الشرق الأوسطتحليلات

أزمة اللاجئين السوريين في تركيا بين السياسة والإنسانية والقانون الدولي

بقلم الباحث : قتيبة قاسم العرب – المركز الديمقراطي العربي

 

زاد قلق اللاجئين السوريين وخوفهم في تركيا بعد التصريحات الرسمية للرئيس التركي والحكومة بأنهم وضعوا خطة لترحيل طوعي لاكثر من مليون لاجئ سوري إلى مناطق خارج سيطرة النظام وبإشراف ما يسمى الجيش الوطني السوري التابع للجيش التركي  وفي ظل صراع على التغيير الديمغرافي بين ما يسمى قوات قسد وتركيا وحزب ppk المتهم بارتكاب جرائم حرب وفي ظل حسابات سياسية قبل الإنتخابات في تركيا وتوعد المعارضة بترحيل السوريين وازدياد ردات الفعل العنصرية ضد اللاجئين السوريين متزامنا مع معاناة إنسانية صعبة في ظل ارتفاع الأسعار غلاء المعيشة وانخفاض معدل المساعدات للاجئين السوريين حيث بلغ عدد اللاجئين السوريين بتركيا حوالي 3،7 مليون لاجئ مقيدين بحرية التنقل بين الولايات التركية ، ومن خلال الوضع القانوني التركي تجاه اتفاقية جنيف 1951 وبروتوكولها الاختياري 1967 و تحفظاتها واتفاقية بروكسل مع الاتحاد الأوروبي وقانون الحماية المؤقتة بتركيا سوف نسلط الضوء  على المعطيات المذكورة أعلاه للوصول إلى حل لوقف المعاناة الإنسانية للاجئين السوريين بتركيا.

أولا : بموجب قانون اللاجئين، تحظر الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 (اتفاقية اللاجئين لعام 1951)، وبروتوكولها لعام 1967 إعادةَ اللاجئين و ملتمسي اللجوء إلى أقاليم تكون حياتهم أو حريتهم مهددة فيها بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم أو انتمائهم إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائهم السياسية (أي تعرضهم لحالة اضطهاد).وتوجد معايير مماثلة في صكوك إقليمية ملزمة أو غير ملزمة،بعضها له نطاق أوسع ويشير إلى مخاطر ناجمة عن أحداث تتسبب في حدوث إخلال خطير بالنظام العام (وتشمل النزاعات المسلحة؛ وينطبق هذا الحظر على اللاجئين أو ملتمسي اللجوء بغض النظر عن الاعتراف الرسمي بوضعهم القانوني من عدمه. بموجب  قانون اللاجئين، مع العلم أن تركيا صادقت على اتفاقية جنيف لعام 1951 وبرتوكولها الاختياري لعام 1967 ولكنها حددت النطاق الجغرافي لقبول اللاجئين من أوروبا فقط وهي تسعى لأن تصبح بلد لجوء في حال انضمت للاتحاد الأوروبي وفي انعكاس ذلك على اللاجئين من غير الدول الأوروبية ومنهم السوريين أنشى القانون التركي حالة نظام مؤقتة مقيد ويضيق على حقوق اللاجئين  مما جعل نظام الحماية المؤقتة هش على أرض الواقع  وخاضع لتجاذبات دولية ومصالح مع أوروبا وكذلك تجاذبات داخلية وصراعات سياسية فانعكس الأمر برمته على اللاجئين السوريين بشكل خاص  علما ان هذه الحماية المؤقتة مرهونة باستقرار الأوضاع في سورية ولكنها الآن الأكثر تعقيدا وتقسيما بتدخل خمسة دول عسكريا حسب ما جاء بتقرير المبعوث الخاص بيدرسون بالإضافة لما يسمى تنظيم النصرة الإرهابي وقوات قسد والميليشيات الأجنبية وغيرها.

ثانيآ : بالنسبة لإعادة التوطين والتعاون بين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والسلطات التركية فعادتآ بعد أن تدرس السلطات التركية ملفات اللاجئين يحتاجون للمساعدة ووضعيتهم خاصة وضعيفة تحيلهم للمفوضية وهي بدورها تدرس ملفاتهم لإعادة التوطين في الدول المحتملة . وتقدم المفوضية المساعدة والرأي والمشورة للسلطات التركية وكذلك الدعم التقني وينص القانون التركي بإعطاء المفوضية الحق للوصول إلى طالبي الحماية الدولية في تركيا حتى لو كانوا محتجزين وكذلك الوصول إلى الأجانب في مراكز الترحيل وذلك حسب ما جاء بالمواد 92 ،59 ،68 من قانون الأجانب والحماية الدولية ومع ذلك تؤكد المعلومات بعدم التعاون الشفاف والصريح بالتعاون مما أثر سلبآ على اللاجئين وبالتالي بتقييد دور المفوضية ولا سيما بعد إنشاء المديرية العامة للهجرة مما يصعب عمل المفوضية ودور المنظمات الدولية غير الحكومية وحتى المحلية وبالتالي لم يؤدي ذلك لا لإنجاح نظام الهجرة والحماية بتركيا كونه غير مكتمل التجربة ولا الاستطاعة بالالتزام بكافة حقوق اللاجئين وتقييد المنظمات والهيئات بمساعدة اللاجئين مما يستوجب إعادة النظر والمراجعة للآليات العملية والتطبيق لنظام الهجرة والحماية والتعاون مع الهيئات الدولية

ثالثا : وقعت تركيا والاتحاد الأوروبي (اتفاق بروكسل ) من أجل عدم تدفق اللاجئين الى أوروبا مقابل مساعدات مالية ضخمة وصلت إلى 7،15 مليار دولار  وخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في 20 ماري 2016 وطبعا شمل اللاجئين السوريين حيث كانت المشكلة الأكبر عند توقيع الاتفاق  علما أن تركيا لا تزال تريد تعاون جمركي مع الاتحاد الأوروبي وتخفيف شروط دخول الأتراك لأوروبا وبالتالي أصبحت ورقة اللاجئين على حدود أوروبا ورقة ضغط تركيا في جميع الأزمات ولا سيما الآن الاتفاق يتطلب التجديد والمزيد من الأموال وهناك انقسام أوربي علما أن الحكومة الألمانية ترى أن هذا الاتفاق جيدآ  وتزامن ذلك مع انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان بأن الحدود تشهد انتهاكات لحقوق الإنسان ومن هذه المنظمات هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية وبالتالي دخلت ورقة اللاجئين السوريين مرة أخرى ورقة ضغط على تجديد الإتفاق وزيادة المساعدات المالية

رابعا : بالنسبة للنظام في سورية والتي يشجع إعلاميا الترحيب بعودة اللاجئين سواء من تركيا وغيرها تبين من خلال التوثيقات والحالات التي عادت من تركيا إلى مناطق سيطرة النظام بأنهم اعتقلوا عند المراكز الحدودية وتم سوقهم لأجهزة المخابرات السورية والبعض تمت محاكمتهم وبالتالي انعكس ذلك الأمر سلبا على العودة الطوعية ومفهوم المصالحة وبالتالي هناك قلق وخوف لكل من يفكر بالعودة مصيره الاعتقال الأمني والتحقيقات الى آخره.

خامسآ : بالنسبة للعودة الطوعية هناك مخاوف وقلق وشكوك حول هذه التصريحات حيث تفيد المعلومات لدينا قيام السلطات التركية بتوقيع اللاجئين بشكل قسري أو بشكل غير مباشر وعدم فهم اللغة التركية  على ورقة العودة الطوعية بأساليب مختلفة  وتم توثيق أكثر من 200 حالة بحسب نقابة المحامين باسطنبول حيث ارتفعت أصوات للسوريين بأنهم يريد إعادة التوطين ببلد آخر عبر المفوضية بسبب الوضع غير الآمن لهم سواء بمناطق النظام أو في المناطق المقترحة من قبل تركيا وبالتالي هناك تناقضات كبيرة تجاه حل مسألة اللاجئين السوريين بتركيا ولا سيما دخول موضوع اللاجئين السوريين بالانتخابات بين الحزب الحاكم والمعارضة والتهديدات بالطرد وبالتالي من هم أصحاب المليون لاجئ الطوعي هل هو الفقير المعدم في المخيمات وأصحاب (الكيمليك )والذي ليس لديه مشروع صغير وحصل على اقامة مؤقتة فالمحسوبين على التيارات السياسية السورية حصلوا على الجنسيات والعمل وغير ذلك بينما سيذهب الفقراء إلى مناطق ما يسمى الجيش الوطني السوري التابع للقوات التركية الأكثر انتهاك لحقوق الإنسان تجاه اللاجئين.

سادسآ : بالنسبة للتصريحات التركية بأنه تم إعادة أكثر من 20000 لاجئ لمخالفتهم القانون بتركيا وهذا يخالف مبدأ عدم الإعادة القسرية ( حيث يخضع مبدأ عدم الإعادة القسرية لاستثناء عندما يشكل لاجئ معين خطرًا على أمن البلد الذي يوجد فيه أو إذا سبقت إدانته بارتكاب جرم استثنائي الخطورة.ومع ذلك، ومن أجل تقييد القاعدة العامة، يجب أن يُفسر هذا الاستثناء بالمعنى الضيق.وبالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس قانون اللاجئين، لا يسمح مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بأي استثناء أو انتقاص، ويُمنح لكل فرد بغض النظر عن وضعه القانوني. وهذا يعني أنه حتى إذا كان من الممكن إعادة شخص وفقًا لقانون اللاجئين، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان  يحضر ذلك )

وفي الخاتمة واستعراضآ لما قدمناه أعلاه أن مشكلة اللاجئين السوريين أصبحت بصراع بين ما هو إنساني وقانوني وسياسي في ظل الإنتخابات التركية ولاحظنا بأن الوضع القانوني للاجئين هش في ظل الاتفاقيات الدولية ونظام الحماية في تركيا بحاجة لمراجعة شاملة لكي تصبح تركيا بلد لجوء كما الدول الأوربية وكذلك تغليب المصالح الدولية بين تركيا والاتحاد الأوروبي كل ذلك انعكس سلبا على الوضع الإنساني للاجئين السوريين وبالتالي إذا أصرت الحكومة التركية على الترحيل والتنصل من الإتفاقيات الدولية و لاعتبارات سياسية وانتخابية رغم تدفق المساعدات الأوروبية والدولية واتفاق بروكسل مع الاتحاد الأوروبي علما أنها طرف في الصراع في سورية وتتواجد عسكريا وعبر وكلاء لها وطبعا هذا خرق لميثاق الأمم المتحدة كما بقية الدول على الأراضي السورية وبالتالي لديها التزامات وفق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان  وبالتالي لا بد من ضمان حماية اللاجئين السوريين (المليون الفقير )ضمن مناطق مستقلة آمنة في سورية من القصف الجوي وشن الهجمات وتوفير السكن والغذاء و بضمانات من الأمم المتحدة وتدخل من جامعة الدول العربية لمساعدتهم وبإشراف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين .

وبرأينا الحل النهائي لمشكلة اللاجئين السوريين في كل دول العالم ولا سيما تركيا هو في تطبيق الحل السياسي العادل وفق خارطة طريق تنهي معاناة الشعب السوري وتدعم تطلعاته بالحرية وتقرير مصيره بنفسه وفق القرارات الدولية ذات الصلة وآخرها القرار 2254 .

ونذكر أخيرا بأن مبدأ عدم الإعادة القسرية منصوص عليه صراحة في أحكام القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي للاجئين، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإن ورد بنطاقات مختلفة وشروط مختلفة للتطبيق في كل فرع من فروع القانون المذكورة. وترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن جوهر مبدأ عدم الإعادة القسرية قد اكتسب أيضًا صفة أحكام القانون الدولي العرفي.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى