الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

القانون الدولي أكذوبة

اعداد:  سارة محمد سالم – باحثة في العلاقات الدولية والسياسية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

في ظل عالم ينادي بحقوق الإنسان، فلا تمل الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من تزييف الحقائق، حيث تتخذ من دعوى حقوق الإنسان تكئة لتدخلها في شؤون الدول فيكون هنا الجزاء واقعًا على شعب بل شعوب تذوق الموت والخراب والدمار لأجيال وأجيال وأن تُوصف دولة بأنها خارجة عن القانون أو راغبة للإرهاب.

وفي ظل عالم فوضوي شنته القوى الكبرى، بما تنتهك فيه أبسط حقوق الانسان المسلم والافريقي والعربي حيث تقيم الدنيا ولا تقعدها أبدًا، و في المقابل إذا مامس الإنسان الأوروبي أو غير المسلم بصفة عامة مايعكر صفو حياته.

وهنا نجد تحقق أكذوبة القانون الدولي بوضوح، في الأحداث الأخيرة في فلسطين الحبيبة بشكل خاص تلك الأحداث التي أثبتت أن القانون الدولي ماهو إلا أداة وضعتها الدول الكبرى من أجل تبرير سياستها في رسم خريطة جديدة للوطن العربي انتهائًا بإبادة إسرائيل للشعب الفلسطيني مؤخرًا مرورًا بما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية بالعراق وافغانستان والدول الغربية في البوسنة والهرسك وكذلك ماحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا.

تورط القانون الدولي الإنساني

وبتحري قواعد القانون الدولي الإنساني في الأونة الأخيرة فنرى أن جميع مبادئه قد ذهبت سُدى، حيث يرتكز القانون الدولي الإنساني على عدة مبادئ هامة ومن ضمنها:

حماية السكان المدنيين من آثار الأعمال العدائية 1-

حيث نجد أنه قد أقر الباب الرابع من الملحق الأول لسنه” ١٩٧٧ ” حماية الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية والتي حددها الملحق من أجل منع مهاجمة المدنيين بل وقصر الهجوم على الأهداف العسكرية فقط وهذا لم يتحقق بالفعل.

2- ضمان حماية الأشخاص الخاضعين لسلطات طرف النزاع

حيث تم إقرار ذلك في الملحق الأول للباب الرابع لسنة ١٩٧٧ بحظر الممنوعات في الحرب مثل، العقوبات وانتهاك الكرامة الإنسانية والعقوبات الجماعية

وهذا لم يتحقق بل تم توقيع أبشع العقوبات من الكيان الصهيوني على المدنيين من قطع الكهرباء والماء ومنع وصول المساعدات.

حماية أفراد المدنيين والخدمات الطبية والوحدات المدنية 3-

حيث الحصانة للأفراد الطبية والوحدات العسكرية والمستشفيات المدنية وتأمين الرعاية الصحية للجرحى، وهذا ماتم تنفيذه تمامًا على النقيض من حرق وقصف المستشفيات وتدمير المدنيين بل وإبادتهم جميعًا في عقر دارهم.

4- حماية السلامة البدنية والعقلية

حيث منع وحظر استخدام الشخص كمصدر للتجارب الطبية وشبه الطبية لاستئصال الاعضاء دون مبرر وهذا مافعلته إسرائيل بالفعل في البوسنة والهرسك.

وإلى جانب ذلك كثيرًا من أحداث أقامها  العدوان الصهيونى مخالفًا بذلك لقواعد القانون الدولي ولا غريب في ذلك الأمر حيث حليفهم الأكبر- الولايات المتحدة الأمريكية- فهم من وضعوا تلك القوانين وهم من يقذفوا بها عرض الحائط

وطأة الدول الكبرى في تنفيذ مبادئ القانون الدولي

ولسوء الحظ فقد قررت الكثير من الدول سابقًا ألا تكون طرفًا في الاتفاقيات الإنسانية، كما في بعض الأحيان فترى تلك الدول نفسها التي صدقت على تلك المعاهدات، تغض النظر عن نصوصها وبخاصة تلك النزاعات الداخلية مثلما حدث من جرائم الحرب عقب الحرب العالمية الثانية،  وكما يتُوقع إذاً بالتزام العديد من الدول الرحيمة بالقواعد الانسانية للحرب فهناك دولًا أخرى سواء هي طرفًا أم لم تكن تنتهك نصوص تلك القواعد عندما تكون مصلحتها الخاصة،  وهو ماتفعله الدول الكبرى في الوقت الراهن من جراء القصف الإسرائيلي لفلسطين حيث معارضتها لوقف إطلاق النار في فلسطين حقنًا للدماء في ظل حربًا هوجاء من دون ملاذٍ آمِن.!

فتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني لم يؤتَ نهائيًا النتيجة المرجوّة، بل لم يؤتَ بأية نتيجة ولا أي رد فعلٍ حقيقي فمازالت أعمال الإصطلام والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب تُرتكب في جميع أنحاء الأرض،  وأخبار الجرائم والفظائع الإسرائيلية التي يرتكبها الكيان الصهيونى يوميًا في مواجهة الأبرياء المدنيين في فلسطين تؤرق الضمير الإنساني وتُثبت أكذوبة القانون الدولي.

ولا غرابة في عدم صدور أي رد فعل من جانب دول القانون الدولي، لحقن الدماء ولإدانة مثل هذه المجزرة البشرية الإنسانية وجرائم الحرب،  ولقد كرر بذلك التاريخ نفسه حيث الجرائم التي شنها الكيان الصهيوني في كمبوديا في السبعينات وفي المنازعات المسلحة في افريقيا في موزمبيق وليبيريا وفي السلفادور حيث وقوع خسائر فادحة في الأرواح والمدنيين والأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة.

تبرء الإسلام من هذه الجرائم

عندما تكون الحرب شرًا لابد منه فيقول الله تعالى مُشيرا للحرب أنها ذات الشوكة حيث يقول تعالى ” وتود أن ذات الشوكة تكون لكم ” فالحرب في الإسلام حرباً دفاعية لنصرة المظلوم أو ردًا للاعتداءات ولكن فقد يتخذ بعض البشر الحرب كأسلوب حياة فقط مثلما يفعل اليهود الذين يتخذون الحرب وسيلة للقهر ومخالفة لشرع الله لذلك يقول الله تعالى في ذلك ” كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله” ذلك لأن الله لايحب المعتدين.

أزدواجية  المعايير في القانون الدولي

من أهم مميزات  القانون الإنساني الدولي أنه يتميز بذلك الطابع الإنساني البحت، ولقد أثبتت اتفاقيات جنيف والتي أبرمت عام ١٩٤٩ والبروتوكولات الإضافية أيضًا التي أُبرمت عام ١٩٧٧، وذلك تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث ظهر هدف القانون الدولي الإنساني لحماية حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية من أي تعديات ويسعى القانون للحد من المعاناة الناجمة عن الحروب، وذلك بغض النظر عن تلك المسائل المتعلقة بمبررات الحرب، ومن ناحية أخرى فتحمى الاتفاقيات على وجه التخصيص تلك  الأشخاص المدنيين الذين وبخاصة لا يُشاركون في تلك الأعمال العدائية وذلك على غرار المدنيين والجرحى وأسرى الحرب وعمال الصحة، وعمال الإغاثة أيضًا وكما تحظر استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا من ناحية أخرى

ولكن يطرح هنا ذلك العنف الدامي ضد المدنيين الفلسطينيين وبخاصة في قطاع غزة، العديد من التساؤلات العديدة فيما يخص التزام الاحتلال الإسرائيلي في ظل قواعد القانون الإنساني الدولي.

حيث يُواصل الاحتلال الإسرائيلي على أية حال العنف المتكرر على المدنيين في فلسطين، ولا سيما في الأونة الأخيرة من قصف المستشفيات والغارات الجوية الإسرائيلية الأحياء السكنية والمخيمات لللاجئين في العديد من المدن بقطاع غزة، وذلك أيضًا وسط صمت دولي بخصوص تلك الانتهاكات المتعلقة بالاحتلال في حقّ المدنيين العُزّل والأطفال والنساء مع اتهامات لإسرائيل باستخدام الفوسفور الأبيض المحرم دوليًا، وبذلك يأتي الواقع ليوضح مدى فشل القواعد المزعومة المكذوبة.

وفي الختام نرى مدى تحقق الفوضى الخلّاقة

حيث في ظل صمت العرب الراهن سوف نشهد حلقة جديدة من مسلسل المهانة العربية،  حيث أصبح العرب والمسلمون هم الضحية الأولى لانتهاك العرب، فلقد ثبتت الأحداث الراهنة تحقق الفوضى الخلّاقة التي كانت تُبشر بها “كونداليزارايس”- وزيرة الخارجية الأمريكية- في العالم العربي في ظل صورة مُفاجأة وذلك مرورًا بحرب الولايات المتحدة الأمريكية على العراق والحروب في اليمين وسوريا وليبيا وجنوب السودان ودارفور ، وصولًا للمذابح القائمة والمعاناة في فلسطين وذلك من أجل إعادة رسم الخريطة العربية من جديد لصالح إسرائيل التي تعيث في الأرض فسادًا في المنطقة كلها بلا ردع ولكن الله غالب على أمره.

مراجع:

حسن إبراهيم حسن، النظم الإسلامية الطبعة الثالثة، مكتبة النهضة المصرية، ،١٩٦٢ ص٢٧٤

صلاح عبد البديع شلبي، الوجيز في القانون الدولي، ٢٠١٦، القاهرة، ص ٦

محمد سامي، أصول القانون الدولي العام، الجزء الأول، القاعدة الدولية، الطبعة الثالثة ١٩٧٧ ،بيروت، ص ٤٨٤

J,I,Briely,the law of nation,waldock,international law,1963

On the law of war and peace, De jure belli ac pacis by hugo grotius book II

3/5 - (4 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى