الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

العقوبات الاقتصادية الامريكية ضد ايران : حرب كرامة وارادات

Us Sanctions on Islamic Repuplic Of Iran A conflict of dignity and will power

بقلم: د. محمد حسن البحراني – ايران. 

  • المركز الديمقراطي العربي

 

The with drawal of us from the jcpoa(nuclear deal with iran) ,on may 8, and imposing unprecedented ecomomic sanctions on the islamic repuplic of iran,raised a couple of questions regarding the impacts of possible results of the rising conflict between Tehran and Washington

The most important questions is about the readiness of Tehran to resist the pressures to come out with minimum lose and without giving Washington any chance to succeed in its aims to change policies or stances in the regional issues

   الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي مع ايران في 8ّ-5-2018الثامن ايار الماضي  وبدء الولايات المتحدة  فرض  عقوبات  اقتصادية شاملة غير مسبوقة ضد الجمهورية الاسلامية , اثار جملة من التساؤلات حول التداعيات المحتملة للمواجهة الراهنة  والمتصاعدة بين طهران وواشنطن, لكن التساؤل الابرز  يبقى يتمحور حول مدى جاهزية طهران للصمود في هذه المواجهة المصيرية  والخروج منها بأقل الخسائر, ودون ان تحقق لخصمها الامريكي ما يريده منها من هدف استراتيجي خطير يتمثل باختصار بدفع نظام الحكم في طهران ومن خلال تطبيق اشد واقسى العقوبات والضغوط الاقتصادية عليه نحو تغيير قناعاته السياسية ومواقفه المبدئية تجاه القضايا الاقليمية  الساخنة وبما ينسجم مع الرؤية الامريكية , او تغيير سلوك النظام الايراني وفقا لتعبير مسؤولي البيت الابيض.

احتمالات نجاح او فشل العقوبات الامريكية:

اي حديث عن احتمالات فشل  او نجاح العقوبات الامريكية الاخيرة ضد ايران والتي يتوقع ان تبلغ ذروتها في تشرين الثاني – نوفمبر  المقبل يستدعي  بالضرورة الاشارة الى مدى قدرة كل من ايران وامريكا  على توظيف عناصر قوتها ومعالجة عناصر ضعفها في مواجهتها الحالية.

ما يتعلق الامر بامريكا التي يشكل ناتجها المحلي  ربع الاقتصاد العالمي  حسب اخر تقرير لصندوق النقد الدولي حاولت خلال الاشهر القليلة الماضية اخضاع ايران لاملاءاتها وشروطها الاثنى عشر التي اعلنها وزير الخارجية الامريكي(مارك بومبيو) في تموز- يوليو الماضي, وانطلقت واشنطن في محاولاتها هذه من عقلية فرض سياسة الامر الواقع  ومنطق الربح والخسارة والضغوط, وبما تتمتع به من سطوة اعلامية هائلة , اضافة الى قوة عملتها الدولار.

وبعناصر القوة هذه يمكن القول ان ادارة الرئيس ترامب حققت حتى الان نجاحاً واضحاً من دفع العديد من الشركات التجارية الاوربية الكبرى للتخلي عن مشاريعها  الاستثمارية في السوق الايرانية خاصة تلك المتعلقة بقطاعات النفط والطاقة والسيارات والشحن البحري, ومن خلال حرب اعلامية وسياسية واقتصادية واسعة النطاق قادتها واشنطن  وشاركت فيها بفاعلية تل ابيب وعدد من العواصم الخليجية. وتمكنت الادارة الامريكية  ايضاً من زعزعة قيمة العملة الايرانية الى حد كبير, مما ادى الى تراجع ملموس للقدرة الشرائية للممواطن الايراني.. لكن الهدف الاكبر لادارة الرئيس ترامب ومجموعة العمل الخاصة التي شكلتها مؤخرا وزارة الخارجية الامريكية يبقى يتمثل بتصفير مبيعات النفط الايرانية بحلول موعد الرابع من نوفمبر المقبل من خلال اساليب التهديد بمعاقبة اي دولة تواصل شراء النفط الايراني بعد هذا الموعد, وفي ضوء ذلك فأن هناك من يعتقد بأن الحكم على نجاح او فشل  العقوبات الامريكية  المعتمدة حالياً ضد ايران ستتضح مؤشراته  وملامحه في غضون الاشهر القليلة القادمة, رغم ان هناك من المتابعين والعارفين  بطبيعة نظام الحكم في ايران من يجزم ان خطط الرئيس الامريكي ومعاونيه بتصفير مبيعات ايران النفطية سيظل امراً مشكوكاً به الى حد كبير ان لم يكن تحقيق هذا الهدف امراً مستحيلاً وذلك في ظل ما تتمتع به ايرانمن خبرة طويلة في الالتفاف على العقوبات الاممية او الدولية او الامريكية الاحادية الجانب التي واجهتها طيلة العقود الاربع الماضية.ولعل من المفيد هنا الاشارة الى ان ذروة العقوبات واصعبها التي واجهتها ايران كانت تلك التي طبقتها ضد الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الاوربي وبلدان اسيوية حليفة لها كاليابان وكوريا الجنوبية مطلع عام 2012 واستمرت اربع سنوات متواصلة, حيث تضامنت هذه القوى كلها لحظر شراء النفط او اي سلعة ايرانية اخرى فضلاً عن حظر التبادل المصرفي معها, وانذاك توقع الكثيرون ان ايران ستشهد انهياراً اقتصادياً شاملاً  وسريعاً, لكن شيئاً من هذا القبيل لم يحصل..

صحيح ان بعض جوانب النشاط الاقتصادي والاستثماري الاجنبي في ايران قد تأثر بقوة بفعل تلك العقوبات القاسية , لكن عجلة الحياة ظلت تتحرك بصورة شبه طبيعية في هذا البلد , بل ان هذه العقوبات دفعت الايرانيين للاعتماد اكثر على خبراتهم المحلية  ومنتوجاتهم الداخلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي لمعظم احتياجاتهم في القطاعين الزراعي والصناعي وخدمات البنية التحتية, ونجحت ايران خلال الاعوام الاربعة المشار اليها من تصدير ما معدله مليون برميل من النفط يومياً لتسجل اختراقاً  واضحاً لاجراءات الحصار الاممية والدولية المفروضة عليها.

وقد اكسبت تجارب الحظر والحصار المتكررة مع الغرب ايران دون شك مناعة اضافية لمواجهة الاثار السلبية للعقوبات الحالية , كما ان جملة الاجراءات الاستباقية التي اتخذتها حكومة الرئيس روحاني خلال الاشهر القليلة الماضية وحظر استيراد كافة السلع الاجنبية غير الضرورية , وتشجيع الصناعات الوطنية , واستخدام العصا الغليظة ضد مافيات الفساد الداخلي المرتبطة باهدار المال العام والنقد الاجنبي , جعلها تبدو مطمأنة الى قدرتها على تجاوز الحرب الاقتصادية الامريكية الاخيرة برأس مرفوع رغم ادراكها بحجم المصاعب والخسائر الجسيمة التي يتوقع ان تلحق بإيران في المدى المنظور, ولان هذه الحرب كما يصفها بعض الايرانيين هي حرب ارادات حقيقية , وحرب كرامة فلا بد من توظيف واستثمار كل عناصر القوة والمطاولة المطلوبة لها.

داخلياً يمكن القول ان القوى السياسية الاساسية والمؤثرة اصلاحية ام اصولية قد قطعت خلال الاسابيع الاخيرة خطولت مهمة لتحييد او تجميد علاقاتها لصالح مواجهة الخصم الامريكي المشترك بلغة واحدة,اما في الميدان الدبلوماسي, فالواقع  ان حكومة الرئيس روحاني تبذل جهود حثيثة للتواصل والتفاهم مع مختلف بلدان العالم ذات الثقل الاقتصادي الكبير والتي يمكن الرهان عليها في المرحلة الحساسة المقبلة كالصين والهند وروسيا والعديد من بلدان الاتحاد الاوربي اضافة الى تعزيز وتنمية علاقاتها التجارية مع دول الجوار الاقليمي وخاصة تركيا والعراق وباكستان وبعض بلدان اسيا الوسطى على امل التعويض عن جانب من  الخسائر المتوقع ان تلحق بايران بالمستقبل القريب قبل مواجهتها الاقتصادية المتصاعدة مع المحور الامريكي.

ويمكن الاشارة الى ان هناك نوافذ تجارية مع العراق وتركيا تبلغ حوالي عشرة مليارات مع العراق وعشرة مليارات مع تركيا, وتعهدات اوربا بايجاد نظام تبادل مصرفي مشابه للسويفت  ومستقل عن رقابة امريكا, كما ان البنك المركزي بخطته الجديدة فتح مجالاً للاستفادة من العملة الاجنبية الحاصلة من صادرات القطاع الخاص والبتروكيمياويات والصلب والمنتجات الزراعية والسجاد , حسب العرض والطلب لدى مكاتب الصيرفة المرخصة , واجيزت البنوك لافتتاح حساب للزبائن بالعملات الاجنبية بضمانات البنك المركزي وبفائدة 3,8%, وامكان السحب بنفس العملة.

  • المصدر – المركز الديمقراطي العربي – مجلة مدارات ايرانية 
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى