الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

لماذا المفاوضات غير المباشرة بين الأطراف اليمنية هي الحل؟

كان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، أعلن من نيويورك، الخميس قبل الماضي، قبول الأطراف اليمنية بالذهاب إلى المفاوضات المباشرة، في مسقط.

وهو الأمر الذي أكدته الحكومة اليمنية التي تتخذ من الرياض مقراً لها، معلنة موافقتها على المشاركة، شريطة حصول المبعوث الدولي على اعتراف رسمي من الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، بتنفيذ قرار مجلس الأمن، دون شروط.

قبل 12 يوماً أطلقت الأمم المتحدة دعوة لعقد جولة جديدة من المباحثات المباشرة بين الأطراف اليمنية، خلال أسبوع، بغية التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة المحتدمة منذ نحو عام، إلا أن اشتراط الطرف الحكومي باعتراف الحوثيين وصالح، رسمياً بالقرار الأممي 2216، وعدم تحقيق ذلك، كان بمثابة العثرة أمام انعقاد هذه المباحثات.

وبحسب الناطق باسم الحكومة، راجح بادي، فإن الحكومة كانت قد حصلت على تأكيدات شفهية من المبعوث الدولي، بقبول الحوثيين وصالح بالقرار الأممي، وهو ما دفعها، وكبادرة حسن نية إلى الإعلان عن القبول بحضور المفاوضات، شريطة أن يحصل الوسيط على التزام صريح ومعلن من الطرف الآخر بالقرار، إلا أن عدم حصول ذلك هو ما جعلها ترفض الحضور قبل الحصول على ذلك الالتزام وبشكل رسمي.

وأمام هذا التعثر، عاد ولد الشيخ إلى المنطقة، مستهلاً بالرياض، الثلاثاء الماضي، بغرض إحياء المسار التفاوضي، مصحوباً بمواقف دولية عدة داعمة لهذا المسار.

وللتأكيد على ذلك، قال استيفان دوغريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل يوم واحد، إن الأخير يجدد دعوته إلى أطراف الصراع في اليمن، بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، مشيراً إلى أن موقف كي مون هو أنه “لا حل عسكري للأزمة، وأنه يتعين على أطراف الأزمة التفاوض بحسن نية حول العملية السياسية”.

وإلى صنعاء، عاد السفير الروسي، فلاديمير ديدوشكين، الجمعة الماضية، بعد أن غادرها، الشهر الماضي، في عودة جديدة يبدو أنها تصب في إطار الجهود الدولية لإحياء المسار السياسي، والضغط على الحوثيين وصالح لإنجاحه.

وعبّر ديدوشكين عن تفاؤله في إيجاد حل للمشكلة اليمنية قريبًا (دون تحديد يوم بعينه)، وقال في تصريح بثته وكالة أنباء”سبوتنيك” الروسية، في ذلك اليوم، إنه سيستمر بأداء دور مساعد للمبعوث الدولي إلى اليمن، في إيجاد حل للأزمة، و في أسرع وقت ممكن.

وبالإضافة إلى المبعوث الأممي، يقود ممثلون من روسيا، وأمريكا، والاتحاد الأوروبي، منذ يونيو/حزيران الماضي، وساطة دولية، ومفاوضات غير مباشرة، بين وفود عن جماعة الحوثي وصالح، في العاصمة العمانية مسقط، وبين الحكومة اليمنية، في العاصمة السعودية الرياض، بحسب مصادر حكومية يمنية.

وعما إذا كانت هذه الجهود الدولية ستنجح في إعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات وتحديد موعد لها، أو لا؟، يرى محللون سياسيون يمنيون أن ذلك ممكناً، فقط إن توصل هؤلاء الوسطاء إلى صيغة نهائية للاتفاق السياسي عبر المفاوضات غير المباشرة، على غرار المبادرة الخليجية في أزمة وثورة عام ٢٠١١.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي، عبدالله سليمان إن المبادرة الخليجية التي أُعلن عنها في أبريل/نيسان ٢٠١١، استغرقت 10 أشهر من المفاوضات غير المباشرة، عبر الوسطاء الدوليين بين الأطراف التي لم تجتمع على طاولة واحدة، إلا حين التوقيع على آليتها التنفيذية في الرياض في فبراير/شباط ٢٠١٢.

ويضيف سليمان في حديث مع الأناضول في وقت سابق : “من الواضح أن الذهاب إلى اللقاءات المباشرة، هو غير ممكن أمام عقدة شرط الحكومة بأن يُعلن الحوثيون وصالح الالتزام بالقرار الأممي، وتَمَنُع هؤلاء عن إعلان هذا الالتزام، مع أن التسريبات كانت قد قالت إن مفاوضي هذا الطرف كانوا قد أبدوا استعداداً شفهياً للوسطاء الدوليين للقبول به”.

ويتابع: “ربما يرى الطرف المتمثل بالحوثيين وصالح، أن إعلانهم ذلك بشكل رسمي، قبل التوصل للصيغة النهائية لأي اتفاق، لن يعطيهم المساحة الكافية للمناورة في المفاوضات المباشرة، وذات الأمر ينطبق على الحكومة، إذ سيُعَد حضورها قبل إعلان الخصم الالتزام بالقرار، مجازفة من قبلها قد تذهب بالمفاوضات خارج إطار تنفيذ القرار ٢٢١٦”.

وأمام هذه العقدة ، يرى المحلل السياسي، أن الخيار الأفضل للوسطاء يبدو في “استكمال المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، للتوصل لصيغة الحل النهائي، قبل إخراجها عبر المفاوضات المباشرة”.

وعلى المسار نفسه، يسير المحلل السياسي ورئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن، قائلاً “يفضل المفاوضون عن الحوثيين وصالح، اقتران إعلانهم بالقبول بالقرار الأممي، بالإعلان عن الصيغة النهائية للاتفاق السياسي لتنفيذه لا قبله”.

ويرى حسن أن هذا الأمر قد يكون مقبولاً للحكومة أيضاً، لتفادي الضغوط الدولية عليها للذهاب للمفاوضات المباشرة، فإن تذهب إليها باتفاق جاهز هو أفضل من أن تذهب إليها بدونه”.

ويتوقع المحلل السياسي، أن يتجه الوسطاء الدوليون إلى إيجاد هذه الصيغة النهائية للاتفاق، عبر المفاوضات غير المباشرة، قبل الذهاب إلى اخراجها في اللقاءات المباشرة، غير أنه لا يعرف كم قد يستغرق هذا الأمر من وقت، إذ أن الحل السياسي مرهون بقناعة الأطراف ما إذا كان قد أصبح ممكناً أو لا، وفق قوله.

وفي 14 أبريل/نيسان الماضي، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2216 الذي يقضي بالانسحاب الفوري لقوات الحوثيين وقوات صالح من المناطق التي استولوا عليها، وبتسليم أسلحتهم، والتوقف عن استخدام السلطات التي تندرج تحت سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي، بالإضافة إلى فرض عقوبات على زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، وشقيقه، وقائد ميداني آخر للجماعة، وعلى الرئيس صالح، ونجله أحمد، باعتبارهم “منقلبين” على العملية السياسية، والدخول في مفاوضات بهدف التوصل إلى حل سلمي.

وترى الحكومة في ذلك القرار، خارطة طريق متكاملة تلبي وجهة نظرها للحل السياسي، فيما يشترط الطرف الآخر، اتفاقات جديدة تتجاوز القرار والاتفاقات السياسية السابقة المؤسِسة للعملية الانتقالية في البلاد، كالمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اللتان كانا شركاء فيهما.

والأربعاء الماضي، عاد نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة، خالد بحاح، على رأس وفد حكومي، من الرياض إلى عدن (التي أعلنها هادي في وقت سابق عاصمة مؤقتة)، لممارسة مهامها، عوة يراها مراقبون بمثابة تفاؤل مشوب بالحذر إزاء المرحلة القادمة.

اشترطت الرئاسة اليمنية اعتراف الحوثيين بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي ينص على انسحابهم من الأراضي التي سيطروا عليها للمشاركة في مفاوضات سلام. وكان الموفد الأممي إلى اليمن أعلن عن استئناف المفاوضات الأسبوع المقبل بين الطرفين.

وقالت إن الاجتماع أكد “عدم المشاركة في أي اجتماع حتى تعلن الميليشيا الانقلابية اعترافها بالقرار الدولي 2216 والقبول بتنفيذه بدون قيد أو شرط.” وكان مجلس الأمن الدولي حث يوم الجمعة الأطراف على الامتناع عن وضع شروط مسبقة أو القيام “بأعمال من جانب واحد”.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى