الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

سيناريوهات النظام الدولي بعد 20 يناير”2017″ وإنعكاساتها على النظام الإقليمي العربي

اعداد : أ.عربي لادمي محمد – المركز الديمقراطي العربي

 

أثارت نتائج انتخابات الرئاسة الامريكية بداية شهر نوفمبر الصارم، بفوز رجل الاعمال والملياردير “دونالد ترامب ” وبرنامجه ورؤيته للسياسة الامريكية في ظل حكمه ، عدة تخوفات بخصوص نمط السياسة الخارجية الامريكية والذي يحسب على التيار الشعبوي ، هذه السياسة التي من الواضح انها ستغير ملامح عدة أنظمة إقليمية ،ويمكن ان تطال حتى النظام الدولي الحالي بشكل من الصعب التأكيد على نمط بعينه له .

تنعكس شخصية “ترامب” على سلوكه السياسي _حسب تصريحاته في الحملة الانتخابية السابقة_ رغم ان سيرته الذاتية خالية من الخبرة السياسية ، الا انه برايي سينجح في إدارة الولايات المتحدة الامريكية داخليا باعتماده لسياسة اقتصادية بديلة لسياسات سابقيه ما قد يكرس شرعيته ويزيد من رضى مواطنيه تجاهه. لكنه سيكون اكثر فشلا في إدارة السياسة الخارجية لهذه الدولة التي كانت الى عهد قريب فاعلا في إدارة أزمات الأقاليم والنزاعات الدولية .بعد  التراجع الذي شهدته سياستها الخارجية  في  الاشهر الأخيرة ، خاصة في ظل   الانسحاب من مستنقع الازمة السورية _ بسبب تلك الانتخابات ، ما كرس نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط وفرض الامر الواقع وتراجع الطرح الغربي لحل الازمة السورية.

اذا ماهي انعكاسات السياسة الخارجية الامريكية المرتقبة لترامب على النظام الدولي ؟

 أولا :السياسة الخارجية  الامريكية في الفكر الترامبي 

انطلق “ترامب في حملته الانتخابية ،وحتى بعد انتخابه كرئيس للولايات المتحدة الامريكية ، من أفكار خارج القرن الواحد والعشرون_طبعا بالنسبة للساسة الغربيين_ ، من بينها:

1/  رفضه للاتفاقيات العالمية للتجارة ، والمناخ .، وبالتالي رفضه للعولمة بكل ابعادها .

2/ رفضه  الاتفاقيات التجارية البينية بين الولايات المتحدة الامريكية وباقي الدول خاصة اتفاقيات “النافتا” والتي وسمها باتفاقية العار التي خلفها  الرئيس الأمريكي الأسبق “بيل كلينتون “.

3/ رفضه للانفتاح الأمريكي على العالم خاصة ما يتعلق بدخول الأجانب ، وهدد بطرد اكثر من 2مليون مسلم في الو.م.أ ، والالاف من المكسيكين وإقامة جدار عازل على طول الحدود الامريكية _المكسيكية.

4/ رفضه للتقارب الامريكي الصيني الذي حدث في عهد باراك أوباما

5/ انحيازه تجاه روسيا متجاهلا كل الأطر _العرفية_المسيرة للنظام الدولي الجديد  منذ 1990والذي هو صنيعة الولايات المتحدة الامريكية نفسها بعد الحرب الباردة ، واتخاذ العدو _صديق ، خاصة بعد اختياره “ريكس تيلرسون ” الصديق  المقرب لبوتين. وزيرا لخارجية حكومته المرتقبة .

6/ زيادة قوة الجيش  الأمريكي والحد من التدخلات العسكرية في الإقليم التي تشهد توترا .

ثانيا :النظام الدولي ما بعد 20/يناير 2016

يعتبر وصول “ترامب ” الى البيت الأبيض في 20يناير المقبل ، بوصلة تحول مرتقب للنظام الدولي، خاصة وان حكومة ترامب الجديدة بكوادرها كانت كانعكاس لشخصية”ترامب ” وكذلك كتاكيد على رغبته في التغيير في السياسة الخارجية الامريكية .واذا ما نفذ “ترامب كل تهديداته في سياساته فاننا سنشهد نظام دولي وفقا لثلاث سيناريوهات  :

أ/ نظام دولي ثنائي القطبية(الثنائية التعددية) جديد:

  • يتميز هذا النظام بوجود قطبين غير تقليديين ، احدهما يتمثل في تحالف الو.م.أ، اليابان ، بريطانيا ،روسيا وايران، والأخر يتمثل في  تحالف ، الاتحاد الأوروبي و الصين وتركيا .
  • هذا النظام قد يعيد فكرة التحالفات العسكرية لكن بتوزيع جديد ، خروج الو.م الامريكية وبريطانيا من  حلف الناتو .وبروز حلف جديد منافس له  بقيادة الو. م الامريكية وبريطانيا  .
  • من ناحية أخرى وان تفكك حلف الناتو  بخروج الو م أ وبريطانيا منه ، ودخول الو.م.أ  في عزلة حسب طرح “ترامب”يمكن ظهور احلاف عسكرية جديدة براغماتية  او بناء احلاف عسكرية  حسب التهديدات الأمنية ضمن الأقاليم .
  • زوال الصراع التقليدي الأيديولوجي الذي عاد للنظام الدولي منذ 2001، وتحول الصراع الى صراع اقتصادي بحت .
  • بروز صراع جديد بين مؤيدي العولمة والرافضين لها بقيادة الو.م.أ وبريطانيا ضد الاتحاد الأوروبي.

ب/نظام ثنائي القطبية بدون الولايات المتحدة الامريكية ،

هذ النظام يحمل بعض مواصفات النظام (أ) عدى :

  • عدم وجود الو.م.أ في أي من القطبين ، بسبب نظام العزلة الذي سيتبعه ترامب .
  • بقاء حلف الناتو رغم خروج الو.م.أ وبريطانيا .
  • ظهورحلف عسكري (بريطانيا ،روسيا)منافس لحلف الناتو.

 ج/نظام متعدد الأقطاب :

1.يتميز هذا النظام في اصطفاف الدول الكبرى على ثلاث اقطاب :

* قطب يمثل : الو.م.أ وبريطانيا ، يمكن ان يشهد بروز حلف عسكري ، بعد خروجهما من الناتو .

*قطب يمثل الاتحاد الأوروبي ، مع بقاء حلف الناتو ممثلا له عسكريا .

*قطب يمثل روسيا والصين مع بروز حلف عسكري ثالث ممثل لهذا القطب .

2.استمرار الصراع الأيديولوجي (شيوعي – ليبرالي )

3.بروز صراع غربي- غربي (بين القطبيين الأوليين في هذا النظام).

ثالثا: انعكاسات سيناريوهات النظام الدولي على النظام الإقليمي العربي .

رغم ضعف النظام الإقليمي العربي في النظام الدولي الحالي ، الا انه لن يزداد قوة  في أي سيناريو للنظام الدولي المنتظر ، وذلك للأسباب التالية :

  • تفكك الدول العربية المشكلة للنظام الإقليمي العربي وذلك منذ 2003
  • انشغال الدول العربية بإعادة البناء بعد أزمات الحراك العربي التي ميزتها منذ نهاية 2010
  • احتمالية إعادة تقسيم خارطة الإقليم العربي وفقا لمعطيات ما بعد الحراك العربي .
  • تشرذم الدولة العربية _ ان فرضنا انها أعادة بناء ذاتها من جديد _ حسب الأقطاب في أي سيناريو محتمل للنظام الدولي وهو ما يعيق إعادة بناء النظام الإقليمي العربي .وقد اتضح ذلك جليا منذ تازم العلاقات الخليجية _الخليجية في ظل الازمة القطرية.
  • المصدر : مجلة اتجاهات سياسية احدى اصدارات المركز الديمقراطي العربي – ألمانيا – برلين
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى