الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

دور الوساطة الصينية وتأثيرها على الهيمنة العالمية

اعداد : محمد خالد باجري – باحث ومحلل سياسي.حاصر ماجستير في العلوم السياسية – جامعة الملك سعود- الرياض.

  • المركز الديمقراطي العربي

 

وسط انظار العالم فاجأت عودة العلاقات السعودية الايرانية الدهشة بعد الوساطة التي طرحتها الصين بعد قطيعة ممتدة منذ 2016 (حفظي، 2023)، فقد كانت عودة العلاقات مستعبد خصوصا ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تدخلات إيرانية في سوريا والعراق واليمن، ووجود تجاوزات إيرانية بعدة مسائل من ضمنها الدعم الإيراني للحوثي في اليمن وتعزيز الطائفية بالمنطقة وتمويل محاولات انقلابية في الدول العربية، وجاءت تلك الوساطة بوجود ضمان أمني صيني، بعد ان فشلت كل المحاولات التي طرحتها الولايات المتحدة لحل الخلافات في المنطقة يطرح ذلك عدة تساؤل حول جدية الولايات المتحدة لحل الخلافات في العالم، والقبول الدول للولايات كوسيط وضامن أمني.

اكمال دور الوسيط الصيني

وتسعى الصين أيضا الى  حل الخلاف بين أوكرانيا وروسيا يأتي ذلك بعد زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لموسكو، والتقاء بصديقة الحميم بوتين وذلك سعيا لحل الخلاف الروسي الاوكراني الذي تجاوز العام، وتحمل زيارة الرئيس الصين الى موسكو العديد من الجوانب حيث ركزت على تعزيز التعاون العسكري والتقني والطاقة بين البلدين، وقد طرحت الصين بعض النقاط لتكوين بادرة السلام بين موسكو وكييف، ومن أبرز نقاط المبادرة احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول، وعودة الحوار المباشر بين موسكو وكييف والدعوة لمنع التصعيد (الجزيرة، 2023)، لا إشكالية بتلك النقاط عند الغرب والولايات المتحدة لكن الاختلاف بنقطة الوساطة الصينية اذ طرحت المبادرة بعدم توسيع دائرة حلف الناتو وعدم تدخل الحلف بالسياسات الداخلية للدول وحتى لا يعود شرارة الحرب الباردة بالمعسكر الغربي، جاء الرد الغربي بالانتقاد الاذع للوساطة الصينية والشك لها خصوصا بعد الدعم الاقتصادي والعسكري، يذكر ان الصين أكبر داعم لروسيا اقتصاديا وعسكريا واعتبرت المنظومة الغربية أن المبادرة الصينية موالية لروسيا اكثر وغير عادلة.

الرؤية الصينية لمبادرة الوساطة

تأتي تلك الرسائل الصينية أن الصين وحلفاءها لن يخضعوا الى السيطرة الامريكية واشتراطاتها حيث تسعى  الصين حسب رؤيتها الى تشكيل عالم امن  بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، وعلى المستوى العالمي يأتي الرئيس الصين شي جين بينغ لطرح عدة مبادرات عالمية وذلك لتعزيز مكانه في الدورة الثالثة (Cheng, 2023)من حكمة في الصين، ومن ضمن تلك المبادرات مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الامن العالمي والحضارة العالمية، وفحوى تلك المبادرات اذ تسعى الصين الى سحب الدول التي تشعر بالقلق تجاه الولايات المتحدة الى أن تكون بصفها بضمانات امنية صينية، وزادة الشك بقدرة الولايات المتحدة على حماية حلفاءها خصوصا بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان في أغسطس 2021.

ساعد الصين في نشاطات الوساطة التي تقوم بها تاريخها الجيد بالعلاقات الدولية، حيث لم يكن لها تاريخ استعماري كالدول الغربية، او تدخلات عسكرية بالأنظمة الحاكمة مثل ما شهدته منطقة الخليج من تدخلات أمريكية خاصة فيما يخص حربها على العراق في 2003، بدعوة نزع الأسلحة النووية من نظام صدام حسين، وبعد ما تبينت أن نية الولايات المتحدة من الحرب هو اسقاط النظام الحاكم في العراق، وليست نزع الأسلحة النووية التي لم يكن لها أثر في العراق، بما تسبب ذلك الى ترك فراغ سياسي في العراق بعد سقوط النظام الحاكم فيها، وقد ازادت دائرة الشك على الولايات المتحدة بالنسبة للحلفاء، وخسرت الولايات المتحدة بعض مصداقيتها كقوة رادعة في المنطقة تسعى الى الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، وترى الصين أن الولايات المتحدة تحاول طمس هوية الدول ومحاولة فرض قيمها وهويتها بالقوة، ونقل ثقافتها بما لا يتناسب بتنوع الثقافات والحضارات في العالم، وترى الصين ان الدول العالم لن ترضى بأن تكون دمية بيدي الولايات المتحدة الامريكية والغرب.

وترى الصين ان الولايات المتحدة ليست لديها نية بحل الخلافات بين الدول بالعالم، وأنها المستفيدة الأكبر من تلك الخلافات من يتمكن تحقيق قوة عسكرية لها بالمنقطة وتعزيز مكانتها بالعالم.

الرؤية الامريكية للوساطة الصينية

تشكك الولايات المتحدة في الدور الوساطة الصينية، يأتي ذلك  وسط بعض الخلافات والتعقيدات في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الامريكية من ضمنها حادثة المنطاد بدون طيار الذي أسقطته الولايات المتحدة ما سمته منطادا كان قادرا على اجراء عمليات جمع معلومات استخباراتية في ساحلها الشرقي، وجاء الرد الصيني على لسان وزير خارجيتها وانغ يي ان المنطاد سافر الى الولايات المتحدة في حادث غير متوقع ناجم عن قوة قاهرة، وأضاف الوزير الصيني لماذا تطلب الولايات المتحدة من الصين عدم تسليح روسيا بينما تفعل نفس الشيء بتسليحها  مع تايوان، وانه من العبث تدخل كبار المسؤولين الامريكان في تايوان وانتهاك مسألة تخص الشعب الصيني وحده. (سعود، 2023)

وحذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال لقاء جمعه مع نظيرة الصيني له أن الولايات المتحدة ستضع عقوبات جسيمة على الصين في حالة استمرت لدعم روسيا في حربها على اوكرانيا وأن الصين تسعى الى وضع نظام عالمي جديد.

الاستنتاج

يجب الإشارة الى الارتفاع الهائل في الاقتصاد الصيني في العالم وتجارتها فقد احتلت الصين المتربة الأولى عالميا أنها أكبر الدول المصدرة للسلع والخدمات حسب معطيات منظمة التجارة العالمية، لكن يجدر التساؤل على إمكانية الصين بأن تخلف الولايات المتحدة الامريكية برغم أنها لم تزل القوة العسكرية لها ضعيفة جدا مقابل الولايات المتحدة، حيث تحتل الصين المرتبة الثالثة عالميا بالقوة العسكرية وتنفق قرابة 200 مليار دولار في العام مقارنة بالولايات المتحدة التي تحتل المرتبة الأولى، وانفاق يقدر ب 750 مليار دولارا في العام.

وبما زاد السوء على الصين انغماس روسيا الذراع العسكري لها في أوكرانيا لأكثر من عام، وكانت تلك فرصة للغرب لمعرفة القدرات العسكرية الروسية وانكشاف قوتها، بما صعب الامر على الصين بمحاولتها بنزع المكانة التي تحتلها الولايات المتحدة في العالم.

المراجع:

Jonathan Cheng. (march, 2023). China Is Starting to Act Like a Global Power. تم الاسترداد من the wall street journal: https://www.wsj.com/articles/china-has-a-new-vision-for-itself-global-power-da8dc559

الجزيرة. (مارس, 2023). ماذا تحمل زيارة الرئيس الصيني إلى موسكو؟ وما حظوظ بكين في وقف حرب أوكرانيا؟ تم الاسترداد من الجزيرة: https://www.aljazeera.net/politics/2023/3/20/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%84-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B9%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89

شيماء حفظي. (مارس, 2023). عودة العلاقات السعودية – الإيرانية: اتفاق تاريخي ولكن هل سيأتي بتغيير كبير ويستمر؟ تم الاسترداد من زاوية: https://www.zawya.com/ar/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8

نهال أبو سعود. (3, 2023). حرب كلامية بين واشنطن وبكين.. تم الاسترداد من اليوم السابع: https://www.youm7.com/story/2023/3/9/%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%83%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%88%D8%A8%D9%83%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%A3%D9%85%D8%B1%

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى