مقالات

في انتظار أن يُخرج بوتفليقة … هل باتت أيّام أويحيى معدودة؟

بقلم : زكرياء حبيبي 
 
 مع اقتراب موعد إجراء الإنتخابات التشريعية في الجزائر، والمقررة في شهر ماي 2017، بدأت الصراعات بين القوى والأحزاب السياسية تشتد وتطفو إلى العلن، فنهار اليوم صرّح عمارة بن يونس خلال ترؤسه للمؤتمر الجهوي لحزبه -الحركة الشعبية الجزائرية- بمدينة وهران، بأنه على من يشكك في نزاهة الإنتخابات المقبلة أن يمتنع عن المشاركة فيها، في إشارة إلى بعض الأحزاب المعارضة وعلى رأسها بعض الأحزاب الإسلامية، كما أنه قال بصريح العبارة أن حزبه بات يشكل خطرا على الأحزاب -الكبيرة-، ما يعني أنه سوف لن يكتفي بالمرتبة الثالثة التي حققها في التشريعيات الماضية بل قد يستحوذ على مكانة إما حزب جبهة التحرير الوطني -الأفلان- أو التجمع الوطني الديمقراطي -الأرندي-. كلام عمارة بن يونس لا يمكن فهمه إلا في إطار السياق العام لمستجدات الساحة السياسية، فالكل بات يرى بشكل جليّ احتدام الصراع بين الغريمين القويين الأفلان والأرندي، فزعيم الأرندي أحمد أويحيى يكاد خطابه هذه الأيام أن يلتحق بخطاب الأحزاب المُعارضة برغم أنه مشارك بقوة في الحكومة، فأويحيى استغل بقوة الأزمة الإقتصادية والمالية التي تمرّ بها البلاد ليفتح النار على الوزير الأول عبد المالك سلال، بانتقاداته اللاذعة لطريقة سير وعمل الحكومة، ووصل به الأمر إلى حد التحذير من خطر -انهيار الجزائر إذا استمرت في سياسة الإنفاق الاجتماعي المفرط-، ومن -سقوطها رهينة للأفامي في غضون سنوات قليلة، مقابل اقتراض 5 ملايير دولار سنويا-، بل ذهب أبعد من ذلك كلّه عندما أكد خلال الأسبوع الماضي بأن خزينة الدولة -قد تعجز عن دفع أجور الموظفين-، وهو ما أثار بلبلة كبيرة في البلاد، على اعتبار أن التحذير جاء على لسان أمين عام -الأرندي- والذي هو في الوقت نفسه -مدير ديوان رئاسة الجمهورية-، وبرغم خطورة التصريح، إلا أنّ الدوائر الرسمية لم تتحرك إلا بعد مرور ستة أيام تقريبا، حيث تفاجأنا نهار يومه السبت 19 نوفمبر بتصريح ناري لوزير العمل محمد الغازي، الذي لم يكتفِ فقط بنفي ما صرّح به أحمد أويحيى، بل ذهب إلى تصنيفه في خانة -الإشاعات- فالغازي نفى بشدة -كل الإشاعات بشأن إمكانية عجز الدولة عن صب أجور الموظفين، وبالمقابل أكد تجميد التوظيف العمومي..-، وهنا وكمُحلّلين لما يجري، نرى أن الوزير الأول عبد المالك سلاّل يكون قد أوعز لوزير العمل محمد الغازي، بالرّد وبقوة على أحمد أويحيى، وألا يكتفي بنفي ما صرّح به، بل عليه أن يضعه في خانة -مُروّجي الإشاعات-، وهذا برأينا ما يمثل إعلان حرب بين الحكومة وأحمد أويحيى، وأقول ذلك لأن الردّ تولاّه وزير في الحكومة وليس قياديا في حزب الأفلان الذي ينتمي إليه سلال، والحال كذلك فإن الأمور قد تأخذ منعطفات كبيرة وحاسمة في الأيام القادمة، لأنه لا يُعقل أن يستمر الطرفان، أي الحكومة من جهة ومدير ديوان رئاسة الجمهورية من جهة أخرى، في التراشق بالإتهامات في ظرف عصيب للغاية، وفي ظل السخونة التي تعيشها الجبهة الإجتماعية، خاصة مع احتدام الجدل حول مشروع قانون المالية وقانون التقاعد، فالمنطق كان يفرض أن يتوحد الحُلفاء في الحكومة، وأعني بهما -الأفلان- و -الأرندي- على خطاب واحد، لا أن يَصعدا إلى حلبة الصراع بشكل علني ومفضوح، لأن ذلك قد يؤزّم الأوضاع أكثر، ويزيد من هواجس الشعب الجزائري وقلقه على مستقبل البلاد، فبصراحة أرى أن خرجة أويحيى في هذا التوقيت بالذات، لا يمكن اعتبارها -زلّة-، بل كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالرجل بتصريحه الخطير، قد زرع الرعب في كلّ بيت جزائري، وهو ما يمكن اعتباره دعوة إلى -التمرّد-، لأن المواطن الجزائري غير المسؤول عن انهيار أسعار النفط، لن يقبل أبدا بوقف راتبه الشهري الذي بالكاد، يُمكّنه من ضمان الحدود الدّنيا من العيش الكريم، أمّا وأن يخرج عليه أحمد أويحيى بتصريحه المُرعب، والذي يمكن أن أقول بأنه تصريح -دُفعَ إليه دفعا- أحمد أويحيى، من قبل جهات أَلفت السيطرة على الشعب الجزائري، عبر سياسة تعميم الفوضى والخوف والرعب، فهذا يستدعي طرح أكثر من سؤال، وهنا لا أستبعد أن تأتي الإجابات الصريحة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي أفنى عمره في خدمة البلاد، وضحّى حتّى بصحته لتبقى الجزائر واقفة وشامخة، فالقضية برأيي أخذت أبعادا خطيرة للغاية يتوجب معها أن يُخرج الرئيس بوتفليقة من جديد -سيف الحجاج-.
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى