الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

أشكالية الإلحاد في مصر بين تنامي الظاهرة وأساليب المواجهة

اعداد : دكتور  ايمن رمضان الزيني – المركز الديمقراطي العربي

 

يشير مصطلح الإلحاد في اللغة العربية إلى الميل عن الطريق، ويستند إلى فكرة إنكار أو غياب الإيمان بوجود خالق أعظم، ويعرفالإلحاد بأنه اتجاه فكرى يرفض فكرة الإيمان بإله.
وهناك من الملحدين من لا ينكر وجود إله، لكنه يرفض الإيمان به، وهناك من ينكر وجوده قطعيًا.

ويرتبط بالإلحاد بمصطلحات أخرى مثل «اللادينية» وهو اتجاه فكرى رافض للأديان، ومعتنقو هذا الفكر يؤمنون ببشرية الأديان ومنهم من يؤمن بوجود إله ومنهم من ينكر وجوده،
وكذا مصطلح « اللاأدرية»وهو توجه فلسفى مشتق من كلمة «لا أدرى» ، ويشير إلى غموض القضايا الدينية والغيبية وصعوبة تحديدها في حياة الإنسان، ومعتنقو هذا التوجه لا يؤكدون أو ينفون وجود الإله.

وبالرغم من تنوع المستويات الثقافية والاجتماعية والفكرية للملحدين ،إلا أن عددا كبيرا منهم يستند إلى نظرية التطور لداروين كأساس مذهبهم الفكرى، كما ينشغل عدد كبير منهم بسب الأديان الأخرى مع الترويج لأحاديث نبوية ضعيفة أو مختلقة، والتشكيك في القرآن والسنة.

والحديث عن وجود ملحدين في الدول العربية بصفة عامة ومصر بصفة خاصة من المناطق الشائكة، علي أعتبار أنالتدين والأعتقاد في الدول العربية بصفة عامة ومصر بصفة خاصة من الثوابتالتي لايصحان تكون محلاً لمزايده او مجادلة،وأن التطرق للكلام عن الملاحدة يعد مساسا بهذا الاعتقاد.

والتعامل الحالي مع هذه القضية الشائكة يكون تارةبالتكتم وتارة أخريبالإنكار ،ولاشك في أن الإلحاد ليس موضوعًا هامشيًّا، بل من التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد، والتي تقتضي تكاتف كافة الجهات المعنية لمواجهتها .

ولا تتوقف ظاهرة الإلحاد عند الشباب المسلم فقط بل ان الكثير منالشباب المسيحي بدأ ينحرف بفكره وعقيدته بنفس الطريقة وينزلقلهوة الإلحاد ،حيث أستغل جانب منهم الإلحاد كوسيلة للهروب من تعاليم الكنيسة، خاصة أنه يحققهدف قد يسعون إليه من إتمام الطلاق والزواج مرة ثانية دون اللجوء إلى طريق اعتناق الإسلام المحفوف بالمخاطر.

حيث رصدت الكنائس المصرية الثلاثة أرتفاعاً مبالغا فيه في عدد الملحدين من أبناءها خلال الفترة الماضية ،وخاصة خلال الفترة التي أعقبت ثورة يناير 2011م، كنتيجةلحالة الإنفلات الأمني والسياسي الذي أنتشر في مصر خلال الفترة التالية للثورة  ، ولهذا شكلت الكنائس الثلاثة لجنة مشتركة لرصد الظاهرة ووضع أفضل سبل مواجهتها .

ووفقاً لنتائج الدراسة التي قام بها “منتدى بيو فوروم للدين والحياة العامة” وهو مركز دراسات وأبحاث أمريكي متخصص في الأديان والمعتقدات – والذي أجري مايقربمن 2500 إحصاء في 230 دولة ومنطقة جغرافية حول العالم – فأن سكان الشرق الأوسط هم أكثر الشعوب إيماناً ،تبلغ النسبة المئويةلأتباع الأديان السماوية84% من إجمالي سكان العالم ، أى أن واحدا بين كل 6 أشخاص في العالم ملحد لا يؤمن بشيء .

ووفقاً لما أنتهت إليه نتائج تلك الدراسة فيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي لمن صنفوا أنفسهم” لادينيين” ولا يؤمنون بأي معتقد ، فأن اقل تجمع لهم فيدول الشرق الأوسط ، حيث يبلغ تعدادهم مليونين و100 ألف فقط ، يأتي بعدهم ملحدو القارة السمراء- باستثناء مصر والسودان ودول شمال إفريقيا-، وتبلغ نسبتهم 2.4% من المجموع العام، يليهم 4%بأمريكا اللاتينية والكاريبي،
و5.2% في الولايات المتحدة وكندا، و12% في أوروبا، والباقي في آسيا وأوقيانيا.

ويبلغ أجمالي تعداد الملحدين علي مستوي العالم– وفقاً لنتائج هذه الدراسة –مايقرب من400 مليون نسمة، أي 6% من سكانه، صنفوا أنفسهم بممارسين لشعائر وطقوس من دون توضيح لأي دين، يقطن معظمهم في الصين أو من قبائل إفريقيا والهنود الحمر في القارة الأمريكية أو “الأيورجين” سكان أستراليا الأصليين وأشباههم في دول الشرق البعيدة، كجزر الميكرونيزيا في المحيط الهادي، حتى وفي أوروبا حيث يمارس البعض طقوسا لا تنتمي لأي دين، إلا أن ممارستها بالنسبة لأتباعها هي فعل إيماني.

وبالرغم من خطورة قضية الإلحاد، إلا أنه لا توجد دراسة أو إحصائية رسمية مصرية توضح التعداد الفعلي للملحدين على أرض الكنانة حتى الآن، وأستعانت دار الإفتاء بمؤشرات مركز «ريد سي» التابع لمعهد «جلوبال» لتوضيح عدد الملحدين في مصر ،والذي وصل وفقًا لمؤشراتهم 866 ملحدًا، ورغم أن الرقم ليس كبيرًا إلا أنه الأعلى بين الدول العربية.

وتشير بعض التقديرات إلي ان تعداد هذه الطائفة يزيد كثيراً عن تقديرات معهد «جلوبال» ، فأنتهتنتائج دراسة أمريكية صادرة عن مؤسسة “بورسنمارستلير” بنيويورك، اليأنتعداد الملحدين تخطي حالياً في مصر 3% من أجمالي تعداد السكان، أي يزيدعن مليوني ملحد، وذلك فقًا لاستطلاع أجرتهبالمشاركة مع جامعة إيسترنميتشيغان الأمريكية ، ولاشك في أنه علي الرغم من أن هذا الرقم مبالغ فيه ، الا انه يمثل مؤشر خطيراً لمدي تنامي هذه الظاهرة السلبية .

وبحسب المؤشر العالمي للأديان والإلحاد بمركز «ريد سي» فإن32.4٪ من ملحدي مصر في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنةو36٪ في الفئة العمرية (25- 34 سنة) و18.9٪ في الفئة العمرية (35- 44 سنة) و9.2٪ في الفئة العمرية (45- 54 سنة) وحوالي 2.5٪ في الفئة العمرية (55- 64 سنة) و1٪ أكثر من 65 سنة. وحسب أرقام ذات المركز فإن 73.8٪ من الملحدين ذكور و26.2٪ نساء.

والي وقت قريبكانت الجهات المعنية في الدولة ومؤسساتها الدينية في حالة رفض دائم للاعتراف بوجود ظاهرة الإلحاد بين الشباب، إلا أن الأصوات الرافضةبدأت مؤخرًا هذه في الخفوت وتعالت الأصوات المطالبةبضرورة التصدى لهذه الظاهرة، حيث أدركت الجهات المعنية في الدولة أن الإلحاد قد صار أحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع المصرى حاليا، ويمثل الخطر الثانى بعدالإرهاب،خاصة أنه يُدار بواسطة أياد خفية عبر مواقع التواصل الإلكتروني، بهدف زعزعة أمن واستقرار المجتمعات العربية.

ولم تقتصر محاولات مواجهة هذه الظاهرة على المؤسسات الدينية فقط ،بلأمتدالأهتمام بها لكافة الدولة ككل ، حيث قامت وزارة الأوقاف بمشاركة وزارة الشباب والرياضة بإطلاق حملة قومية لمكافحة ظاهرة انتشار الإلحاد بين الشباب، استعانت فيها بعدد من علماء النفس والاجتماع والسياسة والأطباء النفسيين.

ورصدت ” المبادرة المصرية لحقوق الإنسان” 48 قضية تحت مسمى ازدراء الأديان فقط منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011 حتى نهاية عام 2013.

أسباب انتشار الألحاد :     
لاشك في أن ظاهرة الإلحاد من الظواهر المعقدة ، التي تتداخل فيها العوامل الفكرية والنفسية والاجتماعية؛ ولذا فإن تحليلها والبحث في أسبابها يحتاج إلى جهد كبير وبحث دقيق من مختصين في الفكر والدين والفلسفة وعلم النفس والاجتماع .

وتعدد الأسباب الكامنة وراء أنتشار هذا الوباء بين المصريين خاصة شريحة الشباب، ولعل أبرز أسباب انتشار الإلحاد ، يكمن في الصورة الذهنية السلبيةالمغلوطة عن الإسلام الناتجة عن تزايد أنشطة الجماعات الإرهابية في اعقاب ما اطلق عليه مجازاً ثورات الربيع العربي ، ومحاولة تلك الجماعات الربط بين العنف والقتل وانتهاك حقوق الإنسان والذي يعد اساساً لمنهجها وتوجهها وبين الدين الإسلامي ، وتقديم العنف والقتل وانتهاك حقوق الإنسان على أنها من تعاليم الإسلام،
مما أدى لترسيخ صورة وحشية قاتمة للدين، ونفور بعض الشباب من الإسلام ودفعهم للإلحاد.

فالجماعات الإرهابية التكفيرية التي تنتهج الوحشية والترهيب والذبح بأسمالإسلام ،ودعوة تلك الجماعات التكفيرية من خلال فهم مختل للولاء والبراء إلي كراهية الآخر لمجرد المخالفة في الديانة، صدرت مفهوماً مشوهاً لتعاليم الإسلام، ورسخت صورة وحشية قاتمة للدين، مما نفَّر عدد من الشباب من الإسلام ودفعهم للإلحاد.

كما أن الخطاب الدينى المغلوط الذي تقدمه التيارات الإسلامية المتشددة كان سببًا رئيسيًا لانتشار هذه الظاهرة،فضلا عن عجز الخطاب الدينى الذي تقدمه المؤسسة الدينية الرسمية عن توصيل رسالة باصورة الحقيقة للأسلام.

فالخطاب الديني المتشدد الذي تصدره التيارات الإسلامية المتزمتة التي تؤصل لأهم مشكلات التدين في العصر الحاضر ، وهي إشكالية الصراع بين الجوهر الروحي والخلقي الذي يمثل حقيقة الإسلام وبين القشرة الشكلية الخارجية التي تصلح أمارة وعلامة فقط على أن هذا الإنسان ينتمي إلى ذلك الدين ويمارس تلك الشعائر ، فهذه التيارات لا تعرف سوى التشبث بالأمور الشكلية التي قد تبعد الناس عن الدين    .
يضاف إلي ذلكتأثير استضافة وسائل الإعلام لغير المؤهلين وغير المتخصصين في البرامج الدينية أدت إلى تفاقم الأزمة ، خاصة في ظل اتباع أساليب غير سليمة في تقديم المعلومة الدينية، مما ساعد على حدوث بلبلة في الأفكار واختلال في المفاهيم.

ويمثل الظلم وأنعدام العدالة الاجتماعية وأنحصارهاودكتاتورية بعض الحكام ، سبباً جوهرياً كذلك لتفشي هذه الإشكالية .

ووفرت مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة لهؤلاء الشباب المغرر بهم ، مساحات كبيرة من الحرية أكثر أمانا لهم للتعبير عن آرائهم ووجهة نظرهم في رفض الدين، بعيدًا عنالتابوهات التي تخلقها الأعراف الدينية والاجتماعية.
ولعل التركيبة النفسية للملحد والتي تتسم بالهشاشة والحيرة والأضطراب تمثل أحد اخطر وأهم الأسباب الكامنة وراء هذه الإشكالية ، فالملحد يعاني في أغوار نفسه غالباً من أضطراب نفسي وسلوكي تخلص أهم مظاهره في معاناته من حزن دفين وضياع متعدد ومتشابك الأسباب، لذا يقدم بعضهمتحت تاثير تلك الأسباب على الانتحار . يضاف الي ذلك الخلل عُصابي والهوس النفسي و البارانوياالسيكولوجيةالتي تصيب للملحد كنتيجة للألحاد ،والتي تؤدي لدخول الملحد في دائرة مفرغة، يقع فيها فريسة لتأثير أكثر تعقيداً للأسباب التي أدت لألحاده والأسباب التي نتجت عن ألحاده ، وهو مايؤدي في النهاية لأثار سلبية وخيمة علي شخصيته .

كما تعد أشكاليةالأدمان أحد أهم عوامل ومظاهر الأدمان في ذات الوقت،فعقار الهيروين – مثلاً- يؤدي بعد أسبوع واحد من تعاطيه إلى إدمان تام ،يعقبها ذوبان ضمير المدمن وتشوش وأهتزاز لقيمه وأخلاقياته،مما يُسهل عليه ارتكاب أبشع الجرائم براحة بال ودون وخز من الضمير الأخلاقي ، ولا يكـاد يوجد في عالمنا المعاصر حالة واحدة تُشبه حالة المدمن في ذوبان الضمير والقيمة والأخلاق إلا حالة الملحـد ، كما يعد الإلحاد في حد ذاته عامل من عوامل الأدمان ، من هنا يدور المدمن في فلك التأثير المتبادل لأسباب الألحاد وآثاره . فالملحـد والمدمن وجهان لعملة واحدة، كلاهما مصـاب بخلل نفسي خطير .

ووفقاً لنتائج دراسة لأستاذ الطب النفسي بجامعة نيويورك ” بول فيتز” ،فأن الألحاد أفرازلخلل نفسي عُصابي يصيب شخصية، وهذا الخلل العصابي تقف وراءه رغبة دفينة في اللاشعور في التخلص من الأب أو السيد والحلول محله ، ورغبة في التحلل من القيم والرابطة الأسرية والمجتمعية والدينية، وبمرور الوقت يتحول الملحدلشخص معاند مكابر ضيق الأفق سريع الإنفعال.

كما يمثل الإيمان الهشسبباً هاماً وجوهرياً للألحاد ،فهشاشة الأيمان تؤدي لانقياد لأفكار مبتوره وفاسدة .

وأفتقادالمجتمعاتالعربية لثقافة الحوار مع الملحد يمثل كذلك عاملاً هامة لتفشي هذا الوباء ،
فعندما يتحول شخص إلى الإلحاد لا يجد عند المحيطين بهمساحة للنقاش تساعد في تصحيح أفكاره ، فيجد الملحد نفسه في تحد دائم مع المجتمع . فالأفكار المنحرفة وأخصها الألحادتنتشر كالنار في الهشيم ما لم تواجه بنقاش أو انفتاح فكري، ولا تزال الأفكار الإيمانية -فى مجتمعنا-  من الأمور التي لا تخضع لنقاش حقيقي.

 الإلحاد في النظام القانون المصري:-

لايعترف الدستور والقانون المصري بالإلحاد، سواء أكان الفرد ملحداً بصورة دائمة أم بصورة مؤقتة. وإذا كان الدستور المصري يكفل حرية العقيدة، فإن الإلحاد ليس بديانة سماوية لها قواعد وأحكام؛ وبالتالي فإن الدستورالمصري لا يعترف بالإلحاد، ولا يعترف بتطبيق أية قواعد يتّخذها الملحدون لأنفسهم.

وبناءً على ذلك فأنه في حال تزاوج ملحدان، فلا تطبق قواعد أو شرائع الإلحاد على القواعد الناشئة عن هذا الزواج، وإنما تكون الشريعة الإسلامية هي الشريعة واجبة التطبيق؛ باعتبارها الشريعة العامة للدولة المصرية.

فإذا كان الشخص مؤمناً بدين سماوي ثم ألحد أو اعتنق ديناً غير سماوي – كالبوذية، أو المجوسية، أو الفرعونية- ، فإن هذا التغيير يصير في حكم المنعدم وفقاً للدستور والقانون المصري .

وكما أن الدستور والقانون المصري لا يعترف بالإلحاد، فإنه لا يسمح بإعلانه أو بوجود أية مظاهر خارجية له (كإنشاء معابد للملحدين مثلاً)؛ لأن ذلك يعد مُخالفاً للنظام العام في مصر.

ورغم نص المادتين (64) و(65) من الدستور المصري الجديد على أن حرية الاعتقاد مطلقة وأن حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير، فإن القانون المصري يعطي الحق في محاكمة أي مواطن بتهمة ازدراء الأديان، والتي تصل عقوبتها للسجنالذي تتراوح مدته بين 3 إلى 5 سنوات .

التعامل مع الظاهرة :-

علي الرغم من أن مواجهة الإلحاد لاتقتصر على الأزهر والمسلمين فقط، بل تقتضي ضرورةتتعاون المنتمون للأديان السماوية جميعاً، والمؤسسات التثقيفية المختلفة في سبيل مجابهتها ، من خلالعقد ندوات التوعية والخطب الدينية في الجوامع ودروس التوعية في الكنائس، إلاأنهذه الوسائل أصبحت تقليدية قد لا تستطيع مواجهة أسئلة الشباب عن الظواهر العلمية التي تتخطى حدود الميتافيزيقا ، فالكثيرون من رجال الدينمتخصصونفي العلوم الفقهية فقط، وهو مايقتضتي التوسع في تثقيف رجال الدين في الأمور العلمية الفيزيقية منها والميتافيزيقية ليصيروا مؤهلين لشرح متعمق لأمر الدين .

كما أن مواجهة هذا الوباء يقتضي فتح قنوات للحوار مع الملحدين ، وأدارة الحوار معهم بالحسني لأن الإيمان والإلحادأمر فكري ، والفكر لايواجهالا بفكر تصحيحي دون الإستماتة في إرجاعهم لحظيرة الإيمان فإنما علينا البيان وليس الهدي، مع ضرورة العناية بالرسوخ العلمي والخطاب العقلي الذي يناقش تفاصيل القضايا العقدية والفكرية القديمة والمعاصرة.
كما يقتضي الأمر تطوير الوسائل والمناهج الدعوية للوصول الي قطاعات الشباب والتواصل معهم وعدم تركهم فريسة لتلك المواقع المشبوهة التي تبث ما يخالف فكر وفطرة المجتمع المصري المتدين.

وعلينا أن نعي أن إشاعة الثقافة الدينية المعتدلة والنهوض بالأزهر الشريف كمحفل علمي عريق وذو باع في خدمة الإيمان والشريعة ،هو رد عملي علي موجة الإلحاد من ناحية والتطرف من ناحية أخري ، واللذان يعدان وجهان لعملة واحده .

كماعلي عاتق علماء الأزهر الشريف القيام بدورهم الأصيل في تقريب روح الإسلام وتعاليمه الراقية من خلال منهج وسطي ولغة راقية في الحوار .
كما تقتضي المجابهة الفعالة للألحاد أعداد برامج متخصصة في وسائل الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي المختلفة ، تقوم على مناقشة الأفكار التى تطرأ على عقول الشباب مع احترام تلك الأفكار ومناقشتها بهدوء ورفق وطرحها أيضا للمناقشة والرد من قبل متخصصين .

كما يقتضي الأمر كذلك ضرورة التنسيق بين المؤسسات الدينية المعنية ببيان صحيح الدين – وهي الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف – لتطوير وسائلها ولغة الأتصال والتواصل ، للوصوللقطاعات الشباب والتواصل معهم واحتوائهم وعدم تركهم فريسة لتلك الجماعات المتطرفة التي تخالف الشريعة الإسلامية في أهدافها ومعتقداتها، وتجديد الخطاب الديني ليتفاعل مع الواقع المعاصر بعيدًا عن نقل قصص وروايات مكذوبة لم تثبت ونشرها بين الناس مظنة أنها ستزيد في إيمانهم على حين قد تكون النتيجة هي العكس ، فعالم الدين يجب عليه أن يضع عينًا على الشريعة وعينًا أخرى على الواقع، ذلك أن البعد عن الواقع والتمسك بالقشور التي لا تعد من جوهر الدين كان سببا في نفور الشباب وابتعادهم عن صحيح الدين.

فضلًا عن ضرورة إحياء الضمير في النفوسمنذ الصغر وزرع في نفوسالنشئ مفهوم حب الله بدلًا من الخوف منه، وذلك بالتزامن مع وضع خطة حقيقية لتطوير العملية التعليمية وتعليم الدين بما سيخلق في النهاية شابا مستقيما لن يتأثر بأى فكر شاذ.

أيمن رمضان الزيني
د. أيمن رمضان الزيني
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى