بقلم الباحث السياسي: محمد كريم جبار الخاقاني
منذ سقوط النظام في العراق في 9 نيسان عام 2003, بدأت مشاكل النظام الجديد تظهر بشكل جلي , ومن أكثر المسائل إثارة هو ما عُرف بالمناطق المتنازع عليها والتي وردت تسميتها في الدستور العراقي الدائم في عام 2005, وذلك في المادة 140 منه , وقبلها تضمن قانون إدارة الدولة الانتقالي المؤقت , الإشارة إلى تلك المناطق في المادة 58 .
هذه المشكلة اتسعت أبعادها بحيث شملت كل تداعيات المصالح والأهداف والرؤى السياسية المختلفة للقوميات والعرقيات المكوًنة للشعب العراقي , بحيث أصبحت محل جدل عقيم حول أحقية أو عدم أحقية تلك الجهة أو القومية بضم تلك المناطق وانتسابها إليها دون غيرها من الناحية التاريخية , فالجانب الكردي لا يطلق على تلك المناطق محل الخلاف بينه وبين الحكومة المركزية في بغداد , اسم المناطق المتنازع عليها, بل يُحبذ تسميتها ب( المناطق المستقطعة ) أو ( المناطق الكردية خارج حدود إقليم كردستان) , أما الأطراف الأخرى فهي ترى تسميتها( المناطق المتنازع عليها) وحسب ما تم ذكره آنفاً في الدستور العراقي الدائم وقبله في قانون إدارة الدولة الانتقالي المؤقت , وبين تلك التسميات المختلفة , نجد بان تسميتها وحسب ما ورد في قرارات منظمة الأمم المتحدة والتقارير الخاصة بها, أن تُسمًى باسم ( النزاع حول الحدود الداخلية) , ولما لتلك المشكلة من تهديدات مباشرة على وحدة العراق وعدم تقسيمه إلى دويلات , ومن اجل تفعيل العمل بما ورد في الدستور العراقي بشان تلك المسالة , لا بد من الاحتكام إلى الأُطر الدستورية وانتهاج الطرق الديمقراطية من اجل تسوية تلك المعضلة والتي باتت اليوم وأكثر من إي وقت مضى مُهددة لوحدة العراق ككيان رسمي , ومن اجل الخروج من حجم التحديات والمخاطر المُحيطة بوحدة العراق ارضا ً وسيادةً وشعباً , يجب من كل الاطراف ان تعمل على تسوية المشكلة لكي لا تكون هناك مخاطر حقيقية لتقسيم وتجزئة العراق , ويعد النزاع على تلك المناطق من ابرز المسائل القانونية والتي تم اقرارها في دستور عام 2005, وذلك من اجل التوصل الى تسوية شاملة لتلك المواضيع , من حيث اقرار صيغة نهائية حول عائدية وملكية تم المناطق, اذ تعود جذور تلك النزاعات الى بدايات تاسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1921, فمع انهيار وتفكك الامبراطورية العثمانية , تم توقيع معاهدة مع بريطانيا لضم ولاية الموصل للعراق عام 1926, والتي تم فيها النص على حق تركيا في التدخل اذا ماحصل تغيير ديموغرافي في تلك الولاية , وجرى التاكيد مجدداً على ذلك الحق في اتفاقية عام 1946.
ولا تنحصر تلك المناطق المتنازع عليها على اربيل وبغداد فقط , بل هناك مناطق اخرى من مثل , منطقتي النخيب والرحالية والتي تعد من مناطق محافظة كربلاء والتي تم الحاقها ادارياً لمحافظة الانبار , وذلك بسبب من سياسة اقصائية وطائفية انتهجها النظام السابق , ومن اهم المناطق المتنازع عليها بين مكونات الشعب العراقي سواء كانت بين القوميتين العربية والكردية , او بين القومية العربية ذاتها هي :
- مناطق محافظة كركوك .
- مناطف محافظة الموصل وبالخصوص اقضية تلكيف وسنجار وشيخان وتلعفر والحمدانية ومخمور وغيرها.
- مناطق محافظة ديالى وتشمل اقضية خانقين ومندلي, ونواحي السعدية وجلولاء وقرة تبة
- مناطق محافظة صلاح الدين , قضاء طوزخورماتو.
- مناطق محافظة واسط, قضاء بدرة وجصان.
- مناطق بين محافظتي كربلاء والانبار, الرحالية والنخيب.
- مناطق بين محافظتي بغداد وصلاح الدين, قضاء الدجيل.
وتمتاز تلك المناطق بالتنوع المذهبي والقومي , ويسكنها خليط من السكان العرب والكرد والتركمان والاشوريين والايزيديين والصابئة ومسلمين .
ومع بدايات التغيير الكبير في العراق عام 2003, تم اعتماد قانون ادارة الدولة الانتقالي المؤقت ليكون بمثابة دستور للبلاد في تلك الفترة , حيث تم في المادة 58, إدراج موضوع النزاع على الحدود الداخلية , ولم يتم تنفيذ ما جاء في تلك المادة , الى حين اقرار الدستور الدائم في عام 2005, حيث حلت المادة 140 من الدستور, بدلاُ عن المادة 58 المذكورة آنفاً في قانون إدارة الدولة , وذلك من اجل تسوية سلمية لتلك المناطق المتنازع عليها, والجديد في تلك المادة هو ماجاء بسقف زمني لحلها , ومن خلال ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع والإحصاء والاستفتاء , ةاذ تنتهي مرحلة التطبيع لإعادة الاقضية والنواحي لكركوك في 29-3-2007, لتبدأ مرحلة الإحصاء في 31-7-2007, وأخيراً تجري عملية الاستفتاء في 15-11-2007, إلا انه لم يجري تلك المراحل وكما كان مخططاً لها , مما أدى الى ظهور خلاف بين القوى السياسية والجهات القانونية وذلك من حيث تجاوز الفترة الزمنية وصلاحيتها , ولغية الآن وعلى الرغم من مضي مدة زمنية طويلة على ذلك , إلا إن موضوع الخلاف لا يزال قائماً بين الأطراف العراقية , دون حل وتسوية لتلك القنبلة الموقوتة.