الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

معارضة في ساوتومي لإستقدام عسكريين روانديين

اعداد السفير: بلال المصري – سـفـيـر مصر السابق لدي ألأنجولا وساوتومي والنيجر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

في إطار مشاركته في القمة الذكية Smart-Africa summit التي تضم بعض الدول الأفريقية التي كونت تحالفاً اللإالأالتي يهدف إلي الإستفادة من الحلول التقنية لتسريع التنمية المستديمة , قام Patrice Trovoada رئيس وزراء جمهورية ساوتومي وبرنسيب بزيارة Kigali في 5 مايو 2017 هي الثالثة منذ توليه منصبه , وعلي هامش هذه القمة إلتقي بالرئيس الرواندي Paul Kagame وبعض المسئوليين الروانديين حيث ناقش معهم بعض مسائل العلاقات الثنائية , وإتصالاً بذلك وقع الجمعة 5 مايو إتفاقاً وُصف بالسياسي الدبلوماسي بهدف زيادة التنسيق والتعاون بين رواندا وساوتومي في إطار الإتحاد الأفريقي وإتفاقاً آخر بشأن التعاون في مجالات السياحة والأمن والنقل الجوي .

عقب هذه الزيارة نشرموقع Tela Non في 7 مايو أن فصيلة من 20 من العسكريين الروانديين وصلت إلي ساوتومي في 6 مايو في مهمة تدريبية للقوات المُسلحة وقوات أمن ساوتومي علي وسائل الدفاع والحماية ضد هجمات إرهابية مُحتملة تستغرق شهران بمواقع مختلفة بجزيرتي ساوتومي وبرنسيب , وقد أثار وصول هؤلاء العسكريون الروانديون خلافاً في أوساط المعارضة البرلمانية بساوتومي التي أوضحت معارضتها من حيث المبدأ لسياسة حكومة Trovoada إزاء الترويج لتعاون عسكري مع رواندا بدون علم البرلمان بشأن الإتفاق بين بلادهم ورواندا في مجال الدفاع , فقد أوضح Danilson Alcântara Cotú وزير الشباب عضو حزب التجمع الديموقراطي Democratic Convergence أو PCD للحكومة ” أن دستور البلاد يفرض شرطين علي دخول قوات أجنبية لأراضي البلاد أولهما ضرورة موافقة البرلمان وثانيهما أن يدعو رئيس الجمهورية مجلس الجمهورية وبناء علي ذلك يمكنه إعطاء الإذن بدخول قوات أجنبية ” , وقال أنه ” حتي هذا الوقت ( بعد ظهر 6 مايو) لا يعرف إن كان رئيس الجمهورية قد إجتمع بمجلس الجمهورية من عدمه , وإلا فإنه يكون قد إنتهك الدستور ” , أما أكبر أحزاب المعارضة السانتومية حزب حركة تحرير ساوتومي وبرنسيب MLSTPفقد كال مسئولييه للحكومة إتهامات عدة في هذا الشأن من بينها ما وصفوه بالاعمال العدوانية للقوات المُسلحة الرواندية في منطقة البحيرات العظمي , وقد أعرب Jorge Amado زعيم كتلة MLSTP بالرلمان عن قلقه من إضطلاع القوات الرواندية بتدريب قوات بلاده المُسلحة وتساءل مُستغرباً : أتراهم قادمون لتدريب قواتنا علي حماية حدودنا ؟ إن حدودنا كلها بحرية ورواندا من الدول الحبيسة ولا حدود بحرية لها ” , فيما أشار Aurélio Martins النائب بالبرلمان ورئيس حزب MLSTP أن ” هناك 20 عسكرياً من رواندا وهم كثير بالنسبة لعدد سكان الجزيرة البالغ مساحتها 1001 كم مربع , ونحن نعرف من هم الروانديين … إنه مسألة سيادة ” , كما لفت حزبي MLSTP و PCD – ولهما 16 مقعد بالبرلمان – نظر الحكومة إلي حقيقة مفادها أن القوات المُسلحة لساوتومي تتلقي تدريباً دورياً من دول مختلفة منها الولايات المتحدة والبرتغال وأنجولا والبرازيل وفرنسا , ومن ثم فإن علي الحكومة أن تقيم تعاونها مع رواندا في مجالي الزراعة والخدمات أما الدفاع فلا ” .

من الوجهة الشكلية فإن تجاوز رئيس وزراء ساوتومي للبرلمان بإتفاقه مع حكومة رواندا علي إستقدام 20 عسكرياً رواندياً بذريعة تدريب القوات السانتومية يمكن تفهمه في ضوء حيازة حزبها ADI لثلاث وثلاثين مقعد في الإنتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر 2014- من مجمل 55 مقعدد للبرلمان – , إذ أن هذه الأغلبية تكفل للحكومة عند تصويت البرلمان علي إستقدام القوات الرواندية بتمرير والحصول علي الموافقة بشأنها ( تأسس حزب Acção Democrática Independente عام 1992مُنشقاً عن حزب PCD وبعد إعتزال رئيسه ورئيس ساوتومي Miguel Trovoadaالعمل السياسي بنهاية رئاسته الثانية للجمهورية عام 2001 نصب أبنه Patrice Trovoada رئيساً للحزب) , لكن من الوجهة الفعلية فلم يزل هذا التصرف من رئيس الوزراء Trovoada مُثيراً لخلاف مع المعارضة إذ أن Aurélio Martins رئيس حزب MLSTP-PSD أشار في 7 مايو إلي أنهم – كمعارضة – يأملون في أن توقف المحكمة الدستورية التي رُفع الأمر إليها العملية برمتها فلابد أن تنسحب القوات الرواندية من ساوتومي فالإجراءات الدستورية اللازمة لإستقدامها لم توف وبالتالي فقد إُنتهك دستور البلاد والحالة هذه لعدم إطاعة الحكومة للقواعد المرعية , وأستطرد قائلاً ” إن الأكثر أهمية لنا في ساوتومي وبرنسيب ليس قدوم العسكريين الروانديين لأن هناك أولويات في التعاون مع رواندا , علاوة علي أننا نلاحظ أن هناك ثمة إندفاع من الحكومة في التوجه لأول مرة نحو الإستعانة بقوات من بلد آخر , هذا بالإضافة إلي أن رئيس الوزراء Patrice Trovoada لم يكن قادراً علي حل مشكلات الشعب وإذ به يرهبه ومعه المعارضة بإستقدام هذه القوة للبلاد , ونري أنه في خلفية هذه الخطوة التي إتخذتها حكومة Trovoada نية لإصطناع ضغط إجتماعي وسيطرة علي البلاد بإقامة ديكتاتورية ” , لكن Afonso Varela وزير الشئون البرلمانية والرئاسية أشار في جلسة برلمانية في 5 مايو إلي أن القوة الرواندية ستقوم علي تدريب قوات الأمن السانتومية وامن الدولة والحرس الرئاسي .

هناك في الواقع مؤشرين يمكن بواستطها النظر إلي القرار الذي إتخذته حكومة Trovoadaبإستقدام الفصيلة العسكرية الرواندية والذي من الواضح أنه أُحيط عمداً بالسرية – إعلامياً علي الأقل – فالحكومة تعلم يقيناً أنه لو عُرض الأمر علي البرلمان لأجاز هذه الخطوة تلقائياً لحيازة الحكومة ثلثي مقاعد البرلمان , كما أن رئيس الجمهورية Evaristo Carvalho مُنتم لحزب ADI وهو نفس الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة Trovoada ومن ثم فإن إجتماعه بمجلس الجمهورية من أجل عرض أمر إستقدام هذه القوة يُؤمن له وبسهولة الحصول علي موافقة هذا المجلس في الغالب , ومن ثم فإن تفضيل حكومة Trovoada إحاطة الأمر بالسرية والمفاجأة كان جزءاً من قرار إستقدام القوة الرواندية , إذن لم يكن الأمر علي هذا النحوغفلة من الحكومة عن المتطلبات الدستورية وهي شكلية والحالة هذه , وضعاً في الإعتبار الوزن البرلماني المرجح لكل قرارات حكومة Trovoada حكومة حزب ADI صاحب الأغلبية , وبناء علي ذلك فإن هذين المؤشرين يمكن بناء عليهما تحديد طبيعة وربما المبرر من وراء إتخاذ هذا القرار علي النحو الذي جري :

المؤشر الأول :

أنه قد سبق وأن أصدرت الحكومة عقب إجتماعها في 24 فبراير 2016 بياناً مكوناً من 4 صفحات بثته وسائل الإعلام المحلية تضمن الإشارة إلي أن الحكومة تري أن هناك حملة لإساءة وتشويه سمعة وشرف عدد كبير من الشخصيات بما فيهم قادة سياسيين وأعضاء بالحكومة ونواب بالبرلمان وأن هذه الحملة متدنية المستوي تأتي خلافاً للأخلاقيات وحرية التعبير والتعايش الديموقراطي الصحيح وهي حملات يُسأل عنها ومُنسقة من دوائر معينة بالدولة , وبالتالي فهناك تهديدات مفتوحة قد تؤدي إلي عدم إستقرار , ففي 31 مارس 2017 وجهت الحكومة السانتومية تحذيراً بعد إضراب المؤسسات القضائية بالبلاد في 8 مارس 2017 أشارت فيه إلي أنها تحتفظ بالحق في إستخدام وإنفاذ القوانين التي تتيح لها إستعادة الوضع المُعتاد لمؤسسات الدولة المختلفة , وهو ما يجعل الحكومة أكثر قابلية للتوجه نحو الوسائل الأمنية لمواجهتها , ومن هنا كان من الضروري- بالنسبة لحكومة Trovoada تواجد قوة عسكرية رواندية محدودة لتدريب قوات الأمن السانتومية بإعتبار ذلك حاجة ملحة , خاصة في ضوء جاهزية القوات المُسلحة الرواندية وسبق الإستعانة بها في صراعات – مازالت مُحتدمة – في جمهورية أفريقيا الوسطي وجنوب السودان حيث كانت رواندا – التي شاركت وتشارك في مهام حفظ سلام أخري في السودان وليبيريا ومالي وهيتي – أول بلد أفريقي يرسل قوة عسكرية لحفظ السلام إلي بانجي وجوبا , وقد قامت الولايات المتحدة من خلال AfricanContingencyOperations Training أو ACOTA بتدريب القوات الرواندية (من بين قائمة تضم 17 بلداً آخر) لتحقيق عدة أهداف أهمها الحفاظ علي المصالح الإستراتيجية الأمريكية في الدول التي تشهد صراعات مُسلحة ولا تريد الولايات المتحدة التدخل عسكرياً بصفة مباشرة فيها ومنها أفريقيا الوسطي , وبالتالي فقد قامت وتقوم العسكرية الرواندية بالنهوض بهذا الدور , ومما يؤكد ذلك أن القوات الجوية الأمريكية من قاعدتها بأوغندا هي التي قامت في يناير 2014 بنقل القوة الرواندية وقوامها 800 جندي من كيجالي لبانجي علي متن طائرة نقل عسكرية أمريكية طراز C-17 , وذلك للمشاركة في دعم بعثة الإتحاد الأفريقي African-led International Support Mission to the Central African Republic أو MISCA المكونة من 4,400 جندي لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى .

المؤشر الثاني :

أنه من غير المُتوقع أن يكون لتواجد القوة العسكرية الرواندية في ساوتومي إرتباط بمهام أخري غير التدريب لمحدودية عددها كما أن ساوتومي بالرغم من أن شبكة تعاونها العسكري تعد محدودة إن قيست ب بكثير من التي لدي دول أفريقية أخري , إلا انها تتناسب تماماً مع طاقتها الإستيعابية وإحتياجاتها الفعلية , فالأمن البحري لساوتومي وهو النطاق العسكري الأهم لها يتعلق بشبكة تعاون عسكري / بحري أوسع مدي نطاقه خليج غينيا وهو ما تقوم علي تأمينه البحرية الأمريكية من خلال القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM بالتعاون والتنسيق مع لجنة خليج غينيا ودولها الثماني المُكونة من نيجيريا والجابون والكاميرون والكونجوليتين وغينيا الإستوائية وأنجولا وساوتومي وبرنسيب وذلك جنباً إلي جنب مع حلفاء الولايات المتحدة ومنهم البرتغال وفرنسا اللتين أعلنتا في 5 مارس 2016 عن رغبتهما المُشتركة في تعزيز التعاون العسكري في خليج غينيا ومع ساوتومي وبرنسيب التي لديها منفذ تعاون عسكري آخر من خلال تجمع الدول المُتحدثة بالبرتغالية CPLP , هذا بالإضافة إلي التعاون العسكري والأمني ثنائياً مع البرازيل والبرتغال (ولهما مستشارين عسكريين بساوتومي) وأنجولا التي أعلنت في 31 مايو 2016 عن قيام شرطتها بدعم تأهيل وإعادة هيكلة قوي الأمن السانتومية , ومن بين أفضل مسارح التعاون العسكري المُتاحة لساوتومي إشتراك قواتها المسلحة في التدريبات العسكرية الافريقية المُشتركة ومنها مثلاً Obangame 2017 في مارس 2017 تحت إشراف الولايات المتحدة , وكذلك FELINO 2016التي جرت في Praia بجمهورية الرأس الأخضر في 12 مايو 2017 , ولابد من التأكيد بالإشارة إلي ما تمثله ساوتومي من أهمية عسكرية إستراتيجية حيوية للولايات المتحدة بما لا يترك حيزاً للشك في أن واشنطن لن تسمح بأي أدوار عسكرية ولو كانت محدودة للغاية أو ثانوية للقوي الولية أو لدول صغري كرواندا علي أرض ساوتومي ومن بين الأمثلة العديدة علي ذلك التصريح الذي أدلي به رئيس ساوتومي Fradique B. de Menezes لإذاعة صوت أمريكا في 5 أكتوبر 2006 والذي أشار فيه إلي أن الولايات المتحدة أقامت رادار قيمته 18 مليون دولار بساوتومي وعقبت الإذاعة علي ذلك بالإشارة إلي أن العسكريين الأمريكيين يأملون في أن تؤدي هذه اللفتة المُقدمة إلي ساوتومي بالبلاد الأخري بالمنطقة إلي قبول أو تطوير قدرات مُشابهة كيما تحسن الأمن الإقليمي الذي تطلق عليه البحرية الامريكية مُسمي ” نظام مجال الإستشعار البحري M.D.A.S ” وهو عبارة عن شبكة من أطباق الرادار وهوائيات بث راديو وآشعة فوق الحمراء مُصممة لإكتشاف الإستخدام غير المُرخص به للبحر , ولذلك فإن الكثير من الأنشطة العسكرية الأمريكية في أفريقيا تتضمن تدريبات لجيوشها المحلية وبحرياتها من أجل سيطرة أفضل علي الإقليم البحري الذي وصفه المستشار العلمي للبحرية الأمريكية بالقيادة الأوروبية John Middleman بأنه ” أكبر فضاء غير خاضع لحكومة في العالم وأنه لهذا فإن الولايات المتحدة تريد من البلدان الساحلية بأفريقيا أن تمد قدراتها لبسط سيطرة حكوماتها علي الجزء الخاص بها بالفضاء البحري ” , وأوضح أنه فيما يتعلق بساوتومي فإن تركيب الرادار الجديد بها سيستغرق عامين وسيقيم مدربون أمريكيون لعام إضافي بالجزيرة للتأكد من أن القوات أو المدنيون السانتوميين مُؤهلين تماماً لتشغيله بحيث يمكنهم الكشف عن القطع البحرية في مدي 25 كم وأن الهوائيات الكبيرة به يمكنها كشف إشارات تبثها سفن كبيرة علي بعد 150 كم وكذلك كشف القوارب التي تقوم بأنشطة غير قانونية مثل الإرهاب والتهريب والصيد الجائر وإلقاء الملوثات بالبحر , وأشارت الإذاعة أخيراً إلي أن الولايات المتحدة إتفقت مع ساوتومي لإمدادها بنظام الإستشعار البحري المُشار إليه في إطار تفكير العسكرية الأمريكية في تأسيس قيادة عسكرية مُنفصلة في أفريقيا والمُوزعة حتي هذا الوقت علي ثلاث قيادات عسكرية من الخمس التي أنشأتها الولايات المتحدة (قبل الإعلان عن إقامة القيادة الأفريقية AFRICOM), وأوضحت الإذاعة أخيراً إلي أن كبار العسكريين الأمريكيين يعكفون حالياًعلي وضع اللمسات الأخيرة في هذا الشأن توطئة لتقديمها لوزير الدفاع الأمريكي في مدي آخر أكتوبر 2006 فيما يشير آخرين إلي أنه من المبكر التكهن بما سيستقر عليه الرأي في هذا الشأن .

بناء علي ذلك يمكن القول بأن حكومة Trovoada تعلم مُسبقاً من واقع خبراتها المُتراكمة مع حزبي المعارضة الرئيسيان MLSTP-PSD و PCD التحفظات التي ربما يثيرانها إن هي أعلنت عن نيتها في إستقدام القوة الرواندية التي من الواضح أن للولايات المتحدة صلة ما قد تكون تمويلية وتنسيق سياسي مُسبق مع حكومة Trovoada للإستعانة بها رغم السمعة السيئة للجيش الرواندي المؤسسة علي دوره بشرق الكونجو الديموقراطية بل وفي منطقة البحيرات العظمي ككل , هذا من جانب , من جانب آخر فإن لرواندا علاقات جيدة للغاية مع الصين الشعبية التي إستعادت ساوتومي وبقوة العلاقات الدبلوماسية معها في 20 ديسمبر 2016 بعد أن قطعتها مع جمهورية تايوان وبالتالي سحبتت الإعتراف بها في إطار صفقة مع الصين الشعبية بموجبها تتلقي ساوتومي دعماً إقتصاديا وإستثماريا صينياً ربما أقال عثرتها الإقتصادية رغم معدل الفساد الإقتصادي والإداري المرتفع نسبياً في ساوتومي ومن ثم فإن العلاقات الصينية / السانتومية المُغرقة في طابعها الإقتصادي لن تتأثر بتواجد قوة عسكرية محدودة لهذه الدولة أو تلك , وإن كان هناك ثمة تأثير من علاقات ساوتومي العسكرية فسيظل ذلك وقفاً علي نمو العلاقات العسكرية للولايات المتحدة مع ساوتومي حصراً , ومع ذلك فسيظل هناك قدر من الشك في نوايا حكومة Trovoada فيما يتعلق بالتعاون العسكري مع رواندا علي وجه التعيين وبصفة فيما يتعلق بإستقدام هذه القوة العسكرية المحدودة بالنظر إلي شبكة التعاون العسكري المُتاحة حالياً لساوتومي , كما وأنه وبالنظر إلي الدور التنافسي لنيجيريا التي ترتبط إقتصادياً بساوتومي من خلال إتفاقية تقاسم البترول بنسبة 60% لنيجيريا و40% لساوتومي بالمنطقة الإقتصادية المُشتركة ولأنجولا من خلال الرابطة اللغوية الليزوفونية التي تجمعها بساوتومي في إطاري PALOP و CPLP ومحاولة الحكومات المتعاقبة بساوتومي الفكاك من تأثير هاتين الدولتين والبعد المحسوب عنهما , وعليه فإن تكثيف التعاون العسكري والأمني معهما من المفهوم أن يظل في إطار غير قابل للإتساع , ولقد كان من الممكن أن تنأي حكومة Trovoada عن الإستعانة بعناصر الجيش الرواندي ذا السمعة الخلافية في أفريقيا لولا أن ذلك قد يرتبط بخشية هذه الحكومة من تنامي المهددات الداخلية ومنها إحتمال تكرار حالة الإنقلاب العسكري بساوتومي الذي قاده Fernando Pereira في 16 يوليو 2003 وبرره بضرورة الإطاحة بالحكومة التي أغرقت الشعب في الفقر وهو الإنقلاب الذي أحبطته نيجيريا عندما لجأ الرئيس السانتومي – آنئذ – Fradique de Menezes إلي نيجيريا ولم يعد من هناك إلا علي متن طائرة رئاسية بصحبة سعيدو سفير نيجيريا لدي ساوتومي , وعلي كل حال فالثروة البترولية التي نزلت من السماء علي ساوتومي مُقدر لها أن تتحول إلي لعنة علي هذا البلد المعوز فشهية الطبقة السياسية في ساوتومي للفساد لا حد لها والمساءلة ليست من المبادئ المعمول بها بفاعلية هناك , ومن ثم فإستقدام القوة العسكرية الرواندية – مع حذف المضمون الأخلاقي والسياسي من الموضوع – يخدم تطلعات الطبقة السياسية الحاكمة حالياً بساوتومي – بل وحتي قوي المعارضة التي تزايد علي الحكومة في هذا الشأن – في تعزيز السطوة الأمنية لحماية النظام السياسي القائم من أي رد فعل شعبي عنيف أو ثوري , فساوتومي كغيرها من 90% من الدول الأفريقية تتغذي طبقتها السياسية علي مال الشعب وتفقره ثم تتناول بعد وجباتها تلك المقويات الأمنية من أجل التحكم والسيطرة .

الـــــســـفــيــر : بـــــلال الــمـــصـــري – ســفــيــر مصر السابق في أنجولا وساوتومي والنيجر – القاهرة تحريراً في 14 مايو 2017

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى