الدراسات البحثيةالمتخصصة

أثر تغير القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية 2005 – 2021م

إعداد : محمد أحمد السيد حسن – إشراف : أ.د محمد سالمان طايع – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

مقدمة:

تعد القيادة السياسية في معظم الدول بمثابة العامل المؤثر والمحدد الأبرز لسياساتها وتوجهاتها سواء داخليا أو خارجيا، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته بشكل واضح على مدار التطور التاريخي للدولة القومية والنظم السياسية المختلفة، وتختلف أدوار القيادة السياسية باختلاف النفوذ والقوة التي تتمتع بها الدولة، وبالنظر إلى الجمهورية الإيرانية يمكن القول بأنها تعد دولة ذات نفوذ إقليمي آخذ في الاتساع ويلعب متغير القيادة السياسية دورا كبيرا في قيامها بذلك الدور.

يعد النظام السياسي الإيراني ذا طبيعة خاصة ومعقدة، ففي أعقاب الثورة الإسلامية الإيرانية 1979 اختلف النظام السياسي الإيراني بشكل جذري عن فترة حكم الشاة، حيث قام على أيديولوجية ولاية الفقيه التي تستند الى المذهب الشيعي الاثنا عشري، وبالتالي تلك الأيديولوجية صنعت نظام سياسي قائم على أساس ديني يتحكم فيه المرشد الأعلى الإيراني الذي يعد الاعلى مقاما ونفوذا في الدولة حيث يتمتع بسلطات واسعة تجعله بمثابة المتحكم الأول في صنع السياسة الإيرانية سواء على المستوى الداخلي او الخارجي، وهو ما ظهر خلال فترة ولاية الخميني المرشد الأول للثورة والذي رسخ ايديولوجيتها، وكذلك فترة ولاية على خامنئي المرشد الأعلى الحالي منذ عام 1989.[1]

يعد منصب رئيس الجمهورية في إيران هو المنصب الأعلى على المستوي الرسمي، ويعد الرئيس مسئولا امام الشعب والمرشد الأعلى، ويمكن القول بأن النظام الإيراني يجمع بين طياته مزيج من سمات الديمقراطية والسلطوية، فالدستور الإيراني 1979 يشير الى ديمقراطية النظام واهمية التنافس الانتخابي والحزبي للوصول للسلطة، وتحديد مدة تولي رئاسة الجمهورية لفترتين فقط، ولكن على مستوى الممارسة العملية يوجد ما يقيد تلك الديمقراطية، وهو ما يظهر في تدخل المرشد الأعلى في صنع السياسات ومحاسبة منفذيها.[2]

على مستوى السياسة الخارجية، يمكن القول بأن أيديولوجية الثورة الإيرانية لعبت دور كبير في تشكيل السياسة الخارجية الإيرانية، وهو الامر الذي جعل هناك تعارض في بعض الأحيان بين المصالح القومية والأسس الأيديولوجية. وتعد إيران فاعلا أساسيا على المستوى الإقليمي منذ زمن بعيد، وباتت تسعى لان تقوم بدور مؤثر في النظام العالمي، وهو ما يظهر في سياستها الخارجية تجاه جيرانها او حتى تجاه القوى العالمية الكبرى.

يمكن اعتبار سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية أحد اهم ملفات السياسة الإيرانية في الوقت الحالي، حيث تثار قضايا عدة هامة بين الدولتين، لعل أهمها ملف البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات لإعادة احياء الاتفاق النووي، وكذلك ملف العقوبات الاقتصادية على إيران، وغيرهم من القضايا التي تتشكل في ظلها السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، ولعل أحد اهم العوامل المؤثرة في صنع تلك السياسة على المستوى الداخلي هو متغير القيادة السياسية.[3]

بالرغم من تأثير أيديولوجية الثورة على سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة وتحكم المرشد بدرجة كبيرة في تحديدها، الا ان هذه السياسة لطالما تأثرت بشخص رئيس الجمهورية الإيراني وتوجهاته، وبالتالي يختلف نهج كل رئيس عن غيره في التعامل مع القضايا التي تبرز في هذا الصدد ويمكن ملاحظة هذا الاختلاف بين الرؤساء الإصلاحيين والمحافظين، وحتى بين المحافظين وبعضم البعض تبعهم لدرجة مرونتهم او تشددهم، ولبيان مدى تأثير متغير القيادة السياسية على السياسة الإيرانية الخارجية، تتناول هذه الدراسة تأثير تغير القيادة السياسية الإيرانية على سياسة ايران الخارجية تجاه الولايات المتحدة منذ 2005 الى 2021.

المشكلة البحثية:

تعد إيران فاعلا أساسيا على الساحة السياسية في الشرق الأوسط، حيث تؤثر توجهات سياستها الخارجية على تفاعلات جيرانها وتوازنات القوى في المنطقة، ويمكن القول بأن إيران في الفترة الأخيرة باتت تتطلع لان تلعب دورا عالميا مؤثرا، وهو ما ظهر في رؤية وتوجهات صانعي القرار الإيرانيين في القضايا والأزمات المختلفة، وكذلك في توجهات سياستها تجاه القوى الكبرى، ويأتي على رأس أولويات السياسة الخارجية الإيرانية ملف السياسة الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية الذي تحكمه قضايا عدة، لعل أهمها ملف الاتفاق النووي الايراني، وفي هذا الإطار يدور نوع  من الجدل بين الباحثين، فهناك فريق يرى أن سياسة ايران الخارجية تجاه الولايات المتحدة تتأثر أو تتغير بتغير القيادة السياسية الإيرانية واختلاف توجهاتهم السياسية، بينما يرى فريق آخر أن سياسة ايران الخارجية تجاه الولايات المتحدة محددة وفقا لاعتبارات دينية وايديولوجية ويتحكم في صياغتها المرشد الأعلى الإيراني، وأن تغير القيادة السياسية لا يغير من توجهات تلك السياسة.

انطلاقا من هذا الجدل، تتمحور مشكلة الدراسة حول دراسة أثر تغير القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية من عام 2005 حتى 2021، وهي الفترة التي شهدت تولي رئيسين للجمهورية هما (محمود احمدي نجاد 2005، حسن روحاني 2013)

بالتالي يكون السؤال العام والمجرد للدراسة هو:

  • ما أثر تغير القيادة السياسية في دولة ما على سياستها الخارجية تجاه دولة أخرى خلال فترة زمنية معينة؟

وبالتطبيق على حالة الدراسة يصبح السؤال التطبيقي الرئيسي للدراسة هو:

  • ما أثر تغير القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية من 2005 الى 2021؟

ويتفرع عن هذا السؤال الرئيسي عدد من الأسئلة الفرعية، كالتالي:

  • ما الدور الذي تضطلع به القيادة السياسية في صنع السياسة الخارجية الإيرانية؟
  • ما مراكز صنع القرار داخل النظام الإيراني؟
  • ما هي الأهداف والمبادئ الحاكمة لسياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية؟
  • هل اختلفت توجهات سياسة إيران الخارجية وأدواتها تجاه الولايات المتحدة باختلاف الرؤساء الإيرانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية؟
  • الى أي مدى يؤثر العامل الديني والايديولوجي في سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة؟، وما الدور الذي يلعبه المرشد الأعلى في صنع تلك السياسة؟
  • ما القضايا التي تحكم سياسة الرؤساء الإيرانيين تجاه الولايات المتحدة منذ 2005 حتى 2021؟

أهمية الدراسة:

تستمد الدراسة أهميتها من أهمية الموضوع الذي تتناوله، حيث أن السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية لا تؤثر فقط على علاقات الدولتين ببعضهما، وإنما يمتد تأثيرها ليشمل شكل التفاعلات في المنطقة وتوازنات القوى بها، خاصة في ظل وجود عدة قضايا وملفات خلافية تحكم تلك السياسة، كالبرنامج النووي الإيراني والصواريخ البالستية، وقضايا دعم الإرهاب وانتهاك حقوق الانسان.

بالتالي فإن الأهمية العلمية (النظرية) للدراسة تتمثل فيما تسهم به من سد النقص النظري في المجال العلمي والأكاديمي بالمكتبة العربية فيما يتعلق بموضوع الدراسة، وكذلك فض حالة الجدل بين العلماء والباحثين فيما يتعلق بتأثير متغير القيادة السياسية على سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة خلال فترتي رئاسة احمدي نجاد وحسن روحاني.

بينما يمكن القول بأن الأهمية العملية (التطبيقية) للدراسة تنبع من منطلق أن السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة يتحدد على إثرها نتائج وتداعيات تمس النظامين الإقليمي والدولي، وكذلك أن النظام الإيراني من داخله نظام معقد سياسيا تتداخل فيه مراكز صنع القرار، وبالتالي تسعى هذه الدراسة لتقديم توصيات تفيد صانع القرار الإيراني فيما يتعلق بملف السياسة الخارجية تجاه الولايات المتحدة والقضايا الخلافية التي تحكم تلك السياسة.

نطاق الدراسة:

  • التحديد المكاني:

يدور موضوع الدراسة حول تغير القيادة السياسية الإيرانية وأثرها على سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، بالتالي فان الدراسة تتمحور جغرافيا في إيران والولايات المتحدة الامريكية..

  • التحديد الزماني:

تركز الدراسة على الفترة الزمنية الممتدة من عام 2005 الى 2021، ويرجع اختيار عام 2005 كنقطة زمنية لبداية الدراسة الى انه العام الذي شهد تولى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ويعد نجاد من المحافظين الأصوليين، وقد تبنى نهجا راديكاليا متشددا في سياسته الخارجية تجاه الولايات المتحدة، وكان وصوله للحكم بمثابة صدمة للعالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، حيث اتخذ سياسات متشددة فيما يتعلق بالملف النووي وتخصيب اليورانيوم، حيث أعلن نجاد في 2006 أن إيران امتلكت دورة وقود نووي كاملة، وبالتالي كان هذا بمثابة تحول في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الغرب والولايات المتحدة.[4]

وتمتد الدراسة الى عام 2021 وهي فترة انتهاء رئاسة حسن روحاني الذي تبنى سياسة اقل تشددا من نجاد تجاه الولايات المتحدة الامريكية، ولكن تلك السياسة لم تتمكن من حسم القضايا الهامة مع الولايات المتحدة، بل برزت مشكلات جديدة أهمها انسحاب ترامب من الاتفاق النووي 2018.[5]

  • التحديد المجالي:

تعد هذه الدراسة بينية، فهي تجمع بين حقلي النظم السياسية والعلاقات الدولية، وتهتم الدراسة ببيان أثر تغير القيادة السياسية الإيرانية على سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية من 2005 حتى 2021.

الادبيات السابقة:

أولا/ ادبيات تناولت القيادة السياسية الإيرانية:

  • دراسة محمد السبع فاضل، 2022، بعنوان: “الاتساق اللغوي وعملية الاتصال في الخطاب الرئاسي الإيراني بين روحاني ورئيسي _ دراسة وصفية موازنة”[6]. تتناول هذه الدراسة التحليل والموازنة بين خطاب كل من الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني والرئيس الإيراني الحالي في موضوع الاتساق اللغوي في الخطاب السياسي الإيراني مع مواكبة التطورات الحديثة في علم اللغة النصي ونظرية الاتصال، والكشف عن مدى تماسك الخطاب وارتباط أجزائه بعضها ببعض عند كل من روحاني ورئيسي، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي، والمنهج المقارن، بالإضافة إلى المنهج التحليلي؛ للوصول إلى هدف الدراسة من خلال الموازنة بين الخطابين. وقد توصلت الدراسة لعدد من النتائج منها: استخدم كل من روحاني ورئيسي أدوات ووسائل الاتساق بإتقان ووضوح من الإحالة، والربط” الفصل والوصل”، والاتساق المعجمي “التكرار، واستعمال المؤكدات الكلامية والحرفية من عبارات ومصطلحات توضح فكر واتجاههما. وقد استفاد الباحث من الدراسة فيما يتعلق بدلالة خطابات كل من روحاني ورئيسي وبيان أوجه الشبه والاختلاف بينهم وهو ما يستشف منه ملامح سياستهم وتوجهاتهم.
  • دراسة رشيد يلوح، 2013، بعنوان:” الرئاسة الإيرانية في ضوء تجربة احمدي نجاد”[7]. وتسعى هذه الدراسة لمناقشة تجربة الرئيس الإيراني السابق محمود احمدي نجاد في مؤسسة الرئاسة، وتحاول الدراسة اثبات فرضيتين أساسيتين. تقول اولاهما بفشل مؤسسة الرئاسة في ظل نظام الجمهورية الإسلامية في تحقيق الكفاءة ومبدأ السيادة الشعبية لتمتع المرشد بسلطة واسعة، اما الفرضية الثانية تقول بفشل تجربة احمدي نجاد الرئاسية. وقد اعتمدت الدراسة بالمنهجين التحليلي والتاريخي، وفي النهاية توصلت الدراسة لنتيجة مفادها ان مؤسسة الرئاسة الإيرانية تعاني من فشل شامل في أداء وظيفتها المفترضة دستوريا، وهي تجسيد السيادة الشعبية وتدبير أحوال الدولة والمجتمع، وان النظام الإيراني لكي ينجح عليه ان يفتح باب المصالحة والوفاق الوطني بين مختلف القوى السياسية. ويعاب على الباحث كونه متحيزا نسبيا لإثبات فرضيته وهي فشل نجاد ومؤسسة الرئاسة. وقد أفادت الدراسة الباحث فيما يتعلق بمعرفة المحددات الداخلية والعوامل التي تؤثر في عمل مؤسسة الرئاسة والرئيس الإيراني.
  • دراسة رشيد يلوح، 2013، بعنوان:” نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية: الدلالات والتحديات”[8]، وتناقش هذه الدراسة نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية في ذلك الوقت ودلالاتها في ضوء العوامل والمؤثرات الثقافية والسياسية والاقتصادية، وتتطرق الدراسة للتحديات المطروحة امان الرئيس الإيراني حسن روحاني، وتوصلت الدراسة لنتيجة مفادها ان نتائج الانتخابات اكدت استمرار احتكام الساحة السياسية الإيرانية الى منهجيتها السابقة في إدارة صراعاتها، وان الامر بشأن الاعتدال يتوقف على الممارسة السياسية للحكومة الجديدة في ذلك الوقت وهو ما ستحدده علاقة روحاني بالمرشد الأعلى على خامنئي والقوى السياسية داخل النظام والمعارضة. ويعاب على الدراسة عدم التحديد الدقيق للمنهج العلمي المستخدم، وقد استفاد الباحث من هذه الدراسة فيما يتعلق بمعرفة تأثير العوامل السياسية والثقافية والقومية والاقتصادية في سير العملية السياسية الإيرانية، ومدى توافق القوى الداخلية.
  • دراسة خالد حمود، 2012، بعنوان: “أثر تغير القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي (1997-2009)”[9]، وتسعى هذه الدراسة الى تحليل المتغير القيادي في ايران وتأثيره على السياسة الخارجية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، وتتناول فكر كل من محمد خاتمي كمثال للإصلاحيين واحمدي نجاد كمثال للمحافظين، وتعتمد هذه الدراسة على منهج تحليل النظم، وتوصل الباحث لعدة نتائج، لعل أهمها ان فكر الرئيس الإيراني السابق خاتمي يقوم على مرتكزات فلسفية واستخدام المنطق، وان سياسته العالمية قد نجحت بشكل كبير، بينما الرئيس السابق احمدي نجاد كان رجلا أيديولوجيا مؤمن بأفكار ومبادئ الثورة، وفشلت سياسته العالمية وادت للدخول في صراع مع الولايات المتحدة، وتوصلت الدراسة الى ان من يصنع السياسة الخارجية الإيرانية هو العامل التاريخي، وفي هذا الصدد يمكن تقديم النقد لتلك النقطة، حيث ان العامل التاريخي لا يشكل وحده سياسة ايران الخارجية وانما هناك عوامل أخرى قد تكون أكثر أهمية مثل الأيديولوجية الحاكمة وتوجه المرشد الأعلى، وقد استفاد الباحث من الدراسة فيما يتعلق بأفكار احمدي نجاد وملامح سياسته الخارجية على المستوى الإقليمي والعالمي.

ثانيا/ ادبيات تناولت السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية:

  • دراسة محمود حمدي أبو القاسم، 2022، بعنوان:” تأثير العامل الأيديولوجي على العلاقات الامريكية الإيرانية بعد توقيع الاتفاق النووي 2015[10]. وتسعى هذه الدراسة الى بيان مدى تأثير العامل تأثير العامل الأيديولوجي على العلاقات الامريكية الإيرانية بعد توقيع الاتفاق النووي 2015 وحتى الانسحاب الأمريكي منه في 2018، وقد توصلت الدراسة الى ان الرئيس الإيراني من الممكن أن يأخذ مبادرات بشأن السياسة الخارجية لكنه لقيود أيدولوجية مرتبطة بتوازنات القوى داخل النظام فإنه عاجز عن متابعة تنفيذ هذه المبادرات خاصة المبادرات المتعلقة بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وان المرشد الاعلى والحرس الثوري من خلال سلوكهما قوضا فرص التقارب مع الولايات المتحدة، وان النظام الإيراني لم يقدم استجابة للضغوط التي تتبعها إدارة ترامب بل سيتابع سياسة المواجهة واستراتيجية المقاومة والصبر الاستراتيجي. ويعاب على الباحث انه لم يوضح المنهج العلمي الذي اعتمد عليه في الدراسة بشكل دقيق، وقد استفاد الباحث من هذه الدراسة فيما يتعلق بتأثير النهج الأيديولوجي على توجهات سياسة إيران تجاه الولايات المتحدة، والأدوات التي تستخدمها في ظل تلك الأيديولوجية لتحقيق أهدافها.
  • دراسة عبد الكريم باسماعيل، 2018، بعنوان: “العلاقات الامريكية الإيرانية 2009-2017: رؤية استراتيجية”[11]، وتسعى هذه الدراسة للبحث في بنية العلاقات الاستراتيجية الامريكية الإيرانية منذ 2009، وتهدف للكشف عن طبيعة الأهداف الامريكية المراد تحقيقها في إيران والمنطقة ككل، وتتطرق الدراسة لتوجهات سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة خلال الفترة محل الدراسة، وقد توصلت الدراسة لنتيجة مفادها ان العلاقات الاستراتيجية بين ايران والولايات المتحدة الامريكية يمكن إصلاحها من خلال التحول من اطار العداء والتهديد الى اطار الهدوء والتجديد، وان ايران ترى في الاعتراف ببرنامجها النووي ورفع العقوبات عنها تحقيقا لأهدافها، ويعاب على الباحث في هذه الدراسة انه اختزل العلاقات بين ايران والولايات المتحدة في ملف البرنامج النووي والعقوبات على ايران واغفل المحددات الإقليمية والقضايا الخلافية الأخرى بين البلدين، وقد استفاد الباحث من الدراسة فيما يتعلق بمعرفة دوافع ايران لامتلاك تكنولوجيا نووية، وسياسة ايران في مواجهة العقوبات الامريكية واللجوء للخيار الدبلوماسي خاصة مع وصول روحاني لسدة الحكم.
  • دراسة علا رفيق منصور، 2019، بعنوان:” التحوط الاستراتيجي في السياسة الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، دراسة حالة البرنامج النووي الإيراني (2002-2018)”[12]، وتتناول هذه الدراسة استراتيجية التحوط الاستراتيجي في سياسة ايران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، فيما يتعلق بقضية البرنامج النووي الإيراني في الفترة الممتدة من 2002 حتى 2018، واختبار مدى نجاح تطبيق تلك الاستراتيجية، وتعتمد الدراسة على اكثر من أداة منهاجية حيث تستخدم أسلوب دراسة الحالة واداة المقارنة، وأسلوب تحليل المضمون الكيفي، وتوصلت الدراسة لعدد من النتائج، لعل أهمها توظيف ايران عناصر التوازن الناعم في علاقتها مع الولايات المتحدة الامريكية، والتعاون معها في المجال الدبلوماسي، وأن استراتيجية التوازن الإيرانية لم تقتصر على تطوير القدرات العسكرية فقط ولكنها عملت على تحسين القدرات الاقتصادية أيضا، ونتائج عدة افردتها الدراسة بشكل مفصل، وقد أفادت الدراسة الباحث فيما يتعلق بموضوع الدبلوماسية النووية الإيرانية.
  • دراسة شريفة شوادر، 2017، بعنوان: “العلاقات الإيرانية الامريكية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط (2003-2016)”[13]، وتتناول هذه الدراسة دوافع التطورات التي شهدتها العلاقات الامريكية الإيرانية منذ 2003، وما إذا كانت ستشهد تقارب مرحلي ام انها ستؤسس لتحالف جديد قد يؤدي لتغيير موازين القوى في المنطقة، وسياسة إيران لبناء شبكة تحالفاتها، وتسعى الدراسة لتحليل الشروط اللازمة لتحويل نقاط الخلاف بين الدولتين الى محاور للتعاون والتركيز على المصالح المشتركة الموجودة بينهما، وتستعين الدراسة بمنهج المصلحة الوطنية، وقد توصلت الدراسة لنتيجة مفادها ان اعتماد مقاربة شاملة تتضمن جميع العناصر السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية كاطار لبناء سياسة إقليمية ناجحة يعتبر شرطا أساسيا لتحقيق المصالح العليا للدولة، وأن دور القيادة السياسية وشرعيتها عنصران رئيسيان لضمان نجاح أي سياسة خارجية، وقد أفادت الدراسة الباحث فيما يتعلق بموضوع دبلوماسية التحدي التي اتبعتها ايران في مواجهة الولايات المتحدة الامريكية، ومحددات العلاقات بين الدولتين.
  • دراسة محمد كاظم هاشم، 2020، بعنوان: “الازمة الإيرانية الامريكية بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي: الرؤية الإيرانية لأسباب الازمة وسبل الحل”[14]، وتتناول هذه الدراسة الرؤية الإيرانية لأسباب انسحاب الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب من الاتفاق النووي، والحلول اللازمة للخروج من الازمة لخفض التصعيد الذي حدث بعد هذا القرار، وتعتمد الدراسة على اقتراب تحليل الخطاب، وتوصلت الدراسة الى ان القراءة الإيرانية لمشهد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي يغلب عليه طابع الصراع الأيديولوجي، وأن حل هذا الصراع بين الدولتين يتوقف على عودة الولايات المتحدة للالتزام الكامل بالاتفاق كمقدمة لأي حوار مستقبلي بين الدولتين، وقد استفاد الباحث من هذه الدراسة فيما يتعلق بمعرفة الموقف الإيراني من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، والتبعات التي خلفها هذا القرار على مستوى السياسة الإيرانية.

دراسة هيبة غربي، 2019، بعنوان: “السياسة الخارجية الإيرانية إزاء أمريكا عهد دونالد ترامب”[15]، وتتناول هذه الدراسة سياسة ايران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، والنظر في تأثير العقوبات الاقتصادية الامريكية في تلك الفترة على ايران وجعلها تتبنى سياسة خارجية جديدة تتماشى والازمة النووية، وقد اعتمدت الدراسة على المنهج الاستنباطي والمنهج الوصفي، وقد توصلت الدراسة لعدد من النتائج أهمها ان السبب وراء قيام ايران برفع نسبة تخصيب اليورانيوم هو فقدان الثقة في التوصل لحل دبلوماسي وفشل الاوربيين في الوفاء بالتزاماتهم المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وأن ايران تستخدم هذا الملف كورقة ضغط في مواجهة العقوبات الاقتصادية الامريكية ولاستخدامها على طاولة المفاوضات عندما يلزم الامر. وربما يمكن توجيه النقد للباحث بخصوص اعتباره ان الرئيس حسن روحاني يتحمل تكلفة كون الحرس الثوري الإيراني حجر عثرة امام الخطط الإصلاحية، فالحرس الثوري أحد الأدوات الراسخة داخل النظام السياسي الإيراني الذي لا يمكن للرئيس المساس بمصالحه، وقد أفادت الدراسة الباحث فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الإيرانية تجاه العقوبات الامريكية، ودوافع إيران لرفع نسبة تخصيب اليورانيوم.

ثالثا/ ادبيات تناولت تأثير القيادة السياسية الإيرانية في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية:

  • دراسة محمد فوزي علي، 2016، بعنوان:” الذهاب الى المفاوضات من اجل التوصل الى تسوية روحاني والبرنامج النووي الإيراني”[16]. وتهدف هذه الدراسة الى تسليط الضوء على الاثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للعقوبات التي فرضت على إيران منذ 2010، وتتطرق بشكل أساسي لملف المفاوضات بشأن الملف النووي بين إيران والقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية في ظل رئاسة الرئيس الإيراني حسن روحاني، وقدم عمد الباحث لاستخدام منهج صنع القرار، وتوصل الى ان انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني كان بمثابة امل للتوصل لاتفاق بشأن الملف النووي، وان سياسته تجاه الولايات المتحدة ستأخذ نهجا معتدلا أكثر من الرئيس الأسبق احمدي نجاد، وكذلك تسليم الولايات المتحدة بان التاهم مع ايران اجدى من سياسة التشدد. ويعاب على الباحث عدم تقديم توصيات لمتخذي القرار الإيراني فيما يخص الموضوع محل الدراسة، وقد استفاد الباحث من هذه الدراسة فيما يخص معرفة توجهات روحاني ومعالم سياسته الخارجية تجاه القضايا الخلافية مع الولايات المتحدة الامريكية والتي تتضح انها بالتبعية تعبر عن توجهات المرشد الأعلى على خامنئي.
  • دراسة زهية خالوش، 2016، بعنوان:” دراسة في متغير القيادة السياسية الإيرانية وأثره على العلاقات الإيرانية الامريكية 1979-2014″[17]، وتسعى هذه الدراسة لتحليل مدى التمايز بين سياسات المتغير القيادي الإيراني تجاه الولايات المتحدة الامريكية وتأثير ذلك على اهداف الدولة الإيرانية، واستشراف مستقبل العلاقات الامريكية الإيرانية في ظل المتغيرات الاقليمية والدولية وانعكاسات ذلك على منطقة الشرق الأوسط، وتعتمد الدراسة على منهج تحليل المضمون والمنهج التاريخي المقارن، وتوصلت الدراسة لعدد من النتائج أهمها ان القيادة السياسية الإيرانية لا تمتلك سلطة مطلقة لاتخاذ القرارات على عكس الدول الأخرى، حيث ان عملية اتخاذ القرار في ايران معقدة ومتشابكة ويلعب فيها المرشد الأعلى دور كبير، ولعل هذه الدراسة كان ينقصها تقديم توصيات لمتخذي القرار في الدول العربية لتفادي الاثار السلبية التي قد تمس هذه الدول بشكل مباشر او غير مباشر انعكاسا للعلاقات بين ايران والولايات المتحدة والتفاعلات في المنطقة، وقد أفادت هذه الدراسة الباحث فيما يتعلق بمعرفة محددات توجهات القيادة الإيرانية واثرها على علاقتها بالولايات المتحدة الامريكية.
  • دراسة احمد محمد سعيد، 2017، بعنوان: “أثر القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية: دراسة مقارنة بين فترتي محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني”[18]، وتتناول هذه الدراسة تغير القيادة السياسية الإيرانية خلال فترتي نجاد وروحاني، وتأثير ذلك التغيير في السياسة الخارجية الإيرانية وهل سيؤدي لتغييرها، وفي حال حدوث ذلك التغير فهل سيكون تغيرا في التوجهات العامة ام تغيرا في الأهداف ام الأدوات ودرجة الاهتمام بقضايا معينة، وقد اعتمدت الدراسة على اقتراب القيادة السياسية، وتوصلت الدراسة لعدد من النتائج لعل أهمها تغير السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، فقد تحولت من التشدد والجمود في عهد احمدي نجاد الى المرونة والانفتاح في عهد روحاني، وقد أفادت الدراسة الباحث فيما يتعلق بمعرفة عناصر القيادة السياسية ومؤسسات صنع السياسة الخارجية الإيرانية، والسياسة الخارجية الإيرانية تجاه الملف النووي مع الولايات المتحدة خلال فترتي نجاد وروحاني.
  • دراسة أميمة إبراهيم، 2010، بعنوان: “الصراع بين المحافظين والاصلاحيين وأثره على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية في عهد الرئيس محمد خاتمي (1997-2005)”[19]، وتناول الدراسة الصراع بين التيارين المحافظ والاصلاحي، وأثر ذلك الصراع على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، وتتطرق لرؤية كل منهما للعلاقات الإيرانية الامريكية والموقف من عودة تلك العلاقات، وتعتمد الدراسة على كل من منهج تحليل النظم والمنهج المقارن، وتوصلت الدراسة لنتيجة مفادها أن الصراع بين تياري المحافظين والاصلاحيين في ايران قد انعكس على علاقاتها مع الدول الأخرى وسياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية وهو ما اظهرته تطورات الاحداث والتعامل مع القضايا والملفات بين الدولتين، وقد أفادت الدراسة الباحث فيما يتعلق بمعرفة كيفية تأثير الصراع السياسي داخل النظام الإيراني على صياغة سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة.

الإطار المفاهيمى:

  • أولا/ السياسة الخارجية:

لا يحظى مفهوم السياسة الخارجية باتفاق لدى علماء السياسة عامة والعلاقات الدولية بشكل خاص حيث تتعدد التعريفات التي قدمها الباحثين في هذا الصدد فقد عرف ” كورت ” السياسة الخارجية بأنها ” المعيار الذي يحدد سلوك الدولة تجاه الدول الاخرى وتهدف لتحقيق أفضل الظروف الممكنة للدولة بالطرق السلمية التي لا تصل للحرب، كما يري انها تعبر عن مجموعة اجمالية من تلك المبادئ التي في ظلها تدار علاقات الدول مع بعضها البعض “. ويري ” ليون نويل ” أن السياسة الخارجية للدولة تشير الي ” فن ادارة علاقات الدولة مع الدول الأخرى ” ، بينما يري ” مورلسكى ” انها ” نظام الانشطة الذي تطوره المجتمعات لتغير سلوكيات الدول الاخرى ، وأقلمه انشطتها طبقا للبيئة الدولية “.[20]

وبالنظر الى ” فيرنس ” و” سنايدر” نجد انهما عرفا السياسة الخارجية بانها ” منهج للعمل او مجموعة من القواعد، تم اختياره للتعامل مع مشكلة او واقعة معينة حدثت فعلا او تحدث حاليا او يتوقع حدوثها في المستقبل ” اما ” مورجان ” يعرف السياسة الخارجية على انها ” التصرفات الرسمية التي يقوم بها صانعوا القرار السلطويون في الحكومة الوطنية او ممثلوهم بهدف التأثير في سلوك الفاعلين الدوليين الاخرين ”

بالتالي ينتج عن تلك التعريفات السابقة ان السياسة الخارجية تعني ” مجموعة القرارات والاجراءات التي تتخذها الدولة عند ممارسة علاقاتها مع الدول الأخرى من اجل تحقيق اهدافها وحماية مصالحها الوطنية ، وهي ايضا رد فعل الدولة على المؤثرات الخارجية ويعتمد نجاح السياسة الخارجية علي القدرة في ترجمة هذه القرارات الى واقع فعلي لخدمة اهدافها ومصالحها “[21]

توجد العديد من العوامل التي تؤثر في السياسة الخارجية للدولة منها:

  • عوامل اساسية: الجغرافية، الحدود، الموقع، المساحة، المواد الاولية، التقدم الصناعي والتكنولوجي.
  • عوامل مساعدة: القيادة، نظام الحكم، استعمالات القوة، المفاوضات، العلاقات مع الحلفاء
  • ثانيا/ القيادة السياسية:

تتعدد تعريفات القيادة أيضا، فلا يوجد لها تعريف محدد وإنما أغلب التعريفات توصف هذه الظاهرة كعملية أو نشاط سواء كان ذلك يرتبط بالأفعال التي تصدر أو السمات الفردية للشخص.

ومن الباحثين الذين عرفوا القيادة كعملية الباحث جلال معوض الذي عرفها على أنها مدى قدرة وبراعة القائد السياسي بالتعاون مع النخبة السياسية في القيام بتحديد أهداف المجتمع وأن يقوموا بترتيب هذه الأهداف ترتيبا تصاعديا حسب الأولويات وعليه ان يختار الوسيلة المناسبة التي تحقق هذه الأهداف بالتوافق مع قدرات المجتمع، وعليه أن يعي جيدا أبعاد المواقف التي تواجه المجتمع ويتخذ قرارات لحل هذه المشكلات في ضوء قيم ومبادئ المجتمع. وذلك طبقا للمستوى التحليلي.[22]

أما المستوى الإجرائي فإنه ينظر للقائد السياسي علي اعتبار أنه ظاهرة فردية فالباحثة سلوى شعراوي عرفت القيادة السياسية على اعتبارها الشخص الذي يشغل قمة الهرم السياسي ويتمثل في رئيس الجمهورية الذي يرأس السلطة التنفيذية. ويري جلال معوض ايضا أن القائد السياسي هو العنصر الأكثر أهمية في عملية القيادة.

ويعرف معجم المصطلحات السياسية القيادة بأنها مجموعة من الصفات الشخصية المعترف بها من قبل الاخرين والتي تمكن شخصا ما من أن يشكل أنماط السلوك الجماعية لجماعة ما في اتجاه تحدده قيمه الشخصية. وتتضمن المميزات القيادية التي توجد التأثير السياسي كلا من الولاء للإطار الاجتماعي والطاقة والحيوية الهائلة والقدرة على لعب دور الوسيط الأمين داخل الجماعة التي يقودها، وتعتمد فاعلية القيادة السياسية على المميزات الشخصية للقائد والظروف المحيطة به والتي تحدد دوره وخصوصيات الموقف التي تمارس فيه القيادة.[23]

أما “بلاكمار” يعرف القائد بانه الشخص الذي يكون تأثيره في أعضاء جماعته أكبر من تأثير أي فرد منهم وذلك من حيث تحديد هدف الجماعة وتنفيذ هذا الهدف، فالقائد ما هو الا فرد معين من قبل سلطة اعلى لقيادة مجموعة بشرية للوصول الى اهداف خاصة محددة ترتبط بالسياسة العامة للدولة.[24]

ويعرف ” ماكريجور” القيادة السياسية بأنها عملية تبادلية من قبل اشخاص لديهم قيم ودوافع وموارد سياسية واقتصادية متنوعة، في اطار من المنافسة والصراع، لتحقيق اهداف مرجوة من قبل القادة والاتباع.[25]

  • هناك ثلاثة اتجاهات لتعريف القيادة السياسية وهي كالاتي:

الاتجاه الأول: وهو يركز على مكانة الشخص إذ يشغل مركز أو منصب رسمي.

الاتجاه الثاني: وهو يعتمد علي سمعة الشخص وشهرته ومن كونه ذا نفوذ في المجتمع.

الاتجاه الثالث: وهو يركز على مدى ودور القائد في صنع واتخاذ القرارات.

  • أنماط القيادة:

أولا/ وفقا للسلوك:

  • القائد البراغماتي: وهو قائد يتميز بالعقلانية ولديه القدرة على تحديد المشاكل والبدائل المتاحة ونتائجها، ولديه القدرة أيضا على اتخاذ القرار المناسب وإقناع الأخرين به.
  • القائد الكاريزمي: وهو قائد يمتلك قوة عاطفية يستطيع من خلالها أن يخاطب مشاعر وعواطف الجماهير، وهو يعبر عن إرادة الأمة.
  • القائد الوسيط – المنظم: هذا القائد يشبه رجل الأعمال او المنظم الاقتصادي، فهو يؤدى دور الوسيط بين مختلف الأطراف في المجتمع، ويفضل الخطط الجزئية عند مواجهة المشكلات ولا يفضل الخطط الكلية.[26]

ثانيا/ وفقا لمصدر الشرعية:

  • القائد التقليدي: وهذا القائد موجود في المجتمعات البدائية، حيث يكون له سلطة مطلقة مستمدة من ولاء الأفراد له وطاعته، ويعتمد القائد علي الأعراف والتقاليد ويركز أيضا على السن والمكانة والدين.
  • القائد الكاريزمي: وهو قائد يتميز بصفات فريدة مما يجعل الأفراد يطيعوه وينظروا إليه نظرة البطل الخارق الذي يمتلك قدرات هائلة
  • القائد الشرعي – العقلاني: وهذا القائد لا يطيعه أفراد المجتمع بسبب شخصيته وإنما بعمله في إطار شبكة من المؤسسات المبنية بصورة شرعية ولا تحمل الطابع الفردي.
  • ثانيا/ القرار السياسي:

لا يوجد تعريف محدد للقرار السياسي، ويمكن القول بأن غالبية التعريفات للقرار السياسي إما أنها تؤكد فقط عملية المفاضلة بين البدائل المتاحة، أو أنها تأخذ بالحسبان كيفية الاختيار وأساليبه والأسس التي يرتكز عليها والخطوات التـي تؤدي إليه باعتباره يمثل المرحلة الأخيرة في عملية صنع القرار، أو أنها تركز بالدرجة الأولى علـى دور العامل القيادي وأهميته في اتخاذ القرار السياسي.

يمكن التمييز بين ثلاث فئات من تعريفات القرار، كالتالي:[27]

  • الفئة الأولى: ترى أن جوهر القرار السياسي هو الاختيار الواعي بـين مجموعـة مـن البـدائل المتاحة. فالقرار هو اختيار أحد البدائل المتاحة في إطار السياسات العامة بما يعظِّم المنافع، وتعظيم المنافع هـو اختيار البديل الذي تُعطي نتائجه المحتملة وزنا تفضيليا انطلاقا من دالّة واحـدة للمنفعة.
  • الفئة الثانية: تركز على دور العامل القيادي في عملية صـنع القـرار السياسي، وتجمع بين نموذجي النخبة والسيطرة من جهة، ومدخل الإدراك من جهة أخرى، فالقرار يعد تمثيلا لقيم النخبة الحاكمة وتفضيلاتها، فهو يركز على وجود علاقة ترابطية بين نظام المعتقدات وعملية الإدراك وعملية صنع القـرار. ويبرز دور القيادة السياسية من خلال ثلاثة عناصر هي القائد والفاعلية والجماعة السياسية.
  • الفئة الثالثة: تركز على التنافس والتوفيق بين الآراء والمواقـف والمـصالح المختلفـة. فالقرار السياسي هو مجموعة من الإجراءات المعقَدة، تنطوي على التداول والمـساومة والتفـاوض للوصول إلى حلول توفيقـية توفر الحد الأدنى المطلوب من التوافق بين اتجاهات ودوافـع ومـصالح متعارضة. وهو محصلة التفاعلات الرسمية وغير الرسمية التي تتم بين الفاعلين الـسياسيين فـي إطار الإيديولوجيا والثقافة السياسية السائدة، ومن خلال الأبنية والمؤسسات القائمة.
  • ثالثا/ الصراع الدولي:

يعد الصراع سمة متأصلة في الطبيعة البشرية فهو يحدث داخل الفرد بينه وبين نفسه أو بينه وبين الاخرين، وبالنظر الى واقع النظام الدولي نجد انه يشهد حالة من الصراع على فترات متتالية وتختلف ظاهرة الصراع الدولي عن غيرها من ظواهر العلاقات الدولية حيث تتسم بالتعقيد والتشابك بين جوانبها.

من الملحوظ انه لا يوجد اجماع علي تعريف محدد للصراع الدولي بين العلماء ، وقد عرفه الدكتور “عباس العماري” على انه ” ذلك التفاعل الناجم عن المواجهة والصدام بين المصالح والمعتقدات السياسية والبرامج وغير ذلك من الكيانات المتنازعة وهو الشق الاكثر بروزا في العلاقات الدولية في مقابل شقها الاخر المتمثل في التعاون الدولي “[28]

  • يتداخل مفهوم الصراع الدولي مع عدد من المفاهيم الأخرى، كالتالي:
  • التوتر الدولي: هو موقف او عدد من المواقف التي يكون فيها الصراع ليس حادا ولا يتطلب اللجوء لاستخدام القوة العسكرية.
  • الازمة الدولية: تشير الى المواقف والاحداث التي تحدث بشكل مفاجئ وتشتمل على تهديد واضح للوضع الحالي المستقر وتعد الازمة هي النقطة الفاصلة التي يتحدد عندها مصير تطور موقف معين اما للأفضل او الأسوأ.
  • النزاع الدولي: يشير الى الخلاف بين دولتين او أكثر على مسألة قانونية أو موقف معين ينتج عنه تعارض في المصالح المشتركة بينهم او وجهات النظر القانونية.
  • الحرب: تشير للوصول لحائط سد فيما يتعلق بالحلول السلمية واللجوء للتصادم الفعلي بوسيلة العنف المسلح لحسم موقف او ازمة معينه وقد عرفها ” دوكاكى ” انها حالة قانونية تسمح وبصورة متساوية لعدوين او أكثر بالاستمرار في صراعهما بالاحتكام للقوة المسلحة، وعرفها ” كلاوزفيج ” بانها ” احدى وسائل السياسة للحصول على بعض المطالب “

… مما سبق يتضح ان الصراع الدولي هو ” تنازع الارادات الوطنية وينتج بشكل أساسي من اختلاف توجهات الدول واهدافها مما يؤدى الى اتخاذ قرارات وتبنى سياسات خارجية تختلف اكثر مما تتفق ، وتتعدد اشكال ومظاهر الصراع بين الصراعات السياسية والاقتصادية والمذهبية او الحضارية .[29]

من ادوات الصراع الدولي (الضغط، الحصار، الاحتواء، التهديد، العقاب، والتفاوض، المساومة، التآمر، التخريب، … الخ)

  • رابعا/ توازن القوى:
  • مفهوم القوة:

لغويا تعرف القوة بانها ضد الضعف وتأتى بمعني الجد في الامر وصدق العزيمة، وهي القدرة على الفعل والاستطاعة وعلى التأثير والنفوذ والسلطة.

بينما اصطلاحا عرف علم الاجتماع القوة بأنها القدرة على احداث امر معين مؤثر في سلوك الاخرين، فالقوة عند كلا من (ميكيافيللي، هوبز، مورجانثو) ” هي الوسيلة والغاية النهائية التي تعمل الدولة للوصول اليها في مجال العلاقات الدولية، وقد عرفت الكلية الحربية الامريكية مفهوم القوة بأنه “الامكانية او القدرة التي تمكن الدول من الوصول للأهداف والمصالح القومية، والقدرة التي تسهل السيطرة على الافراد”

عادة ما تلتصق القوة في اذهان الباحثين بالعلوم السياسية فالقوة هي اساس علم السياسة حيث بها تتم عملية صنع القرار السياسي وطرحه محلا للتنفيذ في مختلف القطاعات ، وقد تعددت التعريفات المقدمة لمفهوم القوة السياسية فيعرفها ” فسكاران ” بانها القدرة على عمل الاشياء او التأثير فيها “، بينما ترتبط القوة عند ” مورجانثو ” بالمقدرة علي السيطرة علي الاخرين وسلوكهم فيرى ان ” القوة السياسية هي علاقة نفسية بين من يمارسونها وبين من تمارس ضدهم حيث تمنح الولييين سيطرة علي بعض ما يقوم به الاخرون من اعمال عن طريق النفوذ الذي يمارسونه على عقولهم وقد يتخذ ذلك بأسلوب الامر والتهديد او الاقناع ” .[30]

  • مفهوم التوازن:

لغويا يشير التوازن الي الاعتدال والوسطية وهو ضد التطرف، بينما يشير اصطلاحا الي حالة الاستقرار وعدم التوتر ففي علم النفس يشير التوازن النفسي للتعبير عن الحالة العادية للإنسان العادي، وفي علم الاجتماع يشير الي المجتمع المستقر الخالي من التوترات، بينما التوازن السياسي يشير للأوضاع السياسية المستقرة والقائمة علي اسس قانونية وعقلانية.

يعد مفهوم توازن القوى من المفاهيم الشائعة علي مر العصور تبعا لاختلاف الافكار والنظريات في كل عصر الا انه لا زال يشوبه حاله من الغموض واللبس ولا يوجد تعرف محدد وواضح له ، ويري الدكتور ” اسماعيل مقلد ” ان التوازن القوي ينشأ في حالة امكان دولة واحدة ان تحصل على تفوق ضخم وساحق في قواها مما يهدد حرية الدول الاخرى واستقلالها وهذا التحدي يدفع الدول محدودة القوة الي مواجهة القوة بالقوة عن طريق التجمع وتكوين التحالفات ” ، وكذلك فان توازن القوي لا يعد في حد ذاته هدفا تنشده الدول ولكن الدولة تسعى للحصول على الهيمنة والسيطرة مما تؤدى بدورها لتحقيق توازن القوى .[31]

الإطار النظري:

  • نظريات تناولت القيادة السياسية:

تتعدد النظريات التي تتناول مفهوم القيادة السياسية، ومنها ما يلي:

  • نظرية الرجل العظيم:

تعد من أوائل النظريات التي تناولت القيادة، حيث تم تأسيسها في القرن التاسع عشر من قبل المؤرخ توماس كارلايل،[32] وتفترض أن القائد يملك مواهب وقدرات كبيرة، ويمتلك أيضا شخصية وإرادة قوية، وهذه الإرادة تقود لإحداث تغير سياسي وثقافي واجتماعي، ويتوقف نجاح هذه النظرية على مدى إخلاص القائد للجماعة وتفضيل مصالحها على مصالحه الشخصية، ويعتمد القائد في اختيار معاونيه وفقا لتلك النظرية على عنصر الولاء أكثر من الكفاءة، فهي ترتكز على الطاعة للقائد والتضحية من أجل تحقيق أهدافه وتطلعاته، وهي تنبثق من الخبرة الشخصية للقائد.[33]

  • النظرية الموقفية:

ترى تلك النظرية أن هناك ظروف ومواقف معينة تجعل الفرد مهيئ لاتخاذ مواقع قيادية، فقد يصلح الفرد لقيادة الجماعة في وقت الحرب بينما لا يصلح لقيادتها وقت السلم، وتضع النظرية شروطا محددة يجب توافرها في شخص القائد مثل قدراته الشخصية، وثقافته وخبراته، ويبرز القائد وفقا لتلك النظرية عندما يصادف وجود موقف او ظرف يستدعي التدخل بالإضافة لتوافر الشروط اللازمة،[34] ووفقًا لهذه النظرية ، فإن القادة الأكثر فاعلية هم أولئك القادرين على تكييف أسلوبهم مع الموقف والنظر في إشارات مثل نوع المهمة وطبيعة المجموعة والعوامل الأخرى التي قد تساهم في إنجاز المهمة.[35]

ج- النظرية الوظيفية:

تنظر هذه النظرية إلى القيادة باعتبارها وظائف تنظيمية لابد من القيام بها من خلال توظيف الجماعة، وتمنح القائد عدد من الوظائف منها: تحديد أهداف الجماعة والتخطيط لتحقيقها، ورسم السياسات وتوزيع الأدوار، وكذلك الحفاظ على القيم السائدة والمعايير والمعتقدات، والحفاظ على النظام باتباع سياسة الثواب والعقاب، وتأكيد التفاعل الاجتماعي وتنسيق السياسات نحو تحقيق الأهداف، وغير ذلك من المهام التي يقوم بها القائد لتحقيق صالح الجماعة.[36]

  • نظريات تناولت تحليل السياسة الخارجية:

توجد نظريات عدة تناولت تحليل السياسة الخارجية، ومنها ما يلي:

  • النظرية الواقعية الجديدة:

تم تأسيسها على يد كینیث ولتز في كتابه نظرية السياسة الدولية، وجاءت الواقعية الجديدة لإعادة تنظيم الفكر الواقعي الكلاسيكي، آخذة بعین الاعتبار مختلف الانتقادات الموجهة للواقعية الكلاسيكية، حیث انتقدت الواقعية الكلاسيكية من طرف الاتجاه السلوكي في استخدامها لوسائل منهجية غامضة، ومن قبل الاتجاه التعددي في تقديمها صورة قديمة عن العالم غبر مواكبة للتطورات، وانتقدها الاتجاه الراديكالي لاعتمادها على إیدیولوجیة المحافظة على الوضع القائم، و تنطلق الواقعية الجديدة من افتراض أن الدول باعتبارها وحدات متجانسة هي الفاعل الأساسي في العلاقات الدولية، وبالنسبة لهذه النظرية يؤدي التطلع إلى القوة من جانب دول عدة تسعى كل واحدة منها إما إلى الحفاظ على الوضع القائم أو الإطاحة به بالضرورة إلى ما يسمى بتوازن القوى، و إلى سياسات تهدف إلى الحفاظ علبه.[37]

  • النظرية الليبرالية:

تركز الليبرالية اهتمامها المركزي على حریة الفرد، وبرى الليبراليون في تأسيس الدولة استجابة لضرورة حمایة الحریة سواء من اعتداءات الأفراد أو الدول الأخرى، والحكومة بجب أن تكون دائما خادمة للإرادة الجماعية، والمؤسسات الديمقراطية هي التي تضمن ذلك، وبسلم الليبراليون بالوضع البنيوي للفوضى في النظام الدولي، لكن الأمر الحاسم هو أن الفوضى لا تعني أن التعاون بین الدول شيء متعذر، وحسب الليبرالية فإن الصراع یستمر ولكن بأساليب ومصادر غبر عسكرية، فهي تركز على القوة الناعمة التي تعرف بأنها تلك القوة التي تجعل الآخرين یریدون ما تريد دون إرغامهم أو تهديدهم بالقوة العسكرية و العقوبات الاقتصادية.[38]

ج- النظرية البنائية:

ظهرت مع نهاية الحرب الباردة في كتابات نیكولاس أنوف الذي یعد أول من استخدم مصطلح البنائیة في كتابه “عالم من صنعنا”، وتفترض البنائیة بأن الوجود البشري وجود اجتماعي، حیث أننا نصنع العالم من مواد أولية تمنحنا إياها الطبيعة، وترى أيضا أن الناس یشكلون المجتمع، والمجتمع یصنع الناس، وأن هذه العملیة المستمرة بظهر فبها عنصر ثالث وهو القواعد الرابطة بین العنصرین السابقین، وهي توفر خیارات أمام الفاعلین الذين في تصرفاتهم يحتاجون لمعرفة ما هي مصالحهم التي تحدد في ضوء إدراكهم لهویاتهم فردیة كانت أم جماعية[39]

متغيرات الدراسة:

  • المتغير المستقل: تغير القيادة السياسية الإيرانية من 2005 الى 2021.

يمكن تعريف تغير القيادة السياسية إجرائيا من خلال عدة مؤشرات، كالتالي:

(الانتخابات الرئاسية، الانقلابات السياسية، تغير النظام السياسي، وراثة الحكم، … الخ).

  • المتغير التابع: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية من 2005 الى 2021.

يمكن تعريف السياسة الخارجية إجرائيا من خلال عدة مؤشرات، كالتالي:

(إقامة المعاهدات الدولية، الدخول في المفاوضات الدولية، عقد الاتفاقيات الدولية، الدخول في حرب مع دولة أخرى، تبادل البعثات الدبلوماسية، … الخ).

فرضيات الدراسة:

تسعى الدراسة لاختبار عدد من الفرضيات، كالتالي:

  • كلما تغيرت القيادة السياسية الإيرانية تغيرت سياسة الايران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية.
  • كلما كان الرئيس الإيراني ينتمي للاتجاه المحافظ الاصولي زادت التوجهات العدائية في السياسة الخارجية تجاه الولايات المتحدة.
  • كلما كان الرئيس الإيراني ينتمي للاتجاه المحافظ المعتدل زادت فرص التوصل لاتفاق في القضايا الخلافية مع الولايات المتحدة.

الإطار المنهجي:

انطلاقا من كون هذه الدراسة تركز على السياسة الخارجية الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية في ضوء تغير القيادة السياسية الإيرانية منذ 2005 حتى 2021 وبيان محددات وتوجهات تلك السياسة واهم القضايا التي تبرز في اطارها ، لذا فإن الدراسة تستخدم منهج صنع القرار في السياسة الخارجية، حيث ان جوهر الدراسة يرتكز بالأساس حول قرارات وتوجهات القيادة السياسية الإيرانية التي تشكل ملامح السياسة الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، حيث يمكن القول بأن تلك السياسة قد اختلفت باختلاف القيادة السياسية الإيرانية، فقد شهدت الفترة من 2005 الى 2021 ولاية كل من (احمدي نجاد 2005، حسن روحاني 2013)، وقد اختلفت سياسة كل منهم تجاه الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بالملفات الهامة مثل الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية.

بالتالي يمكن القول بانه من المناهج المناسبة لهذه الدراسة منهج ” صنع القرار في السياسة الخارجية ” ، ويعد ذلك المنهج من اكثر المناهج التي تلقى رواجا واهتماما في اوساط دراسة العلاقات الدولية، ويهتم بدراسة وتحليل العوامل والمؤثرات التي تحيط بواضعي السياسة الخارجية عند اصدارهم قرارات معينه، ويعتمد ايضا على تحليل الادوار والمتغيرات الشخصية وعملية الادراك والبناء الفكري وديناميات الجماعة والعملية التطبيقية والسياسة الداخلية والثقافة وهيكل النظام، لذلك فهو يعد من المناهج الشمولية التي تشمل بين طياتها مناهج واقترابات أخرى .[40]

يهتم هذا النهج بدراسة العوامل النفسية والاجتماعية والسلوكية لصانع القرار الخارجي حيث أن عملية صنع القرار تتأثر بمدي إدراك صانعي القرار للموقف والمتغيرات الداخلية والخارجية وكذلك تحليل ودراسة الاجهزة والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية المؤثرة والتي تشارك في عملية صنع القرار السياسي الخارجي. هذا المنهج يعتبر الدولة هي الوحدة الاساسية في النظام الدولي، ويعرف ” سنايدر” عملية صنع القرار بانها ” اختيار بديل من البدائل ويخضع لتوجيه فريق العمل والمستشارين الذين يوضحون ايجابيات كل بديل وسلبياته ” ، بينما يعرفها ” جود ” على انها ” اتخاذ موقف معين تجاه قضية مطروحة وبصيغة عملية تستند الى الموقف السياسي الذي تبناه صانع القرار “[41]

وبتطبيق ذلك على هذه الدراسة سيكون هذا النهج مفيد في تحليل شخصيات القيادة السياسية الإيرانية، وتحليل الاسس الفكرية والأيديولوجية التي تشكل القاعدة التي يستندون عليها في اتخاذ قراراتهم، وكذا تفسير العوامل المؤثرة في تلك القرارات، وما إذا كانت السياسة الخارجية الإيرانية خاضعة بنسبة كبيرة لتوجيهات المرشد الأعلى ام للرؤساء الإيرانيين الدور الأكبر في صياغتها.

مصادر البيانات:

تعتمد الدراسة بشكل أساسي على العديد من المصادر المكتبية مثل الكتب والرسائل العلمية والمقالات والدراسات المنشورة في الدوريات العلمية، بالإضافة كذلك للاستعانة بقواعد البيانات والمواقع والصحف الالكترونية وذلك من أجل الحصول على البيانات الملائمة لهذه الدراسة.

تقسيم الدراسة:

يمكن تقسيم الدراسة كالتالي:

  • الفصل الأول: دور القيادة السياسية في السياسة الخارجية الإيرانية.
  • المبحث الأول: مؤسسات الحكم وصنع القرار في السياسة الإيرانية
  • المبحث الثاني: السياسة الخارجية الإيرانية من حيث مبادئها وأهدافها، وتأثير العامل الأيديولوجي عليها.
  • الفصل الثاني: القيادة السياسية والسياسة الخارجية الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية 2005-2013.
  • المبحث الأول: الظروف المحلية والدولية المحيطة بفترة رئاسة أحمدي نجاد 2005-2013
  • المبحث الثاني: السياسة الخارجية الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية فترة حكم أحمدي نجاد 2005-2013.
  • الفصل الثالث: القيادة السياسية والسياسة الخارجية الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية 2013-2021.
  • المبحث الأول: الظروف المحلية والدولية المحيطة بفترة رئاسة حسن روحاني 2013-2021.
  • المبحث الثاني: السياسة الخارجية الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية فترة حكم حسن روحاني 2013-2021.
  • خاتمة واستنتاجات.

الفصل الأول

دور القيادة السياسية في السياسة الخارجية الإيرانية

تؤدي القيادة السياسية دورا هاما في صنع وتنفيذ سياسة إيران الخارجية، فمنذ الثورة الإيرانية 1979 وإلغاء نظام الشاة حدث تحول في هيكل وطبيعة النظام السياسي الإيراني، حيث أصبح نظام ذا طابع ديني قائم على أيديولوجية ولاية الفقيه، وبالتالي يمكن القول بأن النظام السياسي الإيراني يعد نظاما معقدا تتعدد فيه مراكز صنع القرار، لذلك ينقسم هذا الفصل الى مبحثين، يتناول المبحث الأول مؤسسات الحكم وصنع القرار في النظام الإيراني، بينما يتناول المبحث الثاني السياسة الخارجية الإيرانية من حيث مبادئها وأهدافها وتأثير العامل الأيديولوجي عليها.

المبحث الأول

مؤسسات الحكم وصنع القرار داخل النظام الإيراني

تشهد السياسة الإيرانية حالة من تعدد مراكز السلطة وصنع القرار، ويأتي على رأسها المرشد الأعلى الذي يتمتع بصلاحيات واسعة يستمدها من سلطته الدينية، وكذلك وجود رئيس منتخب ذا شرعية مستمدة من الشعب، وبالرغم من ذلك لا يوجد تعارض بين منصبي المرشد الأعلى والرئيس حيث توجد حالة من التنسيق بين السلطتين وان كان المرشد يتمتع بصلاحيات أوسع، والى جانب مؤسسات السلطة الرسمية توجد أيضا مؤسسات غير رسمية تشارك في عملية صنع القرار وتقوم على الروابط الشخصية والتنافس بين الافراد والجماعات.

بالتالي يتناول هذا المبحث أهم المؤسسات الرسمية التي تعد ذات صلة بعملية صنع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية.

  • المرشد:

يعد صاحب السلطة العليا، وهو أقوى مؤسسات صنع القرار في إيران حيث أنه بمثابة نائب عن الامام الغائب في إدارة أمور المسلمين، وبالتالي هذا يعني انه واجب الطاعة ولا يمكن مخالفة قراراته، ويعد “آية الله الخميني” هو أول من تولى منصب المرشد والذي يعد هو المنظر الأكبر للأيديولوجية التي يسير عليها النظام الإيراني، ويعد مجلس خبراء القيادة هو المسئول عن اختيار من يتولى منصب المرشد الأعلى، وبعد وفاة الخميني تم اختيار علي خامنئي 1989 ليصبح المرشد الثاني للثورة الإيرانية الى الان، ولكنه لا يتمتع بنفس القدرة السياسية التي كان يمتلكها الخميني في حسم الخلافات السياسية والقضايا الكبرى.[42]

يمتلك المرشد صلاحية البت في الشأنين الديني والسياسي، ويرتبط بشبكة واسعة من العلاقات والمصالح والتفاعلات مع كافة مراكز القوة في النظام الإيراني، وبالتالي فهو يتمتع سلطات وصلاحيات واسعة تجعله على رأس النظام الإيراني،[43] وتم توسيع تلك الصلاحيات في إطار التعديل الدستوري 1989، حيث أصبح يتمتع بإحدى عشرة صلاحية على النحو التالي:[44]

  • إقرار السياسات العامة لنظام الجمهورية الإيرانية الإسلامية بعد التشاور مع مجلس تشخيص مصلحة النظام لتحديد الأولويات.
  • مراقبة تنفيذ السياسة العامة للدولة الإيرانية.
  • إصدار مرسوم لإصدار استفتاءات وانتخابات عامة.
  • إعلان الحرب والسلم، والقيادة العامة للقوات المسلحة.
  • الاحتفاظ بحق إصدار القرارات المهمة للقوات المسلحة.
  • تعيين وإقالة وقبول استقالة فقهاء مجلس صيانة الدستور ورئيس السلطة القضائية ورئيس مؤسسة الإذاعة والتليفزيون ورئيس أركان الجيش والقائد العام لقوات الحرس الثوري والقيادة العليا للقوات المسلحة وقوى الامن الداخلي.
  • حل الخلافات وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث في إيران.
  • حل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام.
  • التصديق على حكم نتيجة الانتخابات الرئاسية في الجمهورية الإيرانية.
  • إقالة رئيس الجمهورية مع مراعاة مصلحة البلاد العليا وذلك بعد صدور حكم من المحكمة العليا بعدم قيامه بوظائفه القانونية، أو بعد أن يحكم مجلس الشورى الإسلامي بعدم كفاءته السياسية.

وعلى المستوي العملي والتطبيقي ظهر ذلك النفوذ القوي للمرشد من خلال عدد من المواقف منها على سبيل المثال الفتوى التي أصدرها الخميني في 7/12/1987 والتي بموجبها منح الحق لسن العقوبات على جرائم لم يرد بشأنها نصوص في الكتاب أو السنة، كذلك فتواه أيضا في 15/2/1989 بإهدار دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي بسبب روايته آيات شيطانية، وكانت تلك الفتوة سببا في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأيضا الفتوة التي ما زال خامنئي متمسكا بها الى الان والتي تتضمن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، ويمكن القول بأن مثل تلك الفتاوى وغيرها من الفتاوى المشابهة تعد المحدد والموجه لمسار سياسة ايران الخارجية.[45]

  • السلطة التنفيذية:

يندرج تحتها كل من رئيس الجمهورية ونوابه والوزارة:

  • رئيس الجمهورية:

تأسس منصب الرئيس الإيراني في الأساس كمنصب شرفي، فوفقا للدستور الأول للجمهورية الإيرانية 1979 تم تقسيم السلطة التنفيذية بين الرئيس ورئيس الوزراء، وبالتالي شكل الرئيس قوة صغيرة في السلطة التنفيذية، وتركزت السلطة في يد رئيس الوزراء، ولكن تم إلغاء منصب رئيس الوزراء وتحويل سلطاته الى الرئيس بموجب التعديل الدستوري في 1989، وبالتالي تمتع الرئيس بصلاحيات أكبر خاصة في مجال الاقتصاد، فرئيس الجمهورية وفقا للدستور المعدل هو المسئول عن تنفيذ الدستور، ويعد رئيس السلطة التنفيذية بخلاف الملفات التي يحتكرها المرشد الأعلى، وكذلك يمتلك سلطة تعيين الوزراء وعزلهم بعد موافقة مجلس الشورى، ويرأس مجلس الوزراء، ويشرف على عمل الوزراء وتنفيذ القوانين.[46]

يحدد الدستور عدد من الشروط يجب توافرها في الرئيس وهي:[47]

  • أن يكون إيراني الأصل ويحمل الجنسية الإيرانية.
  • أن يكون قديرا في مجال الإدارة والتدبير.
  • أن يكون حسن السيرة، وتتوافر فيه الأمانة والتقوى.
  • أن يكون مؤمن بمبادئ الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية والمذهب الشيعي.

ويتمتع الرئيس الإيراني بصلاحيات عدة يكفلها له الدستور، وهي كالتالي:[48]

  • تنفيذ الدستور ورئاسة السلطة التنفيذية. (مادة 113).
  • التوقيع على قرارات مجلس الشورى، وعلى نتيجة الاستفتاء العام. (مادة 123).
  • تعيين معاونين له، ويقوم المعاونون بمهمة أدارة جلسات مجلس الوزراء والتنسيق بين سائر المعاونيات. (مادة 124).
  • التوقيع هو أو نائبه القانوني بعد مصادقة مجلس الشورى على المعاهدات والعقود والمواثيق التي تبرم بين الحكومة الإيرانية وسائر الدول، وكذلك المعاهدات المتعلقة بالاتحادات الدولية. (مادة 125).
  • تولي مسئولية التخطيط والميزانية والأمور الإدارية والتوظيف للبلاد بشكل مباشر أو غير مباشر. (126).
  • التصديق على تعيين السفراء بعد اقتراحهم من قبل وزير الخارجية (مادة 128)، وكذلك منح الاوسمة الحكومية. (129).
  • تعيين الوزراء بعد موافقة مجلس الشورى ومنحهم الثقة. (مادة 133)، وأيضا لديه سلطة عزلهم. (مادة 136).
  • تلقي استقالة مجلس الوزراء أو أي منهم، وتعيين مشرفيين للوزارات التي لا وزير لها لمدة لا تتخطى ثلاثة أشهر. (مادة135).

شهدت الفترة منذ الثورة الإسلامية حتى الان تعاقب ثمانية رؤساء على رئاسة الجمهورية الإيرانية الإسلامية وهم حسب الترتيب من الاقدم للأحدث: (أبو الحسن بني صدر، محمد رجائي، علي خامنئي، هاشمي رفسنجاني، محمد خاتمي، محمود أحمدي نجاد، حسن روحاني، الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي). ولعل تغير شخص الرئيس قد ينتج عنه تغير في السياسة الخارجية الإيرانية –الامر الذي تسعى هذه الدراسة للوقوف على معالمه- ويتجلى هذا التغير على سبيل المثال بالمقارنة بين سياسة احمدي نجاد وحسن روحاني فيما يتعلق بقضية الملف النووي الإيراني، حيث اتسمت سياسة نجاد بالتشدد بينما اتبع روحاني سياسة براجماتية أقل تشددا واستطاع توقيع الاتفاق النووي 2015.[49]

  • نواب الرئيس:

شهد التعديل الدستوري عام 1989 تطورات واضحة على تشكيل السلطة التنفيذية، حيث جعل من حق رئيس الجمهورية تعيين نواب له بعدما تم الغاء منصب رئيس الوزراء وحاجة الرئيس للتخفيف من المسئوليات الواقعة على عاتقه، وبالتالي تمتع النواب بمهام واسعة نسبيا ومنها أن النائب الأول يكون مخولا بأداء وظائف رئيس الجمهورية في حالات وفاته أو عزله أو استقالته أو مرضه لأكثر من شهرين، وذلك بعد موافقة المرشد في المقام الأول. وفي حالة شغور منصب الرئيس سواء بالوفاة او انتهاء مدته أو غير ذلك من الأسباب يمكن القول بأن فرص نائبه الأول تكون كبيرة في الترشح لخلافة الرئيس، ولكن هذا لا يضمن حصوله على المنصب بالضرورة.[50]

  • الوزارة:

يعد مجلس الوزراء التابع لسلطات رئيس الجمهورية أحد أعمدة النظام السياسي الإيراني، حيث يتمتع بسلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية والتخطيط لها، وقد منح الدستور لمجلس الوزراء صلاحيات مباشرة في السياسة الخارجية في كل من الفصول الثالث والتاسع والعاشر، ومن أهم الوزارات وثيقة الصلة بصنع القرار الخارجي الإيراني وزارة الخارجية، ووزارة المخابرات والأمن.

  • وزارة الخارجية:

وجه القانون المنظم لوزارة الخارجية الذي أقره مجلس الشورى عام 1985 الاهتمام نحو التحولات في العالم الإسلامي، وأكد على وجوب متابعتها بشكل مستمر لاتخاذ ما يلزم بشأنها، ووضع على عاتقها القيام بدور كبير لترويج الثقافة الإسلامية في البلدان الأجنبية الى جانب وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، وأكد أيضا على المبدأ الذي تضمنه الدستور والذي يتعلق بدعم جهاد المستضعفين، ولكنه في نفس الوقت أشار للالتزام بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول على أساس أهداف الجمهورية الإسلامية والمبادئ المتبعة في السياسة الخارجية، وهو الامر الذي ينطوي على قدر من الازدواجية وعدم التحديد.[51]

  • وزارة المخابرات والأمن:

تخضع وزارة المخابرات والامن بشكل مباشر للمرشد، حيث يعد المرجع الأول في تعيين المسئول عنها والذي لابد أن يكون من رجال الدين وفقا لفتوى الخميني وما زال هذا المبدأ معمول به الى الان، وتؤدي تلك الوزارة دور هام في صنع السياسة الإيرانية على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتستمد قدرتها القوية في صنع القرار من عدد من المصادر أهمها:[52]

  • الاتصال المباشر بالمرشد.
  • التنسيق مع قسم المخابرات والمعلومات السرية التابع لها في كل من الحرس الثوري والجيش والداخلية.
  • تحظى الوزارة بقوة اقتصادية نتيجة مشاركة أعضائها في مجالس العديد من إدارات المؤسسات التجارية والصناعية الايرانية.

السلطة التشريعية:

تنطوي السلطة التشريعية في النظام الإيراني على درجة من التعقيد، فهي تتكون من مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور، ومجلس الشورى الإسلامي لا يملك وحده حق التشريع وإنما ينازعه في ذلك مجلس صيانة الدستور الذي يمتلك صلاحيات واسعة، الى جانب وجود مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يتولى مهمة الفصل في الخلافات القائمة بين المجلسين، كما أن مجلس صيانة الدستور لا يعد ذا طابع استشاري، ولكنه يملك صلاحيات عدة تتجاوز نطاق مراقبة تشريعات مجلس الشورى الى النظر في أحقية المرشحين للاستحقاقات الانتخابية المختلفة.

  • مجلس الشورى الإسلامي:

ينص الدستور على أن انتخاب أعضاء المجلس يجب أن يتم بالاقتراع السري وتبلغ ولاية المجلس أربع سنوات، وتعد جلساته قانونية مع حضور ثلثي أعضائه ولا تتم المصادقة على أي مشروع إلا بأغلبية ثلثي الحاضرين، ويمكنه عقد جلسات سرية في الحالات الضرورية ويتم التصديق على قراراتها بأغلبية ثلاثة أرباع الحضور.[53]

يتمتع مجلس الشورى بصلاحيات عدة، أهمها ما يلي:[54]

  • وضع قوانين بشأن جميع الأمور في حدود اختصاصه كما هو منصوص عليه في الدستور.
  • تفسير القوانين العادية.
  • تعرض عليه مشروعات القوانين الحكومية بعد أن تنال موافقة مجلس الوزراء ويجوز عرض المشروعات المقدمة من الأعضاء إذا تبناها خمسة عشر عضو على الأقل.
  • الموافقة على المعاهدات والبروتوكولات والعقود والاتفاقات الدولية.
  • الموافقة على الحصول على منح أو قروض محلية أو أجنبية.
  • يعد كل نائب في مجلس الشورى مسئولا عن الأمة بأكملها وله الحق في أن يعبر عن رأيه بشأن جميع شئون البلد الداخلية والخارجية.
  • مجلس صيانة الدستور:

يتكون هذا المجلس من ستة من فقهاء العدل يختارهم المرشد ممن لديهم وعي باحتياجات العصر، وستة من القانونيين المتخصصين في مجالات قانونية مختلفة ينتخبهم مجلس الشورى من بين القانونيين المسلمين الذين يرشحهم رئيس السلطة القضائية، ويتم انتخاب أعضاء المجلس لمدة ست سنوات، وبعد انتهاء ثلاث سنوات يتم تغيير نصف أعضاء كل مجموعة بالقرعة ويحل محلهم أعضاء جدد.

يؤدي المجلس عدد من المهام، ومنها أن يضمن مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى مع احكام الشريعة الإسلامية والدستور، وتفسير مواد الدستور، والاشراف على انتخابات مجلس خبراء القيادة ورئيس الجمهورية، وأعضاء مجلس الشورى، ويحق له حضور جلسات مجلس الشورى لمتابعة مناقشة اللوائح ومشروعات القوانين وابداء الرأي الفوري لاتخاذ قرارات سريعة، وبالتالي يمكن القول بأن مجلس صيانة الدستور هو المير لعملية تشريع القوانين والتدخل بشكل مباشر لتحديد من يحكم إيران مما يقيد العملية الديمقراطية.[55]

  • مجلس خبراء القيادة:

يتكون مجلس الخبراء من 84 عضو، ومدته ثماني سنوات، ويجتمع مرتين في العام لمراجعة المواقف والمهام والأمور الطارئة، وقد منحه الدستور في المادة (107) وظيفة تمحيص ودراسة الفقهاء المطابقين لشروط اختيار المرشد أو لجنة القيادة حين وفاة المرشد أو عزله، ويتولى هذا المجلس مهمة تعديل أو الغاء مواد الدستور، ويعد ذا صلة وثيقة بصنع واتخاذ القرارات في السياسة الخارجية ويؤثر على التخطيط الداخلي والخارجي من خلال تعيينه للمرشد.[56]

  • المؤسسة العسكرية:

تتكون من الجيش النظامي وقوات الحرس الثوري وقوات التعبئة العامة (الباسيج).

  • الجيش النظامي:

يتكون من ثلاث قوات وهي القوات البحرية والبرية والجوية، ويؤدي مهام عدة منها القيام بالدفاع عن استقلال البلاد ووحدة أراضيها وعن نظام الجمهورية الإسلامية، وفي أوقات السلم يقوم بدوره في الإغاثة والتعليم والإنتاج على الدرجة التي لا تضر بالاستعداد العسكري في الجيش مع مراعاة العدل الاجتماعي، ويؤدي الجيش وظيفة أيديولوجية وسياسية من خلال الحفاظ على الجوهر العقائدي الإسلامي للنظام ومهو ما يظهر في الشروط المحددة للالتحاق به فهو لا يضم سوى من يؤمنون بأهداف الثورة الإسلامية ويسعون لتحقيق أهدافها.[57]

  • الحرس الثوري:

تأسس مع انتصار الثورة الإسلامية، ويقوم على إدارته مجلس أعلى ويعد من أجهزته المكتب السياسي ومجلس شورى القيادة، ويؤدي الحرس الثوري دور كبير في تصدير الثورة الإسلامية، ويعمل على حماية الامن الداخلي وفرض تطبيق الشريعة الإسلامية وجمع المعلومات في العالم الإسلامي، ويقوم ايضا بعمليات سرية من أجل التعبير عن مبادئ الثورة مثل تحريض الحجاج الإيرانيين عام 1987 على أعمال الشغب في المملكة العربية السعودية.[58]

  • قوات التعبئة العامة (الباسيج):

ظهرت هذه القوات مع بداية الثورة، وتمنحها الحكومة الإيرانية اهتمام كبير منذ نشأتها ودعمها للمرشد الأعلى سواء كان الخميني او خامنئي من بعده، ويتمتع أفرادها بحوافز دينية وأيديولوجية مثل أفراد الحرس الثوري، ويتم تجنيدهم من المدارس الثانوية والجامعات وموظفي الدولة وعمال المصانع، ومن أهم مهامها الحفاظ على الثورة وقيمها ودورها المحوري في البنية الدفاعية ولها تواجد كبير داخل جميع المدن والمؤسسات.[59]

  • مجلس الامن القومي:

يرأسه رئيس الجمهورية، ويعمل على تأمين المصالح الوطنية، وحراسة الثورة، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد والسيادة الوطنية، ويتكون المجلس من رؤساء السلطات الثلاث ورئيس هيئة أركان القيادة العامة للقوات المسلحة، ومسئول التخطيط والميزانية ومندوبين يعينهما المرشد، ووزراء الداخلية والامن والخارجية، الى جانب الوزير الذي يتناول المجلس موضوعا ضمن اختصاصه. وقدد حددت مهامه المادة (176) من الدستور، حيث يقوم بتعيين السياسات الدفاعية والأمنية للبلاد في إطار السياسات العامة التي يحددها القائد، وكذلك تنسيق النشاطات السياسية الأمنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ذات العلاقة بالخطط الدفاعية والأمنية العامة، ويقوم أيضا بالاستفادة من الإمكانيات المادية والمعنوية لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، ويعد كذلك مصدر للسياسة الخارجية ومراقبا لتحركاتها وتوجهاتها.[60]

المبحث الثاني

السياسة الخارجية الإيرانية

(أيديولوجيتها، ومبادئها وأهدافها)

يتناول هذا المبحث التصور الأيديولوجي للسياسة الخارجية الإيرانية بناء على الرؤية التي وضعها الخميني، ويتطرق كذلك الى دوافع تلك السياسة ومبادئها وأهدافها، وفي النهاية يتطرق لأهم التيارات السياسية الفاعلة على مستوى السياسة الخارجية الإيرانية.

أولا/ تأثير العامل الأيديولوجي على السياسة الخارجية الإيرانية:

يقوم تصور الخميني للسياسة الخارجية الإيرانية على ثلاثة مفاهيم كالتالي:

  1. الحكومة الإسلامية:

تعد هي أفضل أنواع الحكومات بالنسبة للخميني، وتشمل نظام الحكم بأكمله، وتنبع أهميتها بالنسبة له من كونها تعمل على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وتوحيد المسلمين وتحريرهم من القوى الاستعمارية، وتتجاوز ولاية الفقيه في هذه الحكومة المجال الديني الى المجال السياسي وتكون كلمتهم بمثابة حجة على الناس وحكامهم، فالفقهاء في الحكومة الإسلامية يكونون على قمتها ويتم النظر إليهم على أنهم الحكام الحقيقيون.[61]

  1. الأممية الدينية:

توجد مفارقات في الثقافة السياسية الإيرانية، ففي الوقت الذي يتسم فيه المجتمع الإيراني بالتعدد الاثني يلاحظ أن الطبيعة الجغرافية ساعدت إيران على تحقيق الوحدة الطبيعية والتصدي للصدمات الثقافية الناتجة عن الهجمات الخارجية، الى جانب التميز المذهبي فإيران تعد هي الدولة الوحيدة التي تعتنق المذهب الشيعي الاثني عشري، وقد انتقد الخميني النعرات القومية التي على أساسها ينقسم المسلمين لطوائف وقوميات، فالوحدة الإسلامية تؤكد على معنى الاخوة في الإسلام.[62]

  1. الحياد:

يقوم مفهوم الحياد لدى الخميني على أربعة محددات شرعية وهي: عدم جواز الخضوع لغير الله، والحفاظ على الهوية عن طريق مقاومة أية محاولة لمسخها وتحويل المسلمين إلى مجرد دمى، والترابط الوثيق بين الدين والسياسة، وبالتالي مهاجمة الداعين لفصل الدين عن السياسة، ويرفض الخميني أي شكل من اشكال التدخل الخارجي في شئون الدول الأخرى لكنه في نفس الوقت يشير الى انه حيثما وجد الكفاح ضد المستكبرين فإن الإيرانيين سيكونوا موجودين، فهم يهدفون الى تصدير الثورة الى كل الدول التي يوجد بها مستكبرون يحكمون مستضعفين، وقد نتج عن تطبيق هذا المبدأ الدخول في عداءات عدة مع دول عربية مثل الكويت والسعودية والبحرين والجزائر، وتأتي في مقدمة دول الاستكبار بالنسبة للخميني كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.[63]

يمكن القول بأن تأثير تصور الخميني للسياسة الخارجية الإيرانية بناء على المفاهيم السابقة قد انعكس على تناول الدستور لتلك السياسة، كالتالي:[64]

  • تستند السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية الى رفض جميع أشكال السيطرة سواء ممارستها أو الخضوع لها، والى الحفاظ على استقلال البلاد في جميع البلاد وعلى وحدة أراضيه، والى الدفاع عن حقوق المسلمين، وعدم الانحياز فيما يتعلق بالقوى العظمى المهيمنة، والحفاظ على العلاقات السلمية المتبادلة مع جميع الدول غير المعادية. (المادة 152)
  • يحظر أي شكل من أشكال الاتفاق الذي يسفر عن السيطرة الأجنبية على الموارد الطبيعية أو الاقتصاد أو الجيش أو ثقافة البلاد، وكذلك على الجوانب الأخرى للحياة الوطنية. (المادة 153).
  • تعتبر جمهورية إيران الإسلامية أن غايتها هي سعادة الانسان في المجتمع البشري كله، وترى أن تحقيق الاستقلال والحرية وسيادة العدل والحق هو حق لجميع سكان العالم، وبناء على ذلك فإنها تؤيد نضال المستضعفين ضد المستكبرين في كل ركن من أركان العالم، مع امتناعها تماما عن جميع أشكال التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى. (المادة 154).
  • يجوز لحكومة جمهورية إيران الإسلامية أن تمنح اللجوء السياسي لأولئك الذين يلتمسونه إلا إذا اعتبرتهم خونة ومخربين وفقا لقوانين إيران. (المادة 155).

دوافع السياسة الخارجية الإيرانية:

كان للتصور الذي وضعه الخميني للسياسة الخارجية انعكاسا واضحا على دوافع تلك السياسة، وتتمثل تلك الدوافع فيما يلي:[65]

  • الأيديولوجية: نتج عن الثورة الإسلامية نظام ديني تكون فيه السلطة العليا في يد المرشد الأعلى الذي يجمع بين السلطتين الدينية والسياسية، وتحاول إيران تصدير الثورة الى الدول الإسلامية وتتبني كذلك مبدأ دعم المستضعفين في العالم الإسلامي.
  • الادراك بوجود تهديد: يمكن القول بأن المنطلق الذي يحرك القيادة الإيرانية هو إيمانهم بوجود تهديد للنظام والمصالح القومية خاصة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، فالمرشد العلى على خامنئي دائما ما يؤكد أن الولايات المتحدة لا تقبل بالثورة الإسلامية وتسعى للإطاحة بها بوسائل عدة كالعقوبات الاقتصادية وإثارة المشكلات الداخلية.
  • المصالح القومية: تعد إحدى العوامل التي تسهم في تشكيل سياسة إيران الخارجية، فإيران تسعى بشكل كبير لان تصبح قوة كبرى في الخليج العربي وفي اسيا الوسطى، وبالتالي فهي تسعى لتعزيز مصالحها الجيوسياسية بأي شكل حتى وإن جاء ذلك في بعض الأحيان على حساب مبادئها الأيديولوجية، مثل دعمها لأرمينيا التي يسكنها شعب مسيحي على حساب أذربيجان التي يسكنها شعب مسلم شيعي.
  • المصالح الفئوية: ينبع هذا الدافع من قوة تأثير التيارات السياسية الايرانية المختلفة على السياسة الخارجية، ففي حين وجود تيار متشدد متمثل في المرشد والحرس الثوري ومن يتبنون نفس توجههم، فإن هناك تيارات أخرى معتدلة ويتبعهم عدد من الشباب والمفكرين، وهم يختلفون عن الاتجاه المتشدد في كونهم يؤمنون بأهمية اتباع سياسة خارجية براجماتية وعدم اتخاذ أعداء دائمين للدولة، ولعل من المنتمين لهذا الاتجاه كل من الرئيسين السابقين حسن روحاني وعلى رفسنجاني، وأيضا وجود اصلاحيين مثل الرئيس السابق محمد خاتمي الذي عمل على تحقيق إصلاحات على المستوى الداخلي خاصة على المستوي السياسي.[66]

ثانيا/ مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية:

تستند سياسة إيران الخارجية الى خمسة مبادئ أساسية تقوم على أساسها تلك السياسة وتسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف في ضوئها، وهذه المبادئ هي:

  • عدم الاعتماد على الشرق أو الغرب:

تتبنى إيران منذ الثورة الإسلامية شعار “لا شرقية ولا غربية” في سياستها الخارجية، وبالتالي فهي تقف موقفا حياديا من الطرفين، فالخميني كان ينظر لهذين القطبين على انهما أساس السيطرة الاستعمارية التي نتج عنها حالات التبعية السياسية والاقتصادية في الدول الفقيرة، وكان يعتقد أيضا ان الشرق والغرب يهدفان لنهب ثروات المستضعفين بواسطة اساليبهما السياسية والثقافية.[67]

  • الكفاح ضد القوة الصهيونية:

تضمر إيران مشاعر عدائية بالغة تجاه إسرائيل منذ قيامها، فالخميني كان ينظر اليها على انها العدو الصريح للإسلام والمسلمين، وأنها قامت نتيجة لمؤامرة بين القوى الاستعمارية، فبالنسبة له الصراع مع إسرائيل يعد صراع عقائدي وحضاري، وقد عرف الرئيس السابق “محمود أحمدي نجاد” بأنه أكثر الرؤساء عداء لإسرائيل وكان يرى ان على إيران تقليص الدور الإسرائيلي على المستوى الدولي، وأيضا في نفس السياق وجه المرشد الحالي “علي خامنئي” اتهاما للرئيس المصري السابق ” محمد حسني مبارك” بأنه خادما لإسرائيل والولايات المتحدة.[68]

  • تحرير القدس:

تولي إيران اهتمام كبير بالقضية الفلسطينية، فقد حث الخميني على دعم النضال المسلح للفلسطينيين وطالب جميع المسلمين بإنفاق أموال الزكاة لدعم ذلك النضال، وطالب قادة فلسطين بإعلان أن ثورتهم إسلامية ومواصلة كفاحهم المسلح وعدم الالتفات للمبادرات السياسية، فإيران ترى أن الثورة الإسلامية ستحقق هدفها النهائي عندما ينتهي أثر الاستعمار، وبالتالي فهي ترى أيضا انها ملزمة بدعم المستضعفين في العالم وتقديم المساعدات لحركات التحرر خاصة الثورة الفلسطينية.[69]

  • مناهضة الاستعمار:

بالنسبة للخميني فإن هدف الدول الاستعمارية هو القضاء على القرآن والإسلام وعلماء المسلمين، فهو كان يرى أن القوى الاستعمارية تهيمن على النظام العالمي للحفاظ على مصالحها وأنها تعتبر مسئولة عن المشكلات والأزمات التي يعانيها العالم، فإيران ترفض ان تكون تحت سيطرة أي قوة عظمى.

  • تقديم الدعم للمستضعفين في كل مكان وخاصة المسلمين:

بالنسبة للخميني، ينقسم المجتمع الدولي لجهتين هما: جبهة المستكبرين التي كانت تضم القطبين العالميين وحلفائهما وأتباعهما، وجهة المستضعفين التي تشمل الدول والشعوب التي تعاني من استغلال الجهة الأولى، وبناء على ذلك تهدف إيران للقضاء على أشكال الظلم والفساد، فالخميني كان يرى أن إيران بعد الثورة مركز لمقاومة القوى العظمى، فالإسلام عنده لا يرتبط بالحدود السياسية وإنما يعترف فقط بالحدود الأيديولوجية، وإيران وفقا للرئيس السابق هاشمي رفسنجاني لا تتدخل بنفسها في على الأرض في الدول الأخرى وإنما تقوم بتقديم الدعم فقط مما لا يعني تعديا على سيادة الدول.[70]

ثالثا/ أهداف السياسة الخارجية الإيرانية:

تتعدد أهداف سياسة إيران الخارجية في ضوء الدوافع والمبادئ التي تم تناولها، وتنبع تلك الأهداف من الدستور، كما يلي:[71]

  • السعي إلى تأسيس أمة عالمية واحدة استنادا إلى الآية القرآنية: وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُون”ِ المؤمنون (52)، فإيران ترى أن الإسلام يحث المسلمين على الوحدة، وبالتالي يجب على الحكومة الإسلامية أن تعمل على تأسيس ائتلاف إسلامي عالمي يجمع تحت لوائه الامة الإسلامية بأكملها من خلال إقامة نظام فكري وروحي يتوحد تحت مظلته جميع المسلمين، لذا بالنسبة لهم يتوجب على المسلمين العمل لتحقيق هذا الهدف.
  • حماية المستضعفين من المستكبرين: من أهداف الحكومة الإسلامية الايرانية التي حددها الدستور العمل على إسعاد الانسان في المجتمعات البشرية كافة، وأن كل من الاستقلال والحرية وإقرار حكومة الحق والعدل لهي حقوق مكفولة لكافة الشعوب، وبالتالي فإيران تضع ضمن أولويات سياستها الخارجية تقديم الدعم للمستضعفين ونضالهم في مواجهة المستكبرين مما يساعد من وجهة نظرهم على إقامة أمة عالمية واحدة.
  • صيانة الاستقلال وحماية الحدود: تعد صيانة استقلال الأراضي الإيرانية وبقاء حدودها بعيدة عن كافة أشكال التهديدات الخارجية أحد اهداف السياسة الخارجية التي نص عليها الدستور.
  • الدعوة: تعد أحد اهداف السياسة الخارجية، بمعنى دعوة غير المسلمين إلى الإسلام استنادا الى قوله تعالى: ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” النحل 125.

التيارات السياسية المؤثرة على السياسة الخارجية الإيرانية:

  • التيار المحافظ:

يعد هذا التيار من أقدم التيارات السياسية في إيران، ويطلق عليه أيضا التيار الاصولي، وتعود جذوره الفكرية الى الفكر الشيعي التقليدي، وفيما يتعلق برؤية هذا التيار للسياسة الخارجية فإنه يقوم على معاداة الغرب والتحرك بحذر مع الخارج، ويتكون من المؤسسة الدينية التقليدية، والرأسمالية التجارية التقليدية، وأعضاء السلطة القضائية والحوزة الدينية، والحرس القديم، وتدعمه الطبقة الوسطى التقليدية، ومن أبرز شخصيات هذا التيار “علي خامنئي” المرشد الحالي، و” محمد جواد لاريجاني”، وغيرهم من الشخصيات ذات التأثير في السياسة الإيرانية، ويضم هذا التيار عدد من الجماعات والقوى السياسية، من أهمها: تجمع رجال الدين والمجاهدين، وأنصار حزب الله، وجماعة الدفاع عن قيم الثورة الإسلامية، وتحاف تنمية إيران.[72]

  • التيار الإصلاحي:

ترجع جذور هذا التيار الى بدية القرن العشرين، ويعد هو أكثر الاتجاهات اعتدالا وتأكيدا على الديمقراطية والإصلاح والتغيير في الداخل والخارج، وكذلك يهتم بتعزيز دور المؤسسات واحترام الدستور والتعبير عن الرأي وفقا للدستور، ويدافع عن المنظور الليبرالي للإسلام، ويسعون لإقامة نظام حكم دستوري في إطار الشريعة الإسلامية، ويستخدم هذا التيار مصطلحات حديثة مثل المجتمع المدني، والديمقراطية، وحوار الحضارات، وعلى عكس الاتجاه المحافظ فهو يؤيد التفاعل الثقافي مع العالم والجوانب الإيجابية في الحضارة الغربية، ويتضمن هذا التيار عدد من الجماعات والكيانات منها على سبيل المثال: منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، وحزب جبهة المشاركة السياسية، وحزب كوادر البناء، وغيرهم من الجماعات التي تتبني أفكار هذا التيار.[73]

الفصل الثاني

القيادة السياسية والسياسة الخارجية الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية (2005-2013).

يتناول هذا الفصل السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في فترة حكم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد (2005-2013)، وينقسم لمبحثين، الأول يتناول الظروف المحلية والإقليمية والدولية المحيطة بفترة رئاسة نجاد، بينما يتناول المبحث الثاني سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة خلال فترة حكمه (2005-2013).

المبحث الأول

الظروف المحلية والإقليمية والدولية المحيطة بفترة رئاسة أحمدي نجاد (2005-2013)

تولى الرئيس السابق “أحمدي نجاد” حكم الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال فترتين رئاسيتين متعاقبتين، فقد تم انتخابه كرئيس للجمهورية في عام 2005 بنسبة 62% من أصوات الناخبين في الجولة النهائية ضد الرئيس السابق “هاشمي رافسنجاني”،[74] وبعد انتهاء فترة رئاسته تم انتخابه مرة أخرى عام 2009 بعد جولة إعادة مع “مير حسين موسوي”، وواجهت نتائج تلك الانتخابات رفضا شديدا من جانب أنصار “موسوي” ووصل الامر لحد خروج احتجاجات حاشدة للتنديد بتلك النتائج،[75] وتعددت الظروف المحيطة بفترة حكم “أحمدي نجاد” سواء على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو المستوى الدولي، ويمكن القول بأن تلك الظروف قد أثرت على نهج سياسة نجاد الخارجية خاصة تجاه الولايات المتحدة. ويمكن تناول تلك الظروف كالتالي:

أولا الظروف المحلية:

  • تأثير فكر “نجاد” ورؤيته السياسية:

كان يؤمن بأن إيران ستصبح قلب العالم الإسلامي ومركز الحكومة الإسلامية التي سيقيمها الامام عند عودته، وبالتالي دفعه ذلك الى السعي نحو القيام بدور عالمي تجاه القضايا المختلفة والتركيز على أهمية امتلاك إيران للقوة التي تمكنها من قيادة العالم خاصة القوة العسكرية، وكانت لدى نجاد قناعة بأن هناك قوة خارجية تعمل ضد تقدم إيران وتحاول إزاحتها عن الموقع العالمي التي تستحقه، وظهر ذلك بشكل واضع في حديثه عن التهديد الذي تشكله إسرائيل باستخدام قوتها العسكرية ضد إيران.[76]

يؤمن نجاد بأن إيران لابد أن تعتمد على نفسها والا تكون تابعة لأي من القوى الغربية، فهو لا يمنح ثقته أيضا في المنظمات الدولية أو الغرب، فبالنسبة له إدارة القوة التي تدير العالم تتعامل بازدواجية في المعايير مع الشعوب دون اتباع مبادئ العدالة والمساواة، وكان يرى أن إيران تمتلك إمكانيات وقدرات تؤهلها للقيام بدور إقليمي وعالمي مؤثر، وتلك القدرات تمكنها من الوقوف في وجه الولايات المتحدة وأنها لا تقل عنها شيئا من حيث وضعها الاستراتيجي، وقد ظهر ذلك في تصريحه: ” إن الجميع في عالم اليوم يدرك أن هناك قوتين فقط تتمتعان بأقوى نفوذ في العالم هما الولايات المتحدة وإيران”.[77]

  • ملف العقوبات الاقتصادية وتأثيره على الداخل الايراني:

تستخدم الولايات المتحدة الامريكية سياسة العقوبات الاقتصادية كأداة للضغط على إيران، وتتبعها الدول الاوربية أيضا في تلك السياسة، ولعل السبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم استجابة إيران لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بمشروعها النووي وتخفيض مستويات تخصيب اليورانيوم. ففي عام 2010 تم تصنيف الاقتصاد الإيراني كثالث أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، والتاسع والعشرين في العالم بحجم 337.9 مليار دولار، ولكن ظهر أثر العقوبات في 2012، حيث انخفض الناتج الداخلي الإيراني بنسبة 0.9%، وفقدت ايران حوالي 40% من صادراتها النفطية، وارتفع مستوى البطالة بنسبة 25%، ولجأت إيران لزيادة حجم الواردات من الولايات المتحدة الامريكية سنة 2012 بنسبة 30% مقارنة بسنة 2011، بما قيمته 199.5 مليون دولار، ووصلت نسبة التضخم في تلك السنة الى 30%، وبالتالي يمكن القول بأن الاقتصاد الإيراني كان في حالة أشبه بالانهيار. ومما يشير لتأزم الأوضاع وتعاظم أثر العقوبات هو اعتراف المرشد الإيراني “خامنئي” بتأثير العقوبات الغربية ووصفها بأنها “وحشية”، وكان نجاد يرى أن سياسته الاقتصادية صحيحة ولكن تلك الازمة سببها العقوبات الغربية.[78]

  • العلاقة بين الرئيس “نجاد” والمرشد الأعلى “علي خامنئي”:

لم تسر العلاقة بين “نجاد” و”خامنئي” على وتيرة واحدة، فقد تأرجحت بين التقارب في أوقات والتوتر في أوقات أخرى، وكانت الامور بينهما تسير بشكل ودي، وقدم خامنئي الدعم لنجاد في انتخابات 2009، ولكن ظهرت معالم التوتر بينهما في الكثير من الحالات، ولعل ذلك يرجع لعدة أسباب منها محاولة نجاد للحصول على مزيد من الصلاحيات على حساب سلطة المرشد الأعلى، وسعيه لتكريس أكبر قدر من السلطة في يده على حساب السلطات الأخرى، وإقصاء المعارضين له في السلطة وتعيين المقربين منه في المناصب العليا، وظهر ذلك في قيامه بعزل وزير الخارجية “منوشهر متقي” 2010، ولكن تدخل المرشد الأعلى “خامنئي” لوقف مثل تلك السياسة، وأجبر نجاد على الرجوع عن قراره في إبريل 2011. ويمكن القول بأن هذا التوتر خلف أثره على سياسة إيران الخارجية تجاه قضايا عدة أهمها الملف النووي، وتحسين العلاقات مع دول الخليج العربي.[79]

ثانيا/ الظروف الإقليمية:

تعددت الظروف الإقليمية التي أثرت على سياسة إيران فترة رئاسة أحمدي نجاد، ومن أبرز تلك الظروف ما يلي:

  • الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006:

اندلعت تلك الحرب في 12 يوليو 2006 بسبب قيام حزب الله بأسر جنديين إسرائيليين، وبالتالي شنت القوات الإسرائيلية حربا واسعة على لبنان بشكل عام، وعلى حزب الله بشكل خاص، واستمرت الحرب لمدة 33 يوم من القتال، حيث وضعت الحرب أوزارها في 13 أغسطس 2006، وكانت تلك الحرب بمثابة مفاجأة لإسرائيل وأمريكا والعالم بأكمله، حيث استخدم حزب الله أسلحة متطورة واتضع امتلاكه لقدرات عسكرية كبيرة، وأظهرت هذه الحرب مدى القوة التي يتمتع بها التحالف الذي يضم كل من حزب الله وسوريا وإيران في الشرق الأوسط.[80]

  • الانسحاب الأمريكي من العراق:

يمكن القول بأن انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من العراق منح إيران الفرصة للتحرك بحرية في العراق، فمنذ 2003 سعت إيران للتأثير على الأحزاب السياسية في العراق ودعمها، وخلق ميليشيات مسلحة تابعة لها، وكذلك محاولة التأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات، والتدخل في عملية تشكيل الحكومة، وتوجد العديد من الدلائل والمؤشرات على تزايد النفوذ الإيراني في العراق بعد الانسحاب الأمريكي، ومنها ما يلي:[81]

  • التدخل في تشكيل الحكومة العراقية بعد الانتخابات في مارس 2010، فقد تم منع “إياد علاوي” من تولي منصبه كرئيس للوزراء من قبل التحالف الشعبي الذي تقف خلفه إيران، وقامت إيران في ديسمبر 2010 بإقناع الشيعة والاكراد بتقديم الدعم الى “نوري المالكي” ليصبح رئيس الوزراء.
  • نتج عن التدخل الإيراني في الشأن العراقي ما عرف “بأزمة شرعية الحكومة العراقية في 2012″، حيث قامت بالضغط على بعض القوى السياسية العراقية حتى تقف ضد سحب الثقة من نوري المالكي، حيث قامت بالتهديد بمنع المساعدات والدعم التي تقدمه لتلك التيارات او القوى السياسية.
  • حرصت إيران على جعل السياسة الخارجية العراقية متسقة مع سياستها الخارجية ومواقفها تجاه القضايا المختلفة، وهو ما ظهر في عدد من الملفات مثل الموقف الإيراني الداعم للاضطرابات في البحرين، وتأييد النظام الحاكم في سوريا.
  • الثورات العربية:

لم تتبنى إيران موقفا موحدا تجاه الثورات العربية، ولكن كانت مواقفها انتقائية وفق معايرين، ويكمن المعيار الأول في العلاقة بين النظام الحاكم الذي يتعرض للثورة وإيران وموقف هذا النظام من دورها الإقليمي، بينما الثاني يكمن في تأثير تلك الثورات على توازن القوى الإقليمية وشكل التحالفات والصراعات في المنطقة. لذلك كان الموقف الإيراني داعما للثورات في كل من مصر وتونس واليمن والبحرين، ولكن عندما تعلق الامر بالثورة في سوريا تبنت إيران موقف مختلف حيث قدمت الدعم المادي لنظام بشار الأسد، واعتبرت تلك الثورة جزء من مؤامرة أمريكية. ويمكن تناول أمثلة للموقف الإيراني من تلك الثورات كالتالي:

  • الثورة المصرية: تبنت إيران موقف مؤيد للثورة منذ انطلاقها في 25 يناير 2011، فقد وجه أحمدي نجاد -الرئيس الإيراني حينها- الإشادة للثوار وانتقد نظام مبارك الذي اعتبره حليف لإسرائيل، وبعد رحيل نظام مبارك وصعود تيار الإسلام السياسي ووصول الرئيس السابق محمد مرسي للحكم شهدت العلاقات بين البلدين نوع من التقارب، فقد قام مرسي بزيارة إيران في أغسطس 2012 لحضور قمة عدم الانحياز، وفي فبراير 2013 قام أحمدي نجاد بزيارة مصر لحضور اجتماع قمة منظمة التعاون الإسلامي، لتكون تلك الزيارة هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني لمصر منذ الثورة الإيرانية.[82]
  • الثورة التونسية: جاء الموقف الإيراني داعما للثورة التونسية، فقد خرجت التصريحات الرسمية الإيرانية مؤكدة على ضرورة احترام إرادة الشعب التونسي وتحذيرهم من التدخلات الامريكية والإسرائيلية، وبعد نجاح الثوار في إقالة الرئيس السابق “زين العابدين بن على” صرّح الناطق الرّسمي باسم الخارجية الإيرانية “رامين مهمانبرست” قائلا: “ما يهمّنا جميعا هو تحقّق إرادة الشعب التونسي في أحسن الظروف، على اعتبار أنّ تونس يمكنها أن تؤدّي دورا هاما في العالم الإسلامي”، وأيضا صرح أحمدي نجاد قائلا: “إنّ الشّعب التونسي أسقط الديكتاتورية بشعارات إسلامية مطالبة بالعدالة”، وفي نفس السياق أعلن 228 نائبا من أعضاء البرلمان الإيراني دعمهم للثورة التونسية، وبالنسبة للمرشد “خامنئي” كان يرى أنّ الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي عميلا لجهاز المخابرات الأميركية وبالتالي أظهر تأييده للثورة والثوار التونسيين.[83]
  • الثورة السورية: كانت إيران تنظر الى أن سقوط نظام بشار الأسد سيشكل تقييدا لنفوذها في المنطقة العربية، وسيؤدي لإضعاف تأثيرها في الملفات الأمنية والسياسية في دول الجوار ومحيطها الإقليمي، وبالتالي قدمت إيران كافة أشكال الدعم للجيش السوري في مواجهة الثورة الشعبية والتنظيمات المسلحة، ولم تكتفي بتقديم الدعم بشكل غير مباشر فقط وإنما تدخلت مباشرة عن طريق الحرس الثوري وقوات فيلق القدس لتنفيذ مهام عسكرية في سوريا ضد القوات المعادية للنظام، واعتبرت إيران أن ما يحدث في سوريا هو مؤامرة غربية ضد محور المقاومة الذي تقوده إيران.[84]

ثالثا/ الظروف الدولية:

تعددت الظروف الدولية التي أثرت على سياسة إيران فترة رئاسة أحمدي نجاد، ومن أبرز تلك الظروف ما يلي:

  • الازمة الاقتصادية العالمية 2008:

تعرض العالم في عام 2008 لازمة اقتصادية ضخمة أثرت بشكل كبير على موازين القوى العالمية ومستقبل النظام الرأسمالي العالمي، وقد بدأت تلك الازمة في الولايات المتحدة الامريكية والدول الصناعية الكبرى، وبعد ذلك انتشرت بشكل متسارع في الدول النامية، وتناقصت معدلات الاستثمارات وتعرضت أسواق المال والنقد لمخاطر عدة، ونتج عن تلك الازمة أيضا حالة من السقوط المفاجئ للصادرات وأسعار السلع الاستراتيجية في العالم. ويمكن القول بأن تلك الازمة لم تكن مسبوقة من حيث التأثير الذي خلفته على اقتصادات الدول.[85]

  • علاقة إيران مع القوى الدولية الكبرى:

حاذت علاقة إيران مع مجموعة دول (5+1) على اهتمام كبير، وقد تباينت علاقات إيران مع كل دولة من تلك الدول، كالتالي:

الولايات المتحدة الامريكية: استطاعت إيران أن تحصل على قدر أكبر من حرية الحركة الإقليمية دون قلق بعد انتهاء عهد جورج بوش الابن، حيث كان ذلك بمثابة اعلان تراجع التهديد العسكري الأمريكي ضد إيران الذي كان أحد سمات سياسة بوش، ولكن اختلف الامر مع تولى أوباما الذي قدم طرح ورؤية مختلفة للتعامل مع ايران وتغليب الحوار والاداة الدبلوماسية على الأداة العسكرية ولكن مع الإبقاء على العقوبات الاقتصادية، وبالرغم من ذلك فشلت سياسة الاحتواء التي اتبعها أوباما وبالتالي تحولت تلك السياسة نحو التشدد، وفي المقابل لم تتنازل إيران عن سياستها وموقفها المتشدد واستمرت في حالة العداء مع الولايات المتحدة.[86]

بريطانيا: فرضت بريطانيا عقوبات اقتصادية على إيران في إطار العقوبات الدولية عليها بسبب برنامجها النووي، حيث جمدت بريطانيا في عام 2009 أصولا إيرانية بقيمة 1.6 مليار دولار، وقامت بطرد دبلوماسيين إيرانيين ردا على قرار إيران المماثل، وتمت محاكمة عدد من موظفي السفارة البريطانية ممن يحملون الجنسية الإيرانية بتهمة التحريض على التمرد، واستمرارا لهذا التوتر بين البلدين قررت لجنة الامن القومي في البرلمان الإيراني تخفيض مستوى العلاقات مع بريطانيا، ومما زاد من حدة الازمة بين البلدين هو قيام بريطانيا في نوفمبر 2011 بفرض عقوبات مالية جديدة على إيران وقررت وقف التعامل مع المؤسسات المالية الإيرانية والبنك المركزي الإيراني.[87]

فرنسا وألمانيا: واجهت إيران موقفا متشددا من قبل كل من فرنسا وألمانيا، حيث كانوا منحازين لجانب الولايات المتحدة الامريكية، وظهر ذلك في تصريح الرئيس الفرنسي السابق ” نيكولا ساركوزي” في أغسطس 2010 حيث قال: ” ان إيران تشكل القلب في قوس الازمات الملتهبة في العالم وأنها تغذي العنف والتطرف في المنطقة وتمثل التهديد الأساسي للأمن الدولي في مجال انتشار الأسلحة النووية”.[88]

روسيا والصين: تسعى كلتا الدولتين للاستفادة من التنافس بين إيران والولايات المتحدة وحالة التوتر التي بينهما، فبالنظر الى روسيا يلاحظ انها الى جانب ايران مصدر دولي للطاقة وقريبة من بحر قزوين الغني بالنفط، وبالتالي ساعد ذلك على وجود تعاون بين البلدين، وإن قل ذلك التعاون في بعض الأحيان الا ان روسيا تقف في صف ايران في مواجهة العقوبات الغربية، وهو ما ظهر في تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية في 2011، حيث قال: ” ان روسيا تعارض أي عمل ضد إيران من جانب المجتمع الدولي” وصرحت الوزارة أيضا “بأن المحاولات الغربية لتعديل سلوك إيران من خلال إجراء عقابي لن يكتب له النجاح وأن روسيا لا تدعمه”.[89]

وعلى مستوى العلاقات مع الصين تسعى إيران لتقوية علاقتها الدبلوماسية مع الصين بهدف تعميق الروابط بين البلدين، ومحاولة البحث عن مخرج وداعم قوي في مواجهة العقوبات الغربية، فقد كانت الصين بمثابة سوق لتصريف مصادر الطاقة الإيرانية رغم العقوبات، وبالتالي ساعد ذلك في دعم الاقتصاد الإيراني وخاصة قطاع صناعة الطاقة غير المتطورة.[90]

المبحث الثاني

السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة فترة حكم أحمدي نجاد (2005-2013)

شهدت فترة رئاسة أحمدي نجاد بروز عدد من الملفات التي حكمت سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، ويمكن تناول تلك القضايا أو الملفات كالتالي:

  • الملف النووي الإيراني:

كان البرنامج النووي الإيراني فترة حكم الرئيس السابق أحمدي نجاد بمثابة محدد هام للمواجهة بين القيادة الإيرانية من ناحية والولايات المتحدة الامريكية وشركائها ومعهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ناحية أخرى، وما زال الى الان كذلك، وقد استغل نجاد هذا الملف لتحقيق مكاسب داخلية والحصول على تأييد شعبي، وقد تعددت دوافع سعي إيران لامتلاك التكنولوجيا النووية، ومن تلك الدوافع كونها تتميز بموقع الاستراتيجي في قلب العالم الإسلامي وبين الخليج العربي وبحر قزوين الغنيين بالنفط والغاز الطبيعي بالإضافة لكونها دولة متعددة الأعراق والقوميات وبالتالي فهي في حاجة للدفاع عن نفسها وتأمين مصالحها.[91]

ومن الدوافع التي لدى إيران أيضا لامتلاك تكنولوجيا نووية هو سعيها لأخذ مكانة متميزة على الساحة الإقليمية والقيام بأدوار متعددة إقليميا ودوليا، وكذلك تحقيق اهداف اقتصادية وتنموية حيث يهدف البرنامج النووي لتأمين 20% من الطاقة الكهربائية بواسطة المفاعلات النووية، ولكن على الجانب الاخر بالنظر للموقف الأمريكي يلاحظ أنها ترفض امتلاك إيران لسلاح نووي، وتسعى بكافة الطرق لتحجيم التكنولوجيا النووية الإيرانية وتقليل نسب تخصيب اليورانيوم، حيث يشكل البرنامج النووي تهديدا مباشرا لمصالحها ونفوذها في المنطقة، وكذلك يمثل تهديدا لحليفتها إسرائيل.[92]

توصلت الولايات المتحدة مع القوى الاوربية الى توافق حول تحقيق ثلاثة أهداف أساسية فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، تمثلت في منع إيران من امتلاك السلاح النووي وتأخير البرنامج النووي الإيراني عن طريق عمليات التفتيش التي تتم بواسطة خبراء الوكالة الدولية، ولكن مع فشل الحلول الدبلوماسية ومع الضغط المستمر من الولايات المتحدة فقد تم فرض عقوبات على إيران عام 2006 بموجب مشروع القرار المشترك مع الولايات المتحدة المقدم لمجلس الامن الدولي والمطالب بتوقيع عقوبات على البرنامج النووي الإيراني.[93]

بالنسبة للولايات المتحدة لا يمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي لأنه سيجعل إيران قوة إقليمية ذات وزن في المنطقة مما يعيق السيطرة الامريكية، وأيضا لان نجاحها في تخصيب اليورانيوم وامتلاكها سلاح نووي يشكل دافعا للدول الأخرى في المنطقة هي الأخرى لامتلاك سلاح نووي، وكذلك توفير الحماية لإسرائيل وضمان بقائها القوة النووية الوحيدة في المنطقة.

الموقف الإيراني المتشدد:

بعد وصول أحمدي نجاد للحكم في 2005 أظهر موقفا متشددا فيما يتعلق بالبرنامج النووي والعلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية، وقام باستئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، وبالتالي نقلت الولايات المتحدة هذا الملف الى مجلس الامن، ووفقا لتصريح حسن روحاني المسئول عن الملف النووي الإيراني وقتها فإن السياسة الإيرانية خلال تلك الفترة كان هدفها الأساسي هو بيان عدم صحة ادعاء الولايات المتحدة حيازة إيران سلاح نووي كما فعلت مع العراق، وبالرغم من تزايد العقوبات لم تتراجع إيران عن تخصيب اليورانيوم وتمسكت بحقها في امتلاك طاقة نووية للاستخدام السلمي، ونتيجة لهذا التعنت أصبح مسدودا امام المفاوضات وبالتالي غاب الحديث عن الحلول السلمية وبدأ التلويح بالخيار العسكري.[94]

طلبت إيران في عام 2006 من الوكالة الدولية فض الاختام التي وضعها مفتشوها عن منشآتها النووية في مفاعل “ناتانز” وموقعين آخرين ذات صلة به، وأظهرت حكومة نجاد مواقف متشددة تجاه محاولات الولايات المتحدة والقوى الغربية لإيقاف برنامج إيران النووي، وهو ما قوبل بزيادة الضغوط على إيران وفرض مزيد من العقوبات. وفي المقابل قام احمدي نجاد بالتقليل من أثر تلك العقوبات، حيث صرح في مقابلة لشبكة “ايه بي سي” التلفزيونية في سبتمبر 2010 قائلا: “نحن نأخذ العقوبات على محمل الجد لكن أخذها على محمل الجد يختلف عن الاعتقاد بأنها مؤثرة، هذان موضوعان مختلفان”[95]

دفعت تلك السياسة احمدي نجاد للتصريح في 2011 في كلمة القاها امام مؤتمر طلابي في طهران بأنه “لو قررت الولايات المتحدة مواجهة الشعب الإيراني فإن الرد الحازم للشعب الإيراني سيجعلها تندم، وأن الشعب الإيراني ليس بحاجة للقنبلة الذرية لوضع حد للتطاول الأمريكي”، ودعا نجاد أيضا الولايات المتحدة لتغيير سياستها حيال إيران متهما إياها وحلفائها “بالعمل لتحقيق الثراء والتطور من خلال نهب وتدمير باقي الشعوب”.[96]

التراجع عن الموقف المتشدد:

أظهرت إيران رغبتها في الدخول في حوار مع الولايات المتحدة بشروط معينة بعد وصول أوباما لمنصب الرئاسة الامريكية وتبنه سياسة أقل تشددا تجاه إيران، حيث أعلن المرشد الأعلى الإيراني “علي خامنئي” عام 2009 بأنه على الامة الإيرانية أن تنتقل في صناعة سياستها من العاطفة الى المنطق لاسيما فيما يتعلق بالقضايا المهمة التي ترتبط بالمصلحة الإيرانية، وأعلن أيضا بأن المفاوضات ممكنة إذا بحثت بعض النقاط بين الطرفين، وبعد فوز نجاد في الانتخابات الرئاسية 2009 وتوليه فترة رئاسية ثانية خرجت مظاهرات عديدة ضده دفعته في النهاية للإعلان عام 2010 عن استعداد حكومته للعودة للمفاوضات، ويؤيد ذلك تصريح “محمد البرادعي” المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية في مذكراته حيث قال: ” وصلت رسالة من احمدي نجاد تقول أنه مستعد للدخول في مفاوضات ثنائية دون شروط على أساس الاحترام المتبادل، وأن ايران مستعدة للمساعدة في الملف الافغاني وملفات أخرى”، وذكر البرادعي أيضا ان احمدي نجاد قد وجد صعوبة في اقناع الاخرين في طهران بالاتفاق بعد أن أقنعه رئيس هيشة الطاقة الذرية “علي اكبر صالحي”.

شهدت آخر رئاسة نجاد تحول في استراتيجية القيادة السياسية الإيرانية بمباركة المرشد الأعلى علي خامنئي، حيث يمكن القول بأن المصالح الامريكية والإيرانية التقتا في الرغبة في إيجاد تسوية للملف النووي الإيراني، فقد تم تنظيم لقاء في بداية عام 2012 بوساطة عمانية بين وفد أمريكي بقيادة جون كيري مع علي صالحي كبير المفاوضين الإيرانيين في البرنامج النووي وقتها، ويعد ذلك التحول نتيجة لتغير ظروف البيئة الداخلية في إيران التي غلب عليها الانقسام الشديد بين المحافظين والاصلاحيين، بل وبين المحافظين أنفسهم كذلك.[97]

  • الملف العراقي:

يعد الملف العراقي أحد أهم المحددات التي تشكلت في ظلها السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في فترة رئاسة أحمدي نجاد، فمنذ بداية الغزو الأمريكي للعراق حدث تنسيق بين الولايات المتحدة وإيران حيث تعهدت الأخيرة بعدم إطلاق النار على الطائرات الامريكية داخل الأجواء الإيرانية، وقد استفادت إيران من السياسة الامريكية في العراق التي كانت قائمة على تفكيك مؤسسات الدولة، حيث تحولت العراق لمنطقة نفوذ إيرانية، وقامت بتقديم الدعم للميليشيات التي تقاوم القوات الامريكية، وبالتالي تحول ذلك الغزو الى عبئ أمني وسياسي وعسكري على الإدارة الامريكية، ولم تبالي إيران بالحصار الذي فرض عليها، وهو ما ظهر عام 2006 في تصريح “هاشمي رفسنجاني” رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام آنذاك بأنهم هم من يحاصرون القوات الامريكية، بمعنى أن وجود 140 الف جندي أمريكي في العراق يجعل هؤلاء مشروع رهائن بالنسبة لإيران حيث أصبحت قادرة على استخدامهم كورقة ضغط على الولايات المتحدة.[98]

دفعت سياسة إيران المعادية للقوات الامريكية في العراق الولايات المتحدة الى السعي للتنسيق مرة أخرى مع إيران بخصوص مستقبل العراق من أجل تشكيل نظام موال للطرفين، ودخلت إيران في حوار مباشر مع الولايات المتحدة للبحث في كيفية تحقيق الاستقرار في العراق والدور الذي يمكن أن تؤديه لتحقيق ذلك، وبالتالي تمكنت إيران من المشاركة في بناء نظام سياسي جديد وتم توجيه الاهتمام للمذهب الشيعي في الدستور العراقي سنة 2005.[99]

استمرت محاولات التنسيق بين إيران والولايات المتحدة بهدف تحقيق الاستقرار في العراق، وفي ذلك الاطار انعقدت ثلاث جولات للحوار بينهما في عام 2007 في شهر مايوا، ويوليو وأغسطس، وقد فشلت هذا الحوار في تحقيق الهدف المنشود منه، نظرا لتعارض اهداف الطرفين، فكل طرف كان لديه اهداف مختلفة عن الهدف المعلن، فالولايات المتحدة كانت لديها رغبة في قيام إيران بمساعدتها لوقف نزيف الدم والخسائر البشرية في صفوف القوات الامريكية، بينما إيران كانت ترغب في عقد صفقة مع الولايات المتحدة تكفل لها استكمال برنامجها النووي وعدم اعتراض الولايات المتحدة عليه، وبالتالي لم يصل الحوار لنتائج إيجابية.

تم عقد الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة عام 2008 وبموجبها تم انسحاب القوات الامريكية من العراق، وتولى نوري المالكي رئاسة الوزراء، وبعد ذلك ظهر التنسيق بين إيران والولايات المتحدة في موافقة إيران على رحيل نوري المالكي الذي لم يعد يلقى قبولا أمريكيا، وتم طرح حكومة حيدر العبادي بدعم إيراني، فبالرغم من توتر العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الا ان هناك مصالح مشتركة بينهم في العراق تمثلت في الحفاظ على بقاء الدولة وتجنب الحرب الاهلية ومواجهة “داعش”.[100]

  • الملف السوري:

يعد الملف السوري أحد أهم ملفات سياسة إيران الإقليمية، فسوريا تعد حليف جيوستراتيجي لإيران يضمن لها نفوذ إقليمي ممتد من غرب إيران مرورا بالعراق وصولا الى لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، لذلك لم تتوانى إيران منذ بداية الازمة السورية عن دعم نظام بشار الأسد واعتبرت أن ما يحدث في سوريا هو مؤامرة من الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل ضد ما يسمى بمعسكر الممانعة في المنطقة، وبالتالي قدمت إيران جهود كبيرة للحفاظ على نظام الأسد من خلال تقديم الدعم الدبلوماسي والسياسي والتعبئة العامة للرأي العام ضد المعارضة السورية، وأيضا تقديم المساعدات الاقتصادية لمواجهة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها، فقد اعتبرت أن المساس بسوريا يعد مساسا بإيران وثورتها.[101]

كانت سوريا ساحة للحرب غير المباشرة او الحرب بالوكالة بين إيران وشركاء الولايات المتحدة من الدول السنية في المنطقة، ولكن في عام 2012 تراجعت الولايات المتحدة عن الضربة العسكرية للنظام السوري بعد تخطي الخط الأحمر الذي حددته واشنطن باستخدام السلاح الكيماوي، وصرفت تركيزها عن اسقاط النظام السوري وتعهدت أيضا بوقف محاولات تغيير النظام في طهران، وذلك كبادرة لإنجاح المفاوضات النووية التي اعتبرها أوباما أولوية للسياسة الخارجية الامريكية وصفقة مهمة لابد من حسمها، وفي 2013 تم عقد مؤتمر جنيف لتسوية الملف النووي وتضمن رغبة الادارتين في التلاقي لتسوية الملف السوري.[102]

الفصل الثالث

القيادة السياسية والسياسة الخارجية الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية (2013-2021)

يعد وصول الرئيس حسن روحاني إلى السلطة في إيران هو تحول من السيطرة المطلقة للمحافظين الأصوليين إلى صعود تدريجي من المحافظين والإصلاحيين في الداخل، ومن التشدد والراديكالية إلى المرونة والانفتاح على الخارج، وهذا التغير يكمن في الأدوات وليس في الثوابت، لذلك يتناول هذا الفصل السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في فترة حكم الرئيس الاسبق حسن روحاني (2005-2021)، وينقسم لمبحثين، الأول يتناول الظروف المحلية والإقليمية والدولية المحيطة بفترة رئاسة روحاني، بينما يتناول المبحث الثاني سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة خلال فترة حكمه (2013-2021).[103]

المبحث الأول

الظروف المحلية والإقليمية والدولية المحيطة بفترة رئاسة روحاني (2013-2021)

أسفرت الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو 2013 عن فوز المرشح المعتدل حسن روحاني بنسبة 50.86% من الأصوات، وقد اقتصرت الانتخابات على جولة واحدة فقط دون الحاجة لإعادة، حيث تجاوزت نسبة التصويت لروحاني الأغلبية المطلقة، وقد تعددت الظروف المحيطة بفترة حكم “أحمدي نجاد” سواء على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو المستوى الدولي، ويمكن القول بأن تلك الظروف قد أثرت على نهج سياسة نجاد الخارجية خاصة تجاه الولايات المتحدة. ويمكن تناول تلك الظروف كالتالي:

أولا/ الظروف المحلية:

  • فكر “روحاني” ورؤيته السياسية:

يؤمن روحاني بأن سياسة إيران تتمثل في التفاعل البناء مع دول الجوار وذلك على أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وأن إيران لا تهدف للسيطرة على الدول الإسلامية في المنطقة، وظهر ذلك في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والستين حيث قال: “إن السياسة الأصولية لبلادنا هي السعي للتعامل البناء مع الجيران على أساس من الاحترام المتبادل والتأكيد على المصالح المشتركة”، ويمكن القول بأن الرئيس الأسبق روحاني كان قد اكتسب خبرة كبيرة نتيجة انخراطه في المفاوضات النووية، حيث تولى منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وقد عمل على إعادة بناء الثقة الدولية في إيران ورفع العقوبات عنها.[104]

اثناء رئاسته تبنى روحاني سياسة دعم الحوار، والاعتدال والتفاعل البناء، ومنهج الربح لجميع الأطراف، واعتمد على ذلك في حل الازمات المطروحة أمام السياسة الخارجية الإيرانيةـ، وبالتالي ساعد ذلك في التوصل الى “خطة العمل المشتركة الشاملة” بشأن الملف النووي الإيراني، فهو يؤمن بأهمية الحفاظ على السلامة الإقليمية للدول، والتأكيد على مبادئ الابتعاد عن استخدام القوة أو التلويح باستخدامها، ويرى روحاني أيضا أن الدبلوماسية هي الحل الأنسب لحل الصراعات، ويمكن ملاحظة ملامح تلك السياسة من خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحادية والسبعين، حيث قال: “دعوني أؤكد أنه –رغم كل الصعوبات- فإنني أرى أن الاعتدال سيسود ويهزم التطرف، وأن السلام سيهزم العنف، وأن التنوير سيتغلب على الجهل، وأن العدل سيرتقي فوق انعدام العدل، وأنه لا يوجد شك أن الله سيساعد هؤلاء الساعين نحو السلام والاعتدال”.[105]

  • ملف العقوبات وتأثيره على الداخل الإيراني:

يمكن القول بأنه مع تولي روحاني السلطة بدأ الاقتصاد الإيراني يتحسن بشكل ملحوظ، حيث استقر سعر العملة وانخفض معدل التضخم، وبدأ روحاني يأخذ خطوات إيجابية نحو تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران، وبدأ ذلك بتوقيع اتفاقية جنيف في نوفمبر 2013 مع مجموعة دول (5+1)، والتي نصت على تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وعدم فرض عقوبات جديدة عليها لمدة ستة أشهر تالية في مقابل التزام إيران بتقليل نسب تخصيب اليورانيوم، وبالتالي بلغ معدل نمو الاقتصاد الإيراني في عام 2014 نسبة 2.2%، وبدأ الوضع الاقتصادي ينتعش في ظل عودة الصادرات النفطية لمستوياتها الطبيعية، وتم الافراج عن الأصول الإيرانية المجمدة بالخارج وقدرها حوالي 100 مليار دولار.[106]

تم التوصل الى الاتفاق النهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني في يوليو 2015 ونتج عنه رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وبالتالي لقي حسن روحاني ثناء كبير من قبل الشعب الإيراني على مجهوده في التوصل للاتفاق الذي منحه تأييد شعبي واسع حيث أصبح الطريق مفتوحا امامه لتنفيذ وعوده بتحسين مستوى معيشة الشعب ورفع كفاءة الاقتصاد الإيراني.

لكن لم تدم تلك الحالة طويلا حيث أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب في 2018 انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، حيث كان يرى انه لا يمكن منع إيران من امتلاك قنبلة نووية استناداً إلى تركيب هذا الاتفاق، وبالتالي تم فرض العقوبات الاقتصادية مرة أخرى على إيران بشكل اقوى، مما انعكس بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي والسياسي في إيران، وردا على ذلك القرار أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده ستبقى ملتزمة بالاتفاق النووي متعدد الأطراف، وقال: ” إذا حققنا أهداف الاتفاق بالتعاون مع الأعضاء الآخرين به فسيظل ساريا، وبالخروج من الاتفاق تقوض أمريكا بشكل رسمي التزامها تجاه معاهدة دولية”، وظهر هذا التمسك الإيراني أيضا في تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريده على موقع تويتر “ردا على الانتهاك الأمريكي المتكرر والانسحاب غير القانوني من الاتفاق النووي، ووفقا لتوجيهات الرئيس حسن روحاني، سأقود الجهود الدبلوماسية لاختبار ما إذا كانت بقية الأطراف قادرة على ضمان التزاماتها تجاه إيران. نتائج هذا ستحدد رد فعلنا”.[107]

  • العلاقة بين الرئيس “روحاني” والمرشد الأعلى “خامنئي”:

كان لدى المرشد الأعلى أملا في قيام حسن روحاني بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية 2013 بالتواصل مع الولايات المتحدة والغرب، والتفاوض معهم بشأن تخفيف ورفع العقوبات دون التخلي عن البرنامج النووي الإيراني، وذلذلك قدم المرشد كافة اشكال الدعم لجهود روحاني بخصوص المفاوضات النووية وطالب المتشددين بعدم اتهام روحاني بالتساهل مع الولايات المتحدة، ولكن بعد توقيع الاتفاق النووي في عام 2015 بدأت تظهر الخلافات بين الرئيس الاسبق روحاني وبين الحرس الثوري الإيراني، حيث كان قائد الحرس الثوري الإيراني “محمد علي جعفري” يرى أن الاتفاق مع الغرب بمثابة فتح الباب أمام تخريب مبادئ الجمهورية الإسلامية.[108]

ظهر خلاف اقتصادي بين روحاني وخامنئي حول الميزانية المخصصة للعام 2016 التي أقرها مجلس مفوض من خامنئي وقرر زيادة ميزانية الامن بواقع 40 مليار دولار، ولم يلقى ذلك القرار رضا روحاني حيث اعتبره إعاقة لخطة التنمية الاقتصادية التي يضعها لإيران بعد رفع العقوبات عنها، وظهرت أيضا خلافات بينهما فيما يتعلق ببرامج التعاون الأكاديمي والثقافي بين الجامعات الإيرانية ونظيرتها الاوربية، حيث اعترض المرشد على برامج المنح واعتبرها مناقضة للثقافة الإيرانية. [109]

ثانيا/ الظروف الإقليمية:

تعددت الظروف الإقليمية التي أثرت على سياسة إيران فترة رئاسة حسن روحاني، ومن أبرز تلك الظروف ما يلي:

  • الوضع في العراق وظهور تنظيم “داعش”:

أدت سياسات رئيس الوزراء العراقي السابق “نوري المالكي” الى وجود حالة من الاحتقان الشديد حيث كان يمارس التهميش والاقصاء ضد العرب السنة برفض الاستجابة لمطالبهم في الاعتصامات السلمية، وقامت قواته باستخدام القوة ضد المحتجين، ومارس التهميش أيضا ضد الشيعة وحلفائه الذين ساعدوه للوصول للحكم خاصة التيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي وغيرهما، ومع تدهور الوضع الداخلي في العراق باتت الفرصة سانحة لظهور الفكر المتطرف، فقد استغلت “داعش” الحالة السياسية والأمنية والاجتماعية المتدهورة وتدخلت في المشهد العراقي الداخلي.[110]

كانت تهدف “داعش” لتأسيس دولة لها في المنطقة تبدأ في العراق وتمتد الى دول الجوار، وأعلن هذا التنظيم قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب “ابي بكر البغدادي” خليفة للمسلمين، وفي يونيو 2014 بعد سقوط الموصل طلب التنظيم البيعة من زعماء العشائر وبدأ في ارتكاب الجرائم، وبالتالي دفع ذلك إيران للتدخل العسكري في الموصل ومناطق أخرى، فبالنسبة لإيران كانت تلك الازمة تمس بها مباشرة خاصة انها تزامنت مع تصاعد حدة التحديات التي تواجهها على الصعيد الإقليمي سواء استمرار الازمة السورية وعدم قدرة بشار الأسد على انهاء المعارضة، او اقتراب تنظيم “داعش” من الحدود العراقية-الإيرانية والتهديد باستهداف الأماكن الشيعية في العراق وهو ما يمثل تهديدا لإيران، وقدمت ايران دعما عسكريا للعراق لمواجهة تنظيم “داعش” من خلال ارسال عناصر من الحرس الثوري للمشاركة في الدفاع عن الأماكن المقدسة، وتوجه “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس السابق للعراق ليشارك في إدارة المواجهات العسكرية ضد “داعش”.[111]

  • أحداث 30 يونيو 2013 في مصر:

كانت إيران تعول على الرئيس المصري السابق “محمد مرسي” لتقوية أواصر العلاقات بين البلدين، وكانت تظن أيضا ان نظام مرسي سيتخذ موقف متشدد تجاه إسرائيل الى حد الغاء معاهدة السلام، ولكن لم يحدث ما كانت تتوقعه إيران بل ان مرسي اتخذ موقفا مناقضا للموقف الإيراني تجاه الازمة السورية، وفيما يتعلق بأحداث 30 يونيو 2013 فقد اتخذت إيران موقفا متذبذبا وحرصت بشكل واضح على عدم إثارة خلافات مع السلطة الجديدة في مصر، وقبل عزل مرسي بأيام قليلة أبدت إيران من خلال تصريح رسمي قلقها إزاء تصاعد أعمال العنف في مصر وأكدت ضرورة الانصات لصوت الشعب والاستجابة لمطالبه المشروعة من أجل الحفاظ على أمن مصر واستقرارها.[112]

وبعد عزل الرئيس مرسي انتقدت طهران هذه الخطوة على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجيتها، حيث رأت أن ديمقراطية الشارع غير جيدة وأن تدخل العسكريين في السياسة هو عمل غير مقبول، ولم تكتفي بذلك بل كالبت أنصار مرسي بمواصلة مساعيهم لاسترداد السلطة، وفي المقابل جاء رد الفعل المصري على تلك السياسة قويا، حيث استنكرت وزارة الخارجية المصرية تلك التصريحات واصفة إياها بالتدخل غير المقبول، وطالبت المسئولين الإيرانيين بالتركيز على التحديات التي تواجه بلادهم داخليا وخارجيا، مما دفع ايران لتهدئة نغمة التصريحات، ولكنها ادانت فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة ودعت الجميع بضبط النفس، ولا تزال العلاقات بين مصر وإيران متوترة الى الان.[113]

  • الوضع في سوريا:

ظهرت الآمال بعد وصول حسن روحاني للرئاسة الإيرانية حول حدوث تغيير في سياسة إيران تجاه سوريا، بالنظر الى ان روحاني يتبع النهج الإصلاحي ولديه رغبة في الانفتاح على الغرب والمجتمع الدولي، ولكن تلك الآمال لم تتسق مع الواقع، حيث أن روحاني لا يمكن اعتباره شخص إصلاحي بشكل بحت، وانما هو يعمل في إطار نظام سياسي محكم ووصل للحكم لأداء مهمة محددة وهي تعزيز شرعية النظام الإيراني بعدما تآكلت بشكل كبير على المستويين المحلي والدولي، لذلك لا يمكن اعتبار تخفيف حدة الصدام مع الغرب أنه يعني تراجع عن الرؤية الاستراتيجية الإيرانية.[114]

وصف الرئيس السابق حسن روحاني الضربات الجوية التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش” في سوريا بأنها عملية نفسية وليست عملية عسكرية، فهو يؤمن بأن “داعش” تشكل خطرا على الجميع يتطلب للتغلب عليه جهودا موحدة من كافة الدول، ويمكن القول بأن إيران بعد الاتفاق النووي أصبحت تلعب دور أقوى في سوريا، وبالتالي كان ذلك الدور الإيراني المتزايد أحد دوافع روسيا للتدخل في سوريا بهدف تحجيم الدور الإيراني، وتوزيع الأدوار بشكل يتناسب مع المصالح الاستراتيجية للبلدين.

ثالثا/ الظروف الدولية:

  • علاقة إيران بالولايات المتحدة الامريكية:

بعد وصول حسن روحاني للسلطة بدأت تتضح معالم انفراجه سياسية مع الغرب، فبالنسبة لروحاني كان ملفي السياسة الخارجية والاقتصاد هما الأهم، وبالتالي فقد كان لديه رغبة في الوصول لتسوية مع الغرب بخصوص الملف النووي لرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وفي المقابل رحبت الولايات المتحدة بذلك التوجه وأبدت استعدادها لتغليب الحلول الدبلوماسية، وفي عام 2014 بدأ التعاون الأمريكي – الإيراني يأخذ ابعاد أمنية وعسكرية وسياسية، ولعل من ملامح التعاون السياسي بين البلدين هو الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للجماعات الطائفية المرتبطة بالنظام الايراني في أمريكا الشمالي، وظهر التعاون العسكري في عقد سلسلة اجتماعات سرية أمريكية – إيرانية في 2015 واتفق الطرفان فيها على تقييم المخاطر التي ممكن أن تعانيها المنطقة في حال سقوط النظام السوري، بينما على المستوى الدبلوماسي فقد عملت ايران على زيادة دورها كقوة مركزية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، واستعدادها لبناء منظومة أمنية تعاونية بين إيران والغرب، وقد شجعتها الولايات المتحدة في ذلك.[115]

يمكن القول بأن محصلة ذلك التعاون قد ظهرت من خلال التوصل للاتفاق النهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني في يوليو 2015، واستطاعت إيران دخول نادي الدول النووية من خلال برنامجها السلمي واعترفت بها الأمم المتحدة كدولة ذات قدرات نووية سلمية، فقد نجحت إيران في اقناع الولايات المتحدة والغرب ببرنامجها النووي السلمي واستمرار أنشطتها النووية، ولكن بعد وصول الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب للسلطة بدأ الامر يختلف حيث أعلن أكثر من مرة رفضه للاتفاق النووي واعتبره بمثابة تهديد لأمن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، واتهم ايران بدعم التنظيمات المسلحة في المنطقة، وفي خطوة تصعيدية أعلن ترامب في 2018 انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، حيث كان يرى انه لا يمكن منع إيران من امتلاك قنبلة نووية استناداً إلى تركيب هذا الاتفاق، وبالتالي تم فرض العقوبات الاقتصادية مرة أخرى على إيران بشكل اقوى.[116]

  • علاقة إيران ببريطانيا:

أبدت بريطانيا ترحيبها بالتوصل للاتفاق النووي، فرأت أنه يمنح إيران الفرصة للانفتاح على العالم، وقد أعلن كل من وزير الخارجية البريطاني السابق “فيليب هاموند” ورئيس الوزراء البريطاني السابق “ديفيد كاميرون” في عام 2015 عزمهم زيارة طهران، وتم إعادة افتتاح السفارة البريطانية في طهران في أغسطس 2015، وتمت إعادة الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين بعد توقف استمر لمدة أربعة أعوام شهدت انقطاع العلاقات بين البلدين.

قامت إيران باعتقال “نازانين زاجارى” وهي سيدة بريطانية من أصل إيراني بتهمة التجسس في عام 2016، حيث تم احتجازها بتهمة التآمر للإطاحة بالنظام من خلال إدارة برنامج تدريبي على الصحافة أثناء زيارتها لإيران، وقد أدت تلك الخطوة لتوتر العلاقات بين إيران وبريطانيا، فقد تعاملت إيران مع “نازانين” على أنها مواطنة إيرانية فقط، ولم تعترف بجنسيتها المزدوجة، مما دفع لندن في 2019 لتحذير رعاياها الذين يحملون الجنسيتين البريطانية والإيرانية من السفر إلى إيران، وبذلت بريطانيا جهود كبيرة للإفراج عن “نازانين” وقامت بمنحها الحماية الدبلوماسية في مارس 2019،[117] وتم التوصل في النهاية لتسوية بين البلدين على إثرها تم الافراج عن المعتقلين “نازانين زاجارى” و “أنوشه آشوري” في مقابل قيام لندن بسداد ديناً قديماً على صلة بصفقة أسلحة ملغاة مع طهران، وقيام عائلة “أشوري” بدفع مبلغ 27 ألف جنيه إسترليني كغرامة للحكومة الإيرانية.[118]

  • علاقة إيران بفرنسا:

دخلت العلاقات بين إيران وفرنسا مرحلة من التقارب بعد توقيع الاتفاق النووي 2015، حيث قام الرئيس الإيراني السابق “حسن روحاني” بزيارة باريس ضمن جولته الاوربية، وأكد خلال تلك الزيارة على أن علاقات إيران بالغرب قد دخلت في طور جديد بما في ذلك فرنسا، ولعل ملف الاقتصاد كان من أهم ملفات سعي روحاني لتحسين العلاقات مع فرنسا، حيث تم عقد صفقات اقتصادية ضخمة بين البلدين، وظهر ذلك في توقيع اتفاقات تجارية بقيمة 15 مليار يورو، ووقعت إيران اتفاق للحصول على 118 طائرة إيرباص للرحلات المتوسطة والبعيدة، وأعلنت شركة توتال النفطية توقيع عقد لشراء ما بين 150 و200 ألف برميل من النفط الخام الإيراني بشكل يومي، وغير ذلك من الصفقات الاقتصادية التي انعشت الاقتصاد الإيراني.[119]

وبعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي 2018، علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ذلك القرار قائلا: “إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا تأسف للقرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وتريد “العمل في شكل مشترك” على اتفاق أوسع، وقال أيضا “سنعمل في شكل مشترك على إطار أوسع يشمل النشاط النووي ومرحلة ما بعد 2025 والصواريخ البالستية والاستقرار في الشرق الأوسط وخصوصا في سوريا واليمن والعراق”.[120]

  • علاقة إيران بألمانيا:

كان روحاني يأمل بأن تساعد في تضييق الفجوة بين الاتحاد الأوربي والشرق الأوسط، وهو ما ظهر في تصريحاته خلال لقائه مع وزير الاقتصاد الألماني الذي كان يزور إيران مع وفد الماني لإبرام اتفاقيات تجارية مع طهران، حيث قال روحاني: إنه ” يأمل بأن تلعب المانيا دورا إيجابيا في تحسين العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي أسوة بدورها الإيجابي في المحادثات التي أجريت بشأن البرنامج النووي الإيراني”، وبالنسبة للموقف الألماني فقد ظهر في تصريح وزير الاقتصاد الألماني، حيث قال: ” تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين يعتمد بصورة خاصة على حماية حقوف الانسان في طهران وضمان أمن إسرائيل”.

قبل الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في 3 مايو 2018 دعم المانيا للاتفاق النووي مع إيران، قائلة إنه “يجب الحفاظ عليه”، وإنه “يمكن مناقشة القضايا ذات الصلة “كإضافة” إلى الاتفاق النووي الإيراني، مثل نفوذ إيران في سوريا وبرنامج الصواريخ الباليستية لطهران وما سيحدث عقب انتهاء صلاحية أجزاء من الاتفاق النووي الموقع في 2015،[121] وبعد قرار “ترامب” الانسحاب من الاتفاق النووي، قالت “ميركل” إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنهاء الاتفاق النووي مع إيران من جانب واحد هز الثقة في التعاون بين أطراف المجتمع الدولي”، وأكدت رفضها انتهاج “سياسة قومية منفردة” كما وصفتها. فهي كانت ترى أن الاتفاق مع طهران يجعل من المستحيل على إيران تطوير أسلحة نووية، مقابل إنهاء العقوبات الغربية عليها.[122]

  • علاقة إيران بروسيا والصين:

قبل ابرام الاتفاق النووي شهدت العلاقات التجارية بين روسيا وإيران انخفاض ملحوظ بسبب الضغوط الغربية على روسيا، وهو ما ظهر في تصريح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالرئيس الإيراني الأسبق “حسن روحاني” في ديسمبر 2014 على هامش مؤتمر قمة شنغهاي، حيث قال: “إن انخفاض حجم العلاقات التجارية بين إيران وروسيا لأقل من ملياري دولار سببه الظروف والأوضاع الدولية، لكننا نسعى الى تنوع ومضاعفة حجم التبادل التجاري مع إيران “، وعلى الجانب الاخر أكد روحاني في نفس المؤتمر على حسن النية الإيرانية بشأن مستقبل العلاقات مع روسيا، حيث قال: “إن إيران جادة في تطوير علاقاتها مع موسكو، وهناك تعاون جيد بين الدولتين في مجال التكنولوجيا والعلوم، ويجب تطوير هذا التعاون ليشمل كافة المجالات الفنية والهندسية والتجارية، وتصدير الخامات والسلع الزراعية، والطاقة”.[123]

وبعد توقيع الاتفاق النووي شهدت العلاقات بين البلدين مرحلة أقوى من التعاون، حيث قام وزير الخارجية الإيراني السابق “محمد جواد ظريف” بزيارة روسيا في أغسطس 2015، أكد خلالها على تنمية العلاقات الثنائية والعمل على حل المشاكل الإقليمية، وتم توقيع ثلاث اتفاقيات للتعاون النووي بين البلدين في نوفمبر 2014.

وفيما يتعلق بعلاقة إيران بالصين، فقد قام روحاني في 2014 بزيارة الصين للمشاركة في قمة شنغهاي، وأجرى عدة لقاءات رسمية مع الرئيس الصيني، وأكد على أهمية إعادة إحياء طريق الحرير التجاري كي تصبح إيران جسرا تجاريا مهما يربط بين الصين ودول الشرق الأوسط وأسيا الوسطى والقوقاز، وأكد أيضا على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات خاصة التجارية، وفي زيارته لإيران في فبراير 2015 أكد وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” على أهمية الدور السياسي لإيران في المنطقة وكونها شريك استراتيجي للصين، وبعد رفع العقوبات عن ايران بعد توقيع الاتفاق النووي قام الرئيس الصيني ” شي جين بينغ” بزيارة إيران في يناير 2016، والتقى بالمرشد وروحاني وأكد على أهمية التعاون مع ايران بهدف الحفاظ على العلاقات القوية بين البلدين.[124]

بعد انهيار الاتفاق النووي مع إيران وتشديد العقوبات الغربية عليها، تبنت الصين فصلا جديدا في “دبلوماسية الشراكة”، وحددت علاقاتها مع إيران في جميع المستويات وعلى الصعيد الثنائي ومتعدد الأطراف، وفي مارس 2021 وقعت إيران والصين اتفاقية تعاون استراتيجي لمدة 25 عام شملت قطاعات اقتصادية وعسكرية كبيرة، حيث تضمنت أن تكون الصين مستورداً مستمراً للنفط الخام الإيراني، والارتقاء بمكانة الجمهورية الإيرانية في مبادرة الطريق والحزام من خلال تطوير النقل المتعدد الأوجه بما في ذلك شبكات السكك الحديدية والطريق السريع والطرقات البرية والبحرية والجوية.[125]

المبحث الثاني

السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة فترة حكم حسن روحاني (2013-2021)

شهدت فترة رئاسة حسن روحاني بروز عدد من الملفات التي حكمت سياسة إيران الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، ويمكن تناول تلك القضايا أو الملفات كالتالي:

  • المفاوضات النووية:

بعد انتخاب الرئيس الإيراني الأسبق روحاني، أظهر نيته في التفاوض مع الولايات المتحدة واتخذ مسار سياسي ودبلوماسي مرن، حيث قام بتعيين “محمد جواد ظريف” الذي يمتلك سمعة جيدة لدى الغرب وزيرا للخارجية، وقام بنقل مسئولية الملف النووي من المجلس الأعلى للأمن القومي –ذي التوجهات المتشددة- إلى وزارة الخارجية، وفي أغسطس 2013 أكد روحاني خلال مؤتمر صحفي على عزم إيران تبني نهج تخرج منه جميع الأطراف رابحة، وأشار أيضا الى استعداد ايران للدخول في مفاوضات جادة حول البرنامج النووي الإيراني، وأنه في حال وجود خطوات إيجابية من الجانب الأمريكي فإن إيران ستتخذ خطوات مشابهة، وفي ظل رغبة الرئيس الأمريكي السابق أوباما في الحوار مع إيران، تم إجراء مفاوضات بشكل سري في مسقط، ونتج عن تلك المفاوضات الإعلان عن تفاهم أولي حول البرنامج النووي الإيراني في جنيف في نوفمبر 2013.[126]

خلال تلك المفاوضات بين إيران ومجموعة دول (5+1)، عقدت مباحثات ثنائية مباشرة بين الجانبين الأمريكي والإيراني، حيث التقت رئيسة الوفد الأمريكي “ويندي شيرمان” بمساعد وزير الخارجية السابق “عباس عراقجي”، وكان “عراقجي” قد تعهد خلال جولات المفاوضات بأن إيران ستقدم منظور جديد لحل الازمة الدولية بخصوص برنامجها النووي بما في ذلك تخفيف مخاوف الأمم المتحدة.

كانت المفاوضات مع إيران في جينيف تدور حول أربع نقاط أساسية، كالتالي:[127]

  • وقف إيران للتخصيب إلى مستوى 20% الذي من شأنه أن يؤهلها لإنتاج السلاح النووي، وتحويل ما لديها من اليورانيوم المخصب بهذه النسبة الى غاز الاوكسيد.
  • استمرار إيران في التخصيب بنسبة 3.5% بغية استخدام المادة المخصبة بهذه النسبة في مفاعلها، مع الحد من عدد أجهزة الطرد المركزي، وبالتالي تضمن إيران استمرار عملية التخصيب، ولكن حسب الشروط التي تحددها مجموعة دول (5+1).
  • إغلاق إيران مفاعل البلوتونيوم للماء الثقيل في أراك والذي يشكل طريقا إضافيا لإنتاج الأسلحة الذرية، وأن يستمر إغلاق هذا المفاعل لمدة ستة أشهر، دون إيقاف كافة أنشطة المفاعل.
  • عدم إستخدام إيران أجهزة الطرد المركزي من طراز IR-2 التي تمكنها من تخصيب اليورانيوم بسرعة تتخطي سرعة الأجهزة الأقل تطورا بثلاثة إلى خمسة أضعاف.

وفي مقابل التزام إيران بتلك الشروط يقوم الغرب بإلغاء جزئي للعقوبات مع الاحتفاظ بحق فرضها مرة أخرى في حالة خرق الاتفاق من جانب إيران، وفي ختام الجولة الثالثة من محادثات جنيف تمكنت إيران ومجموعة دول (5+1) من التوصل الى اتفاق مرحلي بشأن البرنامج النووي الإيراني، والذي دخل الى حيز التنفيذ في العشرين من يناير 2014، وبحسب ذلك الاتفاق أصبح على إيران الالتزام بعدة نقاط، كالتالي:[128]

  • وقف تخصيب اليورانيوم لنسبة أعلى من 5%
  • التخلص من كمية اليورانيوم المخصبة الى نسبة 20%.
  • وقف أي تطوير لقدرات تخصيب اليورانيوم.
  • عدم زيادة مخزون اليورانيوم المخصب الى نسبة 3.5%.
  • وقف أي نشاط في مفاعل أراك ووقف أي تقدم في مجال تخصيب البلوتونيوم.
  • الشفافية التامة في السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش المفاجئ واليومي لمنشآت إيران النووية، بما في ذلك مصانع أجهزة الطرد.

وفي مقابل ذلك، تلتزم القوى الكبرى بتخفيف نظام العقوبات على إيران، ولكن مع الإبقاء على الهيكل الأساسي للعقوبات كما هو خلال ستة أشهر، ويشمل ذلك عدم فرض أي عقوبات جديدة طالما لم تخل إيران بالاتفاق طوال الستة أشهر، وتعليق العمل بعقوبات محددة مثل العقوبات على التعامل في الذهب والمعادن وقطاع السيارات، والسماح بإصلاحات وإعادة تأهيل بعض خطوط الطيران الإيرانية، وكذلك الإبقاء على مبيعات النفط الإيرانية عند مستواها المنخفض التي كانت عليه، والسماح بتحويل 400 مليون دولار من أصول إيران المجمدة لتغطية نفقات دراسة الطلاب الإيرانيين في الخارج.[129]

بعد حوالي 13 عام منذ بداية المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى، تم توقيع الاتفاق النووي في 14 يوليو 2015 بين إيران ومجموعة دول (5+1)، ودخل ذلك الاتفاق حيز التنفيذ في 15 يناير 2016، وتضمن الاتفاق عدد من المواد، ومن أهمها ما يلي:[130]

  • خفض عدد أجهزة الطرد المركزي لدى إيران من 19 ألف إلى 6140 جهاز طرد مركزي على أن يسمح ل 5060 جهاز منها بالعمل على تخصيب اليورانيوم لمدة (10) أعوام.
  • لن يتم إيقاف تخصيب اليورانيوم كما تنص عليه قرارات مجلس الأمن السابقة وسيسمح لإيران بالتخصيب حتى نسبة (3.67%) وهي نسبة كافية للاستعمالات السلمية ولا تسمح بإنتاج قنبلة نووية وسيتم التخصيب في منشأة ناتانز حصراً.
  • لن يتم إغلاق منشأة فوردو المحصنة (التي تم تشييدها على عمق 200 متر تحت الأرض من دون علم الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتم كشفها عام 2009 بواسطة الأقمار الصناعية الأمريكية، وإنما سيتم إيقاف عمليات التخصيب فيها لمدة 15 عام، ولن يسمح ببقاء مواد انشطارية في داخلها وإنما السماح ببقاء 1000 جهاز طرد مركزي، كما لن يتم تفكيك مفاعل أراك للماء الثقيل وإنما سيتم تغيير قلب مفاعل أراك حتى لا يتمكن من إنتاج مادة بلوتونيوم التي تدخل في صناعة السلاح النووي.

يمكن القول بأن الاتفاق النووي عزز من شرعية النظام الإيراني، حيث لقي حسن روحاني ثناء كبير من قبل الشعب الإيراني على مجهوده في التوصل للاتفاق الذي جعل الطريق مفتوحا امامه لتنفيذ وعوده بتحسين مستوى معيشة الشعب ورفع كفاءة الاقتصاد الإيراني.

الموقف الإيراني من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي:

قام الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب في مايو 2018 بخطوة يمكن وصفها بأنها متهورة، حيث أعلن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وتشديد العقوبات الاقتصادية مرة أخرى على إيران،[131] وبالتالي نظرت إيران الى هذا القرار على أنه بمثابة انقلاب على الاتفاقات الدولية، وعدم التزام بالنتائج المترتبة على تلك الاتفاقات، فخروج الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق النووي نتج عنه انعدام الثقة لدى القيادة السياسية الإيرانية في الولايات المتحدة الامريكية، فإيران تعتقد بأنها قبلت بأقصى التزامات الشفافية النووية الى الحد الذي لم يسبق له مثيل قبل ذلك، وأنها وفقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد وفت بالتزاماتها المحددة في الاتفاق النووي.

كان الرد الإيراني على مقترح الجلوس حول طاولة المفاوضات التي كان يدعو لها ترامب وادارته سلبيا، حيث تعتقد إيران بأن الولايات المتحدة لا تلتزم بمخرجات تلك المفاوضات، ولعل سياسة إيران في تلك الازمة تتضح بشكل واضح من خلال جملة المرشد الإيراني الشهيرة “لا تفاوض ولا حرب”، وأيضا تصريح روحاني حينما سئل عن الموقف الإيراني الرافض للتفاوض مع إدارة ترامب، حيث قال: ” الشخص الذي يدعي ويقول إنه يريد التفاوض فإن للتفاوض أساسيات، أول تلك الأساسيات هو الصدق، أي يجب أن يكون لدى الطرفين اعتقاد بالصدق لتنجح المفاوضات، والشخص الذي يدعي إنه يريد التفاوض اليوم هو الشخص الذي خرج من دون مفاوضات من جميع الاتفاقات الدولية”.[132]

تعاملت إيران مع الولايات المتحدة خلال تلك الازمة بمبدأ “توازن التهديد” ومواجهة التصعيد بالتصعيد، ولكن مع ترك الباب مفتوحا أمام الحلول الدبلوماسية، وظهر ذلك من خلال قيامها بتخفيض التزاماتها الدولية المحددة في الاتفاق النووي، وعمليات التصعيد الميداني في الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر العرب، وأيضا ظهر ذلك في تصريح روحاني حين قال: “اخترنا المسار الصحيح في تقليص التزاماتنا وأكدنا على إن صبرنا له حدود، ولا يمكننا أن نلتزم بشكل كامل مقابل عدم التزام الطرف الاخر، وإن القوى الدولية تدرك إن الممرات المائية الدولية لن تحظى بالأمن كما في السابق في حالة فرض حظر كامل على النفط الإيراني”.[133]

تبني إيران لنهج المقاومة من جديد:

بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، ظهرت النظرة الأيديولوجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة مرة أخرى كعدو يستهدف استقلال إيران وسيادتها، وتبنى المتشددون الخطاب العدائي تجاه الولايات المتحدة، وأعادوا تقديم النظرة السلبية تجاهها بشكل علني ونشط، حيث عاد هتاف “الموت لأمريكا” كسمة دائمة في خطاب إيران الرسمي والشعبي، وأكد خامنئي على هذا التوجه بقوله في 18 أكتوبر 2017: “من الواضح أن الولايات المتحدة ظاهرة خادعة وخبيثة، وإنها هي الشيطان الأكبر كما وصفها الامام الخميني”.[134]

عملت إيران على تعزيز برنامجها الصاروخي الباليستي كأداة مهمة للردع في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، وأوصلت إيران من خلال الأنشطة الصاروخية التي قامت بها رسائل ضمنية بقدرة إيران على تطوير صواريخ عابرة للقارات، وقامت بتزويد وكلاءها بالصواريخ وتكنولوجيا صناعة الصواريخ لردع الولايات المتحدة وإسرائيل عن القيام بأي هجوم على إيران او منشآتها النووية، أو التفكير في استهداف إيران عسكريا، وكذلك ردع دول المنطقة في حال أي تصعيد ضد إيران، وإثارة مخاوف الأوروبيين من تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة ككل في حالة التضييق على ايران.[135]

وظهر التمسك الإيراني بتعزيز برنامجها الصاروخي في تصريحات الرئيس الإيراني الأسبق “حسن روحاني” حين قال: “إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد أعلنت مرارا إنها تؤكد على حقها القانوني في تعزيز القدرات الدفاعية لإيران كما تشدد على أنها ستواصل برنامجها الصاروخي الذي لا يتناقض مع تعهدات إيران الدولية”، وأيضا تصريح وزير الخارجية الإيراني السابق “محمد جواد ظريف” حين قال: “إن الاعتراضات الأمريكية على برنامج إيران الصاروخي، وفرضها حظرا جديدا على طهران بسبب هذا البرنامج غريبة، إذ أن البرنامج الصاروخي هو قضية دفاعية إيرانية داخلية”[136]

إلى جانب تطوير برنامجها الصاروخي، اتخذت إيران خطوات عدائية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، كالتالي:

  • استهدفت إيران ناقلات النفط والمنشآت النفطية في منطقة الخليج، وقامت بإسقاط طائرة أمريكية مسيرة قرب حدودها، وقامت بتحريك الميليشيات التابعة لها ضد القوات والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا، حيث أراد النظام الإيراني التأكيد على ربط الاستقرار والأمن في المنطقة بوقف الضغوط والعقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة.[137]
  • بعد اغتيال “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس في 3 يناير 2020، قامت إيران بتنسيق جهود ميدانية وسياسية مع قوات الحشد الشعبي والمليشيات من أجل الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من العراق، كما شجعت البرلمان العراقي للتصويت على قرار يقضي بخروج القوات الأمريكية من العراق، وقام الحرس الثوري باستهداف قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق والتي ادعت إيران أن الطائرة المسيرة التي استهدفت سليماني وقادة الحشد الشعبي قد انطلقت منها.[138]
  • كثفت إيران من الهجمات السيبرانية على الولايات المتحدة الامريكية، فقامت بشن هجمات على حسابات العاملين في شركة الأدوية الأمريكية “غيلياد” التي كانت تعمل على تطوير لقاح لفايروس كورونا، وقامت أيضا بتوجيه هجمات تستهدف التأثير على الانتخابات الامريكية في 2020.[139]

الموقف الإيراني من صفقة القرن:

أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب في يناير 2020 ما وصفها بخطة إحلال السلام في الشرق الأوسط ورؤيته لحل القضية الفلسطينية، وعرفت تلك الخطة ب “صفقة القرن”، وأكد خلالها على أن مدينة القدس الشريفة الموحدة هي عاصمة الكيان الإسرائيلي، فضلا ً عن إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ومنزوعة السيادة وبلا أي صلاحية لعقد اتفاقيات مع دول أجنبية، وقابلت إيران تلك الخطة بالرفض والانتقاد، حيث قام مكتب المرشد الأعلى بإعادة نشر التصريحات التي أدلى بها المرشد في يوليو 2018، حينما وصف تلك الخطة بأنها “سياسة شيطانية”.[140]

أيضا أعلن  وزير الخارجية الإيراني السابق “محمد جواد ظريف” رفض إيران لصفقة القرن متمسكًا بما أعلن عنه المرشد الإيراني علي خامنئي في وقت سابق من خطة بديلة تضمن حقوق المسلمين والمسيحيين واليهود في فلسطين على حد سواء، ومما يشير كذلك للموقف الإيراني الرافض للصفقة هي تصريحات رئيس مجلس الشورى الإسلامي حينها “على لاريجاني”، حيث قال: “إذا نظرنا لتحركات الأمريكيين سنرى أنهم يرسمون مخططًا كبيرًا ضد المسلمين في إطار صفقة القرن ويهدفون لإذلالهم, وأن ذلك نتيجة التفرقة بين الدول الإسلامية التي أعطت الجرأة للكيان الصهيوني وأمريكا أن يقوما بهذا العمل المشئوم”[141]

كان الموقفين الإيراني والفلسطيني على درجة عالية من التوافق والانسجام بخصوص رفض صفقة القرن، وهو ما ظهر من خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأكد فيه موقف بلاده الرافض ل “صفقة القرن” الأمريكية، وعبر ظريف عن دعم بلاده لحقوق الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير وإقامة دولت فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.[142]

خاتمة واستنتاجات

ختاما، يمكن القول بأن النظام السياسي الإيراني يتمتع بطبيعة خاصة تميزه عن باقي الأنظمة السياسية في المنطقة، فهو نظام ثيوقراطي تم وضع الأسس الأيديولوجية له مع الثورة الإسلامية 1979، حيث تم تبني نظرية ولاية الفقيه التي رسخها المرشد الأول للثورة آية الله “الخميني”، وقد انعكست تلك الأيديولوجية على السياسة الإيرانية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، فلا يمكن فصل القرارات السياسية للنظام الإيراني عن مرجعيته الدينية والأيديولوجية، ويظهر ذلك بشكل أكبر على مستوى السياسة الخارجية، حيث يعد من الراسخ لدى النظام الإيراني أنه يحمل على عاتقه نشر مبادئ الثورة في الدول الإسلامية، ونصرة المستضعفين في كافة الدول وتقديم الدعم لهم، وهو ما انعكس في السياسات الإيرانية سواء تجاه دول الجوار او تجاه القوى العالمية.

على مستوى صنع القرار في إيران، يمكن القول بأن تلك العملية يشوبها قدر كبر من التعقيد، فكما سبق القول بأن النظام السياسي في إيران يعد نظاما ثيوقراطيا يتداخل فيه الدين مع السياسة، وبالتالي يتمتع المرشد الأعلى بصلاحيات واسعة تجعله على رأس النظام السياسي وبمثابة المتحكم الأول في صنع السياسة الإيرانية على المستوى الداخلي والخارجي، فيمكن وصف النظام الإيراني بأنه نظام سلطوي قائم على الهيمنة الدينية، وبالرغم من ذلك يتمتع رئيس الجمهورية هو الاخر بقدر من الصلاحيات تؤهله لصنع السياسات واتخاذ القرارات داخليا وخارجيا، ولكن في النهاية لابد من تنفيذ تلك السياسات بمباركة وتأييد المرشد الأعلى، وعلى المستوى الرسمي تتوزع عملية صنع القرار بين عدد من المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية، الى جانب الدور الهام الذي تؤديه المؤسسة العسكرية في الحفاظ على شرعية النظام الإيراني، سواء الجيش او الحرس الثوري أو حتى قوات الباسيج.

وبالنسبة للسياسة الخارجية الإيرانية، فيمكن القول بأنها تعمل في ضوء مبادئ وأهداف محددة سواء في الدستور، او من خلال السوابق التاريخية وتوجيهات المرشد الأعلى، ومن تلك المبادئ تقديم الدعم للمستضعفين في العالم، ومقاومة الصهيونية والسعي نحو تحرير القدس، ونشر مبادئ الثورة الإسلامية، والتطلع لتبوء مكانة إقليمية رائدة، وقيادة العالم الإسلامي، وبالتالي في أغلب الأحيان تأتي السياسة الخارجية الإيرانية متسقة مع تلك المبادئ، لذلك يمكن استنتاج أن تغيير القيادة السياسية لا يعني تغيير المبادئ والاهداف الثابتة للسياسة الخارجية الإيرانية، ولكن التغير كله قد يكمن في الاستراتيجية والطرق المتبعة لتحقيق تلك الأهداف بما يتسق مع رؤية الرئيس الذي يتولى السلطة، فقد يكون هذا الرئيس يتبع التيار المحافظ وبالتالي ينتهج سياسة متشددة، او يتبع التيار الإصلاحي وبالتالي يكون أكثر برجماتية وانفتاحا في التعامل مع الملفات المطروحة أمامه، ولعل خير مثال على ذلك هو احمدي نجاد الذي كان محافظا متشددا في سياسته مع الغرب، ومن بعده الرئيس الأسبق حسن روحاني الذي كان محافظا يميل للإصلاحيين لذلك اتبع سياسة برجماتية أكثر انفتاحا.

فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، فمن الضروري تفسيرها في سياقها التاريخي، ومعرفة النظرة المتأصلة في العقلية الإيرانية للولايات المتحدة، فالإيرانيون ينظرون لها على أنها العدو الأول لدولتهم والتي تقف في طريق وصولهم لمكانة عالمية كبيرة، فالولايات المتحدة كانت بالنسبة للمرشد السابق ” الخميني” قوة شيطانية لا تتوانى عن استضعاف المسلمين ونهب ثرواتهم، وبالتالي فحالة العداء او التوتر في العلاقات بين البلدين لها جذور تاريخية متأصلة في العقل الإيراني.

يمكن القول بأن سياسة إيران الخارجية في عهد كل من أحمدي نجاد وحسن روحاني كانت محكومة بعدة قضايا، بعض تلك القضايا كان يتعلق بالمحيط الإقليمي لإيران والدور الذي تسعى للقيام به وظهر ذلك في الملف العراقي، والقضية السورية، والملف الافغاني، وغير ذلك من الاحداث التي دارت في المحيط الإقليمي لإيران، وبعض تلك القضايا اتخذ بعدا دوليا مثل ملف البرنامج النووي الإيراني، وبرنامج الصواريخ الباليستية، وملف العقوبات الاقتصادية، واستنتاجا من سياسة ايران تجاه تلك الملفات فترة رئاسة كل من نجاد وروحاني، يمكن القول بأن اهداف إيران ودوافعها لم تتغير بشكل واضح، وانما كان التغير في الاستراتيجية التي اتبعها كل رئيس وأسلوب التعاطي معها، فأحمدي نجاد كان متشددا بشكل كبير في سياسته مع الولايات المتحدة وبالتالي انعكس ذلك على التعامل مع الملفات السابقة، أما روحاني كان اكثر برجماتية وانفتاحا مع الغرب خاصة الولايات المتحدة، وانعكس ذلك في تمكنه من التوصل للاتفاق النووي مع مجموعة دول (5+1) في 2015، صحيح أن تلك السياسة اختلفت بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق 2018، ولكن يمكن اعتبار ذلك أمر طبيعي في ظل نقم المحافظين واقتناع المرشد بعدم جدوى سياسة الانفتاح.

لا زالت معظم قضايا السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة التي كانت في فترة رئاسة كل من نجاد وروحاني مطروحة ومعلقة الى الان، ويأتي على رأس تلك القضايا ملف البرنامج النووي الإيراني، والسعي نحو العودة للاتفاق النووي مرة أخرى، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وبالفعل تضع القيادة السياسية الإيرانية الحالية تلك الملفات نصب عينيها، في ظل رئاسة الرئيس الحالي “إبراهيم رئيسي” الذي تولى الحكم في أغسطس 2021، وبالنظر الى سياسته تجاه الولايات المتحدة يلاحظ انه ينتهج نهجا يتمتع بالمرونة والانفتاح الى حد ما للتوصل لحلول مناسبة لتلك القضايا المعلقة، لذلك فالثابت في توجهات رئيسي أن إيران جادة في مساعيها وهو ما ظهر في العودة للمفاوضات في فيينا، ولكن على مستوى الدوافع الايرانية يمكن ارجاع توقف المفاوضات والمماطلة التي تعد سمة أساسية للمفاوض الايراني إلى الرغبة في الخروج بصفقة تحقق لإيران اكبر قدر من المكاسب، بالإضافة للرغبة في الحصول على ضمانات بعدم الانسحاب الأمريكي من الاتفاق كما حدث في 2018، وهو الامر الذي رد عليه الريس الأمريكي الحالي “بايدن” بأنه لا يستطيع ان يمنح إيران ضمانات تتعلق بالرؤساء الذين سيأتون من بعده.

في النهاية، يرى الباحث أن القيادة السياسية الإيرانية الحالية يقع على عاتقها مسئولية كبيرة فيما يتعلق بملف العلاقات مع الولايات المتحدة والقضايا العالقة معها خاصة قضية المفاوضات والعودة للاتفاق النووي، وبالتالي عليها أن تتحلى بقدر أكبر من البرجماتية والمرونة والتخلي عن سياسة المماطلة والعودة في أسرع وقت للمفاوضات، فإيران بالتأكيد في حاجة ماسة لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها في ظل الضغوط الداخلية، وهو ما يعد دافعا لحكومة ” إبراهيم رئيسي” للإسراع نحو العودة للمفاوضات، ولكن يظل التحدي قائما امام القيادة الإيرانية حول ما اذا كانت ستقدم تنازلات فيما يتعلق ببرنامجها النووي وتقليل نسب تخصيب اليورانيوم، وأيضا في الملفات الأخرى التي تربط الولايات المتحدة بينها وبين العودة للاتفاق مثل ملف انتهاك ايران لحقوق الانسان، وتطويرها لبرنامج الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، ودعمها للإرهاب، إلى جانب التقارب الملحوظ مع الصين، وكذلك روسيا ودعمها في حربها ضد أوكرانيا وهو ما يثير حفيظة الغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية. كل تلك الأمور تظل مطروحة أمام إبراهيم رئيس وحكومته، والتعامل معها هو ما سيحدد مسار المفاوضات في حالة العودة مرة أخرى.

قائمة المراجع

أولا/ المراجع باللغة العربية:

  • الكتب:
  • اسماعيل صبري مقلد، العلاقات السياسية الدولية دراسة في الاصول والنظريات، القاهرة، المكتبة الاكاديمية،1991.
  • تييري كوفيل، إيران الثورة الخفية، خليل احمد خليل (مترجم)، بيروت، دار الفارابي، 2008.
  • خالد البسيوني، التحول العاصف في إيران، القاهرة، دار الاحمدي للنشر، 2006.
  • محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1988.
  • نيفين مسعد، صنع القرار في إيران والعلاقات العربية-الإيرانية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2002، https://books4arabs.com/B5/books4arab.com_0733.pdf، تاريخ الاطلاع: 1/5/2023.
  • نيفين مسعد، معجم المصطلحات السياسية، القاهرة، مركز البحوث والدراسات السياسية، 1994.
  • ناجى محمد الهتاش، محاضرات في السياسة الخارجية، تكريت، كلية العلوم السياسية جامعة تكريت.
  • ياسر عبد الحسين، السياسة الخارجية الإيرانية (مستقبل السياسة في عهد الرئيس حسن روحاني)، بيروت، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2015.

الدوريات:

  • أحمد ناصوري، دراسة تحليلية لعملية صنع القرار السياسي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، العدد الأول، 2005، https://cutt.us/KlE4y، تاريخ الاطلاع: 7/5/2023.
  • إلياس ميسوم، النظام السياسي الإيراني واليات صنع القرار فيه (دراسة في المؤسسات الرسمية)، المجلة الجزائرية للدراسات السياسية، العدد الأول، 13/6/2018، https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/209/5/1/53311، تاريخ الاطلاع: 7/5/2023.
  • حسين صوفي، السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية، مختارات إيرانية، عدد 86، سبتمبر 2007.
  • رشيد يلوح، الرئاسة الإيرانية في ضوء تجربة احمدي نجاد، سياسات عربية، 01، مارس 2013، https://siyasatarabiya.dohainstitute.org/ar/issue001/Pages/atr08.aspx، تاريخ الدخول: 5/2/2023.
  • رشيد يلوح، نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية: الدلالات والتحديات، سياسات عربية، 04، سبتمبر 2013، https://siyasatarabiya.dohainstitute.org/ar/issue004/Pages/art12.aspx، تاريخ الدخول: 6/2/2023.
  • عبد الكريم باسماعيل، العلاقات الامريكية الإيرانية 2009-2017: رؤية استراتيجية، مجلة العلوم القانونية والسياسية، 17، 2018، https://www.asjp.cerist.dz/en/article/33852، تاريخ الدخول: 4/2/2023.
  • عبد الجواد العطار، الموقف الإيراني من إعلان ترامب صفقة القرن، مدارات إيرانية، عدد 11، 2021.
  • محمد السبع فاضل، الاتساق اللغوي وعملية الاتصال في الخطاب الرئاسي الإيراني بين روحاني ورئيسي _ دراسة وصفية موازنة، مجلة الدراسات الإنسانية والأدبية، 26، يناير 2022، https://shak.journals.ekb.eg/article_240396_c3cbb718679dcea570430999adf57055.pdf، تاريخ الدخول: 5/2/2023.
  • محمود حمدي أبو القاسم، تأثير العامل الأيديولوجي على العلاقات الامريكية الإيرانية بعد توقيع الاتفاق النووي 2015، مجلة البحوث المالية والتجارية، 4، أكتوبر 2022، https://jsst.journals.ekb.eg/article_272307.html ، تاريخ الدخول 2/2/2023.
  • محمد كاظم هاشم، الازمة الإيرانية الامريكية بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي: الرؤية الإيرانية لأسباب الازمة وسبل الحل، مدارات إيرانية، 09، سبتمبر 2020، https://cutt.us/PDFwJ، تاريخ الدخول: 19/2/2023.
  • محمد السعيد عبد المؤمن، خطاب إيران/ روحاني للعالم، مختارات إيرانية، مؤسسة الاهرام، عدد 169، أكتوبر 2014.
  • محمد الأنور، حكومة العبادي وحصاد سياسات المالكي، السياسة الدولية، مؤسسة الاهرام، عدد 198، أكتوبر 2014.
  • محمد فوزي علي، الذهاب إلى المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية- روحاني والبرنامج النووي الإيراني، حوليات آداب عين شمس، مجلد 44، 30 سبتمبر 2016.https://aafu.journals.ekb.eg/article_9659.html، تاريخ الاطلاع: 24/5/2023.
  • محمد معزز الحديثي& خضر عباس، العلاقات الامريكية الإيرانية في عهد الرئيس دونالد ترامب، مدارات إيرانية، عدد 04، 2019، https://cutt.us/0yY0K، تاريخ الاطلاع: 20/5/2023.
  • هيبة غربي، لسياسة الخارجية الإيرانية إزاء أمريكا عهد دونالد ترامب، مدارات إيرانية، 05، سبتمبر 2019، https://cutt.us/wDlqY، تاريخ الدخول: 19/2/2023.

الرسائل العلمية:

  • أميمة إبراهيم، الصراع بين المحافظين والاصلاحيين وأثره على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية في عهد الرئيس محمد خاتمي (1997-2005)، ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2010.
  • احمد محمد سعيد، أثر القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية: دراسة مقارنة بين فترتي محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني، ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2017.
  • خالد حمود، أثر تغير القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي (1997-2009)، ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2012.
  • زهية خالوش، دراسة في متغير القيادة السياسية الإيرانية وأثره على العلاقات الإيرانية الامريكية 1979-2014، ماجستير، جامعة محمد بوضياف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016.
  • شريفة شوادر، العلاقات الإيرانية الامريكية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط (2003-2016)، ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2017.
  • شنين محمد المهدي، السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول المشرق العربي (2001- 2013)، ماجستير، جامعة محمد خيضر- بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2014.
  • علا منصور، التحوط الاستراتيجي في السياسة الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، دراسة حالة البرنامج النووي الإيراني (2002-2018)، ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2019.
  • محمد عباس ناجي، العلاقة بين المؤسسات المنتخبة والمؤسسات المعينة وأثرها على عملية صنع القرار في النظام الإيراني (1989-2005)، ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2011.
  • ياسر إبراهيم، السياسة الإيرانية تجاه ثورات الربيع العربي –الثورة السورية نموذجا-، ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، 2018. https://repository.najah.edu/server/api/core/bitstreams/1188be20-45e8-4189-b5bb-fe74e986869d/content، تاريخ الاطلاع: 22/5/2023.

المصادر الالكترونية:

  • أحمدي نجاد: موازنة امريكا العسكرية تتجاوز موازنات دول العالم مجتمعة، بي بي سي عربي، 20 سبتمبر 2010، https://www.bbc.com/arabic/worldnews/2010/09/100919_clinton_iran، تاريخ الدخول: 23/5/2023.
  • احمدي نجاد يحذر أمريكا وحلفاءها من مهاجمة إيران، وكالة الانباء الكويتية، 08/11/2011، https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2201437&language=ar، تاريخ الدخول: 23/5/2023.
  • أسف فرنسي وأوروبي وترحيب إسرائيلي بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، فرانس 24، 08/05/2018، https://cutt.us/a12QC، تاريخ الدخول: 24/5/2023.
  • إيران تدين فض اعتصامي «رابعة والنهضة» وتصف ما حدث بـ«المجزرة»، المصري اليوم، 15-08-2013، https://www.almasryalyoum.com/news/details/249017، تاريخ الدخول: 25/5/2023.
  • اتفاق لـ25 عاماً.. الشراكة بين الصين وإيران تبدأ بوثيقة استراتيجية، الميادين، 27 مارس 2021، https://cutt.us/VCqZI، تاريخ الدخول: 25/5/2023.
  • إيران والدول الست الكبرى تتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، فرانس 24، 24/11/2013، https://cutt.us/Kcs63، تاريخ الاطلاع: 24/5/2023.
  • الهلالي محمد هشام، القيادة السياسية والسياسة الخارجية، المركز الديمقراطي العربي، 26 يوليو 2022، https://democraticac.de/?p=83578، تاريخ الدخول: 15/3/2023.
  • العقوبات الأميركية على إيران.. من كلينتون لترمب، الجزيرة نت، 4/2/2017، https://1-a1072.azureedge.net/encyclopedia/2017/2/4/%D8%A7%D9%84%D8%B9 ، تاريخ الدخول: 23/5/2023.
  • الحرس الثوري الإيراني يعترف: استهدفنا قاعدة عين الأسد، العربية. نت، 06 يناير 2022، https://cutt.us/g9ABe، تاريخ الاطلاع: 26/5/2023.
  • بنود الاتفاق بين إيران ومجموعة الدول الست، الجزيرة نت، 24/11/2013، https://cutt.us/ArP0N، تاريخ الاطلاع: 25/5/2023.
  • تسلسل زمني للعلاقات الإيرانية البريطانية، الجزيرة، 30/11/2011، https://cutt.us/tfVNP، تاريخ الاطلاع: 22/5/2023.
  • تفاصيل المكالمة الهاتفية بين ظريف وعباس، Sputnik، فبراير 2020، https://cutt.us/oks3X، تاريخ الاطلاع: 26/5/2023.
  • خليل ابو كرش، نظرية الصراع الدولى”غزة 2014″، المركز الديمقراطي العربي، 28 ديسمبر 2017، https://democraticac.de/?p=51259 ، 25/5/2023
  • رشيد يلوح، إيران والثورتان التونسية والمصرية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 03 إبريل 2011، https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/Iran_and_the_Tunisian_and_Egyptian_Revolutions.aspx، تاريخ الاطلاع: 21/5/2023.
  • روحاني يؤكد التزام بلاده بالاتفاق النووي ويهدد باستئناف تخصيب اليورانيوم، فرانس 24، 08/05/2018، https://cutt.us/UGQ0s، تاريخ الدخول: 24/5/2023.
  • روحاني يأمل أن تسهم ألمانيا في تحسين علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي، BBC عربي، 21 يوليو 2015، https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/07/150720_iran_rouhani_germany_eu، تاريخ الدخول: 25/5/2023.
  • رغم التسوية مع بريطانيا.. إيران قبضت آلافا من عائلة معتقل، العربية، 19 مارس ,2022، https://cutt.us/hJXUk، تاريخ الدخول: 25/5/2023.
  • علي فتح الله نجاد، انسحاب ترامب من الاتّفاق النووي الإيراني وتداعياته الوخيمة، معهد بروكنجز، 14 يوليو 2018، https://cutt.us/FjE08، تاريخ الدخول: 25/5/2023.
  • قرار بريطاني “نادر” يمنح الحماية الدبلوماسية لبريطانية إيرانية معتقلة في إيران، مونت كارلو الدولية، 08/03/2019، https://cutt.us/i733R، تاريخ الدخول: 24/5/2023.
  • محمد السيد، بايدن ورئيسي في حاجة إلى مفاوضات نووية أكثر من أي وقت مضى، المنتدى العربي لتحليا السياسات الإيرانية، 24 أكتوبر 2021، https://cutt.us/wj0fx.
  • ميركل تؤكد دعم ألمانيا للاتفاق النووي الإيراني، الشرق، 03 مايو 2018، https://cutt.us/4aqjg، تاريخ الدخول: 25/5/2023.
  • ميركل: ترامب هز الثقة في التعاون الدولي بانسحابه من الاتفاق النووي، الشرق، 11 مايو 2018، https://cutt.us/sh4ny، تاريخ الدخول: 25/5/2023.
  • نجاد: إيران هي القوة العالمية الوحيدة إلى جانب أميركا، الامارات اليوم، 21 سبتمبر 2010، https://www.emaratalyoum.com/politics/news/2010-09-21-1.293273، تاريخ الاطلاع: 13/5/2023.
  • وحدة الدراسات السياسية، تأثيرات العقوبات الاقتصاديّة الغربيّة ضدّ إيران وأبعادها، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 24 أكتوبر، 2012. https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/The_impact_and_repercussions_of_Western_economic_sanctions_against_Iran.aspx ، تاريخ الاطلاع: 13/5/2023.

ثانيا/ المصادر الأجنبية:

(تم بحمد الله)

[1] إلياس ميسوم، النظام السياسي الإيراني واليات صنع القرار فيه (دراسة في المؤسسات الرسمية)، المجلة الجزائرية للدراسات السياسية، العدد الأول، 13/6/2018، https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/209/5/1/53311، تاريخ الاطلاع: 7/5/2023.

[2] نيفين مسعد، صنع القرار في إيران والعلاقات العربية-الإيرانية، (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2002)، https://books4arabs.com/B5/books4arab.com_0733.pdf، ص 10، تاريخ الاطلاع: 1/5/2023.

[3] احمد محمد سعيد، أثر القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية: دراسة مقارنة بين فترتي محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني، (ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2017)، ص2.

[4] زهية خالوش، دراسة في متغير القيادة السياسية الإيرانية وأثره على العلاقات الإيرانية الامريكية 1979-2014، (ماجستير، جامعة محمد بوضياف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016)، ص106.

[5] محمد السيد، بايدن ورئيسي في حاجة إلى مفاوضات نووية أكثر من أي وقت مضى، المنتدى العربي لتحليا السياسات الإيرانية، 24 أكتوبر 2021، https://cutt.us/wj0fx.

[6] محمد السبع فاضل، الاتساق اللغوي وعملية الاتصال في الخطاب الرئاسي الإيراني بين روحاني ورئيسي _ دراسة وصفية موازنة، مجلة الدراسات الإنسانية والأدبية، 26، يناير 2022، https://shak.journals.ekb.eg/article_240396_c3cbb718679dcea570430999adf57055.pdf، تاريخ الدخول: 5/2/2023.

[7] رشيد يلوح، الرئاسة الإيرانية في ضوء تجربة احمدي نجاد، سياسات عربية، 01، مارس 2013، https://siyasatarabiya.dohainstitute.org/ar/issue001/Pages/atr08.aspx، تاريخ الدخول: 5/2/2023.

[8] رشيد يلوح، نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية: الدلالات والتحديات، سياسات عربية، 04، سبتمبر 2013، https://siyasatarabiya.dohainstitute.org/ar/issue004/Pages/art12.aspx، تاريخ الدخول: 6/2/2023.

[9] خالد حمود، أثر تغير القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي (1997-2009)، (ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2012).

[10] محمود حمدي أبو القاسم، تأثير العامل الأيديولوجي على العلاقات الامريكية الإيرانية بعد توقيع الاتفاق النووي 2015، مجلة البحوث المالية والتجارية، 4، أكتوبر 2022، https://jsst.journals.ekb.eg/article_272307.html، تاريخ الدخول 2/2/2023.

[11] عبد الكريم باسماعيل، العلاقات الامريكية الإيرانية 2009-2017: رؤية استراتيجية، مجلة العلوم القانونية والسياسية، 17، 2018، https://www.asjp.cerist.dz/en/article/33852، تاريخ الدخول: 4/2/2023.

[12] علا منصور، التحوط الاستراتيجي في السياسة الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، دراسة حالة البرنامج النووي الإيراني (2002-2018)، (ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2019).

[13] شريفة شوادر، العلاقات الإيرانية الامريكية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط (2003-2016)، (ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2017).

[14] محمد كاظم هاشم، الازمة الإيرانية الامريكية بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي: الرؤية الإيرانية لأسباب الازمة وسبل الحل، مدارات إيرانية، 09، سبتمبر 2020، https://cutt.us/PDFwJ، تاريخ الدخول: 19/2/2023.

[15] هيبة غربي، لسياسة الخارجية الإيرانية إزاء أمريكا عهد دونالد ترامب، مدارات إيرانية، 05، سبتمبر 2019، https://cutt.us/wDlqY، تاريخ الدخول: 19/2/2023

[16] محمد فوزي، الذهاب الى المفاوضات من اجل التوصل الى تسوية روحاني والبرنامج النووي الإيراني، حوليات آداب عين شمس، 44، سبتمبر 2016، https://aafu.journals.ekb.eg/article_9659.html، تاريخ الدخول:20/3/2023.

[17] زهية خالوش، مرجع سابق

[18] احمد محمد سعيد، مرجع سابق.

[19] أميمة إبراهيم، الصراع بين المحافظين والاصلاحيين وأثره على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية في عهد الرئيس محمد خاتمي (1997-2005)، (ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2010).

[20]  محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، (القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1988)، ص7

[21]  المرجع السابق، ص7

[22] الهلالي محمد هشام، القيادة السياسية والسياسة الخارجية، المركز الديمقراطي العربي، 26 يوليو 2022، https://democraticac.de/?p=83578، تاريخ الدخول: 15/3/2023.

[23] نيفين مسعد، معجم المصطلحات السياسية، (القاهرة، مركز البحوث والدراسات السياسية، 1994)، ص 150.

[24] احمد محمد سعيد، مصدر سابق.

[25] المصدر السابق.

[26]الهلالي محمد هشام، مصدر سابق.

[27] أحمد ناصوري، دراسة تحليلية لعملية صنع القرار السياسي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، العدد الأول، 2005، https://cutt.us/KlE4y، ص 8، تاريخ الاطلاع: 7/5/2023.

[28]  خليل ابو كرش، نظرية الصراع الدولى”غزة 2014″، المركز الديمقراطي العربي، 28 ديسمبر 2017، https://democraticac.de/?p=51259 ، 25/5/2023

[29] اسماعيل صبري مقلد، العلاقات السياسية الدولية دراسة في الاصول والنظريات، (القاهرة، المكتبة الاكاديمية، 1991)، ص223

[30]  اسماعيل مقلد، مصدر سابق ص 277

[31]  المصدر السابق

[32] The Great Man Theory of Leadership Explained, Villanova University, September 6, 2022, https://www.villanovau.com/resources/leadership/great-man-theory/, Last Seen: 15/5/2023.

[33] خالد حمود، مرجع سابق، ص 28.

[34] المرجع السابق، ص 31.

[35] Kendra Cherry, Situational Leadership Theory, March 10, 2023, https://www.verywellmind.com/what-is-the-situational-theory-of-leadership-2795321, Last Seen: 15/5/2023.

[36] خالد حمود، مرجع سابق، ص 32،33.

[37] Duncan Bell, realism- international relations, Britannica, Sep 14, 2017, https://www.britannica.com/topic/realism-political-and-social-science/additional-info#history, Last Seen: 15/5/2023.

[38] شنين محمد المهدي، السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول المشرق العربي (2001- 2013)، (ماجستير، جامعة محمد خيضر- بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2014)، ص 23،24،25.

[39] المرجع السابق، ص 26،27.

[40]  ناجى محمد الهتاش، محاضرات في السياسة الخارجية، (تكريت، كلية العلوم السياسية جامعة تكريت، بدون سنة نشر)، ص 25

[41] اسماعيل مقلد، مصدر سابق، ص34

[42] خالد حمود، مرجع سابق، ص 79.

[43] خالد البسيوني، التحول العاصف في إيران، (القاهرة، دار الاحمدي للنشر، 2006)، ص203،204

[44] Hussien Karim Hammoud, Decision-Making In The Islamic Republic Of Iran And The Role Of Civil Powers And Institutions Affecting It (A Study Of Electronic Journalism), Palarch’s Journal Of Archaeology Of Egypt/Egyptology 17(7). ISSN, November 2020, page 4, https://www.researchgate.net/publication/351275180_DECISION_-MAKING_IN_THE_ISLAMIC_REPUBLIC_OF_IRAN_AND_THE_ROLE_OF_CIVIL_POWERS_AND_INSTITUTIONS_AFFECTING_IT_A_STUDY_OF_ELECTRONIC_JOURNALISM_n.

[45] نيفين عبد المنعم مسعد، مرجع سابق، ص 83،84.

[46] The structure of power in Iran. An overview of the Iranian government and political system, Pbs, https://www.pbs.org/wgbh/pages/frontline/shows/tehran/inside/govt.html, 13/5/2023

[47]. President of Iran vs. Supreme Leader of Iran, Diffen, https://www.diffen.com/difference/President_Of_Iran_vs_Supreme_Leader_Of_Iran, 13/5/2023.

[48] خالد حمود، مرجع سابق، ص 86..

[49] المرجع السابق، ص 86،87.

[50] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 47.

[51] نيفين عبد المنعم مسعد، مرجع سابق، ص 103،104

[52]خالد حمود، مرجع سابق، ص 89.

[53] محمد عباس ناجي، العلاقة بين المؤسسات المنتخبة والمؤسسات المعينة وأثرها على عملية صنع القرار في النظام الإيراني (1989-2005)، (ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2011)، ص 70-71.

[54] تييري كوفيل، إيران الثورة الخفية، خليل احمد خليل (مترجم)، (بيروت، دار الفارابي، 2008)، ص 137.

[55] الياس ميسوم، مرجع سابق، ص 21.

[56] المصدر السابق، ص 19.

[57] نيفين عبد المنعم مسعد، مرجع سابق، ص 131-132

[58] المرجع السابق، ص 135-136.

[59] Who is in charge of Iran?, BBC NEWS, 8 October 2022, https://www.bbc.com/news/world-middle-east-57260831, 13/5/2023.

[60] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 55.

[61] نيفين عبد المنعم مسعد، مرجع سابق، ص 54.

[62] المرجع السابق، ص 59.

[63] احمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 67.

[64] Houman A.Sadri, AN ISLAMIC PERSPECTIVE ON NON-ALIGNMENT: IRANIAN FOREIGN POLICY IN THEORY AND PRACTICE, Journal of Third World Studies, Vol. 16, No. 2, 1999, page 34, https://www.jstor.org/stable/45193854?seq=6, 14/5/2023.

[65] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 69.

[66] Kenneth Katzman, Iran’s Foreign and Defense Policies, Congressional Research Service, January 11, 2021, https://sgp.fas.org/crs/mideast/R44017.pdfm, p 1,2,3.

[67] حسين صوفي، السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية، مختارات إيرانية، عدد 86، سبتمبر 2007، ص 28.

[68] احمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 71.

[69] المرجع السابق، ص 72.

[70] نيفين عبد المنعم مسعد، مرجع سابق، ص 64.

[71] ياسر عبد الحسين، السياسة الخارجية الإيرانية (مستقبل السياسة في عهد الرئيس حسن روحاني)، (بيروت، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2015)، ص 94-95.

[72] أميمة إبراهيم عزت، مرجع سابق، ص 6،7.

[73] المرجع السابق، ص 11،12.

[74] خالد حمود، مرجع سابق، 176.

[75] احمد محمد سعيد، مرجع سابق، 85.

[76] Ahmadi nejad denounces the “barbaric Zionists” and calls for a new world order, Reuters, September 26, 2012, https://www.reuters.com/article/oegwd-un-assembly-iran-sk5-idARACAE88P0BG20120926.

[77] نجاد: إيران هي القوة العالمية الوحيدة إلى جانب أميركا، الامارات اليوم، 21 سبتمبر 2010، https://www.emaratalyoum.com/politics/news/2010-09-21-1.293273، تاريخ الاطلاع: 13/5/2023.

[78] وحدة الدراسات السياسية، تأثيرات العقوبات الاقتصاديّة الغربيّة ضدّ إيران وأبعادها، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 24 أكتوبر، 2012، https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/The_impact_and_repercussions_of_Western_economic_sanctions_against_Iran.aspx، تاريخ الاطلاع: 13/5/2023.

[79] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص88.

[80] خالد حمود، مرجع سابق، ص 182.

[81] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 89.

[82] Iran President Ahmadinejad begins historic Egypt visit, BBC News, 5 February 2013, https://www.bbc.com/news/world-middle-east-21336367, Last Seen: 22/5/2023.

[83] رشيد يلوح، إيران والثورتان التونسية والمصرية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 03 إبريل 2011، https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/Iran_and_the_Tunisian_and_Egyptian_Revolutions.aspx، تاريخ الاطلاع: 21/5/2023.

[84] ياسر إبراهيم، السياسة الإيرانية تجاه ثورات الربيع العربي –الثورة السورية نموذجا-، (ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، 2018)، https://repository.najah.edu/server/api/core/bitstreams/1188be20-45e8-4189-b5bb-fe74e986869d/content، تاريخ الاطلاع: 22/5/2023.

[85] Brian Duignan, financial crisis of 2007–08, Britannica, Mar 30, 2023, https://www.britannica.com/money/topic/financial-crisis-of-2007-2008, Last Seen: 21/5/2023.

[86] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 98.

[87] تسلسل زمني للعلاقات الإيرانية البريطانية، الجزيرة، 30/11/2011، https://cutt.us/tfVNP، تاريخ الاطلاع: 22/5/2023.

[88] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص99.

[89] Nori Kasting, and Brandon Fite, The Impact of China and Russia on U.S. and Iranian Strategic Competition, Center for Strategic and International Studies, November 29, 2012, https://www.csis.org/analysis/impact-china-and-russia-us-and-iranian-strategic-competition, Last Seen: 22/5/2023.

[90] المرجع السابق.

[91] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 136.

[92] المرجع السابق، ص 136-137.

[93] العقوبات الأميركية على إيران.. من كلينتون لترمب، الجزيرة نت، 4/2/2017، https://1-a1072.azureedge.net/encyclopedia/2017/2/4/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86، تاريخ الدخول: 23/5/2023.

[94] شريفة شوادر، مرجع سابق، ص76-77.

[95] أحمدي نجاد: موازنة امريكا العسكرية تتجاوز موازنات دول العالم مجتمعة، بي بي سي عربي، 20 سبتمبر 2010، https://www.bbc.com/arabic/worldnews/2010/09/100919_clinton_iran، تاريخ الدخول: 23/5/2023.

[96] احمدي نجاد يحذر أمريكا وحلفاءها من مهاجمة إيران، وكالة الانباء الكويتية، 08/11/2011، https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2201437&language=ar، تاريخ الدخول: 23/5/2023.

[97] شريفة شوادر، مرجع سابق، ص 81.

[98] Michael R. Gordon, U.S. Conferred With Iran Before Iraq Invasion, Book Says, March 6, 2016, https://www.nytimes.com/2016/03/07/world/middleeast/us-conferred-with-iran-before-iraq-invasion-book-says.html?_r=0, Last Seen: 23/5/2023.

[99]  شريفة شوادر، مرجع سابق، ص 85-86.

[100] Grace Young, U.S. withdrawal and the rise of the Islamic State in Iraq and the Levant (ISIL), Britannica, 30 September 2011, https://www.britannica.com/place/Iraq/U-S-withdrawal-and-the-rise-of-the-Islamic-State-in-Iraq-and-the-Levant-ISIL, Last Seen: 23/5/2023.

[101] شريفة شوادر، مرجع سابق، ص 88.

[102] Dexter Filkins, The Shadow Commander, The New Yorker, September 23, 2013, https://www.newyorker.com/magazine/2013/09/30/the-shadow-commander, Last Seen: 23/5/2023.

[103] زهية خالوش، مرجع سابق، ص112-113.

[104] محمد السعيد عبد المؤمن، خطاب إيران/ روحاني للعالم، مختارات إيرانية، مؤسسة الاهرام، عدد 169، أكتوبر 2014، ص 48.

[105] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 156.

[106] Rodger Shanahan, Iranian foreign policy under Rouhani, Lowy Institute, 10 February 2015, https://www.lowyinstitute.org/publications/iranian-foreign-policy-under-rouhani, Last Seen: 25/5/2023.

[107] روحاني يؤكد التزام بلاده بالاتفاق النووي ويهدد باستئناف تخصيب اليورانيوم، فرانس 24، 08/05/2018، https://cutt.us/UGQ0s، تاريخ الدخول: 24/5/2023.

[108] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 158-159.

[109] المرجع السابق، ص 159.

[110] محمد الأنور، حكومة العبادي وحصاد سياسات المالكي، السياسة الدولية، مؤسسة الاهرام، عدد 198، أكتوبر 2014، ص 144.

[111] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 162.

[112] المرجع السابق، ص 163.

[113] إيران تدين فض اعتصامي «رابعة والنهضة» وتصف ما حدث بـ«المجزرة»، المصري اليوم، 15-08-2013، https://www.almasryalyoum.com/news/details/249017، تاريخ الدخول: 25/5/2023.

[114] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص165-166.

[115] المرجع السابق، ص 169-170.

[116] علي فتح الله نجاد، انسحاب ترامب من الاتّفاق النووي الإيراني وتداعياته الوخيمة، معهد بروكنجز، 14 يوليو 2018، https://cutt.us/FjE08، تاريخ الدخول: 25/5/2023.

[117] قرار بريطاني “نادر” يمنح الحماية الدبلوماسية لبريطانية إيرانية معتقلة في إيران، مونت كارلو الدولية، 08/03/2019، https://cutt.us/i733R، تاريخ الدخول: 24/5/2023.

[118] رغم التسوية مع بريطانيا.. إيران قبضت آلافا من عائلة معتقل، العربية، 19 مارس ,2022، https://cutt.us/hJXUk، تاريخ الدخول: 25/5/2023.

[119] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 172.

[120] أسف فرنسي وأوروبي وترحيب إسرائيلي بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، فرانس 24، 08/05/2018، https://cutt.us/a12QC، تاريخ الدخول: 24/5/2023.

[121] ميركل تؤكد دعم ألمانيا للاتفاق النووي الإيراني، الشرق، 03 مايو 2018، https://cutt.us/4aqjg، تاريخ الدخول: 25/5/2023.

[122] ميركل: ترامب هز الثقة في التعاون الدولي بانسحابه من الاتفاق النووي، الشرق، 11 مايو 2018،            https://cutt.us/sh4ny، تاريخ الدخول: 25/5/2023.

[123] روحاني يأمل أن تسهم ألمانيا في تحسين علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي، BBC عربي، 21 يوليو 2015، https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/07/150720_iran_rouhani_germany_eu، تاريخ الدخول: 25/5/2023.

[124] أحمد محمد سعيد، مرجع سابق، ص 174-175.

[125] اتفاق لـ25 عاماً.. الشراكة بين الصين وإيران تبدأ بوثيقة استراتيجية، الميادين، 27 مارس 2021، https://cutt.us/VCqZI، تاريخ الدخول: 25/5/2023.

[126] محمد فوزي علي، الذهاب إلى المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية- روحاني والبرنامج النووي الإيراني، حوليات آداب عين شمس، مجلد 44، 30 سبتمبر 2016، ص 194-195، https://aafu.journals.ekb.eg/article_9659.html، تاريخ الاطلاع: 24/5/2023.

[127] المرجع السابق، ص 302.

[128] بنود الاتفاق بين إيران ومجموعة الدول الست، الجزيرة نت، 24/11/2013، https://cutt.us/ArP0N، تاريخ الاطلاع: 25/5/2023.

[129] إيران والدول الست الكبرى تتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، فرانس 24، 24/11/2013، https://cutt.us/Kcs63، تاريخ الاطلاع: 24/5/2023.

[130] Iran nuclear deal: What it all means, BBC NEWS, 23 November 2021, https://www.bbc.com/news/world-middle-east-33521655, Last Seen: 25/5/2023.

[131] محمد معزز الحديثي& خضر عباس، العلاقات الامريكية الإيرانية في عهد الرئيس دونالد ترامب، مدارات إيرانية، عدد 04، 2019، ص 62، https://cutt.us/0yY0K، تاريخ الاطلاع: 20/5/2023.

[132] محمد كاظم هاشم، مرجع سابق، ص 115.

[133] المرجع السابق، ص 116.

[134] محمود حمدي أبو القاسم، مرجع سابق، ص 329.

[135] المرجع السابق، ص 330.

[136] محمد كاظم هاشم، مرجع سابق، ص 117.

[137] محمود حمدي أبو القاسم، مرجع سابق، ص 334.

[138] الحرس الثوري الإيراني يعترف: استهدفنا قاعدة عين الأسد، العربية. نت، 06 يناير 2022، https://cutt.us/g9ABe، تاريخ الاطلاع: 26/5/2023.

[139] محمود حمدي أبو القاسم، مرجع سابق، ص 335.

[140] عبد الجواد العطار، الموقف الإيراني من إعلان ترامب صفقة القرن، مدارات إيرانية، عدد 11، 2021، ص 159-160.

[141] المرجع السابق، ص 160.

[142] تفاصيل المكالمة الهاتفية بين ظريف وعباس، Sputnik، فبراير 2020، https://cutt.us/oks3X، تاريخ الاطلاع: 26/5/2023.

5/5 - (5 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى