الشرق الأوسطتحليلات

السودان وطريق العقل في صنع القرار السياسي

اعداد الباحثة :  مريم عوض بن ادريس رضوان – المركز الديمقراطي العربي

 

السياسة هي زخيرة من معارف الانسان وثقافته وهي فن التعامل ، ويأتي منها صناعة القرار السياسي الرشيد بخطواته المؤسساتية ، الذي يساهم بالشكل المناسب في إحداث نقلة نوعية في سياسات الدولة باتباع نهج واستراتيجيات موضوعية واضحة ، واحيانا لابد من مراجعات وتحولات فكرية احيانا حبنما يستدعي الموقف ذلك ، كذلك لاتوجد ثوابت في الأيديولوجيات لطبيعة المرحلة والمصلحة العامة .

لا يختلف السودان عن غيره من اي دوله أخري حيث هو الوطن الممتد و الدولة بحجم القارة المتسعة المساحة والشعب بوزن ألامة ، فهو غني وزاخر بعديد من الموارد والمقومات الهامة ، والثروات العظيمة منها ما استثمر ومنها ما لم يتم استثماره بعد ، هذه المقومات تؤهله أن يكون ذات مكانة وتاثير إقليمي ودولي وأن يكون له أدوار فاعلة .

طبيعة ومسار علاقات السودان الخارجية في ظل حكومة الإنقاذ من يونيو 1989م والى يومنا هذا مرت بقضايا وأحداث وملفات كثيرة احيانا كان تعاطيها بالانحياز وأحيانا بالعاطفة واخري بالعقل ، في محيطنا الأقليمي والفضاء الدولي دخلت عبر طرقات ودياجير من أزمات اقليمية ودولية حادة معقدة ومتشابكة ومتارجحة . ودخل السودان في تحالفات من منطلقات مختلفة مرتبطة أحيانا بإيديلوجية وأحيانا مصالح مشتركة وأحيانا بعد استراتيجي واخري ولاءات تحكمها عقيدة سياسة واحدة ، الادراك مهم في صنع القرار في السياسة الخارجية واي دولة تحكم سياستها جغرافيتها الدولية وأحيانا الشروط الدولية هي المحدد ، نجد ان عملية صنع القرار تعتمد علي ايجاد القرار المؤسس المدروس وفق بعد استراتيجي أمام موقف وبالتالي يؤدي إلي خلق القرار الإيجابي البناء والأمن ، الأمر الذي يضمن الحفاظ علي الاستقرار السياسي والاجتماعي المناسب ، فمن المعروف أن إتخاذ القرار الرشيد يؤدي إلي خلق الثقة بين الدولة ومواطنيها وله تأثير إيجابي علي مختلف الاصعدة ، اهمها هو مقدرات القوةِ الوطنية حيث هي أحدَ العوامل الرئيسية إن لم تكن العاملَ الرئيسي في التأثير على السياسة الخارجية فهذه المقدرات تحدد مدى الخيارات المتاحة ، وقدرة الدولة على لعِبِ دور خاص بها ما لم توجَدْ ضغوط خارجية على الدولة أو أن تكون لها تبعية لدولة أخري ، بَيْدَ أنه من الصعوبة بمكان تحديد القوة ويتضح ذلك من تغير الأسس التي تستند إليها القوة والذيادة التدريجية لأهمية القوة الاقتصادية في السياسة في التعامل مع الدول الاخري ، وهذه تقبع في خلفية عملية صنع هذه السياسة بحكم انها مؤثرة على معظمِ خيارات صانعي القرار ، ويتوقّف شكلُ التأثير على الظروف والفاعلين الداخلين في صياغة السياسةِ الخارجية التي تقلل َ من تأثيرِ العوامل الخارجية والنَّسقية وقد تبيّن في هذا الصدد أن لنماذج “الفعل – رد الفعل” قدرة تنبؤية ، تمكننا من التنبوء على الرغم من أن بعضَ الدراسات قد انتهت إلى أن السلوكَ السابق للدولة هو أيضا أحدُ العوامل التي تمكِّنُنا من التنبؤ بسلوكِها ، كذلك الموقف الاقتصادي والسياسي الداخلي مؤثر قوي في سلوك الدوله وله ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ.

السودان كبقية الدول توجد له مسارات في السياسة الخارجية ، لكن تم تركيزي علي اربعة قرارات اتحذها السودان وكانت محكات هامة في التأثير علي جغرافية السودان وهي :

(1 ) القرار السياسي الغير مدروس :

وهذا حدث ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﻋﻬﺪ حكومة ﺍﻹﻧﻘﺎﺫ حيث كان قرار ﺍﻧﺤﻴﺎﺯﻫﺎ ﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ لما ﺍﺟﺘﺎﺣﺖ ﻗﻮﺍته ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺃﻏﺴﻄﺲ 1990 ، اﺩﺧﻠﺖ السودان ﻓﻲ ﻋﺰﻟﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺷﺒﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻭﻟﻢ ﺗﻔﻠﺢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺃﻭ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ حيث ليس من السهولة بمكان تحديد الدوافع التي تدفع بصانعي القرار إلى الأخذ ببعض الخيارات دون غيرها ، كما أن صانعي القرار أنفسهم غالبا لا يكونون على وعي بتلك الدوافع ، حيث صنف السودان من ضمن دول الضد التي وقفت مع العراق منها الأردن فلسطين تونس ، كان القرار متسرع دون مرجعية لردود الأفعال وكذلك غياب العقل لم يكن في الحسبان استرداد الكويت لسيادتها من قبضة العراق ، هذا القرار افتقد دقة التخطيط وفق رؤية استراتيجية واضحة الاأهداف ، دون النظر لدوافع عديدة كأن هذا ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ صدر ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻓﺠﺎﺋﻴﺔ ﺍﻭ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﺍﻭ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺒﺜﻴﺔ ولم يأتي ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻈﻢ ﻭﻣﺪﺭﻭﺱ، ﻻنه ادخل السودان في عزلة شبه كاملة استمرت سنوات وافقده ثقة التعامل مع العرب وخاصة دول الخليج.

(2 ) القرار السياسي الرشيد :
عندما تتراكم الخبرة ﻭ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﻘﺔ ﻻﻭﺿﺎﻉ ﻣﻌﻴﻨﺔ تاتي الدولة بقرار رشيد يعزز مكانة الدولة ومنزلتها في تعاملاتها مع ببقية الدول ، ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻻﺗﺨﺎﺫ القرار الدال ﻋﻠﻰ كسبها ﻭﺭﻗﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ في ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ , ﺣﻴﺚ ﺍﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ .

القرار السياسي الذي اقره السودان بقطع علاقته مع ايران في 2/سبتمبر 2014 كان بمثابة إبداء حسن النية وكسب ود الدول العربية عندما خضع للإرادة العربية وضغط المجتمع الدولي خاصة دول مجلس التعاون الخليجي ، حفاظا للأمن ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ من تهديد إيران لدول الخليج ، وﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺇﺳﺘﻌﺪﺍﺀﻫﺎ ﻭﺗﻬﺪﻳﺪ ﺃﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﺍﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭ ﻭﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻭﺍﻷﺑﻌﺎﺩ حتي لا تضيع ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﻭﺗتشتت ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻫﺎﺕ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ لا جدوي بها ، كان قرار السودان بقطع العلاقات مع ايران كعربون لمحو الصورة القديمة لما حدث في حرب الخليج وعدم ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ للتعامل مع الدول وفق مصالح مشتركة و صائبة ، كذلك إسقاط اقترانه بردود افعال ﻛﺎفية ﻭﻓﻌﺎله للولوج في في مطبات يصعب الخروج منها ، حيث كان اﻟﻤﻴﺰﺍﻥاﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠي صائب في ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺣﺘﻰ يكون ﺣﺼﻨﺎ يقي شعب السودان من ردود أفعال دول، من الممكن أن تأخذهم ورقة ضغط كذلك لعبت المصالح السعودية الدور الكبير .

سعي السودان ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻤﺼلحته ، ﻭﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﻗﻮﺓ رأي ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ داخليا وما يحاط بدول جوار مفترض التأمين منها وفق اتفاقيات وعهود حتي لأتحدث اختراقات تؤدي لما لم يكن بالحسبان ، كذلك ﺍﻥ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ الحاكمة اصبحت تهتم بالحلول ﺍﻻﻣﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واستخدام المقدرات والإنفاق عليها رغم الحاجه لها لمعالجة كثير من الأمور ، ﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻯ تحتاج ﻓﻴﻪ ﻟﺒﻨﺎﺀ الدولة ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺲ حديثة تتبع كل معايير العولمة ولها مسؤولية ، أن قرار قطع العلاقات مع إيران كذلك هو ﺗﻬﺪﻳﺪﺍ ﻟﻸﻣﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻷﻣﻦﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وبالتالي الحفاظ علي قضايا الأمن الوطني ، حيث تجاهل السودان ارتباطاته المعقدة مع ايران في الجانب العسكري والاقتصادي . كذلك إنهاء المد الشيعي المتعاظم في السودان وارتباط قيادات فذه في النظام الحاكم بالتشييع.

(3 ) القرار السياسي السليم :
ﺗﺎﺛﺮ الدولة ﻭﺗﺎﺛﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ، ادي الي ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺘﻜﺘﻼﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮية والاﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﻫﺬﻩ ﻧﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﻋﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻜﺘﻼﺕ ﻟﻤﺎ ﻟﻠﻘﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﺍﻫﺪﺍﻑ ﻭﻣﻨﺎﻫﺞ ﻭﺍﻓﻜﺎﺭ ﺫﻟﻚ التكتل ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺨﺪﻡ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﺍﻭﻻ ﻭﺍﺧﻴﺮﺍ ، ﻭﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻜتلات . اراد السودان في سياساته ﺎﻟﺘﻄﺒﻴﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ للاﻳﻬﺎﻡ ﺑانه تم التراجع في ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ و ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ، ﺛﻢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ.

كان قرار اﻟﺴﻮﺩﺍنﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ في معركة عاصفة الحزم في 16 مارس /2015م ضد الحوثيين في اليمن والدخول في ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ العربي هي فرصة اخري ﻻﺣﺖ لاثبات ولاءه لدول ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ كونه ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺣﺼﺎﺭﺍً ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎً ﻭﺩﻭﻟﻴﺎً وبالمشاركة يحاول كسب ود المجتمع الدولي وفعلا تم رفع جزئيا للعقوبات مع بقاء بعض المشروطية ، كذلك دخل ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻛﺪﻭﻟﺔ لها جيش محترف ومنضبط وانه جيش قوي حارب منذ القدم في مشاركات خارجية منها مشاركته في الحرب العالمية الاولي والثانية وغيرها ، أتاح له أن يكون ضمن ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺩﻭﻝ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﺍﻟﺤﺰﻡ لأبراز قدرات الجيش ومهاراتة ، كذلك عدم ﺍﻹﺻﻄﻔﺎﻑ ﻣﻊ ﺍﻳﺮﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ ، وهو قرار أتي سليما استغل ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﺗﻮﻗﻴﺘﻬﺎ ﻣﻨﻘﺬﺍ ﻟﻠﻮﺿﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ المتأزم ، حيث السودان اختار ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﺇﻣﺎ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺿﺪ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ، ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ يعيشها حيث ﻭﺍﺟﻪ ﺿﻐﻮﻁ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺮﻭﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻭﺟﻨﻮﺏ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ ، وﺗﺪﻫﻮﺭ ﻣﺮﻳﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺿﻊﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ، وكان قرار ﺇﻧﻀﻤﺎﻣﻪ ﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ تاكد ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﻓﺘﺢ ﺃﻱ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ مع إيران ووقف اﻟﺘﻤﺪﺩ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤنطقة ، اي أن ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻣﻊ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ لها ارتباط ، ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻳﺆﺛﺮ ﺍﻭ ﻳﺘﺎﺛﺮ ﺑﻤﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ الداخلي سلبا اوايجابا .

(4 ) اتخاذ قرار العقل :
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﺎﺧﺬ ﺩﻭﺭﺍ ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻭ ﻣﺪﻯ ﺗﻨﻔﻴﺬه ﻭ ﻇﻬﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ المساس بالأمن القومي وظهور الارهاب ،  ماحدث في الأزمة الخليجية في 5 يونيو /2017م على ضوء رفض قطر الاستجابة لشروط الدول التي قامت بمقاطعتها باعتبارها تدعم الإرهاب والانفتاح على دول أضرت كثيرا بالأمن القومي العربي ، هذه الأزمة آخذة في التصاعد ويلوح في الا فق ان حلها ليس قريبا .

السودان له ارتباط بعلاقات وثيقة مع هذه الدول منها علي سبيل المثال دولة قطر والمملكة العربية السعودية لما لهم من تأثير علي السودان ، قطر دعمت السودان حينما كان على وشك الانهيار نتيجة سنوات الحصار الطويلة التي واجهها ودخولها كوسيط في ملفات كثيره مع المعارضة والحركات المسلحة ، أيضا السعودية التي كانت لها بصمتها المؤثرة في إعادة صلته بالمجتمع الدولي وساعدت في إنعاش اقتصاد السودان المتهاوي ، كذلك لعبت دورا رئيسيا في قرار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تخفيف العقوبات على السودان . وهذه الأزمة بروزها يعتبر من العقبات التي تواجة السودان في افرازاتها ، ومنها مصير العقوبات الأميركية التي يأمل في أن ترفع نهائيا في يونيو اصبحت مبهمه .

واتخاذ اي قرار من السودان لابد أن يكون وفق رؤية استراتيجية محكمة تعتمد علي القرار العقلاني لان طبيعة المرحلة تستدعي عدم الدخول في تحالفات (مع …او ضد) ، واتخاذ اي قرار لابد أن يعتمد علي الوعي لهذه الأزمة وعقباها ، لان لها مخاطر كثيرة وتوخي الحذر عند اتخاذ القرار ولابد من قرار يعتمد علي الإدراك التام بمجريات كل الأمور ، والوعي بأن أمريكا تعمد علي خلق وضعيات متناقضة وصراعات دائمة تكون هي الحكم فيها ، وتتخذ جماعات للضغط موالية لها كورقة رابحة باستخدام قوتها لتنفيذ سياساتها ، وكلما طال أمد الصراع بين الدول كلما حققت مصالحها بابتزاز جميع الأطراف مع حليفها إسرائيل . قرار السودان الذي يجب عليه الاحتكام للعقل ويكمن في الحل التكتيكي دون الدخول في اي تحالف ويعتمد علي ثبات مبدأ الحفاظ علي تماسك دول الخليج كقوة واحده ، و أن ينجح في التوفيق كوسيط وفق الاعتبار لخصوصيات كل بلد وربطها بعقد اجتماعي يضمن مصالح ومصير كل الأطراف المتصارعة أو المتنافسة ، وان نجاح هذا المسعى يعتمد علي ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ السليمة في سياسة السودان في التعامل مع الأزمات ، وﺎﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺘﻲ من الممكن إبعاد السودان من دائرة الولوج في مأزق التبعية ، وطﺮﺡ ﻧﻔسه كوسيط دبلوماسي وله الحق في التعامل مع اي دولة بدون ولاء لاخري او تبعية ، وﻭﺟود ﻓﺮﺻﺔ ﺳﺎﻧﺤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ اي قرار مبني علي ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ الذكي ، ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ من الممكن ﺃﻥ يجابه اي ﺗﺤﺎﻟﻔﺎ ﻣﻦ عدة ﺩﻭﻝ حتي لو كان ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ حرفيا ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻤﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻘﻮﺓ بقرار قوي ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺩﻭﻣﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﺰﺍﻝ . ﻋﻤﺪ ﺍلسودان ﺇﻟﻰ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺗﺤﺎﻟﻔﺎته ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ مع كل الأطراف ﻭﺍﻟﻠﻌﺐ باﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺒﻞ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ تاخير رأية صراحة وفق معطيات مبهمة ، تعطي الدبلوماسية ﺍلسودانية خوض اتخاذ القرار بتمهل ﻭﺇﻥ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﺑﺪﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻫﺪﻭﺀًﺍ ، لقراءات من الممكن أن تكون ذو نتائج غير مجدية في اختبار غير مضمون .

الهدف عدم استقرار السودان ودخوله في دائرة من المستحيل الخروج منها تختلف في اﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻭﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ، ﻭمن الممكن للسودان لعب دور الوﺳيط حتي يبعده من دائرة ألريبة يجعله في مناءي عن الشبهات بانحيازه لدولة او معسكر دون آخر ، ﻭمن الممكن طرح نفسه كوسيط محايد حتي يناءي عن مؤامره التصنيف، ﺇﻻﺃﻥ اﻷﺯﻣﺔ ﺁﺧﺬﻩ ﺑﺎﻟﺘﺼﻌﻴﺪ حيث اﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ المستقبلية ضبابيةالرؤية تحول دون النظر لما يحدث والاستقرء غير مطمئن ، وان ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ من الممكن إبعاد السودان من دائرة الدخول في مأزق عديدة من ردود أفعال هذه الدول اذا مال ميزان السودان الي اي دولة ، لذا لابد من التفكير و الاستراتيجي السليم بالحل ، وأن يكون الخطاب السياسي ﻣﺰﺩﻭﺝ يبرر التعامل مع قطر من ناحية وحلف السعودية من ناحية أخري ، مع الاعتبار أن سباق الزمن والخيار الصعب ليس من مصلحة السودان في إصدار قرار تكون ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭﻩ ﺇلي حد الوبال ، وان يلعب بحرفية عالية أسوا بالكويت وعمان دون معاداة ، ﻓﻘﺪ ﻋﻤﺪ ﺍلسودان ﺇﻟﻰ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺗﺤﺎﻟﻔﺎته ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ ، ﻭﺍﻟﻠﻌﺐ باﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺒﻞ مما ﺃﺩﻯ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ تاخير رأية صراحة وفق معطيات مبهمة . ﺍلسودان يخوض اتخاذ قرار بتمهل ، ﻭﺇﻥ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﺑﺪﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻫﺪﻭﺀا من الممكن لقراءات لما يحدث ومن الممكن ان تكون هذه القراءات ذو نتائج غير مجدية في اختبار غير مضمون ، وسباق الزمن في أخذ القرار قد يأتي بردود عكسي وتصنيف السودان بأن لادور له ، وأن قراره ليس بيده ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ التي نعيشها هذه الأيام ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻐﻴﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻜﻞ في وجود ضغط من دول وتحالفات بيدها ملفات قضايا مصيرية ومن الممكن استخدام هذه الاوراق مما يتطلب لاعب ماهر وهدنة مع العقل ، المخاوف من دخول السودان في دائرة من المستحيل الخروج منها تختلف في ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻭﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ تزعزع استقرار لسودان.

ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺁﺧﺬﻩ في اﻟﺘﺼﻌﻴﺪ ﻭﻣﺮﺷﺤﺔ ﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻭﺿﻊ ﺍلسودان ﺑﺮﻣﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺘﺮﻕ ﻃﺮﻕ ، وممكن كذلك وضعه كجسر فاعل بين افريقيا والدول العربية ، ﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺏ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﺪﺍﺭﻙ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى