدد من المؤتمرات والمبادرات والجهود الدولية التي سعت إلى التسوية السياسية ووقف إطلاق النار، إلا أنه لا تزال الحلول السياسية بعيدة المنال والأوضاع الميدانية عصية على الحسم النهائي، إضافة إلى ذلك التطورات التي شهدتها الأزمة خلال الأشهر الماضية من العام المنقضي 2020 والتي أفرزت تحولات في الأوضاع الليبية ميدانياً وسياسياً، خاصة في ضوء تعاظم حجم التدخل العسكري التركي، وما أثاره إقليمياً ودولياً من حالة استنفار، ونتيجة للتطورات المختلفة فقد شهد ملف التدخلات الخارجية في الشأن الليبي تطورات متسارعة خلال الشهور الأخيره من العام المنقضي 2020، خاصة إثر التصعيد المتبادل بين القاهرة وأنقرة والتهديدات بتدخلات عسكرية مباشرة لدعم الأطراف المتنازعة على الساحة الليبية، الأمر الذي  وضع ليبيا في سباق بين المسارين السياسي والعسكري ورهن مصيرها بتفاعلات معقدة داخلياً وخارجياً، وهوا ما سنتناوله بالتحليل في الفصل القادم من خلال عدد من السيناريوهات التي تمكننا من تحديد الأتجاه الذي أتجهت إليه الأوضاع في ليبيا.

الفصل الثالث

مستقبل الأزمة الليبية بين الصراع والتسوية.

تمهيد:

إن الحديث عن مستقبل الأزمة الليبية في ظل التشابكات والصراعات وتباين المصالح الذي شهده الملف الليبي تجعل الأمر في غاية الصعوبة، فالحديث عن سيناريوهات التسوية والصراع تبدو متساوية، بالنظر  إلى تداخل المسارين السياسي والعسكري في الأزمة الليبية، فالعلاقة بين المسارين أقرب  إلى علاقة الفعل ورد الفعل، لذا تأتي النتائج على أحد المسارين تالية زمنياً على مسبباتها في المسار الآخر، وكلما طال الوقت الفاصل بين التطورات التي يعرفها المسارين، كان التأثير أعمق وأشد وضوحاً، وهو ما يفسر تصاعد النشاط الدبلوماسي والمساعي الحثيثة التي بدأت تجري مؤخراً لاحتواء تداعيات التحول الميداني الجذري الذي نجم عن التدخل العسكري التركي.[114]

وبالإضافة  إلى ما سبق فإن ما يزيد من تعقيد المشهد الليبي هو تعدد الأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة في الأزمة وتعارض مصالحها بشكل كبير للغاية مما يجعل الحديث عن تسوية محتملة أمراً صعباً، وكذلك الحال بالنسبة للحسم العسكري، إضافة  إلى تبدُلات مواقف هذه الأطراف بين فترة وأخرى، ومن ناحية ثانية  فإن كلاً من روسيا وتركيا قد أصبحا فاعلين رئيسيين وشريكين أساسيين في مجريات الأزمة وإدارتها، سواء على المستوى الميداني أو السياسي، ولكن الصراع بينهما محتدم على الأرض، كما أن أي توافق بينهما لن يحظى بقبول الأطراف الأخرى العربية والأوروبية التي لا تريد “مسار سوتشي” أخر في ليبيا يخضع لهيمنة تركيا وروسيا فقط[115]، وفي هذا الإطار تم تقسيم هذا الفصل إلي مبحثين كالتالي:

المبحث الأول :سيناريوهات مستقبل الأزمة الليبية.

المبحث الثاني :التسوية والحل السياسي للأزمة الليبية سياسياً 2020 .

المبحث الأول :

سيناريوهات مستقبل الأزمة الليبية.

شهدت الأزمة الليبية منذ اندلاعها أحداثاً متواترةً بشكل سريع، الأمر الذي جعل من الصعب تحديد سيناريو بعينه كوضع مؤكد حدوثه في المستقبل القريب، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه كان هناك العديد من السناريوهات المطروحة للتعامل معها كالآتي :

أولا: سيناريو تصعيد الأحداث وانقسام الدولة.

  • وصف السيناريو:

مع توتر الأوضاع الأمنية والسياسية في الساحة الليبية، يمكن أن يتجه العنف إلى التزايد، وهذا بفضل الطبيعة القبلية الحادة، والتشدد من قبل الجماعات  الجهادية، وضعف الجيش الليبي واعتماده على المرتزقة والمليشيات، مع فشل الجهود السياسية في تحقيق الوفاق الوطني، ووصول أطراف الصراع  إلى قناعة بعدم جدوى استمرار الحوار الساسي وصعوبة حسم الصراع عسكرياً لصالحها، هنا تفضل خيار الانقسام وإنشاء كيانات مستقلة عن البقاء كوحدة واحدة، مما يؤدي  إلى إنهاء وحدة الدولة، وتقسيمها على خلفية سياسية أو جغرافية أو قبلية، وهذا بدعم من أطراف إقليمية ودولية  لخيار تقسيم الدولة الليبية، إما لانسجام هذا السيناريو مع مصالحها، أو لإدراكها صعوبة حسم حلفائها المحليين للصراع لصالحهم.

  • النتائج المترتبة على نجاح سيناريو تصعيد الأحداث وتقسيم الدولة:

1/  القضاء على وحدة الدولة وتكوين كيانات هزيلة ومتصارعة. مع استمرار حالة التصارع والقتال بين الكيانات المنفصلة، مما يؤدي  إلى الفشل في تحقيق الأمن والاستقرار الوطني.

2 /  الإضرار بالاقتصاد الوطني نتيجة لحالة الاضطرابات وعدم الاستقرار الداخلي، مع إلحاق ضرر بالغ بالحالة الاجتماعية وبالوحدة الوطنية، وتغذية النزاعات القبلية والجغرافية، واستمرار الاستنزاف الاقتصادي وهذا يؤدي إلى ضعف فرص تعافي الاقتصاد الوطني الليبي ويزيد من حالة هشاشته.

3/  صعوبة تحقيق إصلاح سياسي وديمقراطي في البلاد؛ بسبب توفير تربة خصبة للتطرف ولتمدد الحركات الإرهابية المتشددة.

 ثانياً: سيناريو جمود الوضع القائم.

  • وصف السيناريو:

استمرار ميزان القوى الحالي على ما هو عليه دون قدرة أحد الأطراف على حسم الصراع لصالحه، مع عدم توافر الرغبة لدى الأطراف المعارضة للوصول إلى إتفاق يمكن القبول به من قبل الجميع. بالإضافة  إلى استمرار التدخلات الخارجية في  دعم الأطراف الليبية المتصارعة بنفس الوتيرة الحالية، دون زيادة أو نقصان  من شأنها أن تخل بميزان القوى  لصالح طرف في مواجهة الآخر.

  • النتائج المترتبة على نجاح سيناريو الوضع القائم.

1/استمرار الفوضى والاقتتال والاضطرابات في البلاد دون تسوية أو حل، هذا بالإضافة إلى استمرار الانقسام السياسي والجغرافي والمجتمعي القائم حالياً دون حسم، مما يؤدي  إلى استمرار حالة عدم الاستقرار الداخلي وانعكاساته السلبية على استقرار وأمن دول الإقليم.

2/ استمرار  حالة تدهور الاقتصاد الوطني وتراجع الأوضاع المعيشية للمواطنين.

3/ تعطيل مسار الإصلاح السياسي والديمقراطي في ليبيا نتيجة الانشغال بحالة الصراع، مع بقاء فرصة تجدد نشاط المجموعات المتطرفة والإرهابية من جديد في أي وقت.

4/ استمرار التدخلات الخارجية السلبية في الشأن الليبي الداخلي من أجل إطالة أمد الصراع.

 ثالثاً: سيناريو التسوية والحل السياسي.

  • وصف السيناريو:

يقوم هذا السيناريو على نجاح عملية وقف الأعمال القتالية والوصول  إلى توافق سياسي بين الأطراف الرئيسة المتصارعة على أرضية مشتركة وتشكيل حكومة وفاق وطني منبثقة عن عملية التوافق تلك من خلال آلية الحوار الوطني حيث يتطلب الوصول  إلى تسوية سياسية  تنهي الصراع في ليبيا توفر القناعة لدى أطراف الأزمة في ليبيا بضرورية وجدوى الحل السياسي، وبأن حسم الصراع عسكرياً لصالح أي منهما خيار غير متيسر في المدى القريب والمتوسط، كما أن تكلفتها سوف تكون باهظة على الجميع، مما يتطلب توافقاً فيما بينهم على ضرورة إنهاء الصراع، مع توقف بعض الأطراف الدولية عن انحيازها ودعمها لصالح بعض أطراف الصراع، مع وتبني إتفاق الصخيرات وحكومة الوفاق بصورة حقيقية، والأخذ في الاعتبار بالانعكاسات الخطيرة المترتبة على استمرار الصراع في ليبيا على الأمن الوطني والإقليمي والدولي[116].

  • النتائج المترتبة على نجاح سيناريو الحل السياسي

1/ الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وقطع الطريق على سيناريو تقسيمها على خلفيات سياسية وجغرافية وقبلية. مع تحقيق الاستقرار والأمن في ليبيا ودول الجوار، من خلال وقف أعمال العنف والفوضى، ووضع حد لاستنزاف الدولة وإهدار طاقاتها ومقدراتها في الحروب والنزاعات الداخلية.

2/ فتح المجال لتحسن الوضع الاقتصادي وتخفيف الأعباء الحياتية على المواطن.

3/ وقف التدخلات الإقليمية والدولية والعبث بشؤون ليبيا الداخلية، ودعم مسار التحول الديمقراطي في المنطقة والإسهام في تحقيق الاستقرار الاقليمي، ووقف الأخطار والانعكاسات السلبية للنزاعات على دول الجوار.

ومما سبق يتضح لنا أن سيناريو التسوية والحل السياسي للأزمة الليبية هو الأفضل والأكثر قابلية للحدوث، حيث إن الخوف من تصعيد الأحداث وما ينتج عنها من حروب أهلية ونزاعات قد يكون  هو الدافع  الأكبر لدى كافة الاطراف إلى التهدئة ووضع إتفاق من أجل التسوية واحتواء الوضع أو التخفيف من حدته، ويكون أساس التسوية هو استكمال المرحلة الانتقالية بانتخابات برلمانية ورئاسية تضمن التداول السلمي للسلطة.

وبعد ما سبق عرضه من سناريوهات للأزمة، يمكن القول أن ما يتم تطبيقه الآن على أرض الواقع  هو سيناريو التسوية السياسية، وفي هذا الإطار سوف نقوم بعرض جهود التسوية السياسية والحل السلمي للازمة خلال المبحث الثاني.

المبحث الثاني :

التسوية السياسية السلمية للأزمة الليبية 2020 .

شهدت الأزمة الليبية منذ أن بدأت عام 2014 مفاوضات عدة من أجل التسوية السياسية السلمية، الأمر الذي لم يكتب له أن يتوج بالنجاح على مدار تلك السنوات الماضية، حتى تلك المحاولات التي كُللت بالنجاح جزئياً، سرعان ما كانت تصطدم بعدم رضا أحد أطراف النزاع  فيُكتب لها الانهيار، وبالتالي العودة  إلى نقطة البداية من جديد، فيشتد النزاع ليصل إلى صراع عسكري مرة أخرى بكل أبعاده ومكوناته، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط بل يصبح على شفا حرب خاصة بين الأطراف الخارجية المتفاعلة في الأزمة.

وفي إطار ما سبق يمكن القول أن الحل السياسي للأزمة، أخذ إتجاهاً إيجابياً خلال الربع الأخير من عام 2020، ليمثل إعلان وقف إطلاق النار في ليبيا يوم الجمعة الموافق 21 أغسطس 2020 نقطة البداية حيث أعلنت حكومة الوفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد في كل الأراضي الليبية، في بيان أصدره المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق انطلاقا من مسؤوليته السياسية والوطنية، على أن يتم تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار مع جعل سرت والجفرة منطقتين منزوعتي السلاح، وقد توالت ردود الأفعال الدولية المرحبة بالإعلان في كافة أنحاء ليبيا عبر بيانين منفصلين من قبل مجلس النواب الليبي وحكومة الوفاق في طرابلس، وحظي الإعلان بترحيب دولي وسط آمال بأن تساعد الخطوتان على إعادة الاستقرار  إلى البلد الذي يعيش على وقع الاضطرابات منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.[117]

ومنذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في ليبيا يوم الجمعة 21 أغسطس 2020 وعلى مدار الأشهر التالية، عرفت الأزمة الليبية اجتماعات ومفاوضات عديدة في المغرب ومصر وتونس وجنيف وبرلين وغيرها سواء بين الأطراف الليبية أو وراء الكواليس بين الأطراف الدولية والإقليمية المشاركة بشكل أو بآخر في الصراع كالتالي:

  • ملتقى الحوار السياسي الليبي في سويسرا2020. (اجتماع منترو)

عُقد الاجتماع التشاوري الليبي في مدينة مونترو السويسرية في 7 سبتمبر 2020، واستمر لمدة ثلاثة أيام متتالية بناء على بياني وقف إطلاق النار الصادرين بتاريخ 21 أغسطس 2020، وذلك استجابة وتفاعلا مع آمال الليبيين في الاستقرار والحياة الكريمة ولمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي المتردي الذي يعاني منه الشعب الليبي، وقد ضم الاجتماع ممثلي الفعاليات الليبية الأساسية بحضور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بقصد استئناف مسار الحوار السياسي والدفع في إتجاه ما أجمع المشاركون على تسميته بالمرحلة التمهيدية للحل الشامل للأزمة الليبية، وصدر عن الاجتماع بياناً ختامياً بعد انقضاء الثلاثة أيام من انعقاده، رفع فيه المجتمعون توصياتهم للجنة الحوار السياسي الليبي المنعقدة برعاية البعثة الأمامية، تمثلت المحاور الأساسية للتوصيات فيما يلي:[118]

  • اعتبار المرحلة التمهيدية للحل الشامل مهلة زمنية لإعداد الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مواعيد لا تتجاوز 18 شهرا وعلى أساس قاعدة دستورية متفق عليها، وإعادة هيكلة السلطة التنفيذية لتتشكل من مجلس رئاسي مكون من رئيس ونائبين ومن حكومة وحدة وطنية مستقلة عن المجلس الرئاسي.
  • اختيار أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية في إطار أعمال لجنة الحوار السياسي الليبي، ويكلف هذا الأخير بتشكيل حكومة وحدة وطنية تراعي وحدة ليبيا وتنوعها الجغرافي والسياسية والاجتماعي ويطرحها لنيل الثقة.
  • تقييم ومتابعة عمل السلطة التنفيذية ومدى إنجازها لمهامها بشكل دوري من قبل لجنة الحوار السياسي الليبي.
  • دعوة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للإتفاق بخصوص المناصب السيادية و المسار الانتخابي في آجال معقولة.
  • انتقال المؤسسات التنفيذية ومجلس النواب إلى مدينة سرت خلال المرحلة التمهيدية للحل الشامل لممارسة مهامهم السيادية وذلك بمجرد توفر الشروط الأمنية واللوجستية.
  • التأكيد على أهمية العمل على مسار المصالحة الوطنية والاجتماعية بدءاً بإنهاء ظاهرة الاحتجاز غير القانوني والإدانة لأسباب سياسية؛ وبتفعيل قانون العفو على السجناء السياسيين والعمل على العودة الآمنة للمبعدين والنازحين.

ووفقا لما سبق فقد أصدر مجلس النواب الليبي بياناً له رحب فيه بمخرجات الاجتماع، مؤكدا خلال بيانه علي ما تم الإتفاق عليه كالتالي:  [119]

أولاً : أن يتولى كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة على حدا اختيار ممثلهم في المجلس الرئاسي المكون من رئيس ونائبين عبر مجمعات انتخابية

ثانيا : أن تكون مدينة سرت “مقرا للمؤسسات التشريعية والتنفيذية ومصرف ليبيا المركزي” خلال المرحلة التمهيدية للحل الشامل لكي تتمكن السلطات الجديدة من ممارسة عملها، ولموقع سرت الجغرافي الذي يتوسط البلاد ولتوفر البنية التحتية اللازمة لعمل السلطات الجديدة.

ثالثا : توزيع المناصب السيادية على الأقاليم الليبية الثلاثة.

رابعا: على جميع السلطات المعنية إنجاز مهامها في الفترة المحددة، أهمها إتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الموعد المقرر لها.

  • ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس2020 .

بدأت جولة الحوار السياسي الليبي تحت إشراف الأمم المتحدة في العاصمة التونسية في الفترة من 7  إلى 15 نوفمبر 2020، في مسعى للتوصل  إلى تفاهمات لإنهاء النزاع والترتيب لوضع مؤسسات حكم دائمة، ولكن بعد أسبوع من الحوار والتفاوض انفضت طاولة الحوار في يومها الأخير، من دون توصل أطرافها  إلى صيغة توافقية حول آليات تولي المناصب التنفيذية، وأسماء المرشحين لها، مما تسبب بخيبة أمل كبيرة في الشارع الليبي حول مستقبل الأزمة في بلادهم، ومخاوف من تداعيات فشل المسار السياسي، على تفاهمات لجان التفاوض في المسارين العسكري والاقتصادي، التي أنجزت خلال الأشهر الماضية، حيث : نشبت خلافات كبيرة في اليومين الأخيرين من الملتقي بين المشاركين فيه، لا سيما بعد أن  تناول النقاش ملفات مركزية متعلقة بتشكيل المجلس الرئاسي المعدل والحكومة الموحدة، بعدما اشتعل تنافس شديد على اقتسام المناصب القيادية فيهما، بين شخصيات وتيارات سياسية عدة، وقد أعلن المبعوث الأممي يوم الاثنين 16 نوفمبر2020 عن انتهاء ملتقى الحوا، من دون نجاح المشاركين فيه في الخروج بإتفاق نهائي حول المعايير الخاصة بالأجسام التنفيذية، في المرحلة الانتقالية وشاغليها، علي أن تتواصل المشاورات من خلال اجتماع يخصص لبحث آلية اختيار شاغلي المناصب، وإنهاء القضايا الخلافية.

أضافةً إلى ما سبق، لم تكن المحصلة النهائية للملتقى سلبية تماماً، فقد شهد إتفاقاً ليبيا على خارطة طريق للفترة التحضيرية للانتخابات الوطنية وكذلك معايير الأهلية لمناصب السلطة التنفيذية الموحدة وصلاحيات السلطة التنفيذية الموحدة، إضافة  إلى اختيار موعد الانتخابات في 24 ديسمبر القادم، إلي جانب تحقيق بعض المكاسب للمرأة والشباب؛ منها أنه تم الاتفاق على تمثيل المرأة الليبية في المناصب السيادية، بنسبة الثلث وكذلك الشباب، كان ذلك بناء على بيان صادر من النساء الليبيات المشاركات في الملتقى في اليوم الأخير من فاعلياته، منادين فيه بمطالب عدة في مقدمها حصول المرأة على نسبة تمثيل في الحكومة الجديدة، لا تقل عن 30 في المئة، مع توفير كل ضمانات الكفاءة، وأيضاً تكليف عنصر نسائي لمنصب نائب رئيس الحكومة الجديدة، إضافة  إلى إعادة تشكيل وحدة تمكين المرأة وتفعيلها.  لتتكون من ثلاث نساء من ذوات الخبرة، مع ضرورة توفير حماية خاصة للنساء الفاعلات، خصوصاً الناشطات والحقوقيات والسياسيات، وضمان احترام حقوق المنتميات  إلى مختلف المكونات الثقافية للمجتمع الليبي، وانخراطهنّ في العملية السياسية، واتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للتمييز ضد المرأة.[120]

  • ملتقى الحوار السياسي الليبي في المغرب.(مباحثات طنجة)

استضافت المغرب في 23 نوفمبر2020 اجتماعاً هاماً لأطراف النزاع الليبي في طنجة شمال المغرب، بدعوة من البرلمان المغربي لعقد مباحثات تهدف لجمع الشتات النيابي الذي نجم عن انقسام البرلمان  إلى نصفين في طبرق وطرابلس، ما تسبب في تضارب الصلاحيات وتصارع على الشرعية، وخلافات حول القرارات الصادرة من البرلمانين، لعدم اكتمال نصاب كل منهما، وقد جاء هذا الاجتماع متزامناً مع عودة المباحثات في الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة وأعضاء الملتقى الليبيين لاستكمال المناقشات حول آلية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية الجديدة، والتي أخفقت لجان التفاوض في التوصل لإتفاق بشأنها في تونس، وبعد خمسة أيام من المباحثات في طنجة أعلن فيها النواب أنهم عازمون على المضي قدما نحو الوصول  إلى إنهاء حالة الصراع والانقسام بكافة المؤسسات والحفاظ على وحدة وكيان الدولة وسيادتها على كامل أراضيها، وهو ما نص عليه البيان الختامي للمباحثات، كما نص على عقد جلسة التئام لمجلس النواب بمدينة غدامس مباشرة  بعد عودتهم، بالإضافة  إلى تحديد المقر الدستوري لانعقاد مجلس النواب بمدينة بنغازي، وذلك لإقرار كل ما من شأنه إنهاء الانقسام بمجلس النواب وبما يمكنه من أداء استحقاقاته على أكمل وجه، كما أكد البيان على الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق إطار دستوري، وإنهاء المرحلة الانتقالية في أقرب وقت ممكن على ألا تتجاوز العام من تاريخ التئام مجلس النواب، كما أكد على ضرورة الدفع بمسار المصالحة الوطنية والعودة الآمنة للنازحين والمهجرين قسرا وجبر الضرر، وقد عبر النواب عن عزمهم الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق إطار دستوري وإنهاء المرحلة الانتقالية في أقرب وقت ممكن على ألا تتجاوز العام من تاريخ التئام مجلس النواب.[121]

  • الحوار السياسي الليبي في مصر. (اجتماع القاهرة)

احتضنت العاصمة المصرية القاهرة ملتقى الحوار السياسي الليبي في 14 أكتوبر 2020،  برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لإجراء مشاورات بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لمناقشة الترتيبات الدستورية للمرحلة المقبلة، وقد أصدر المجتمعون بياناً ختامياً اتفقوا فيه على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية والانتقال للمرحلة الدائمة، حيث جرت مناقشات حول إمكانية الاستفتاء على الدستور الحالي من عدمه، وتم التوافق على ضرورة صياغة اتفاق قانوني يضمن ترتيبات دستورية توافقية تسمح بتفعيل الاتفاق السياسي الشامل، وكشف البيان أن الاجتماعات شهدت مرونة فائقة في الحوار كما أعرب الوفدان عن رغبتهما في عقد جولة ثانية في مصر لاستكمال المناقشات حول الترتيبات الدستورية.[122]

وإلي هنا تنتهي الحدود الزمنية للدراسة والمحدد انتهاؤها بعام 2020، لكن حدود الأزمة الليبية بصفة عامة والحل السياسي بصفة خاصة لم يكتب له النهاية بعد. حيث لم تتوقف جهود التسوية السياسية للأزمة الليبية عند ما سبق عرضه، بل شهدت المزيد من الجهود والاجتماعات والمفاوضات امتدت خلال العام الجاري 2021، الأمر الذي نتج عنه رسم خارطة طريق من أجل العودة بالدولة الليبية من جديد.

الخاتمة:

إن مهمة انتقال ليبيا من مرحلة الحرب  إلى السلم وإعادة بناء المؤسسات السياسية والدستورية تمهيداً لإعادة إعمار البلاد سوف يواجه تحديات جمة منها تلبية تطلعات الليبيين العاجلة في حل مشاكل خدمات الكهرباء والوضع الصحي وتحسين مستوى المعيشة، بالإضافة إلي الحاجة  إلى توفير مناخ مصالحة وطنية وتسوية ملفات حقوق الإنسان وتأمين مصادر الطاقة وتأمين السواحل الليبية المترامية الأطراف، وقضايا الهجرة التي تؤرق دول الجوار الشمالي، وصولا  إلى ملف إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة.

خاتمة الدراسة:

مثلت الأزمة الليبية إحدى أهم الظواهر الرئيسية المزمنة في الشرق الأوسط، حيث اتسمت بدرجة عالية من التعارض والتناقض بين أطرافها على عدة مستويات سواء ما يتعلق بطبيعة القضايا أو موازين القوة العسكرية بين أطرافها وطبيعة مسرح العمليات الذي يدور فيه الصراع، إضافة إلى مواقف الأطراف الإقليمية والدولية تجاه هذه الأزمة، وأهداف كل طرف من استخدام القوة المسلحة والعائد المستهدف منها مقابل الخسائر التي قد يتكبدها، حيث قادت تلك العوامل إلى تعقيد وتداخل أبعاد الأزمة مما أدى إلى استعصائها على التسوية _ لا سيما في ظل تصاعد التدخلات الإقليمية والدولية _ حيث خلقت الأزمة مشكلات أمنية مزمنة لدول الجوار وفي مقدمتها مصر التي بات استقرارها الداخلي وأمنها القومي ( المتمثل في بقائها كدولة مركزية موحدة ذات حدود مسيطر عليها ولا يمكن تجاوزها) مهدد بشكل أو بآخر جراء تلك الانقسامات والتدخلات العسكرية من عدة أطراف إقليمية مثل تركيا التي أثار تدخلها جدالاً واسعا، وبالأخص بعد تفويض البرلمان التركي للحكومة التدخل المباشر في ليبيا، لتصبح تركيا طرفا رئيسيا وفاعل مؤثر في مجريات الأحداث في  ليبيامنليبيا منليبيان   خلال دعم المليشيات العسكرية هناك طمعا في تحصيل مكاسب سياسية واقتصادية لا تحفي على القاصي والداني وما تبع ذلك من مستجدات وتطورات تطرقنا لها في ثنايا الدراسة، وعليه فقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات كالتالي:

أولا النتائج:

توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج يمكن حصرها كالتالي:

  • من أهم بواعث الثورات العربية – لا سيما الثورة الليبية- عوامل الفساد وبروز ظاهرتي الفقر والبطالة التي أدت إلى حالة الاحتقان الشعبي التي أشعل فتيلها غياب الإدارة الرشيد والديمقراطية والتي أدت إلى غضب الشباب على الأنظمة الحاكمة التي لا يعنيها سوى بقائها في السلطة، كما كانت التراكمات السياسية والقرارات التي اتخذت من قبل الأنظمة الحاكمة التي ولدت احتقان سياسي وضغطا هائلا على الشباب العربي والذي كان له رد فعل كبيرة وغير متوقع من قبل الأنظمة الحاكمة.
  • كانت الثورة الليبية منذ بدايتها حراك مجتمعي غير منظم فألم تحمل أي مشروعا سياسيا أو أيدلوجيا تسعى لتحقيقه، بل كان مطالبها الأول اجتماعي بحت.
  • أكبر التحديات التي واجهت الثورة الليبية هي غياب المرجعيات القيادية، حيث نجحت في إسقاط الأنظمة بسهولة وتعثرت في بناء نظام جديد، يحقق ما يتطلع إليه الشعب الليبية.
  • هياكل المجتمع الليبي مبني على أساس قبلي من خلال تحالف ( قبيلة القاذفة) مع قبيلتي ( ورفلة ومفرحة)، والتي تقدم الدعم الكامل للنظام لهذا حكم القذافي طيلة أربعة عقود، فالشاهد هنا أنه لولا انضمام معظم القبائل إلى الثورة لما أمكن الإطاحة بنظام القذافي.
  • الصراع في ليبيا أصبح مناطقي، وإن الصراع الرئيسي يرتكز في منطقة الهلال النفطي، أي أن الخريطة البترولية لليبيا أصبحت تحدد مناطق الصراع الحادة بين الأطراف المتنافسة للسيطرة على أهم مصادر الثروة، وأن الصراع يجري أيضا بين الأطراف في الجنوب للسيطرة على ممرات التهريب والبترول كذلك.
  • أدى انهيار نظام القذافي في ليبيا إلى انهيار الدولة الليبية، وذلك بسبب فقد ليبيا للمؤسسات القوية التي تحافظ على بقاء الدولة، حيث كانت الدولة أكثر ارتباطا بشخص القذافي، فكانت الدولة الليبية مبنية على شخص الحاكم وليس مؤسسات يكمن الاعتماد عليها، بحيث تكون المؤسسات الليبية هي السد المنيع الذي يمنع انهيار الدولة إذا انهار نظام الحكم المتمثل في شخص الرئيس وحكومته.
  • باتت الفواعل المسلحة المنخرطة في الأزمة الليبية تستهدف توسيع نطاق الأزمة إقليمياً ونقل آثارها لدول الجوار، وذلك على غرار توسع تنظيم داعش في العراق وسوريا وقيامه بنشر وكلاء وفروع للتنظيم في ليبيا واليمن وشبه جزيرة سيناء في مصر فضلًا عن اتجاه تنظيمات إرهابية أخرى مثل جبهة النصرة للتحصن بالمناطق الحدودية مع دول الجوار، مما شكل تهديد واضح وصريح على الأمن القومي للدول الجوار.
  • ليبيا ما زالت تعيش أزمة مستمرة على واقع انقسامات سياسية وصراعات مسلحة منذ سقوط القذافي.
  • تسببت الخيارات العسكرية المتهورة التي تطغى على الحلول السياسية في تعدد المواجهات العسكرية بين حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي وسعي كل منهما إلى حسم الصراع عسكريا.
  • تحولت ليبيا إلى ساحة تنافس إقليمي ودولي بين دول تساند أطراف الأزمة ضد بعضها البعض.
  • تسعى الدبلوماسية المصرية إلى حل سلمي للأزمة في ليبيا وتتخذ مصر موقف واضح للحل السياسي الليبي بعيدا عن التدخلات الخارجية التي تدفع للهيمنة على مقدرات الشعب الليبي.
  • من الممكن القول إن دور القوات التي نشرتها تركيا في الأراضي الليبية لم تتحدد ملامحه حتى الآن، حيث إن دورها حتى الآن لم يتعد حدود التدريب والاستشارة في الأراضي الليبية ، فإذا وجدت القوات الليبية نفسها في مأزق لا يمكنها الخلاص منه، فستكون القوات التركية في هذه الحالة مجبرة علي الانخراط المباشر في القتال.
  • أن الحرب في الأراضي الليبية هي حرب بالوكالة، خاصة في ظل وجود عدد من الأطراف الخارجية التي تنتقي من بين أطراف الصراع في ليبيا من تدعمه لتحقيق طموحاتها الإقليمية، حيث زادت حدة الصراع في ليبيا في أبريل الماضي بعدما بدأ خليفة حفرت بشن هجمات على العاصمة طرابلس.
  • يمكن وصف ما يحدث في الأراضي الليبية بأنه صورة مصغرة من الكارثة الكبرى التي تشهدها سوريا حتى اليوم؛ ولكن الدور الأكبر في ليبيا لتركيا.
  • تحظى حكومة الوفاق الليبية بدعم من القوى الغربية، بينما يحظى المشير خليفة حفرت على دعم مصر، ومساعدات عسكرية مباشرة من مقاولين عسكريين روسيين.
  • أن الحكومة التركية تنظر إلى ليبيا باعتبارها بوابة اقتصادية مهمة لأفريقيا، وأنها جزءا من المناطق النائية الأوسع في الشرق الأوسط، في ظل قلة عدد أصدقائها في المنطقة العربية.
  • في ظل غياب الجهود الدبلوماسية الحاسمة، سوف تستمر الأزمة الليبية في الاشتعال، في ظل كل دولة لتحقيق مصالحها، حيث إن روسيا تسعى في سبيل حصولها على نفوذ أكبر في المنطقة عبر ليبيا، وتصر تركيا على أنها تعمل على دعم حكومة الوفاق المعترف بها دوليا؛ بينما تنظر مصر إلي المشير خليفة حفرت على أنه رجل عسكري قوي يقف في مواجهة الجماعات الإرهابية.
  • أثار التدخل العسكري التركي في ليبيا ردود أفعال إقليمية ودولية تباينت وفقا لمدى تأثير هذا التدخل على الدولة صاحبه رد الفعل ومصالحها وعلاقاتها الخارجية مع الدول الأخرى.
  • انقسمت الدول العربية إلى مجموعتان تقفان على طرفي النقيض لبعضهما البعض اتجاه إرسال قوات تركية إلى ليبيا والذي تبين أنه ليس وليد هذه الأزمة.
  • اصطفت كلا من تونس، السعودية، السودان، المغرب، موريتانيا، الإمارات والجزائر في مصاف الدول الرافضة للتدخل الأجنبي حتى وإن تأخرت بعضها في إعلان رد فعل واضح وصريح إيزاء التدخل ولكنها في نهاية المطاف رافضة، بينما خرجت قطر مجددا عن الإجماع العربي، واصطفت بجانب دولة تركيا.
  • اعتمدت ردود الفعل الدولية على اعتبار ما تقتضيه ضروريات المصلحة الخاصة لكل دوله منهم، ومدى تأثير التدخل علي علاقاتها وتحالفاتها، وبالتالي لم يكن هناك انقسام ملحوظ كما كان في حاله الدول العربية على غرار موقف الولايات المتحدة الأمريكية الذي اتسم بالغموض فقد اتخذت كلا من إيطاليا، روسيا، فرنسا، ألمانيا موقفا رافضا للتدخل العسكري التركي في ليبيا مباشرة من خلال ما صرحت به الجهات الرسمية المسألة في كل دوله.
  • أرتكز التدخل المصري في ليبيا على عدة مرتكزات، انطلقت من جملة من الدوافع تمثلت فيتامين الحدود ومواجهة التنظيمات الإرهابية وضرب مشروعها التوسعي واستعادة الدور الإقليمي لمصر.
  • بذلت مصر جهود كثيره لدعم الحل السياسي في ليبيا منذ اشتعال الأزمة في 2011 حتى 2020، تمثلت هذه الجهود فيما قامت به مصر من تعاون سواء كان تعاون ثنائي بين البلدين أو تعاون إقليمي تمثل في: ( الاجتماع في تونس، والاجتماع في القاهرة، والمبادرات المصرية لحل الأزمة الليبية ومنها مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أطلق عليه إعلان القاهرة ).
  • اِعْتَبَرْت مبادرة الرئيس المصري المطلق عليها إعلان القاهرة كخارطة طريق لحل الأزمة الليبية ووقف نزيف الحرب وتجنيب الحل العسكري وإعلاء المصلحة الوطنية في ليبيا والتي تتضمن وقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة، وقطع الطريق على المقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى تفكيك الميليشيات، وتسليم أسلحتهم، وانخراط جميع الأطراف في جهود تشكيل مجلس رئاسي جديد يمثل الأقاليم الليبية الثلاثة وبشروط يتفق عليها الجميع.
  • أحدث إعلان القاهرة عدد من ردود الفعل العربية والإقليمية والدولية الداعمة والمؤيدة لدفع الأزمة الليبية خطوات للأمام نحو الحل السياسي بعيداً عن الأطماع السياسية والاقتصادية من جانب بعض الدول الإقليمية، من أمثله الدول العربية: ( السعودية، الإمارات، الأردن، البحرين)، بينما تمثلت الدول الأجنبية في: ( بريطانيا، فرنسا، روسيا، السفارة الأمريكية في ليبيا).
  • نالت ليبيا قدر كبير من المبادرات والجهود المصرية ولكن هذا لا يعني أنها كانت الدولة الوحيد التي تبادر بالحل السياسي في ليبيا، حيث نالت الأزمة اهتمام الجميع وعقد لها عدد من المبادرات والجهود التي يمكن حصرها في 🙁 اتفاق الصخيرات 2015، إعلان باريس بشأن ليبيا 2018، اعلان باليرمو2018، مؤتمر برلين بشأن ليبيا 2020، اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية ” 5 + 5″ 2020، مبادرة عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي 2020، المبادرة الجزائرية 2020).
  • كان هناك ثلاث سيناريوهات مطروحين للأزمة منذ اندلاعها، منها: تصعيد الأحداث وانقسام الدولة أو جمود الوضع القائم أو التسوية والحل السياسي.
  • تبنت الدول الحل السياسي للأزمة الليبية بعدما ثبتت عدم جدوى التهديدات العسكرية والتصعيدات من قبل الأطراف الفاعلين.
  • تمثلت ملامح الحل السياسي للأزمة اللبيبة خلال الربع الأخير من عام 2020 في عدد من ملتقيات للحوار منها: ملتقى الحوار السياسي الليبي مصر(اجتماع القاهرة)، ملتقى الحوار السياسي الليبي في المغرب( مباحثات طنجة)، ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس2020، ملتقى الحوار السياسي الليبي في سويسرا2020(اجتماع منترو).
  • لم تتوقف جهود التسوية السياسية للأزمة الليبية، حتى عام 2020 بل شهدت المزيد من الجهود والاجتماعات والمفاوضات امتدت خلال العام الجاري 2021، الأمر الذي نتج رسم خارطة طريق من أجل العودة بالدولة الليبية من جديد.

ثانيا التوصيات:

استنادا إلى ما سبق أن عرضناه في هذه الدراسة، فان أهم ما نوصي به:

  • على صعيد الداخل الليبي نوصي بما يلي:
  • ضرورة العمل على بناء دولة مؤسسات في ليبيا، لتكون قادرة على مواجهة أي عدوان أو تدخل خارجي من شأنه أن يدعم الجماعات الإرهابية ليتم تعزيز الأمن واستقرار وتنظيم أركان الدولة، وتثبيت سلطتها في مواجهة أي تنظيمات مضادة لكيان الدولة الليبية.
  • ضرورة التأكيد على أن حل الأزمة الليبية مرهون بقدرة كافة الأطراف الليبية على تغليب المصلحة الوطنية العليا عن المصالح الشخصية والجهوية، من أجل الاتفاق على نقطة التقاء يصغون من خلالها خريطتهم التوافقية، ومع صدق نوايا كافة القوى ستكون بداية مرحلة جديدة لعودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا، بما يتضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية، وبما يكفل في النهاية وحدة وسلامة واستقرار ليبيا.
  • يجب إعادة هيكلة الجيش ومؤسسات الأمن الوطني لتكون مؤسسة مركزية موحدة، وانتهـاج سياسـات حاسـمة في التعامـل مـع ملفـات الميليشــيات المســلحة والجامعــات الدينيــة، لحفظ الأمن والحد من انتشار ظاهرة التسلح العشوائي وغير العشوائي.
  • تعزيز الهوية الوطنية ودعم فكرة المواطنة داخل ليبيا، وذلك من خلال معالجة الهواجس أو المخاوف التي قد يشعر بها الاقلية في المجتمع. وذلــك بصياغــة دســتور يحتوي على مواد خاصة تعمل على تعميــق الهويــة الوطنيــة دون اصطدام مــع الهويـات الدينيـة والقبائلية المختلفة التـي عبـرت عـن نفسـها بعـد ثـورة الــ17 مـن فبراير 2011م، مع وجود آليات فعالة لتطبيق تلك المواد على أرض الواقع. حيث إن تحقيق التعاون المشترك بين قوى الشعب الليبي لمواجهة خطر الإرهاب والتدخلات الخارجية من خلال نشر روح المواطنة والوسطية في المجتمع يحول دون توفير أرض خصبة تنمو بها الأفكار المتطرفة والممارسات الارهابية.
  • تحقيق التنمية المتوازنة داخل المجتمع الليبي، بحيث تشمل كافة أقاليم الدولة، ومحاولة تحقيق العدالة في توزيع الموارد، بحيث يستهدف الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا في المجتمع الليبي. فتحتـاج ليبيا إلى رؤيـة إقتصاديـة تتجــاوز الإدارة الســيئة المركزيــة للمــوارد النفطيــة التي كانت لــدى نظـام القـذافي، بمـا يعالـج قضايـا التهميـش التنمـوي، سـواء في الشــرق أو الجنــوب، ويتجــاوز التداعيــات السـلبية “للدولـة الريعيـة” بتنويـع قاعـدة إقتصاديـة تكفل مشــاركة أكبــر للســكان في الإقتصــاد، بمــا يحــل مشــكلات البطالــة وانخفاض مستوى المعيشة.
  • وعلى الصعيد الاقليمي والدولي نوصي بما يلي:
  • ضرورة التأكيد علي فكره أن أمن واستقلال الدول العربية مرهون بمدي قدره هذه الدول علي الإتحاد معا من أجل مواجهة أي تهديد من شأنه أن يمس بالأمن القومي العربي بصفه عامة، وأمن واستقلال الدول علي حد سواء بصفة خاصة.
  • يجب على دول الجوار خاصة التي تأثرت بشكل مباشر بأزمة الليبية مثل مصر وتونس والدول العربية كافة أن تنشط بشكل جاد لتنفيذ قرارات ونتائج المباحثات علي أرض الواقع؛ خاصة ما يتعلق بالميليشيات ومواقعها ومخازن تسليحها؛ وإيجاد تسوية تخرج القوات الاجنبية والمرتزقة من ليبيا، من أجل مصلحة الشعب الليبي كشعب عربي.
  • ضرورة عمل القوى الاقليمية والدولية علي إبقاء الصراع في ليبيا بعيدا عن استخدام القوي العسكرية قدر المستطاع وحصره فيما يعرف باسم دبلوماسية المؤتمرات، وعدم الحياد عن الحل السياسي السلمي كآلية لتسوية الازمة الليبية.
  • ضرورة استصدار بعض العهود والمواثيق الدولية الحديثة التي لا تحتوي علي أي نقاط ضعف او ثغرات من الممكن ان تستخدمها الدول من أجل اباحة العدوان علي الغير.
  • ضرورة تشكيل لجنة دولية مصممة خصيصا لهذه الأزمة تضم ممثلين القبائل الليبية المختلفة وكذلك ممثل اقليمي من كل دولة عربية وكذلك ممثل دولي من كل دولة تفضل المشاركة وتسعي الي تهدئة الوضع. ويكون لقرارات هذه اللجنة صفة ملزمة لكل أطراف النزاع وبالتالي فأن من يخالف الاجماع يُسأل دولياً.
  • تشديد الإجراءات من أجل منع وصول الأسلحة إلى أطراف النزاع في ليبيا والعمل على تنفيذ مخرجات الاتفاقات السياسية التي تدعو إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا ونجاح حكومة الوفاق الوطني.

قائمة المراجع:

أولاً:المراجع بالغة العربية

الكتب:

  • عربي لادمي محمد، التحول في السياسه الخارجيه التركيه تجاه العراق، سوريا، القضيه الفلسطينيه، برلين، المانيا، طبعه أولي، ٢٠١٧، ص 4 ، 9.
  • نورهان الشيخ، نظرية العلاقات الدولية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة؛الطبعه الاولي، ص87،المكتب العربي للمعارف، 2018.
  • هشام بشير، مناهج وطرق البحث فى علم السياسة، جامعة بنى سويف، القاهرة ،دار الدليل للدراسات والتدريب وأعمال الطباعه،2014م،ص 34،35.

الرسائل العلميه:

  • اركان ابراهيم عدوان، مصطفي جابر فياض، محددات الدور التركي في ليبيا وتداعياته الدوليه، رساله دكتوراه، جامعه الانبار، كليه القانون العام والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسيه، 2020.
  • شحاده محمد غريب، تحولات السياسه الخارجية التركية تجاه الدول العربية في مرحله ما بعد الثورات2007ــــ 2016، رساله ماجستير، كلية الدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الخليل، 2018م.
  • علي محمد فرج، الأزمة الليبيه وتداعيتها علي الامن القومي لدول الجوار (2011: 2017)، رساله ماجستير، قسم العلوم السياسيه، كليه الاداب والعلوم، جامعه الشرق الاوسط، 2018.
  • وائل زكريا عبد المعبود، التدخل الدولى فى ليبيا وانعكاساته على الأمن القومى المصري، رسالة ماجستير، كلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة ،2020،ص12.

الدوريات:

  • أبو بكر الدسوقي، تركيا بين الإرث العثماني والعباءة الأيديولوجية، مجلة السياسة الدولية، العدد 219، ص110،2020 .
  • ابو بكر دسوقي، الحصاد الهزيل للثورات العربية، مجلة السياسة الدولية، العدد 192، ص3،2013.
  • احمد رضا حسن، ثورات الربيع العربي من منظور اقليمي ودولي، مجلة الشؤون العربية، العدد 154،ص1،2013.
  • أحمد عسكر، موقف تونس والجزائر من الأزمة الليبية،، مجلة السياسة الدولية، ( القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 230، ابريل 2020)، المجلد 55،ص128.
  • بدرخان عبد الوهاب، عالم عربي تيه سياسي وخواء استراتيجي،مجلة شؤون عربية، العدد 154،2013.
  • جمال مظلوم، السياسة التركية في المنطقة العربية والعالم، مجلة السياسة الدولية، العدد 219، ص 115، 2019.
  • حنان أبو سكين، تناقضات الموقف الأمريكي أتجاه الأزمة الليبية، مجلة السياسة الدولية، ( القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 230، ابريل 2020)، المجلد 55، ص 106: ص110.
  • خالد حنفي، الحسابات المتداخلة للإنخراط التركي في النزاع الليبي، مجلة السياسة الدولية، العدد 219 ص142،يناير 2020.
  • دينا شحاتة ومريم وحيد، محركات التغيير في العالم العربي، مجلة السياسة الدولية، مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، مصر، العدد 184، 2012، ص 20.
  • سامح راشد، السياسات الخارجية والتحالقات الاقليمية بعد الربيع العربي، مجلة شؤن عربية، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، مصر، العدد ( 149)، 2012، ص 16.
  • سامح راشد، ﻣﺂﻻﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ بين الحرب ﻭاﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، مجلة شؤون عربية، العدد 187 (جامعة الدول العربية، صيف 2019)، ص ص 94 – 95
  • شوقي الريس، خالد محمود، اختتام مؤتمر باليرمو حول ليبيا من دون نتائج واضحة، مجله الشرق الاوسط، 14 نوفمبر 2018، رقم العدد [14596].
  • طلال عتريسي، تاثير الابعاد الطائفية والعشائرية على الثورات العربية، مجلة الشؤن عربية، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، مصر، العدد( 148)، 2011، ص 35.
  • عمر خضيرات بعنوان، العوامل المؤثره في توجهات السياسه الخارجيه التركيه تجاه المنطقه العربيه(2002، 2012)، مجله المنار للبحوث والدراسات، المجلد 22، العدد الرابع، 2016.
  • فتحيه ليتيم، تركيا والدور الإقليمي الجديد في منطقه الشرق الاوسط، مجله الفكر، العدد الخامس، 2020، ص 30.
  • محمد عز العرب، تحولات الصراعات الداخلية المسلحة بعد الثورات في الشرق الاوسط، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ديسمبر 2015م.
  • مني سليمان، أبعاد وتطورات المواقف الأروبية والدولية من الملف الليبي، مجلة السياسة الدولية، ( القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 230، ابريل 2020)، المجلد 55، ص 100.

التقارير:

  • بـول سـامل، أمانـدا كادليـك، “تحديـات العمليـة الانتقالية في ليبيـا”، مركـز كارنيجـي للـشرق الأوسط، 14 يونيـو 2012.
  • خالد حنفي على، ابعاد وجهود تسوية الصراع الليبي من منظور حساسية النزاعات,المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية – القاهرة، ديسمبر 2015م، ص 71.
  • سميثريتشاردسون، ليبيا بعد القذافي عبر وتداعيات للمستقبل، مركز سياسات الدفاع والامن الدولي التابع لمعهد ابحاث راندي للامن القومي، 2014.
  • فريديـرك ويـري، “تحـدي بنـاء الأمن في شرق ليبيـا”، مركـز كارنيجـي للشـرق الأوسط، 11 سـبتمبر 2012.
  • هنري باركي، تركيا والعراق … اخطار(وامكانيات) الجوار، معهد السلام الاميركي، 2005.
  • يسـون بـاك وبـاراك بـاريف، “في أعقـاب الحـرب.. الـصراع عـلى ليبيـا في مرحلـة مـا بعـد القـذافي”، معهـد واشـنطن لدراسـات الـشرق الأدنى، 27 فبراير 2012م.

المراجع الالكترونيه:

  • أحمد عبد العليم حسن، دوافع تصاعد الإنخراط التركي في ليبيا، مركز المستقبل للأبحاث 27 يوليو 2019، متوفر علي الرابط التالي :
  • https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/4853، تم الحصول عليه في :18/8/2020، الساعه 9:22 م.
  • أحمد مهدي، مجلس الأمن الأمريكي يُطالب بوقف التصعيد العسكري في ليبيا واستئناف المفاوضات السلمية، موقع اموال الغد، 22يونيو 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://amwalalghad.com/2020، تم الحصول عليه في 15 اغسطس 2020، الساعه10:20م.
  • ابراهيم منشاوي، نحو إطار تعاوني: حقيقة الدور المصري في الأزمة الليبية 10سبتمبر 2014، المركز العربي للبحوث والدراسات، متوفر علي الرابط التالي: http://www.acrseg.org/11186، تم الحصول عليه 10/8/2020،الساعه10:11م.
  • ابراهيم الطالب، موريتانيا ترفض التدخل الاجنبي في ليبيا، 24يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://al-ain.com/article/mauritania-rejects-foreign-intervention-libya، تم الحصول عليه في 30 اغسطس 2020، الساعه 15:30م.
  • أشرف عبد الحميد، اجتماعات القاهرة.. اتفاق على إنهاء المرحلة الانتقالية بليبيا، 2020، العربية، متوفر على الرابط التالي: https://www.alarabiya.net/north-، تم الحصول عليه في 10 أبريل 2021، الساعة 8: 15م.
  • أمنيه غانمي، عقيلة صالح يطرح مبادرة لحل الأزمة تفضي إلى انتخابات، موقع العربيه نت، 24 أبريل 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.alarabiya.net/ar/north-africa/2020/04/24، تم الحصول عليه في 9سبتمبر 2020، الساعه 9:49م.
  • أيمن شبانه،التدخل التركي في ليبيا الدوافع والتداعيات، مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية.يناير2020، متوفر علي الرابط التالي:https://pharostudies.com/?p=3339، تم الحصول عليه في 18/ 8/ 2020.
  • تمارا كاظم الاسدي، محمد غسان الشبوط، عاصفة التغيير الربيع العربي والتحولات السياسية في المنطقة العربية، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية- برلين -، 2018، ص9-15.متوفر علي الرابط التالي:https://democraticac.de/?p=57517، تم الحصول عليه في 10 سبتمبر 2020.
  • جاد مصطفي، محمد سيد محمد ,التدخل التركي في ليبيا وأثره علي الأمن القومي المصري، المركز العربي للبحوث والدراسات، تاريخ النشر 1مايو 2020,ومتاح علي الرابط التالي:http://www.acrseg.org/41600، وتم الحصول عليه بتاريخ 13\9\2020 الساعه12:26م.
  • حسن رمضان، بعد اسقاطه.. ما هوا اتفاق الصخيرات، موقع جريده الوطن، 27 ابريل 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.elwatannews.com/news/details/4720128، تم الحصول عليه 20 اغسطس 2020، الساعه 15:20ص.
  • حسين مفتاح، الدور المصري في الملف الليبي.. استثنائية الهدف والفاعلية،20 سبتمبر 2018، بوابة إفريقيا الإخبارية، متوفر علي الرابط التالي:https://www.afrigatenews.net، وقد تم الحصول عليه في 17/8/2020، الساعه 12:18م.
  • خالد ابو الروس، مصر والأزمة الليبيه …سنوات من الدعم السياسي، المجله، تاريخ النشر 12يونيو2020، ومتاح علي الرابط التالي:https://arb.majalla.com/node/91891/، وتم الحصول عليه بتاريخ 14سبتمبر2020، الساعه 12:38م.
  • رضا شعبان، النواب الليبي” يرحب بمخرجات الحوار التشاوري في سويسرا، 2020، العين الإخبارية، متوفر على الرابط التالي: https://al-ain.com/article/1599918512، تم الحصول عليه في 9 ابريل 2020، الساعة 3: 00 م
  • رندا ابو العزم، تركيا ترسل اول قوه عسكريه الي ليبيا، القاهره، تاريخ النشر 2يناير2020، ومتاح ع الرابط التالي:https://www.alarabiya.net/ar/north-africa، وتم الحصول عليه بتاريخ 13\9 \2020، الساعه1:23م.
  • زايد هدية، نواب ليبيا يجتمعون في المغرب لإنهاء الانقسام البرلماني، 2020، أندبندنت عربية، متوفر على الرابط التالي:https://www.independentarabia.com، وقد تم الحصول علية في 7 أبريل 2021، الساعة 10: 16م.
  • سمير عمر، بالتفاصيل.. بنود إعلان القاهرة لحل الأزمة الليبي، موقع سكاي نيوز عربيه، 6 يونيو 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.skynewsarabia.com، تم الحصول عليه في 9 سبتمبر2020، الساعه 11:42ص.
  • عبد المجيد أبو العلا، التدخل العسكري التركي في ليبيا .. صوره وتداعياته على الجماعات الإرهابية، 12 يناير 2020،المركز العربي للبحوث والدراسات، متوفر علي الرابط التالي:http://www.acrseg.org/41453، تم الحصول عليه 12/8/2020، الساعه 11:12م.
  • عماد قدوره، تركيا ومسأله التدخل العسكري بين الضغوط والقيود، المركز العربي للابحاث ودراسه السياسات، الدوحه، قطر، سلسله تحليل السياسات، 2014، متوفر علي الرابط التالي:https://www.dohainstitute.org، تم الحصول عليه بتاريخ 13\9\2020، الساعه 2:17م.
  • كرم سعيد، إرسال قوات تركيه الي ليبيا…مخاطره محتمله، العين الأخباريه، تاريخ النشر: 4 يناير 2020، ومتاح علي الرابط التالي :https://al-ain.com/article/turkish-parliament-libya، تم الحصول عليه بتاريخ 13\9\2020، الساعه 2:17م.
  • مفيد كاصد الزيدي، العلاقات الفرنسية الليبية: خلفية تاريخية ورؤية مستقبلية، دراسات دولية مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد155، 2012، ص 47، متوفر علي الرابط التالي:https://www.researchgate.net/publication/325107865_allaqat_alfrnsyt-allybyt_khlfyt_tarykhyt_wrwyt_mstqblyt، تم الحصول عليه في 9 سبتمبر 2020.
  • محمد يعقوب عبد الرحمن “التدخل الانساني في العلاقات الدولية “ابو ظبي.مركز الامارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية.2004.ص 14,15.متوفر علي الرابط التالي:https://www.ecssr.ae/publication، تم الاطلاع عليه/8/2020، الساعه 11:12م.
  • مليحه ألطون، سياسه تركيا الخارجيه وانعكاساتها الاقليميه، مركز الأمارت للدراسات والبحوث الاستراتيجيه، أبو ظبي، سلسه محاضرات الامارات 145، 2011،متوفر علي الرابط التالي:https://www.ecssr.ae/wp-content/themes/ecssr-child/split/ELS_AR_145_Preview.pdf، تم الحصول عليه ف 11 اغسطس 2020.
  • موناليزا فريحة، كيف يهدد التدخل التركي في ليبيا الأمن القومي المصري، موقع النهار، 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.annahar.com/article، وقد تم الحصول عليه بتاريخ17/8/ 2020، الساعه 7:18م.
  • محمد خلفان الصوفي، الأزمة في ليبيا، خارطة الصراع وتطوراته ومساراته المستقبليه ،24 يونيو2020، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تاريخ النشر24يونيو2020,ومتاح علي الرابط التالي :http://trendsresearch.org/ar/insight/، وتم الحصول عليه بتاريخ 16سبتمبر2020 الساعه5:28م.
  • ـمحمد الشماع، ما هى لجنة 5 + 5 الليبية التى حث إعلان القاهرة على استكمال عملها ؟، موقع مبتدأ، 2020،متوفر علي الرابط التالي: https://www.mobtada.com/details/938939، تم الحصول عليه في 3سبتمبر2020، الساعه 10:37م.
  • مروة محمد، إعادة هيكلة السلطة التنفيذية وانتخابات بعد 18 شهرًا.. توصيات اجتماع سويسرا حول ليبيا، 2020، جريدة الشروق، متوفر على الرابط التالي: https://www.shorouknews.com/news، تم الحصول عليه في 9 ابريل 2021، الساعة 2: 17ص.
  • مصطفي صلاح، الدور التركي في ليبيا: الآليات وحدود التأثير، أفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 43 ص 56،16 ابريل 2019، متوفر علي الرابط التالي:http://www.acrseg.org/41178. تم الحصول عليه 8 نوفمبر 2020.
  • تطورات الازمة الليبية والاطراف الداخليه الفاعلة ودور دول الجوار، فبراير2020، المركز المصري للدراسات السياسية والأبحاث الاستراتيجية، متوفر علي الرابط التالي:http://efsregypt.org، وقد تم الحصول عليه في 18/ 8/ 2020، الساعه12:14م.
  • المبادره المصريه لحل الأزمة الليبيه ,الهيئه العامه للاستعلامات، تاريخ النشر 15فبراير2020، ومتاح علي الرابط التالي:https://www.sis.gov.eg/section/11281/13536?lang=ar، وتم الحصول عليه بتاريخ : 13 سبتمبر2020 الساعه 1:42م.
  • الموقف الجزائري من الأزمة الليبيه بين التغير والاأستمراريه، المركز العربي للأبحاث ودراسه السياسات، 7يونيو2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.dohainstitute.org، تم الحصول عليه بتاريخ 20يونيو2020، الساعه 20:12م.
  • الموقف الجزائري من الأزمة الليبيه بين التغير والاأستمراريه، المركز العربي للأبحاث ودراسه السياسات، 7يونيو2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.dohainstitute.org، تم الحصول عليه بتاريخ 20يونيو2020، الساعه 20:12م.
  • السعودية تدين التدخل التركي في ليبيا، موقع اليبيان، 8 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.albayan.ae، تم الحصول عليه بتاريخ 21 يونيه 2020، الساعه 22:14ص.
  • خسائر القوات التركيه بليبيا…أردوغان يفشل في التعتيم، العين الأخباريه، تاريخ النشر: 11\3\2020، ومتاح ع الرابط التالي: https://al-ain.com/article/erdogan-libya-greatest-hidden، وتم الحصول عليه بتاريخ 13\9\2020، الساعه2:51م
  • إعلان القاهره ..خارطة طريق لوقف نزيف الحرب وإعلاء المصلحه الوطنيه في ليبيا، اليوم السابع، تاريخ النشر 8يونيو2020، ومتاح علي الرابط التالي :https://www.youm7.com/story/2020/6/8، وتم الحصول عليه بتاريخ 17سبتمبر2020 الساعه 12:52م.
  • ـتونس تنهي ترددها حيال التدخل العسكري التركي في ليبيا، موقع ميدل ايست، 8 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://meo.news، وقد تم الحصول عليه بتاريخ 20 يونيه 2020، الساعه 13:25م.
  • السودان: نرفض التدخل الخارجي في ليبيا أيا كان نوعه، موقع 24ساعه، 5 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.alsaaa24.com، تم الحصول عليه بتاريخ 9 يوليو 2020، الساعه 10:25م
  • المغرب يرفض التدخل التركي في ليبيا ويقترح تشكيل فريق عربي مصغر لتسوية الأزمة، الرباط، موقع إرم نيوز، 23 يونيو 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.eremnews.com/news/maghreb-news/226823، وقد تم الحصول علية بتاريخ 9 يوليو 2020،الساعه:1م
  • قطر تخالف العرب.. وتدعم التدخل التركي بليبيا، موقع سكاي نيوز عربيه، 3 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1309810، تم الحصول عليه بتاريخ 6 سبتمبر 2020، الساعه 24:18ص.
  • انسحاب تركيا من مؤتمر “باليرمو” حول ليبيا.. أسباب وتداعيات، موقع تركيا العثمانيه، 16 نوفمبر 2018، متةفر علي الرابط التالي: https://trtotmani.com/post/2489، تم الحصول عليه في 20 اغسطس 2020، الساعه 11:12م.
  • ـموتمر برلين بشأن ليبيا، المركز الألماني للإعلام – وزارة الخارجية الألمانية، 19 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://almania.diplo.de/ardz-ar/04-aktuelles/-/2294812، تم الحصول عليه في 24 اغسطس 2020، الساعه 10:55م.
  • انطلاق اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) بجنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، موقع وكاله الانباء الجزائريه، 3فبراير 2020، متوفر علي الرابط التالي: http://www.aps.dz/ar/monde/83205-5-5، تم الحصول عليه 4سبتمبر 2020، الساعه 11:33ص.
  • مبادرة عقيلة صالح… حل مقبول أم فتيل أزمة سياسية اجتماعية من نوع جديد في البلاد، موقع اسبوتينج، 25 مايو2020، متوفر علي الرابط التالي: https://arabic.sputniknews.com/radio_event/202005241045516876، تم الحصول عليه في 9سبتمبر 2020، الساعه 10:4م.
  • الجزائر تطرح مبادرة جديدة حول ليبيا.. فهل تنجح هذه المرة، موقع سياسه واقتصاد، 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://p.dw.com/p/3fbtR، تم الحصول عليه في 10 سبتمبر 2020، الساعه10:30ص.
  • مبادئ إعلان باريس بشأن ليبيا، بوابه الوسط، 29 مايو 2018، متوفر علي الرابط التالي: http://alwasat.ly/news/libya/207434، ، تم الحصول عليه في 12اغسطس 2020،الساعه 20:10م.
  • “اتفاق الصخيرات”… هل ماتت النقطة الوحيدة المضيئة في الأزمة الليبية، موقع اسبوتينج، 29مايو 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://arabic.sputniknews.com/arab_world/202004291045307991، تم الحصول عليه في 22 اغسطس 2020، الساعه 11:47ص.
  • ليبيا: ماذا بعد موافقة البرلمان المصري على التدخل عسكريا؟، 24 موقع نيوز عربيه، يوليو 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.bbc.com/arabic/interactivity-53526973، تم الحصول عليه بتاريخ 13سبتمبر 2020، الساعه 1:53ص.
  • “إعلان القاهرة” خارطة طريق لوقف نزيف الحرب وإعلاء المصلحة الوطنية فى ليبيا، 08 موقع اليوم السابع، يونيو 2020، علي الرابط التالي:https://www.youm7.com، تم الحصول عليه في 10سبتمبر2020، الساعه 11:33ص.
  • الإمارات وفرنسا ترفضان التدخل التركي في ليبيا، موقع اليبيان، 24 يوليو 2920، متوفر علي الرابط التالي:https://www.albayan.ae، تم الحصول عليه بتاريخ 11يوليو2020، الستعه 20:22م.
  • فرنسا تنتقد التدخل التركي في ليبيا وتصفه بـ”العدواني”، 15 يونيو 2020، موقع ارم الاخباري، متوفر علي الرابط التالي:https://www.eremnews.com/news/world/2266464، تم الحصول عليه في 11 سبتمبر 2020، الساعه 12:17 م.
  • روسيا تنضم لفرنسا وتدعو واشنطن للجم أردوغان في ليبيا، موقع ميدل ايست،  17 يونيو2020، منوفر علي الرابط التالي: https://middle-east-online.com/، تم الحصول عليه بتاريخ 1سبتمبر2020، الساعه 19:33م.
  • إيطاليا تحسم أمرها من خطط أردوغان في ليبيا، سكاي نيوز عربيه، 29 ديسمبر 2019، متوفر علي الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1308721، تم الحصول عليه بتاريخ 4 سبتمبر 2020، الساع 19:33ص.
  • ألمانيا: لا أحد يقبل تحول ليبيا إلى غنيمة لتركيا، موقع العين الاخباريه، 13 يوليو 2020، متوفر علي الرتابط التالي: https://al-ain.com/article/1594656166، تم الحصول عليه بتاريخ 11 اغسطس 2020، الساعه 19:15م.
  • مجلس الأمن يطالب بوقف دائم للنار في ليبيا… والبعثة الأممية ترحب، الشرق الأوسط 14 فبراير 2020، عدد 15053، متوفر علي الرابط التالي:https://aawsat.com/home/article/2130761، تم الحصول علية في 18 يناير 2021، الساعة 1 : 22ص.
  • مجلس الأمن يتبني قرارا يدعو إلي وقف أطلاق النار في ليبيا، الشرق الأوسط، 12فبراير 2020، عدد 15051، متوفر علي الرابط التالي: https://aawsat.com/home/article/2128516 7، تم الحصول علية في 18 يناير 2021، الساعة 2 : 22ص.
  • إيطاليا تحسم أمرها من خطط أردوغان في ليبيا، موقع سكاي نيوز عربيه، 29 ديسمبر 2019، متوفر علي الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1308721، تم الحصول علية بتاريخ 4 سبتمبر 2020، الساع 19:33ص.
  • الموقف الجزائري من الأزمة الليبية بين التغير والاأستمراريه، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 7يونيو2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.dohainstitute.org، تم الحصول علية بتاريخ 20يونيو2020، الساعة 20:12م.
  • السعودية تدين التصعيد التركي في ليبيا.. “خرق لقرارات دولية”، موقع سكاي نيوز عربية – أبوظبي، 5 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east، تم الحصول عليه في 18 يناير 2020، الساعه 12:18م.
  • الوفاق الليبية تعلن وقف إطلاق النار وتدعو لنزع السلاح من سرت والجفرة، موقع مصراوي، 21 أغسطس2020، متوفر على الرابط التالي: https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2020/8/21/1857673/، تم الحصول عليه في 8 أبريل 2021، الساعة 9: 39م.
  • فريق الازمات العربي، الأزمة الليبية الى أين، مركز درسات الشرق الاوسط، الادرن، العدد الثالث عشر، مارس 2017، ص 17 21.
  • اختتام الحوار الليبي في تونس من دون التوصل إلى تعيين سلطة موحدة، 2020، أندبندنت عربية، متوفر على الرابط التالي: https://www.independentarabia.com/node/168921/الأخبار/ا%25، تم الحصول عليه في 9 ابريل 2020، الساعة 8: 33م.

ثانياً: المراجع الأجنبية

Research studies

  • Chan Steve، Explaining war termination: aboolean analysis of causes، Journal of Peace Research، 2003، 40 (1):49-66.
  • Daveed Gartenstein-Ross & Nathaniel Barr، “Dignity and Dawn: Libya’s Escalating Civil War”، ICCT Research Paper، February 2015، it was obtained 18\10\2020 11:30 pm.
  • Dena soliman، Turkish intervention in Libya its impact on Egyptian national security، The Arab Democratic Center، July 2020.
  • Hartzell Caroline، Explaining the stability of negotiated settlements to intrastate wars، Journalof Conflict Resolution, 43 (1):3-22.
  • Abdelkader Assad، Egypt’s Sisi announces “Cairo Initiative” for political solution in Libya after Haftar’s humiliating defeat، the Libya observer، 6 June 2020.
  • Frederic Wehrey and JalelHarchaoui، How to Stop Libya’s Collapse، Foreign Affairs، 7 January 2020.

Websites

http:// www.smallarmssurvey.org/fileadmin/docs/G-Issue-briefs/SAS-SANA-IB1-Searching-for-Stability-Libya.pdf it was obtained  16\10\2020،  10:45 pm.

[1]– نورهان الشيخ ؛  نظرية العلاقات الدولية ؛ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، 2018 ،، ط 1، ص 87.

[2]-محمد يعقوب عبد الرحمن “التدخل الانساني في العلاقات الدولية “، ابو ظبي، مركز الامارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية.2004، ص 14، 15.

[3]-هشام بشير،مناهج وطرق البحث فى علم السياسة، جامعة بنى سويف، القاهرة ،دار الدليل للدراسات والتدريب وأعمال الطباعه،2014م،ص 34،35.

[4]-هشام بشير،مناهج وطرق البحث فى علم السياسة ، مرجع سبق ذكره، ص 36.

[5]ــ عمر خضيرات، العوامل المؤثرة في توجهات السياسة الخارجية التركية تجاة المنطقة العربيه(2002، 2012)، مجلة المنار للبحوث والدراسات، المجلد 22، العدد الرابع، 2016.

[6]ــ وصفي عبد عقيل، السياسة الخارجية التركية تجاة الشرق الاوسط (2004: 2014)، المجلة الاردنية في القانون والعلوم السياسيه، المجلد 7، العدد 2، 2015.

[7]ــ عماد قدوره، تركيا ومسألة التدخل العسكري بين الضغوط والقيود، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الدوحه، قطر، سلسلة تحليل السياسات، 2014، متوفر على الرابط التالي: https://www.dohainstitute.org ، تم الحصول عليه في 7 أكتوبر 2020.

[8]ــ  اركان ابراهيم عدوان، مصطفي جابر فياض، محددات الدور التركي في ليبيا وتداعياتة الدولية، جامعة الانبار، كلية القانون العام والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسيه، 2020 .

[9]ــ جاد مصطفي، محمد السيد محمد، التدخل التركي في ليبيا وأثرة على الأمن القومي المصري، دراسة بحثية منشورة، المركز العربي للبحوث والدراسات، 2020.

[0]ــ وائل زكريا عبدالمعبود، التدخل الدولي في ليبيا وانعكاساته علي الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،2014، ص21.

[11]ــ على محمد فرج، الأزمة  الليبية وتداعيتها على الأمن القومي لدول الجوار (2011: 2017)، رسالة ماجستير منشوره، قسم العلوم السياسيه، كلية الاداب والعلوم، جامعة الشرق الاوسط، 2018.

[12]-تمارا كاظم الاسدي، محمد غسان الشبوط، عاصفة التغيير الربيع العربي والتحولات السياسية في المنطقة العربية، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية- برلين -، 2018م، ط1، ص 9-15، متاح على:https://democraticac.de/?p=57517

-[13] احمد رضا حسن، ثورات الربيع العربي من منظور اقليمي ودولي، مجلة الشؤون العربية، العدد 154، 2013، ص 1.

[14]– المرجع السابق نفسه، ص 3.

[15]– ابو بكر دسوقي ، الحصاد الهزيل للثورات العربية، مجلة السياسة الدولية، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية – القاهرة، العدد 192، 2012، ص 3- 6

[16]– اسماعيل صبري ومحمد محمود ربيع، موسوعة العلوم السياسية، الكويت: جامعة الكويت 1994، ص 47.

[17]– تمارا كاظم الاسدي و محمد غسان الشبوط ، عاصفة التغيير: الربيع العربي والتحولات السياسية في المنطقة العربية ، مرجع سابق، ص 11.

[18]– بدرخان عبد الوهاب، عالم عربي تيه سياسي وخواء استراتيجي، مجلة شؤون عربية، 2013، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، مصر.

[19]-كفاح عباس رمضان. الجزائر وحركات التغيير العربية”، مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل ، العدد 28، ص 10-11، متاح على:
http://www.uomosul.edu.iq/cv/view/ar/regionalStudiesCenter/1259 .

[20]– دينا شحاتة ومريم وحيد، محركات التغيير في العالم العربي، مجلة السياسة الدولية، مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، مصر، العدد 184، 2012، ص 20.

[21]– مفيد كاصد الزيدي، العلاقات الفرنسية الليبية: خلفية تاريخية ورؤية مستقبلية، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد 55 ، 2012، ص 46، متاح على: https://www.iasj.net/iasj?func=article&aId=89725

[22]– تمارا كاظم الاسدي و محمد غسان الشبوط، عاصفة التغيير: الربيع العربي والتحولات السياسية في المنطقة العربية، مرجع سابق، ص 120- 122

[23]– طلال عتريسي، تأثير الابعاد الطائفية والعشائرية على الثورات العربية، مجلة الشؤن عربية، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، مصر، العدد( 148)، 2011، ص 35، متاح على: https://arabaffairsonline.com/

[24]سامح راشد، السياسات الخارجية والتحالفات الاقليمية بعد الربيع العربي، مجلة شؤن عربية، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، مصر، العدد ( 149)، 2012، ص 16، متاح على: https://arabaffairsonline.com/

[25]– محمد عز العرب، تحولات الصراعات الداخلية المسلحة بعد الثورات في الشرق الاوسط ، مركز الاهرام  للدراسات السياسية والاستراتيجية- القاهرة، ديسمبر 2015م، ص 5، متاح على:http://samstudies.com/wp-content/uploads/2016/05/%D9.

[26]– جيسـون بـاك وبـاراك بـاريف، “في أعقـاب الحـرب.. الـصراع عـلى ليبيـا في مرحلـة مـا بعـد القـذافي“، معهـد واشـنطن لدراسـات الـشرق الأدنى، 27 فبراير 2012م، متاح على: https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/in-wars-wake-the-struggle-for-post-qadhafi-libya.

[27]– بـول سـامل، أمانـدا كادليـك، “تحديـات العمليـة الانتقالية في ليبيـا”، مركـز كارنيجـي للـشرق الأوسط، 14 يونيـو 2012، متاح على: : https://carnegie-mec.org/publications/56314

[28]فريديـرك ويـري، “تحـدي بنـاء الأمن في شرق ليبيـا”، مركـز كارنيجـي للشـرق الأوسط،، أوراق كارنيغي، تاريخ  النشر11 سـبتمبر 2012، متاح على : https://carnegie-mec.org/publications/56314 .

[29]معركـة كرامـة ليبيـا.. الـصراع وأطرافـه، مركـز العربيـة للدراسـات، العربية. نـت، 21 مايـو  2014م متاح على: https://www.alarabiya.net/ar/north-africa/libya/2014/05/19

[30]فريدريـك ويـري، مـاذا وراء تصاعـد أعمـال العنففي ليبيـا؟”، مركـز كارنيغي الـشرق الأوسط، تاريخ النشر: 28 يوليو 2014، متاح على: https://carnegie-mec.org/publications/56314

21- خالد حنفي على، ابعاد وجهود تسوية الصراع الليبي من منظور حساسية النظام ، المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية – القاهرة، ديسمبر 2015    ، ص 69- 70، متاح على:http://samstudies.com/wp-content/uploads/2016/05/%D9.

22- هارون ي. زيلن، “التيار الإسلامي في ليبيا،” معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أبريل، 2013، متوفر على الرابط التالي: http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/islamism-in-libya

[33]–         Jacqueline Lacroix، “Libya militias Profile: al-Qaqa Brigade”، the Libyan insider، July 3، 2014

http://www.libyaninsider.com/libyan-militias-profile-al-qaqa-brigade/[34]

[35]خالد حنفي على، ابعاد وجهود تسوية الصراع الليبي من منظور حساسية النزاعات، مرجع سابق، ص 71.

([36]) جاد مصطفي، محمد سيد محمد ، التدخل التركي في ليبيا وأثره علي الأمن القومي المصري، المركز العربي للبحوث والدراسات، تاريخ النشر 1مايو 2020، ومتاح علي الرابط التالي:http://www.acrseg.org/41600، وتم الحصول عليه بتاريخ 13\9\2020 الساعه12:26م.

[37](محمد خلفان الصوفي، الأزمه في ليبيا، خارطة الصراع وتطوراته ومساراته المستقبليه، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تاريخ النشر24يونيو2020، ومتاح علي الرابط التالي :http://trendsresearch.org/ar/insight/، وتم الحصول عليه بتاريخ 16سبتمبر2020 الساعه5:28م.

[38](رندا ابو العزم، تركيا ترسل اول قوه عسكريه الي ليبيا، القاهره، تاريخ النشر 2يناير2020، ومتاح ع الرابط التالي:https://www.alarabiya.net/ar/north-africa، وتم الحصول عليه بتاريخ 13\9 \2020، الساعه1:23م

[39](محمد خلفان الصوفي، الأزمه في ليبيا، خارطة الصراع وتطوراته ومساراته المستقبليه، مرجع سابق.

[40](رندا ابو العزم، تركيا ترسل اول قوه عسكريه الي ليبيا، مرجع سابق.

[41](كرم سعيد، إرسال قوات تركيه الي ليبيا…مخاطره محتمله، العين الأخباريه، تاريخ النشر:4يناير2020، ومتاح علي الرابط التالي :https://al-ain.com/article/turkish-parliament-libya، تم الحصول عليه بتاريخ 13\9\2020، الساعه 2:17م.

[42](FEHIM TASTEKIN، Turkey’s Libya strategy :cure has become worse than disease، available on :https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/01/turkey-russia-libya-berlin-summit-ankara-caused-side-effects.html#ixzz6DtIYmhuO, Jun \ 2020, obtained on September 14, 2020 at 1:20 pm.

[43](العين الأخباريه، خسائر القوات التركيه بليبيا…أردوغان يفشل في التعتيم، تاريخ النشر: 11\3\2020، ومتاح ع الرابط التالي:

https://al-ain.com/article/erdogan-libya-greatest-hidden، وتم الحصول عليه بتاريخ 13\9\2020، الساعه2:51م

[44](محمد عز العرب، تحولات الصراعات الداخلية بعد الثورات في الشرق الاوسط، ، مرجع سابق، ص 8.

[45]– أيمن شبانة ؛ ” التدخل التركي في ليبيا …. الدوافع والتداعيات ” ؛ مركز فاروس للاستشارة والدراسات الاستراتيجية ؛7 يناير 2020 ؛ متوفر علي الرابط التالي:https://pharostudies.com/?p=3339 .

[46]– Bezels hanky , “why is turkey involved in Libyan conflict”، in April 2020

https://www.voanews.com/extremism-watch/why-turkey-involved-libyan-conflict

[47]– أركان أبراهيم عدوان  ؛ ” محددات الدور التركي في ليبيا وتداعياته الدولية ” ؛ مجلة جامعة الانبار للعلوم القانونية والسياسية المجلد العاشر ؛ العدد الأول ؛ 2020 ؛ متاح علي الربط التالي : https://www.researchgate.net/publication/342513788_mhddat_aldwr_altrky_fy_lybya_wtdayath_aldwlyt.

[48]-موقع BBC NEWS  ؛ متاح علي الرابط التالي:

https://www.bbc.com/arabic/world-49565317

[49]التدخل التركي في ليبيا : المحددات والتحديات ؛ مركز الامارات للسياسات ؛ 4 أغسطس 2020 ؛ متاح علي الرابط التالي :.https://epc.ae/ar/topic/turkeys-intervention-in-libya-determinants-and-challenges

[50]– أيمن شبانة ؛” التدخل التركي في ليبيا …. الدوافع والتداعيات ” ؛ مرجع سبق ذكره.

– [51]EzelSahinkaya، Why Is Turkey Involved In Libyan Conflict?  ،June 4، 2020، available on

https://www.voanews.com/extremism-watch/why-turkey-involved-libyan-conflict

[52]-جاد مصطفي البستاني وأخرون ؛ “التدخل التركي في ليبيا وأثرة علي الأمن القومي المصري” ؛ المركز العربي للبحوث والدراسات ؛ 1 مايو 2020 ؛ متاح علي الرابط التالي: http://www.acrseg.org/41600 .

[53]-المرجع السابق نفسه.

-[54]جاسم محمد بون ، “ليبيا ، هل من تحالف أوروبي عربي لوقف التدخل العسكري التركي “؛ المركز الأوربي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ، 21يونيو 2020، متاح علي الرابط التالي:

https://www.europarabct.com.

[55]-جاد مصطفي البستاني وأخرون ؛” التدخل التركي في ليبيا وأثرة علي الأمن القومي المصري ” ؛ المركز العربي للبحوث والدراسات ، مرجع سبق ذكرة.

[56]-” تدخل تركيا يعرقل الحل السياسي في ليبيا”.العربية الحدث، 15 يناير 2020.متاح علي : :https://www.alarabiya.net/ar/north-africa/2020/01/15

[57]-“تصاعد الدور التركي في ليبيا:  الأسباب والخلفيات وردات الفعل ،المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 7يناير 2020متاحعلىالرابطالتالي:https://www.dohainstitute.org

[58]-محمود سمير الرنتيسي “ليبيا في سياسة تركيا الخارجية :حقائق جديدة في معادلات الشرق والغرب”، تقرير، مركز الجزيرة للدراسات.12 ديسمبر 2019 ص5، متاح علي الرابط التالي :

https://studies.aljazeer.net

[59]-محمود سمير ، مرجع سبق ذكره ، ص5.

[60]-محمود سمير ، مرجع سبق ذكره ، ص7.

[61]-محمود سمير ، مرجع سبق ذكره ،ص8.

[62]-صلاح مصطفى، الدور التركي في ليبيا: الآليات وحدود التأثير، أفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 43 ص 56، متح علي الرابط التالي: http://www.acrseg.org/41178

[63]-نورهان الشيخ ؛  نظرية العلاقات الدولية ؛ مرجع سبق ذكره ؛ص 31.

-[64]مذكرة التفاهم الليبية – التركية أبعادها وتداعياتها المحلية والاقليمية ؛ المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ؛ 17 ديسمبر 2019 ؛ متاح علي الرابط :https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/Libyan-Turkish-Memorandum-of-Understanding-Local-and-Regional-Dimensions.aspx .

[65]-جاد مصطفي الرنتيسي “التدخل التركي في ليبيا وأثره علي الأمن القومي المصري “مرجع سبق ذكره.

[66]ــ أحمد عسكر، موقف تونس والجزائر من الأزمة الليبية، ، مجلة السياسة الدولية، ( القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 230، ابريل 2020)، المجلد 55، ص 128.

[67]ـــ الموقف الجزائري من الأزمة الليبية بين التغير والاأستمراريه، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 7يونيو2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.dohainstitute.org، تم الحصول علية بتاريخ 20يونيو2020، الساعة 20:12م.

[68]ــ السعودية تدين التصعيد التركي في ليبيا.. “خرق لقرارات دولية“، موقع سكاي نيوز عربية – أبوظبي، 5 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east ، تم الحصول عليه في 18 يناير 2020، الساعه 12:18م.

[69]ــ تونس تنهي ترددها حيال التدخل العسكري التركي في ليبيا، موقع ميدل ايست، 8 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://middle-east-online.com ، وقد تم الحصول علية بتاريخ 20 يونية 2020، الساعة 13:25م.

[70]ــ السودان: نرفض التدخل الخارجي في ليبيا أيا كان نوعه، موقع 24 ساعة، 5 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.alsaaa24.com، وقد تم الحصول علية بتاريخ 9 يوليو 2020، الساعة 10:25م.

[71]ــ لمغرب يرفض التدخل التركي في ليبيا ويقترح تشكيل فريق عربي مصغر لتسوية الأزمة، الرباط، موقعإرم نيوز، 23 يونيو 2020، متوفر علي الرابط التالي:  https://www.eremnews.com/news/maghreb-news/226823وقد تم الحصول علية بتاريخ 9 يوليو 2020،الساعه:1م

[72]ــ قطر تخالف العرب.. وتدعم التدخل التركي بليبيا، سكاي نيوز عربيه، 3 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1309810، وقد تم الحصول علية بتاريخ 6 سبتمبر 2020، الساعة 24:18ص.

[73]ــ ابراهيم الطالب، موريتانيا ترفض التدخل الاجنبي في ليبيا، 24يناير 2020، موقع العين الأخبارية، متوفر علي الرابط التالي:

https://al-ain.com/article/mauritania-rejects-foreign-intervention-libya ، وقد تم الحصول عليه في 25يناير 2020، الساعة 11:25م.

[74]ــ الإمارات تؤكد دعم جهود مصر والمجتمع الدولي للحل السياسي في ليبيا، موقع العين الأخبارية، 23 يوليو 2020، متوفر على الرابط التالي:https://al-ain.com/article/1595427558 ،تم الحصول علية في 18 يناير 2021، الساعة: 12:00ص.

[75]ــ فرنسا تنتقد التدخل التركي في ليبيا وتصفة بـالعدواني، موقع ايريم الاخباري، 15يونيو 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.eremnews.com/news/world/2266464، وقد تم الحصول علية في 11 سبتمبر 2020، الساعة 12:17 م.

[76]ــ إيطاليا تحسم أمرها من خطط أردوغان في ليبيا،موقع سكاي نيوز عربيه، 29 ديسمبر 2019، متوفر علي الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1308721، تم الحصول علية بتاريخ 4 سبتمبر 2020، الساع 19:33ص.

[77]ــ ألمانيا: لا أحد يقبل تحول ليبيا إلى غنيمة لتركيا، موقع العين الاخباريه، 13 يوليو 2020، متوفر علي الرتابط التالي:

https://al-ain.com/article/1594656166، تم الحصول علية بتاريخ 11 اغسطس 2020، الساعة 19:15م.

[78]ـــــ Libya: Greece Could Veto EU Peace Efforts If Libya and Turkey Don’t Abandon Maritime Accord ، site: Stratfor Worldview. Jan 24، 2020، available at :https://worldview.stratfor.com، obtained 17/1/2021، at 02:30 PM.

[79]ــــ مني سليمان، أبعاد وتطورات المواقف الأروبية والدولية من الملف الليبي، مجلة السياسة الدولية، ( القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ،العدد 230، ابريل 2020)، المجلد 55، ص 100.

[80]ـــــ مني سليمان، أبعاد وتطورات المواقف الأروبية والدولية من الملف الليبي، مرجع سبق ذكره، ص 100

[81]ـــ حنان أبو سكين، تناقضات الموقف الأمريكي أتجاه الأزمة الليبية، مجلة السياسة الدولية، ( القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، العدد 230، ابريل 2020)، المجلد 55، ص 106: ص110.

[82]ــ روسيا تنضم لفرنسا وتدعو واشنطن للجم أردوغان في ليبيا، موقع  ميدل ايست، 17 يونيو2020، منوفر علي الرابط التالي:

https://middle- east-online.com /، تم الحصول علية بتاريخ 1سبتمبر2020، الساعة 19:33م.

[83]ـــ مني سليمان، أبعاد وتطورات المواقف الأروبية والدولية من الملف الليبي، مرجع سبق ذكره، ص102.

[84]ــــ مجلس الأمن يتبني قرارا يدعو إلي وقف أطلاق النار في ليبيا، الشرق الأوسط، 12فبراير 2020، عدد 15051، متوفر علي الرابط التالي: https://aawsat.com/home/article/21285167 ، تم الحصول علية في 18 يناير 2021، الساعة 2 : 22ص.

[85]ــــ مجلس الأمن يطالب بوقف دائم للنار في ليبيا… والبعثة الأممية ترحب، الشرق الأوسط 14 فبراير 2020، عدد 15053، متوفر علي الرابط التالي:https://aawsat.com/home/article/2130761 ، تم الحصول علية في 18 يناير 2021، الساعة 1 : 22ص.

[86]ــــ ـ مني سليمان، أبعاد وتطورات المواقف الأروبية والدولية من الملف الليبي، مرجع سبق ذكره، ص 102، ص 103.

[87]– دينا سليمان كمال، الاوضاع في ليبيا وتأثيرها علي الأمن القومي المصري ، المركز الديمقراطي العربي، 19 ابريل 2020، متاح علي الرابط التالي : https://democraticac.de/?p=65958، تم الحصول علية بتاريخ 22سبتمبر2020.

[88]ــ حسين مفتاح، الدور المصري في الملف الليبي.. استثنائية الهدف والفاعلية، بوابة إفريقيا الإخبارية،20 سبتمبر 2018، متوفر علي الرابط اتالي: https://www.afrigatenews.net/، تم الحصول علية 13سبتمبر 2020،الساعه12:24ص.

[89]ــ إبراهيم منشاوي، نحو إطار تعاوني: حقيقة الدور المصري في الأزمة الليبية، المركز العربي للبحوث والدراسات،10 سبتمبر 2014، متوفر علي الرابط التالي: http://www.acrseg.org/11186، تم الحصول علية في 11 سبتمبر2020، الساعة 1:9ص.

[90]ـ جاد مصطفى البستاني وأخرون، التدخل التركي في ليبيا وأثره على الأمن القومي المصري، المركز العربي للبحوث والدراسات، 1 مايو 2020، متوفر علي الرابط التالي: http://www.acrseg.org/41600 ، وقد تم الحصول علية في 1 ديسمبر 2020، الساعة 6: 23م.

[91]ــــEdward Iranian ، Libya Remains Calm as Egypt’s Parliament Authorizes Military Intervention، 07/21/2020 ، available at : https://www.voanews.com/middle-east/libya-remains-calm-egypts-parliament-authorizes-military-intervention، obtained 17/92020 ، at 02:30 PM.

[92]ــــ إبراهيم منشاوي، نحو إطار تعاوني: حقيقة الدور المصري في الأزمة الليبية، مرجع سبق ذكره.

[93]ــ Dena Soliman، Turkish intervention in Libya its impact on Egyptian national security، The Arab Democratic Center، July 2020، available at :https://democraticac.de/?p=66997، obtained 17/92020 ، at 02:30 PM.

[94]ــ إبراهيم منشاوي، نحو إطار تعاوني: حقيقة الدور المصري في الأزمة الليبية، مرجع سبق ذكره.

[95]ــ إبراهيم منشاوي، نحو إطار تعاوني: حقيقة الدور المصري في الأزمة الليبية، مرجع سبق ذكره.

[96]ــ  Abdelkader Assad، Egypt’s Sisi announces “Cairo Initiative” for political solution in Libya after Haftar’s humiliating defeat، the Libya observer، 6 June 2020 ، available at :https://www.libyaobserver.ly/ obtained 17/92020 ، at 02:30 PM.

[97]ــ سمير عمر، بالتفاصيل.. بنود إعلان القاهرة لحل الأزمة الليبي، موقع سكاي نيوز عربيه، 6 يونيو 2020، متوفر علي الرابط التالي:

https://www.skynewsarabia.com، تم الحصول علية في 9 سبتمبر2020، الساعة 11:42ص.

[98]ـــــــ إعلان القاهرة” خارطة طريق لوقف نزيف الحرب وإعلاء المصلحة الوطنية فى ليبيا،موقع اليوم السابع، 08 يونيو 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.youm7.com، تم الحصول علية في 10سبتمبر2020، الساعة 11:33ص.

[99]ــــــ إعلان القاهرة” خارطة طريق لوقف نزيف الحرب وإعلاء المصلحة الوطنية فى ليبيا، مرجع سبق ذكره.

[100]ــ  هاله أحمد رشدي، اتفاق الصخيرات الليبي.. رؤية قانونية سياسية، مجلة السياسة الدولية،( القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، ابريل 2020)  العدد220، المجلد 55، ص 83.

[101]ـــــ المرجع السابق ، ص84.

[102]ــ حسن رمضان، بعد اسقاطه.. ما هوا اتفاق الصخيرات، موقع جريدة الوطن، 27 ابريل 2020، متوفر علي الرابط التالي:https://www.elwatannews.com/news/details/4720128، تم الحصول علية 20 اغسطس 2020، الساعة 15:20ص.

[103]ــ مبادئ إعلان باريس بشأن ليبيا، بوابة الوسط، 29 مايو 2018، متوفر علي الرابط التالي:http://alwasat.ly/news/libya/207434، ، تم الحصول علية في 12اغسطس 2020،الساعة 20:10م.

[104]ـــــ مصطفى دالع، مؤتمر باريس حول ليبيا.. انتخابات محددة وقضايا مؤجلة، موقع وكالة الأناضول، تحليل سياسي، 2018، متوفر على الرابط التالي: https://webcache.googleusercontent.com ، تم الحصول عليه في 24ديسمبر 2020 21:43م.

[105]ــ شوقي الريس، خالد محمود، اختتام مؤتمر باليرمو حول ليبيا من دون نتائج واضحة، مجلة الشرق الاوسط، 14 نوفمبر 2018، العدد14596، متوفر علي الرابط التالي: https://aawsat.com/home/article ، تم الحصول علية في 5 أغسطس 2020، الساعة 11: 20 م.

[106]ــ انسحاب تركيا من مؤتمر “باليرمو” حول ليبيا.. أسباب وتداعيات، موقع تركيا العثمانيه، 16 نوفمبر 2018، متةفر علي الرابط التالي: https://trtotmani .com/post/2489، تم الحصول علية في 20 اغسطس 2020، الساعة 11:12م.

[107]ــ موتمر برلين بشأن ليبيا،المركز الألماني للإعلام – وزارة الخارجية الألمانية، 19 يناير 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://almania.diplo.de/ardz-ar/04-aktuelles/-/2294812، تم الحصول علية في 24 اغسطس 2020، الساعة 10:55م.

[108]ــ Paris Hosts International Conference on Libya، The North Africa Post site، 28 May 2018، available at:https://northafricapost.com/23840-paris-hosts-international-conference-on-libya.html، Obtained 18/9/2020 at 6:16 pm.

[109]ــ انطلاق اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) بجنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، موقع وكالة الانباء الجزائريه، 3فبراير 2020، متوفر علي الرابط التالي: http://www.aps.dz/ar/monde/83205-5-5 ، تم الحصول علية 4سبتمبر 2020، الساعة 11:33ص.

[110]ـــــبدء إزاحة المرتزقة.. قرارات جديدة للجنة 5+5 في ليبيا، موقع أسكاي نيوز عربية، 12 نوفمبر 2020 ، متوفر على الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/ ، تم الحصول عليه في 17 يناير 2021، الساعة 11 :38 ص.

[111]ــ أمنية غانمي، عقيلة صالح يطرح مبادرة لحل الأزمة تفضي إلى انتخابات، موقع العربية نت، 24 أبريل 2020، متوفر علي الرابط التالي: https://www.alarabiya.net/ar/north-africa/2020/04/24، تم الحصول علية في 9سبتمبر 2020، الساعة 9:49م.

[112]ــ أمنية غانمي، عقيلة صالح يطرح مبادرة لحل الأزمة تفضي إلى انتخابات، المرجع السابق نفسة.

[113]ــــــ الجزائر تطرح مبادرة جديدة حول ليبيا.. فهل تنجح هذه المرة؟،7 يوليو 2020، موقع DW الألمانية ، متوفر علي الرابط التالي: https://p.dw.com/p/3fbtR ، وقد تم الحصول عليه بتاريخ 1/1/ 2021، الساعة 07: 2 م.

[114]ــسامح راشد، ﻣﺂﻻﺕ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ بين الحرب ﻭاﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، فصلية ،”شؤون عربية”، العدد 187 (جامعة الدول العربية، صيف 2019)، ص 94 – 95

[115]ــ Frederic Wehrey and JalelHarchaoui، How to Stop Libya’s Collapse، Foreign Affairs، 7 January 2020، Available on: https://www.foreignaffairs.com/articles/libya/2020-01-07/how-stop-libyas-collapse، It has been obtained On 4/22/2021، At 12:44 pm.

[116]– فريق الازمات العربي، الأزمة الليبية الى أين، مركز دراسات الشرق الاوسط ، الأردن، العدد الثالث عشر، مارس 2017، ص 17 -21.

[117]ــ الوفاق الليبية تعلن وقف إطلاق النار وتدعو لنزع السلاح من سرت والجفرة، موقع مصراوي، 21 أغسطس2020، متوفر على الرابط التالي: https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2020/8/21/1857673/ ، تم الحصول عليه في 8 أبريل 2021، الساعة 9: 39م.

[118]ـــ مروة محمد، إعادة هيكلة السلطة التنفيذية وانتخابات بعد 18 شهرًا.. توصيات اجتماع سويسرا حول ليبيا، 2020، جريدة الشروق،متوفر على الرابط التالي:  https://www.shorouknews.com/news ، تم الحصول عليه في 9 ابريل 2021، الساعة 2: 17ص.

[119]ــ رضا شعبان، النواب الليبي” يرحب بمخرجات الحوار التشاوري في سويسرا، 2020، العين الإخبارية، متوفر على الرابط التالي: https://al-ain.com/article/1599918512 ، تم الحصول عليه في 9 ابريل 2020، الساعة 3: 00م

[120]ــ اختتام الحوار الليبي في تونس من دون التوصل إلى تعيين سلطة موحدة، 2020، أندبندنت عربية، متوفر على الرابط التالي: https://www.independentarabia.com/node/168921/الأخبار/ا%25 ، تم الحصول عليه في 9 ابريل 2020، الساعة 8: 33م.

[121]ــ زايد هدية، نواب ليبيا يجتمعون في المغرب لإنهاء الانقسام البرلماني، 2020، أندبندنت عربية، متوفر على الرابط التالي:https://www.independentarabia.com ، وقد تم الحصول علية في 7 أبريل 2021، الساعة 10: 16م.

[122]ــ أشرف عبد الحميد، اجتماعات القاهرة.. اتفاق على إنهاء المرحلة الانتقالية بليبيا، 2020، العربية، متوفر على الرابط التالي: https://www.alarabiya.net/north- ، تم الحصول عليه في 10 أبريل 2021، الساعة 8: 15م.

2.6/5 - (9 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى