الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

أليات تمكين المرأة والشباب بإفريقيا

اعداد : انتصار صابر محمد – باحثة ماجستير بمعهد الدراسات العربية بجامعة الدول العربية – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

تعتبر المنطقة الإفريقية واحدة من أهم مناطق العالم، لما لها من أهمية كبيرة ولما تملكه من العديد من المقومات التي تسعي الدول الكبري لبسط نفوذها والتحكم في موارد دولها، كانت مطمعًا للدول الاستعمارية، ولعب الشباب إفريقيا دور إيجابي في سبيل تحقيق السلام والاستقلال لدولهم، حيث قادوا الثورات والحركات التحررية ضد الدول الاستعمارية، وهو ما دفع قادة الدول في الفترة الأخيرة إلى الاهتمام بالشباب كمحرك أساسي في القارة وسعوا لتنفيذ العديد من المبادرات التي تسعى إلى تمكين الشباب الإفريقي وإدراجه داخل المؤسسات والاستفادة من الطاقة الشبابية.

تعد قارة إفريقيا الأعلى في نسبة الشباب عالميًا، حيث بلغت نسبة الشباب في القارة الأفريقية حوالي 60% من إجمالي السكان، ويرجع ذلك لزيادة معدلات الخصوبة مع انخفاض الوفيات[1]، وكان إجمالي عدد الشباب بالقارة وفقًا لتقديرات الامم المتحدة، عام 2015، نحو 721 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل لحوالي 1.4 مليار بحلول عام 2063.[2]

بلغت نسبة الشباب الإفريقي عالميًا فئة 15 حتى 24 عامًا نحو 18% من اجمالي السكان، كما أن 85% منهم يعيش داخل البلدان النامية[3]، وأشار تقرير للأمم المتحدة لعام 2016، أن نسبة الشباب من 15 حتى 25 عامًا بلغت حوالي 16% من الاجمالي العالمي[4].

لم يكن تأثير الشباب الإفريقي على مستوي مكافحة الدول الاستعمارية في بلاده فقط، بل امتد أيضاً نحو مكافحة الفساد من جانب حكومات دولهم، فهم من قادوا الثورات ضد الفساد والظلم ولا سيما في الثورات الناجحة التي حققها الشباب في مصر وليبيا وتونس والسودان، والوقوف ضد الظلم ونصره المظلوم والسعي نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.[5]

وساهمت أعداد كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل في الصراعات السياسية في القارة، وأدت الآفاق الاقتصادية المحدودة إلى ارتفاع معدلات الجرة للشباب، وما صاحب ذلك من مخاطر إنسانية واجتماعية؛ كالنزاعات والأخطار المتعلقة بالمناخ، كما هو الحال في منطقة بحيرة تشاد، التي تهدد بشكل كبير سبل العيش وتقوض الأنظمة الهشة[6]، قامت العديد من الدول بوضع الاستراتيجيات والخطط نحو تمكين الشباب للعمل داخل المؤسسات والمشاركة في صنع السياسة العامة.

أولًا التحديات التي تواجه القارة الإفريقية.

تعدُ البيئة الإفريقية بيئة غير مُستقرة وتنتشر فيها الصراعات الداخلية والحروب الأهلية والإقليمية، وتعكس هذه الاضطرابات مشكلة الاندماج الوطني والتعايش السلمي، وهو ما يشعل نار الحرب باستمرار، كما أن قارة إفريقيا تواجه العديد من التحديات القوية، التي من الممكن أن تعرقل مسيرة التنمية التي تسعي دول القارة لتحقيقها، وكذلك التصدي لعملية تمكين الشباب في الحياة السياسة داخل المجتمع الإفريقي، ولعل أبرز التحديات التي تعيق القارة الإفريقية في سبيل تحقيق مشروع تمكين الشباب الإفريقي هي:

تصاعد حدة الصراعات الدينية والعرقية بإفريقيا.

تعد القارة الإفريقية واحدة من أهم مناطق العالم احتضانًا للصراعات العرقية والدينية، في ظل وجود المجتمعات غير المتجانسة التي تعتبر أكثر عرضه لإثارة الصراعات الدينية والعرقية، وتنتشر هذه الصراعات داخل البلدان ذات الأغلبية المسلمة مثل مالي أو الصومال أو شمال نيجيريا، كما تنتشر في دول جنوب الصحراء الكبرى بعض الجماعات المسيحية المتمردة، التي تسعى للتأثير على المنطقة لتحقيق مطالبها.[7]

الجماعات المتطرفة لها تأثير قوي بشمال إفريقيا، مثل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي، وكذلك تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”، في ظل التواصل المستمر بين هذه الجماعات والمتمردين في عدد من الدول الإفريقية كالصومال ونيجيريا[8]، وبلغ تأثير الصراعات الدينية والاثنية في الدول الإفريقية للأنظمة السياسية الحاكمة، وأظهرت حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الكثير من البلدان الإفريقية، مع تزايد الصراعات الدينية، وزيادة معدلات البطالة.

تفاقم حجم الصراعات الحدودية والنزاعات المسلحة:

الصراعات الحدودية واحدة من أبرز الظواهر التي تميز القارة الإفريقية، وظهرت لاستقلال الدول وسعيها لبسط سيطرتها على كامل سيادتها، وتصاعد حدة الصراعات الحدودية داخل القارة الإفريقية في الآونة الأخيرة، مع انتشار نمط الحرب بالوكالة، والتي تقوم بعض الحكومات بدعم حركات التمرد في البلدان المجاورة، ولا سيما في ظل الاتهامات الإثيوبية للسودان بدعم متمردي إقليم تيجراي، في ظل الصراع القائم بين البلدين حول منطقة الفشقة الحدودية، التي شهدت اشتباكات بين البلدين أسفر عنها العديد القتلى والمصابين[9]، كما أسفرت الحرب الأهلية بإثيوبيا عن فرار آلاف اللاجئين إلى ولايتي كسلا والقضارف بشرق السودان.[10]

وفي سياق الحرب بالوكالة، شهدت القارة نمو عدة جماعات متمردة مدعومة من الخارج، ولا سيما مجموعة “فاكت” (The FACT) المتمردة بتشاد، والتي كانت السبب وراء مقتل الرئيس التشادي “إدريس ديبي”، وتعتبر فاكت مدعومة بشكل كبير من الجانب التركي، وتمولها قطر بهدف إخراج فرنسا من منطقة الساحل الإفريقي.[11]وخلال فترة الخمس سنوات من عام 2012 حتى عام 2017، كان لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط النسبة الأعلى عالميًا لحالات الوفاة المرتبطة بالصراعات المسلحة.[12]

قلة الاستثمارات وضعف البنية التحتية الإفريقية.

تعاني الدول الإفريقية من ضعف الاستثمارات نتيجة البنية التحتية الإفريقية السيئة، فهي تمثل تحديًا هامًا للإنتاجية الإفريقية، وأظهرت تقارير بنك التنمية الإفريقي أن تنمية وتطوير البنية التحية الإفريقية تحتاج ما بين 130 مليار إلى 170 مليار دولار سنويًا، في ظل الفجوة الحادية التي تصل إلى نحو 108 مليار دولار، كما أن استمرار أوضاع البنية التحتية الإفريقية بهذه الطريقة سوف تمثل خطرًا كبيرًا على الأعمال التجارية في المنطقة، مع استمرار نقص التمويل للطرق والاتصالات السلكية واللاسلكية والمياه والكهرباء، والتي أصبحت تؤثر على إنتاجية القارة بنحو 40٪.[13]

سعي الأطراف الدولية والإقليمية لتحقيق مصالحها بالمنطقة.

من أهم التحديات التي تواجه دول القارة الإفريقية هي محاولة القوى الدولية لمد نفوها داخل دول القارة، وكذلك خلق حالة من التنافس في المجالات العسكرية والاقتصادية والجيوسياسية، ويعد التواجد الأمريكي في القارة الإفريقية، واحد من أهم التحديات التي تواجه الدول الإفريقية في تحقيق التكامل والسعي إلى تمكين الشباب الإفريقي، كما أن السعي الدائم والمتواصل من جانب الإدارة الامريكية على مد نفوذها داخل القارة والعمل على توطيد العلاقات بالنخب السياسية الحاكمة، لتحقيق المصالح الأمريكية، وترتب على ذلك إلى أن أصبحت المنطقة الإفريقية سوقًا للمنتجات الأمريكية.[14]

تصاعد ظاهرة اللجوء والنزوح في إفريقيا.

تُعد مشكلة اللاجئين والنازحين واحدة من أهم المشكلات والتحديات التي تواجه القارة الإفريقية منذ عدة سنوات، والتي تسببت في العديد من الأزمات بين الدول الحدودية؛ نتيجة النزوح الجماعي للعديد من السكان، والتي أصبحت قاسمًا مشتركًا بين ‏معظم الدول الإفريقية، لتضفي إلى أزمات الهوية والشرعية مشكلة أخرى من مشكلات النظم السياسية الإفريقية، إضافة إلى ما لها من تأثيرات إقليمية.

والقارة الإفريقية أحد أكبر قارات العالم من حيث عدد النازحين واللاجئين في العالم، حيث تشمل النصيب الأكبر من اللاجئين في العالم، والتي تضم حوالي ربع عدد اللاجئين في العالم؛ فوفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تستضيف إفريقيا جنوب الصحراء حاليًا أكثر من 26% من اللاجئين في العالم، وهو ما يمثل عبئًا ثقيلًا على اقتصاد القارة[15].

وقدم بعض الخبراء عدة أسباب لتفاقم ظاهرة اللجوء وازدياد أعداد اللاجئين داخل إفريقيا، خصوصًا داخل الدول النامية بالقارة، أبزرها انتشار الحروب والصراعات داخل تلك الدول، سواء لأسباب عرقية أو طائفية أو غير ذلك، فضلًا عن انتشار الأمراض والأوبئة، وزيادة معدلات الفقر. ويشير البعض إلى ارتباط ظاهرة اللجوء في القارة الإفريقية بمشكلة الاندماج الوطني، والتي برزت بوضوح في الدول الإفريقية في أعقاب الاستقلال، في ضوء الحدود المصطنعة التي خلفها الإرث الاستعماري، وإخفاق أغلب الأنظمة الإفريقية بالقارة في التعامل مع المشكلات التي نجمت عنها،[16]مما تسبب في زيادة حدة الصراعات داخل تلك الدول.

وثمة شيء مهم، أنه لا توجد حلول ثابتة وجاهزة لظاهرة اللاجئين، ليس في إفريقيا فقط، بل في العالم ككل، فحالات عدم الاستقرار في إفريقيا الوسطي والسودان ونيجيريا وبورندي ودارفور وشمال مالي وكذلك دلتا النيجر، وتشاد، والكونغو الديمقراطية، وبوركينا فاسو، ومؤخرًا ما يشهده القرن الإفريقي وإقليم تيجراي في إثيوبيا، تسببت في وجود آلاف اللاجئين والنازحين في دول القارة.[17]

كما شهدت موزمبيق حالة من العنف والتمرد في إقليم كابو ديلجادو الواقع على الحدود التنزانية، وتصاعد الأعمال الإرهابية على طول شريط الساحل الإفريقي، مما تسبب في نزوح آلاف الأشخاص وتمركزهم في منطقة بيمبا وبعض المناطق المجاورة داخل المخيمات[18]

تأثير فيروس كورونا على معدل النمو الإفريقي

تُعد أزمة كورونا واحدة من أهم التحديات التي تواجه القارة الإفريقية، كما ستؤثر على انخفاض معدلات النمو، وارتفاع نسبة الفقر داخل القارة، وقدرت الأمم المتحدة أن ما يقرب من 30 مليون شخص قد يصبحوا تحت خط الفقر، وأن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد يمكن أن يزيد بشكل كبير[19].

وتزايد القلق داخل القارة الإفريقية بعد ارتفاع اعداد المصابين في الموجة الثالثة من فيروس كورونا، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الأكسجين الطبي بنسبة 50٪ مما كان عليه في نفس الوقت، في عام 2020، وذكرت منظمة الصحة العالمية إن الموجة الثالثة قد يكون لها العديد من التداعيات السلبية علة القارة الإفريقية، وبلغ متوسط ​​معدل الوفيات في القارة 2.6٪ منذ بضعة أشهر، أعلى من المتوسط ​​العالمي البالغ 2.2٪، انخفض معدل الوفيات العالمي منذ بداية الوباء، الأمر الذي من شأنه في حد ذاته أن يضع المزيد من البلدان الأفريقية فوق المتوسط ​​العالمي.[20]

ثانيًا التحديات التي تعرقل عملية تمكين الشباب الإفريقي.

يمثل الشباب فرصة القارة نحو تحقيق الطفرة الاقتصادية والسياسية، وزيادة الطاقات البشرية القادرة على خدمة المجتمع الإفريقي، في ظل عجز الكثير من الدول في تحقيق الضمانات الاجتماعية، التي تخلق حالة الاستقرار وزيادة فرص العمل بالمجتمع، كما أن الشباب الإفريقي لا يزال يعاني من حالة عدم تحقيق التمكين، والقدرة على ممارسة حقوقه بشكل واسع وكبير، ولعل أهم التحديات التي تواجه الشباب نحو تحقيق التمكين تتمثل في:

ارتفاع معدلات البطالة والفقر

تعد البطالة والفقر واحدة من أهم التحديات التي تواجهه الشباب في القارة، مع انتشار البطالة والفقر تنتشر الجريمة المنظمة، وربما يلجأ البعض إلى الهجرة غير الشرعية نتيجة التطرف والصراعات التي تشهدها القارة من جانب الجماعات، وأظهر العديد من التقارير أن القارة الإفريقية أفقر قارات العالم، فإن ثلث سكان القارة يعانوا من الجوع، كما يموت سدس أطفال القارة قبل سن الخامسة، واستمرار انخفاض مستويات المعيشة، ووفقًا لتصريح مدير إدارة الاقتصاد الكلي بالجنة الاقتصادية في أفريقيا التابعة للأمم المتحدة، فإن معدل الفقر داخل القارة بلغ نحو 40% من حجم السكان[21]، وزادت معدل البطالة في إفريقيا بنسبة 10% في المتوسط، في الوقت الذي قلت فيه النسبة بنحو 10% عالميًا، وبلغت نسبة البطالة في نيجيريا التي تعد أكبر اقتصاديات القارة نحو 23%[22]، وارتفع معدل البطالة في جنوب إفريقيا ليصل إلى 34.4% خلال الربع الثاني من العام الحالي، وتعتبر الأولى عالميًا[23]

نقص الإمكانيات التكنولوجية في القارة

بينما يواصل العالم الانتقال إلى الثورة الصناعية وتحقيق طفرة تكنولوجية كبيرة، لا يزال الشباب داخل القارة الإفريقية يعانوا من غياب التكنولوجيا الحديثة، وخاصة أولئك الشباب الذين يعيشون في المناطق الريفية والمتخلفة، كما أثرت غياب التكنولوجيا على ارتفاع نسبة البطالة، بسبب العوائق التي يوجهونها، مثل الافتقار إلى المعرفة الرقمية والوصول إلى الإنترنت، مما يؤثر على فرصهم في قطاع الأعمال.[24]

عدم المساواة في التعليم

أثرت الفجوة الاقتصادية واختلاف الطبقات في المجتمع على الحقوق الأساسية للشباب، ولا سيما التعليم، في ظل التكنولوجية الحديثة في العالم، والتي تحتم من التعليم كأمر أساسي، والتي تعد واحدة من القضايا الرئيسية والمشاكل الاجتماعية التي يواجها الشباب، في ظل عدم إمكانية الوصول إلى التعليم الجيد الذي يمكن أن يمكّنهم بالمهارات الأساسية ليصبحوا أكثر تأثيرًا بالمجتمع.[25]

غياب حالة الاستقرار السياسي

أثرت حالة عدم الاستقرار السياسي، وضعف الإمكانيات داخل الدول الإفريقية، مع انعدام المقومات الاقتصادية التي أدت إلى بروز الجماعات المسلحة، في ظل أن تمكين الشباب في القارة الإفريقية يحتاج إلى مشاركتهم في صنع القرار، وتقديم برامج التنمية والإصلاح وكذلك دعم برامج ريادة الأعمال والمشروعات[26]، وأن غياب الأمن له دور سلبي ضد الشباب.

استقطاب الجماعات المسلحة الشباب الإفريقي للعمل معهم.

تعمل الجماعات الإرهابية داخل القارة الإفريقية على استهداف الشباب، حيث تُدرك الجماعات سعى الشباب إلى تحقيق التغيير، وهو ما جعلهم فريسة للأعمال الإرهابية واستقطاب الجماعات المسلحة، كما أنهم يصبحوا مصدر قلق وخطر في ظل انتشار العولمة وسرعة التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك سهولة تدفق المعلومات وانتشارها، كما تعتمد الجماعات التي تستهدف الشباب على حالة الضعف التي تشهدها الدولة المجتمع، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية وكذلك الاجتماعية والعسكرية، وتعتمد على تقديم وسائل الجذب والإغراء للشباب، والعمل على خلق منصات إعلامية وهمية، تبث المعلومات التي يمكن من خلالها جذب الشباب لديها[27]، كما أن زيادة معدلات الفقر وغياب التنمية داخل القارة ساهمت في تعزيز الفكر المتطرف، ونمو الجماعات الإرهابية داخل القارة الإفريقية.[28]

وعلى الرغم من الجهود المبذولة في بعض المناطق، إلا أن الشباب الإفريقي مازال يعاني الكثير من التحديات، والتي تعرقل حركة التنمية وتحقق نتائج سلبية ضد تمكين الشباب في الحياة السياسية في المجتمع الإفريقي، ويصبح أداة قوية ضد الدولة والمجتمع الإفريقي في يد الجماعات المسلحة، ومن ثم انتشار الجريمة وأعمال القرصنة وانتشار التهديدات التي تعرقل حركة التنمية في القارة.

كما لا يُمكن إغفال أهمية تمكين المرأة في إفريقيا، فالمرأة شريك أساسي داخل المجتمع الإفريقي، وتحقيق التنمية والتمكين للشباب لن يكتمل إلا بتحقيق التنمية للمرأة، عن طريق التعليم والمشاركة الفعالة والقوية في المجتمع، ووفقًا لتقرير التنمية البشرية في إفريقيا الصادر عام 2016، أن عدم المساواة بين الجنسين تكلف القارة ما يقرب من 6% من الناتج المجلي الإجمالي[29]، واحتلت تونس الترتيب ال 48 عالميًا من حيث المساواة بين الجنسين.[30]

دور التكنولوجيا في تمكين المرأة

تعاني المرأة في جميع أنحاء العالم من زيادة معدلات الفقر بدرجات متزايدة عن الرجال، نتيجة بعض العادات والأعراف الثقافية داخل العديد من البلدان النامية، ويقتصر دور المرأة على الأدوار التقليدية ولديها وصول محدود إلى رأس المال والتدريب والتكنولوجيا التي يمكن أن تثري حياتها، كما يرتبط تمكين المرأة وضمان صحتها وسلامتها بشكل مباشر بضمان الأمن الغذائي للمجتمع بأسره، وكذلك حالة الاستقرار الصحي والمالي للأم، على وجه الخصوص، وفي هذا السياق، كان المركز الدولي لأبحاث المرأة (ICRW) قد قام بدراسة الطرق التي يؤثر بها الوضع الاقتصادي المحسن للمرأة بشكل إيجابي على الأطفال والأسر والمجتمعات، بالإضافة إلى الأماكن التي تتمتع فيها المرأة بقدر أكبر من الحراك الاجتماعي والسيطرة على الشؤون المالية لديها معدلات وفيات أطفال أقل، وأعمال أكثر شفافية ونمو اقتصادي أسرع، الإضافة إلى ذلك، فإن فرص تعليم الأطفال وآفاق العمل تتوقف إلى حد كبير على دخل أمهاتهم واستقرارهم المالي.

في هذا الصدد، يلعب الوصول إلى التكنولوجيا أيضًا دورًا كبيرًا في ترسيخ عدم المساواة بين الجنسين، لا سيما في البلدان النامية، وعلى سبيل المثال، رُغم أن النساء يشكلن غالبية القوى العاملة الزراعية في البلدان النامية، فمن الشائع أن يتم تصميم الأدوات لاستخدام الرجال، مما يزيد من صعوبة استخدامها ويحد أيضًا من إنتاجية المرأة، كما تتمتع النساء في هذه البلدان أيضًا بدرجات أقل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل الراديو والهواتف المحمولة، التي يمكن أن تسهل تعليمًا أفضل وتعزز المشاركة الاقتصادية، وعندما يتعلق الأمر بخدمات الطاقة في المنزل، تكافح العديد من النساء للعثور على منتجات نظيفة وفعالة وآمنة وبأسعار معقولة.

ومع ذلك، تُبذل جهود عالمية لتمكين المرأة وتسهيل الأنشطة التي تجلب الدخل، وداخل  كينيا، أدى إنتاج “مواقد الطهي” الموفرة للوقود إلى خلق فرص عمل للنساء وتوفير المال على الطاقة،  كما يدعم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) جهود المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص وحكومات البلدان المتقدمة لتمكين المرأة من خلال التكنولوجيا، لكنهم يشددون على أنه يجب إشراك النساء في البلدان المتقدمة في مثل هذه الجهود، وعلى وجه التحديد، ينبغي مساعدتهم للعمل بشكل جماعي والسماح لهم بالمشاركة في عملية تصميم التقنيات الجديدة.

وتلعب المرأة دور هام وقوي داخل المجتمع الإفريقي، وتشارك في قطاعات متعددة داخل المجتمع، حيث وصلت نسبة مساهمة المرأة في القطاع الزراعي داخل بعض الدول إلى 70%، وشكلوا نحو 66% من العمالة الزراعية غير الرسمية، كما تتفاوت نسبة الأجور بين الجنسين التي وصلت إلى 30% في القطاع الزراعي.[31]

ويرجع غياب عمليات تمكين المرأة في المجتمع إلى تدهور التعليم مع ارتفاع حالات الزواج المبكر، وغياب الوعي المجتمعي للفتاة ودورها في الحياة السياسية، وبلغت نسبة متوسط مقاعد المرأة داخل البرلمان في الدول الإفريقية نحو 23.3%، وحوالي 40% من النساء الأفارقة تزوجوا قبل سن ال 19[32]، كما تعد رواندا واحدة من أكبر دول العالم في التمثيل السياسي للمرأة، كما أن “كوتة المرأة” في البرلمان الرواندي تتجاوز أكثر من نصف مقاعد البرلمان[33]، كما تحتل مالاوي المرتبة الأولى إفريقيًا في توفير مناخ اقتصادي جيد للمرأة.[34]

وختامًا، تمكين الشباب الإفريقي والاستفادة منه كطاقة بشرية لابد من غرسها في نفوسهم وأن الخيار الأمثل للدولة في مواجهة العديد من التحديات؛ خصوصاً في ظل الأحداث والمستجدات التي تشهدها القارة، وكذلك لابد من توفير السبل للشباب وتحقيق الدعم والمساندة مع إتاحة الفرصة لهم للوصول إلى المعرفة وتنمية المهارات وصقل شخصياتهم بالعديد من المحددات والاستراتيجيات وتوفير مناخ عادل وبيئة حاضنة للطاقات البشرية والعمل على تحوليها لطاقة تخدمهم المجتمع وتحقق أهدافه، مع تحقيق الإستقرار والديمقراطية الاختيارية والمساواة في الحقوق والواجبات. كما أن القارة الإفريقية مازالت تواجه العديد من التحديات القوية والتي من الممكن أن تعرقل مسيرة التنمية التي تسعي إليها وكذلك التصدي لعملية تمكين الشباب في الحياة السياسة داخل المجتمع الإفريقي، والتي تحتاج إلى وضع استراتيجية قوية وناجحة من أجل تحقيق التمكين للشباب والاستفادة من الطاقات البشرية، كما أنها قادرة على تحويل الطاقات البشرية الخام إلى كوادر بشرية قادرة على العطاء وقادرة على خدمة المجتمع الإفريقي.

[1] https://bit.ly/3ydWkQ0

[2] https://www.unfpa.org/es/node/26019

[3] https://www.advocatesforyouth.org/wp-content/uploads/storage/advfy/documents/fsstateworld.pdf

[4] https://www.un.org/development/desa/youth/wp-content/uploads/sites/21/2019/08/WYP2019_10-Key-Messages_GZ_8AUG19.pdf

[5] https://www.theafricareport.com/12366/africas-youth-are-making-their-voices-heard/

[6] https://www.unfpa.org/es/node/26019

[7] https://www.dw.com/en/religious-conflicts-on-the-rise-in-africa/a-40645771

[8]  Ibid

[9] https://www.washingtonpost.com/world/2021/03/19/sudan-ethiopia-border-conflict/

[10] https://www.unicef.org/sudan/stories/thousands-flee-tigray-region-sudan

[11] https://www.al-monitor.com/originals/2021/04/what-killing-chadian-president-means-egypt

[12] https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/how-invest-inclusive-and-resilient-institutions-sustainable-peace-mena-region

[13] https://www.weforum.org/agenda/2019/09/economic-growth-sub-saharan-africa-challenges-risks/

[14] د. سالي محمد فريد، الصراع الاقتصادي على القرن الإفريقي، جيبوتي نموذجًا، مجلة السياسة الدولية، ابريل 2018، ص122.

[15] أخبار الأمم المتحدة، النزوح في أفريقيا ليس مجرد مأساة إنسانية، بل تهديد حقيقي للسلام والازدهار والتنمية، 21 مايو 2019 https://bit.ly/39fl4wg

[16] راوية توفيق، مشكلة اللاجئين في إفريقيا.. الأبعاد، الملامح، وسبل المواجهة، قراءات إفريقية، 20/9/2016 https://bit.ly/38MILvL

[17] الدكتور أيمن الزهري خبير السكان ودراسات الهجرة في مداخلة له عبر قناة ME sat للتحول الديموغرافي في السودان. https://www.youtube.com/watch?v=gX9aFT0fa0M

[18] محمد زكريا فضل، تداعيات التمرد العنيف في موزمبيق على منطقة جنوب إفريقيا، متابعات افريقية العدد 16، يوليو 2021. https://kfcris.com/ar/view/post/352

[19] https://www.oecd.org/coronavirus/policy-responses/covid-19-and-africa-socio-economic-implications-and-policy-responses-96e1b282/

[20] https://www.bbc.com/news/world-africa-53181555

[21] https://www.skynewsarabia.com/world/1416091-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1-%D8%A7%D9%94%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%87%D9%88-%D9%85%D8%B5%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%95%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D8%9F

[22] https://aawsat.com/home/article/3150506/%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%B7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A9

[23] https://tradingeconomics.com/country-list/unemployment-rate?continent=africa

[24] https://www.dbsa.org/article/3-economic-challenges-unique-south-african-youth

[25]  Ibid

[26] عفاف يحيي، تمكين الشباب في الدول الإفريقية.. الواقع والتحديات، مجلة السياسة الدولية، يناير 2019. http://www.siyassa.org.eg/News/17823.aspx

[27] تمكين الشباب في الدول الإفريقية، مرجع سابق

[28]  https://www.skynewsarabia.com/world/1416091-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1-%D8%A7%D9%94%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%87%D9%88-%D9%85%D8%B5%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%95%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D8%9F

[29] د. سمر الباجوري، تمكين المرأة لتحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا، مجلة آفاق إفريقية، العدد 49/2020، ص125.

[30] مرجع سابق، ص 131.

[31] تمكين المرأة لتحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا، مرجع سابق، ص127

[32] المرجع السابق، ص131

[33] مرجع سابق، ص132.

[34] مرجع سابق ص133.

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى