شيمة الاصلاح
بقلم : د.عادل حسين – المركز الديمقراطي العربي
فبدلا من أن نهتم بما يمس واقع الناس بالصميم و بكل ما يحدّد مصير كرامة الانسان ، مهما كان وضعه أو انتمائه أو ثقافته أو دينه أو عرقه ،و نحاول اعطاء الاجابة على كل القضايا الجوهرية المتعلقة ، أساسا ، بالحياة التربوية و العلمية و الاجتماعية و الاقتصادية فضلا عن الشروع في تقديم مؤشرات تنعكس على حياة الفرد اليومية ، و بث الطمأنينة و الامل في اطار المشروع السياسي المتكامل بما يحمله من مخططات استراتيجية في كل المجالات ، في سبيل تحقيق امال و انتظارات المستضعفين في الارض ، لكن نجد انفسنا في نفق عميق و في أغوار ، بموجب الفراغ العلمي و فقدان الحكمة و اجتثاث البعد الانساني ، من الصراعات بمختلف ألوانها ، و بشتى مذاهبها ، و بالعقلية المتكلسة التي لا ترمي إلا الى هدم البناء الاجتماعي و هندسته ، و تشويه رسم خططه و تحطيم ركائزه ، مما سوف يؤدي بالضرورة الى مناخ يضج بالماسي و المظالم ، و يزخر بالضحكات و الدموع و يشقى فيه الانسان .
فالإصلاح شيمة من شيم الانسان يحملها في جيناته عبر مسيرة حياته ، ينشأ و يربو عليها الى ان تنصهر مع كيانه الى درجة الهوس. و لا يمكن لهذه الشيمة أن تصمد و تحافظ على بقائها و رعايتها إلا اذا توفرت لها الشروط الكفيلة بنباتها و استنباتها في الزمان و المكان . لان نجاحها رهين بإيتاء رجال مبدئيين يحبون الانسان لإنسانيته و يقدّرون قيمة العدل و احسان حق قدره و يسندون الامر لأهله و لا يخافون في ذلك لومة لائم. دون ذلك ، تكون شيمة الاصلاح ليس فقط متعرضة الى العواصف و الرياح ، و تظل في رحم الناس لا تر النور ، بل تقوض القيمة الاصلاحية ، و تبقى فكرة و ادراك في ذهن الانسان المتحرّر و الحر ، و هوس في قلب المؤمن بها ، أملا يسعى الى تحقيقه بمقتضى الصبر و اتباع الحق عند اصحابه .
وبالتالي ، لا يمكن لهذه الشيمة ان تتحقق الا في ظل فضاء يسوده العلم و الحكمة أولا ، ثمّ العدل و الحرية ثانية ، حيث تكون شروطا موضوعية تقوم على :
- إزالة كل العوالق الذاتية تماما أمام طريق الإصلاح و التغيير.
- إفراغ هذه العوالق الذاتية من محتواها الخاوي و كشف حقيقتها أمام الملأ و أعطاها الموضع الذي ينسجم مع ذاته.
- ان يكون صاحب الشيمة الاصلاحية مقدما غير مدبرا ، ثابتا في اصله و جيناته ، لا ينتظر جزاء و لا شكورا .
فلسفته : زرع الاشجار في السماء حتى اذا أثمرت أكل منها الفقير و المسكين