عاجل

تحليل: ترامب يحاول في خطابه التحول من مثير للانقسام إلى صانع للصفقات

-المركز الديمقراطي العربي

أظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جانبا مختلفا في أول خطاب له أمام الكونجرس. فترامب هذا كان مزيجا من صانع الصفقات والبائع إذ دعا إلى الوحدة وحاول إخراج رسالته الشعبوية في صورة أكثر قبولا.

وكان أقل إثارة للخلاف وحساسية للنقد وأكثر استيعابا وشمولا.

وفي حين انتقد ساسة واشنطن ووصفهم بأنهم نخبويون منفصلون عن الواقع في خطاب تنصيبه قبل خمسة أسابيع جاءت رسالته مختلفة ليل الثلاثاء ومفادها أنه بحاجة للجمهوريين والديمقراطيين على السواء.

وتأكيدا على نزعته الاستعراضية تعهد نجم تلفزيون الواقع الذي تحول إلى سياسي بفيض من الوعود: برنامج ضخم للبنية الأساسية والأشغال العامة وتخفيضات ضريبية للطبقة المتوسطة وإصلاح لنظامي الهجرة والرعاية الصحية ومشروع قانون للتعليم.

وكل ذلك سيتطلب تحركا للكونجرس وسيكون ذلك على الأرجح عن طريق تحالفات مختلفة من المحافظين والمعتدلين والديمقراطيين.

وقال ترامب “هذه رؤيتنا. هذه رسالتنا. لكن لا يمكننا الوصول إلى مبتغانا إلا معا.”

وكان الجمهوري ترامب سخر من الديمقراطيين لدى فوزه في انتخابات 2016 واستشاط غضبا لتعطيلهم تأييد مرشحيه للإدارة لكنه لم ينتقدهم هذه المرة. بل إنه طلب دعمهم مرارا محاججا بأن مشكلات بلاده بحاجة لحلول غير حزبية.

وبعد أسابيع من الهجوم على وسائل الإعلام والمنافسين السياسيين والقضاة الذين أصدروا أحكاما ضد أمره التنفيذي بحظر السفر من سبع دول ذات أغلبية مسلمة خفف ترامب أخيرا من لهجته لكن مقترحاته لم تتطرق للتفاصيل.

وقال العضو الديمقراطي بمجلس النواب بيتر ويلش “لقد كانت لهجته أقل حدة وألقى خطابا ولم يغرد على تويتر وهذا أكثر ملائمة عندما تكون رئيس الولايات المتحدة. التفاصيل المتعلقة بسياساته ستمثل التحدي (الحقيقي).”

وقال المستشار الجمهوري مات ماكوياك “كان سمته رئاسيا الليلة مثلما لم يكن من قبل.”

ويظهر الخطاب فيما يبدو قدرا من الاعتراف من جانب البيت الأبيض بأن أسلوب ترامب الصاخب المنفرد له حدود. فبعد موجة من الأوامر التنفيذية بات يتعين على ترامب الآن أن يحول تركيزه إلى القضايا الكبرى في جدول أعماله التي تتطلب تحركا تشريعيا.

وقال برادلي بليكمان وهو معاون سابق للرئيس جورج دبليو بوش “لقد فعل كل ما في وسعه على نحو منفرد. وهو الآن بحاجة لإقرار مشاريع القوانين.”

وقال بليكمان إن ترامب بحاجة للديمقراطيين كي يكون أغلبية في حالة معارضة الجمهوريين المحافظين لبعض من مقترحاته الأكثر وسطية من قبيل الإنفاق الضخم على البنية الأساسية والمحادثات بشأن إصلاح الهجرة.

وأضاف “كان الرئيس شخصا متفاعلا مثلما لم نره من قبل. هو يدرك أن هذه الصفقة ربما لا تروق لك لكنني أحتاجك لثلاث صفقات أخرى.”

* تشكك

لن تُنسي اللهجة المتراجعة الحدة لترامب في خطابه أمس خصومه سياساته المثيرة للانقسام ولهجته العدائية التي تحدث بها على مدار أشهر.

وقال رودبل مولينو الذي سبق أن عمل مساعدا كبيرا للسناتور الديمقراطي السابق هاري ريد “إذا كنت تعيش في كهف خلال الشهر الماضي فإنك قد تعتقد أن هذا خطاب منطقي وإذا رأيته كل يوم فإنك لن ترى ذلك سوى مجرد كلام. لو كان تصرف على هذا النحو كل يوم لربما كان للديمقراطيين موقف مختلف.”

وقالت نانسي بيلوسي العضو الديمقراطي البارز في مجلس النواب في بيان “خطاب الرئيس منفصل تماما عن الواقع القاسي لسلوكه.”

وقال ديمقراطيون في الكونجرس إنهم يميلون إلى برنامج ترامب للبنية الأساسية والإعفاء الضريبي الخاص بالرعاية الصحية للأطفال ودعوته للحد من أسعار الأدوية وتعهده بالحفاظ على بعض العناصر الرئيسية من قانون التأمين الصحي الذي وقعه الرئيس السابق باراك أوباما عام 2010 وكان من أبرز ملامح رئاسته.

وحملت كلمات السناتور الديمقراطي كريستوفر كونز عن خطاب ترامب مديحا مستترا.

وقال “كانت أكثر كلماته العامة تماسكا منذ شهر وبدأ الخطاب وانتهى -بالتأكيد- بموضوعات إيجابية.”

غير أن الديمقراطيين لا يزالون قلقين من تعهد ترامب بخفض البرامج الاتحادية لزيادة الإنفاق العسكري وخططه لخفض الضرائب على الأثرياء والشركات وكذلك سياسته العدائية فيما يتعلق بترحيل المهاجرين إلى جانب أمور أخرى.

لكن من المؤكد أن العناصر التي تنذر بالسوء في خطاب ترامب خلال حملته الانتخابية لا تزال موجودة وإن خفت حدتها. فمثلما فعل خلال حملته فقد صور البلاد في وضع اقتصادي مدمر وتعاني من الإرهاب والمخدرات والعصابات والمهاجرين غير الشرعيين.

ومن المرجح أن يصدر البيت الأبيض في الأيام المقبلة نسخة معدلة من أمره بحظر السفر مما يشعل مجددا الجدل الذي ألقى بظلاله على الأسابيع الأولى من رئاسة ترامب.

وألقى ترامب الخطاب وهو يعاني من تراجع في شعبيته. فقد سلم في مقابلة مع فوكس نيوز بأنه وفريقه لم يكونوا فعالين في توصيل أفكارهم. وأظهر أحدث استطلاع لرويترز/إبسوس أن نحو 48 في المئة من الأمريكيين غير راضين عن أداء ترامب بينما يدعمه 46 في المئة وهي أرقام ضعيفة بالنسبة لرئيس جديد.

وقال ماكوياك إن خطاب ترامب قد يغير حظوظه في “لحطة حاسمة” بالنسبة لرئاسته. وقال “شعبيته ستتحسن من هذا الخطاب.”

لكن جون جير وهو خبير في الرأي العام بجامعة فاندربيلت لم يكن مقتنعا. وقال “سيتعين عليه أن يفعل أكثر من مجرد إلقاء خطاب.”المصدر:رويترز

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى