مقالات

الحركات الاسلامية مابين سندان الحكومات ومطرقة الحرب على الارهاب

الدكتور: حارث قحطان عبدالله

تمر الحركات الاسلامية في اخطر مراحل وجودها ، أذ أن الظروف التي جاءت بها ثورات الربيع العربي وهيئت ولبزوغ هذه الحركات سرعاً ما تغيرت ، وهو التغيير الذي جعل هذه الحركات في مواجهة شراسة مع الحكومات من جانب والنظام الدولي من جانب أخر ، فالحكومات رأت أن هذه الحركات يمكن أن تميل الجماهير اليها ، وبالتالي تكسب شرعيتها على حساب الحكومات العربية ، وهو ما لاتسمح به تلك الحكومات ، مما استدعى الى ربط تلك الحركات بمفهوم الارهاب والذي لازال غير واضح المعالم في كيفية التميز ما بين الارهاب والنظال من أجل حقوق وكرامة الانسان .

لقد ساهمت الحرب الدولية على الارهاب في المنطقة العربية الى ربط تلك الحركات بالارهاب ،وهو ربط قد اثر وسيستمر تأثيره على مستقبل تلك الحركات بعد تصاعد البطش الحكومي للدول العربية ضد تلك الحركات بحجة الارهاب ولاسيما أن الغرب لم يجد لحد الآن البديل المرغوب فيه يعوض حكومات المنطقة العربية .

أن قراءة متانية الى تصاعد الأحداث في المنطقة العربية أبتداء من مصر وليبيا وانتهاء بسوريا سيجد أنها خطة مرسومة لضرب الحركات الأسلامية في تلك المعاقل .فالغرب ولاسيما الولايات المتحدة يركز نضره على بعض هذه الجماعات والحركات فيما يغض الطرف على الجانب الأخر وكأتها حركة مقصودة من جانبه لحكومات المنطقة لضرب اتجاه معين من تلك الحركات رغم تصاعد الادانه للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان للأعمال تلك الحكومات .

أن تكرار الحديث عن الحركات الاسلامية والتخويف من حضورها الى المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في مجتمعات ما بعد الثورات ، هو في الحقيقة تكرار لحديث طويلة من قبل النخبة السياسية الحاكمة في المنطقة العربية ومحاولتها ربط الارهاب بتلك الحركات وشيطانتها ، هو حديث موجهه بالدرجة الأولى الى الغرب في ظل غياب استراتيجية واضحة له في المنطقة وبالتالي النظر الى تلك الحركات على انها حركات متصادمة مع حضارة الغرب وثقافته من جانب ، ومن جانب اخر هو ازدواج المعايير عند الغرب بتحالفه مع انظمة تسلطية ويغض الطرف عن ممارساتها في قمع ليس فقط الحركات الاسلامية ، بل كل الحركات الداعية للتغيير السلمي والداعية الى معايير حقوق الانسان الغائبة في العالم العربي . وهو من جانب أخر خطاب موجهه الى فئات المجتمعات العربية وتخويفها من الحركات الاسلامية وربط فشل و عدم تقدم تلك المجتمعات بتلك الحركات ، بناءاً على تجارب سابقة وفاشلة في الحكم أو بناءاً على تجارب للحركات الاسلامية انحازت من السلمية الى العنف تحت وطاة عنف السلطات الحاكمة .

أن المنطق السليم يتحتم على الغرب والحكومات العربية تقبل تلك الحركات في عملية سياسية تعتمد على التبادل السلمي للسلطة والمؤسسات .لان بقاء تلك الحركات خارج هذا الاطار وفي ظل العنف الحكومي المتصاعد ضد تلك الحركات سيلجاء الاخيرة الى انتهاج العنف السياسي – العنف يؤلد عنف مقابل- وهو مايدخل المنطقة العربية في بؤرة صراعات محلية وأقليمية واسعة المدى وغير محسوبة النتائج ، مما يؤدي الى اضطراب سياسي وانهيار اقتصادي للدول المنطقة ومجتمعاتها .

وستكون نتائج هذا الخطاب الاحادي من قبل الانظمة الحاكمة وتغيب الرأي الآخر إتجاه الحركات الاسلامية في ظل مايعرف بالحرب العالمية على الارهاب ، وتغاضي النظام الدولي عن واقع أصبح معلوم هو المزيد من انتهاكات للحقوق الأنسان وانتهاك الحريات العامة تحت ذريعة محاربة الأرهاب .. ومزيداً من الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية  المتفاقمة للبلدان العربية ، ومزيداً من حيرة للمواطن العربي في امتلاك أبسط مقاومات الانسان الحر. ونتيجة حتمية الى مزيداً من انجرار الحركات الاسلامية الى طريق العنف بعد انسداد الطرق السلمية في معالجة الاوضاع المتردية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في العالم العربي

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى