الفعل الاحتجاجي بالمغرب من الفضاء العمومي الواقعي إلى الافتراضي
اعداد : هشام العقراوي – باحث بسلك الدكتوراه – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية – جامعة الحسن الثاني
- المركز الديمقراطي العربي
المقدمة :
شهد الفعل الاحتجاجي بالمغرب، تناميا ملحوظا وعرف زخما تحليليا من الدراسات التي اختلفت زوايا التحليل فيها بين علم السياسة وعلم الاجتماع السياسي والتاريخية، وظلت إشكالية المفهوم وأزمة تصنيفه حاضرة، ما يعبر عن تداخله بين البعد المجالي الذي يتمحور بين الاحتجاج على المستوى المحلي والجهوي ثم الوطني، وانتقاله من المجال الحضري إلى القروي، إضافة إلى تنوع خطابه بين الاحتجاج السلمي والعنيف وانزياحه نحو المطالبة الحقوقية، واختلاف الفضاء بين الواقعي والافتراضي، ويعكس الاحتجاج فعلا يتداخل فيه الشق السياسي والسوسيولوجي والحقوقي والأمني والنفسي والتنموي، كما تتوزع الممارسة التعبيرية بين العنيفة والتصادمية مع الدولة والسلمية المرخص لها، وأصبحنا نشهد خلال مسار الاحتجاجات التي عرفها المغرب بعد 2011 ارتفاع المطالب الفئوية حيث كل فئة تدافع عن حقوقها.
وتميزت ثقافة الاحتجاج، بتحولها من التمرد والانتفاضة العنيفة زمن الاستئناس الممنوع إلى الاحتجاج السلمي من أجل مطالب اجتماعية واقتصادية وحقوقية، ومن تنامي الاحتجاجات العفوية غير المنظمة إلى الاحتجاج حول السياسات العمومية، وتميز التعبير الجماعي بتحوله نوعيا من الممارسة المنظمة إلى الاحتجاجات العفوية، مع ما رافق ذلك من تمثلات وممارسات وتطور طرق وآليات التعبير، ومن الاحتجاج العنيف التصادمي مع الدولة إلى السلمية، ومن صيغة الإضراب إلى الانتفاضات الحضرية إلى استعمال الفضاء العمومي الواقعي والافتراضي، عبر تجريب عدد من الأشكال التعبيرية، ( كالوقفات والمسيرات والاعتصامات والإضرابات عن الطعام، والمشي بالأقدام ومحاولات الانتحار الجماعي…). ثم تحول الفاعلين والخطاب الاحتجاجي، وقد أثر هذا التحول في صعوبة تمييز الاحتجاج السلمي عن عدة أنماط تعبيرية مشابهة، كالتجمع العمومي والتجمهر والوقفة الاحتجاجية والإضراب، ثم تحوله من التعبير والمطالبة بالقيم والحقوق المادية، كالسكن والنقل والماء والتعليم…) إلى المطالبة بقيم غير مادية رمزية وثقافية، تتجلى في احتجاجات تطالب بالحريات الفردية، وتشبت بعض الحركات المدنية بالدفاع عن ممارسة الحريات الفردية بالفضاء العام، ما يدفع إلى طرح التساؤل التالي:
- ماهي تمظهرات وأسباب ومستويات تحول الاحتجاج من الفضاء العمومي الواقعي إلى الافتراضي؟
سنتولى مقاربة التساؤل أعلاه من خلال المحاور التالية:
- المحور الأول: تحول الفعل الاحتجاجي بالمغرب من الفضاء العمومي الواقعي إلى الافتراضي.
- المحور الثاني: مستويات ومؤشرات الانتقال من الفضاء الواقعي إلى الافتراضي.
- المحور الثالث: تحولات الفعل الاحتجاجي بالمغرب بعد حركة 20 فبراير
المحور الأول: تحول الفعل الاحتجاجي بالمغرب من الفضاء العمومي الواقعي إلى الافتراضي.
يعكس تحول فضاء الاحتجاج بالمغرب نحو استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، واستبدال الوسائل التقليدية بالفضاء الافتراضي، الذي أضحى فضاءا تفاعليا تتم فيه مناقشة القضايا الاجتماعية والحقوقية والسياسية والاقتصادية، تحولا عميقا حدث في بنيوية الفضاء العام، الذي تتم فيه التعبئة لغالبية الاحتجاجات ومختلف المطالب، ولم يشير الفيلسوف الألماني »هابرماس « خلال تقديمه لنظرية التواصل والفضاء العام إلى مفهوم الفضاء أو العالم الافتراضي[1]، الذي يعكس مجموعة العلاقات الاجتماعية التي تتشكل بين أشخاص أو مجموعات افتراضيين، وترجع الأصول العلمية، لهذا المصطلح إلى الباحث الأمريكي هاورد راينغولد في كتابه المجتمع الافتراضي[2] الصادر سنة 1993، ويحيل إلى تلك الأجواء التي يصنعها الحاسب الإلكتروني كما لو كانت حقيقية، أي ما ينتاب الإنسان من إحساس حين يدخل إلى شبكة الأنترنت من تحولات ذهنية ونفسية واجتماعية وحتى ثقافية، فهو فضاء لخلق علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، ويسمى بالمفترض لاختلافه عن الواقع الحقيقي المعاش، بل هو موازي له، أو هو تحول وانعكاس للعالم الواقعي[3]، وهو ألية لخلق حالة إجماع أو وعي جمعي على قيم ورموز ومبادئ اجتماعية دينية أو سياسية، ودفع الجمهور إلى الاحتجاج عبر تغدية المجال العاطفي لديه عبر تقنية اللايف وبارطجي والصور والفديوات والتعاليق، وخلق مجموعات افتراضية[4].
فبالقدر الذي نعيش في الواقع بمختلف مستوياته وأبعاده، أصبحنا نعيش كذلك في الفضاء الافتراضي الرقمي، المتمثل في شبكات التواصل الاجتماعي عامة والفيسبوك خاصة، فهو عالم غير ملموس أو محسوس، يسمح ويمكن للأفراد والجماعات من لعب أدوار عديدة قد لا ترتبط بينهم صلة، كما يعتبر انعكاس للواقع الاجتماعي والسياسي بكل تناقضاته وصراعاته وأبعاده، بحيث أصبح الفرد يعيش حياة واقعية وأخرى افتراضية بل أضحى الافتراضي يخترق ويأثر في حياته المعيشية ويخترق خصوصياته[5].
وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبرز المجالات الافتراضية التي أحدثة ثورة رقمية وتحولات عميقة في حياة الفرد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفتحت الباب بمصرعيه للفرد والجماعة لإبداء آرائهم ومواقفهم، فالفضاء الافتراضي عالم اجتماعي له مواصفاته الخاصة تجعله يتميز عن الواقع الحقيقي، ويعد إطار مشترك للتقاليد الاجتماعية واللغة والبرتوكولات المتبادلة، حيث يشكل المحتجون فيه هويات جماعية افتراضية قد لا تكون بالضرورة متوافقة مع هويتهم واستعداداتهم الواقعية، ويعتبرون وسائل التواصل الاجتماعي مجالا بديلا يعبرون فيه عن حريتهم بدون قيود قانونية[6].
وساهم الفضاء الافتراضي في إعادة رسم وتوزيع السلطة بين الدولة والمجتمع وعمل على تقريب الهوة بينهما، وسمح للأفراد بحرية التعبير عن ميولاتهم ونزوحاتهم السياسية والاجتماعية والدينية، وفتح الباب لفئات اجتماعية جديدة للاحتجاج، مثل احتجاج رجال الأمن الوطني والجيش، وبالتالي قد خرق التراتبية الاجتماعية والسلطوية بين الدولة والمجتمع، وأزاح الكثير من الحواجز التي كانت قائمة في السابق على المستوى المجالي، حيث كان مركز الاحتجاج هو العاصمة[7].
المحور الثاني: مستويات ومؤشرات الانتقال من الفضاء الواقعي إلى الافتراضي.
إن الانتقال إلى الاحتجاج الافتراضي، ليس مجرد انتقالا بسيطا بل إنه انتقال يعيد تشكيل الأسس التي ينبني عليها الاحتجاج، وأشار الباحث لانس بينيت lance benneet إلى القول أن وسائل الاتصال الرقمية قد أعادت النظر في الاحتجاجات الاجتماعية على عدة مستويات وأوجه متعددة[8].
على مستوى البنية المعرفية للنشطاء الجدد، حيث أن مرجعية التفاعل في المجتمع الافتراضي هي مرجعية معرفية بالأساس، والذي يحرك الاحتجاج بالفضاء الافتراضي عبر الأنترنت هم النشطاء الجدد، أي ما يسمى النخب المعلوماتية.
مرونة التفاعل: تتيح الفرصة أمام تشكل تفاعلات إيجابية تتسم بسهولة التواصل عبر الأنترنت، وتتجلى في مرونة الاحتجاج الافتراضي سهولة توحيد الأهداف العامة للاحتجاج.
الاستثمار العاطفي: حيث أن الفضاء الافتراضي واستعمال تقنيات الاتصال الحديثة في الاحتجاج، واستغلال القدرة على التشبيك في جمع التأييد حول قضايا الاحتجاج، مما جعل الفضاء الافتراضي يعيد الأمل للشباب وقوته التأثيرية في ظل التضييق على ممارسة حرية التظاهر في الفضاء الواقعي، ويتيح للأعضاء المنخرطين فيه مشاركات متكررة نشطة، وغالبا ما تكون تفاعلات مكثفة وحماسية وقوية، تتمثل في مشاعر يظهرونها وأنشطة مشتركة تحدث بين المشاركين وتتميز هذه التفاعلات بأنها تفاوضية، حيث تتيح الفرصة للجميع لأجل التفاوض والاحتجاج[9].
وهناك أربعة مؤشرات ترتبط بالانتقال إلى الفضاء الافتراضي تتجلى في: النشاط الفردي، حيث أصبح الأفراد يلجأون بشكل مكثف إلى الاحتجاج عبر التعليقات وبارطاجي والصور والفيديوهات، وهي تعبير عن الرفض أو التنديد بسياسة ما أو استنكار للوضع العام، ويتجلى المؤشر الثاني في ارتفاع عدد الصفحات العامة، حيث أضحت وسائل التواصل الاجتماعي فضاءا يحفل بمئات الصفحات المخصصة لتتبع الشأن العام والمحلي، و إبداء وجهات نظر الأعضاء والمشتركين، وهي تعتبر صفحات تعكس بعدا احتجاجيا[10]، والمؤشر الثالث يتجلى في الناشطون والرموز، فمن أبرز التحولات نحو الاحتجاج الافتراضي ظهور ناشطين معارضين مؤثرين في التعبئة للاحتجاج، مثل الدعوة إلى المقاطعة، أو الاحتجاج ضد مقتل شخص ما، أو الاحتجاج عبر توفير الدواء لمرضى السرطان، ما يبرز نقل البعد العاطفي إلى المجال الافتراضي.
والفضاء الافتراضي ليس بالضرورة أن تكون له انتماء سياسي أو ايديولوجي، بل هناك مجموعة من الأشخاص يبتون موقفهم عبر نشر فيديوهات وتقنية اللايف، ثم نشر مقاطع فيديوهات معبرة عن الواقع[11]، والفضاء الافتراضي مجال لا يؤمن بالتراتبيات الاجتماعية ولا يؤسس لأية سلطة كيفما كانت سواء كانت رمزية أو مادية، فالمحتجين في الفضاء الافتراضي متساويين في حق التعبير والاحتجاج، ويتميز بكونه آلية لتوفير وإتاحة المعلومة في يد الجميع، وعملية تبادلية تكون جد سلسة، فالدعم والخدمات بين الأعضاء أمر مهم في حركة المجتمع الافتراضي، وداخله تذوب كل القناعات والأفكار وتتفاعل فيما بينها[12].
وإذا كان الاحتجاج في المجال الواقعي مراقب وخاضع لشروط وإجراءات قانونية ويعرض المحتجين لتدخل المادي والعنيف لأجهزة القوة العمومية، وعلى مستوى التعبير بالفضاء الافتراضي ليست هناك أي قيود، حيث يكسر كل القيود الواقعية والقانونية والخوف من التعرض للعنف نتيجة الاحتجاج بالفضاء الواقعي، فالانتقال من الاحتجاج الواقعي إلى الافتراضي، جعل منه فضاءا مضادا لسلطة الواقعية والمادية للدولة، وهو ما يختلف عن الفضاء العام كما نظر له (هابرماس) باعتباره ساحة مادية للنقاش[13].
المحور الثالث: تحولات الفعل الاحتجاجي بالمغرب بعد حركة 20 فبراير
عرفت دينامية الفعل الاحتجاجي، خصوصا مع بروز وتطور حركة 20 فبراير عرفت مزاوجة بين الفضاء الواقعي والافتراضي، ما أدى إلى جدلية التأثير والتأثر بين الواقعي والافتراضي، وأبرزت دور وأهمية الفرد في تجسيد وإسهامه في بناء واقعه المعيشي، وهذه المزاوجة التي حققها الفعل الاحتجاجي، وعلاقتها بالفضاء الافتراضي، أعطت فرصا جديدة للإصلاح وفتحت قنوات للتواصل وخلق فاعلين اجتماعيين جدد[14].
وواكب الفضاء الافتراضي، بالتعبئة لجل الديناميات الاحتجاجية بالمغرب بعد 2011 ابتداء من حركة 20 فبراير ثم حراك الحسيمة وجرادة وزكورة…، كلها احتجاجات ترجمة حضور ثنائية الفضاء الافتراضي والواقعي مع علاقة التأثير المتواجدة بينهما، وتأثير الافتراضي في التعبئة والتوجيه والتنسيق للاحتجاج[15].
حيث أضحت معها مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك[16] ساحة للنقاش بأبعاد وهويات جماعية افتراضية، ووسع من فاعلية الفضاء العام ومنح الحق في المعلومة للجميع، وكسر النموذج التواصلي العمومي القائم على علاقة السلطة بالمجتمع، نحو تواصل شبكي ودائري، وحول الفضاء الافتراضي المواطن من مجرد مشاهد ومستهلك إلى مشارك ومنخرط في التحولات السياسية، بل موجها ومعبئا.
وأبان الفضاء الافتراضي عن تناقضات وعقد وفضائح وفساد، حيث استطاع خلق رأي عام افتراضي، وهي انعكاس لتأثير الواقعي على الافتراضي، كما عكس من جهة أخرى التفاعل مع التحولات السياسية والاجتماعية والأمنية التي عرفها ويعرفها المغرب، وإن النزوح الجماعي نحو الفضاء الافتراضي حسب السوسيولوجي» سعيد بنيس «هو انعكاس لحالة الأزمة والتخلي عن الأيديولوجيا كحاضنة لكل حركة احتجاجية، واعتماد (الايماجيولوجيا) أي الاعتماد على الصورة بدل الفكرة لتعبئة للاحتجاج[17].
ورغم تضمن الفضاء الافتراضي عدة سلبيات ويشكل بؤرة للصراعات الافتراضية، إلا أنه قد أتاح كثير من الفرص لتعزيز قيم المواطنة، وأضحى الافتراضي فضاء لممارسة النشاط السياسي، وتعويض تراجع دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني[18].
فالتحول الرقمي نحو الافتراضي أثر كذلك في تحول الهوية الثقافية للمجتمع المغربي وقيمه خصوصا أنها خلقت هامشا من الحرية وشكلت فضاءا جديدا للتعبير عن تمظهرات التنوع المجتمعي، والظهور العلني لبعض الفئات والمجموعات، التي لم يكن بمقدورها التواجد والتفاعل بالفضاء الواقعي، مثل بعض المجموعات الدينية والجنسية…. ثم بروز ثقافة جديدة تنبني على نسق الكراهية والعنف وبعض السلوكات الغرائبية، مثل مجموعات المشجعين الالتراس، ثم تحول الفضاء الافتراضي نحو نشر العنف والكراهية والعصيان الافتراضي، أو صراعات هوياتية بخلفية أيديولوجية افتراضية، مثل الصراع بين العروبية والأمازيغ بالفضاء الافتراضي، ثم الصراع بين المؤيدي حراك الريف ومعارضيه لتتحول إلى التخوين والسب، ثم صراع الجمهور حول فريقين رياضين مختلفين، والمجال الافتراضي كفضاء للتداول لا يمكن أن يسلم من التوظيف الممنهج والإيديولوجي لخدمة أهداف محددة قد تكون نبيلة أو تمس باستقرار المجتمع والدولة، وقد يتحول إلى آلية لنشر الاشاعة وفوضى معممة في ظل عدم وجود وعي مجتمعي ومعرفي بالتكنولوجيا[19].
الخاتمة :
بناء عليه لقد ساهمت مجموعة من المتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية التي عرفها المغرب في تحول مضمون ووسائل الاحتجاج والفاعلين فيه، ما أضحى معه من الصعوبة رصد تحولاته ومحدودية أي محاولة لتصنيفه، وعرف الفعل الاحتجاجي عدة تحولات كبيرة وسريعة بين المجال الحضري والقروي ثم مزاوجته بين العنف والسلمية، وتحوله من الانتفاضة والمظاهرة إلى الاحتجاج الاجتماعي نحو الاحتجاج الحقوقي، ونزوحه نحو فئوية الاحتجاج، ثم سيطرة براديكم الفضاء الافتراضي.
كما يمكن الإقرار وفق ما ذهب إليه الباحث السوسيولوجي المغربي (سعيد بنيس) بأن دورة الاحتجاج في المغرب بدأت تتجاوز نسبيا القيم المادية، المتمثلة في الحق في الصحة والشغل والتعليم والحق في السكن والحق في المواصلات، نحو مطالب بقيم غير مادية، مثل الحق في الثقافة واللغة أو المناصفة وحرية المعتقد والحريات الفردية أو الحق في الموت الرحيم أو الإجهاض أو إلغاء عقوبة الإعدام أو المساواة في الإرث، ما يبرز تحول مضمون الاحتجاجات نحو الدفاع عن البعد الثقافي والحقوقي، إضافة إلى التنديد بفشل السياسات العمومية التنموية، ولمنظومة القيم المادية المنشودة من لدن المواطنين والساكنة، وهناك تحول في فضاء الاحتجاج حيث أصبح متعددا وموزعا ترابيا، بين المجال الحضري والقروي وعلى المستوى الوطني والمحلي والجهوي وبالملاعب والفضاء الواقعي والافتراضي، وأصبحت الاحتجاجات منسجمة مطلبيا (الحقوق الاجتماعية والاقتصادية). ومقسمة على فئات مهنية واجتماعية دون أخرى.
[1] : استأثر مفهوم الرقمية والافتراضية باهتمام واسع وقد نحث مفاهيم أخرى لا تقل عنها أهمية، الإنسان الرقمي، رقمنة الإنسان، التسول الرقمي، الانتحار الرقمي، العصبيات الرقمية، القناع الرقمي، والعنف الرقمي، وغيرها. والإنسان الرقمي هو: ذلك الكائن الذي ينقطع عن الوجود المادي ويتحول إلى كائن رقم في مجتمع لا متناهي من حيث العدد، هذا التحول هو ما يعتبره “رقمنة للإنسان”. أما “التسول الرقمي Digital Begging”، الذي يميزه عن التسول الالكتروني Electronic Begging أو التسول عبر الانترنيت Internet Beggingوعبر الرسائل النصية، ويقصد به “طلب أحد أفراد المجتمعات الرقمية وضع إشارة إعجاب أو تعليق على ما ينشره نتيجة إحساسه بفقر حسابه”. بينما يعتبر “الانتحار الرقمي” بمثابة إفراط في نقد ما نشره الآخرون، وهو ما يؤدي إلى تعليق المشاركة أو الطرد، في حين يقصد ب”العصبيات الرقمية” تلك الأنانية والتشبث بالرأي الذي لا يتخلص منه الأفراد والذي سببه التربية البطريركية، والقناع يعتبره ذلك الاسم المستعار أو الهوية المستعارة، التي تخفي الحقيقة والعنف الرقمي بالتعليقات أو التحرش أو بفبركة الفيديوهات أو التعليق السلبي على ما ينشر أو عن طريق نشر فيديوهات مخلة في صفحة أحدهم من دون علمه، أنظر جوهر الجموسي: الافتراضي والثورة: مكانة الأنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي، منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة للسياسات، الطبعة الأولى 2019، ص 80.
[2]: يمكن تعريف المجتمع الافتراضي بأنه “مجتمع يتكون من أشخاص متباعدين جغرافيا، ولكن الاتصال والتواصل بينهم يتم عبر الشبكات الالكترونية، وينتج بينهم نتيجة لذلك نوع من الإحساس بالولاء والمشاركة، ويعرفه سيرج بروكس (Serge Proulx) المجتمع الافتراضي بأنه “مجموعة أفراد يستخدمون منتديات المحادثة، حلقات النقاش، أو مجموعات الحوار الذين تنشأ بينهم علاقة انتماء إلى جماعة واحدة (Lien ويتقاسمون نفس الأذواق، القيم، والاهتمامات ولهم أهداف مشتركة”. أنظر: مايكل راش، (2006)، الواقع الافتراضي عالم ساحر، الشرق الأوسط، العدد 9919، (12/05/2017).
[3]: جوهر الجموسي: الافتراضي والثورة: مكانة الأنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي، منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة للسياسات، الطبعة الاولى 2019، ص 80.
[4] : سليمان ديراني: هل يمكن تفسير الاجتماعي بالافتراضي، مقال منشور بمجلة العلوم الاجتماعية، العدد الرابع/ مارس، 2011، ص 8.
[5] : سليمان ديراني: مرجع سابق، ص 9.
[6] : حسن اشرواو، رشيد البشواري: تمثلات الطلبة الجامعيين حول الفعل الاحتجاجي بالفضاء العام، دراسة سوسيولوجية بجامعة ابن زهر أكادير، صادر عن مركز الدراسات والأبحاث مدى، حول تحولات الفعل الاحتجاجي بالمغربي، التاريخ والأبعاد والمحددات، الطبعة الأولى 2014، ص 60/61.
[7] : إبراهيم أحمد: المجتمعات الافتراضية، التكنولوجيا ورقمنة الإنسان، منشورات عالم الكتب الحديثة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2017، ص 70.
[8]: حسن اشرواو، رشيد البشواري: تمثلات الطلبة الجامعيين حول الفعل الاحتجاجي بالفضاء العام، مرجع سابق، ص 60/61.
[9] : حسن اشرواو، رشيد البشواري: مرجع سابق، ص 60/61.
[10] : مثل صفحة أجيال، مراكش الغالية كفاح، الرصد…ينظر عبد الرحمن خيزران، تحولات الحراك الاجتماعي في المغرب بحث في المعنى السياسي المضمر، مرجع سابق ص 14.
[11]: ينظر عبد الرحمن خيزران، تحولات الحراك الاجتماعي في المغرب بحث في المعنى السياسي المضمر، مرجع سابق ص 15.
[12]: عصام الرجواني: ديناميات الفضاء العمومي دراسة في أسس الانتقال المدني في المنطقة العربية، منشورات مركز أبحاث للدراسات الاجتماعية والاستراتيجية، سلسلة دراسات استراتيجية العدد 1، الطبعة الأولى مارس 2018، ص 65.
[13] : عصام الرجواني: مرجع سابق، ص 57.
[14] : محمد بنهلال: تحولات الفضاء العمومي للمعارضة في الدول العربية، مقال منشور مجلة أبحاث تعنى بالعلوم الاجتماعية، حول معارضات ما بعد الانتفاضات العربية، العدد 65/سنة 2019، ص 63.
[15]: محمد الطالبي: الحراك الاحتجاجي بين الافتراضي والواقعي في السياق المغربي، مقال منشور بالموقع الالكتروني العمق المغربي، al3omk.com/307381.html بتاريخ الجمعة 27 أبريل 2018، الدخول على الساعة 12:13، ص 2.
[16] : الفيسبوك باعتباره فضاء تواصليا افتراضيا يتميز بعدة مميزات وخصائص التي تجعله يسهل عملية الاتصال والتواصل بانسيابية وذلك وفق سرعة الأنترنت وطبيعة الأليات المستعملة، الكمبيوتر، الهاتف، اللوحة الالكترونية، ويسمح الفيسبوك بتقاسم المواضيع، ومواد ومضامين مختلفة ومتنوعة كالصور والأصوات والنصوص والفديوهات…، لذلك تجد كل فئة متفاعلة في فيسبوك وفق اهتماماتها وانشغالاتها وحسب الجنس والسن والمهنة والانتماء الطبقي والمستوى التعليمي ودرجة الوعي والمرجعية الثقافية، فإن ما يقتسمه المتصل بالفيسبوك تعبير عن ميوله ومواقفه وسلوكه يتم الإفصاح عنه وممارسته بكل حرية فيما يشبه ساحة عمومية للنقاش افتراضية.
[17]: محمد أبو يهدة: حور مع الباحث السوسيولوجي سعيد بنيس: المغرب ينزح نحو العالم الافتراضي، نشر في الأحداث أنفو يوم الأحد، 04/12/2018، ahdath.info/440435.
[18]: سعيد بنيس: المغرب ينزح نحو العالم الافتراضي، مرجع سابق، ص 2.
[19] : مرجع سابق: ص 2.